الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأدب*
الأدب لغة:
اسم مأخوذ من مادّة (أدب) الّتي تدلّ على معنى تجميع النّاس إلى الطّعام والآدب هو الدّاعي لذلك، ومن هذا القياس أيضا الأدب لأنّه مجمع على استحسانه.
وقال ابن منظور: سمّي أدبا لأنّه يأدب النّاس إلى المحامد وينهاهم عن المقابح. وقال أيضا: وأصل الأدب الدّعاء ومنه قيل للصّنيع يدعى إليه النّاس:
مدعاة ومأدبة.
وقال أبو زيد الأنصاريّ: الأدب: يقع على كلّ رياضة محمودة يتخرّج بها الإنسان في فضيلة من الفضائل، وقال الأزهريّ نحوه. فالأدب اسم لذلك، والجمع: آداب مثل سبب وأسباب، وأدّبته تأديبا:
مبالغة وتكثير، ومنه قيل: أدّبته تأديبا: إذا عاقبته على إساءته؛ لأنّه سبب يدعو إلى حقيقة الأدب، وأدب يأدب أدبا «من باب ضرب» : صنع صنيعا، ودعا النّاس إليه، فهو: آدب. على فاعل. قال الشّاعر، وهو طرفة:
الآيات/ الأحاديث/ الآثار
32/ 52/ 14
نحن في المشتاة ندعو الجفلى
…
لا ترى الآدب فينا ينتقر «1»
أي لا ترى الدّاعي يدعو بعضا دون بعض بل يعمّهم بدعوته في زمان القلّة، وذلك غاية الكرم، واسم الصّنيع: المأدبة بضمّ الدّال وفتحها.
وأمّا قول ابن مسعود- رضي الله عنه: «إنّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى فتعلّموا من مأدبته» فقد قال فيه أبو عبيد: من قال مأدبة (بضمّ الدّال) فإنّه أراد التّشبيه بالصّنيع يصنعه الإنسان يدعو إليه النّاس وذكر بيت طرفة، قال ومن قال مأدبة (بفتح الدّال) فإنّه يذهب إلى الأدب «2» .
واصطلاحا:
قال المناويّ: الأدب رياضة النّفوس ومحاسن الأخلاق ويقع على كلّ رياضة محمودة يتخرّج بها الإنسان في فضيلة من الفضائل.
وقيل: هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وهو فيما يتعلّق بالسّلوك: حسن الأحوال في
* صفة الأدب جامعة لجميع ما ورد في هذه الموسوعة من صفات محمودة لسيد المرسلين الصادق الأمين وصاحب الخلق العظيم محمد صلى الله عليه وسلم الذي أوتي جوامع الكلم فعليك بمراجعة الصفات المراد الاستشهاد بها وفق الموضوع قيد البحث.
(1)
ديوان طرفة، تحقيق الدكتور علي الجندي (79) .
(2)
المصباح المنير (12) ، وانظر لسان العرب (1/ 206) ، ومقاييس اللغة (1/ 74) .
القيام والقعود وحسن الأخلاق والصّفات الحميدة، والفرق بينه وبين التّعليم: أنّ الأدب يتعلّق بالمروءات والتّعليم بالشّرعيّات أي أنّ الأوّل عرفيّ، والثّاني شرعيّ، والأوّل دنيويّ، والثّاني دينيّ، وقال بعضهم:
الأدب مجالسة الخلق على بساط الصّدق ومطابقة الحقائق، وقيل الأدب عند أهل الشّرع: الورع. وعند أهل الحكمة: صيانة النّفس، وقال أهل التّحقيق:
الأدب الخروج من صدق الاختبار، والتّضرّع على بساط الافتقار «1» .
قال ابن القيّم- رحمه الله: وحقيقة الأدب:
استعمال الخلق الجميل. ولهذا كان الأدب استخراجا لما في الطّبيعة من الكمال من القول إلى الفعل «2» .
وقيل هو الكلام الجميل الّذي يترك في نفس سامعه أو قارئه أثرا قويّا يحمله على استعادته والاستزادة منه والميل إلى محاكاته «3» ، وهو الأخذ بمكارم الأخلاق، وبعبارة أخرى: الوقوف مع المستحسنات. أي: استعمال ما يحمد قولا وفعلا. مثل:
تعظيم من فوقك والرّفق بمن دونك «4» .
وفي التّلويح: التّأديب قريب من النّدب، إلّا أنّ النّدب لثواب الآخرة والتّأديب لتهذيب الأخلاق وإصلاح العادات. والأدب أدبان: أدب شريعة وأدب سياسة. فأدب الشّريعة ما أدّى الفرض، وأدب السّياسة ما عمر الأرض. وكلاهما يرجع إلى العدل الّذي به سلامة السّلطان وعمارة البلدان «5» .
قال الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ. قال ابن عبّاس وغيره: أدّبوهم وعلّموهم. وهذه اللّفظة مؤذنة بالاجتماع. فالأدب: اجتماع خصال الخير في العبد، ومنه المأدبة، وهي الطّعام الّذي يجتمع عليه النّاس.
وقال ابن القيّم- رحمه الله: علم الأدب هو علم إصلاح اللّسان والخطاب وإصابة مواقعه، وتحسين ألفاظه عن الخطإ والخلل وهو شعبة من الأدب العامّ «6» .
وعلى هذا فالأدب: استعمال ما يحمد قولا وفعلا، وبتعبير آخر: الأخذ بمكارم الأخلاق، أو الوقوف مع المستحسنات.
فإذا تعلّق الأمر باللّغة كان الأدب معناه معرفة ما يحترز به من جميع أنواع الخطإ كما قال الجرجانيّ «7» .
(1) التعريفات للجرجاني (15) ، وكشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي (1/ 79، 80) ، والتوقيف على مهمات التعاريف ومن المعاني الاصطلاحية للفظ «أدب» استخدامه اسما لما يتعلق بدراسة الشعر والنثر الفني وما إليها وسيذكر ابن القيم تعريفا لهذا النوع في الصفحة فيما بعد.
(2)
تهذيب مدارج السالكين (448) .
(3)
تهذيب مدارج السالكين (545) .
(4)
الكليات للكفوي (65) .
(5)
فضل الله الصمد: (1/ 177- 178) .
(6)
في الكليات للكفوي أن الأدب اسم علم يحترز به عن الخلل في كلام العرب لفظا أو كتابة وأصول اللغة والصرف والاشتقاق والمعاني والبيان والعروض والقوافي. انظر: الكليات (68) .
(7)
التعريفات (14) .