الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- وفيها: قطع صلاح الدين الأذان بحي على خير العمل من ديار مصر كلها. (1)
موقف السلف من سنان بن سليمان الباطني (589 ه
ـ)
قال الذهبي عنه: راشد الدين، كبير الإسماعيلية وطاغوتهم
…
الباطني صاحب الدعوة الترارية. (2)
قال ابن العديم في 'تاريخه': أخبرني شيخ أدرك سنانا أنه كان بصريا يعلم الصبيان، وأنه مر وهو طالع إلى الحصون على حمار، فأراد أهل إقميناس أخذ حماره، فبعد جهد تركوه، ثم آل أمره إلى أن تملك عدة قلاع. أوصى يوما أتباعه، فقال: عليكم بالصفاء بعضكم لبعض، لا يمنعن أحدكم أخاه شيئا له، فأخذ هذا بنت هذا، وأخذ هذا أخت هذا سفاحا، وسموا نفوسهم الصفاة، فاستدعاهم سنان مرة، وقتل خلقا منهم.
قال ابن العديم: تمكن في الحصون، وانقادوا له. وأخبرني علي بن الهواري أن صلاح الدين سير رسولا إلى سنان يتهدده، فقال للرسول: سأريك الرجال الذين ألقاه بهم، فأشار إلى جماعة أن يرموا أنفسهم من أهل الحصن من أعلاه، فألقوا نفوسهم فهلكوا.
قال: وبلغني أنه أحل لهم وطء أمهاتهم وأخواتهم وبناتهم، وأسقط عنهم
(1) البداية (12/ 283).
(2)
السير (21/ 182 - 183).
صوم رمضان.
قال: وقرأت بخط أبي غالب بن الحصين أن في محرم سنة تسع وثمانين هلك سنان صاحب الدعوة بحصن الكهف، وكان رجلا عظيما خفي الكيد، بعيد الهمة، عظيم المخاريق، ذا قدرة على الإغواء، وخديعة القلوب، وكتمان السر، واستخدام الطغام والغفلة في أغراضه الفاسدة. وأصله من قرى البصرة، خدم رؤساء الإسماعيلية بألموت، وراض نفسه بعلوم الفلاسفة، وقرأ كثيرا من كتب الجدل والمغالطة ورسائل إخوان الصفاء، والفلسفة الإقناعية المشوقة لا المبرهنة، وبنى بالشام حصونا، وتوثب على حصون، ووعر مسالكها، وسالمته الأنام، وخافته الملوك من أجل هجوم أتباعه بالسكين، دام له الأمر نيفا وثلاثين سنة، وقد سير إليه داعي الدعاة من قلعة ألموت جماعة غير مرة ليقتلوه لاستبداده بالرئاسة، فكان سنان يقتلهم، وبعضهم يخدعه، فيصير من أتباعه.
قال: وقرأت على حسين الرازي في 'تاريخه' قال: حدثني معين الدين مودود الحاجب أنه حضر عند الإسماعيلية في سنة اثنتين وخمسين، فخلا بسنان، وسأله فقال: نشأت بالبصرة، وكان أبي من مقدميها، فوقع هذا الأمر في قلبي، فجرى لي مع إخوتي أمر، فخرجت بغير زاد ولا ركوب، فتوصلت إلى الألموت، وبها إلكيا محمد بن صباح، وله ابنان حسن وحسين، فأقعدني معهما في المكتب، وكان يبرني برهما، ويساويني بهما، ثم مات، وولي حسن بن محمد، فنفذني إلى الشام، فخرجت مثل خروجي من البصرة، وكان قد أمرني بأوامر، وحملني رسائل، فدخلت مسجد التمارين بالموصل، ثم سرت إلى الرقة، فأديت رسالته إلى رجل، فزودني، واكترى لي بهيمة إلى
حلب، ولقيت آخر برسالته، فزودني إلى الكهف، وكان الأمر أن أقيم هنا، فأقمت حتى مات الشيخ أبو محمد صاحب الأمر، فولي بعده خواجا علي بغير نص، بل باتفاق جماعة، ثم اتفق الرئيس أبو منصور ابن الشيخ أبي محمد والرئيس فهد، فبعثوا من قتل خواجا، وبقي الأمر شورى، فجاء الأمر من الألموت بقتل قاتله وإطلاق فهد، وقرئت الوصية على الجماعة، وهي:
هذا عهد عهدناه إلى الرئيس ناصر الدين سنان، وأمرناه بقراءته على الرفاق والإخوان، أعاذكم الله من الاختلاف واتباع الأهواء، إذ ذاك فتنة الأولين، وبلاء الآخرين، وعبرة للمعتبرين، من تبرأ من أعداء الله وأعداء وليه ودينه، عليه موالاة أولياء الله، والاتحاد بالوحدة سنة جوامع الكلم، كلمة الله والتوحيد والإخلاص، لا إله إلا الله عروة الله الوثقى، وحبله المتين، ألا فتمسكوا به، واعتصموا به، فبه صلاح الأولين، وفلاح الآخرين، أجمعوا آراءكم لتعليم شخص معين بنص من الله ووليه، فتلقوا ما يلقيه إليكم من أوامره ونواهيه بقبول، فلا وربك لا تؤمنون حتى تحكموه فيما شجر بينكم ثم لا تجدوا في أنفسكم حرجا مما قضى وتسلموا تسليما، فذلك الاتحاد بالوحدة التي هي آية الحق المنجية من المهالك، المؤدية إلى السعادة، إذ الكثرة علامة الباطل المؤدية إلى الشقاوة المخزية، فنعوذ بالله من زواله، وبالواحد من آلهة شتى، وبالوحدة من الكثرة، وبالنص والتعليم من الأدواء والأهواء، وبالحق من الباطل، وبالآخرة الباقية من الدنيا الملعونة، إلا ما أريد به وجه الله، فتزودوا منها للأخرى، وخير الزاد التقوى، أطيعوا أميركم ولو كان عبدا حبشيا. (1)
(1) السير (21/ 185 - 188).