المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأحاديث الواردة في (الاستغفار) - نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم - جـ ٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌[حرف الألف]

- ‌الابتهال

- ‌الابتهال لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌الآيات الواردة في (الابتهال)

- ‌الأحاديث الواردة في (الابتهال)

- ‌الأحاديث الواردة في (الابتهال) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (الابتهال)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الابتهال)

- ‌من فوائد (الابتهال)

- ‌الاتباع

- ‌الاتباع لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌السنن التّركية حكمها حكم السنن الفعلية:

- ‌الاتباع دليل محبة الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم:

- ‌الاتباع في القرآن الكريم:

- ‌الآيات الواردة في «الاتباع»

- ‌أولا: اتباع المولى- عز وجل

- ‌ثانيا: اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ورسل الله الكرام وأوليائه الصالحين

- ‌ثالثا: اتباع الهدى والرضوان وما أنزل الله من كتاب أو ارتضى من شريعة:

- ‌رابعا: اتباع المؤمنين:

- ‌الآيات الواردة في «الاتّباع لفظا» ولها معنى آخر:

- ‌الأحاديث الواردة في (الاتباع)

- ‌الأحاديث الواردة في (الاتباع) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (الاتباع)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الاتباع)

- ‌من فوائد (الاتباع)

- ‌الاجتماع

- ‌الاجتماع لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌أهمية الاجتماع وحث الإسلام عليه:

- ‌الآيات الواردة في الحث على «الاجتماع»

- ‌الآيات الواردة في الحث على «الاجتماع» معنى

- ‌الأحاديث الواردة في (الاجتماع)

- ‌الأحاديث الواردة في (الاجتماع) معنى

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الاجتماع)

- ‌من فوائد (الاجتماع)

- ‌الاحتساب

- ‌الاحتساب لغة:

- ‌الاحتساب اصطلاحا:

- ‌الآيات الواردة في «الاحتساب»

- ‌أولا: الاحتساب بمعنى الاكتفاء بالمولى- عز وجل ناصرا ومعينا:

- ‌ثانيا: الاحتساب بالصبر على المكاره «الآيات الواردة بالمعنى» :

- ‌ثالثا: الاحتساب عند الطاعات: «الآيات الواردة بالمعنى» :

- ‌الآيات الواردة في «الاحتساب» ولها معنى آخر

- ‌الأحاديث الواردة في (الاحتساب)

- ‌1) الأحاديث الواردة في احتساب الطاعات:

- ‌(2) الأحاديث الواردة في احتساب المكاره:

- ‌الأحاديث الواردة في (الاحتساب) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (الاحتساب)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الاحتساب)

- ‌من فوائد (الاحتساب)

- ‌الإحسان

- ‌الإحسان لغة:

- ‌الإحسان اصطلاحا:

- ‌حقيقة الإحسان:

- ‌درجات الإحسان:

- ‌القيمة التربوية للإحسان:

- ‌الإحسان من أهم وسائل نهضة المسلمين:

- ‌إحسان الله إلى عباده:

- ‌بين الحسنة والإحسان:

- ‌فمن معاني الحسنة:

- ‌منزلة الإحسان:

- ‌بين الإحسان والإنعام:

- ‌بين الإحسان والعدل:

- ‌شمولية الإحسان واتساع دائرته:

- ‌ميادين الإحسان كما جاءت في القرآن الكريم:

- ‌الآيات الواردة في «الإحسان»

- ‌أولا: الإحسان من صفة الله- عز وجل

- ‌ثانيا: الإحسان من صفة الأنبياء وصالحي المؤمنين:

- ‌ثالثا: أمر الله- عز وجل بالإحسان:

- ‌رابعا: عاقبة الإحسان:

- ‌أ- معية الله للمحسنين (وكفى به شرفا) :

- ‌ب- حب الله للمحسنين (وكفى به جزاء) :

- ‌ج- جزاء الإحسان في الدنيا والآخرة:

- ‌الأحاديث الواردة في (الإحسان)

- ‌الأحاديث الواردة في (الإحسان) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (الإحسان)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء الواردة في (الإحسان)

- ‌من فوائد (الإحسان)

- ‌الإخاء

- ‌الإخاء لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌الإخاء في القرآن:

- ‌الآيات الواردة في «الإخاء»

- ‌أخوة النّسب:

- ‌أخوة الدّين:

- ‌أخوة القبيلة:

- ‌أخوة المودة والمحبة:

- ‌أخوة الصحبة:

- ‌الآيات الواردة في «الإخاء» معنى

- ‌الأحاديث الواردة في (الإخاء والمؤاخاة)

- ‌الأحاديث الواردة في (الإخاء) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (الإخاء)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الإخاء)

- ‌من فوائد (الإخاء)

- ‌الإخبات

- ‌الإخبات لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌الآيات الواردة في «الإخبات»

- ‌الأحاديث الواردة في (الإخبات)

- ‌من الآثار الواردة في (الإخبات)

- ‌من فوائد (الإخبات)

- ‌الإخلاص

- ‌الإخلاص لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌حقيقة الإخلاص:

- ‌الفرق بين الإخلاص والصدق:

- ‌لفظ الإخلاص في القرآن الكريم:

- ‌الآيات الواردة في «الإخلاص»

- ‌إخلاص الدين لله:

- ‌إخلاص الله- عز وجل من شاء من عباده:

- ‌أ- الأنبياء- صلوات الله عليهم

- ‌ب- المؤمنون الناجون (من عذاب الدنيا أو من عذاب الآخرة أو من تلبيس إبليس) :

- ‌الآيات الواردة في «الإخلاص» معنى

- ‌الأحاديث الواردة في (الإخلاص)

- ‌الأحاديث الواردة في (الإخلاص) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (الإخلاص)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الإخلاص)

- ‌من صور الإخلاص ومظاهره

- ‌من فوائد (الإخلاص)

- ‌الأدب*

- ‌الأدب لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌الأدب والتأديب والتأدب:

- ‌أنواع الأدب:

- ‌أولا: الأدب مع الله- عز وجل

- ‌أدب الرسول صلى الله عليه وسلم مع الله- عز وجل

- ‌أدب الأنبياء والرسل مع الله- عز وجل

- ‌الأدب مع الله- عز وجل في العبادة:

- ‌ثانيا: الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌من مظاهر الأدب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم:

- ‌ثالثا: الأدب مع الخلق:

- ‌أدب الحوار والمناظرة في الدعوة إلى الله:

- ‌الأدب مع النفس:

- ‌الأدب اللازم للإنسان:

- ‌أدب المواضعة والاصطلاح:

- ‌أدب الرياضة والاستصلاح:

- ‌من صور أدب الرياضة والاستصلاح:

- ‌الآيات الواردة في «الأدب» معنى

- ‌الأدب مع الله- عز وجل والقرآن الكريم:

- ‌الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌الأدب مع الإنسان:

- ‌الأدب مع النفس:

- ‌الأحاديث الواردة في (الأدب)

- ‌الأحاديث الواردة في (الأدب) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (الأدب)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الأدب)

- ‌من فوائد الالتزام بالأدب

- ‌الإرشاد

- ‌الإرشاد لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌الإرشاد في القرآن الكريم:

- ‌الآيات الواردة في «الإرشاد»

- ‌الأحاديث الواردة في (الإرشاد)

- ‌الأحاديث الواردة في (الإرشاد) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (الإرشاد)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الإرشاد)

- ‌من فوائد (الإرشاد)

- ‌الاستئذان

- ‌الاستئذان لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌الاستئذان في القرآن الكريم:

- ‌الآيات الواردة في «الاستئذان»

- ‌أولا: الإذن من المولى- عز وجل بأمر من الأمور:

- ‌ثانيا: الإذن ممن يملك ذلك من الناس:

- ‌ثالثا: الاستئذان المطلوب شرعا وخلقا وسلوكا:

- ‌رابعا: الاستئذان المذموم، وهو يتعلق بالتعلة في الجهاد:

- ‌الأحاديث الواردة في (الاستئذان)

- ‌الأحاديث الواردة في (الاستئذان) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (الاستئذان)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الاستئذان)

- ‌من فوائد (الاستئذان)

- ‌الاستخارة

- ‌الاستخارة لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌ضرورة الالتزام بالوارد في الاستخارة:

- ‌فضل صلاة الاستخارة:

- ‌الأحاديث الواردة في (الاستخارة)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء الواردة في (الاستخارة)

- ‌من فوائد (الاستخارة)

- ‌الاستعاذة

- ‌الاستعاذة لغة:

- ‌المستعاذ به

- ‌الاستعاذة اصطلاحا:

- ‌المستعاذ منه:

- ‌حكم الاستعاذة وصيغتها:

- ‌الآيات الواردة في «الاستعاذة»

- ‌أولا: المستعاذ منه هو الشيطان:

- ‌ثانيا: المستعاذ منه هو الجهل أو الظلم أو الظالمين أو الشر عموما:

- ‌الأحاديث الواردة في (الاستعاذة)

- ‌الأحاديث الواردة في (الاستعاذة) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (الاستعاذة)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الاستعاذة)

- ‌من فوائد (الاستعاذة)

- ‌الاستعانة

- ‌الاستعانة لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌الاستعانة الإيمانية والاستعانة الشركية:

- ‌الاستعانة بالأعمال الصالحة:

- ‌ معنى الاستعانة

- ‌الإنسان محتاج إلى الله في كل حال ولكل شأن:

- ‌منزلة الاستعانة ومكانتها:

- ‌لماذا قدمت العبادة على الاستعانة

- ‌أوجه الاستعانة بالله تعالى:

- ‌تقسيم الناس بحسب الاستعانة:

- ‌الآيات الواردة في «الاستعانة»

- ‌الأحاديث الواردة في (الاستعانة)

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (الاستعانة)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الاستعانة)

- ‌من فوائد (الاستعانة)

- ‌الاستغاثة

- ‌الاستغاثة لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌المغيث من أسماء الله الحسنى:

- ‌الفرق بين الاستغاثة والدعاء:

- ‌أنواع الاستغاثة:

- ‌الآيات الواردة في «الاستغاثة»

- ‌الآيات الواردة في «الاستغاثة» معنى

- ‌الأحاديث الواردة في (الاستغاثة)

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (الاستغاثة)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الاستغاثة)

- ‌من فوائد (الاستغاثة)

- ‌الاستغفار

- ‌الاستغفار لغة:

- ‌الغفور والغفّار وغافر الذّنب من أسماء الله تعالى:

- ‌واصطلاحا:

- ‌الفرق بين الغفران والعفو:

- ‌الآيات الواردة في «الاستغفار»

- ‌أولا: تأميل الراجين وتأنيس المذنبين بمغفرته سبحانه لأنه هو الغفور الغفار:

- ‌ثانيا: أمر الله بالاستغفار:

- ‌ثالثا: دعوة الأنبياء والصالحين أقوامهم للاستغفار:

- ‌رابعا: الاستغفار من صفات الأنبياء والصالحين:

- ‌خامسا: الاستغفار يكون للنفس وللغير:

- ‌سادسا: غفران الله عز وجل (قبول الاستغفار) يرتبط بالتوبة والعمل الصالح:

- ‌سابعا: الاستغفار المقبول يرتبط بمشيئة الله- عز وجل

- ‌ثامنا: قبول الاستغفار يكون للمؤمنين والمتقين:

