المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌موقفه من الرافضة: - موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية - جـ ٧

[المغراوي]

فهرس الكتاب

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من المشركين:

- ‌ موقفه من الرافضة:

- ‌ موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌ موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقف السلف من أسعد بن أبي روح الرافضي (قبل 520 ه

- ‌ موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقف السلف من المهدي بن تومرت (524 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من أبي مسعود عبد الجليل بن محمد كوتاه الجهمي (553 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من علي بن المهدي الخارجي (554 ه

- ‌موقف السلف من وزير مصر الملك أبي الغارات الرافضي (556 ه

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌عبد القادر الجيلي (561 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من العاضد لدين الله العبيدي الرافضي (567 ه

- ‌موقفه من المشركين والرافضة:

- ‌موقف السلف من الحسن بن ضافي الرتكي الرافضي (569 ه

- ‌موقف السلف من المعبد لغير الله: عبد النبي الزنديق (569 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقف السلف من صدقة بن حسين (575 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية والقدرية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقف السلف من السهروردي شهاب الدين يحيى بن حبش الفيلسوف (586 ه

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقف السلف من سنان بن سليمان الباطني (589 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقف السلف من ابن رشد الحفيد (595 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة والجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌السهروردي (630 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌الآمدي (631 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌أبو الخطاب ابن دحية (633 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من ابن عربي الحاتمي (638 ه

- ‌موقف السلف من الرفيع الفيلسوف الدهري (642 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من كتب الفلسفة والمنطق:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقف بدر الدين صاحب الموصل من ابن عدي الضال الصوفي (644 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من الحريري علي بن أبي الحسن (645 ه

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من الخونجي محمد بن ناماور (649 ه

- ‌موقف السلف من سبط ابن الجوزي يوسف بن قزغلي وتلبسه بالرفض (654 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من ابن أبي الحديد أبي حامد عبد الحميد بن عبد الله (655 ه

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقف السلف من الوزير ابن العلقمي الرافضي (656 ه

- ‌موقف السلف من يوسف القميني (657 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفها من الصوفية:

- ‌موقف السلف من محمد بن الحسن الزنديق (717 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين والصوفية:

- ‌موقف السلف من الزنادقة (726 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

الفصل: ‌موقفه من الرافضة:

عبد الله القرطبي -صاحب التفسير- كان من عباد الله الصالحين، والعلماء العارفين الورعين الزاهدين في الدنيا، المشغولين بما يعينهم من أمور الآخرة، أوقاته معمورة ما بين توجه وعبادة وتصنيف. سمع من ابن رواج، ومن ابن الجميزي، والشيخ أبي العباس أحمد بن عمر القرطبي شارح مسلم ولم يتمه. وروى عنه ولده شهاب الدين أحمد.

قال الذهبي: إمام متقن متبحر في العلم، له تصانيف مفيدة تدل على إمامته، وكثرة اطلاعه ووفور فضله. وكان القرطبي رحمه الله أشعري العقيدة في باب الأسماء والصفات، وعمدته في ذلك كبار الأشاعرة كالجويني وابن الباقلاني والرازي وغيرهم.

من مؤلفاته: الجامع لأحكام القرآن، الكتاب الأسنى في أسماء الله الحسنى، التذكار في أفضل الأذكار، والتذكرة بأمور الآخرة وغيرها. توفي في شوال من سنة إحدى وسبعين وستمائة.

‌موقفه من الرافضة:

جاء في الجامع لأحكام القرآن: الثامنة: اعلم أن هذا العدد مثنى وثلاث ورباع لا يدل على إباحة تسع كما قاله مَن بَعُد فهمه للكتاب والسنة، وأعرض عما كان عليه سلف هذه الأمة، وزعم أن الواو جامعة، وعضد ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم نكح تسعا، وجمع بينهن في عصمته. والذي صار إلى هذه الجهالة، وقال هذه المقالة: الرافضة وبعض أهل الظاهر، فجعلوا مثنى مثل اثنين، وكذلك ثلاث ورباع.

