الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك عرف أنّه سيردّه إليهم، فخرج حتّى أتى سيف البحر «1» . قال: وينفلت منهم أبو جندل ابن سهيل فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلّا لحق بأبي بصير، حتّى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشّام إلّا اعترضوا لها. فقتلوهم وأخذوا أموالهم.
فأرسلت قريش إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرّحم لما أرسل، فمن أتاه فهو آمن فأرسل النّبيّ صلى الله عليه وسلم إليهم، فأنزل الله تعالى (الفتح/ 24) وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ حتّى بلغ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ، وكانت حميّتهم أنّهم لم يقرّوا أنّه نبيّ الله، ولم يقرّوا ببسم الله الرّحمن الرّحيم، وحالوا بينهم وبين البيت) * «2» .
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الاتباع)
1-
* (وقال عمر- رضي الله عنه لشريح (القاضي) : «إن جاءك شيء في كتاب الله فاقض به، ولا يلفتنّك عنه الرّجال؛ فإن جاءك ما ليس في كتاب الله فانظر سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقض بها، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله ولم يكن فيه سنّة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانظر ما اجتمع عليه النّاس فخذ به، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله ولم يكن في سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتكلّم فيه أحد قبلك، فاختر أيّ الأمرين شئت، إن شئت أن تجتهد برأيك ثمّ تقدم فتقدّم، وإن شئت، إن تتأخّر فتأخّر، ولا أرى التّأخّر إلّا خيرا لك» ) * «3» .
2-
* (وعن عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه: أنّه جاء إلى الحجر الأسود فقبّله فقال: «إنّي أعلم أنّك حجر لا تضرّ ولا تنفع، ولولا أنّي رأيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقبّلك ما قبّلتك» ) * «4» .
3-
* (عن أبي وائل قال: جلست إلى شيبة في هذا المسجد، قال: جلس إليّ عمر في مجلسك هذا فقال: «هممت أن لا أدع فيها «5» صفراء ولا بيضاء «6» إلّا قسمتها بين المسلمين. قال: ما أنت بفاعل. قال: لم؟
قلت: لم يفعله صاحباك: قال هما المرآن يقتدى بهما» ) * «7» .
4-
* (عن عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه أنّه قال: «فيم الرّملان «8» اليوم والكشف
(1) سيف البحر (بكسر السين) : أي ساحل البحر.
(2)
البخاري- الفتح 5 (2731، 2732) واللفظ له، ومسلم مقطعا (1783، 1784، 1785) .
(3)
سنن النسائي (8/ 231) ، سنن الدارمي (1/ 71، 72) .
(4)
البخاري- الفتح 3 (1597) واللفظ له، مسلم (1270) .
(5)
أي في الكعبة.
(6)
الصفراء والبيضاء: المراد بهما الذهب والفضة، والمرآن: المراد بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه.
(7)
البخاري- الفتح 13 (7275) .
(8)
الرملان مصدر الرمل: وهو تقارب الخطى في المشي مع هز الكتفين.
عن المناكب؟ وقد أطّأ «1» الله الإسلام ونفى الكفر وأهله، مع ذلك لا ندع شيئا كنّا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم» ) * «2» .
5-
* (عن أبي الهيّاج الأسديّ قال: بعث عليّ ابن أبي طالب- رضي الله عنه أبا الهيّاج الأسديّ وقال له: «ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟. أن لا تدع تمثالا إلّا طمسته، ولا قبرا مشرفا إلّا سوّيته» ) * «3» .
6-
* (وقال- رضي الله عنه: «إيّاكم والاستنان بالرّجال؛ فإنّ الرّجل ليعمل بعمل أهل الجنّة ثمّ ينقلب لعلم الله فيه فيعمل بعمل أهل النّار فيموت وهو من أهل النّار، وإنّ الرّجل ليعمل بعمل أهل النّار فينقلب لعلم الله فيه فيعمل بعمل أهل الجنّة فيموت وهو من أهل الجنّة، فإن كنتم لا بدّ فاعلين فبالأموات لا بالأحياء وأشار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام» ) * «4» .
