الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخرجه منها الأشرف، ونادى في المدارس: من ذكر غير التفسير والفقه، أو تعرض لكلام الفلاسفة نفيته، فأقام السيف -هو سيف الدين علي بن أبي علي- خاملا في بيته إلى أن مات، ودفن بتربته بقاسيون. (1)
موقف السلف من ابن عربي الحاتمي (638 ه
ـ)
قال عنه الذهبي في السير:
…
ثم تزهد وتفرد وتعبد وتوحد وسافر وتجرد، وأتهم وأنجد، وعمل الخلوات وعلق شيئا كثيرا في تصوف أهل الوحدة. (2)
جاء في المنهاج: قال ابن عربي في 'الفصوص': وليس هذا العلم إلا لخاتم الرسل وخاتم الأنبياء، وما يراه أحد من الأنبياء إلا من مشكاة خاتم الأنبياء، وما يراه أحد من الأولياء إلا من مشكاة خاتم الأولياء؛ حتى إن الرسل إذ رأوه لا يرونه -إذا رأوه- إلا من مشكاة خاتم الأولياء، فإن الرسالة والنبوة -أعني رسالة التشريع ونبوته- تنقطعان، وأما الولاية فلا تنقطع أبدا. فالمرسلون، من كونهم أولياء، لا يرون ما ذكرناه إلا من مشكاة خاتم الأولياء، فكيف بمن دونهم من الأولياء؟ وإن كان خاتم الأولياء تابعا في الحكم لما جاء به خاتم الرسل من التشريع، فذلك لا يقدح في مقامه، ولا يناقض ما ذهبنا إليه، فإنه من وجه يكون أنزل، ومن وجه يكون أعلى.
قال: ولما مثل النبي صلى الله عليه وسلم النبوة بالحائط من اللَّبِن، فرآها قد كملت إلا
(1) السير (22/ 365 - 366).
(2)
السير (23/ 48).
موضع لبنة، فكان هو صلى الله عليه وسلم موضع اللبنة (1). وأما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤيا، فيرى ما مثله النبي صلى الله عليه وسلم، ويرى نفسه في الحائط موضع لبِنتين، ويرى نفسه تنطبع في موضع تينك اللبنتين، فيكمل الحائط. والسبب الموجب لكونه رآها لبنتين أن الحائط لبنة من ذهب ولبنة من فضة، واللبنة الفضة هي ظاهره وما يتبعه فيه من الأحكام، كما هو آخذ عن الله في السر ما هو في الصورة الظاهرة متبع فيه، لأنه يرى الأمر على ما هو عليه، فلابد أن يراه هكذا، وهو موضع اللبنة الذهبية في الباطن؛ فإنه يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحى به إلى الرسول. (2)
وقال ابن تيمية أيضا: ولهذا ادعى أنه يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك، الذي يوحى به إلى الأنبياء. والنبي عنده يأخذ من المَلَك الذي يوحى به إلى الرسل، لأن النبي عنده يأخذ من الخيالات التي تمثلت في نفسه لما صورت له المعاني العقلية في الصور الخيالية، وتلك الصور عنده هي الملائكة، وهي بزعمه تأخذ عن عقله المجرد قبل أن تصير خيالا، ولهذا يفضل الولاية على النبوة، ويقول:
مقام النبوة في برزخ
…
فويق الرسول ودون الولي (3)
قال الذهبي: ومن أردإ تواليفه كتاب الفصوص، فإن كان لا كفر فيه
(1) أخرجه أحمد (2/ 398) والبخاري (6/ 693/3535) ومسلم (4/ 1790/2286) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين» .
(2)
المنهاج (5/ 336 - 338).
(3)
المنهاج (8/ 22).
فما في الدنيا كفر، نسأل الله العفو والنجاة، فواغوثاه بالله.
وقال: ولا ريب أن كثيرا من عباراته له تأويل إلا كتاب الفصوص. (1)
قال ابن تيمية: وهذا الذي ذكره الجنيد من الفرق بين القديم والمحدث والفرق بين المأمور والمحظور بهما يزول ما وقع فيه كثير من الصوفية من هذا الضلال، ولهذا كان الضلال منهم يذمون الجنيد على ذلك، كابن عربي وأمثاله، فإن له كتابا سماه 'الإسرا إلى المقام الأسرى' مضمونه حديث نفس ووساوس شيطان حصلت في نفسه، جعل ذلك معراجا كمعراج الأنبياء، وأخذ يعيب على الجنيد وعلى غيره من الشيوخ ما ذكروه وعاب على الجنيد قوله:"التوحيد إفراد الحدوث عن القدم" وقال: "قلت له يا جنيد ما يميز بين الشيئين إلا من كان خارجا عنهما، وأنت إما قديم أو محدث، فكيف تميز؟ " وهذا جهل منه؛ فإن المميز بين الشيئين هو الذي يعرف أن هذا غير هذا، ليس من شرطه أن يكون ثالثا، بل كل إنسان يميز بين نفسه وبين غيره وليس هو ثالثا. والرب سبحانه يميز بين نفسه وبين غيره وليس هناك ثالث. (2)
وجاء في السير: وقد حكى العلامة ابن دقيق العيد شيخنا أنه سمع الشيخ عز الدين بن عبد السلام يقول عن ابن العربي: شيخ سوء كذاب، يقول بقدم العالم ولا يحرم فرجا. (3)
ومواقف سلفنا رحمهم الله كثيرة هذا بعضها، وسيأتي معنا بقية أخرى بإذن الله.
(1) السير (23/ 49).
(2)
المنهاج (5/ 340 - 341).
(3)
السير (23/ 48 - 49).