المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌موقفه من المبتدعة: - موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية - جـ ٧

[المغراوي]

فهرس الكتاب

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من المشركين:

- ‌ موقفه من الرافضة:

- ‌ موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌ موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقف السلف من أسعد بن أبي روح الرافضي (قبل 520 ه

- ‌ موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقف السلف من المهدي بن تومرت (524 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من أبي مسعود عبد الجليل بن محمد كوتاه الجهمي (553 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من علي بن المهدي الخارجي (554 ه

- ‌موقف السلف من وزير مصر الملك أبي الغارات الرافضي (556 ه

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌عبد القادر الجيلي (561 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من العاضد لدين الله العبيدي الرافضي (567 ه

- ‌موقفه من المشركين والرافضة:

- ‌موقف السلف من الحسن بن ضافي الرتكي الرافضي (569 ه

- ‌موقف السلف من المعبد لغير الله: عبد النبي الزنديق (569 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقف السلف من صدقة بن حسين (575 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية والقدرية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقف السلف من السهروردي شهاب الدين يحيى بن حبش الفيلسوف (586 ه

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقف السلف من سنان بن سليمان الباطني (589 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقف السلف من ابن رشد الحفيد (595 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة والجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌السهروردي (630 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌الآمدي (631 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌أبو الخطاب ابن دحية (633 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من ابن عربي الحاتمي (638 ه

- ‌موقف السلف من الرفيع الفيلسوف الدهري (642 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من كتب الفلسفة والمنطق:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقف بدر الدين صاحب الموصل من ابن عدي الضال الصوفي (644 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من الحريري علي بن أبي الحسن (645 ه

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من الخونجي محمد بن ناماور (649 ه

- ‌موقف السلف من سبط ابن الجوزي يوسف بن قزغلي وتلبسه بالرفض (654 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من ابن أبي الحديد أبي حامد عبد الحميد بن عبد الله (655 ه

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقف السلف من الوزير ابن العلقمي الرافضي (656 ه

- ‌موقف السلف من يوسف القميني (657 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفها من الصوفية:

- ‌موقف السلف من محمد بن الحسن الزنديق (717 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين والصوفية:

- ‌موقف السلف من الزنادقة (726 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

الفصل: ‌موقفه من المبتدعة:

السلفي والفقيه سلار بن المقدم وجوهر بن لؤلؤ المقرئ وآخرون.

قال ابن بشكوال: كان إماما عالما زاهدا ورعا دينا متواضعا متقشفا متقللا من الدنيا راضيا باليسير، سكن الشام مدة ودرس بها، وبعد صيته هناك وأخذ عنه الناس هناك علما كثيرا، وكان سديد السيرة مشتغلا بما يعنيه ملاذا للغرباء والفقهاء. استقر بالإسكندرية ينشر العلم، ويفقه الناس بأمور دينهم، يصلح ما أفسده العبيديون، وكان رحمه الله قد أوذي من الأفضل الوزير العبيدي. وبقي كذلك إلى أن قتل الأفضل وولي مكانه المأمون بن البطائحي، فأكرم الشيخ إكراما كثيرا.

توفي بالإسكندرية في جمادى الأولى سنة عشرين وخمسمائة.

‌موقفه من المبتدعة:

كان هذا الإمام من الموفقين المهديين -نفع الله به وبعلمه- وترك تراثا في العقيدة السلفية، استفاد منه أهل المغرب والمشرق وكانت له مواقف جيدة في العقيدة.

آثاره السلفية:

1 -

'رسالة في الرد على إحياء علوم الدين للغزالي'.

المصدر: ذكرها في السير. (1)

2 -

'الحوادث والبدع' وقد طبع غير ما مرة.

3 -

'الرد على اليهود'.

المصدر: ذكره الذهبي في سيره. (2)

(1)(19/ 494).

(2)

(19/ 494).

ص: 43

من مواقفه رحمه الله:

- قال رحمه الله: فإن قيل لنا: فما أصل البدعة؟

قلنا: أصل هذه الكلمة من الاختراع، وهو الشيء يُحدث من غير أصل سبق، ولا مثال احتُذي، ولا أُلِفَ مثلُهُ.

