المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ موقفه من الصوفية: - موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية - جـ ٧

[المغراوي]

فهرس الكتاب

- ‌ موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من المشركين:

- ‌ موقفه من الرافضة:

- ‌ موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌ موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقف السلف من أسعد بن أبي روح الرافضي (قبل 520 ه

- ‌ موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقف السلف من المهدي بن تومرت (524 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من أبي مسعود عبد الجليل بن محمد كوتاه الجهمي (553 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من علي بن المهدي الخارجي (554 ه

- ‌موقف السلف من وزير مصر الملك أبي الغارات الرافضي (556 ه

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌عبد القادر الجيلي (561 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من العاضد لدين الله العبيدي الرافضي (567 ه

- ‌موقفه من المشركين والرافضة:

- ‌موقف السلف من الحسن بن ضافي الرتكي الرافضي (569 ه

- ‌موقف السلف من المعبد لغير الله: عبد النبي الزنديق (569 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقف السلف من صدقة بن حسين (575 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية والقدرية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقف السلف من السهروردي شهاب الدين يحيى بن حبش الفيلسوف (586 ه

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقف السلف من سنان بن سليمان الباطني (589 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقف السلف من ابن رشد الحفيد (595 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة والجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌السهروردي (630 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌الآمدي (631 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌أبو الخطاب ابن دحية (633 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من ابن عربي الحاتمي (638 ه

- ‌موقف السلف من الرفيع الفيلسوف الدهري (642 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من كتب الفلسفة والمنطق:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقف بدر الدين صاحب الموصل من ابن عدي الضال الصوفي (644 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من الحريري علي بن أبي الحسن (645 ه

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من الخونجي محمد بن ناماور (649 ه

- ‌موقف السلف من سبط ابن الجوزي يوسف بن قزغلي وتلبسه بالرفض (654 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من ابن أبي الحديد أبي حامد عبد الحميد بن عبد الله (655 ه

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌ موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقف السلف من الوزير ابن العلقمي الرافضي (656 ه

- ‌موقف السلف من يوسف القميني (657 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفها من الصوفية:

- ‌موقف السلف من محمد بن الحسن الزنديق (717 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين والصوفية:

- ‌موقف السلف من الزنادقة (726 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

الفصل: ‌ موقفه من الصوفية:

الشِّعْرَ} (1).

ورابعها: أنه يؤدي إلى إبهام معانيه، وإعجامها على سامعيه، فقد سمعنا التلحين له ولم نعرف ما يقولون إلا بعد أن سمعنا كلمة أو كلمتين من القرآن، فعرفنا أن الذي يغنونه قرآن وحاشى المجيز للقراءة بالألحان من الفقهاء أن يجيز تلك القراءة الشنعاء، ولو سمع عمر بن الخطاب تلك القراءة مرة لعلا دماغ قارئها بالدرة، فقد ثبت بتلك المسائل ما ذهب إليه مالك. (2)

•‌

‌ موقفه من الصوفية:

- لقد أفرد الشيخ رحمه الله كتاب 'كشف القناع عن حكم الوجد والسماع' في الرد على هذه الطائفة فقال في خطبته:

فاعلم وفقنا الله وإياك، إن شياطين الإنس والجان، من الزنادقة والبطالين المجان، لم يزالوا يعادون أهل الأديان على مرّ الحقب، وتوالي الأزمان، من غير فتور ولا توان، يلقون الشبه على العلماء، ويستذلون أغمار الضعفاء، فأما العلماء فلا يزالون كاشفين عن تمويههم، ومظهرين تلبيس تضليلهم، فكلما هبت رياح الباطل أسكنها زعازع الدلائل، كل ذلك وفاء بمضمون {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (181)} (3).

وأما الضعفاء، فقد تم للشياطين والزنادقة عليهم مرامهم، وأصمتهم سهامهم، وجرت عليهم أحكامهم، فهم يسلكون بهم أيه سلكوا، ويهلكونهم

(1) يس الآية (69).