- ‌تاسعا: قبول الاستغفار يكون للكافر إذا أسلم وحسن إسلامه:

- ‌عاشرا: لا يقبل الله استغفارا من مشرك أو فاسق:

- ‌حادي عشر: الأوقات المفضلة للاستغفار:

- ‌ثاني عشر: أثر الاستغفار في الدنيا منع العذاب- استجلاب الرحمة- الإمداد بالأموال والبنين) :

- ‌ثالث عشر: البشارة بالمغفرة ودخول الجنة في الآخرة:

- ‌الأحاديث الواردة في (الاستغفار)

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (الاستغفار)

- ‌من الآثار الواردة في (الاستغفار)

- ‌من فوائد (الاستغفار)

- ‌الاستقامة

- ‌الاستقامة لغة:

- ‌معنى القيّوم في أسماء الله تعالى:

- ‌واصطلاحا:

- ‌الاستقامة طريق النجاة:

- ‌إذا استقام القلب استقامت الجوارح:

- ‌الآيات الواردة في «الاستقامة»

- ‌الآيات الواردة في «الاستقامة» معنى

- ‌الأحاديث الواردة في (الاستقامة)

- ‌الأحاديث الواردة في (الاستقامة) معنى

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الاستقامة)

- ‌من فوائد (الاستقامة)

- ‌الإسلام

- ‌الإسلام لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌الفرق بين الإسلام والإيمان*:

- ‌الإسلام في القرآن الكريم:

- ‌الآيات الواردة في «الإسلام»

- ‌أولا: الإسلام هو إخلاص العبادة لله وحده:

- ‌ثانيا: الإسلام هو الدين الحق:

- ‌ثالثا: الإسلام هو التوحيد:

- ‌رابعا: الإسلام هو الاستسلام والانقياد:

- ‌رابعا: الإسلام هو الإقرار باللسان والعمل بالأركان:

- ‌الأحاديث الواردة في (الإسلام)

- ‌الأحاديث الواردة في (الإسلام) معنى

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الإسلام)

- ‌من فوائد (الإسلام)

- ‌الأسوة الحسنة

- ‌الأسوة لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌لا بد للناس من مثل واقعية ونماذج قوية:

- ‌أنواع الأسوة:

- ‌أهمية القدوة الحسنة:

- ‌أصول القدوة:

- ‌شواهد حية في مواقف القدوة:

- ‌أثر القدوة الحسنة في انتشار الإسلام:

- ‌الآيات الواردة في «الأسوة الحسنة»

- ‌الآيات الواردة في «الأسوة الحسنة» معنى

- ‌الأحاديث الواردة في (الأسوة الحسنة)

- ‌الأحاديث الواردة في (الأسوة الحسنة) معنى

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الأسوة الحسنة)

- ‌من فوائد (الأسوة الحسنة)

- ‌الإصلاح

- ‌الإصلاح لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌من أنواع الإصلاح:

- ‌الإصلاح في القرآن الكريم:

- ‌الآيات الواردة في «الإصلاح»

- ‌الإصلاح بعد التوبة مطمع في الغفران:

- ‌الأمر بإصلاح ذات البين:

- ‌النهي عن الإفساد بعد الإصلاح:

- ‌الأمر بالإصلاح في النبوة والإمارة:

- ‌ثواب الإصلاح والمصلحين:

- ‌الأحاديث الواردة في (الإصلاح)

- ‌الأحاديث الواردة في (الإصلاح) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (الإصلاح)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الإصلاح)

- ‌من فوائد (الإصلاح)

- ‌الاعتبار

- ‌الاعتبار لغة:

- ‌والاعتبار اصطلاحا:

- ‌كيفية التفكر والاعتبار:

- ‌الآيات الواردة في «الاعتبار»

- ‌الاعتبار بالمشاهدات:

- ‌الاعتبار بالمرويات:

- ‌الآيات الواردة في «الاعتبار» معنى

- ‌الأحاديث الواردة في (الاعتبار)

- ‌الأحاديث الواردة في (الاعتبار) معنى

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الاعتبار)

- ‌من فوائد (الاعتبار)

- ‌الاعتذار

- ‌الاعتذار لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌أساليب الاعتذار:

- ‌الآيات الواردة في «الاعتذار»

- ‌الأحاديث الواردة في (الاعتذار)

- ‌الأحاديث الواردة في (الاعتذار) معنى

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الاعتذار)

- ‌من فوائد (الاعتذار)

- ‌الاعتراف بالفضل

- ‌الاعتراف لغة:

- ‌الاعتراف بالفضل اصطلاحا:

- ‌الاعتراف بالفضل في القرآن الكريم:

- ‌منزلة الاعتراف بالفضل:

- ‌الآيات الواردة في «الاعتراف بالفضل»

- ‌الاعتراف بالفضل في القرآن الكريم:

- ‌الأحاديث الواردة في (الاعتراف بالفضل)

- ‌الأحاديث الواردة في (الاعتراف بالفضل) معنى

- ‌من الآثار وأقوال العلماء الواردة في (الاعتراف بالفضل)

- ‌من فوائد (الاعتراف بالفضل)

- ‌الاعتصام

- ‌الاعتصام لغة:

- ‌الاعتصام بالكتاب والسنة اصطلاحا:

- ‌أنواع الاعتصام:

- ‌الآيات الواردة في «الاعتصام»

- ‌الآيات الواردة في «الاعتصام» معنى

- ‌الأحاديث الواردة في (الاعتصام)

- ‌الأحاديث الواردة في (الاعتصام) معنى

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الاعتصام)

- ‌من فوائد (الاعتصام)

- ‌الإغاثة

- ‌الإغاثة لغة:

- ‌المغيث من أسمائه تعالى:

- ‌الإغاثة اصطلاحا:

- ‌الفرق بين الإغاثة والاستغاثة:

- ‌الإغاثة واجب إسلامي أصيل:

- ‌الآيات الواردة في «الإغاثة»

- ‌أولا: الإغاثة من الله- عز وجل

- ‌ثانيا: الإغاثة على سبيل التهكم بالكفار:

- ‌ثالثا: الإغاثة بإنزال الغيث:

- ‌الآيات الواردة في «الإغاثة» معنى

- ‌الأحاديث الواردة في (الإغاثة)

- ‌الأحاديث الواردة في (الإغاثة) معنى

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الإغاثة)

- ‌من فوائد (الإغاثة)

- ‌إفشاء السلام

- ‌الإفشاء لغة:

- ‌السلام لغة:

- ‌السلام من أسماء الله تعالى:

- ‌إفشاء السلام اصطلاحا:

- ‌صيغ السلام:

- ‌السلام في القرآن الكريم:

- ‌الآيات الواردة في «إفشاء السلام»

- ‌السلام اسم من أسماء الله تعالى:

- ‌السلام بمعنى التحية المعروفة:

- ‌السلام بمعنى الثناء الجميل:

- ‌السلام بمعنى السلامة من كل شر:

- ‌السلام بمعنى الخير:

- ‌دار السلام هي الجنة:

- ‌الأحاديث الواردة في (إفشاء السلام)

- ‌الأحاديث الواردة في (إفشاء السلام) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (إفشاء السلام)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء الواردة في (إفشاء السلام)

- ‌من فوائد (إفشاء السلام)

- ‌إقامة الشهادة

- ‌أ- الإقامة لغة:

- ‌ب- والشهادة لغة:

- ‌الشهادة اصطلاحا:

- ‌لفظ الشهادة:

- ‌الشهيد من أسماء الله تعالى الحسنى:

- ‌الشهيد من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌الآيات الواردة في «إقامة الشهادة»

- ‌الشهادة عن تبليغ الرسالة:

- ‌الشهادة في الحقوق المتعلقة بالأموال:

- ‌الشهادة في الحقوق المتعلقة بالأعراض والأنكحة:

- ‌الشهادة على الأعمال:

- ‌الأحاديث الواردة في (إقامة الشهادة)

- ‌الأحاديث الواردة في (إقامة الشهادة) معنى

- ‌من الآثار الواردة في (إقامة الشهادة)

- ‌من فوائد (إقامة الشهادة)

- ‌أكل الطيبات

- ‌أكل الطيبات لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌الطيب من كل شيء مختار الله:

- ‌من سمات الطيبين أكل الطيبات:

- ‌الفرق بين الطيب والحلال:

- ‌الآيات الواردة في «أكل الطيبات»

- ‌لا بد أن يكون المأكل طيبا:

- ‌لا بد أن يكون الإنفاق من الطيب:

- ‌الطيب هو ما أحله الله وساقه:

- ‌الأحاديث الواردة في (أكل الطيبات)

- ‌الأحاديث الواردة في (أكل الطيبات) معنى

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (أكل الطيبات)

- ‌من فوائد (أكل الطيبات)

- ‌الألفة

- ‌الألفة لغة:

- ‌الألفة اصطلاحا:

- ‌درجات الألفة:

- ‌الألفة وصلاح الإنسان:

- ‌الألفة والعلاقات الاجتماعية:

- ‌أسباب الألفة ودواعيها:

- ‌أثر الإسلام في التأليف بين الأمم:

- ‌الآيات الواردة في «الألفة»

- ‌الآيات الواردة في «الألفة» لفظا ولها معنى آخر

- ‌الأحاديث الواردة في (الألفة)

- ‌الأحاديث الواردة في (الألفة) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (الألفة)

- ‌من الآثار الواردة في (الألفة)

- ‌من فوائد (الألفة)

الفصل: ‌الأحاديث الواردة في (الاستغفار)

‌الأحاديث الواردة في (الاستغفار)

1-

* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إذا جاء أحدكم فراشه فلينفضه بصنفة «1» ثوبه ثلاث مرّات وليقل: باسمك ربّي وضعت جنبي، وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فاغفر لها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصّالحين» ) * «2» .

2-

* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربّه عز وجل قال: «أذنب عبد ذنبا. فقال: اللهمّ اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أنّ له ربّا يغفر الذّنب، ويأخذ بالذّنب. ثمّ عاد فأذنب. فقال: أي ربّ، اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبا. فعلم أنّ له ربّا يغفر الذّنب، ويأخذ بالذّنب.

ثمّ عاد فأذنب فقال: أي ربّ، اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا. فعلم أنّ له ربّا يغفر الذّنب، ويأخذ بالذّنب. اعمل ما شئت فقد غفرت لك» . قال عبد الأعلى: لا أدري أقال في الثّالثة أو الرّابعة: «اعمل ما شئت» ) * «3» .

3-

* (عن عائشة- رضي الله عنها قالت: ألا أحدّثكم عنّي وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا:

بلى قالت: لمّا كانت ليلتي الّتي كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيها عندي. انقلب فوضع رداءه، وخلع نعليه، فوضعهما عند رجليه، وبسط طرف إزاره على فراشه، فاضطجع. فلم يلبث إلّا ريثما ظنّ أن قد رقدت، فأخذ رداءه رويدا، وانتعل رويدا، وفتح الباب فخرج ثمّ أجافه «4» رويدا. فجعلت درعي «5» في رأسي، واختمرت «6» وتقنّعت إزاري. ثمّ انطلقت على إثره. حتّى جاء البقيع فقام، فأطال القيام. ثمّ رفع يديه ثلاث مرّات. ثّم انحرف فانحرفت. فأسرع فأسرعت. فهرول فهرولت. فأحضر فأحضرت.

