الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحاديث الواردة في (إفشاء السلام)
1-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال:
أتى جبريل النّبيّ صلى الله عليه وسلم. فقال: يا رسول الله؛ هذه خديجة قد أتت. معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب.
فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربّها عز وجل.
ومنّي. وبشّرها ببيت في الجنّة من قصب «1» ، لا صخب «2» فيه، ولا نصب «3» » ) * «4» .
2-
* (عن جابر بن سليم- رضي الله عنه قال: رأيت رجلا يصدر النّاس عن رأيه، لا يقول شيئا إلّا صدروا عنه، قلت: من هذا؟ قالوا: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: عليك السّلام يا رسول الله مرّتين، قال: لا تقل: عليك السّلام، فإنّ عليك السّلام تحيّة الميّت، قل: السّلام عليك، قلت: أنت رسول الله؟ قال: أنا رسول الله الّذي إذا أصابك ضرّ، فدعوته كشفه عنك «5» ، وإن أصابك عام سنة «6» ، فدعوته أنبتها لك، وإذا كنت بأرض قفراء، أو فلاة، فضلّت راحلتك، فدعوته ردّها عليك، قلت: اعهد إليّ، قال: لا تسبّن أحدا، قال: فما سببت بعده حرّا ولا عبدا، ولا بعيرا ولا شاة، قال: ولا تحقرنّ شيئا من المعروف، وأن تكلّم أخاك وأنت منبسط إليه وجهك، إنّ ذلك من المعروف، وارفع إزارك إلى نصف السّاق، فإن أبيت فإلى الكعبين، وإيّاك وإسبال الإزار فإنّها من المخيلة «7» ، وإنّ الله لا يحبّ المخيلة، وإن امرؤ شتمك وعيّرك بما يعلم فيك فلا تعيّره بما تعلم فيه، فإنّما وبال ذلك عليه» ) * «8» .
3-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلّم، فإذا أراد أن يقوم فليسلّم؛ فليست الأولى بأحقّ من الآخرة» ) * «9» .
4-
* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «إذا سلّم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم» ) * «10» .
5-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا لقي أحدكم أخاه فليسلّم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثمّ
(1) القصب: المراد به قصب اللؤلؤ المجوف.
(2)
الصخب: الصوت المختلط المرتفع.
(3)
النصب: التعب.
(4)
البخاري- الفتح 7 (3820) واللفظ له، مسلم (2432) .
(5)
الهاء في «دعوته» ترجع إلى الله عز وجل.
(6)
عام سنة: أي عام جدب.
(7)
المخيلة: هنا بمعنى الكبر.
(8)
أبو داود (8404) واللفظ له وقال الألباني (2/ 770) : صحيح، وقال محقق جامع الأصول (11/ 746)،: إسناده صحيح.
(9)
أبو داود (5208) واللفظ له وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود (3/ 978) : حسن صحيح، والترمذي (2706) .
(10)
البخاري- الفتح 11 (6258) واللفظ له، ومسلم (2163) .
لقيه فليسلّم عليه» ) * «1» .
6-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما قال: أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجّ، فقالت امرأة لزوجها:
أحجّني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما عندي ما أحجّك عليه، قالت: أحجّني على جملك فلان. قال:
ذاك حبيس في سبيل الله عز وجل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنّ امرأتي تقرأ عليك السّلام ورحمة الله، وإنّها سألتني الحجّ معك قالت: أحجّني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: ما عندي ما أحجّك عليه، فقالت:
أحجّني على جملك فلان، فقلت: ذاك حبيس في سبيل الله، فقال:«أما إنّك لو أحججتها عليه كان في سبيل الله» قال: وإنّها أمرتني أن أسألك: ما يعدل حجّة معك؟. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقرئها السّلام ورحمة الله وبركاته، وأخبرها: أنّها تعدل حجّة معي» ) * «2» يعني. عمرة في رمضان.
7-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما قال: أصبحنا يوما ونساء النّبيّ صلى الله عليه وسلم يبكين، عند كلّ امرأة منهنّ أهلها، فخرجت إلى المسجد فإذا هو ملآن من النّاس، فجاء عمر بن الخطّاب، فصعد إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو في غرفة له، فسلّم فلم يجبه أحد، ثمّ سلّم فلم يجبه أحد، ثمّ سلّم فلم يجبه أحد، فناداه، فدخل على النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: أطلّقت نساءك؟ فقال: «لا؛ ولكن آليت «3» منهنّ شهرا» فمكث تسعا وعشرين، ثمّ دخل على نسائه) * «4» .
8-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعجز النّاس من عجز في الدّعاء، وأبخل النّاس من بخل بالسّلام» ) * «5» .
9-
* (عن أبي الدّرداء- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفشوا السّلام كي تعلوا» ) * «6» .
10-
* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه قال: أقبل نبيّ الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وهو مردف «7» أبا بكر، وأبو بكر شيخ يعرف ونبيّ الله صلى الله عليه وسلم شابّ لا يعرف، قال: فيلقى الرّجل أبا بكر فيقول: يا أبا بكر؛ من هذا الرّجل الّذي بين يديك؟ فيقول: هذا الرّجل يهديني السّبيل، قال: فيحسب الحاسب أنّه إنّما يعني الطّريق، وإنّما يعني سبيل الخير فالتفت أبو بكر، فإذا هو بفارس قد لحقهم، فقال: يا رسول الله، هذا فارس
(1) أبو داود (5200) وقال الألباني (3/ 977) : صحيح، وقال محقق جامع الأصول (6/ 595) : إسناده صحيح
(2)
أبو داود (1990) واللفظ له، وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/ 374) : حسن صحيح. وقال محقق جامع الأصول (9/ 464) : إسناده حسن.
(3)
آليت: أقسمت ألا أقربهن شهرا.
(4)
البخاري الفتح 9 (3، 52) واللفظ له، ومسلم (1479) قطعه من حديث طويل.
(5)
المنذري في الترغيب (3/ 340) واللفظ له وقال: إسناده جيد قوي. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 31) : رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح غير مسروق بن المرزبان وهو ثقة.