ومنه قوله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (1)، وقوله:{قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ} (2)؛ أي: لم أكن أول رسول إلى أهل الأرض.

وهذا الاسم يدخل فيما تخترعه القلوب، وفيما تنطق به الألسنة، وفيما تفعله الجوارح. (3)

- وقال: اعلم أن علماءنا رضي الله عنهم قالوا: أصول البدع أربعة، وسائر الأصناف الاثنتين وسبعين فرقة عن هؤلاء تفرّقوا وتشعّبوا، وهم: الخوارج -وهي أول فرقة خرجت على عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه والروافض، والقدرية، والمرجئة.

ولم يرد علماؤنا أن أصل كل بدعة من هؤلاء الأربع تفرعت وتشعّبت على مقتضى أصل البدع، حتى كملت ثلاثة وسبعين فرقة؛ فإن ذلك لعله لم يدخل في الوجود إلى الآن، وإنما أرادوا أن كل بدعة وضلالة لا تكاد توجد إلا في هذه الأربع فرق، وإن لم تكن البدعة الثانية فرعاً للأولى وشعبة من

(1) البقرة الآية (117).

(2)

الأحقاف الآية (9).

(3)

كتاب الحوادث والبدع (ص.39 - 40).

ص: 44

شعبها، بل هي بدعة مستقلّة بنفسها، ليست من الأولى بسبب. (1)

- ثم ذكر ما أحدثه الناس عند ختم القرآن فقال: وأعظم من ذلك ما يوجد اليوم في هذا الختم من اختلاط الرجال والنساء وازدحامهم، وتلاصق أجساد بعضهم ببعض، حتى بلغني أن رجلاً ضمّ امرأة من خلفها فعبث بها في مزدحم الناس! (2)

- وقال: فأما ما أحدثه الناس من الخطب في أعقاب الختم؛ فقال مالك: ليس ختم القرآن بسنة لقيام رمضان

وقال مالك في المدوّنة: الأمر في رمضان الصلاة، وليس بالقصص بالدعاء. (3)

فتأملوا -رحمكم الله-، فقد نهى مالك أن يقصّ أحد في رمضان بالدعاء، وحكى أن الأمر المعمول به في المدينة إنما هو الصلاة من غير قصص ولا دعاء.

- وقال: وسئل مالك عن الرجل يدعو خلف الصلاة قائماً؟ فقال: ليس بصواب، ولا أحب لأحد أن يفعله.

فعلقّ بقوله: اعلم أن الحرف الذي يدور عليه هذا المذهب إنما هو حماية الذرائع، وألا يزاد في الفروض ولا في السنن المسنّنة، وألا يُعتقد أيضاً في النوافل المبتدأة أنها سنن مؤقتة. (4)

(1) كتاب الحوادث والبدع (ص.33 - 34).

(2)

كتاب الحوادث والبدع (ص.46).

(3)

كتاب الحوادث والبدع (ص.64 - 65).

(4)

كتاب الحوادث والبدع (ص.66).

ص: 45

- وقال وهو يرد على من يستدل للمحدثات بشيوع ذلك عند الناس -وهو ما يعبر عنه ما جرى به العمل-: فصل في الكلام على فريق من العامّة وأهل التقليد قالوا: إن هذا الأمر شائع ذائع في أقاليم أهل الإسلام وأقطار أهل الأرض، حتى قال بعض الأغبياء: إن القيروان كانت دار العلم بالمغرب، ولم يزل هذا الأمر بها فاشياً، لا مُنكر له!!

فالجواب أن نقول: شيعوعة الفعل وانتشاره لا يدلّ على جوازه؛ كما أن كتمه لا يدل على منعه.

ألا ترى أن بيع الباقلاّء في قشرته شائع في أقطار أهل الإسلام وعند الشافعي لا يجوز؟

والاستئجار على الحج شائع في بلاد الإسلام وعند أبي حنيفة لا يجوز؟

واقتعاط العمائم شائع في أهل الإسلام، وهو بدعة منكرة.

