الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دين الله تعالى شيئا كان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون وأتباعهم على خلافه. فلم يرو عن واحد منهم: أنهم اتسموا بذلك، ولا حلقوا رؤوسهم، في غير إحلال، ولا حاجة. (1)
موقفه من المرجئة:
قال رحمه الله: ولأهل العلم فيه تأويلان:
أحدهما: أن هذا العموم يراد به الخصوص ممن يعفو الله تعالى عنه من أهل الكبائر، ممن يشاء الله تعالى أن يغفر له ابتداء؛ من غير توبة كانت منهم ولا سبب يقتضي ذلك، غير محض كرم الله تعالى وفضله، كما دل عليه قوله تعالى:{وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (2). وهذا على مذهب أهل السنة والجماعة خلافا للمبتدعة المانعين تَفَضُّلَ الله تعالى بذلك، وهو مذهب مردود بالأدلة القطعية العقلية والنقلية، وبَسْط ذلك في علم الكلام.
وثانيهما: أنهم لا يُحجبون عن الجنة بعد الخروج من النار. وتكون فائدته الإخبار بخلود كل من دخل الجنة فيها، وأنه لا يُحجب عنها، ولا عن شيء من نعيمها، والله تعالى أعلم. (3)
وقال: ومن باب: لا يكفي مجرد التلفظ بالشهادتين، بل لا بد من استيقان القلب
هذه الترجمة تنبيه على فساد مذهب غلاة المرجئة القائلين: إن التلفظ
(1) المفهم (3/ 122).
(2)
النساء الآية (48).
(3)
المفهم (1/ 199 - 200).
بالشهادتين كاف في الإيمان، وأحاديث هذا الباب تدل على فساده، بل هو مذهب معلوم الفساد من الشريعة لمن وقف عليها، ولأنه يلزم منه تسويغ النفاق، والحكم للمنافق بالإيمان الصحيح، وهو باطل قطعاً. (1)
وقال أيضا: وقوله في حديث معاذ: «ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله إلا حرّمه الله على النار» (2) هكذا وقع هذا الحديث في كتاب مسلم عن جميع رواته فيما علمته، وقد زاد البخاري فيه:«صدقاً من قلبه» وهي زيادة حسنة تنص على صحة ما تضمّنته الترجمة المتقدمة، وعلى فساد مذهب المرجئة كما قد قدّمناه. (3)
وقال: قوله عليه الصلاة والسلام وقد سُئل عن أفضل الأعمال: «الإيمان بالله» يدل على أن الإيمان من جملة الأعمال وهو داخل فيها، وهو إطلاق صحيح لغة وشرعا، فإنه عمل القلب وكسبه، وقد بينا أن الإيمان هو التصديق بالقلب، وأنه منقسم إلى ما يكون عن برهان وعن غير برهان، ولا يُلتفت لخلاف مَن قال: إن الإيمان لا يُسمى عملاً؛ لجهله بما ذكرناه، ولا يخفى أن الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال كلها؛ لأنه متقدم عليها، وشرط في صحتها، ولأنه من الصفات المتعلقة، وشرفها بحسب متعلقاتها، ومتعلق الإيمان هو الله تعالى وكتبه ورسله. ولا أشرف من ذلك، فلا أشرف في الأعمال من الإيمان ولا أفضل منه. (4)
(1) المفهم (1/ 204).
(2)
أخرجه البخاري (1/ 300 - 301/ 128) ومسلم (1/ 61/32).
(3)
المفهم (1/ 208).
(4)
المفهم (1/ 275).