(2)

كشف القناع (ص.118 - 120).

(3)

الأعراف الآية (181).

ص: 363

فيمن أهلكوا، حتى وسموهم وهم لا يشعرون بسمة الرعاع الغثر الذين لا يعقلون، فلما تمت عليهم حيل مكرهم، وحصلوا في قبضتهم، وأسرهم، وضحكوا منهم، وسخروا بهم، حتى انتهى الحال بطائفة من المنتمين إلى الخير، والعبادة، والزهد، والإرادة، إلى أن اعتقدوا أن الرقص بالأكمام، والاهتزاز بالأردان، على صلاصل الطارات، وتقطيع المزامير والشبابات، بأرق الأصوات والتلحينات، من أفضل العبادات، وأجلّ القربات، وزعموا أن ذلك يحصل لهم من المشاهدات السنية، والأذواق الحالية، والمكاشفات الإلهية، ما لا يصفه واصف، ولا يدرك كنهه إلا عارف، فجعلوا ذلك شعارهم، ودثارهم، وقطعوا في ذلك ليلهم ونهارهم، واكتفوا بذلك عن المجاهدات والأوراد، بل قالوا: قد وصلنا إلى المطلوب، وظفرنا بالمراد، وسموا ذلك بالسماع، وأتوا في ذلك بما تنفر عنه العقول، وتمجه الأسماع، وهذه كلها نتائج الجهل الصميم، والفهم السقيم، والطبع غير المستقيم، الجانح عن الخيرات والعبادات، الجانح إلى اللهو والشهوات، مع تزيين الشياطين المطيعة وتسويل النفوس المردية، وحيل الزنادقة المضنية، والعصمة من الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. (1)

- وقال في السماع عند الصوفية: فأما الصوفية: فمتقدموهم كانوا يطلقون السماع على فهم يقع لأحدهم بغتة، يكون عنده وجد وغيبة، سواء كان ذلك في نظم أو نثر أو غيرهما، على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى-. وأما عند الملقبين اليوم بالصوفية في هذه الديار، فهو عبارة عن مجموع أمور

(1) كشف القناع عن حكم الوجد والسماع (ص.40 - 42).

ص: 364

جديرة بالإنكار وذلك أنهم يستدعون المعروفين بصنعة الغناء، وإن كانوا مشتهرين بالمفاسد والفحشاء ومعهم آلات اللهو المعروفة عند أهل البطالة والمجون واللغو، كالمزامير، والشبابات، والصلاصل والطارات، حتى إذا غصت المجالس بسكانها وأحضرت الأطعمة والحلاوات بألوانها، فأكلوا ملء بطونهم حتى لا يجدوا مساغاً لنفسهم ولا لمغنيهم، قد شغلهم استلذاذ تلك المآكل والنهم الذي هو أشغل شاغل عن اتقاء الحرام وخبث المواكل، فاندفع المغنون بتلك الأصوات والنغمات، وحركوا على مطابقته تلك المزامير والآلات، فحينئذٍ يذهب الحياء والوقار، ويختلط الشيوخ بالصغار، ويقوم الحاضرون على قدم، ويطربون طرب من شرب بنت الكرم، مع بنات الكرم فمنهم المشير بالأكمام والمتحرك بالأردان، والراقص رقص المجان، ومنهم من يكون له زعيق وزئير، و {إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)} (1)، لاسيما إن كان هناك شاهد، فكلهم له ساجد، وعليه متواجد ولحظ النفس الشهوانية واجد، ولتقوى الله والحياء منه فاقد، فيا للإسلام لهذا الداء العقام، كيف يرتاب أحد من عقلاء الأنام في أن مجموع هذا السماع حرام، وأن حضوره من الذنوب العظام، وإن هؤلاء على القطع والبت، كما قال الله تعالى:{سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} (2) لكن من غلبت عليه الأهواء، ركب عميا، وخبط خبط عشواء، ومن منع الأسماع والأبصار،

(1) لقمان الآية (19).

(2)

المائدة الآية (42).