والاقتعاط: هو التعمّم دون الحنك

وإسبال الثوب تحت الكعبين شائع في بلاد أهل الإسلام، وهو حرام لا يجوز؟

وأكثر أفعال أهل زمانك على غير السنة، وكيف لا وقد روينا قول أبي الدرداء إذ دخل على أم الدرداء مغضباً، فقالت له: مالك؟ فقال: (والله ما أعرف فيهم شيئاً من أمر محمد صلى الله عليه وسلم؛ إلا أنهم يصلّون جميعاً)، وما روينا هنالك من الآثار!!

فإنهم لم يبق فيهم من السنة إلا الصلاة في جماعة، كيف لا تكون معظم أمورهم محدثات؟!

ص: 46

وأما من تعلّق بفعل أهل القيروان؛ فهذا غبي يستدعي الأدب دون المراجعة!

فنقول لهؤلاء الأغبياء: إن مالك بن أنس رأى إجماع أهل المدينة حجة، فردّه عليه سائر فقهاء الأمصار، هذا وهو بلد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرصة الوحي، ودار النبوة، ومعدن العلم، فكيف بالقيروان؟!

وأيضاً؛ فإنما كان يكون فيه مُتَعلَّق لو نقلتُمْ عن علماء القيروان أنهم أفتوا بهذا؛ لأن الاقتداء إنما يكون بالعلماء لا بالعوامّ، وهذا ما لا ينقلونه أبداً، وإنما كان يفعله العوامّ والغوغاء، فإنكارنا عليهم كإنكارنا عليكم.

والدليل على هذا أن الفتيا بالقيروان إنما كانت على مذهب أهل المدينة، وقد كان القوم من أشدّ الناس تمسّكاً بمذهب مالك، فكان علماؤنا إنما يقومون في رمضان في بيوتهم؛ لقول مالك:(قيام الرجل في بيته لمن قوي عليه أحبّ إليّ)، وكان الغالب عليهم الورع والاتباع، وقد قال لهم في المدوّنة:(ليس الشأن في رمضان القصص بالدعاء)، فيبعد من حالهم أن يحدثوا هذه البدعة، وينصبوا المنابر، ويخطبوا عند الختم!

ولو كان هذا؛ لشاع وانتشر، وكان يضبطه طلبة العلم، والخَلَف عن السّلف، فيصل ذلك إلى عصرنا، فلما لم ينقل هذا أحد ممن يعتقد علمه، ولا ممن هو في عداد العلماء؛ علم أن هذه حكاية العوامّ والغوغاء.

ثم يقال لهم: بمَ تنفصلون ممن يعارضكم بشكل آخر من جنسه، فيقول لكم: إن قرطبة أعظم من القيروان، وهي دار العلم والخلافة -فقد فَضَلَت القيروان بالخلافة-، ثم لم يُعهد فيها قطّ خطبةٌ ولا منبر ولا دعاء ولا

ص: 47

اجتماع عند ختم القرآن في رمضان؟

فإن قيل: فهل يأثم فاعل ذلك؟

فالجواب أن يقال: أما إن كان ذلك على وجه السلامة من اللغط، ولم يكن إلا الرجال، أو الرجال والنساء منفردين بعضهم عن بعض، يستمعون الذكر، ولم تُنتهك فيه شعائر الرحمن؛ فهذه البدعة التي كرهها مالك.

وأما إن كان على الوجه الذي يجري في هذا الزمان؛ من اختلاط الرجال والنساء، ومضامة أجسامهم، ومزاحمة من في قلبه مرض من أهل الريبة، ومعانقة بعضهم لبعض -كما حكي لنا أن رجلاً وُجد يطأ امرأة وهم وقوف في زحام الناس! وحكت لنا امرأة أن رجلاً واقعها فما حال بينهما إلا الثياب! وأمثال ذلك من الفسق واللغط-؛ فهذا فسوق، فيُفسّق الذي يكون سبباً لاجتماعهم.