وذهب بعض أهل الظاهر أيضا إلى أقبح منها، فقالوا بإباحة الجمع بين

ص: 397

ثمان عشرة، تمسكا منه بأن العدل في تلك الصيغ يفيد التكرار، والواو للجمع، فجعل مثنى بمعنى اثنين اثنين وكذلك ثلاث ورباع. وهذا كله جهل باللسان والسنة، ومخالفة لإجماع الأمة، إذ لم يسمع عن أحد من الصحابة ولا التابعين أنه جمع في عصمته أكثر من أربع. وأخرج مالك في موطئه، والنسائي والدارقطني في سننهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لغيلان بن سلمة (1) الثقفي وقد أسلم وتحته عشر نسوة:«اختر منهن أربعا وفارق سائرهن» (2). في كتاب أبي داود عن الحارث بن قيس قال: أسلمت وعندي ثمان نسوة، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:«اختر منهن أربعا» (3). (4)

وقال في شرح قوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} الآية (5) من سورة الفتح: الخامسة: روى أبو عروة الزبيريّ من ولد الزبير: كنا عند مالك بن أنس، فذكروا رجلاً ينتقص من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأ مالك هذه الآية:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} حتى بلغ {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} (6). فقال مالك: من أصبح من الناس في قلبه غيظ على

(1) في الاصل: بن أمية والصواب ما أثبتناه.

(2)

مالك (2/ 586/76) عن ابن شهاب مرسلا. ووصله أحمد (2/ 13،14) والترمذي (3/ 435/1128) وابن ماجه (1/ 628/1953)، وعزاه الحافظ في التلخيص للنسائي (3/ 169)، وصححه ابن حبان (9/ 465 - 466/ 4157).

(3)

أبو داود (2/ 677/2241) وابن ماجه (1/ 628/1952) وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله بمجموع طرقه. انظر الإرواء (6/ 295 - 296).

(4)

الجامع لأحكام القرآن (5/ 13).

(5)

رقم (29).

(6)

الفتح الآية (29).

ص: 398

أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أصابته هذه الآية؛ ذكره الخطيب أبو بكر.

قلت: لقد أحسن مالك في مقالته وأصاب في تأويله. فمن نقص واحداً منهم أو طعن عليه في روايته فقد ردّ على الله رب العالمين، وأبطل شرائع المسلمين؛ قال الله تعالى:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} (1) الآية. وقال: {* لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} (2) إلى غير ذلك من الآي التي تضمنت الثناء عليهم، والشهادة لهم بالصدق والفلاح؛ قال الله تعالى:{رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} (3). وقال: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} إلى قوله: {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8)} (4)، ثم قال عزّ من قائل:{وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} إلى قوله: {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)} (5). وهذا كله مع علمه تبارك وتعالى بحالهم ومآل أمرهم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(1) الفتح الآية (29).

(2)

الفتح الآية (18).

(3)

الأحزاب الآية (23).

(4)

الحشر الآية (8).

(5)

الحشر الآية (9).

ص: 399

«خير الناس قرني ثم الذين يلونهم» وقال: «لا تسبّوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً لم يدرك مُدَّ أحدهم ولا نَصيفه» . قال أبو عبيد: معناه لم يدرك مدّ أحدهم إذا تصدق به ولا نصف المد؛ فالنصيف هو النصف هنا. وكذلك يقال للعُشْرِ عَشِير، وللخُمس خَميس، وللتسع تَسيع، وللثّمن ثَمين، وللسّبع سَبيع، وللسّدس سَدِيس، وللرّبع رَبيع، ولم تقل العرب للثّلث ثليث

والأحاديث بهذا المعنى كثيرة؛ فحذارِ من الوقوع في أحد منهم، كما فعل مَن طعن في الدين فقال: إن المُعوِّذتين ليستا من القرآن، وما صحّ حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تثبيتهما ودخولهما في جملة التنزيل إلا عن عقبة بن عامر، وعقبة بن عامر ضعيف لم يوافقه غيره عليها، فروايته مطّرحة. وهذا ردّ لما ذكرناه من الكتاب والسنة، وإبطالٌ لما نقلته لنا الصحابة من الملة. فإن عقبة بن عامر بن عيسى الجُهَني ممن روى لنا الشريعة في الصحيحين البخاري ومسلم وغيرهما، فهو ممن مدحهم الله ووصفهم وأثنى عليهم ووعدهم مغفرة وأجراً عظيماً. فمن نسبه أو واحداً من الصحابة إلى كذب فهو خارج عن الشريعة، مبطل للقرآن طاعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومتى ألحِق واحد منهم تكذيباً فقد سُبّ؛ لأنه لا عار ولا عيب بعد الكفر بالله أعظمُ من الكذب، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من سبّ أصحابه؛ فالمكذّب لأصغرهم -ولا صغير فيهم- داخل في لعنة الله التي شهد بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وألزمها كلَّ مَن سبّ واحداً من أصحابه أو طعن عليه.