7-
* (عن أبيّ بن كعب- رضي الله عنه قال: «عليكم بالسّبيل والسّنّة، فإنّه ليس من عبد على السّبيل والسّنّة ذكر الرّحمن ففاضت عيناه من خشية الله- عز وجل فتمسّه النّار. وليس من عبد على سبيل وسنّة ذكر الرّحمن فاقشعرّ جلده من مخافة الله، إلّا كان مثله كمثل شجرة قد يبس ورقها فهي كذلك إذ أصابتها الرّيح فتحاتّ عنها ورقها، إلّا تحاتّت عنه ذنوبه كما تحاتّ عن تلك الشّجرة ورقها. وإنّ اقتصادا في سبيل وسنّة خير من اجتهاد في خلاف سبيل وسنّة، فانظروا أن يكون عملكم إن كان اجتهادا أو اقتصادا أن يكون ذلك على منهاج الأنبياء وسنّتهم» ) * «5» .
8-
* (وقال أيضا يوصي رجلا: «اتّخذ كتاب الله إماما، وارض به قاضيا وحكما، فإنّه الّذي استخلف فيكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، شفيع مطاع، وشاهد لا يتّهم فيه ذكركم وذكر من قبلكم، وحكم ما بينكم وخبركم وخبر ما بعدكم» ) * «6» .
9-
* (عن حذيفة- رضي الله عنه قال: «يا معشر القرّاء! استقيموا فقد سبقتم سبقا بعيدا، فإن أخذتم يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا» ) * «7» .
10-
* (عن أبي إدريس الخولانيّ: «أنّ يزيد ابن عميرة، وكان من أصحاب معاذ بن جبل، أخبره، قال كان لا يجلس مجلسا للذّكر حين يجلس إلّا قال:
الله حكم قسط. هلك المرتابون. فقال معاذ بن جبل يوما: إنّ من ورائكم فتنا يكثر فيها المال، ويفتح فيها القرآن حتّى يأخذه المؤمن والمنافق، والرّجل والمرأة، والصّغير والكبير، والعبد والحرّ، فيوشك قائل أن
(1) أطا: يعني وطأ الشيء وثبته وأحكمه.
(2)
أبو داود (1887) واللفظ له، ابن ماجة (2952) .
(3)
مسلم (969) .
(4)
الاعتصام للشاطبي (2/ 358، 359) .
(5)
حلية الأولياء (1/ 252، 253) ، أصول الاعتقاد (1/ 54) .
(6)
الحلية- الموضع نفسه.
(7)
البخاري- الفتح 13 (7282) .
يقول: ما للنّاس لا يتّبعوني وقد قرأت القرآن؟. ما هم بمتّبعيّ حتّى أبتدع لهم غيره، فإيّاكم وما ابتدع، فإنّ ما ابتدع ضلالة، وأحذّركم زيغة الحكيم؛ فإنّ الشّيطان قد يقول كلمة الضّلالة على لسان الحكيم، وقد يقول المنافق كلمة الحقّ. قال: قلت لمعاذ: ما يدريني- رحمك الله- أنّ الحكيم قد يقول كلمة الضّلالة، وأنّ المنافق قد يقول كلمة الحقّ؟. قال: بلى اجتنب من كلام الحكيم المشتهرات، الّتي يقال: ما هذه؟ ولا يثنينّك ذلك عنه؛ فإنّه لعلّه أن يراجع، وتلقّ الحقّ إذا سمعته، فإنّ على الحقّ نورا» ) * «1» .
11-
* (قال ابن عبّاس- رضي الله عنهما في معنى قوله تعالى: وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً، اجعلنا أئمّة هدى ليهتدى بنا ولا تجعلنا أئمّة ضلالة» ) * «2» .
12-
* (قال ابن عبّاس- رضي الله عنهما في قوله تعالى: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ، «فأمّا الذين ابيضّت وجوههم فأهل السّنّة والجماعة وأولو العلم. وأمّا الّذين اسودّت وجوههم فأهل البدع والضّلالة» «3» .