فإن قيل: أليس روى عبد الرزاق في التفسير: (أن أنس بن مالك كان إذا أراد أن يختم القرآن جمع أهله)؟

قلنا: فهذا هو الحجة عليكم؛ فإنه كان يصلّي في بيته، ويجمع أهله عند الختم، فأين هذا من نصبكم المنابر، وتلفيق الخطب على رؤوس الأشهاد، فيختلط الرجال والنساء والصبيان والغوغاء، وتكثر الزعقات والصياح، ويختلط الأمر، ويذهب بهاء الإسلام ووقار الإيمان؟!

وأيضاً؛ فإنه ما روي أنه دعا، وإنما جمع أهله فحسبُ. (1)

- وقال: فصل في بيان الوجه الذي يدخل منه الفساد على عامة

(1) كتاب الحوادث والبدع (ص.71 - 76).

ص: 48

المسلمين: روى مسلم في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبضه بقبض العلماء، حتى إذا لم يبقَ عالم؛ اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا» . (1)

فتدبّر هذا الحديث؛ فإنه يدل على أنه لا يؤتى الناس قطّ من قبل علمائهم، وإنما يؤتون من قِبل أنه إذا مات علماؤهم؛ أفتى من ليس بعالم، فيؤتى الناس من قِبله.

وقد صرّف عمر هذا المعنى تصريفاً، فقال:(ما خان أمين قطّ، ولكنه اؤتمن غير أمين فخان).

ونحن نقول: ما ابتدع عالم قطّ، ولكنه استُفتي من ليس بعالم؛ فضلّ وأضلّ. (2)

- وقال: الباب الرابع في نقل غرائب البدع وإنكار العلماء لها:

فمن ذلك البدع المحدثة في الكتاب العزيز من الألحان والتطريب: قال الله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4)} (3)؛ يعني: فصِّلْهُ تفصيلاً، وبيِّنْهُ تبييناً، وترسَّل فيه ترسيلاً، ولا تعجل في قراءته، وهو من قول العرب: ثغر رَتِلٌ ورَتْلٌ؛ إذا كان مُفْلجاً ذا فُرج.

قال مالك: (ولا تعجبني القراءة بالألحان، ولا أحبها في رمضان ولا في غيره؛ لأنه يشبه الغناء، ويُضحك بالقرآن، فيُقال: فلان أقرأُ من فلان).

(1) تقدم في مواقف البغوي سنة (516هـ).

(2)

كتاب الحوادث والبدع (ص.76 - 77).

(3)

المزمل الآية (4).

ص: 49

وبلغني أن الجواري يُعلَّمن ذلك كما يُعلمن الغناء! أترى هذا من القراءة التي كان يقرأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!. (1)

- وقال: ومما ابتدعه الناس في القرآن الاقتصار على حفظ حروفه؛ دون التفقه فيه

وهذا هو حال المقرئين في هذه الأعصر؛ فإنك تجد أحدهم يروي القرآن بمائة رواية، ويُثقِّف حروفه تثقيف القدح، وهو أجهل الجاهلين بأحكامه، فلو سألته عن حقيقة النّيّة في الوضوء، ومحلّها، وعزوبها، ورفضها، وتفريقها على أعضاء الوضوء؛ لم يخرج جواباً، وهو يتلو عُمُرَهُ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} (2).

بل لو سألته عن أوّل درجة، فقلت له: أمر الله تعالى على الوجوب هو؟ أم على الندب والاستحباب؟ أم على الوقف؟ أم على الإباحة؟ فطلبته بفهم هذه الدقائق ووجوهها وترتيبها؛ لم يجد جواباً!. (3)

- وعقد فصلاً نقل فيه أقوال الأئمة ببدعية ما أحدث الناس من الاجتماع في المساجد والدعاء يوم عرفة ثم قال: فاعلموا رحمكم الله أن هؤلاء الأئمة علموا فضل الدعاء يوم عرفة، ولكن علموا أن ذلك بموطن عرفة لا في غيرها، ولم يمنعوا من خلا بنفسه فحضرته نية صادقة أن يدعو الله

(1) كتاب الحوادث والبدع (ص.83 - 84).

(2)

المائدة الآية (6).