ص: 365

استوى في حقه الليل والنهار، نسأل الله تعالى الوقاية من الخذلان، وكفاية أحوال المبتدعين المجان.

تنبيه: لا يخفى أن هذا السماع الذي وصفناه بجملته لا يختلف في تحريمه وفحشه، لكنا نشرع -إن شاء الله- في بيان أحكام أفراد مسائله على التفصيل، ونذكرها مسألة مسألة، فنبين منها الصحيح من السقيم، والمعوج من المستقيم، والزلال من الآل، والحرام من الحلال، فإنه قد يخالف حكم الجملة حكم الأفراد، ومن الله المعونة والإمداد، والتوفيق إلى الحق والإرشاد. (1)

- وقال: إن الغناء على الصفة التي ذكرناها، يجر إلى ما يجر إليه الخمر من المفاسد فيكون حراماً كالخمر، وإنما قلنا ذلك، لأنه يذهب الحياء والوقار، ويخل بالعقول والفعال وكل ذلك مشاهد لمن يحضره، وذلك أنك ترى الرجل الكبير القدر العظيم المنصب على سمة العقلاء، ووقار الفضلاء وأبهة أهل الدين، وسيماء المتقين، حتى إذا حضره ولابس أهله، زال حياؤه ووقاره، وبدأ تغيره واصفراره، فيبعث بيديه ويجبذ صاحبه ويجره إليه، ويضرب برجليه، ويهز منكبيه، حتى إذا أخذ السماع منه مأخذه وخالطه وأشربه، قام فرقص رقص المجان، وتعاطى حركات المخانيث والنسوان، وربما يصعق ويصيح ويغط، ولا غطيط الذبيح، ويتغشاه غشاوات حتى يظن أنه قد مات، وقد لا يرجع إلى عقله إلا بعد أوقات، وربما ضيع واجبات، أو فرط في صلوات، حتى إذا أفاق من غشيته، وصحا من سكرته، وعاد إلى حياته وهيئته، وذكر له ما كان منه في تلك الحال خجل من ذلك، ولا خجلة من

(1) كشف القناع عن حكم الوجد والسماع (ص.44 - 46).

ص: 366

قبيح الفعال، وهذه أفعال الخمر، فيلزم أن يحكم بتحريمه كما يحكم بتحريمها والله أعلم.

فإن أنكر منكر أن يكون الأمر كما ذكرنا فليشاهده حتى يصح له ما وصفناه وكيف ينكر ما يشهد به العيان، ويعرفه من المباشرين له كل إنسان وقد مضى على ذلك في وصاياهم الحكماء ونظمه في شعرهم الشعراء، ولذلك قال يزيد بن الوليد:(يا بني أمية إياكم والغناء فإنه يزيد في الشهوة، ويهدم المروءة، وإنه لينوب عن الخمر ويفعل كفعل المسكر، فإن كنتم لا بد فاعلين فجنبوه النساء، فإن الغناء داعية الزنا).

وعلى هذا المعنى نبه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله لأنجشة الحادي: «رويدك رفقاً بالقوارير» (1) قال الراوي يعني ضعفة النساء، مع أنه حداء ليس فيه من الطرب ما في الغناء الذي فرضنا الكلام فيه، وقد صرح بعض الشعراء بهذا المعنى فقال وغنى:

أتذكر ليلة وقد اجتمعنا

على طيب السماع إلى الصباح

ودارت بيننا كأس الأغاني

فأسكرت النفوس بغير راح

فلم ترفيهم إلا نشاوى

سروراً والسرور هناك صاح

إذا لبى أخو اللذات فيه

ينادى اللهو حي على السماح

ولم نملك سوى المهجات شيئاً

أرقناها لألحاظ ملاح (2)

(1) أخرجه: أحمد (3/ 252) والبخاري (10/ 725/6210) ومسلم (4/ 1811/2323 (70)) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

(2)

كشف القناع (ص.93 - 96).

