الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصفات إلا بالأسماء التي عرفهم الرب عز وجل. فأما أن يدرك أحد من بني آدم تلك الصفات فلا يدركه أحد. وكما روينا عن مالك، والأوزاعي وسفيان، والليث وأحمد بن حنبل أنهم قالوا في الأحاديث في الرؤية والنزول: أمروها كما جاءت وكما روي عن محمد بن الحسن -صاحب أبي حنيفة- أنه قال في الأحاديث التي جاءت: «إن الله يهبط إلى السماء الدنيا» (1) ونحو هذا من الأحاديث: إن هذه الأحاديث قد رواها الثقات، فنحن نرويها ونؤمن بها. ولا نفسرها انتهى كلام الكرجي رحمه الله. (2)
موقفه من الجهمية:
هذا الإمام كان من كبار سيوف السنة المهندين، أعطاه الله قوة البيان وفصاحة اللسان وقوة البلاغة، يعرف ذلك من قرأ له الأبيات التي سنذكرها إن شاء الله، وهذا الإمام من الأئمة الذين أغضبوا الشيخ النجدي -الكوثري- وحمل عليهم، فذكره في السيف الصقيل بأبشع الألقاب، وأما ابن السبكي فلا تسأل عن حماقته وتأويله البارد ورده السمج على القصيدة الرائعة التي تسمى عروس القصائد. وهي من خيرة الآثار التي خلفها الشيخ. وهاك نزرا يسيرا منها:
جاء في طبقات الشافعية: ثم قال ابن السمعاني وله قصيدة تائية في السنة شرح فيها اعتقاده واعتقاد السلف تزيد على مائتي بيت، قرأتها عليه في داره بالكرج.
(1) تقدم من حديث أبي هريرة. انظر مواقف حماد بن سلمة سنة (167هـ).
(2)
مجموع الفتاوى (4/ 175 - 186).
ثم قال السبكي: فاعلم أنا وقفنا على قصيدة تعزى إلى هذا الشيخ وتلقب بـ: عروس القصائد في شموس العقائد.
منها:
عقائدهم أن الإله بذاته
…
على عرشه مع علمه بالغوائب
ومنها:
ففي كرج والله من خوف أهلها
…
يذوب بها البدعي يا شر ذائب
يموت ولا يقوى لإظهار بدعة
…
مخافة جز الرأس من كل جانب
ومنها:
طرائق تجسيم وطرق تجهم
…
وسبل اعتزال مثل نسج العناكب
وفي قدر والرفض طرق عمية
…
وما قيل في الإرجاء من نعب ناعب
وخبث مقال الأشعري تخنث
…
يضاهي تلويه تلوى الشغازب
يزين هذا الأشعري مقاله
…
ويشبه بالسم يا شر آشب
فينفي تفاصيلا ويثبت جملة
…
كناقضة من بعد شد الذوائب
يؤول آيات الصفات برأيه
…
فجرأته في الدين جرأة خارب
ويجزم بالتأويل في سنن الهدى
…
ويخلب أغمارا فاسئم بخالب
ومنها:
ولم يك ذا علم ودين وإنما
…
بضاعته كانت مخوق مداعب
وكان كلاميا بالأحشاء موته
…
تأسوا بموت ماته ذو السوائب
ومنها:
كذا كل رأس للضلالة قد مضى
…
بقتل وصلب باللحى والشوارب
كجعد وجهم والمريسي بعده
…
وذا الأشعري المبتلى شر دائب
ومنها:
معايبهم توفي على مدح غيرهم
…
وذا المبتلى المفتون عيب المعايب (1)
التعليق:
انظر رحمك الله إلى هذا النفس السلفي القوي في هذه الأبيات، ثم انظر إلى أول الأبيات، كيف يعبر الشيخ عن حالة السلفيين في بلاده كرج، وأنهم أهل البلاد، وأن المبتدعة أذلة خاسئون، وأنه بمجرد ظهورهم تجز رؤوسهم، فكانت البدع مقموعة، وانقلب الحال والله المستعان.
وذكر رؤوس المبتدعة وأوصافهم وعاقبة أمرهم، غير أن ذكر الشيخ للأشعري بتلك الأوصاف التي لا يحق أن يرمى بها بعد أن نبذ التأويل ورجع إلى مذهب السلف، فلعل الشيخ لم تبلغه توبته فقال فيه ما قال.
وللشيخ كتاب مهم بين فيه عقيدة السلف ومذاهبهم سماه الفصول في الأصول عن الأئمة الفحول إلزاما لذوي البدع والفضول، ذكره شيخ الإسلام في غير ما موضع من كتبه، ونقل منه جملة كبيرة. انظر مجموع الفتاوى. (2)
وكذلك الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية قال رحمه الله: وله
(1) طبقات الشافعية (4/ 82 - 85).
(2)
(4/ 175 - 186).
مصنفات كثيرة منها 'الفصول في اعتقاد الأئمة الفحول'، يذكر فيه مذاهب السلف في باب الاعتقاد. (1)
إسماعيل بن محمد بن الفضل التَّيْمِي الأصبهاني (2)(535 هـ)
الملقب بـ 'قوام السنة'
الإمام، العلامة، الحافظ، شيخ الإسلام، أبو القاسم، إسماعيل بن محمد ابن الفضل التيمي الأصبهاني الملقب بقوام السنة، مصنف الترغيب والترهيب. ولد سنة سبع وخمسين وأربعمائة. سمع: أبا عمرو عبد الوهاب بن أبي عبد الله ابن منده، وعائشة بنت الحسن، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وغيرهم بأصبهان، وخلقا ببغداد وبنيسابور وسمع بمكة، وجاور سنة، وأملى وصنف وجرح وعدل. حدث عنه أبو سعد السمعاني، وأبو العلاء الهمذاني، وأبو طاهر السلفي، وأبو القاسم ابن عساكر، وأبو موسى المديني وغيرهم. قال أبو موسى المديني: أبو القاسم إسماعيل الحافظ، إمام أئمة وقته وأستاذ علماء عصره، وقدوة أهل السنة في زمانه، وكان أبوه صالحا ورعا، وأمه كانت من ذرية طلحة بن عبيد الله التيمي، أحد العشرة رضي الله عنهم. وقال أيضا: ولا أعلم أحدا عاب عليه قولا ولا فعلا، ولا عانده أحد إلا نصره الله. وكان نزه النفس عن المطامع، لا يدخل على السلاطين، ولا على من اتصل بهم، قد
(1)(12/ 229).
(2)
السير (20/ 80 - 88) والأنساب (3/ 368 - 369) والمنتظم (18/ 10) والكامل في التاريخ (11/ 80) وتذكرة الحفاظ (4/ 1277 - 1282) والوافي بالوفيات (9/ 211) والبداية والنهاية (12/ 233) وشذرات الذهب (4/ 105 - 106).