الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موقفه من القدرية:
له من الآثار السلفية:
1 -
'السنة' ذكره ابن القيم في اجتماع الجيوش ونقل منه ما يتعلق بموضعه.
2 -
'الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار'، وقد طبع في ثلاث مجلدات.
وسبب تأليفه أن العمراني ألف رسالة بين فيها عقيدة أهل السنة فجعلها نصيحة للمسلمين وتحذيرا لهم مما أظهره القاضي جعفر بن أحمد بن عبد السلام الزيدي من الاعتزال والكلام في القدر، فحرر هذا الأخير ردا على العمراني سماه الدامغ للباطل من مذهب الحنابل، فألف العمراني كتابه هذا ردا عليه وعلى الطوائف المبتدعة المخالفة لمعتقد أهل السنة. وضمنه فصولا جيدة ننقل منها أمثلة:
- قال: ولم يزل العلماء يردون على القدرية أقوالهم ويبطلون استدلالهم ويكشفون تلبيسهم ويظهرون تدليسهم، وبذلك أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:«يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين» . (1) ولا تزول الشبه عن قلوب العامة إلا من حيث دخلت وقد كان صلى الله عليه وسلم يزيل الشبه من حيث علم دخولها. (2)
(1) أخرجه البزار (1/ 86/143 كشف الأستار)، وابن عبد البر في التمهيد (1/ 59) عن أبي قبيل عن عبد الله بن عمرو وأبي هريرة مرفوعا. وأخرجه العقيلي في الضفعاء (4/ 256) وابن عدي في الكامل (1/ 146) وابن عبد البر في التمهيد (1/ 58 - 59) والخطيب في شرف أصحاب الحديث (ص.29) والبيهقي (10/ 209) عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري مرسلا. قال القسطلاني في إرشاد الساري (1/ 13):"وهذا الحديث رواه من الصحابة علي وابن عمر وابن عمرو وابن مسعود وابن عباس وجابر بن سمرة ومعاذ وأبو هريرة رضي الله عنهم، وأورده ابن عدي من طرق كثيرة كلها ضعيفة كما صرح به الدارقطني وأبو نعيم وابن عبد البر لكن يمكن أن يتقوى بتعدد طرقه ويكون حسنا كما جزم به ابن كيكلدى العلائي".
(2)
الانتصار (1/ 94).
- وقال: وقد أدخلت المعتزلة، والقدرية على الإسلام وأهله شبها في الدين ليموهوا بها على العوام، ومن لا خبرة له بأصولهم التي بنوا عليها أقوالهم، فاتبعوا متشابه القرآن وأولوا القرآن على خلاف ما نقل عن الصحابة والتابعين المشهورين بالتفسير، لينفقوا بذلك أقوالهم، فهم أشد الفرق ضررا على أصحاب الحديث، ثم بعدهم الأشعرية. لأنهم أظهروا الرد على المعتزلة وهم قائلون بقولهم.
فاستخرت الله سبحانه على كشف تلبيسهم، وإظهار تدليسهم بهذا الكتاب، وجعلته فصولا كل فصل فيه يشتمل على ذكر فائدة منفردة ليقرب على قارئه أخذ الفائدة منه، وقدمت ذكر مذاهب أصحاب الحديث جملة، ثم الأصول التي بنى أصحاب الحديث أقوالهم عليها، وبينت انسلاخ القدرية منها. (1)
وقال: فالمعتزلة والقدرية عن سنن النبي صلى الله عليه وسلم بمعزل لوجوه:
أحدها: أنهم يطعنون على الصحابة رضي الله عنهم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وينسبونهم إلى الظلم لعلي رضي الله عنه، وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم جميعا والأخذ عنهم.
والثاني: أنهم يطعنون على أصحاب الحديث بعدهم، وقد صرح هذا الرجل المعترض بدامغه هذا، فقال: أصحاب الحديث حمال أسفار أو أسمار. وهم الواسطة بيننا وبين نبينا ولم يتصل إلينا القرآن الذي هو أصل السنة إلا منهم.
والثالث: أن السنة فرع للقرآن، لأن نبوة النبي صلى الله عليه وسلم إنما ثبتت بثبوت
(1) الانتصار (1/ 95 - 96).
معجزته ولا معجزة له فينا باقية إلى يوم القيامة إلا القرآن الذي هو كلام الله القديم. وإذا كان القرآن عند القدرية مخلوقا كسائر كلامهم لم يثبت فرعه، وهو السنة.
والرابع: أن المعروف منهم اجتناب النقل والرواية عن المشهورين بالنقل، ولا عندهم كتب فيها سند صحيح كنحو الكتب المشهورة في الأمصار كالبخاري ومسلم والترمذي، وسنن أبي داود وغير ذلك من التصانيف التي أجمع أئمة الأمصار على روايتها والاحتجاج بها، وإنما عندهم خطب وكتب مزخرفة ينسبونها إلى أهل البيت وهم عنها برآء، كما اشتهر عنهم من القول بخلافها، ومعتمدهم كلام المتكلمين في الأعراض والجواهر والأجسام.