فسبقته فدخلت. فليس إلّا أن اضطجعت فدخل.

فقال: «مالك يا عائش؟ حشيا رابية «7» » . قالت: لا شيء. قال: «لتخبرنّي أو ليخبرنّي اللّطيف الخبير» .

قالت: يا رسول الله؟ بأبي أنت وأمّي فأخبرته. قال:

«فأنت السّواد الّذي رأيت أمامي؟» . قلت: نعم.

فلهدني «8» في صدري لهدة أوجعتني. ثمّ قال:

(1) صنفة: بفتح الصاد وكسر النون وفتح الفاء: هي حاشية الثوب.

(2)

البخاري- الفتح 13 (7393) واللفظ له، ومسلم (2714) .

(3)

حديث قدسي: أخرجه البخاري- الفتح 13 (7507) ، ومسلم (2758) واللفظ له.

(4)

أجافه: أغلقه.

(5)

درعي: درع المرأة قميصها.

(6)

اختمرت: لبست خماري.

(7)

حشيا رابية: يجوز في عائش فتح الشين وضمها وحشيا معناه قد وقع عليك الحشا وهو الربو والتهيج الذي يعرض للمسرع في مشيه المحتد في كلامه من ارتفاع النفس وتواتره.

(8)

لهدني: ضربني.

ص: 277

«أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله؟» . قالت: مهما يكتم النّاس يعلمه الله. ثمّ قال: «فإنّ جبريل أتاني حين رأيت. فناداني. فأخفاه منك. فأجبته. فأخفيته منك. ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك.

وظننت أن قد رقدت. فكرهت أن أوقظك. وخشيت أن تستوحشي فقال: إنّ ربّك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم» قالت: قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: «قولي: السّلام على أهل الدّيار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منّا والمستأخرين. وإنّا إن شاء الله بكم للاحقون» ) * «1» .

4-

* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهمّ اغفر للمحلّقين» . قالوا:

وللمقصّرين. قال: «اللهمّ اغفر للمحلّقين» قالوا:

وللمقصّرين. قالها ثلاثة، قال «وللمقصّرين» ) * «2» .

5-

* (عن زيد بن أرقم- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهمّ اغفر للأنصار، ولأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار» ) * «3» .

6-

* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما أنّ عبد الله بن أبيّ لمّا توفّي جاء ابنه إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال:

يا رسول الله أعطني قميصك أكفّنه فيه، وصلّ عليه واستغفر له. فأعطاه النّبيّ صلى الله عليه وسلم قميصه. فقال:

آذنّي أصلّي عليه. فآذنه. فلمّا أراد أن يصلّي عليه جذبه عمر- رضي الله عنه فقال: أليس الله قد نهاك أن تصلّي على المنافقين فقال: «أنا بين خيرتين» ، قال:

اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (التوبة/ 80) . فصلّى عليه. فنزلت وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً (التوبة/ 84) » ) * «4» .

7-

* (عن جندب- رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حدّث: «أنّ رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان. وإنّ الله تعالى قال: من ذا الّذي يتألّى «5» عليّ أن لا أغفر لفلان. فإنّي قد غفرت لفلان.

وأحبطت عملك» أو كما قال) * «6» .

8-

* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال رجل لم يعمل حسنة قطّ لأهله: إذا مات فحرّقوه ثمّ اذروا نصفه في البرّ ونصفه في البحر، فوالله لئن قدر الله عليه ليعذّبنّه عذابا لا يعذّبه أحدا من العالمين، فلمّا مات فعلوا ما أمرهم.

فأمر الله البرّ فجمع ما فيه وأمر البحر فجمع ما فيه.

ثمّ قال: لم فعلت هذا؟. قال: من خشيتك يا ربّ وأنت أعلم. فغفر الله له» ) * «7» .

9-

* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ لله تبارك وتعالى ملائكة سيّارة

(1) مسلم (974) .

(2)

البخاري- الفتح 3 (1728) واللفظ له، ومسلم (1302) .

(3)

مسلم (2506) .

(4)

البخاري- الفتح 3 (1269) .

(5)

يتألى: يحلف.

(6)

مسلم (2621) .

(7)

البخاري- الفتح 13 (7506) ، ومسلم (2756) .

ص: 278

فضلا يتّبعون مجالس الذّكر. فإذا وجدوا مجلسا فيه ذكر قعدوا معهم، وحفّ بعضهم بعضا بأجنحتهم.

حتّى يملأوا ما بينهم وبين السّماء الدّنيا. فإذا تفرّقوا عرجوا وصعدوا إلى السّماء. قال: فيسألهم الله- عز وجل وهو أعلم بهم- من أين جئتم؟. فيقولون:

جئنا من عند عباد لك في الأرض، يسبّحونك، ويكبّرونك، ويهلّلونك ويحمدونك، ويسألونك، قال: وماذا يسألوني؟. قالوا: يسألونك جنّتك. قال:

وهل رأوا جنّتي؟. قالوا: لا. أي ربّ، قال: فكيف لو رأوا جنّتي؟. قالوا: ويستجيرونك. قال: وممّ يستجيرونني؟. قالوا: من نارك يا ربّ. قال: وهل رأوا ناري؟. قالوا: لا. قال: فكيف لو رأوا ناري؟.

قالوا: ويستغفرونك. قال: فيقول: قد غفرت لهم.

فأعطيتهم ما سألوا وأجرتهم ممّا استجاروا. قال:

فيقولون: ربّ فيهم فلان عبد خطّاء. إنّما مرّ فجلس معهم. قال: فيقول: وله غفرت. هم القوم لا يشقى بهم جليسهم» ) * «1» .

10-

* (عن جندب بن عبد الله البجليّ رضي الله عنه أنّه بعث إلى عسعس بن سلامة، زمن فتنة ابن الزّبير، فقال: اجمع لي نفرا من إخوانك حتّى أحدّثهم. فبعث رسولا إليهم. فلمّا اجتمعوا جاء جندب وعليه برنس «2» أصفر. فقال: تحدّثوا بما كنتم تحدّثون به. حتّى دار الحديث. فلمّا دار الحديث إليه حسر البرنس عن رأسه. فقال: إنّي أتيتكم ولا أريد أن أخبركم عن نبيّكم. إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بعثا من المسلمين إلى قوم من المشركين، وإنّهم التقوا فكان رجل من المشركين إذا شاء أن يقصد إلى رجل من المسلمين قصد له فقتله، وإنّ رجلا من المسلمين قصد غفلته، قال: وكنّا نحدّث أنّه أسامة بن زيد، فلمّا رفع عليه السّيف قال: لا إله إلّا الله، فقتله. فجاء البشير إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم. فسأله فأخبره. حتّى أخبره خبر الرّجل كيف صنع، فدعاه، فسأله. فقال:«لم قتلته؟» . قال: يا رسول الله! أوجع في المسلمين.

وقتل فلانا وفلانا وسمّى له نفرا. وإنّي حملت عليه.

فلمّا رأى السّيّف قال: لا إله إلّا الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقتلته؟» . قال: نعم. قال: «فكيف تصنع بلا إله إلّا الله إذا جاءت يوم القيامة؟» . قال: يا رسول الله استغفر لي. قال: «وكيف تصنع بلا إله إلّا الله إذا جاءت يوم القيامة؟» . قال: فجعل لا يزيده على أن يقول: «كيف تصنع بلا إله إلّا الله إذا جاءت يوم القيامة؟» ) *» .

11-

* (عن عائشة- رضي الله عنها قالت: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنّه خلق كلّ إنسان من بني آدم على ستّين وثلاثمائة مفصل. فمن كبّر الله، وحمد الله، وهلّل الله، وسبّح الله، واستغفر الله، وعزل حجرا عن طريق النّاس، أو شوكة أو عظما عن

(1) البخاري- الفتح 11 (6408) ، مسلم 4 (2689) .

(2)

برنس: كل ثوب رأسه منه ملتزق به.

(3)

مسلم (97) .

ص: 279

طريق النّاس، وأمر بمعروف، أو نهى عن منكر، عدد تلك السّتّين والثّلاثمائة السّلامى. فإنّه يمشي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النّار» . قال أبو توبة: وربّما قال:

«يمسي» ) * «1» .

12-

* (عن أبي السّائب مولى هشام بن زهرة أنّه دخل على أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه في بيته قال فوجدته يصلّي. فجلست أنتظره حتّى يقضي صلاته. فسمعت تحريكا في عراجين «2» في ناحية البيت. فالتفتّ فإذا حيّة. فوثبت لأقتلها.

فأشار إليّ: أن اجلس. فجلست. فلمّا انصرف أشار إلى بيت في الدّار. فقال: أترى هذا البيت؟. فقلت:

نعم. قال: كان فيه فتى منّا حديث عهد بعرس. قال:

فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق. فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنصاف النّهار فيرجع إلى أهله. فاستأذنه يوما. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«خذ عليك سلاحك. فإنّي أخشى عليك قريظة» .

فأخذ الرّجل سلاحه. ثمّ رجع فإذا امرأته بين البابين قائمة. فأهوى إليها الرّمح ليطعنها به. وأصابته غيرة. فقالت له: اكفف عليك رمحك، وادخل البيت حتّى تنظر ما الّذي أخرجني. فدخل فإذا بحيّة عظيمة منطوية على الفراش. فأهوى إليها بالرّمح فانتظمها به. ثمّ خرج فركزه في الدّار. فاضطربت عليه. فما يدرى أيّهما كان أسرع موتا. الحيّة أم الفتى؟

قال فجئنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له. وقلنا:

ادع الله يحييه لنا. فقال: «استغفروا لصاحبكم» . ثمّ قال: «إنّ بالمدينة جنّا قد أسلموا. فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثة أيّام. فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنّما هو شيطان» ) * «3» .

13-

* (عن حمران مو لى عثمان بن عفّان رضي الله عنهما أنّه رأى عثمان دعا بوضوء فأفرغ على يديه من إنائه، فغسلهما ثلاث مرّات، ثمّ أدخل يمينه في الوضوء، ثمّ تمضمض واستنشق واستنثر، ثمّ غسل وجهه ثلاثا، ويديه إلى المرفقين ثلاثا، ثمّ مسح برأسه، ثمّ غسل كلّ رجل ثلاثا، ثمّ قال: رأيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يتوضّأ نحو وضوئي هذا وقال: «من توضّأ نحو وضوئي هذا، ثمّ صلّى ركعتين لا يحدّث فيهما نفسه، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه» ) * «4» .

14-

* (عن عليّ- رضي الله عنه قال: إنّي كنت رجلا إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله منه بما شاء أن ينفعني، وإذا حدّثني رجل من أصحابه استحلفته، فإذا حلف لي صدّقته، وإنّه حدّثني أبو بكر وصدق أبو بكر. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من رجل يذنب ذنبا ثمّ يقوم فيتطهّر، ثمّ يصلّي، ثمّ يستغفر الله إلّا غفر له، ثمّ قرأ

(1) مسلم (1007) .

(2)

عراجين: أراد بها الأعواد التي في سقف البيت شبهها بالعراجين والعراجين مفردة عرجون وهو العذق الذي يعوج ويقطع منه الشماريخ فيبقى على النخل يابسا.

(3)

مسلم (2236) .