ص: 367

- وقال في الوجد والتواجد: التواجد: استدعاء الوجد لضرب من الاختيار، وذلك أنهم إذا اجتمعوا للسماع فمنهم المتكلف حركة ظاهرة مستجلباً بذلك حضور باطنه فيميل يميناً وشمالاً، ويترنح يميناً وشمالاً ويحرك رأسه ومنكبيه، ويضرب صدره، ويصفق بيديه إلى أن يستغرقه -بزعمه- الوجد فيغيب عن الوجد بما يلوح له من المشاهد والشهود، حتى إذا أفاق من غشيته أخذ يخبر بما لاح له في مشاهدته، فمنهم من ينطق بمثل ما منعه الكليم، ومنهم من يصرح بنفس المكالمة والتكليم، ومنهم من يشير إلى {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى} (1)، ويرمز إلى {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10)} (2)، وربما صرح بعضهم بنفي التعداد وقضى بالاتحاد.

قال الشيخ رحمه الله: وهذه أفعال مليمة واجتماعات ذميمة، وأحوال صادة عن اعتقادات سقيمة، فما هي إلا أهواء دحيضة وعقول مريضة، ودعوى عريضة ويدلك على ما ذكرناه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين لهم بإحسان لم يكونوا على شيء من تلك الأساليب والطرائق، ولا اقتحموا تلك المهامه والمضايق، ولا نطقوا بتلك العبارات، ولا ارتضوا تلك الإشارات، ولا اجتمعوا لذلك، ولا حوموا على شيء مما هنالك، مع أنهم قدوة العارفين، وخيرة الله من العالمين، الفاهمون عن الله، الآخذون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين اختارهم له لحمل أمانته وبيان شريعته، فلو كان الأمر على

(1) الإسراء الآية (1).

(2)

النجم الآية (10).

ص: 368

ما اخترعه أصحاب التواجد، لكان أولئك الملأ أول سابق إليه وأول واجد، وتناطقوا بتلك العبارات، وأشاروا بتلك الإشارات، ولفشا ذلك في السابقين المتشرعين، كما فشا في المتأخرين المبتدعين، فلما لم يكن شيء من ذلك، علمنا أنه من المحدثات التي هي بدع وضلالات. (1)

- قال في الفصل الثاني في بيان سماع السلف وأحوالهم عنده: اعلم وقانا الله وإياك بدع المبتدعين، ونزغات الزائغين أن سماع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، إنما كان القرآن، فإياه يتدارسون وفيه يتفاوضون، ومعانيه يتفهمون، يستعذبونه في صلواتهم، ويأنسون به في خلواتهم، ويتمسكون به في محاولاتهم ويلجؤون إليه في جميع حالاتهم، فإذا سمعوه أنصتوا إليه كما أمروا، وإذا قرؤوه تدبروا واعتبروا، فأحلوا حلاله، وحرموا حرامه، واقتبسوا أحكامه، يتخلقون بأخلاقه، ويعملون على وفاقه، علماً منهم بأنه طريق النجاة ونيل الدرجات، وتلاوته أفضل العبادات، وأجل القربات، فإنه حبل الله المتين، والصراط المستقيم، الذي لا تزيغ به الأهواء ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق على كثرة الرد من قال به صدق ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه دعا إلى صراط مستقيم، هكذا قاله من عليه الصلاة والسلام والتسليم (2)، وكان لهم عند سماعه من الأحوال ما قاله ذو الجلال: {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ

(1) كشف القناع (ص.153 - 154).

(2)

حديث الحارث الأعور في فضل القرآن، وهو حديث ضعيف. أخرجه: الترمذي ((5/ 185 - 159) 2906) وقال: "هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه وإسناده مجهول وفي الحارث مقال". والدارمي (2/ 435).

ص: 369

إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2)} (1) وقال تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124)} (2) وقال تعالى: {تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (3)

وقال تعالى: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (4)، وقال تعالى:{وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83)} (5) وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)} (6)، وقال تعالى حكاية عن الجن: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا

(1) الأنفال الآية (2).

(2)

التوبة الآية (124).

