الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللقاء، لم يؤثر الكبر في جسمه على علو سنه، ولا تغير شيء من ذهنه وحواسه.
له من المؤلفات: 'معالم الإيمان وروضات الرضوان في مناقب المشهورين من صلحاء القيروان'، وتاريخ ملوك الإسلام، وجلاء الأفكار في مناقب الأنصار وغيرها.
توفي رحمه الله سنة تسع وتسعين وستمائة عن أربع وتسعين سنة.
موقفه من المبتدعة:
قال في معالم الإيمان: وأما فضل القيروان عموما فمعلوم على تعاقب الزمان، متداول بين الأمم لا يختلف فيه اثنان، ناهيك من قوم سلفهم الأول أفاضل الصحابة والتابعين الذين فتح الله بهم أقطار المغارب، وجالت في أرجائه منهم أفضل الجيوش والكتائب، وعلى أيديهم أسلم سائره، وانتصفت من طائفة الكفر جنود الحق وعساكره، وأما من جاء بعدهم فعلماء الدين، والقدوة لسائر المسلمين، مصابيح الظلام، وأئمة الاقتداء، وهم الذين كانت تشد إليهم الإبل، وبالجملة فالذي كان أهل القيروان عليه قديما من قوة الإيمان بالله، والانتصار للحق، والصبر على الأذى في الله، والجهاد لإعزاز الدين، والقيام بالرد على أهل الأهواء بالدلائل القاطعة. والحجج الدامغة لتثبيت عقائد عامة الموحدين، فقد ناضلوا بالسيوف، وجادلوا باللسان في تقرير الدين وتثبيت قواعد اليقين، فذلك كله شيء لا يسعه ديوان، ولا يمليه لسان، قد امتحنوا باستيلاء الخوارج عليهم من الصفرية والإباضية، وكذلك امتحنوا بخلق القرآن في زمن الواثق، وعزم محمد بن الأغلب على قتل محمد
ابن سعيد، فما زالوا على اعتقاد أهل السنة، وصبروا على الأذى في دين الله وما زادهم إلا يقينا وبصيرة في دينهم، ولما استولى العبيديون على إفريقية وانضافت إليهم طوائف كثيرة من أهل الشيع الغالبة، قدموا عليهم من البلاد متوسلين إليهم بحب أهل البيت والتعصب لهم، حتى ولوهم الولايات ورفعوا منازلهم، ثم أظهروا مذهبهم الفاسد في سب الصحابة رضوان الله عليهم وتبديل الشرائع والإضرار بأهل السنة، مثل محمد بن عمر المروزي لعنه الله، وعبد الله بن محمد الكاتب، ومحمد بن أبي سعيد، حتى كشف الله أستارهم فقتلوا بالعذاب، وبعد ذلك هجم أهل القيروان على هؤلاء الأشرار بعد ما تولى المعز بن باديس، فقتلوهم عن آخرهم وطهر الله القيروان من رجسهم والحمد لله رب العالمين.
ولم يزل أهل القيروان في جهاد مع الفرق الضالة والفئة المارقة، ولم يزل الشيخ الأوحد أبو عثمان سعيد بن الحداد، وأبو محمد عبد الله بن إسحاق التبان، يناظران على مذهب أهل السنة ويرون ذلك من أعظم الجهاد، حتى أخمد الله نارهم، وقل عددهم، وظهر حزب الحق، وأعلا الله كلمته، والحمد لله رب العالمين. (1)
أبو محمد ابن أبي جمرة (2)(699 هـ)
عبد الله بن سعد بن سعيد بن أبي جمرة الأزدي الأندلسي، أبو محمد
(1) معالم الإيمان (1/ 24 - 25).
(2)
البداية والنهاية (13/ 366) وشجرة النور الزكية (1/ 199) والأعلام للزركلي (4/ 89).