الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترمذي: «ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل» (1).
اهـ (2)
موقفه من الخوارج:
قال: في قوله صلى الله عليه وسلم: «سبق الفرث والدم» . وبظاهر هذا التشبيه تمسك من حكم بتكفيرهم من أئمتنا. وقد توقف في تكفيرهم كثير من العلماء لقوله صلى الله عليه وسلم: «فيتمارى في الفوق» وهذا يقضي بأنه يشك في أمرهم فيتوقف فيهم، وكأن القول الأول أظهر من الحديث. فعلى القول بتكفيرهم: يقاتلون، ويقتلون، وتسبى أموالهم. وهو قول طائفة من أهل الحديث في أموال الخوارج. وعلى قول من لا يكفرهم: لا يجهز على جريحهم، ولا يتبع منهزمهم. ولا تقتل أسراهم ولا تستباح أموالهم. وكل هذا إذا خالفوا المسلمين، وشقوا عصاهم، ونصبوا راية الحرب. فأما من استتر ببدعته منهم، ولم ينصب راية الحرب؛ ولم يخرج عن الجماعة: فهل يقتل بعد الاستتابة، أو لا يقتل؟ وإنما يجتهد في رد بدعته، ورده عنها. اختلف في ذلك. وسبب الخلاف في تكفير من هذه حاله: أن باب التكفير باب خطير، أقدم عليه كثير من الناس فسقطوا، وتوقف فيه الفحول فسلموا، ولا نعدل بالسلامة شيئا. (3)
وقال: وقوله: «يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان» هذا منه صلى الله عليه وسلم إخبار عن أمر غيب وقع على نحو ما أخبر عنه، فكان دليلا من أدلة نبوته
(1) أحمد (5/ 252؛256) والترمذي (5/ 353/3253) وقال: "هذا حديث حسن صحيح". وابن ماجه (1/ 19/48) والحاكم (2/ 447 - 448) وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي، من حديث أبي أمامة رضي الله عنه ..
(2)
المفهم (6/ 690 - 692).
(3)
المفهم (3/ 110 - 111).
- صلى الله عليه وسلم، وذلك: أنهم لما حكموا بكفر من خرجوا عليه من المسلمين، استباحوا دماءهم، وتركوا أهل الذمة، وقالوا: نفي لهم بذمتهم. وعدلوا عن قتال المشركين، واشتغلوا بقتال المسلمين عن قتال المشركين. وهذا كله من آثار عبادات الجهال الذين لم يشرح الله صدورهم بنور العلم، ولم يتمسكوا بحبل وثيق، ولا صحبهم في حالهم ذلك توفيق. وكفى بذلك: أن مقدمهم رد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره، ونسبه إلى الجور، ولو تبصر لأبصر عن قرب أنه لا يتصور الظلم والجور في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما لا يتصور في حق الله تعالى؛ إذ الموجودات كلها ملك لله تعالى، ولا يستحق أحد عليه حقا، فلا يتصور في حقه شيء من ذلك. والرسول صلى الله عليه وسلم مبلغ حكم الله تعالى، فلا يتصور في حقه من ذلك ما لا يتصور في حق مرسله. ويكفيك من جهلهم وغلوهم في بدعتهم حكمهم بتكفير من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بصحة إيمانه، وبأنه من أهل الجنة، كعلي وغيره من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ مع ما وقع في الشريعة، وعلم على القطع والثبات من شهادات الله ورسوله لهم، وثنائه على علي والصحابة عموما وخصوصا. (1)
وقال: وقوله: «محلقة رؤوسهم» وفي حديث آخر: «سيماهم التحليق» أي: جعلوا ذلك علامة لهم على رفضهم زينة الدنيا. وشعارا ليعرفوا به، كما يفعل البعض من رهبان النصارى يفحصون عن أوساط رؤوسهم. وقد جاء في وصفهم مرفوعا:«سيماهم التسبيد» أي: الحلق يقال: سبد رأسه؛ إذا حلقه. وهذا كله منهم جهل بما يزهد فيه، وما لا يزهد فيه، وابتداع منهم في
(1) المفهم (3/ 114 - 115).