(3)

الزمر الآية (23) ..

(4)

الرعد الآيتان (28و29).

(5)

المائدة الآية (83).

(6)

الإسراء الآيات (107 - 109).

ص: 370

فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29)} (1) الآية، وقال تعالى:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)} (2).

وفي الصحيح: أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى وقرأ سمع له أزيز كأزيز المرجل (3)، وقرأ عليه عبد الله بن مسعود سورة النساء، حتى إذا بلغ {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41)} (4) دمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: حسبك (5)، وفيه عن حذيفة أنه صلى معه ليلة فقرأ فافتتح البقرة، قال حذيفة فقلت: يركع عند المائة، فمضى فقلت عند المائتين فمضى حتى ختمها ثم افتتح بسورة النساء حتى كملها ثم افتتح سورة آل عمران فختمها يقرأ مترسلاً كلما مر بآية فيه تسبيح سبح، وإذا مر بآية فيها سؤال سأل، وإذا مر بآية فيها تعوذ تعوذ. (6)

وفي كتاب أبي داود أنه صلى الله عليه وسلم قام ليلة بقوله تعالى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ

(1) الأحقاف الآية (29).

(2)

الأعراف الآية (204).

(3)

أخرجه: أحمد (4/ 25،26) وأبو داود (1/ 557/904) والنسائي (3/ 18/1213) وصححه ابن حبان (3/ 30 - 31/ 753) والحاكم (1/ 264) ووافقه الذهبي من حديث عبد الله بن الشخير.

(4)

النساء الآية (41).

(5)

تقدم تخريجه في مواقف ابن مسعود رضي الله عنه سنة (32هـ)(في ترجمته).

(6)

أخرجه من حديث حذيفة: أحمد (5/ 384) ومسلم (1/ 536/772) والنسائي (3/ 250/1663).

وأخرجه مختصراً: أبو داود ((1/ 543) 871) والترمذي (2/ 48 - 49/ 262 - 263) وقال: "حسن صحيح". وابن ماجه (1/ 429/1351).

ص: 371

عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)} (1) فما زال يكررها حتى أصبح (2)، ثم قرأها في صلاة الصبح

وقد ثبت أن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في سرية فبات ربيئة لأصحابه فقام يصلي فجاءه العدو فرماه بسهم فأصابه فلم يتحرك من موضعه ولم يقطع صلاته، ثم رماه بسهم آخر فلم يقطع صلاته، ثم رماه فلم يقطع حتى أكمل السورة وسلم وأعلم أصحابه فعدلوه على ذلك فقال ما معناه: والله لو أتى على نفسي ما قطعت تلك السورة لأني وجدت حلاوتها. (3)

وقد تقدم من حديث العرباض بن سارية أنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب. (4)

وفي حديث حنظلة الأسيدي أنه لقيه أبو بكر وهو يقول: نافق حنظلة، فقال: مالك؟ فقال: نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالجنة والنار كأنهما رأي العين، فإذا خرجنا من عنده عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، فنسينا كثيراً، فقال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقا إلى النبي صلى الله عليه وسلم

(1) المائدة الآية (118).

(2)

أخرجه: أحمد (5/ 170و177) والنسائي (2/ 519/1009) وابن ماجه (1/ 429/1350) وقال البوصيري في الزوائد: "إسناده صحيح ورجاله ثقات". وصححه الحاكم (1/ 241). ووافقه الذهبي من حديث أبي ذر رضي الله عنه.

(3)

علقه البخاري (1/ 371 (الفتح)) ووصله أحمد (3/ 343 - 344،359) وأبو داود (1/ 136 - 137/ 198) وصححه ابن حبان (3/ 375 - 376/ 1096) وابن خزيمة (1/ 24 - 25/ 36) والحاكم (1/ 156 - 157) ووافقه الذهبي من حديث جابر رضي الله عنه. وانظر صحيح أبي داود (1/ 357).

(4)

تقدم تخريجه في مواقف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة (23هـ).

ص: 372