(6)
المنذري في الترغيب (3/ 426) واللفظ له وقال: رواه الطبراني بإسناد حسن. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 30) : رواه الطبراني وإسناده جيد.
(7)
مردف: أي راكب خلفه.
قد لحق بنا، فالتفت نبيّ الله صلى الله عليه وسلم فقال:«اللهمّ اصرعه» ، فصرعه الفرس، ثمّ قامت تحمحم «1» ، فقال:
يا نبيّ الله مرني بما شئت. قال: فقف مكانك، لا تتركنّ أحدا يلحق بنا. قال: فكان أوّل النّهار جاهدا على نبيّ الله صلى الله عليه وسلم، وكان آخر النّهار مسلحة «2» له، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم جانب الحرّة، ثمّ بعث إلى الأنصار، فجاءوا إلى نبيّ الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر فسلّموا عليهما وقالوا: اركبا آمنين مطاعين. فركب نبيّ الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وحفّوا «3» دونهما بالسّلاح، فقيل في المدينة:
جاء نبيّ الله، جاء نبيّ الله صلى الله عليه وسلم، فأشرفوا ينظرون ويقولون: جاء نبيّ الله. فأقبل يسير حتّى نزل جانب دار أبي أيّوب، فإنّه ليحدّث أهله إذ سمع به عبد الله بن سلام، وهو في نخل لأهله يخترف «4» لهم، فعجل أن يضع الّذي يخترف لهم فيها، فجاء وهي معه، فسمع من نبيّ الله صلى الله عليه وسلم ثمّ رجع إلى أهله، فقال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم:
«أيّ بيوت أهلنا أقرب؟» فقال أبو أيّوب: أنا يا نبيّ الله، هذه داري وهذا بابي. قال: فانطلق فهيّأ لنا مقيلا. قال: قوما على بركة الله. فلمّا جاء نبيّ الله صلى الله عليه وسلم جاء عبد الله بن سلام فقال: أشهد أنّك رسول الله، وأنّك جئت بحقّ. وقد علمت يهود أنّي سيّدهم وابن سيّدهم وأعلمهم وابن أعلمهم، فادعهم فاسألهم عنّي قبل أن يعلموا أنّي قد أسلمت، فإنّهم إن يعلموا أنّي قد أسلمت قالوا فيّ ما ليس فيّ. فأرسل نبيّ الله صلى الله عليه وسلم فأقبلوا فدخلوا عليه، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«يا معشر اليهود، ويلكم اتّقوا الله، فوالله الّذي لا إله إلّا هو، إنّكم لتعلمون أنّي رسول الله حقّا، وأنّي جئتكم بحقّ، فأسلموا» . قالوا: ما نعلمه- قالوا للنّبيّ صلى الله عليه وسلم قالها ثلاث مرار- قال: «فأيّ رجل فيكم عبد الله بن سلام؟» قالوا: ذاك سيّدنا، وابن سيّدنا، وأعلمنا وابن أعلمنا. قال: «أفرأيتم إن أسلم؟
قالوا: حاشا لله ما كان ليسلم. قال: أفرأيتم إن أسلم؟» . قالوا: حاشا لله ما كان ليسلم. قال: «يا ابن سلام؛ اخرج عليهم» فخرج، فقال: يا معشر اليهود، اتّقوا الله، فو الله الّذي لا إله إلّا هو إنّكم لتعلمون أنّه رسول الله، وأنّه جاء بحقّ. فقالوا:
كذبت، فأخرجهم رسول الله صلى الله عليه وسلم * «5» .
11-
* (عن عائشة- رضي الله عنها أنّها قالت: ألا أحدّثكم عنّي وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلنا:
بلى. قالت: لمّا كانت ليلتي الّتي كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيها عندي. انقلب فوضع رداءه، وخلع نعليه، فوضعهما عند رجليه، وبسط طرف إزاره على فراشه، فاضطجع. فلم يلبث إلّا ريثما»
ظنّ أن قد رقدت، فأخذ رداءه رويدا «7» ، وانتعل رويدا،
(1) الحمحمة هي: صوت الفرس دون الصهيل.
(2)
مسلحة له: هم القوم الذين يعدون بالسلاح لحراسة الجيش.
(3)
وحفّوا: طافوا.
(4)
يخترف: يجتني من الثمار.
(5)
البخاري- الفتح 7 (3911) .
(6)
إلّا ريثما: معناه إلّا قدر ما.
(7)
أخذ رداءه رويدا: أي أخذا لطيفا لئلا ينبهها.
وفتح الباب فخرج. ثمّ أجافه «1» رويدا. فجعلت درعي في رأسي «2» ، واختمرت «3» وتقنّعت إزاري «4» .
ثمّ انطلقت على إثره. حتّى جاء البقيع فقام. فأطال القيام. ثمّ رفع يديه ثلاث مرّات. ثمّ انحرف فانحرفت. فأسرع فأسرعت. فهرول فهرولت.
فأحضر فأحضرت «5» فسبقته فدخلت. فليس إلّا أن اضطجعت فدخل. فقال: «مالك؟ يا عائش! حشيا رابية! «6» » قالت: قلت: لا شيء. قال:
«لتخبرنّي أو ليخبرنّي اللّطيف الخبير» قالت: قلت: يا رسول الله! بأبي أنت وأمّي! فأخبرته. قال: فأنت السّواد «7» الّذي رأيت أمامي؟» قلت: نعم. فلهدني «8» في صدري لهدة أوجعتني. ثمّ قال: «أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله؟» قالت: مهما يكتم النّاس يعلمه الله. نعم. قال: «فإنّ جبريل أتاني حين رأيت. فناداني فأخفاه منك. فأجبته. فأخفيته منك «9» . ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك. وظننت أن قد رقدت. فكرهت أن أوقظك. وخشيت أن تستوحشي، فقال: إنّ ربّك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم» قالت: قلت: كيف أقول لهم؟ يا رسول الله! قال: قولي: السّلام على أهل الدّيار من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منّا والمستأخرين وإنّا إن شاء الله بكم للاحقون» ) * «10» .