(4)

البخاري- الفتح 1 (164) واللفظ له، مسلم (232) مختصرا.

ص: 280

هذه الآية وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ (آل عمران/ 135) إلى آخر الآية» ) * «1» .

15-

* (عن أبي أمامة- رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، ونحن قعود معه، إذ جاء رجل فقال: يا رسول الله! إنّي أصبت حدّا. فأقمه عليّ. فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثمّ أعاد فقال: يا رسول الله! إنّي أصبت حدّا فأقمه عليّ. فسكت عنه. وأقيمت الصّلاة. فلمّا انصرف نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قال أبو أمامة: فاتّبع الرّجل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انصرف. واتّبعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنظر ما يردّ على الرّجل. فلحق الرّجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إنّي أصبت حدّا، فأقمه عليّ.

قال أبو أمامة: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرأيت حين خرجت من بيتك، أليس قد توضّأت فأحسنت الوضوء؟» . قال: بلى. يا رسول الله، قال:«ثمّ شهدت الصّلاة معنا؟» . فقال: نعم يا رسول الله.

قال: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإنّ الله قد غفر لك حدّك- أو قال- ذنبك» ) * «2» .

16-

* (عن مسروق- رحمه الله قال: جاء إلى عبد الله رجل فقال: تركت في المسجد رجلا يفسّر القرآن برأيه. يفسّر هذه الآية: يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ (الدخان/ 10) قال: يأتي النّاس يوم القيامة دخان فيأخذ بأنفاسهم. حتّى يأخذهم منه كهيئة الزّكام. فقال عبد الله: من علم علما فليقل به.

ومن لّم يعلم فليقل: الله أعلم. فإنّ من فقه الرّجل أن يقول لما لا علم له به: الله أعلم. إنّما كان هذا، أنّ قريشا لمّا استعصت على النّبيّ صلى الله عليه وسلم دعا عليهم بسنين كسني يوسف، فأصابهم قحط وجهد، حتّى جعل الرّجل ينظر إلى السّماء فيرى بينه وبينها كهيئة الدّخان من الجهد. وحتّى أكلوا العظام. فأتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله! استغفر الله لمضر، فإنّهم قد هلكوا. فقال:«لمضر؟ إنّك لجريء» . قال فدعا الله لهم فأنزل الله- عز وجل: إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ (الدخان 51) . قال: فمطروا.

فلمّا أصابتهم الرّفاهية قال: عادوا إلى ما كانوا عليه.

قال: فأنزل الله عز وجل: فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ* يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ (الدخان/ 10- 11) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (الدخان/ 16) قال: يعني يوم بدر» ) * «3» .

17-

* (عن بريدة قال: جاء ماعز بن مالك إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، طهّرني.

فقال: «ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه» . قال:

فرجع غير بعيد ثمّ جاء. فقال: يا رسول الله؛ طهّرني. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ويحك، ارجع

(1) الترمذي (3006)، أبو داود (1521) وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/ 283) : صحيح، ابن ماجة (1395)، جامع الأصول (4/ 230) وقال محققه: إسناده حسن، وقد حسنه غير واحد.

(2)

مسلم (2765) .

(3)

البخاري- الفتح 8 (4821) ، مسلم (2798) واللفظ له.

ص: 281

فاستغفر الله وتب إليه» . قال: فرجع غير بعيد. ثمّ جاء. فقال: يا رسول الله، طهّرني. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم مثل ذلك. حتّى إذا كانت الرّابعة، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«فيم أطهّرك؟» . فقال: من الزّنى. فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبه جنون؟» . فأخبر أنّه ليس بمجنون. فقال: «أشرب خمرا؟» . فقام رجل فاستنكهه «1» فلم يجد منه ريح خمر. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أزنيت؟» . فقال: نعم. فأمر به فرجم.

فكان النّاس فيه فرقتين. قائل يقول: لقد هلك. لقد أحاطت به خطيئته. وقائل يقول: ما توبة أفضل من توبة ماعز: أنّه جاء إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فوضع يده في يديه.

ثمّ قال: اقتلني بالحجارة. قال: فلبثوا بذلك يومين أو ثلاثة. ثمّ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم جلوس فسلّم ثمّ جلس. فقال: «استغفروا لماعز بن مالك» . قال:

فقالوا: غفر الله لماعز بن مالك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«لقد تاب توبة لو قسّمت بين أمّة لوسعتهم» . قال ثمّ جاءته امرأة من غامد «2» من الأزد، فقالت: يا رسول الله! طهّرني. فقال: «ويحك! ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه» . فقالت: أراك تريد أن تردّدني كما ردّدت ماعز بن مالك. قال: «وما ذاك؟» . قالت: إنّها حبلى من الزّنى. فقال: «آنت؟» . قالت: نعم. فقال لها: «حتّى تضعي ما في بطنك» . قال: فكفلها رجل من الأنصار حتّى وضعت. قال: فأتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: قد وضعت الغامديّة. فقال: «إذا لا نرجمها، وندع ولدها صغيرا ليس له من يرضعه» . فقام رجل من الأنصار فقال: إليّ رضاعه يا نبيّ الله، قال:

«فرجمها» ) * «3» .

18-

* (عن أبي موسى- رضي الله عنه قال: خسفت الشّمس في زمن النّبيّ صلى الله عليه وسلم. فقام فزعا يخشى أن تكون السّاعة. حتّى أتى المسجد. فقام يصلّي بأطول قيام وركوع وسجود، ما رأيته يفعله في صلاة قطّ. ثمّ قال:«إنّ هذه الآيات الّتي يرسل الله لا تكون لموت أحد ولا لحياته، ولكنّ الله يرسلها يخوّف بها عباده. فإذا رأيتم منها شيئا فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره» ، وفي رواية ابن العلاء:

كسفت الشّمس. وقال: «يخوّف عباده» ) * «4» .

19-

* (عن أمّ سلمة- رضي الله عنها قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة، وقد شقّ بصره «5» . فأغمضه؛ ثمّ قال:«إنّ الرّوح إذا قبض تبعه البصر» .. فضجّ ناس من أهله. فقال: «لا تدعوا على أنفسكم إلّا بخير. فإنّ الملائكة يؤمّنون على ما تقولون» . ثمّ قال: «اللهمّ اغفر لأبي سلمة وارفع

(1) فاستنكهه: أي شم رائحة فمه.

(2)

غامد: بطن من جهينة.

(3)

البخاري- الفتح 12 (6820) مختصرا، مسلم (1695) واللفظ له.

(4)

البخاري- الفتح 2 (1059) ومسلم (912) واللفظ له.

(5)

شقّ بصره: يضبط بالفتح والضم هو المشهور وهو الذي حضره الموت، وصار ينظر إلى الشيء لا يرتد إليه طرفه.

ص: 282

درجته في المهديّين واخلفه في عقبه «1» الغابرين.

واغفر لنا وله يا ربّ العالمين، وافسح له في قبره. ونوّر له فيه» ) * «2» .

20-

* (عن شدّاد بن أوس- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «سيّد الاستغفار أن يقول:

اللهمّ أنت ربّي لا إله إلّا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شرّ ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ، وأبوء لك بذنبي، اغفر لي، فإنّه لا يغفر الذّنوب إلّا أنت» . قال:

«ومن قالها من النّهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنّة، ومن قالها من اللّيل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنّة» ) * «3» .

21-

* (عن عليّ بن ربيعة قال: شهدت عليّا أتي بدابّة ليركبها، فلمّا وضع رجله في الرّكاب، قال:

بسم الله ثلاثا، فلمّا استوى على ظهرها، قال: الحمد لله، ثمّ قال: سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ* وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ (الزخرف/ 13- 14) ثمّ قال: الحمد لله ثلاثا، والله أكبر ثلاثا، سبحانك إنّي قد ظلمت نفسي فاغفر لي فإنّه لا يغفر الذّنوب إلّا أنت، ثمّ ضحك. قلت: من أيّ شيء ضحكت يا أمير المؤمنين؟. قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع كما صنعت ثمّ ضحك، فقلت:

من أيّ شيء ضحكت يا رسول الله؟. قال: «إنّ ربّك ليعجب من عبده إذا قال ربّ اغفر لي ذنوبي، إنّه لا يغفر الذّنوب غيرك» ) * «4» .

22-

* (عن عوف بن مالك- رضي الله عنه قال: صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة. فحفظت من دعائه وهو يقول: «اللهمّ اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه. وأكرم نزله. ووسّع مدخله. واغسله بالماء والثّلج والبرد. ونقّه من الخطايا كما نقّيت الثّوب الأبيض من الدّنس. وأبد له دارا خيرا من داره. وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه. وأدخله الجنّة، وأعذه من عذاب القبر (أو من عذاب النّار) . قال:

حتّى تمنّيت أن أكون أنا ذلك الميّت» ) * «5» .

23-

* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الرّجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته، وصلاته في سوقه، بضعا وعشرين درجة. وذلك أنّ أحدكم إذا توضّأ فأحسن الوضوء ثمّ أتى المسجد. لا ينهزه «6» إلّا الصّلاة لا يريد إلّا الصّلاة، فلم يخط خطوة إلّا رفع له بها درجة. وحطّ عنه بها خطيئة. حتّى يدخل المسجد.

فإذا دخل المسجد كان في الصّلاة ما كانت الصّلاة هي تحبسه. والملائكة يصلّون على أحدكم مادام في

(1) اخلفه في عقبه: أي كن له خليفة في ذريته والغابرين أي الباقين.

(2)

مسلم (920) .

(3)

البخاري- الفتح 11 (6306) .

(4)

أبو داود رقم (2602) والترمذي (3446) قال: وفي الباب عن ابن عمر رضي الله عنهما، وقال: حديث حسن صحيح. قال محقق جامع الأصول (4/ 288) : وهو كما قال. ورواه أيضا ابن حبّان رقم (2689)«الإحسان» .

(5)

مسلم (963) .

(6)

لا ينهزه: لا ينهضه.

ص: 283

مجلسه الّذي صلّى فيه. يقولون: اللهمّ ارحمه. اللهمّ اغفر له. اللهمّ تب عليه. ما لم يؤذ فيه. ما لم يحدث فيه» ) * «1» .

24-

* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله: يا ابن آدم، إنّك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي. يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان «2» السّماء، ثمّ استغفرتني غفرت لك ولا أبالي. يا ابن آدم إنّك لو أتيتني بقراب الأرض «3» خطايا ثمّ لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة» ) * «4» .

25-

* (عن أنس- رضي الله عنه قال:

«قدم النّبيّ صلى الله عليه وسلم المدينة فنزل أعلى المدينة في حيّ يقال لهم بنو عمرو بن عوف، فأقام النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيهم أربع عشرة ليلة، ثمّ أرسل إلى بني النّجّار فجاءوا متقلّدي السّيوف، كأنّي أنظر إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم على راحلته وأبو بكر ردفه «5» وملأبني النّجّار حوله، حتّى ألقى بفناء أبي أيوب، وكان يحبّ أن يصلّي حيث أدركته الصّلاة ويصلّي في مرابض الغنم، وأنّه أمر ببناء المسجد، فأرسل إلى ملأ من بني النّجّار فقال:«يا بني النّجّار، ثامنوني بحائطكم «6» هذا» . قالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إلّا إلى الله. فقال أنس: فكان فيه ما أقول لكم: قبور المشركين، وفيه خرب، وفيه نخل.

فأمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم بقبور المشركين فنبشت، ثمّ بالخرب فسوّيت، وبالنّخل فقطع. فصفّوا النّخل قبلة المسجد، وجعلوا عضادتيه «7» الحجارة، وجعلوا ينقلون الصّخر وهم يرتجزون، والنّبيّ صلى الله عليه وسلم معهم وهو يقول:

اللهمّ لا خير إلّا خير الآخره

فاغفر للأنصار والمهاجره» ) *

«8» .

26-

* (عن عائشة- رضي الله عنها زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا، أقرع بين نسائه. فأيّتهنّ خرج سهمها، خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه. قالت عائشة:

فأقرع بيننا في غزوة غزاها. فخرج فيها سهمي.

فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذلك بعد ما أنزل الحجاب. فأنا أحمل في هودجي، وأنزل فيه مسيرنا.

حتّى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوه، وقفل «9» ، ودنونا من المدينة، آذن ليلة بالرّحيل. فقمت حين آذنوا بالرّحيل. فمشيت حتّى جاوزت الجيش.

فلمّا قضيت من شأني أقبلت إلى الرّحل. فلمست

(1) البخاري- الفتح 1 (445) ، مسلم (649) ، وأحمد (2/ 252) واللفظ له.

(2)

عنان: بفتح العين السحاب، وبكسرها لجام الدابة.

(3)

بقراب الأرض- بضم القاف- أي بما يقارب ملأها وهو مصدر قارب يقارب.

(4)

الترمذي (3540) . قال محقق جامع الأصول (8/ 40) : حسنه الترمذي وهو كما قال، وذكره الحافظ في الفتح وقال: رواه ابن حبان وصححه.

(5)

ردفه: أي راكب وراءه.

(6)

ثامنوني بحائطكم: أي اذكروا لي ثمن بستانكم.

(7)

عضادتيه: عضادتا الباب خشبتان منصوبتان مثبتتان في الحائط على جانبيه.

(8)

البخاري- الفتح 1 (428) واللفظ له، مسلم (1805) .

(9)

قفل: أي رجع.

ص: 284

صدري فإذا عقدي من جزع ظفار «1» قد انقطع.

فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه. وأقبل الرّهط الّذين كانوا يرحلون لي فحملوا هودجي «2» .

فرحلوه على بعيري الّذي كنت أركب. وهم يحسبون أنّي فيه. قالت: وكانت النّساء إذ ذاك خفافا. لم يهبّلن «3» ولم يغشهنّ اللّحم. إنّما يأكلن العلقة «4» من الطّعام. فلم يستنكر القوم خفّة الهودج حين رحلوه ورفعوه، وكنت جارية حديثة السّنّ. فبعثوا الجمل وساروا. ووجدت عقدي بعدما استمرّ الجيش.

فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب. فتيمّمت منزلي الّذي كنت به. وظننت أنّ القوم سيفقدوني فيرجعون إليّ. فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت. وكان صفوان بن المعطّل السّلميّ، ثمّ الذّكوانيّ، قد عرّس»

من وراء الجيش فادّلج «6» .

فأصبح عند منزلي. فرأى سواد إنسان «7» نائم.

فأتاني فعرفني حين رآني. وقد كان يراني قبل أن يضرب الحجاب عليّ. فاستيقظت باسترجاعه «8» حين عرفني. فخمّرت وجهي «9» بجلبابي. وو الله ما يكلّمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه.

حتّى أناخ راحلته. فوطىء على يدها فركبتها. فانطلق يقود بي الرّاحلة حتّى أتينا الجيش. بعد ما نزلوا موغرين في نحر الظّهيرة «10» . فهلك من هلك في شأني. وكان الّذي تولّى كبره «11» عبد الله بن أبيّ بن سلول. فقدمنا المدينة. فاشتكيت، حين قدمنا المدينة شهرا. والنّاس يفيضون في قول أهل الإفك «12» . ولا أشعر بشيء من ذلك. وهو يريبني في وجعي أنّي لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللّطف الّذي كنت أرى منه حين أشتكي. إنّما يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلّم ثمّ يقول:«كيف تيكم؟» . فذاك يريبني. ولا أشعر بالشّرّ. حتّى خرجت بعد ما نقهت «13» وخرجت معي أمّ مسطح قبل المناصع «14» . وهو متبرّزنا. ولا نخرج إلّا ليلا إلى ليل. وذلك قبل أن نتّخذ الكنف قريبا من بيوتنا. وأمرنا أمر العرب الأول في التّنزّه.

وكنّا نتأذّى بالكنف أن نتّخذها عند بيوتنا. فانطلقت أنا وأمّ مسطح، وهي بنت أبي رهم ابن المطّلب بن عبد مناف. وأمّها ابنة صخر بن عامر، خالة أبي بكر الصّدّيق. وابنها مسطح بن أثاثة بن عبّاد بن المطّلب. فأقبلت أنا وبنت أبي رهم قبل بيتي. حين

(1) عقدي من جزع ظفار: والعقد نحو القلادة والجزع خرز يماني. وظفار قرية باليمن.

(2)

هودجي: الهودج مركب من مراكب النساء.

(3)

لم يهبّلن: يقال هبّله اللحم وأهبله إذا أثقله وكثر لحمه وشحمه.

(4)

العلقة: أي القليل، ويقال لها أيضا: البلغة.

(5)

قد عرس: التعريس النزول آخر الليل في السفر لنوم أو استراحة.

(6)

فادّلج: الادلاج هو السير آخر الليل.

(7)

سواد إنسان: أي شخصه.

(8)

باسترجاعه: أي بقوله: إنّا لله وإنّا إليه راجعون.

(9)

فخمرت وجهي: أي غطيته.

(10)

موغرين في نحر الظهيرة: الموغر النازل في وقت الوغرة، وهي شدة الحر. ونحر الظهيرة وقت القائلة وشدة الحر.

(11)

تولى كبره: أي معظمه.

(12)

يفيضون في قول أهل الإفك: أي يخوضون.

(13)

نقهت: أي أفقت من المرض.

(14)

المناصع: هي مواضع خارج المدينة كانوا يتبرزون فيها.

ص: 285

فرغنا من شأننا. فعثرت أمّ مسطح في مرطها «1» .

فقالت: تعس «2» مسطح. فقلت لها: بئس ما قلت.

أتسبيّن رجلا قد شهد بدرا. قالت: أي هنتاه «3» أو لم تسمعي ما قال؟. قلت: وماذا قال؟. قالت:

فأخبرتني بقول أهل الإفك. فازددت مرضا إلى مرضي. فلمّا رجعت إلى بيتي، فدخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم. فسلّم، ثمّ قال:«كيف تيكم؟» . قلت: أتأذن لي أن آتي أبويّ؟. قالت: وأنا حينئذ أريد أن أتيقّن الخبر من قبلهما. فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فجئت أبويّ، فقلت لأمّي: يا أمّتاه، ما يتحدّث النّاس؟.

فقالت: يا بنيّة، هوّني عليك. فوالله لقلّما كانت امرأة قطّ وضيئة «4» عند رجل يحبّها، ولها ضرائر، إلّا كثّرن عليها. قالت: قلت: سبحان الله وقد تحدّث النّاس بهذا؟. قالت: فبكيت تلك اللّيلة حتّى أصبحت لا يرقأ «5» لي دمع ولا أكتحل بنوم «6» ثمّ أصبحت أبكي. ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّ بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي «7» .

يستشيرهما في فراق أهله. قالت: فأمّا أسامة بن زيد فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذّي يعلم من براءة أهله، وبالّذي يعلم في نفسه لهم من الودّ. فقال: يا رسول الله، هم أهلك ولا نعلم إلّا خيرا. وأمّا عليّ بن أبي طالب فقال: لم يضيّق الله عليك والنّساء سواها كثير.

وإن تسأل الجارية تصدقك. قالت: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة، فقال:«أي بريرة! هل رأيت من شيء يريبك من عائشة؟» . قالت له بريرة: والّذي بعثك بالحقّ إن رأيت عليها أمرا قطّ أغمصه «8» عليها، أكثر من أنّها جارية حديثة السّنّ، تنام عن عجين أهلها، فتأتي الدّاجن «9» فتأكله. قالت: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر. فاستعذر «10» من عبد الله بن أبيّ بن سلول. قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر: «يا معشر المسلمين! من يعذرني من رجل قد بلغ أذاه في أهل بيتي. فوالله ما علمت على أهلي إلّا خيرا. ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلّا خيرا. وما كان يدخل على أهلي إلّا معي» . فقام سعد بن معاذ الأنصاريّ فقال: أنا أعذرك منه يا رسول الله إن كان من الأوس ضربنا عنقه. وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك. قالت: فقام سعد بن عبادة، وهو سيّد الخزرج، وكان رجلا صالحا، ولكن

(1) في مرطها المرط الكساء من صوف. وقد يكون من غيره.

(2)

تعس: أي هلك، وقيل: سقط بوجهه.

(3)

هنتاه: معناه يا هذه وقيل: يا امرأة، وقيل: يا بلهاء، كأنها نسبت إلى قلة المعرفة بمكايد الناس وشرورهم.

(4)

وضيئة: هي الجميلة الحسنة. والوضاءة الحسن.

(5)

لا يرقأ: أي لا ينقطع.

(6)

ولا أكتحل بنوم: أي لا أنام.

(7)

استلبث الوحي: أي أبطأ ولبث ولم ينزل.

(8)

أغمصه: أي أعيبها به.

(9)

الداجن: الشاة التي تألف البيت ولا تخرج للمرعى. ومعنى هذا الكلام أنه ليس فيها شيء مما تسألون عنه أصلا ولا فيها شيء من غيره، إلا نومها عن العجين.

(10)

استعذر: معناه: من يعذرني فيمن آذاني في أهلي، وقيل معناه من ينصرني. والعذير الناصر.

ص: 286

اجتهلته الحميّة «1» . فقال لسعد بن معاذ: كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله. فقام أسيد بن حضير، وهو ابن عمّ سعد بن معاذ، فقال لسعد بن عبادة:

كذبت. لعمر الله لنقتلنّه؛ فإنّك منافق تجادل عن المنافقين. فثار الحيّان الأوس والخزرج «2» ، حتّى همّوا أن يقتتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر. فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفّضهم حتّى سكتوا وسكت. قالت:

وبكيت يومي ذلك. لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم.

ثمّ بكيت ليلتي المقبلة. لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم. وأبواي يظنّان أنّ البكاء فالق كبدي. فبينما هما جالسان عندي، وأنا أبكي، استأذنت عليّ امرأة من الأنصار فأذنت لها. فجلست تبكي. قالت: فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فسلّم ثمّ جلس. قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل لي ما قيل.

وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء. قالت:

فتشهّد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس، ثمّ قال:«أمّا بعد. يا عائشة فإنّه قد بلغني عنك كذا وكذا. فإن كنت بريئة فسيبرّئك الله. وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه. فإنّ العبد إذا اعترف بذنب ثمّ تاب، تاب الله عليه» . قالت: فلمّا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته، قلص دمعي «3» حتّى ما أحسّ منه قطرة. فقلت لأبي: أجب عنّي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال. فقال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقلت لأمّي: أجيبي عنّي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت:

والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت- وأنا جارية حديثة السّنّ، لا أقرأ كثيرا من القرآن-: إنّي، والله لقد عرفت أنّكم قد سمعتم بهذا حتّى استقرّ في نفوسكم وصدّقتم به. فإن قلت لكم إنّي بريئة، والله يعلم أنّي بريئة، لا تصدّقوني بذلك. ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أنّي بريئة، لتصدّقونني. وإنّي والله ما أجد لي ولكم مثلا إلّا كما قال أبو يوسف:

فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ (يوسف/ 18) . قالت: ثمّ تحوّلت فاضطّجعت على فراشي. قالت: وأنا والله حينئذ أعلم أنّي بريئة. وأنّ الله مبرّئي ببراءتي. ولكن، والله ما كنت أظنّ أن ينزل في شأني وحي يتلى. ولشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلّم الله- عز وجل فيّ بأمر يتلى. ولكنّي كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النّوم رؤيا يبرّأني الله بها. قالت: فو الله ما رام «4» رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه، ولا خرج من أهل البيت أحد، حتّى أنزل الله- عز وجل على نبيّه صلى الله عليه وسلم. فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء «5» عند الوحي. حتّى إنّه ليتحدّر

(1) اجتهلته الحمية: استخفته وأغضبته وحملته على الجهل.

(2)

فثار الحيان الأوس والخزرج: أي تناهضوا للنزاع والعصبية.

(3)

قلص الدمع: أي ارتفع وذهب.

(4)

ما رام: أي ما فارق.

(5)

البرحاء: هي الشدة.

ص: 287

منه مثل الجمان «1» من العرق، في اليوم الشّات، من ثقل القول الّذي أنزل عليه. قالت: فلمّا سرّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يضحك، فكان أوّل كلمة تكلّم بها أن قال:«أبشري يا عائشة! أمّا الله فقد برّأك» . فقالت لي أمّي: قومي إليه. فقلت: والله لا أقوم إليه. ولا أحمد إلّا الله هو الّذي أنزل براءتي. قالت: فأنزل الله- عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ (النور/ 11) عشر آيات. فأنزل الله- عز وجل هؤلاء الآيات براءتي. قالت: فقال أبو بكر، وكان ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره: والله لا أنفق عليه شيئا أبدا بعد الّذي قال لعائشة. فأنزل الله عز وجل: وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى (النور/ 22) إلى قوله: أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ.

قال حبّان بن موسى: قال عبد الله بن المبارك: هذه أرجى آية في كتاب الله. فقال أبو بكر:

والله إنّي لا أحبّ أن يغفر الله لي. فرجع إلى مسطح النّفقة الّتي كان ينفق عليه. وقال: لا أنزعها منه أبدا.

قالت عائشة: وكان رسول الله سأل زينب بنت جحش، زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن أمري:«ما علمت؟ أو ما رأيت؟» . فقالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري والله ما علمت إلّا خيرا.

قالت عائشة: وهي التّي كانت تساميني «2» من أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم. فعصمها الله بالورع وطفقت أختها حمنة بنت جحش تحارب لها «3» فهلكت فيمن هلك) * «4» .

27-

* (عن عائشة- رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمرهم، أمرهم من الأعمال بما يطيقون. قالوا: إنّا لسنا كهيئتك يا رسول الله، إنّ الله قد غفر لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر.

فيغضب حتّى يعرف الغضب في وجهه ثمّ يقول: «إنّ أتقاكم وأعلمكم بالله أنا» ) * «5» .

28-

* (عن أسير بن جابر، قال: كان عمر ابن الخطّاب- رضي الله عنه إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن، سألهم: أفيكم أويس بن عامر؟ حتّى أتى على أويس. فقال: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم قال:

من مراد ثمّ من قرن؟. قال: نعم. قال: فكان بك برص فبرأت منه إلّا موضع درهم؟ قال: نعم. قال:

لك والدة؟. قال: نعم. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن «6» من مراد ثمّ من قرن، كان به برص فبرأ منه إلّا موضع درهم، له والدة هو بها برّ، لو أقسم على

(1) الجمان: الدر. شبهت قطرات عرقه صلى الله عليه وسلم بحبات اللؤلؤ في الصفاء والحسن.

(2)

تساميني: تفاخرني وتضاهيني بجمالها ومكانها عند النبي صلى الله عليه وسلم.

(3)

وطفقت أختها تحارب لها: أي جعلت تتعصب لها فتحكي ما يقوله أهل الإفك.

(4)

البخاري- الفتح 7 (4141) ، مسلم (2770) واللفظ له.

(5)

البخاري- الفتح 1 (20) .

(6)

أمداد أهل اليمن: هم الجماعة الغزاة الذين يمدون جيوش الإسلام في الغزو. واحدهم مدد.

ص: 288

الله لا أبرّه، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل» .

فاستغفر لي. فاستغفر له. فقال له عمر: أين تريد؟.

قال: الكوفة. قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟. قال:

أكون في غبراء النّاس «1» أحبّ إليّ. قال: فلمّا كان من العام المقبل حجّ رجل من أشرافهم. فوافق عمر فسأله عن أويس. قال: تركته رثّ البيت»

قليل المتاع. قال:

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن، من مراد ثمّ من قرن. كان به برص فبرأ منه. إلّا موضع درهم. له والدة هو بها برّ. لو أقسم على الله لأبرّه. فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل» . فأتى أويسا فقال: استغفر لي. قال: أنت أحدث عهدا بسفر صالح. فاستغفر لي. قال:

استغفر لي. قال: أنت أحدث عهدا بسفر صالح.

فاستغفر لي. قال: لقيت عمر؟ قال: نعم. فاستغفر له. ففطن له النّاس. فانطلق على وجهه. قال أسير:

وكسوته بردة. فكان كلّما رآه إنسان قال: من أين لأويس هذه البردة؟) * «3» .

29-

* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما قال: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فكأنّ بعضهم وجد «4» في نفسه، فقال: لم تدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر: إنّه من حيث علمتم.

فدعا ذات يوم فأدخله معهم فما رأيت أنّه دعاني يومئذ إلّا ليريهم. قال: ما تقولون في قول الله تعالى: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ فقال بعضهم: أمرنا نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئا. فقال لي: أكذلك تقول يا ابن عبّاس؟

فقلت: لا، قال: فما تقول؟. قلت: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه له، قال: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وذلك علامة أجلك. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً. فقال عمر: ما أعلم منها إلّا ما تقول) * «5» .

30-

* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه أنّه قال: كأنّي أنظر إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم يحكي نبيّا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدّم عن وجهه ويقول: «اللهمّ اغفر لقومي فإنّهم لا يعلمون» ) * «6» .

31-

* (قال كعب بن مالك- رضي الله عنه: لم أتخلّف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قطّ. إلّا في غزوة تبوك. غير أنّي قد تخلّفت في غزوة بدر. ولم يعاتب أحدا تخلّف عنه، إنّما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون يريدون عير قريش حتّى جمع الله بينهم وبين عدوّهم، على غير ميعاد. ولقد شهدت

(1) غبراء الناس: أي ضعافهم وصعاليكهم وأخلاطهم الذين لا يؤبه لهم.

(2)

رث البيت: هو بمعنى قليل المتاع. والرثاثة والبذاذة بمعنى واحد وهو حقارة المتاع وضيق العيش.

(3)

مسلم (2542) .

(4)

وجد: أي غضب.

(5)

البخاري- الفتح 8 (4970) .

(6)

البخاري- الفتح 6 (3477) واللفظ له، مسلم 3 (1792) .

ص: 289

مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة. حين تواثقنا على الإسلام. وما أحبّ أنّ لي بها مشهد بدر، وإن كانت بدر أذكر في النّاس منها. وكان من خبري، حين تخلّفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، أنّي لم أكن قطّ أقوى، ولا أيسر منّي حين تخلّفت عنه في تلك الغزوة. والله ما جمعت قبلها راحلتين قطّ حتّى جمعتهما في تلك الغزوة. فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرّ شديد. واستقبل سفرا بعيدا ومفازا «1» . واستقبل عدوّا كثيرا. فجلا للمسلمين أمرهم ليتأهّبوا أهبة غزوهم.

فأخبرهم بوجههم الّذي يريد. والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير. ولا يجمعه كتاب حافظ (يريد بذلك الدّيوان) . قال كعب: فقلّ رجل يريد أن يتغيّب، يظنّ أنّ ذلك سيخفى له، ما لم ينزل فيه وحي من الله عز وجل. وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثّمار والظّلال. فأنا إليها أصعر «2» فتجهّز رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه. وطفقت أغدو لكي أتجهّز معهم. فأرجع ولم أقض شيئا. وأقول في نفسي:

أنا قادر على ذلك، إذا أردت. فلم يزل ذلك يتمادى بي حتّى استمرّ بالنّاس الجدّ. فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غاديا والمسلمون معه ولم أقض من جهازي شيئا. ثمّ غدوت فرجعت ولم أقض شيئا. فلم يزل ذلك يتمادى بي حتّى أسرعوا وتفارط «3» الغزو. فهممت أن أرتحل فأدركهم. فياليتني فعلت، ثمّ لم يقدّر ذلك لي. فطفقت إذا خرجت في النّاس، بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحزنني أنّي لا أرى لي أسوة. إلّا رجلا مغموصا «4» عليه في النّفاق. أو رجلا ممّن عذر الله من الضّعفاء.

ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى بلغ تبوكا «5» فقال، وهو جالس في القوم بتبوك:«ما فعل كعب بن مالك؟» . قال رجل من بني سلمة: يا رسول الله حبسه برداه والنّظر في عطفيه «6» فقال له معاذ بن جبل: بئس ما قلت. والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلّا خيرا. فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينما هو على ذلك رأى رجلا مبيّضا يزول به السّراب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«كن أبا خيثمة» . فإذا هو أبو خيثمة الأنصاريّ.

وهو الّذي تصدّق بصاع التّمر حين لمزه المنافقون «7» .

فقال كعب بن مالك: فلمّا بلغني أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجّه قافلا «8» من تبوك، حضرني بثّي «9» ، فطفقت أتذكّر الكذب وأقول: بم أخرج من سخطه غدا؟، وأستعين على ذلك كلّ ذي رأي من أهلي. فلمّا قيل لي:

إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظلّ قادما، زاح عنّي الباطل، حتّى عرفت أنّي لن أنجو منه بشيء أبدا. فأجمعت صدقة. وصبّح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادما. وكان إذا قدم من

(1) ومفازا: أي برية طويلة قليلة الماء، يخاف فيها الهلاك.

(2)

أصعر: أميل.

(3)

تفارط الغزو: أي تقدم الغزاة وسبقوا وفاتوا.

(4)

مغموصا عليه في النفاق: أي متهما به.

(5)

تبوكا: هو في أكثر النسخ بالنصب وكذا هو في نسخ البخاري وكأنه صرفها (نوّنها) لإرادة الموقع دون البقعة.

(6)

النظر في عطفيه: أي جانبيه. وهو إشارة إلى إعجابه بنفسه ولباسه.

(7)

لمزه المنافقون: أي عابوه واحتقروه.

(8)

توجه قافلا: أي راجعا.

(9)

البث: أشد الحزن.