(3)

كتاب الحوادث والبدع (ص.96 - 98).

ص: 50

تعالى، وإنما كرهوا الحوادث في الدين، وأن يظن العوامّ أن من سنة يوم عرفة بسائر الآفاق الاجتماع والدعاء، فيتداعى الأمر إلى أن يُدخل في الدين ما ليس منه.

وقد كنت ببيت المقدس، فإذا كان يوم عرفة؛ حُبس أهل السواد وكثير من أهل البلد، فيقفون في المسجد مستقبلين القبلة مرتفعة أصواتهم كأنه موطن عرفة!

وكنت أسمع هناك سماعاً فاشياً منهم: أن من وقف ببيت المقدس أربع وقفات؛ فإنها تعدل حجة، ثم يجعلونه ذريعة إلى إسقاط فريضة الحج إلى بيت الله الحرام!!. (1)

- وقال: ومن البدع اجتماع الناس بأرض الأندلس على ابتياع الحلوى ليلة سبع وعشرين من رمضان.

وكذلك على إقامة 'يَنَير' بابتياع الفواكه؛ كالعجم، وإقامة العنصرة، وخميس إبريل؛ بشراء المجبّنات والإسفنج، وهي من الأطعمة المبتدعة، وخروج الرجال جميعاً أو أشتاتاً مع النساء مختلطين للتفرّج.

وكذلك يفعلون في أيام العيد، ويخرجون للمصلّى، ويقمن فيه الخيم للتفرج لا للصلاة.

ودخول الحمام للنساء مع الكتابيات بغير مئزر، والمسلمين مع الكفار في الحمام

ورجع الناس ينافسون في الضحية؛ للافتخار، لا للسنة، ولا لطلب

(1) كتاب الحوادث والبدع (ص.127 - 128).

ص: 51

الأجر، بل لإقامة الدنيا.

ومن البدع قراءة القارئ يوم الجمعة عشراً من القرآن عند خروج السلطان، وكذلك الدعاء بعد الصلاة، وقراءة الحزب في جماعة، وقراءة سورة الكهف بعد العصر في المسجد في جماعة، وكذلك قول من يقول عند قيام الإمام في المحراب قبل تكبيرة الإحرام: اللهم أقِمْها وأدِمْها ما دامت السماوات والأرض! وهذا دعاء المحال؛ لأن ما بقي لقيام الساعة أقل مما مضى؛ بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «بُعثتُ أنا والساعة كهاتين» (1)، وقرن السبابة والوسطى. (2)

- وقد ردّ على من يتعلق بحديث: «ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله» الحديث (3)، للقراءة الجماعية بقوله: والسّرّ فيه أن قوله صلى الله عليه وسلم: «يتلونه ويتدارسونه» خطاب عربيّ، ومعلوم من لسان العرب أنهم لو رأوا جماعة قد اجتمعوا لقراءة القرآن على أستاذهم، ورجل واحد يقرأ القرآن؛ لجاز أن يقولوا: هؤلاء جماعة يقرؤون القرآن ويتدارسونه. وإن كانوا كلهم سكوتاً.

وكذلك لو مرّ العربيّ بجماعة اجتمعوا لتدريس العلم والتفقه فيه ولسماع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لجاز أن يقول: هذه جماعة يدرسون العلم،

(1) أحمد (3/ 124) والبخاري (11/ 422/6504) ومسلم (4/ 2268/2951) والترمذي (4/ 430/2214) من حديث أنس رضي الله عنه.

(2)

كتاب الحوادث والبدع (ص.150 - 153).

(3)

أحمد (2/ 252) ومسلم (4/ 2074/2699) وأبو داود (2/ 148 - 149/ 1455) والترمذي (5/ 179/2945) والنسائي في الكبرى (4/ 309/7287) وابن ماجه (1/ 82/225) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 52

ويقرؤون العلم والحديث، وإن كان القارئ واحداً. (1)

- وقال في المآتم: والمأتم: هو الاجتماع في الصّبحة، وهو بدعة منكرة لم يُنقل فيه شيء.

وكذلك ما بعده من الاجتماع في الثاني والثالث والسابع والشهر والسنة، فهو طامّة.