12-
* (عن البراء بن عازب- رضي الله عنهما قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع: بعيادة المريض، واتّباع الجنائز، وتشميت العاطس، ونصر الضّعيف، وعون المظلوم، وإفشاء السّلام، وإبرار المقسم. ونهى عن الشّرب في الفضّة، ونهى عن تختّم الذّهب، وعن ركوب المياثر «11» ، وعن لبس الحرير والدّيباج، والقسّيّ «12» والإستبرق) * «13» .
13-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما
(1) ثم أجافه: أي أغلقه. وإنما فعل ذلك صلى الله عليه وسلم في خفية لئلا يوقظها ويخرج عنها، فربما لحقتها وحشة في انفرادها في ظلمة الليل.
(2)
فجعلت درعي في رأسي: درع المرأة قميصها.
(3)
واختمرت: أي ألقيت على رأسي الخمار، وهو ما تستر به المرأة رأسها.
(4)
وتقنعت إزاري: هكذا هو في الأصول: إزاري، بغير باء في أوله. وكأنه بمعنى لبست إزاري، فلهذا عدي بنفسه.
(5)
فأحضر فأحضرت: الإحضار العدو. أي فعدا فعدوت، والعدو الجري فوق الهرولة.
(6)
مالك يا عائش حشيا رابية: يجوز في عائش فتح الشين وضمها. وهما وجهان جاريان في كل المرخمات. وحشيا: معناه قد وقع عليك الحشا وهو الربو والتهيج الذي يعرض للمسرع في مشيه والمحتد في كلامه، من ارتفاع النفس وتواتره. يقال: امرأة حشيا وحشية. ورجل حشيان وحش. قيل: أصله من أصاب الربو حشاه. رابية: أي مرتفعة البطن.
(7)
فأنت السواد: أي الشخص.
(8)
فلهدني: قال أهل اللغة: لهده ولهّده، بتخفيف الهاء، وتشديدها، أي دفعه.
(9)
أخفاه منك أي النداء وأخفيته منك أي الجواب.
(10)
مسلم (974) .
(11)
المياثر: هي أغشية السروج تتخذ من الحرير، وقيل هي شيء كالفراش الصغير تتخذ من حرير تحشى بقطن أو صوف يجعلها الراكب فوق الرحال.
(12)
القسّيّ: هي ثياب مضلعة بالحرير تعمل بالقسّ بفتح القاف وهو موضع من بلاد مصر.
(13)
البخاري- الفتح 11 (6235) واللفظ له مسلم (2066) .
أنّ أبا سفيان بن حرب أخبره أنّ هرقل أرسل إليه في نفر من قريش- وكانوا تجّارا بالشّام- فأتوه.. فذكر الحديث قال: ثمّ دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ، فإذا فيه: بسم الله الرّحمن الرّحيم. من محمّد عبد الله ورسوله، إلى هرقل عظيم الرّوم: السّلام على من اتّبع الهدى. أمّا بعد
…
» ) * «1» .
14-
* (عن أبي أمامة- رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ أولى النّاس بالله من بدأهم بالسّلام» ) * «2» .
15-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه أنّ رجلا دخل المسجد- ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في ناحية المسجد- فصلّى، ثمّ جاء فسلّم عليه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«وعليك السّلام، ارجع فصلّ، فإنّك لم تصلّ» . فرجع فصلّى، ثمّ جاء فسلّم، فقال:«وعليك السّلام، فارجع فصلّ، فإنّك لم تصلّ» . فقال في الثّانية- أو في الّتي بعدها- علّمني يا رسول الله.
16-
* (عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما أنّ رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيّ الإسلام خير؟ قال: «تطعم الطّعام، وتقرأ السّلام على من عرفت ومن لم تعرف» ) * «4» .
17-
* (عن أبي واقد اللّيثيّ- رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد والنّاس معه إذ أقبل ثلاثة نفر، فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحد، فلمّا وقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم سلّما، فأمّا أحدهما، فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها، وأمّا الآخر فجلس خلفهم، وأمّا الآخر فأدبر ذاهبا، فلمّا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أخبركم عن النّفر الثّلاثة؟ أمّا أحدهم فآوى إلى الله فآواه الله، وأمّا الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه، وأمّا الآخر فأعرض فأعرض الله عنه» ) * «5» .
18-
* (عن كلدة بن حنبل: أنّ صفوان بن أميّة، بعثه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بلبن وجداية «6» وضغابيس «7» ، والنّبيّ صلى الله عليه وسلم بأعلى مكّة، فدخلت ولم
(1) البخاري- الفتح 11 (6260) .
(2)
أبو داود (5197) واللفظ له وقال الألباني: (3/ 976) : صحيح.
(3)
البخاري- الفتح 11 (6251) واللفظ له، مسلم (397) .
(4)
البخاري- الفتح 1 (28) ، مسلم (39) متفق عليه.
(5)
البخاري- الفتح 1 (66)، والترمذي (2724) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وهذا لفظ الترمذي.
(6)
الجداية ولد الظبية إذا بلغ ستة أشهر أو سبعة، بمنزلة الجدي من المعز وكانت في الأصل (حداية) بالحاء المهملة.
(7)
الضغابيس: جمع ضغبوس: الصغير من القثاء. وقيل: نبات يشبه الهليون أو العكوب، ويفهم من كلام الترمذي: أنه يطبخ مع أول حليب الشاة. ونسخه الشيخ (صغابيس بالصاد المهملة) وليس بشيء.
أسلّم، فقال:«ارجع فقل السّلام عليكم» ، وذاك بعد ما أسلم صفوان بن أميّة» ) * «1» .
19-
* (عن حذيفة بن اليمان- رضي الله عنهما عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ المؤمن إذا لقي المؤمن، فسلّم عليه، وأخذ بيده، فصافحه تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشّجر» ) * «2» .