13-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما قال: «قدم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر فنزل على ابن أخيه الحرّ بن قيس بن حصن- وكان من النّفر الذين يدنيهم عمر، وكان القرّاء أصحاب مجلس عمر ومشاورته كهولا كانوا أو شبّانا- فقال عيينة لابن أخيه: يا ابن أخي! هل لك وجه عند هذا الأمير فتستأذن لي عليه؟. قال: سأستأذن لك عليه، قال ابن عبّاس: فاستأذن لعيينة. فلمّا دخل قال: يابن الخطّاب، والله ما تعطينا الجزل، وما تحكم بيننا بالعدل. فغضب عمر حتّى همّ بأن يقع به، فقال الحرّ:
يا أمير المؤمنين، إنّ الله تعالى قال لنبيّه صلى الله عليه وسلم: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ. وإنّ هذا من الجاهلين. فوالله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقّافا عند كتاب الله» ) * «4» .
14-
* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما:
15-
عن أميّة بن عبد الله بن خالد بن أسيد أنّه قال لعبد الله بن عمر: إنّا نجد صلاة الحضر وصلاة الخوف في القرآن، ولا نجد صلاة السّفر في القرآن، فقال له ابن عمر:«ابن أخي إنّ الله- عز وجل بعث إلينا محمّدا صلى الله عليه وسلم ولا نعلم شيئا، فإنّما نفعل كما رأينا محمّدا صلى الله عليه وسلم يفعل» ) * «6» .
16-
* (عن نافع قال «كان ابن عمر- رضي الله عنهما إذا دخل أدنى الحرم أمسك عن التّلبية، ثمّ يبيت بذي طوى، ثمّ يصلّي الصّبح ويغتسل ويحدّث
(1) أبو داود (4611) وقال الألباني (3/ 872) : صحيح الإسناد موقوف.
(2)
البخاري- الفتح 13 (265) .
(3)
أصول الاعتقاد (1/ 72) .
(4)
البخاري- الفتح 13 (7286) .
(5)
البخاري- الفتح 3 (1573) واللفظ له، مسلم (1259) .
(6)
أحمد (2/ 95) .
أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك» ) * «1» .
17-
* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما قال: «دخلت على حفصة فقالت: أعلمت أنّ أباك غير مستخلف؟ قال: قلت: ما كان ليفعل. قالت:
إنّه فاعل. قال: فحلفت أن أكلّمه في ذلك فسكتّ.
حتّى غدوت ولم أكلّمه. قال: فكنت كأنّما أحمل بيميني جبلا. حتّى رجعت فدخلت عليه، فسألني عن حال النّاس وأنا أخبره. قال: ثمّ قلت له: إنّي سمعت النّاس يقولون مقالة فآليت أن أقولها لك.
زعموا أنّك غير مستخلف، وإنّه لو كان لك راعي إبل أو راعي غنم ثمّ جاءك وتركها رأيت أن قد ضيّع.
فرعاية النّاس أشدّ. قال: فوافقه قولي. فوضع رأسه ساعة ثمّ رفعه إليّ فقال: إنّ الله عز وجل يحفظ دينه، وإنّي لئن لا أستخلف فإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستخلف، وإن أستخلف فإنّ أبا بكر قد استخلف. قال: فوالله ما هو إلّا أن ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر فعلمت أنّه لم يكن ليعدل برسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا. وأنّه غير مستخلف» ) * «2» .
18-
* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما أنّه كان يفتي بالّذي أنزل الله- عز وجل من الرّخصة بالتّمتّع وسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، فيقول ناس لابن عمر: كيف تخالف أباك وقد نهى عن ذلك؟ فيقول لهم عبد الله: ويلكم ألا تتّقون الله إن كان عمر نهى عن ذلك فيبتغي فيه الخير يلتمس به تمام العمرة، فلم تحرّمون ذلك وقد أحلّه الله وعمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
أفرسول الله صلى الله عليه وسلم أحقّ أن تتّبعوا سنّته أم سنّة عمر؟.
