الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكانوا في قبضة الإمام لم يقتلوا، ولم يقاتلوا، ثم إن صرحوا بسب الإمام أو غيره من أهل العدل عزروا، وإن عرضوا ففي تعزيرهم وجهان:
قلت: أصحهما لا يعزرون قاله الجرجاني، وقطع به صاحب التنبيه. والله أعلم، ولو بعث الإمام إليهم واليا فقتلوه فعليهم القصاص. وهل يتحتم قتل قاتله كقاطع الطريق لأنه شهر السلاح أم لا لأنه لم يقصد إخافة الطريق؟ وجهان، قلت: أصحهما لا يتحتم، والله أعلم. (1)
موقفه من المرجئة:
قال رحمه الله: أهم ما يذكر في الباب اختلاف العلماء في الإيمان والإسلام وعمومهما وخصوصهما، وأن الإيمان يزيد وينقص أم لا، وأن الأعمال من الإيمان أم لا، وقد أكثر العلماء رحمهم الله تعالى من المتقدمين والمتأخرين القول في كل ما ذكرناه.
ثم ساق أقوال الخطابي والبغوي وابن بطال وابن الصلاح وغيرهم، ثم قال: فإذا تقرر ما ذكرناه من مذاهب السلف وأئمة الخلف، فهي متظاهرة متطابقة على كون الإيمان يزيد وينقص، وهذا مذهب السلف والمحدثين وجماعة من المتكلمين، وأنكر أكثر المتكلمين زيادته ونقصانه، وقالوا: متى قبل الزيادة كان شكاً وكفراً. قال المحققون من أصحابنا المتكلمين: نفس التصديق لا يزيد ولا ينقص، والإيمان الشرعي يزيد وينقص بزيادة ثمراته وهي الأعمال ونقصانها. قالوا: وفي هذا توفيق بين ظاهر النصوص التي جاءت بالزيادة وأقاويل السلف، وبين أصل وضعه في اللغة وما عليه المتكلمون،
(1) روضة الطالبين وعمدة المفتين (10/ 50 - 51).
وهذا الذي قاله هؤلاء، وإن كان ظاهراً حسناً فالأظهر والله أعلم أن نفس التصديق يزيد بكثرة النظر وتظاهر الأدلة، ولهذا يكون إيمان الصديقين أقوى من إيمان غيرهم، بحيث لا تعتريهم الشبه ولا يتزلزل إيمانهم بعارض، بل لا تزال قلوبهم منشرحة نيرة، وإن اختلفت عليهم الأحوال. وأما غيرهم من المؤلفة ومن قاربهم ونحوهم، فليسوا كذلك. فهذا مما لا يمكن إنكاره ولا يتشكك عاقل في أن نفس تصديق أبي بكر الصديق رضي الله عنه لا يساويه تصديق آحاد الناس، ولهذا قال البخاري في صحيحه: قال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول أنه على إيمان جبريل وميكائيل. والله أعلم.
وأما إطلاق اسم الإيمان على الأعمال فمتفق عليه عند أهل الحق، ودلائله في الكتاب والسنة أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تشهر. قال الله تعالى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} (1) أجمعوا على أن المراد صلاتكم، وأما الأحاديث فستمر بك في هذا الكتاب منها جمل مستكثرات، والله أعلم. (2)
طه بن إبراهيم الهمذاني (3)(677 هـ)
طه بن إبراهيم بن أبي بكر، الشيخ جمال الدين أبو محمد الإربلي، الفقيه
(1) البقرة الآية (143).
(2)
شرح مسلم (1/ 129 - 133).
(3)
فوات الوفيات (2/ 130 - 131) والبداية والنهاية (13/ 297 - 298) والنجوم الزاهرة (7/ 281) وشذرات الذهب (5/ 357 - 358).