20-
* (عن أسامة بن شريك- رضي الله عنه قال: أتيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه كأنّما على رؤوسهم الطّير، فسلّمت ثمّ قعدت، فجاء الأعراب من ههنا وههنا، فقالوا: يا رسول الله؛ أنتداوى؟
فقال: «تداووا فإنّ الله- عز وجل لم يضع داء إلّا وضع له دواء غير داء واحد: الهرم» ) * «3» .
21-
* (عن أنس عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه كان إذا تكلّم بكلمة أعادها ثلاثا حتّى تفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلّم عليهم سلّم عليهم ثلاثا» ) * «4» .
22-
* (عن سعيد بن جبير، قال: قلت لابن عبّاس إنّ نوفا البكاليّ يزعم أنّ موسى «5» ليس بموسى بني إسرائيل إنّما هو موسى آخر. فقال: كذب عدوّ الله، حدّثنا أبيّ بن كعب عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «قام موسى النّبيّ خطيبا في بني إسرائيل، فسئل: أيّ النّاس أعلم؟ فقال: أنا أعلم. فعتب الله عليه إذ لم يردّ العلم إليه. فأوحى الله إليه أنّ عبدا من عبادي بمجمع البحرين هو أعلم منك. قال: يا ربّ وكيف به؟ فقيل له: احمل حوتا في مكتل فإذا فقدته فهو ثمّ.
فانطلق وانطلق بفتاه يوشع بن نون. وحملا حوتا في مكتل، حتّى كانا عند الصّخرة وضعا رءوسهما وناما، فانسلّ الحوت من المكتل فاتّخذ سبيله في البحر سربا، وكان لموسى وفتاه عجبا. فانطلقا بقيّة ليلتهما ويومهما.
فلمّا أصبح، قال موسى لفتاه: آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا. ولم يجد موسى مسّا من النّصب حتّى جاوز المكان الّذي أمر به. فقال له فتاه: أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإنّي نسيت الحوت. قال موسى:
ذلك ما كنّا نبغ فارتدّا على آثارهما قصصا. فلمّا انتهيا إلى الصّخرة إذا رجل مسجّى بثوب- أو قال: تسجّى بثوبه- فسلّم موسى، فقال الخضر: وأنّى بأرضك السّلام؟ فقال: أنا موسى. فقال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم. قال: هل أتّبعك على أن تعلّمن ممّا علّمت رشدا؟ قال: إنّك لن
(1) أبو داود (5176) وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود (3/ 972) : صحيح.
(2)
المنذري في الترغيب (3/ 433) وقال: رواه الطبراني في الأوسط ورواته لا أعلم فيهم مجروحا. وقال الهيثمي (8/ 36) : رواه الطبراني في الأوسط ويعقوب بن محمد بن الطحلاء روى عنه غير واحد ولم يضعفه أحد وبقية رجاله ثقات.
(3)
أبو داود (3855) واللفظ له وقال الألباني (2/ 731) : صحيح، وفي صحيح ابن ماجة (3436) .
(4)
البخاري- الفتح 1 (95) ، قال ابن حجر، قال الإسماعيلي يشبه أن يكون ذلك كان إذا سلّم سلام الاستئذان على ما رواه أبو موسى وغيره وأما أن يمر المرء مسلّما فالمعروف عدم التكرار.
(5)
أي موسى الذي وردت قصته في سورة الكهف.
تستطيع معي صبرا. يا موسى إنّي على علم من علم الله علّمنيه لا تعلمه أنت. وأنت على علم علّمكه لا أعلمه. قال: ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا. فانطلقا يمشيان على ساحل البحر ليس لهما سفينة. فمرّت بهما سفينة فكلّموهم أن يحملوهما. فعرف الخضر فحملوهما بغير نول «1» . فجاء عصفور فوقع على حرف السّفينة، فنقر نقرة أو نقرتين في البحر، فقال الخضر: يا موسى، ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلّا كنقرة هذا العصفور في البحر، فعمد الخضر إلى لوح من ألواح السّفينة فنزعه فقال موسى: قوم حملونا بغير نول، عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها. قال: ألم أقل إنّك لن تستطيع معي صبرا. قال: لا تؤاخذني بما نسيت.
فكانت الأولى من موسى نسيانا. فانطلقا فإذا غلام يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر برأسه من أعلاه فاقتلع رأسه بيده «2» . فقال موسى: أقتلت نفسا زكيّة بغير نفس؟. قال: ألم أقل لك إنّك لن تستطيع معي صبرا؟ (قال ابن عيينة وهذا أوكد) . فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها، فأبوا أن يضيّفوهما. فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقضّ فأقامه.
قال الخضر بيده فأقامه «3» . فقال له موسى: لو شئت لا تّخذت عليه أجرا. قال: هذا فراق بيني وبينك. قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «يرحم الله موسى لوددنا لو صبر حتّى يقصّ علينا من أمرهما» ) * «4» .
23-
* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إيّاكم والجلوس في الطّرقات» ، فقالوا: يا رسول الله، مالنا من مجالسنا بدّ، نتحدّث فيها. فقال: «فإذا أبيتم إلّا المجلس، فأعطوا الطّريق حقّه» ، قالوا: وما حقّ الطّريق يا رسول الله؟ قال: «غضّ البصر، وكفّ الأذى، وردّ السّلام، والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر» ) * «5» .
24-
* (عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تسليم الرّجل بأصبع واحدة- يشير بها- فعل اليهود» ) *» .
25-
* (عن أبي موسى الأشعريّ- رضي الله عنه قال: جاء أبو موسى إلى عمر بن الخطّاب، فقال: السّلام عليكم. هذا عبد الله بن قيس. فلم يأذن له. فقال: السّلام عليكم. هذا أبو موسى. السّلام عليكم. هذا الأشعريّ. ثمّ انصرف. فقال: ردّوا عليّ. ردّوا عليّ. فجاء فقال: يا أبا موسى ما ردّك؟ كنّا في شغل. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(1) النول: الأجرة.
(2)
أي فعل ذلك الخضر بيده.
(3)
قال الخضر بيده بمعني فعل بيده (هذا من إطلاق القول على الفعل) .
(4)
البخاري- الفتح 1 (122) واللفظ له ورقم (4725) ، مسلم (2380) .