وقد بلغني عن الشيخ أبي عمران الفاسيّ -وكان من أئمة المسلمين- أن بعض أصحابه حضر صبحة، فهجره شهرين وبعض الثالث، حتى استعان الرجل عليه، فقبله وراجعه، وأظنه استتابه ألا يعود.

فأما ما يوقد فيها من الشمع والبخور؛ فتبذير وسرف، وإن أنفقه الوصيّ من مال التركة؛ ضمنه، وسقطت به عدالته، واستأنف الحاكم النظر في الوصاية. (2)

- وقال رحمه الله: اعلم أن ما حدث في سائر أقطار بلاد أهل الإسلام من هذه المنكرات والبدع لا مطمع لأحد في حصرها، لأنها خطأ وباطل، والخطأ لا تنحصر سبله، ولا تتحصل طرقه، فاخط كيف شئت، وإنما الذي تنحصر مداركه وتنضبط مآخذه، فهو الحق، لأنه أمر واحد مقصود، يمكن إعمال الفكر والخواطر في استخراجه.

وما مثل هذا إلا كالرامي للهدف، فإن طرق الإصابة تنحصر وتتحصل من إحكام الآلات، وأسباب النزع، وتسديد السهم.

(1) كتاب الحوادث والبدع (ص.167).

(2)

كتاب الحوادث والبدع (ص.175 - 176).

ص: 53

فأما من أراد أن يخطئ الهدف، فجهات الأخطاء لا تنحصر ولا تنضبط. (1)

- وقال: فأما أصحاب الألحان؛ فإنما حدثوا في القرن الرابع؛ منهم: محمد بن سعيد صاحب الألحان، والكرماني، والهيثم، وأبان

فكانوا مهجورين عند العلماء، فنقلوا القراءة إلى أوضاع لحون الأغاني، فمدوا المقصور، وقصروا الممدود، وحركوا الساكن، وسكنوا المتحرك، وزادوا في الحرف، ونقصوا منه، وجزموا المتحرك، وحركوا المجزوم؛ لاستيفاء نغمات الأغاني المطربة

ومن ألحانهم في القرآن: النبطي، والرومي، والحساني، والمكي، والإسكندراني، والمصري، والكاروندي، والراعي، والديباجي، والياقوتي، والعروسي، والزّرجون، والمرجي والمجوسي، والزنجي، والمُنمنم، والسِّندي، وغيرها؛ كرهنا ذكر التطويل بها.

فهذه أسماء ابتدعوها في كتاب الله تعالى: {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} (2).

فالتالي منهم والسامع لا يقصدون فهم معانيه؛ من أمر، أو نهي، أو وعد، أو وعيد، أو وعظ، أو تخويف، أو ضرب مثل، أو اقتضاء حكم، أو غير ذلك مما أنزل به القرآن، وإنما هو للذة، والطرب، والنغمات، والألحان؛ كنقر الأوتار، وأصوات المزامير؛ كما قال الله عز وجل يذمّ قريشاً: {وَمَا

(1) الحوادث والبدع (ص.22).

(2)

النجم الآية (23).

ص: 54

كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} (1).

وإنما أنزل القرآن لتُتدبّر آياته وتفهم معانيه:

قال الله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ} (2). وقال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ} (3). وقال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} (4).

وهذا يمنع أن يقرأ بالألحان المطرِّبة والمشبِّهة للأغاني؛ لأن ذلك يُثمر ضدَّ الخشوع، ونقيضَ الخوف والوجل.

وقوله تعالى فيهم: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ} (5).

وهذا يفيد الأمر بتلاوته على هذا الوجه، وأن بكاءهم إنما كان مما فهموا من معانيه، لا من نغمات القارئ.

فأين هذا من دقّ الرِّجل، وثني العطف، وتحريك الرأس، والصياح، والزعق، والمكاء، والتصدية؟!

(1) الأنفال الآية (35).

(2)

ص الآية (29).

(3)

النساء الآية (82).

(4)

الأنفال الآية (2).

(5)

المائدة الآية (82).

ص: 55