الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منها: علم الحديث والفقه والعربية وغير ذلك. أخذ عنه أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي المفسر وأبو محمد عبد المؤمن الدمياطي وأبو الحسن بن يحيى القرشي. له كتاب المفهم في شرح ما أشكل من تلخيص كتاب مسلم وتلخيص صحيح مسلم ومختصر البخاري والإعلام بمعجزات النبي صلى الله عليه وسلم وغيرها.
تنبيه: سقط القرطبي في حمأة التأويل على عادة الأشاعرة، فأول صفة العلو واليد والإصبع وغيرها.
توفي رحمه الله بالإسكندرية في رابع عشر ذي القعدة سنة ست وخمسين وستمائة.
موقفه من المبتدعة:
- قال في مسألة قراءة القرآن بالألحان: وقد أجاز ذلك أبو حنيفة وجماعة من السلف، وقال بجوازه الشافعي في التحزين وكرهه مالك وأكثر العلماء، ولا يشك في أن موضع الخلاف في هذه المسألة إنما هو فيما إذا لم يغير التلحين لفظ القرآن بزيادة أو نقصان، أو ينبهم معناه بترديد الأصوات، والتقطيعات، وتكرر النغمات، حتى لا يفهم السامع ما يقرؤه القارئ، فهذا مما لا يشك فيه أنه حرام فأما إذا سلم من تلك الأمور، وحذا به حذو أساليب الغناء والتطريب، والتحزين فهو الذي اختلف فيه، فنقول: إن ذلك لا يجوز لوجهين:
أحدهما: أن كيفية قراءة القرآن نقلت إلينا نقلاً متواتراً، وليس فيها شيء مما يشبه التلحين، ولا أساليب إنشاد الأشعار، فينبغي ألا يجوز غيرها، وإنما قلنا ذلك، لأنا قرأنا القرآن على مشايخنا، وهم العدد الكثير، والجم
الغفير، ومشايخنا على مشايخهم، وهكذا إلى العصر الكريم، وتلقينا عنهم كيفية قراءته بالمشافهة، فلو كان التلحين فيه مشروعاً لتعلموه من مشايخهم، ولنقلوه عنهم، كما نقلوا عنهم المد والقصر وما بين اللفظين والإمالة والفتح والإدغام والإظهار، وكيفية إخراج الحروف على مخارجها، فإنه لما نقله الخلف عن السلف وعلموا عليه اتصل ذلك لنا وتلقناه عنهم، وهذا جاء مع توفر الدواعي على النقل وكثرة المتعمقين من القراء الغالين في كيفية قراءته، ومع ذلك فلم ينقل عن أحد من القراء المشاهير ولا عن الرواة عنهم شيء من ذلك، فدل ذلك على أن تلحين القرآن ما كان معروفاً عندهم، ولا معمولاً به فيما بينهم، فوجب ألا يعمل به، ولا يعرج عليه، فإنه أمر محدث، «وكل محدث بدعة، وكل بدعة ضلالة» (1)، كما قاله صلى الله عليه وسلم. (2)
- وقال في رده لشبهة النظر إلى المعنى، وهو أنه قراءته بالألحان ينشط السامع، وتطيب له القراءة فينتفي عنه الملل
…
قال: إنا لا نسلم أن كل ما استخرج خشوعاً ورقّةً وبكاءً يكون مندوباً إليه ولا مباحاً، فإن ذلك ينتقض بالأوتار وبعض المزامير، والندب في النياحة فإنها تستخرج كل ذلك، وهي محرمة.
سلمنا ذلك، لكنها تجر أيضاً إلى أمور ممنوعة كما سيأتي، وإذا أمكن أن يحصل منها مصلحة ومفسدة، وليست إحداهما راجحة منع الكل اتقاءً للمفسدة، وترجيحاً لجانبها فينبغي أن لا يكون التطريب بالقرآن مشروعاً.
(1) تقدم تخريجه في مواقف القاسم بن محمد سنة (106هـ).
(2)
كشف القناع (ص.113 - 114).
سلمنا أن كل ما ذكروه من الاستدلال بالنوعين صحيح، لكنهما إنما يفيدان غلبة الظن فإنها ظواهر وقياس، غير أنهما في مقابلة المتواتر المقطوع به، وهو مما قدمناه من أن كيفية القراءة المتواترة ليس فيها تلحين ولا تطريب، فلا يكون ذلك مشروعاً، فإنها زيادة على القدر المتواتر إذ لم يقرأ بها النبي صلى الله عليه وسلم ولا على من نقل القرآن عنه فيكون مقطوعاً بنفيها، وبهذه الطريق قطعنا بنفي صلاة سادسة، وبنفي ركعة رابعة في المغرب، إذ قد نقل كل ذلك بالعمل المتواتر، فليلزم نفي غيره، والله أعلم.
وأما الوجه الثاني: من الوجهين السابقين، فهو أن قراءة القرآن بألحان الشعر تؤدي إلى أمور ممنوعة فيكون ممنوعاً.
أولها: الزيادة والنقصان في القرآن، وذلك أن التلحين لا بد فيه من ترنين وتمطيط، وذلك يقتضي الزيادة في المدات، والحروف ولا بد فيه من تقطيع وتقصير وذلك يقتضي النقصان.
وثانيها: تشبيه القرآن بالغناء الذي هو لهو ولعب وهزل، وقد نزه الله تعالى القرآن عن كل ذلك بقوله تعالى:{إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14)} (1).
وثالثها: تشبيهه بالشعر، وقد نزهه الله عن الشعر وأحواله بقوله:{إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ} (2) وبقوله: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ
(1) الطارق الآيتان (13و14).
(2)
الحاقة الآيتان (40و41).