(5)
البخاري- الفتح 11 (6229) واللفظ له، مسلم (2121) .
(6)
المنذري في الترغيب (3/ 435) وقال: رواه أبو يعلى والطبراني واللفظ له، وقال الهيثمي (8/ 38) : رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط واللفظ له، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح.
قال: لتأتينّي على هذا ببيّنة. وإلّا فعلت وفعلت.
فذهب أبو موسى.
قال عمر: إن وجد بيّنة تجدوه عند المنبر عشيّة، وإن لم يجد بيّنة فلم تجدوه. فلمّا أن جاء بالعشيّ وجدوه. قال: يا أبا موسى! ما تقول؟ أقد وجدت؟
قال: نعم. أبيّ بن كعب. قال: عدل. قال: يا أبا الطّفيل ما يقول هذا؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك يابن الخطّاب! فلا تكوننّ عذابا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: سبحان الله إنّما سمعت شيئا. فأحببت أن أتثبّت) * «1» .
26-
* (عن ربعيّ، قال: حدّثنا رجل من بني عامر: أنّه استأذن على النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو في بيت.
فقال: ألج «2» ؟ فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لخادمه: «اخرج إلى هذا! فعلّمه الاستئذان، فقل له: قل: السّلام عليكم، أأدخل؟» . فسمعه الرّجل. فقال: السّلام عليكم، أأدخل؟ فأذن له النّبيّ صلى الله عليه وسلم فدخل) * «3» .
27-
* (عن أبي ذرّ- رضي الله عنه قال:
خرجنا من قومنا غفار. وكانوا يحلّون الشّهر الحرام.
فخرجت أنا وأخي أنيس وأمّنا. فنزلنا على خال لنا.
فأكرمنا خالنا وأحسن إلينا. فحسدنا قومه، فقالوا:
إنّك إذا خرجت عن أهلك خالف إليهم أنيس. فجاء خالنا فنثا «4» علينا الّذي قيل له. فقلت: أمّا ما مضى من معروفك فقد كدّرته، ولا جماع لك فيما بعد فقرّبنا صرمتنا «5» . فاحتملنا عليها. وتغطّى خالنا ثوبه فجعل يبكي. فانطلقنا حتّى نزلنا بحضرة مكّة.
فنافر «6» أنيس عن صرمتنا وعن مثلها «7» . فأتيا الكاهن. فخيّر أنيسا. فأتانا أنيس بصرمتنا ومثلها معها. قال: وقد صلّيت، يا ابن أخي قبل أن ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين. قلت: لمن؟ قال: للهّ.
قلت: فأين توجّه «8» ؟ قال: أتوجّه حيث يوجّهني ربّي. أصلّي عشاء حتّى إذا كان من آخر اللّيل ألقيت كأنّي خفاء «9» . حتّى تعلوني الشّمس. فقال أنيس:
إنّ لي حاجة بمكّة فاكفني. فانطلق أنيس حتّى أتى مكّة. فراث عليّ «10» . ثمّ جاء فقلت: ما صنعت؟
قال: لقيت رجلا بمكّة على دينك. يزعم أنّ الله أرسله. قلت: فما يقول النّاس؟ قال: يقولون:
(1) البخاري- الفتح 11 (6245) ، مسلم (2154) واللفظ له.
(2)
الولوج: الدخول. وقد ولج يلج.
(3)
أبو داود (5177) وقال الألباني في صحيح أبي داود (3/ 973) : صحيح وهو في الصحيحة (818) .
(4)
فنثا: أي أشاعه وأفشاه.
(5)
صرمتنا: الصرمة هي القطعة من الإبل. وتطلق على القطعة من الغنم.
(6)
فنافر: قال أبو عبيد وغيره في شرح هذا: المنافرة المفاخرة والمحاكمة، فيفخر كل واحد من الرجلين على الآخر، ثم يتحاكمان إلى رجل ليحكم أيهما خير وأعز نفرا. وكانت هذه المفاخرة في الشعر أيهما أشعر.
(7)
عن صرمتنا وعن مثلها: معناه تراهن هو وآخر أيهما أفضل. وكان الرهن صرمة ذا وصرمة ذاك. فأيهما كان أفضل أخذ الصّرمتين. فتحاكما إلى الكاهن. فحكم بأن أنيسا أفضل. وهو معنى قوله فخيّر أنيسا. أي جعله الخيار والأفضل.
(8)
توجّه أي تتوجه في صلاتك.
(9)
خفاء: هو الكساء. وجمعه أخفية. ككساء وأكسية.
(10)
فراث علي: أي أبطأ.
شاعر، كاهن، ساحر. وكان أنيس أحد الشّعراء.
قال أنيس: لقد سمعت قول الكهنة. فما هو بقولهم. ولقد وضعت قوله على أقراء الشّعر «1» فما يلتئم على لسان أحد بعدي أنّه شعر، والله إنّه لصادق وإنّهم لكاذبون. قال: قلت: فاكفني حتّى أذهب فأنظر. قال فأتيت مكّة. فتضعّفت «2» رجلا منهم. فقلت: أين هذا الّذي تدعونه الصّابأ؟ فأشار إليّ، فقال: الصّابأ «3» . فمال عليّ أهل الوادي بكلّ مدرة «4» وعظم. حتّى خررت مغشيّا عليّ. قال فارتفعت حين ارتفعت، كأنّي نصب أحمر «5» . قال فأتيت زمزم فغسلت عنّي الدّماء: وشربت من مائها.
ولقد لبثت، يا ابن أخي ثلاثين بين ليلة ويوم. ما كان لي طعام إلّا ماء زمزم. فسمنت حتّى تكسّرت عكن بطني «6» . وما وجدت على كبدي سخفة جوع «7» .
قال: فبينا أهل مكّة في ليلة قمراء «8» إضحيان «9» ، إذ ضرب على أسمختهم «10» . فما يطوف بالبيت أحد.
