الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال: قوله: «اعط فلاناً فإنه مؤمن فقال: "أو مسلم"» دليل على صحة ما قدمناه من الفرق بين حقيقتي الإيمان والإسلام، وأن الإيمان من أعمال الباطن، وأن الإسلام من أعمال الجوارح الظاهرة، وفيه رد على غلاة المرجئة والكرامية؛ حيث حكموا بصحة الإيمان لمن نطق بالشهادتين وإن لم يعتقد بقلبه، وهو قول باطل قطعا؛ لأنه تسويغ للنفاق، وفيه حجة لمن يقول:"أنا مؤمن" بغير استثناء، وهي مسألة اختلف فيها السلف، فمنهم المجيز والمانع، وسبب الخلاف النظر إلى الحال أو إلى المآل، فمن مَنَعَ خاف من حصول شك في الحال أو تزكية، ومن أجاز صرف الاستثناء إلى الاستقبال، وهو غيب في الحال، إذ لا يدري بما يختم له، والصواب: الجواز إذا أمن الشك والتزكية، فإنه تفويض إلى الله تعالى. (1)
موقف السلف من الوزير ابن العلقمي الرافضي (656 ه
ـ)
جاء في البداية والنهاية:
…
وذلك كله عن آراء الوزير ابن العلقمي الرافضي، وذلك أنه لما كان في السنة الماضية كان بين أهل السنة والرافضة حرب عظيمة، نهبت فيها الكرخ ومحلة الرافضة، حتى نهبت دور قرابات الوزير. فاشتد حنقه على ذلك فكان هذا مما أهاجه على أن دبر على الإسلام وأهله ما وقع من الأمر الفظيع، الذي لم يؤرخ أبشع منه منذ بنيت بغداد،
(1) المفهم (1/ 366).
وإلى هذه الأوقات. ولهذا كان أول من برز إلى التتار هو، فخرج بأهله وأصحابه وخدمه وحشمه فاجتمع بالسلطان هولاكو خان -لعنه الله- ثم أعاد فأشار على الخليفة بالخروج إليه والمثول بين يديه لتقع المصالحة على أن يكون نصف خراج العراق لهم، ونصفه للخليفة. فاحتاج الخليفة إلى أن خرج في سبعمائة راكب من القضاة والفقهاء والصوفية، ورؤوس الأمراء والدولة والأعيان، فلما اقتربوا من منزل السلطان هلاكوخان حجبوا عن الخليفة إلا سبعة عشر نفسا، فخلص الخليفة بهؤلاء المذكورين، وأنزل الباقون عن مراكبهم ونهبت وقتلوا عن آخرهم، وأحضر الخليفة بين يدي هولاكو فسأله عن أشياء كثيرة، فيقال إنه اضطرب كلام الخليفة من هول ما رأى من الإهانة والجبروت ثم عاد إلى بغداد وفي صحبته خوجة نصير الدين الطوسي والوزير ابن العلقمي وغيرهما، والخليفة تحت الحوطة والمصادرة فأحضر من دار الخلافة شيئا كثيرا من الذهب والحلي والمصاغي والجواهر والأشياء النفيسة. وقد أشار أولئك الملأ من الرافضة وغيرهم من المنافقين على هولاكو أن لا يصالح الخليفة. وقال الوزير: متى وقع الصلح على المناصفة لا يستمر هذا إلا عاما أو عامين ثم يعود الأمر إلى ما كان عليه قبل ذلك. وحسنوا له قتل الخليفة. فلما عاد الخليفة إلى السلطان هولاكو أمر بقتله. ويقال إن الذي أشار بقتله الوزير ابن العلقمي والمولى نصير الدين الطوسي.
وكان النصير عند هولاكو قد استصحبه في خدمته لما فتح قلاع الألموت وانتزع من أيدي الاسماعيلية، وكان النصير وزير لشمس الشموس
…
ثم ذكر الشيخ المصيبة
مفصلة والله المستعان. (1)
وجاء في السير: وعمل ابن العلقمي على ترك الجمعات، وأن يبني مدرسة على مذهب الرافضة، فما بلغ أمله، وأقيمت الجمعات. (2)
التعليق:
هل هناك درس أكبر من هذا الذي لقنه "فضيلة الإمام" ابن العلقمي مع فضيلة نصير الطوسي للمسلمين؟ هل يجوز للمسلمين أن يغفلوا هذه الحقائق التاريخية ويتجاهلونها ويأتي مثقفوهم ويقولون: الشيعة إخواننا والفرق بيننا وبينهم يسير كالفرق بين الشافعي والمالكي؟! وهذا أيضا فيه عقوبة للخليفة كيف يثق بهؤلاء ويقربهم إليه ويعتمدهم ويجعلهم في مرتبة الوزارة ولم يلتفت إلى خبث هذا المجرم وما يفعله بعسكر الخليفة؟
وقد عبر الحافظ ابن كثير عن ذلك فقال: وكان الوزير ابن العلقمي قبل هذه الحادثة يجتهد في صرف الجيوش وإسقاط اسمهم من الديوان فكانت العساكر في آخر أيام المستنصر قريبا من مائة ألف مقاتل، منهم من الأمراء من هو كالملوك الأكابر الأكاسر، فلم يزل يجتهد في تقليلهم إلى أن لم يبق سوى عشرة آلاف ثم كاتب التتار وأطمعهم في أخذ البلاد وسهل عليهم ذلك وحكى لهم حقيقة الحال، وكشف لهم ضعف الرجال، وذلك كله طمعا منه أن يزيل السنة بالكلية، وأن يظهر البدعة الرافضة، وأن يقيم خليفة من الفاطميين، وأن يبيد العلماء والمفتين والله غالب على أمره، وقد رد كيده
(1) البداية والنهاية (13/ 214 - 215).
(2)
السير (23/ 183).