الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصلاة عبد الله بن الكوا اليشكري. وكانت الخوارج تتعبد إلا أن اعتقادهم أنهم أعلم من علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وهذا مرض صعب. (1)
- وقال: ولهم قصص تطول ومذاهب عجيبة لهم، لم أر التطويل بذكرها، وإنما المقصود النظر في حيل إبليس وتلبيسه على هؤلاء الحمقى الذين عملوا بواقعاتهم، واعتقدوا أن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه على الخطأ ومن معه من المهاجرين والأنصار على الخطأ، وأنهم على الصواب. واستحلوا دماء الأطفال ولم يستحلوا أكل ثمرة بغير ثمنها وتعبوا في العبادات وسهروا، وجزع ابن ملجم عند قطع لسانه من فوات الذكر. واستحل قتل علي كرم الله وجهه.
ثم شهروا السيوف على المسلمين، ولا أعجب من اقتناع هؤلاء بعلمهم واعتقادهم أنهم أعلم من علي رضي الله عنه، فقد قال ذو الخويصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: اعدل فما عدلت! وما كان إبليس ليهتدي إلى هذه المخازي نعوذ بالله من الخذلان. (2)
موقفه من القدرية:
قال رحمه الله: ينبغي للمؤمن أن يعلم أن الله سبحانه مالك حكيم لا يعبث، وهذا العلم يوجب نفي الاعتراض على القدر. وقد لهج خلقٌ بالاعتراض قدحاً في الحكمة، وذلك كفر. وأولهم إبليس في قوله: {خَلَقْتَنِي
(1) تلبيس إبليس (ص.110 - 112).
(2)
تلبيس إبليس (ص.116 - 117).
مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76)} (1)! ومعنى قوله: إن تفضيلك الطين على النار ليس بحكمة!! وقد رأيت من كان فقيهاً دأبه الاعتراض! وهذا لأن المعترض ينظر إلى صورة الفعل، ولو أن صورة الفعل صدرت من مخلوق مثلنا؛ حَسُنَ أن يُعترض عليه؛ فأما من نقصت الأفهام عن مطالعة حكمته؛ فاعتراض الناقص الجاهل عليه جنون.
فأما اعتراض الخلعاء؛ فدائم؛ لأنهم يريدون جريان الأمور على أغراضهم؛ فمتى انكسر لأحدهم غرض؛ اعترض. وفيهم من يتعدى إلى ذكر الموت، فيقول: بنى ونقض!! وكان لنا رفيق؛ قرأ القرآن والقراءات، وسمع الحديث الكثير، ثم وقع في الذنوب، وعاش أكثر من سبعين سنة، فلما نزل به الموت؛ ذُكر لي أنه قال: قد ضاقت الدنيا إلا من روحي!! ومن هذا الجنس سمعتُ شخصاً يقول عند الموت: ربّي يظلمني!!
وهذا كثير! ويُكره أن يُحكى كلامُ الخلعاء في جنونهم واعتراضاتهم الباردة.
ولو فهموا أن الدنيا ميدان مسابقة ومارستان صبر ليبين بذلك أثرُ الخالق؛ لما اعترضوا، والذي طلبوه من السلامة وبلوغ الأغراض أمامهم لو فهموا؛ فَهُمْ كالزورجاري يتلوّث بالطين؛ فإذا فرغ لبس ثياب النظافة.
ولما أريد نقضُ هذا البدن الذي لا يصلح للبقاء نُحّيت عنه النفس الشريفة، وبُني بناء لا يقبل الدوام.
(1) ص الآية (76).