وامرأتين «11» منهم تدعوان إسافا ونائلة. قال: فأتتا عليّ في طوافهما فقلت: أنكحا أحدهما الأخرى. قال:
فما تناهتا «12» عن قولهما. قال: فأتتا عليّ. فقلت:
هن مثل الخشبة «13» . غير أنّي لا أكني. فانطلقتا تولولان «14» . وتقولان: لو كان ههنا أحد من أنفارن «15» قال: فاستقبلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر.
وهما هابطان. قال: «ما لكما؟» قالتا: الصّابأ بين الكعبة وأستارها. قال: «ما قال لكما؟» قالتا: إنّه قال لنا كلمة تملأ الفم «16» . وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى استلم الحجر. وطاف بالبيت هو وصاحبه. ثمّ صلّى.
فلمّا قضى صلاته (قال أبو ذرّ) فكنت أنا أوّل من حيّاه بتحيّة الإسلام. قال: فقلت: السّلام عليك يا رسول
(1) أقراء الشعر: أي طرقه وأنواعه.
(2)
فتضعفت: يعني نظرت إلى أضعفهم فسألته. لأن الضعيف مأمون الغائلة دائما.
(3)
الصابأ: منصوب على الاغراء. أي انظروا وخذوا هذا الصابأ.
(4)
مدرة: الطين اللزج المتماسك.
(5)
نصب أحمر: يعني من كثرة الدماء التي سالت مني بضربهم. والنصب الصنم والحجر كانت الجاهلية تنصبه وتذبح عنده، فيحمر بالدم. وجمعه أنصاب. ومنه قوله تعالى: وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ.
(6)
عكن بطني: جمع عكنة، وهو الطي في البطن من السّمن. معنى تكسرت أي انثنت وانطوت طاقات لحم بطنه.
(7)
سخفة جوع: بفتح السين وضمها. هي رقة الجوع وضعفه وهزاله.
(8)
قمراء: أي مقمرة.
(9)
إضحيان: أي مضيئة، منورة. يقال: ليلة إضحيان وإضحيانة. وضحياء ويوم أضحيان.
(10)
أسمختهم: هكذا في جميع النسخ. وهو جمع سماخ، وهو الخرق الذي في الأذن يفضي إلى الرأس. يقال: صماخ وسماخ. والصاد أفصح وأشهر. والمراد بأسمختهم، هنا، آذانهم. أي ناموا: قال الله تعالى: فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ أي أنمناهم.
(11)
وامرأتين: هكذا هو في معظم النسخ بالياء. وفي بعضها: وامرأتان، بالألف. والأول منصوب بفعل محذوف. أي ورأيت امرأتين.
(12)
فما تناهتا: أي ما انتهتا.
(13)
هن مثل الخشبة: الهن والهنة، بتخفيف نونهما، هو كناية عن كل شيء، وأكثر ما يستعمل كناية عن الفرج والذكر. فقال لهما أير مثل الخشبة في الفرج، وأراد بذلك سب إساف ونائلة وغيظ الكفار بذلك.
(14)
تولولان: الولولة الدعاء بالويل.
(15)
أنفارنا: الأنفار جمع نفر أو نفير، وهو الذي ينفر عند الاستغاثة.
(16)
تملأ الفم: أي عظيمة لا شي أقبح منها. كالشيء الذي يملأ الشيء ولا يسع غيره. وقيل معناه لا يمكن ذكرها وحكايتها. كأنها تسد فم حاكيها وتملؤه لاستعظامها.
الله فقال: «وعليك ورحمة الله» . ثمّ قال: «من أنت؟» قال: قلت: من غفار. قال: فأهوى بيده فوضع أصابعه على جبهته. فقلت في نفسي: كره أن انتميت إلى غفار. فذهبت آخذ بيده. فقدعني «1» صاحبه.
وكان أعلم به منّي. ثمّ رفع رأسه. ثمّ قال: «متى كنت ههنا؟» قال: قلت: قد كنت هاهنا منذ ثلاثين، بين ليلة ويوم. قال:«فمن كان يطعمك؟» قال قلت: ما كان لي طعام إلّا ماء زمزم. فسمنت حتّى تكسّرت عكن بطني. وما أجد على كبدي سخفة جوع. قال: «إنّها مباركة. إنّها طعام طعم» «2» . فقال أبو بكر: يا رسول الله؛ ائذن لي في طعامه اللّيلة.
فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر. وانطلقت معهما.
ففتح أبو بكر بابا. فجعل يقبض لنا من زبيب الطّائف. وكان ذلك أوّل طعام أكلته بها. ثمّ غبرت ما غبرت «3» . ثمّ أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إنّه قد وجّهت لي أرض «4» ذات نخل. لا أراها «5» إلّا يثرب»
. فهل أنت مبلّغ عنّي قومك؟ عسى الله أن ينفعهم بك ويأجرك فيهم» . فأتيت أنيسا فقال: ما صنعت؟ قلت: صنعت أنّي قد أسلمت وصدّقت.
قال: ما بي رغبة عن دينك. فإنّي قد أسلمت وصدّقت. فأتينا أمّنا. فقالت: ما بي رغبة عن دينكما «7» . فإنّي قد أسلمت وصدّقت. فاحتملنا «8» حتّى أتينا قومنا غفارا. فأسلم نصفهم. وكان يؤمّهم إأيماء «9» بن رحضة الغفاريّ. وكان سيّدهم. وقال نصفهم إذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أسلمنا. فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة: فأسلم نصفهم الباقي. وجاءت أسلم «10» . فقالوا: يا رسول الله إخوتنا. نسلم على الّذي أسلموا عليه. فأسلموا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «غفار غفر الله لها. وأسلم سالمها الله» ) * «11» .
28-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكر أحاديث منها: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلق الله عز وجل آدم على صورته «12» . طوله ستّون ذراعا. فلمّا خلقه قال: اذهب فسلّم على أولئك النّفر. وهم نفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يجيبونك. فإنّها تحيّتك وتحيّة ذرّيّتك قال: فذهب فقال: السّلام عليكم. فقالوا: السّلام عليك
(1) فقدعني: أي كفّني. يقال: قدعه وأقدعه، إذا كفه ومنعه.