إنّ عمر لم يقل لكم إنّ العمرة في أشهر الحجّ حرام، ولكنّه قال: إنّ أتمّ العمرة أن تفردوها من أشهر الحجّ» ) * «3» .
19-
* (قال أبو موسى الأشعريّ- رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى: يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ:
من يتّبع القرآن يهبط به على رياض الجنّة) *» .
20-
* (قال عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه: «إنّه قد أتى علينا زمان ولسنا نقضي ولسنا هنالك، ثمّ إنّ الله- عز وجل قدّر علينا أن بلغنا ما ترون، فمن عرض له منكم قضاء بعد اليوم، فليقض بما في كتاب الله، فإن جاء أمر ليس في كتاب الله، فليقض بما قضى به نبيّه صلى الله عليه وسلم، فإن جاء أمر ليس في كتاب الله ولا قضى به نبيّه صلى الله عليه وسلم فليقض بما قضى به الصّالحون، فإن جاء أمر ليس في كتاب الله ولا قضى به نبيّه صلى الله عليه وسلم ولا قضى به الصّالحون، فليجتهد رأيه ولا يقول: إنّي أخاف، وإنّي أخاف، فإنّ الحلال بيّن والحرام بيّن، وبين ذلك أمور مشتبهات، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك» ) * «5» .
21-
* (عن عبد الرّحمن بن يزيد قال: رمى عبد الله بن مسعود جمرة العقبة، من بطن الوادي، بسبع
(1) البخاري- الفتح 3 (1573) واللفظ له، مسلم (1259) .
(2)
مسلم (1823) .
(3)
أحمد (2/ 95) .
(4)
تفسير ابن كثير (1/ 165) .
(5)
النسائي (8/ 230) واللفظ له وقال عقبه: هذا الحديث جيد، سنن الدارمي (1/ 71) .
حصيات يكبّر مع كلّ حصاة. قال: فقيل له: إنّ أناسا يرمونها من فوقها. فقال عبد الله بن مسعود: «هذا، والّذي لا إله غيره! مقام الّذي أنزلت عليه سورة البقرة» ) * «1» .
22-
* (قال ابن مسعود- رضي الله عنه:
«قد أصبحتم على الفطرة وإنّكم ستحدثون ويحدث لكم، فإذا رأيتم محدثة فعليكم بالهدى الأوّل» ) * «2» .
23-
* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه قال: «من سرّه أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصّلوات حيث ينادى بهنّ. فإنّ الله شرع لنبيّكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنّهنّ من سنن الهدى، ولو أنّكم صلّيتم في بيوتكم كما يصلّي هذا المتخلّف في بيته لتركتم سنّة نبيّكم، ولو تركتم سنّة نبيّكم لضللتم. وما من رجل يتطهّر فيحسن الطّهور ثمّ يعمد إلى مسجد من هذه المساجد، إلّا كتب الله له بكلّ خطوة يخطوها حسنة. ويرفعه بها درجة. ويحطّ عنه بها سيّئة. ولقد رأيتنا وما يتخلّف عنها إلّا منافق معلوم النّفاق. ولقد كان الرّجل يؤتى به يهادى بين الرّجلين حتّى يقام في الصّفّ» ) * «3» .
24-
* (قال عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه «من كان منكم مستنّا فليستنّ بمن قد مات، إنّ الحيّ لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمّد كانوا أفضل هذه الأمّة: أبرّها قلوبا وأعمقها علما، وأقلّها تكلّفا. اختارهم الله لصحبة نبيّه ولإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم واتّبعوهم على أثرهم وسيرتهم فإنّهم كانوا على الهدى المستقيم» ) * «4» .
25-
* (عن جبير بن نفير؛ قال: خرجت مع شرحبيل بن السّمط إلى قرية، على رأس سبعة عشر أو ثمانية عشر ميلا مع جماعة. فصلّى ركعتين.
فقلت له: فقال: رأيت عمر صلّى بذي الحليفة ركعتين، فقلت له، فقال: إنّما أفعل كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل» ) * «5» .