والوجه الخامس: أن القدرية إذا روي لهم خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم عارضوه بخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله وعلى عقولكم؛ فإن وافق ذلك وإلا فارموا به» . (1)
وهذا الخبر ليس بصحيح؛ لأنا لو عرضناه على كتاب الله لم نجد ما يوافقه، ولو عرضنا الأخبار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في مواقيت الصلاة وأعداد الركعات وغير ذلك من الأحكام التي نقلت عن النبي صلى الله عليه وسلم نقلا متواترا وأجمع
(1) لم أجده بلفظ: «وعلى عقولكم» وأخرجه بدون هذه الزيادة: الطبراني في الكبير (12/ 316/13224) من طريق أبي حاضر عن الوضين عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره بنحوه. وذكره الهيثمي في المجمع (1/ 175) وقال بعد عزوه للطبراني: "وفيه أبو حاضر عبد الملك بن عبد ربه وهو منكر الحديث". وتعقب الشيخ الألباني الهيثمي في قوله هذا بأن أبا حاضر هذا ليس هو عبد الملك بن عبد ربه. وأبو حاضر هذا عداده في المجهولين ذكر ذلك ابن عبد البر في الاستغناء (ترجمة 1548) وكذا الذهبي في الميزان وابن حجر في اللسان. والحديث أعله الشيخ الألباني في الضعيفة (1088) بأربع علل. وفي الباب عن أبي هريرة وعلي بن أبي طالب وغيرهما.
العلماء عليها على كتاب الله أو على العقل لم نجد ما يوافقها، فعلم بذلك أن هذا الخبر لا أصل له، وإنما دعاهم إلى ذلك عجزهم عن ضبط الأحاديث. (1)
وقال: ومما خالفت به القدرية والمعتزلة الكتاب والسنة وأهل الحديث وركبت العناد فيه أن قالوا: ليس لله حياة ولا علم ولا إرادة ولا قوة ولا سمع ولا بصر ولا كلام وردوا ما جاء به القرآن من إثبات الوجه واليدين لله.
قال هذا الرجل (2) بخطبة دامغه المنقلب عليه: استغنى الله بذاته عن كل مجهول من الأشياء ومعروف لا يحتاج في الاتصاف بأوصاف الكمال والاستحقاق لا سيما العزة والجلال.
وهذا متابعة منه لأسلافه من المعتزلة في نفي هذه الصفات عن الله، ونسب أهل السنة لما وصفوه بذلك إلى الكذب.
واستدل على قوله هذا بأن قال: كأنهم لم يسمعوا الله يقول وهو أصدق القائلين: {هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (68)} (3).
ودليلنا على إثبات هذه الصفات لله تعالى قوله تعالى: {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ} (4). وقوله تعالى: {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ
(1) الانتصار (1/ 109 - 113).
(2)
يقصد القاضي جعفر بن أحمد بن عبد السلام في كتابه: 'الدامغ للباطل من مذاهب الحنابل'.
(3)
يونس الآية (68).
(4)
فاطر الآية (11).
بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غائبين (7)} (1). وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)} (2). والقوة القدرة (3) وقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَن اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} (4)، وقوله تعالى:{أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} (5). والدليل على إثبات الكلام له قوله تعالى: {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} (6)، وقوله:{يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} (7). وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من ينصرني حتى أبلغ كلام ربي» (8). والدليل على إثبات السمع والبصر ما أخبر الله عن إبراهيم أنه قال: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ} (9). ولو كان إله إبراهيم لا يسمع ولا يبصر لكان دليله منقلبا عليه. وقال النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه: «يا من وسع سمعه الأصوات» . (10)
(1) الأعراف الآية (7).
(2)
الذاريات الآية (58).
(3)
بل القوة صفة من صفات الله تعالى الثابتة له من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل.
(4)
فصلت الآية (15).
(5)
البقرة الآية (165).
(6)
التوبة الآية (6).
(7)
الفتح الآية (15).
(8)
أحمد (3/ 322) وأبو داود (5/ 103/4734) والترمذي (5/ 168/2925) والنسائي في الكبرى (4/ 411/7727) وابن ماجه (1/ 73/201) وصححه ابن حبان (14/ 172 - 174/ 6274) كلهم من حديث جابر.
(9)
مريم الآية (42).
(10)
لم أعثر عليه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ثبت من قول عائشة رضي الله عنها في قصة المجادلة بلفظ: الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات .. أخرجه: أحمد (6/ 46) والبخاري تعليقا (13/ 460) والنسائي (6/ 480/3460) وابن ماجه (1/ 67/188) والحاكم (2/ 481) وصححه ووافقه الذهبي. وقال الحافظ في تغليق التعليق (5/ 339): "هذا حديث صحيح".
والدليل على إثبات الحياة قوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (1)، فوصف الله سبحانه نفسه بأنه يسمع ويبصر ويتكلم وأنه حي، وحقيقة الموصوف بصفة ثبوت الصفة له، وليس بين الموصوف بهذه الصفات وبين الموصوف بضدها وهي: الموت والعجز والجهل والعمى والصمم والخرس فرق إلا ثبوت هذه الصفات وعدمها، كما أنه موصوف بالوجود لئلا يكون موصوفا بضده وهو العدم، وأما إثبات الوجه واليدين فإنه إثبات صفة لا إثبات جارحة له كما أثبتته المجسمة.
ولا نفسر ذلك كما فسرته الأشعرية، ولا ننفي ذلك كما نفته القدرية. والدليل على ذلك قوله تعالى:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} (2). وقوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)} (3). وقال الله لإبليس: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (4)، وأراد الله بذلك إظهار الفضيلة لآدم على إبليس. (5)
(1) البقرة الآية (255).
(2)
القصص الآية (88).
(3)
الرحمن الآية (27).
(4)
ص الآية (75).
(5)
الانتصار (1/ 134 - 136).