(2)
طعام طعم: أي تشبع شاربها كما يشبعه الطعام.
(3)
غبرت ما غبرت: أي بقيت ما بقيت.
(4)
وجهت لي أرض: أي أريت جهتها.
(5)
أراها: ضبطوه أراها بضم الهمزة وفتحها.
(6)
يثرب: هذا كان قبل تسمية المدينة طابة وطيبة. وقد جاء بعد ذلك حديث في النهي عن تسميتها يثرب.
(7)
ما بي رغبة عن دينكما: أي لا أكرهه؛ بل أدخل فيه.
(8)
فاحتملنا: يعني حملنا أنفسنا ومتاعنا على إبلنا، وسرنا.
(9)
أيماء: الهمزة في أوله مكسورة، على المشهور. وحكى القاضي فتحها أيضا، وأشار إلى ترجيحه، وليس براجح.
(10)
أسلم قبيلة مجاورة لغفار.
(11)
البخاري- الفتح 7 (3861) ، مسلم (2473) واللفظ له.
(12)
على صورته: الضمير في صورته عائد إلى آدم. والمراد أنه خلق في أول نشأته على صورته التي كان عليها في الأرض. وتوفي عليها. وهي طوله ستون ذراعا. ولم ينتقل أطوارا كذريته. وكانت صورته في الجنة هي صورته في الأرض لم تتغير.
ورحمة الله. قال فزادوه: ورحمة الله. قال: فكلّ من يدخل الجنّة على صورة آدم. وطوله ستّون ذراعا.
فلم يزل الخلق ينقص بعده حتّى الآن» ) * «1» .
29-
* (عن أمّ هانئ بنت أبي طالب- رضي الله عنها تقول: ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح.
فوجدته يغتسل. وفاطمة ابنته تستره بثوب. قالت:
فسلّمت، فقال:«من هذه؟» قلت: أمّ هاني بنت أبي طالب. قال: «مرحبا بأمّ هانئ» ، فلمّا فرغ من غسله قام فصلّى ثماني ركعات. ملتحفا في ثوب واحد. فلمّا انصرف قلت: يا رسول الله زعم ابن أمّي عليّ بن أبي طالب أنّه قاتل رجلا أجرته، فلان بن هبيرة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«قد أجرنا من أجرت يا أمّ هاني» قالت أمّ هانئ: وذلك ضحى» ) * «2» .
30-
* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «السّلام اسم من أسماء الله تعالى وضعه فأفشوه بينكم؛ فإنّ الرّجل المسلم إذا مرّ بقوم، فسلّم عليهم، فردّوا عليه كان له عليهم فضل درجة بتذكيره إيّاهم، فإن لم يردّوا عليه ردّ عليه من هو خير منهم وأطيب» ) * «3» .
31-
* (عن ثوبان- رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا انصرف من صلاته، استغفر ثلاثا. وقال: «اللهمّ أنت السّلام ومنك السّلام.
تباركت ذا الجلال والإكرام»
قال الوليد: فقلت للأوزاعيّ: كيف الاستغفار؟ قال: تقول: أستغفر الله، أستغفر الله) * «4» .
32-
* (عن حنظلة- رضي الله عنه قال: كنّا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. فوعظنا فذكر النّار. قال: ثمّ جئت إلى البيت فضاحكت الصّبيان ولا عبت المرأة.
قال: فخرجت فلقيت أبا بكر. فذكرت ذلك له.
فقال: وأنا قد فعلت مثل ما تذكر. فلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: يا رسول الله! نافق حنظلة. فقال:
«مه «5» » فحدّثته بالحديث. فقال أبو بكر: وأنا قد فعلت مثل ما فعل. فقال: «يا حنظلة! ساعة وساعة. ولو كانت تكون قلوبكم كما تكون عند الذّكر، لصافحتكم الملائكة، حتّى تسلّم عليكم في الطّرق» ) * «6» .
33-
* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه قال: كنّا نسلّم على النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو يصلّي فيردّ علينا، فلمّا رجعنا من عند النّجاشيّ سلّمنا عليه فلم يردّ علينا، فقلنا: يا رسول الله، إنّا كنّا نسلّم عليك
(1) البخاري- الفتح 6 (3326) ، ومسلم (2841) .
(2)
البخاري- الفتح 1 (357) ، مسلم (336) لكنه مؤخر عن موضعه الأول جاء في (1/ 498) واللفظ له.
(3)
المنذري في الترغيب (3/ 428427) وقال: رواه البزار والطبراني وأحد إسنادي البزار جيد قوي. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 29) واللفظ له: رواه البزار بإسنادين والطبراني بأسانيد وأحدهما رجاله رجال الصحيح عند البزار والطبراني.
(4)
مسلم (591) .
(5)
مه قال القاضي: معناه الاستفهام. أي ما تقول؟ والهاء هنا هاء السكت. قال: ويحتمل أنها للكف والزجر والتعظيم.
(6)
مسلم (2750) .
فتردّ علينا، قال:«إنّ في الصّلاة شغلا» . فقلت لإبراهيم: كيف تصنع أنت؟ قال: أردّ في نفسي) * «1» .
34-
* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه قال: كنّا نقول: التّحيّة في الصّلاة ونسمّي ويسلّم بعضنا على بعض. فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «قولوا: التّحيّات لله والصّلوات والطّيّبات، السّلام عليك أيّها النّبيّ ورحمة الله وبركاته، السّلام علينا وعلى عباد الله الصّالحين، أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله. فإنّكم إن فعلتم ذلك فقد سلّمتم على كلّ عبد لله صالح في السّماء والأرض» ) * «2» .
35-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تدخلون الجنّة حتّى تؤمنوا. ولا تؤمنوا حتّى تحابّوا. أولا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السّلام بينكم» ) * «3» .
36-
* (عن أنس- رضي الله عنه أنّه مرّ على صبيان فسلّم عليهم وقال: «كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يفعله» ) * «4» .