26-
* (قال أنس بن مالك- رضي الله عنه «أنّه سمع عمر- رضي الله عنه يقول:
فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا وَعِنَباً الآية إلى قوله: وَأَبًّا.
قال: كلّ هذا قد عرفناه فما الأبّ؟. ثمّ رمى عصا كانت في يده ثمّ قال: «هذا لعمر الله التّكلّف» .
اتّبعوا ما بيّن لكم من هذا الكتاب) * «6» .
27-
* (قال الحسن البصريّ- رحمه الله تعالى-: «السّنّة، والّذي لا إله إلّا هو بين الغالي والجافي، فاصبروا عليها رحمكم الله، فإنّ أهل السّنّة كانوا أقلّ النّاس فيما مضى، وهم أقلّ النّاس فيما بقى:
الّذين لم يذهبوا مع أهل الإتراف في إترافهم، ولا مع أهل البدع في بدعهم، وصبروا على سنّتهم حتّى لقوا ربّهم، فكذلك إن شاء الله فكونوا» ) * «7» .
28-
* (قال الحسن البصريّ- رحمه الله
(1) مسلم (1296) .
(2)
الفتح (13/ 267) .
(3)
مسلم (654) .
(4)
إغاثة اللهفان (1/ 159) .
(5)
مسلم (692) .
(6)
الفتح (13/ 285) وعزاه الحافظ لمسند عبد بن حميد. وأصل الحديث في البخاري 13 (7293) .
(7)
إغاثة اللهفان (1/ 70) .
تعالى- في قوله تعالى-: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ. قال: «وكان علامة حبّه إيّاهم اتّباع سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم» وفي موضع آخر: «فقد جعلت علامة حبّهم الله اتّباع رسوله» ) * «1»
29-
* (قال محمّد بن سيرين: كانوا يرون أنّه على الطّريق ما كان على الأثر) * «2» .
30-
* (قال مجاهد- رحمه الله تعالى-: «في قول الله تعالى: وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً يعني أئمّة نقتدي بمن قبلنا ويقتدي بنا من بعدنا» ) * «3» .
31-
* (قال عبّاد بن عبّاد الخوّاصّ الشّاميّ رحمه الله تعالى-: «اعقلوا، والعقل نعمة، فربّ ذي عقل قد شغل قلبه بالتّعمّق فيما هو عليه ضرر عن الانتفاع بما يحتاج إليه، حتّى صار عن ذلك ساهيا.
من فضل عقل المرء ترك النّظر فيما لا نظر فيه حتّى يكون فضل عقله وبالا عليه في ترك مناقشة من هو دونه في الأعمال الصّالحة، أو رجل شغل قلبه ببدعة قلّد فيها دينه رجالا دون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو اكتفى برأيه فيما لا يرى الهدى إلّا فيها، ولا يرى الضّلالة إلّا تركها بزعم أنّه أخذها من القرآن، وهو يدعو إلى فراق القرآن، أفما كان للقرآن حملة قبله وقبل أصحابه يعملون بمحكمه ويؤمنون بمتشابهه؟ وكانوا منه على منار أوضح الطّريق، وكان القرآن إمام رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إماما لأصحابه، وكان أصحابه أئمّة لمن بعدهم، رجال معروفون منسوبون في البلدان متّفقون في الرّدّ على أصحاب الأهواء مع ما كان بينهم من الاختلاف، وتسكّع أصحاب الأهواء برأيهم في سبل مختلفة جائرة عن القصد مفارقة للصّراط المستقيم، فتوّهت بهم أدلّاؤهم في مهامه «4» مضلّة فأمعنوا فيها متعسّفين في هيأتهم كلّما أحدث لهم الشّيطان بدعة في ضلالتهم انتقلوا منها إلى غيرها، لأنّهم لم يطلبوا أثر السّالفين، ولم يقتدوا بالمهاجرين، وقد ذكر عن عمر أنّه قال لزياد: هل تدري ما يهدم الإسلام؟ زلّة عالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمّة مضلّون» ) * «5» .