ص: 290

سفر، بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين. ثمّ جلس للنّاس، فلمّا فعل ذلك جاءه المخلّفون، فطفقوا يتعذّرون إليه، ويحلفون له، وكانوا بضعة وثمانين رجلا. فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم، وبايعهم واستغفر لهم، ووكل سرائرهم إلى الله، حتّى جئت، فلمّا سلّمت، تبسّم تبسّم المغضب، ثمّ قال:«تعال» .

فجئت أمشي حتّى جلست بين يديه. فقال لي: «ما خلّفك؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك «1» ؟» . قال قلت:

يا رسول الله! إنّي، والله لو جلست عند غيرك من أهل الدّنيا، لرأيت أنّي سأخرج من سخطه بعذر. ولقد أعطيت جدلا «2» . ولكنّي، والله لقد علمت، لئن حدّثتك اليوم حديث كذب ترضى به عنّي، ليوشكنّ الله أن يسخطك عليّ. ولئن حدّثتك حديث صدق تجد عليّ فيه «3» ، إنّي لأرجو فيه عقبى الله. والله ما كان لي عذر. والله ما كنت قطّ أقوى ولا أيسر منّي حين تخلّفت عنك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أمّا هذا، فقد صدق. فقم حتّى يقضي الله فيك» . فقمت. وثار رجال من بني سلمة فاتّبعوني، فقالوا لي: والله ما علمناك أذنبت ذنبا قبل هذا، لقد عجزت في أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر به إليه المخلّفون، فقد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك. قال: فوالله ما زالوا يؤنّبونني حتّى أردت أن أرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأكذّب نفسي. قال: ثمّ قلت لهم: هل لقي هذا معي من أحد؟. قالوا: نعم.

لقيه معك رجلان. قالا مثل ما قلت. فقيل لهما مثل ما قيل لك. قال قلت: من هما؟. قالوا: مرارة بن ربيعة العامريّ، وهلال بن أميّة الواقفيّ. قال: فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا، فيهما أسوة. قال:

فمضيت حين ذكروهما لي. قال: ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا، أيّها الثّلاثة، من بين من تخلّف عنه. قال: فاجتنبنا النّاس. وقال: تغيّروا لنا حتّى تنكّرت لي في نفسي الأرض فما هي بالأرض الّتي أعرف. فلبثنا على ذلك خمسين ليلة. فأمّا صاحباي، فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأمّا أنا فكنت أشبّ القوم وأجلدهم. فكنت أخرج فأشهد الصّلاة وأطوف في الأسواق ولا يكلّمني أحد. وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلّم عليه، وهو في مجلسه بعد الصّلاة. فأقول في نفسي: هل حرّك شفتيه بردّ السّلام أم لا؟. ثمّ أصلّي قريبا منه وأسارقه النّظر. فإذا أقبلت على صلاتي نظر إليّ وإذا التفتّ نحوه أعرض عنّي. حتّى إذا طال ذلك عليّ من جفوة المسلمين، مشيت حتّى تسوّرت جدار حائط أبي قتادة «4» ، وهو ابن عمّي، وأحبّ النّاس إليّ. فسلّمت عليه. فوالله ما ردّ عليّ السّلام.

فقلت له: يا أبا قتادة! أنشدك بالله «5» هل تعلمنّ أنّي

(1) ابتعت ظهرك: أي اشتريت مركبا تركبه.

(2)

جدلا: أي فصاحة وقوة في الكلام وبراعة.

(3)

تجد عليّ فيه: أي تغضب.

(4)

تسوّرت جدار حائط أبي قتادة: أي علوته وصعدت سوره.

(5)

أنشدك بالله: أي أسألك بالله.

ص: 291

أحبّ الله ورسوله؟. قال: فسكت. فعدت فناشدته، فسكت، فعدت فناشدته فقال: الله ورسوله أعلم.

ففاضت عيناي، وتولّيت حتّى تسوّرت الجدار. فبينا أنا أمشي في سوق المدينة، إذا نبطيّ من نبط أهل الشّام، ممّن قدم بالطّعام يبيعه بالمدينة. يقول: من يدلّ على كعب بن مالك. قال: فطفق النّاس يشيرون له إليّ. حتّى جاءني فدفع إليّ كتابا من ملك غسّان. وكنت كاتبا. فقرأته فإذا فيه: أمّا بعد. فإنّه قد بلغنا أنّ صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة. فالحق بنا نواسك «1» . قال: فقلت، حين قرأتها: وهذا أيضا من البلاء. فتياممت بها التّنّور فسجرتها بها «2» . حتّى إذا مضت أربعون من الخمسين، واستلبث الوحي «3» ، إذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني، فقال: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعزل امرأتك.

قال: فقلت: أطلّقها أم ماذا أفعل؟. قال: لا. بل اعتزلها. فلا تقربنّها. قال فأرسل إلى صاحبيّ بمثل ذلك. قال: فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك فكوني عندهم حتّى يقضي الله في هذا الأمر. قال: فجاءت امرأة هلال بن أميّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت له: يا رسول الله إنّ هلال بن أميّة شيخ ضائع ليس له خادم، فهل تكره أن أخدمه؟. قال:«لا. ولكن لا يقربنّك» .

فقالت: إنّه والله ما به حركة إلى شيء. وو الله مازال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا.

قال: فقال لي بعض أهلي: لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأتك؟. فقد أذن لامرأة هلال بن أميّة أن تخدمه. قال: فقلت: لا أستأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وما يدريني ماذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا استأذنته فيها، وأنا رجل شابّ. قال: فلبثت بذلك عشر ليال.

فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهي عن كلامنا قال:

ثمّ صلّيت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة، على ظهر بيت من بيوتنا. فبينا أنا جالس على الحال الّتي ذكر الله عز وجل منّا. قد ضاقت عليّ نفسي وضاقت عليّ الأرض بما رحبت، سمعت صوت صارخ أوفى على سلع «4» يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك أبشر.

قال: فخررت ساجدا. وعرفت أن قد جاء فرج. قال فآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم النّاس بتوبة الله علينا حين صلّى صلاة الفجر. فذهب النّاس يبشّروننا. فذهب قبل صاحبيّ مبشّرون. وركض رجل إليّ فرسا، وسعى ساع من أسلم قبلي، وأوفى الجبل فكان الصّوت أسرع من الفرس. فلمّا جاءني الّذي سمعت صوته يبشّرني.

فنزعت له ثوبيّ فكسوتهما إيّاه ببشارته. والله ما أملك غيرهما يومئذ. واستعرت ثوبين فلبستهما. فانطلقت أتأمّم رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقّاني النّاس فوجا فوجا، يهنّئوني بالتّوبة ويقولون: لتهنئك توبة الله عليك. حتّى دخلت المسجد. فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحوله النّاس. فقام طلحة بن عبيد الله يهرول

(1) نواسك: أي نواسيك ونشاركك فيما عندنا.

(2)

سجرتها بها: أي أحميتها بها يقال: سجر التنور: أحماه والتنور: موقد النار.

(3)

استلبث الوحي: أي أبطأ.

(4)

أوفى على سلع: أي سعده وارتفع عليه. وسلع: جبل بالمدينة معروف

ص: 292

حتّى صافحني وهنّأني. والله ما قام رجل من المهاجرين غيره.

قال: فكان كعب لا ينساها لطلحة. قال كعب: فلمّا سلّمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، وهو يبرق وجهه من السّرور ويقول:«أبشر بخير يوم مرّ عليك منذ ولدتك أمّك» . قال: فقلت: أمن عندك. يا رسول الله أم من عند الله؟ فقال: «لا. بل من عند الله» . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سرّ استنار وجهه. كأنّ وجهه قطعة قمر. قال: وكنّا نعرف ذلك.

قال: فلمّا جلست بين يديه قلت: يا رسول الله إنّ من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمسك بعض مالك.

فهو خير لك» . قال: فقلت: فإنّي أمسك سهمي الّذي بخيبر. قال: وقلت: يا رسول الله! إنّ الله إنّما أنجاني بالصّدق. وإنّ من توبتي أن لا أحدّث إلّا صدقا ما بقيت. قال: فو الله ما علمت أنّ أحدا من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث، منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا أحسن ممّا أبلاني الله به. والله ما تعمّدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى يومي هذا. وإنّي لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي. قال: فأنزل الله- عز وجل: لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ* وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ (9/ التوبة/ 117- 118) حتّى بلغ:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (9/ التوبة/ 119) . قال كعب: والله ما أنعم الله عليّ من نعمة قطّ، بعد إذ هداني الله للإسلام، أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أكون كذبته، فأهلك كما هلك الّذين كذبوا. إنّ الله قال للّذين كذبوا حين أنزل الوحي شرّ ما قال لأحد. وقال الله: سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ* يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (9/ التوبة/ 95- 96) . قال كعب: كنّا خلّفنا، أيّها الثّلاثة، عن أمر أولئك الّذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حلفوا له. فبايعهم واستغفر لهم.

وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا حتّى قضى الله فيه.

فبذلك قال الله عز وجل: وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا. وليس الّذي ذكر الله ممّا خلّفنا، تخلّفنا عن الغزو. وإنّما هو تخليفه إيّانا، وإرجاؤه أمرنا، عمّن حلف له واعتذر إليه فقبل منه) * «1»

32-

* (عن عبد الله بن عبّاس- رضي الله عنهما قال: «لم أزل حريصا على أن أسأل عمر رضي الله عنه عن المرأتين من أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم

(1) البخاري- الفتح 7 (4418) ، ومسلم (2769) واللفظ له.

ص: 293

اللّتين قال الله لهما: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما. فحججت معه، فعدل وعدلت معه بالإداوة «1» ، فتبرّز، ثمّ جاء فسكبت على يديه من الإداوة فتوضّأ. فقلت: يا أمير المؤمنين، من المرأتان من أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم اللّتان قال الله عز وجل لهما:

إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما. فقال:

واعجبا لك يا ابن عبّاس، عائشة وحفصة. ثمّ استقبل عمر الحديث يسوقه فقال: إنّي كنت وجار لي من الأنصار في بني أميّة بن زيد- وهي من عوالي المدينة- وكنّا نتناوب النّزول على النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فينزل يوما وأنزل يوما، فإذا نزلت جئته من خبر ذلك اليوم من الأمر وغيره، وإذا نزل فعل مثله. وكنّا معشر قريش نغلب النّساء، فلمّا قدمنا على الأنصار إذ هم قوم تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار فصحت على امرأتي، فراجعتني، فأنكرت أن تراجعني. فقالت: ولم تنكر أن أراجعك؟

فوالله إنّ أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم ليراجعنه، وإنّ إحداهنّ لتهجره اليوم حتّى اللّيل. فأفزعتني فقلت: خابت من فعلت منهنّ بعظيم. ثمّ جمعت عليّ ثيابي فدخلت على حفصة، فقلت: أي حفصة، أتغاضب إحداكنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم حتّى اللّيل؟ فقالت: نعم.