37-
* (عن أبي أيّوب- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحلّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان، فيصدّ هذا ويصدّ هذا، وخيرهما الّذي يبدأ بالسّلام» . وذكر سفيان أنّه سمعه منه ثلاث مرّات) * «5» .
38-
* (عن أبي موسى الأشعريّ- رضي الله عنه أنّه توضّأ في بيته ثمّ خرج، فقال: لألزمنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأكوننّ معه يومي هذا. قال فجاء المسجد فسأل عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: خرج وجّه ههنا «6» ، قال:
فخرجت على إثره أسأل عنه حتّى دخل بئر أريس، قال: فجلست عند الباب. وبابها من جريد، حتّى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته وتوضّأ، فقمت إليه، فإذا هو قد جلس على بئر أريس وتوسّط قفّها «7» وكشف عن ساقيه ودلّاهما في البئر «8» . قال: فسلّمت عليه ثمّ انصرفت فجلست عند الباب. فقلت: لأكوننّ بوّاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم، فجاء أبو بكر فدفع الباب، فقلت من هذا؟ فقال: أبو بكر. فقلت: على رسلك «9» ، ثمّ ذهبت فقلت: يا رسول الله هذا أبو بكر يستأذن، فقال:«ائذن له وبشّره بالجنّة» . قال:
فأقبلت حتّى قلت لأبي بكر: ادخل ورسول الله
(1) البخاري- الفتح 7 (3875) واللفظ له، ومسلم (538) .
(2)
البخاري- الفتح 3 (1202) واللفظ له، ومسلم (402) .
(3)
مسلم (54) .
(4)
البخاري- الفتح 11 (6247) واللفظ له. ومسلم (2168) .
(5)
البخاري- الفتح 11 (6237) واللفظ له، ومسلم (2560) .
(6)
وجه هاهنا: المشهور في الرواية: وجه، بتشديد الجيم. وضبطه بعضهم بإسكانها. وحكى القاضي الوجهين ونقل الأول عن الجمهور ورجح الثاني لوجود خرج أي قصد هذه الجهة.
(7)
وتوسط قفها: القف حافة البئر. وأصله الغليظ المرتفع من الأرض.
(8)
ودلاهما في البئر: في هذا دليل للغة الصحيحة أنه يجوز أن يقال: دليت الدلو في البئر ودليت رجلي وغيرها فيه. كما يقال: أدليت، قال الله تعالى: فَأَدْلى دَلْوَهُ.
(9)
على رسلك بكسر الراء وفتحها، لغتان. الكسر أشهر. ومعناه تمهل وتأن.
صلّى الله عليه وسلّم يبشّرك بالجنّة. قال: فدخل أبو بكر فجلس عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم معه في القفّ ودلّى رجليه في البئر كما صنع النّبيّ صلى الله عليه وسلم وكشف عن ساقيه. ثمّ رجعت فجلست وقد تركت أخي يتوضّأ ويلحقني. فقلت: إن يرد الله بفلان- يريد أخاه- خيرا يأت به. فإذا إنسان يحرّك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: عمر بن الخطّاب، فقلت على رسلك. ثمّ جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلّمت عليه، وقلت: هذا عمر يستأذن فقال:
«ائذن له وبشّره بالجنّة» فجئت عمر فقلت: أذن ويبشّرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنّة. قال: فدخل فجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في القفّ عن يساره ودلّى رجليه في البئر. ثمّ رجعت فجلست فقلت: إن يرد الله بفلان خيرا- يعني أخاه- يأت به، فجاء إنسان فحرّك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: عثمان بن عفّان، فقلت: على رسلك، قال: وجئت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال:«ائذن له وبشّره بالجنّة مع بلوى تصيبه» . قال:
فجئت فقلت: ادخل، ويبشّرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنّة. مع بلوى تصيبك. قال: فدخل فوجد القفّ قد ملأ، فجلس وجاههم «1» من الشّقّ الآخر» .
قال شريك: فقال سعيد بن المسيّب: فأوّلتها قبورهم «2» » ) * «3» .
39-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد رأيتني في الحجر. وقريش تسألني عن مسراي. فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها «4» . فكربت كربة ما كربت مثله قطّ «5» . قال: فرفعه الله لي أنظر إليه. ما يسألوني عن شيء إلّا أنبأتهم به. وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء.
فإذا موسى قائم يصلّي. فإذا رجل ضرب «6» جعد كأنّه من رجال شنوءة. وإذا عيسى ابن مريم عليه السلام قائم يصلّي. أقرب النّاس به شبها عروة بن مسعود الثّقفيّ. وإذا إبراهيم عليه السلام قائم يصلّي. أشبه النّاس به صاحبكم (يعني نفسه) فحانت الصّلاة فأممتهم. فلمّا فرغت من الصّلاة، قال قائل: يا محمّد! هذا مالك صاحب النّار فسلّم عليه. فالتفتّ إليه فبدأني بالسّلام» ) * «7» .
40-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أحد يسلّم عليّ إلّا ردّ الله عليّ روحي حتّى أردّ عليه السلام» ) * «8» .
41-
* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه قال: مرّ يهوديّ برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:
(1) وجاههم: بكسر الواو وضمها: أي قبالتهم.
(2)
فأولتها (قبورهم) : يعني الثلاثة دفنوا في مكان واحد. وعثمان في مكان بائن عنهم. وهذا من باب الفراسة الصادقة.
(3)
البخاري- الفتح 13 (9707) ، مسلم (3024) واللفظ له.
(4)
لم أثبتها: أي لم أحفظها ولم أضبطها لاشتغالي بأهم منها.
(5)
ما كربت مثله قطّ: الضمير في مثله يعود على معنى الكربة، وهو الكرب أو الغمّ الذي يأخذ بالنفس.
(6)
رجل ضرب: أي ماض خفيف اللحم.
(7)
مسلم (172) واللفظ له، وعند البخاري مقطعا وبألفاظ مختلفة (3394، 3437، 0471) .
(8)
أبو داود (2041) واللفظ له، وأحمد في المسند (2/ 527) . وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود: حديث حسن (1/ 383) . وقال محقق جامع الأصول (8/ 546) : إسناده حسن.