32-
* (قال ميمون بن مهران- رحمه الله تعالى-: «كان أبو بكر إذا ورد عليه الخصم نظر في كتاب الله، فإن وجد فيه ما يقضي بينهم قضى به، وإن لم يكن في الكتاب وعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الأمر سنّة قضى به، فإن أعياه خرج فسأل المسلمين، وقال: أتاني كذا وكذا، فهل علمتم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في ذلك بقضاء؟ فربّما اجتمع إليه النّفر كلّهم يذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه قضاء فيقول أبو بكر: الحمد لله الّذي جعل فينا من يحفظ على نبيّنا، فإن أعياه أن يجد فيه سنّة من رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع
(1) أصول الاعتقاد (1/ 70) .
(2)
سنن الدارمي (1/ 66) حديث 140.
(3)
البخاري- الفتح (13/ 248) .
(4)
المهامه: جمع مهمهة وهي المفازة، والمعنى في طرق بعيدة مضلة.
(5)
سنن الدارمي (1/ 166) .
رءوس النّاس وخيارهم فاستشارهم فإذا اجتمع رأيهم على أمر قضى به» ) * «1» .
33-
قال الشّعبيّ- رحمه الله تعالى-:
«شهدت شريحا- وجاءه رجل من مراد- فقال:
يا أبا أميّة، ما دية الأصابع؟ قال: عشر عشر. قال: يا سبحان الله أسواء هاتان؟ جمع بين الخنصر والإبهام.
فقال شريح: يا سبحان الله! أسواء أذنك ويدك؟ فإنّ الأذن يواريها الشّعر والكمّة «2» ، فيها نصف الدّية، وفي اليد نصف الدّية. ويحك! إنّ السّنّة سبقت قياسكم، فاتّبع ولا تبتدع، فإنّك لن تضلّ ما أخذت بالأثر. ثمّ قال لي الشّعبيّ: يا هذليّ، لو أنّ أحنفكم قتل، وهذا الصّبيّ في مهده أكان ديتهما سواء؟. قلت: نعم. قال:
فأين القياس» ) * «3» .
34-
* (قال عمر بن عبد العزيز- رحمه الله تعالى-: «سنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمور بعده سننا، الأخذ بها تصديق لكتاب الله، واستكمال لطاعة الله، وقوّة على دين الله، ليس لأحد تبديلها ولا تغييرها، ولا النّظر فيما خالفها. من اقتدى بها فهو مهتد، ومن استنصر فهو منصور، ومن خالفها واتّبع غير سبيل المؤمنين ولّاه الله ما تولّى وأصلاه جهنّم وساءت مصيرا» ) * «4» .
35-
* (عن أبي الصّلت، قال: كتب رجل إلى عمر بن عبد العزيز يسأله عن القدر، فكتب: «أمّا بعد؛ أوصيك بتقوى الله، والاقتصاد في أمره، واتّباع سنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم، وترك ما أحدث المحدثون بعد ما جرت به سنّته، وكفوا مئونته، فعليك بلزوم السّنّة فإنّها لك بإذن الله عصمة، ثمّ اعلم أنّه لم يبتدع النّاس بدعة، إلّا قد مضى قبلها ما هو دليل عليها، أو عبرة فيها؛ فإنّ السّنّة إنّما سنّها من قد علم ما في خلافها من الخطأ، والزّلل، والحمق، والتّعمّق، فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم؛ فإنّهم على علم وقفوا، وببصر نافذ كفّوا، وهم على كشف الأمور كانوا أقوى، وبفضل ما كانوا فيه أولى، فإن كان الهدى ما أنتم عليه لقد سبقتموهم إليه. ولئن قلتم:
إنّما حدث بعدهم. ما أحدثه إلّا من اتّبع غير سبيلهم، ورغب بنفسه عنهم؛ فإنّهم هم السّابقون، فقد تكلّموا فيه بما يكفي، ووصفوا منه ما يشفي، فما دونهم من مقصر، وما فوقهم من محسر، وقد قصّر قوم دونهم فجفوا، وطمح عنهم أقوام فغلوا، وإنّهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم.
