الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجعل أسفلها مدرسة للطلبة، وكان نزوله بالأسكندرية بعد قتل بني عبيد لعلمائها فنشر العلم بها وأحيا معالمه بعد ما تعطلت دروسه وكان يقول: إن سألني الله عن المقام بالأسكندرية مع ما هي عليه من تعطيل الجمعة وغير ذلك من المناكر التي كانت أيام العبيديين أقول له: وجدت قوما ضلالا فكنت سبب هدايتهم. وهكذا ينبغي للعلماء، بل يجب عليهم هداية الخلق ولا يجوز لهم الهجرة إلا إذا يئسوا الهداية أو خافوا الفتنة على أنفسهم أو دينهم. وامتحنه العبيديون بإخراجه منها وملازمة الفسطاط. (1)
موقفه من الصوفية:
- جاء في السير: أنبأنا ابن علان عن الخشوعي عن الطرطوشي أنه كتب هذه الرسالة جوابا عن سائل سأله من الأندلس عن حقيقة أمر مؤلف الإحياء، فكتب إلى عبد الله بن مظفر: سلام عليك فإني رأيت أبا حامد وكلمته فوجدته امرءا وافر الفهم والعقل وممارسة للعلوم، وكان ذلك معظم زمانه، ثم خالف عن طريق العلماء ودخل في غمار العمال، ثم تصوف فهجر العلوم وأهلها ودخل في علوم الخواطر وأرباب القلوب ووساوس الشيطان، ثم سابها وجعل يطعن على الفقهاء بمذاهب الفلاسفة ورموز الحلاج وجعل ينتحي عن الفقهاء والمتكلمين، ولقد كاد أن ينسلخ من الدين.
قال الحافظ أبو محمد: إن محمد بن الوليد هذا، ذكر في غير هذه الرسالة: كتاب الإحياء. قال: وهو -لعمر الله أشبه بإماتة علوم الدين. ثم رجعنا إلى تمام الرسالة.
(1) الفكر السامي (2/ 220).
قال: فلما عمل كتابه الإحياء، عمد فتكلم في علوم الأحوال ومرامز الصوفية، وكان غير أنيس بها ولا خبير بمعرفتها. فسقط على أم رأسه، فلا في علماء المسلمين قر، ولا في أحوال الزاهدين استقر، ثم شحن كتابه بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا أعلم كتابا على وجه بسيط الأرض أكثر كذبا على الرسول منه، ثم شبكه بمذاهب الفلاسفة ورموز الحلاج ومعاني رسائل إخوان الصفا وهم يرون النبوة اكتسابا، فليس النبي عندهم أكثر من شخص فاضل تخلق بمحاسن الأخلاق وجانب سفسافها، وساس نفسه حتى لا تغلبه شهوة، ثم ساق الخلق بتلك الأخلاق. وأنكروا أن يكون الله يبعث إلى الخلق رسولا، وزعموا أن المعجزات حيل ومخاريق. ولقد شرف الله الإسلام وأوضح حججه، وقطع العذر بالأدلة، وما مثل من نصر الإسلام بمذاهب الفلاسفة والآراء المنطقية إلا كمن يغسل الثوب بالبول، ثم يسوق الكلام سوقا يرعد فيه ويبرق ويمني ويشوق، حتى إذا تشوفت له النفوس قال: هذا من علم المعاملة وما وراءه من علم المكاشفة، لا يجوز تسطيره في الكتب ويقول: هذا من سر الصدر الذي نهينا عن إفشائه. وهذا فعل الباطنية وأهل الدغل والدخل في الدين، يستقل الموجود ويعلق النفوس بالمفقود، وهو تشويش لعقائد القلوب، وتوهين لما عليه كلمة الجماعة فلئن كان الرجل يعتقد ما سطره، لم يبعد تكفيره وإن كان لا يعتقده فما أقرب تضليله.
وأما ما ذكرت من إحراق الكتاب، فلعمري إذا انتشر بين من لا معرفة له بسمومه القاتلة، خيف عليهم أن يعتقدوا إِذاً صحة ما فيه، فكان تحريقه في معنى ما حرقته الصحابة من صحف المصاحف التي تخالف
المصحف العثماني. (1)
التعليق:
يا من يقرؤون لدعاة التخريف في العصر الحاضر، اقرأوا كلمة عالم خبير، له معرفة بالعلوم الشرعية والباع الطويل. إذا تكلم في واحد منها يظن أنه لا يحسن غيره. ماذا يقول في كتاب إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي؟ هل تصدقه أو تصدق سعيد حوى في كتابه 'تربيتنا الروحية' وأمثاله كثير، والله المستعان.
- جاء في الصاعقة المحرقة: سأله بعضهم فقال: ما تقول سيدنا الفقيه في مذهب الصوفية أنه يجتمع من الرجال فيكثرون من ذكر الله وذكر محمد صلى الله عليه وسلم، ثم إنهم يرقصون بالقضيب على شيء من الأديم، ويقوم بعضهم يرقص ويتواجد حتى يقع مغشيا عليه، ويحضرون شيئا يأكلونه. هل الحضور معهم جائز أم لا؟ أفتونا رحمكم الله.
الجواب: رحمك الله، مذهب الصوفية بطالة وجهالة وضلالة، وما الإسلام إلا كتاب الله وسنة رسوله، وأما الرقص والتواجد فأول ما أحدثه أصحاب السامري لما اتخذ لهم عجلا جسدا له خوار، قاموا يرقصون حواليه ويتواجدون. فهو دين الكفار وعباد العجل. وأما القضيب فأول من اتخذه الزنادقة، ويشغلون به المسلمين (2) عن كتاب الله.
(1) السير (19/ 494 - 496).
(2)
في الأصل المسلمون، والصواب ما أثبتناه.