الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأقصى. قال الذهبي: الإمام القدوة شيخ الإسلام أبو محمد الأنصاري الأوسي الأندلسي القرطبي، شهر بالقصري لنزوله قصر عبد الكريم وهو قصر كتامة، حمل الموطأ عن أبي الحسن بن حنين الكناني محدث فاس، وصحب الشيخ أبا الحسن بن غالب الزاهد بالقصر ولازمه، وكان رأساً في العلم والعمل منقطع القرين.
له: 'تفسير للقرآن'، و'شعب الإيمان'، و'شرح الأسماء الحسنى'، و'الأسئلة والأجوبة'، و'شرح مشكل الحديث'
…
وغير ذلك.
موقفه من الجهمية:
- قال في مقدمة كتابه 'شرح مشكل الحديث': الحمد لله الذي فات بعلوّه على الأشياء مواقع رجم المتوهّمين، فارتفع عن أن يحوي كنه عظمته رويّات المتفكّرين، وليس له مثل فيكون بالخلق مشبهاً، ومازال عند أهل العلم عن ذلك منزَّهاً، وكذب العادلون إذ شبّهوه بأصنافهم، وحلّوه بحلية المخلوقين بأوهامهم، ولم تحط به الصفات فيكون بإدراكها إياه بالحدود متناهياً، وجلّ الله الذي ليس كمثله شيء عن صفات المخلوقين متعاليا، وصلى الله على النبي محمد الذي لم يزل إلى ربه داعياً، وبالحق آمراً وناهياً، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.
وبعد حمد الله وشكره فهذا كتاب أذكر فيه ما تيسّر من معاني مشكل حديث النبي صلى الله عليه وسلم وأقوال الناس فيه، وبالله نستعين، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
اعلم أن الناس انقسموا في المشكل على أقسام ترجع بالحصر إلى أربعة: مبطل معطّل للذات من الصفات، ومشبّه لباريه بخلقه في الجوارح والأدوات، ومتأوّل لها على حسب ما وهب له الوهّاب، ومُمِرٍّ لها كما جاءت من غير تشبيه ولا تعطيل.
وهذا القسم الأخير هو اعتقاد الجمّ الغفير. إلا أن قولهم: (أمرّوها كما جاءت) يحتمل معنيين:
أحدهما: يعتقِدُ إثباتها من غير تفهم لها.
والآخر: إثباتها كما جاءت مع فهمها، أي: يفهم الشيء على ما هو عليه، وهذا الغاية القصوى في الفهم والتوفيق لمن أُعطيه من أهل الإنابة والتحقيق. وقد نطق الأيمة الذين أُمروا بإمرارها كما جاءت بذلك في أقوالهم كمالك رحمه الله في الاستواء حيث قال -مجيباً للسائل عن الاستواء-:(الاستواء معلوم، والكيف غير معقول). فأخبر أن الاستواء معلوم، والمعلوم مفهوم بلا شكّ. وكذلك الأوزاعي قد أجاب في حديث النزول أيضاً جواباً يُنبئ عن فهمه له، واعتقاده فيه. وقال أبو عيسى الترمذي رحمه الله: قال أهل العلم في حديث الصفات مثل ما ورد في حديث النزول، وذكر الرجل، والقدم، واليدين، وما أشبهه: يُؤمَن بهذا كله، ولا يُتوهَّم، ولا يُقال كيف، ولا لم، مع اعتقاد التمجيد والتنزيه عن التمثيل والتشبيه، وينسبون من أنكرها إلى الجهمية؛ لأن جهماً ردّها، والصحيح إمرارها كما جاءت، وبه قال الفقهاء مالك والشافعي وسفيان الثوري وابن عيينة وابن المبارك، وإلى ذلك ذهب البخاري وجميع المحدِّثين، وأهل العلم من السنة والجماعة من السلف والخلف رحمة الله عليهم، إلا أن الظن بهؤلاء أنهم فهموها على ما هي عليه. وفهم الشيء على ما هو عليه هو الغاية القصوى. ويكون معنى قولهم:(أمرّوها كما جاءت) نفي التعطيل، ونفي التشبيه، ونفي التأويل الخارج عن الحق. فهذه
ثلاثة أقسام مذمومة، والقسم الرابع هو الحق هو الإمرار لها كما جاءت. (1)
- وقال: فكل ما وصف الباري عز وجل به نفسه وأضافه إليه فهو الكمال واجب اعتقاده. وفي وصفه سبحانه لنفسه بما وصف به نفي لضدّه، وتنزيه عنه؛ لأنه عيب وعور ونقص. فكل من نفى الصفات، فقد نفى عن الله الكمال، وأضاف إليه العيب والنقص والعور. ومن أثبتها وشبّهها بصفات الخلق، فكذلك أيضاً؛ فإن من أوصافه عدم التشبّه، كما قال تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (2)، فكذلك صفاته لا تشبه الخلق. فنفي الصفات إلحاد، وتشبيهها بالمحدثات إلحاد. فكما أخطأت المشبِّهة، ضلت المعطِّلة. والصراط المستقيم بينهما، وهو إثبات ونفي معاً، أي: إثبات الصفات لله عز وجل، ونفي الجسمية والمثلية عنها. (3)
القاضي إبراهيم بن نصر (4)(610 هـ)
إبراهيم بن نصر بن عسكر، قاضي السلامية أبو إسحاق، الملقب ظهير الدين، الشافعي الموصلي. تفقه على القاضي أبي عبد الله الحسين بن نصر بن خميس، وسمع منه، وقدم بغداد وسمع بها، وأخذ بإربل عن أبي البركات عبد الرحمن ابن محمد الأنباري النحوي. وولي قضاء السلامية (وهي بلدة بأعمال الموصل).
(1) شرح مشكل الحديث (مخطوط).
(2)
الشورى الآية (11).
(3)
شرح مشكل الحديث (مخطوط).
(4)
وفيات الأعيان (1/ 37 - 38) وتاريخ الإسلام (حوادث 601 - 610/ص.359) والبداية والنهاية (13/ 72).