كتبت تسأل عن الإقرار بالقدر فعلى الخبير بإذن الله وقعت، فاعلم ما أحدث النّاس من محدثة، ولا ابتدعوا من بدعة، هي أبين أثرا، ولا أثبت أمرا، من الإقرار بالقدر، لقد كان ذكره في الجاهليّة الجهلاء، يتكلّمون به في كلامهم، وفي شعرهم، يعزّون به أنفسهم على ما فاتهم، ثمّ لم يزده الإسلام بعد إلّا شدّة، ولقد ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير حديث ولا حديثين، وقد سمعه منه المسلمون، فتكلّموا به في
(1) سنن الدارمي (1/ 70) .
(2)
الكمّة: القلنسوة.
(3)
سنن الدارمي (1/ 77) .
(4)
إغاثة اللهفان (1/ 159) .
حياته وبعد وفاته، يقينا وتسليما لربّهم، وتضعيفا لأنفسهم، أن يكون شيء لم يحط به علمه، ولم يحصه كتابه، ولم يمض فيه قدره، وإنّه مع ذلك لفي محكم كتابه منه اقتبسوه، ومنه تعلّموه.
ولئن قلتم: لم أنزل الله آية كذا، ولم قال: كذا؟.
لقد قرءوا منه ما قرأتم، وعلموا من تأويله ما جهلتم، وقالوا بعد ذلك كلّه بكتاب وقدر، وكتبت الشّقاوة، وما يقدّر يكن، وما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا نملك لأنفسنا ضرّا ولا نفعا، ثمّ رغبوا بعد ذلك ورهبوا» ) * «1»
36-
* (قال الزّهريّ- رحمه الله تعالى-:
37-
* (قال الأوزاعيّ- رحمه الله تعالى-:
38-
* (وقال أيضا: «ندور مع السّنّة حيث دارت» ) * «4» .
39-
* (قال أبو الزّناد- رحمه الله تعالى-:
«إنّ السّنن ووجوه الحقّ لتأتي كثيرا على خلاف الرّأي، فما يجد المسلمون بدّا من اتّباعها» ) * «5»
40-
* (قال سفيان- رحمه الله تعالى-:
«اسلكوا سبيل الحقّ ولا تستوحشوا من قلّة أهله» ) * «6» .
41-
* (قال أبو شامة- رحمه الله تعالى-:
42-
* (قال أبو عثمان الحيريّ: «من أمّر السّنّة على نفسه قولا وفعلا نطق بالحكمة، ومن أمّر الهوى على نفسه قولا وفعلا نطق بالبدعة، قال تعالى:
وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا» ) * «8» .
43-
* (قال أبو حفص: «من لم يزن أفعاله وأحواله في كلّ وقت بالكتاب والسّنّة ولم يتّهم خواطره، فلا يعدّ في ديوان الرّجال» ) * «9» .
44-
* (قال أبو بكر التّرمذيّ: «لم يجد أحد تمام الهمّة بأوصافها إلّا أهل المحبّة، إنّما أخذوا ذلك باتّباع السّنّة ومجانبة البدعة، فإنّ محمّدا صلى الله عليه وسلم كان أعلى الخلق كلّهم همّة وأقربهم زلفى» ) * «10» .
45-
* (قال ابن القيّم- رحمه الله تعالى-:
(1) أبو داود (4612) . وقال الألباني (3/ 873) : صحيح مقطوع.
(2)
الدارمي (1/ 58) برقم (96) .
(3)
أصول الاعتقاد (1/ 64) .
(4)
المرجع السابق نفسه.
(5)
البخاري- الفتح (4/ 225) .
(6)
الاعتصام (1/ 34) .
(7)
إغاثة اللهفان لابن القيم (1/ 69)
(8)
الاعتصام (1/ 96) .
(9)
مدارج السالكين (2/ 464) .
(10)
الاعتصام (1/ 92) .