وعن عمر بن حبيب قال: حضرت مجلس هارون الرشيد فجرت مسألة تنازعها الحضور وعَلَت أصواتهم، فاحتج

ص: 400

بعضهم بحديث يرويه أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فرفع بعضهم الحديث وزادت المدافعة والخصام حتى قال قائلون منهم: لا يُقبل هذا الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن أبا هريرة مُتَّهم فيما يرويه، وصرّحوا بتكذيبه، ورأيت الرشيد قد نحا نحوهم ونصر قولهم فقلت أنا: الحديث صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو هريرة صحيح النقل صدوق فيما يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره؛ فنظر إليّ الرشيد نظر مُغْضِب، وقمت من المجلس فانصرفت إلى منزلي، فلم ألبث حتى قيل: صاحب البريد بالباب؛ فدخل فقال لي: أجب أمير المؤمنين إجابة مقتول، وتحنّط وتكفّن فقلت: اللهم إنك تعلم أني دفعت عن صاحب نبيّك، وأجللت نبيّك أن يطعن على أصحابه، فسَلِّمْني منه. فأدخلت على الرشيد وهو جالس على كرسيّ من ذهب، حاسر عن ذراعيه، بيده السيف وبين يديه النِّطْع؛ فلما بَصُرَ بي قال لي: يا عمر بن حبيب ما تلقّاني أحد من الرد والدفع لقولي بمثل ما تلقيتني به؛ فقلت: يا أمير المؤمنين؛ إن الذي قلته وجادلت عنه فيه ازدراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى ما جاء به؛ إذا كان أصحابه كذابين فالشريعة باطلة، والفرائض والأحكام في الصيام والصلاة والطلاق والنكاح والحدود كلّه مردود غير مقبول؛ فرجع إلى نفسه ثم قال: أحييتني يا عمر بن حبيب أحياك الله! وأمر لي بعشرة آلاف درهم.

قلت: فالصحابة كلهم عدول، أولياء الله تعالى وأصفياؤه، وخِيرته من خلقه بعد أنبيائه ورسله. هذا مذهب أهل السنة، والذي عليه الجماعة من أئمة هذه الأمة. وقد ذهبت شرذمة لا مبالاة بهم إلى أن حال الصحابة كحال غيرهم؛ فيلزم البحث عن عدالتهم. ومنهم من فرق بين حالهم في

ص: 401

بُداءة الأمر فقال: إنهم كانوا على العدالة إذ ذاك؛ ثم تغيّرت بهم الأحوال فظهرت فيهم الحروب وسفك الدماء؛ فلا بدّ من البحث. وهذا مردود؛ فإن خيار الصحابة وفضلاءهم كعليّ وطلحة والزبير وغيرهم رضي الله عنهم ممن أثنى الله عليهم وزكّاهم ورضي عنهم وأرضاهم ووعدهم الجنة بقوله تعالى: {مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)} (1). وخاصة العشرة المقطوع لهم بالجنة بإخبار الرسول هم القُدوة مع علمهم بكثير من الفتن والأمور الجارية عليهم بعد نبيّهم بإخباره لهم بذلك. وذلك غير مسقط من مرتبتهم وفضلهم؛ إذ كانت تلك الأمور مبنية على الاجتهاد، وكل مجتهد مصيب. وسيأتي الكلام في تلك الأمور في سورة الحجرات مبيّنة إن شاء الله تعالى.

علي بن وضاح الشهراياني (2)(672 هـ)

كمال الدين أبو الحسن بن أبي بكر علي بن محمد بن محمد بن أبي سعيد بن وضاح الشهراياني، نزيل بغداد، الفقيه الحنبلي. ولد في رجب سنة إحدى وتسعين وخمسمائة بشهرايان. سمع الصحيحين وغيرهما من عدة شيوخ، وسمع منه ابن حصين الفخري، والحافظ الدمياطي، وأبو الحسن البندنيجي، وإبراهيم الجعبري المقرئ، وخلق كثير.

قال ابن رجب: عني بالحديث، وقرأ بنفسه، وكتب بخطه الحسن، وسمع الكتب الكبار، واشتغل بالعلم ببغداد، وتفقه وبرع في العربية، وشارك

(1) الفتح الآية (29).

(2)

شذرات الذهب (5/ 336) وذيل طبقات الحنابلة (2/ 282).

ص: 402