الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلما رآه ابن الحطيئة وضع يده على فؤاده، وصرخ صرخة ملأت المسجد، وقال: واحراها على كبدي، أتشرب في مجلس يقرأ فيه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آنية الفضة؟. لا والله لا تفعل، وطرد الغلام، فخرج، وطلب الشيخ كوزا، فجيء بكوز قد تثلم، فشرب، واستحيى من الشيخ، فرأيته والله كما قال الله:{يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ} (1).اهـ (2)
- وفيها: وذكرنا في طبقات القراء أن الناس بقوا بمصر ثلاثة أشهر بلا قاض في سنة ثلاث وثلاثين، فوقع اختيار الدولة على الشيخ أبي العباس، فاشترط عليهم شروطا صعبة، منها أنه لا يقضي بمذهبهم -يعني الرفض، فلم يجيبوا إلا أن يقضي على مذهب الإمامية. (3)
عبد القادر الجيلي (561 ه
ـ)
موقفه من الجهمية:
هذا الرجل كان من الحنابلة المشهورين، لكنه تأثر بالفكر الصوفي المنحرف فخرج عن تمسكه بالسنة إلى الابتداع في دين الله، وذكر كلاما في كتابه 'الغنية' يشمئز منه السلفي، ومن كذّب فليرجع إلى الكتاب فهو مطبوع مبذول. وقد انتشر صيته في البلاد الإسلامية، وأصبحت له طريقة تلقن باسم الصوفية ولأصحابها مميزات وأوراد وأحزاب وأحوال، الله أعلم
(1) إبراهيم الآية (17).
(2)
السير (20/ 346).
(3)
السير (20/ 347).
بصحتها عن الشيخ الجيلي. ووقع فيه غلو من قبل الأتباع، من سمعه ترتعد فرائصه من الفزع.
جاء في ذيل طبقات الحنابلة: ولكن قد جمع المقرئ أبو الحسن الشطنوفي المصري في أخبار الشيخ عبد القادر ومناقبه ثلاث مجلدات وكتب فيها الطم والرم وكفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع.
وقد رأيت بعض هذا الكتاب، ولا يطيب على قلبي أن أعتمد على شيء مما فيه، فأنقل منه إلا ما كان مشهورا معروفا من غير هذا الكتاب، وذلك لكثرة ما فيه من الروايات عن المجهولين وفيه من الشطح والطامات والدعاوى والكلام الباطل ما لا يحصى ولا يليق نسبة مثل ذلك إلى الشيخ عبد القادر رحمه الله. ثم وجدت الكمال جعفر الأدفوي قد ذكر: أن الشطنوفي نفسه كان متهما في ما يحكيه من هذا الكتاب بعينه. (1)
وأما عقيدته في الأسماء والصفات فهو سلفي، وقد ذكر عقيدته في كتاب الغنية.
- جاء في ذيل طبقات الحنابلة: وكان متمسكا في مسائل الصفات والقدر ونحوهما بالسنة، بالغا في الرد على من خالفها، قال في كتابه الغنية المشهور: وهو بجهة العلو مستو على العرش محتو على الملك محيط علمه بالأشياء {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (2). {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ
(1) ذيل الطبقات (1/ 293).
(2)
فاطر الآية (10).
السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5)} (1). ولا يجوز وصفه بأنه في كل مكان بل يقال: إنه في السماء على العرش كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} (2). وذكر آيات وأحاديث إلى أن قال: وينبغي إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل، وأنه استواء الذات على العرش. (3)
- قال الذهبي في السير: قال شيخنا الحافظ أبو الحسين علي بن محمد: سمعت الشيخ عبد العزيز بن عبد السلام الفقيه الشافعي يقول: ما نقلت إلينا كرامات أحد بالتواتر إلا الشيخ عبد القادر، فقيل له: هذا مع اعتقاده، فكيف هذا؟ فقال: لازم المذهب ليس بمذهب.
قلت -أي الذهبي-: يشير إلى إثباته صفة العلو ونحو ذلك، ومذهب الحنابلة في ذلك معلوم، يمشون خلف ما ثبت عن إمامهم رحمه الله إلا من يشذ منهم، وتوسع في العبارة. (4)
ابن الكِيزَانِي (5)(562 هـ)
الإمام المقرئ، الزاهد الأثري، أبو عبد الله، محمد بن إبراهيم بن ثابت
(1) السجدة الآية (5).
(2)
طه الآية (5).
(3)
ذيل الطبقات (1/ 296).
(4)
السير (20/ 443).
(5)
السير (20/ 454) ووفيات الأعيان (4/ 461 - 462) والوافي بالوفيات (1/ 347) والنجوم الزاهرة (5/ 367 - 368).