الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
موقفه من المرجئة:
- قال في شرح السنة: اتفق الصحابة والتابعون، فمن بعدهم من علماء السنة على أن الأعمال من الإيمان، لقوله سبحانه وتعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} إلى قوله: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)} (1) فجعل الأعمال كلها إيمانا، وكما نطق به حديث أبي هريرة. (2)
وقالوا: إن الإيمان قول وعمل وعقيدة، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية على ما نطق به القرآن في الزيادة، وجاء في الحديث بالنقصان في وصف النساء
…
(3)
إلى أن قال: واتفقوا على تفاضل أهل الإيمان في الإيمان وتباينهم في درجاته، قال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول: إنه على إيمان جبريل وميكائيل.
وقال معاذ: اجلس بنا نؤمن ساعة.
وكرهوا أن يقول الرجل: أنا مؤمن حقا، بل يقول: أنا مؤمن، ويجوز
(1) الأنفال الآيتان (2و3).
(2)
تقدم تخريجه ضمن مواقف الفزاري سنة (186هـ).
(3)
أخرجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أحمد (3/ 373 - 374) والبخاري (3/ 415/1462) ومسلم (1/ 87/132 [80]) والترمذي (5/ 11 - 12/ 2613) والنسائي في الكبرى (5/ 400 - 401/ 9271) وفي الباب عن غير واحد من الصحابة.
أن يقول: أنا مؤمن إن شاء الله، لا على معنى الشك في إيمانه واعتقاده من حيث علمه بنفسه، فإنه فيه على يقين وبصيرة، بل على معنى الخوف من سوء العاقبة، وخفاء علم الله تعالى فيه عليه، فإن أمر السعادة والشقاوة يبتني على ما يعلم الله من عبده، ويختم عليه أمره، لا على ما يعلمه العبد من نفسه، والاستثناء يكون في المستقبل، وفيما خفي عليه أمره، لا فيما مضى وظهر، فإنه لا يسوغ في اللغة لمن تيقن أنه قد أكل وشرب أن يقول: أكلت إن شاء الله، وشربت إن شاء الله، ويصح أن يقول: آكل وأشرب إن شاء الله.
ولو قال: أنا مؤمن من غير استثناء يجوز، لأنه مؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، مقر بها من غير شك. (1)
- وقال رحمه الله: جعل النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الإسلام اسماً لما ظهر من الأعمال، وجعل الإيمان اسماً لما بطن من الاعتقاد، وليس ذلك لأن الأعمال ليست من الإيمان، أو التصديق بالقلب ليس من الإسلام، بل ذلك تفصيل لجملة هي كلها شيء واحد، وجماعها الدين، ولذلك قال:«ذاك جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم» (2) والتصديق والعمل يتناولها اسم الإيمان والإسلام جميعاً، يدل عليه قوله سبحانه وتعالى:{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (3){وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (4) {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ
(1) شرح السنة (1/ 38 - 41).
(2)
تقدم تخريجه ضمن مواقف الطوسي سنة (242هـ).
(3)
آل عمران الآية (19).
(4)
المائدة الآية (3).