الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن السلطان، الملك العادل أبي بكر محمد بن أيوب. تملك ميافارقين وغيرها بعد أبيه سنة خمس وأربعين وستمائة. وكان شابا عاقلا شجاعا مهيبا محسنا إلى رعيته، مجاهدا غازيا، دينا تقيا، حميد الطريقة. حاصره عسكر هولاكو نحوا من عشرين شهرا. وقتل رحمه الله تعالى على يد اللعين هولاكو -بعد ما سب هولاكو وبصق في وجهه- سنة ثمان وخمسين وستمائة، وكان شديد البأس قوي النفس.
موقفه من المشركين:
جاء في السير عن الشيخ محمود بن عبد الكريم الفارقي قال: سار الكامل إلى قلاع بنواحي آمد فأخذها، ثم نقل إليها أهله، وكان أبي في خدمته، فرحل بنا إلى قلعة منها، فعبرت التتار علينا، فاستنزلوا أهل الملك الكامل بالأمان من قلعة أخرى، وردوا بهم علينا، وأنا صبي مميز، وحاصروا ميافارقين أشهرا، فنزل عليهم الثلج، وهلك بعضهم، وكان الكامل يبرز إليهم ويقاتلهم، وينكي فيهم فهابوه، ثم بنوا عليهم سورا بإزاء البلد بأبرجة، ونفدت الأقوات، حتى كان الرجل يموت فيؤكل، ووقع فيهم الموت، وفتر عنهم التتار وصابروهم، فخرج إليهم غلام أو أكثر، وجلوا للتتار أمر البلد، فما صدقوا، ثم قربوا من السور وبقوا أياما لا يجسرون على الهجوم، فدلى إليهم مملوك للكامل حبالا فطلعوا إلى السور فبقوا أسبوعا لا يجسرون، وبقي بالبلد نحو التسعين بعد ألوف من الناس، فدخلت التتار دار الكامل وأمنوه، وأتوا به هولاكو بالرها، فإذا هو يشرب الخمر، فناول الكامل كأسا فأبى، وقال: هذا حرام، فقال لامرأته: ناوليه أنت، فناولته فأبى، وشتم وبصق -فيما
قيل- في وجه هولاكو. وكان الكامل ممن سار قبل ذلك، ورأى القان الكبير، وفي اصطلاحهم من رأى وجه القان لا يقتل، فلما واجه هولاكو بهذا استشاط غضبا وقتله. ثم قال: وكان الكامل شديد البأس، قوي النفس، لم ينقهر للتتار بحيث إنهم أخذوا أولاده من حصنهم، وأتوه بهم إلى تحت سور ميافارقين، وكلموه أن يسلم البلد بالأمان فقال: ما لكم عندي إلا السيف. (1)
العز بن عبد السلام (2)(660 هـ)
الشيخ عز الدين بن عبد السلام أبو محمدالسلمي الدمشقي الشافعي، شيخ المذهب، ومفيد أهله، ولد سنة سبع أو ثمان وسبعين وخمسمائة. سمع الحديث من الحافظ أبي محمد القاسم بن الحافظ الكبير أبي القاسم بن عساكر، وشيخ الشيوخ عبد اللطيف بن إسماعيل بن أبي سعد البغدادي، وعمر بن محمد بن طبرزد، وحنبل بن عبد الله الرصافي وغيرهم. وسمع منه تلامذته شيخ الإسلام ابن دقيق العيد وهو الذي لقب الشيخ عز الدين سلطان العلماء، والإمام علاء الدين أبو الحين الباجي والشيخ تاج الدين ابن الفركاح والحافظ أبو محمد الدمياطي وغيرهم.
قرأ الأصول على الآمدي وبرع في الفقه والأصول والعربية، وفاق الأقران والأضراب، وجمع بين فنون العلم من التفسير والحديث والفقه واختلاف أقوال الناس ومآخذهم، وبلغ رتبة الاجتهاد. ورحل إليه الطلبة من
(1) السير (23/ 201 - 202).
(2)
البداية (13/ 235 - 236) وشذرات الذهب (5/ 301 - 302) وطبقات الشافعية (5/ 80).