الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الغربي من مراكش. قال ابن بشكوال: هو من أهل العلم والتفنن والذكاء والفهم. ومن مؤلفاته: الشفا في شرف المصطفى وترتيب المدارك والعقيدة وشرح حديث أم زرع ومشارق الأنوار في اقتفاء صحيح الآثار، والإكمال في شرح صحيح مسلم. قال ابن خلكان: هو إمام الحديث في وقته، وأعرف الناس بعلومه، وبالنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم. وقال صاحب النجوم الزاهرة: كان إماما، حافظا، محدثا، فقيها، متبحرا، صنف التصانيف المفيدة، وانتشر اسمه في الآفاق وبعد صيته. حدث عنه ابن بشكوال وولده محمد وأبو جعفر بن القصير وعدة. توفي رحمه الله تعالى في ليلة الجمعة نصف الليلة التاسعة من جمادى الآخر ودفن بمراكش سنة أربع وأربعين وخمسمائة.
موقفه من المبتدعة:
- قال في الشفا (1): فصل [في وجوب اتباعه، وامتثال أمره، والاقتداء بهديه].
وأما وجوب اتباعه وامتثال سنته والاقتداء بهديه، فقد قال تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (2)، وقال: {فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ
(1)(2/ 542 - 551).
(2)
آل عمران الآية (31).
وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158)} (1)، وقال:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)} (2)، أي ينقادون لحكمك يقال: سلم، واستسلم، إذا انقاد. وقال:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6)} (3). قال محمد بن علي الترمذي: الأسوة في الرسول الاقتداء به، والاتباع لسنته، وترك مخالفته في قول وفعل. وقال غير واحد من المفسرين بمعناه. وقيل: هو عتاب للمتخلفين عنه.
وقال سهل في قوله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (4) قال: بمتابعة السنة، فأمرهم تعالى بذلك، ووعدهم الاهتداء باتباعه، لأن الله تعالى أرسله بالهدى ودين الحق ليزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، ويهديهم إلى صراط مستقيم، ووعدهم محبته تعالى في الآية الأخرى ومغفرته إذا اتبعوه، وآثروه على أهوائهم، وما تجنح إليه نفوسهم، وأن صحة إيمانهم بانقيادهم له، ورضاهم بحكمه، وترك الاعتراض عليه. وروي عن الحسن أن أقواما قالوا: يا
(1) الأعراف الآية (158).
(2)
النساء الآية (65).
(3)
الممتحنة الآية (6).
(4)
الفاتحة الآية (7).
رسول الله، إنا نحب الله. فأنزل الله تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)} (1). وروي أن الآية نزلت في كعب بن الأشرف وغيره، وأنهم قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه، ونحن أشد حبا لله، فأنزل الله الآية. وقال الزجاج: معناه إن كنتم تحبون الله أن تقصدوا طاعته، فافعلوا ما أمركم به، إذ محبة العبد لله والرسول طاعته لهما، ورضاه بما أمرا، ومحبة الله لهم عفوه عنهم، وإنعامه عليهم برحمته. (2)
ويقال: الحب من الله عصمة وتوفيق، ومن العباد طاعة، كما قال القائل:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه
…
لو كان حبك صادقا لأطعته
…
هذا لعمري في القياس بديع
إن المحب لمن يحب مطيع
-ثم ساق بسنده- عن العرباض بن سارية في حديثه في موعظة النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجد، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة» (3). زاد في حديث جابر بمعناه: «وكل ضلالة في النار» (4). وفي حديث أبي رافع عنه صلى الله عليه وسلم: «لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته، يأتيه الأمر من أمري، مما أمرت به، أو
(1) آل عمران الآية (31).
(2)
هذا مع إثبات صفة المحبة له سبحانه.
(3)
تقدم تخريجه في مواقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة (23هـ).
(4)
تقدم تخريجه في مواقف القاسم بن محمد سنة (106هـ).
نهيت عنه، فيقول: لا أدري، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه». (1)
وفي حديث عائشة رضي الله عنها: صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ترخص فيه فتنزه عنه قوم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فحمد الله، ثم قال:«ما بال قوم يتنزهون عن الشيء أصنعه، فوالله إني لأعلمهم بالله، وأشدهم له خشية» . (2)
- وقال (3): فصل [في أن مخالفة أمره وتبديل سنته ضلال]
ومخالفة أمره وتبديل سنته ضلال وبدعة متوعد من الله تعالى عليه بالخذلان والعذاب، قال الله تعالى:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)} (4)، وقال:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115)} (5).
-ثم ساق بسنده- عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المقبرة .. وذكر الحديث في صفة أمته، وفيه: «فليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال، فأناديهم: ألا هلم، فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك. فأقول:
(1) أحمد (6/ 8) بلفظ: «لأعرفن» وأبو داود (5/ 12/4605) والترمذي (5/ 36/2663) وقال: "هذا حديث حسن صحيح". وابن ماجة (1/ 6 - 7/ 13) والحاكم (1/ 108 - 109) وصححه على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي.
(2)
أخرجه أحمد (6/ 45) والبخاري (10/ 628/6101) ومسلم (4/ 1829/2356) والنسائي في الكبرى (6/ 67/10063) من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
(3)
الشفا (2/ 559 - 562).
(4)
النور الآية (63).
(5)
النساء الآية (115).