فقلت: خابت وخسرت. أفتأمن أن يغضب الله لغضب رسوله فتهلكين؟ لا تستكثري على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تراجعيه في شيء، ولا تهجريه، وسليني ما بدا لك ولا يغرّنّك أن كانت جارتك هي أوضأ «2» منك وأحبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (يريد عائشة) . وكنّا تحدّثنا أنّ غسّان تنعل النّعال لغزونا، فنزل صاحبي يوم نوبته، فرجع عشاء فضرب بابي ضربا شديدا وقال: أثمّ هو؟ ففزعت فخرجت إليه، وقال: حدث أمر عظيم، قلت: ما هو؟ أجاءت غسّان؟. قال: لا.

بل أعظم منه وأطول، طلّق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه قال: قد خابت حفصة وخسرت. كنت أظنّ أنّ هذا يوشك أن يكون. فجمعت عليّ ثيابي، فصلّيت صلاة الفجر مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم فدخل مشربة له فاعتزل فيها فدخلت على حفصة، فإذا هي تبكي، قلت: ما يبكيك، أو لم أكن حذّرتك؟. أطلّقكنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟. قالت: لا أدري، هو ذا في المشربة. فخرجت فجئت المنبر فإذا حوله رهط يبكي بعضهم، فجلست معهم قليلا. ثمّ غلبني ما أجد فجئت المشربة الّتي هو فيها، فقلت لغلام له أسود: استأذن لعمر.

فدخل فكلّم النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ثمّ خرج فقال: ذكرتك له فصمت. فانصرفت حتّى جلست مع الرّهط الّذين عند المنبر. ثمّ غلبني ما أجد فجئت- فذكر مثله- فجلست مع الرّهط الّذين عند المنبر. ثمّ غلبني ما أجد فجئت الغلام فقلت: استأذن لعمر- فذكر مثله- فلمّا ولّيت منصرفا فإذا الغلام يدعوني.

قال: أذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخلت عليه، فإذا هو مضطجع على رمال حصير ليس بينه وبينه

(1) الإداوة إناء صغير يحمل فيه الماء.

(2)

أوضأ: أفعل من الوضاءة وهو بياض الوجه وجماله.

ص: 294

فراش، قد أثّر الرّمال بجنبه، متّكىء على وسادة من أدم حشوها ليف. فسلّمت عليه، ثمّ قلت وأنا قائم طلّقت نساءك؟. فرفع بصره إليّ فقال:«لا» .

ثمّ قلت وأنا قائم أستأنس: يا رسول الله، لو رأيتني وكنّا معشر قريش نغلب النّساء، فلمّا قدمنا على قوم تغلبهم نساؤهم. فذكره. فتبسّم النّبيّ صلى الله عليه وسلم ثمّ قلت:

لو رأيتني ودخلت على حفصة. فقلت: لا يغرّنّك أن كانت جارتك هي أوضأ منك وأحبّ إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم (يريد عائشة) ، فتبسّم أخرى. فجلست حين رأيته تبسّم. ثمّ رفعت بصري في بيته، فوالله ما رأيت فيه شيئا يردّ البصر غير أهبة «1» ثلاث، فقلت: ادع الله فليوسّع على أمّتك، فإنّ فارس والرّوم وسّع عليهم وأعطوا الدّنيا وهم لا يعبدون الله. وكان متّكئا فقال:

«أو في شكّ أنت يا بن الخطّاب؟ أولئك قوم عجّلت لهم طيّباتهم في الحياة الدّنيا» . فقلت: يا رسول الله استغفر لي. فاعتزل النّبيّ صلى الله عليه وسلم من أجل ذلك الحديث حين أفشته حفصة إلى عائشة، وكان قد قال: ما أنا بداخل عليهنّ شهرا، من شدّة موجدته «2» عليهنّ حين عاتبه الله. فلمّا مضت تسع وعشرون دخل على عائشة فبدأ بها، فقالت له عائشة: إنّك أقسمت أن لا تدخل علينا شهرا وإنّا أصبحنا بتسع وعشرين ليلة أعدّها عدّا فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «الشّهر تسع وعشرون» ، وكان ذلك الشّهر تسعا وعشرين. قالت عائشة:

فأنزل آية التّخيير، فبدأ بي أوّل امرأة. فقال:«إنّي ذاكر لك أمرا، ولا عليك أن لا تعجلي حتّى تستأمري أبويك» . قالت: قد أعلم أنّ أبويّ لم يكونا يأمراني بفراقك- ثمّ قال: «إنّ الله قال: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ- إلى قوله- عَظِيماً (الأحزاب/ 28. 29) . قلت: أفي هذا أستأمر أبويّ، فإنّي أريد الله ورسوله والدّار الآخرة. ثمّ خيّر نساءه. فقلن مثل ما قالت عائشة) * «3» .

33-

* (عن سعيد بن المسيّب، عن أبيه- رضي الله عنهما قال: لمّا حضرت أبا طالب الوفاة، جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده أبا جهل، وعبد الله ابن أبي أميّة بن المغيرة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عمّ قل: لا إله إلّا الله. كلمة أشهد لك بها عند الله» . فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أميّة: يا أبا طالب! أترغب عن ملّة عبد المطّلب؟. فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه، ويعيد له تلك المقالة، حتّى قال أبو طالب آخر ما كلّمهم: هو على ملّة عبد المطّلب. وأبى أن يقول: لا إله إلّا الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما والله لأستغفرنّ لك ما لم أنه عنك» . فأنزل الله- عز وجل: ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (التوبة/ 113) .

(1) أهبة: بحركات جمع إهاب على غير قياس، وهو الجلد من البقر والغنم والوحش ما لم يدبغ.

(2)

موجدته: أي حزنه.

(3)

البخاري- الفتح 5 (2468) .

ص: 295

وأنزل الله تعالى في أبي طالب، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (28/ القصص/ 56)) * «1» .

34-

* (عن أبي موسى- رضي الله عنه قال: لمّا فرغ النّبيّ صلى الله عليه وسلم من حنين بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس، فلقي دريد بن الصّمّة، فقتل دريد، وهزم الله أصحابه. قال أبو موسى: وبعثني مع أبي عامر، فرمي أبو عامر في ركبته، رماه جشميّ «2» بسهم فأثبته في ركبته فانتهيت إليه فقلت: يا عمّ! من رماك؟. فأشار أبو عامر إلى أبي موسى فقال: ذاك قاتلي الّذي رماني، فقصدت له، فلحقته، فلمّا رآني ولّى، فاتّبعته وجعلت أقول له: ألا تستحي؟ ألا تثبت؟ فكفّ. فاختلفنا ضربتين بالسّيف فقتلته، ثمّ قلت لأبي عامر: قتل الله صاحبك. قال: فانزع هذا السّهم فنزعته فنزا منه الماء «3» . قال: يا ابن أخي، أقريء النّبيّ صلى الله عليه وسلم السّلام وقل له: استغفر لي.

واستخلفني أبو عامر على النّاس. فمكث يسيرا ثمّ مات. فرجعت فدخلت على النّبيّ صلى الله عليه وسلم في بيته على سرير مرمّل»

، وعليه فراش قد أثّر رمال السّرير بظهره وجنبيه، فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر وقال:

قل له استغفر لي، فدعا بماء فتوضّأ، ثمّ رفع يديه، فقال:«اللهمّ اغفر لعبيد أبي عامر، ورأيت بياض إبطيه» . ثمّ قال: «اللهمّ اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من النّاس» . فقلت: ولي فاستغفر.

فقال: «اللهمّ اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه، وأدخله يوم القيامة مدخلا كريما» . قال أبو بردة: إحداهما لأبي عامر، والأخرى لأبي موسى) * «5» .

35-

* (عن أبي أيّوب الأنصاريّ- رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «لو أنّكم لم تكن لكم ذنوب، يغفرها الله لكم، لجاء الله بقوم لهم ذنوب، يغفرها لهم» ) * «6» .

36-

* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك:

سبحانك اللهمّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلّا أنت أستغفرك وأتوب إليك. إلّا غفر له ما كان في مجلسه ذلك» ) * «7» .

37-

* (عن زيد- رضي الله عنه مولى النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من قال أستغفر الله الّذي لا إله إلّا هو الحيّ القيّوم وأتوب إليه (ثلاثا) غفر له وإن كان فرّ من الزّحف» ) * «8» .

38-

* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما

(1) البخاري- الفتح 3 (1360) ، ومسلم (24) واللفظ له.

(2)

جشمي: رجل من بني جشم.

(3)

نزا منه الماء: أي انصب من موضع السهم.

(4)

سرير مرمّل:- بميم مشددة مفتوحة- أي معمول بالرمال وهي حبال الحصر التي تضفر بها الأسرّة.

(5)

البخاري- الفتح 8 (4323) واللفظ له، مسلم (2498) وسبق تخريجه.

(6)

مسلم (2748) .

(7)

الترمذي (3433) وقال: حديث حسن غريب واللفظ له، وابن حبان (2366) في صحيحه. وقال محقق جامع الأصول (4/ 277) : إسناده حسن.

(8)

أبو داود (1517) واللفظ له، والحاكم (1/ 511) من حديث ابن مسعود وقال: صحيح على شرط الشيخين. وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/ 283) : صحيح، الترمذي (3572) .

ص: 296

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كلّ ضيق مخرجا، ومن كلّ همّ فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب» ) * «1» .

39-

* (عن عائشة- رضي الله عنها قالت: وارأساه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ذاك لو كان وأنا حيّ فأستغفر لك وأدعو لك» . فقالت عائشة:

واثكلياه، والله إنّي لأظنّك تحبّ موتي، ولو كان ذلك لظللت آخر يومك معرّسا «2» ببعض أزواجك. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:«بل أنا وارأساه، لقد هممت- أو أردت- أن أرسل إلى أبي بكر وابنه فأعهد «3» أن يقول «4» القائلون، أو يتمنّى المتمنّون» ثمّ قلت: يأبى الله ويدفع المؤمنون. أو يدفع الله ويأبى المؤمنون) * «5» .

40-

* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والّذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله، فيغفر لهم» ) * «6» .

41-

* (عن جابر- رضي الله عنه أنّ الطّفيل ابن عمرو الدّوسيّ أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! هل لك في حصن حصين ومنعة؟ (قال حصن كان لدوس في الجاهليّة) فأبى ذلك النّبيّ صلى الله عليه وسلم.

للّذي ذخر الله للأنصار. فلمّا هاجر النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. هاجر إليه الطّفيل بن عمرو. وهاجر معه رجل من قومه. فاجتووا المدينة «7» . فمرض، فجزع، فأخذ مشاقص «8» له، فقطع بها براجمه «9» ، فشخبت «10» يداه حتّى مات. فرآه الطّفيل بن عمرو في منامه. فرآه وهيئته حسنة. ورآه مغطّيا يديه. فقال له: ما صنع بك ربّك؟ فقال: غفر لي بهجرتي إلى نبيّه صلى الله عليه وسلم. فقال: مالي أراك مغطّيا يديك؟ قال: قيل لي: لن نصلح منك ما أفسدت. فقصّها الطّفيل على النّبيّ صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اللهمّ! وليديه فاغفر» ) * «11» .

42-

* (عن أبي ذرّ- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنّه قال: «يا عبادي! إنّي حرّمت الظّلم على نفسي وجعلته بينكم محرّما. فلا تظالموا. يا عبادي! كلّكم ضالّ إلّا من هديته. فاستهدوني أهدكم. يا عبادي! كلّكم جائع إلّا من أطعمته. فاستطعموني أطعمكم.

يا عبادي! كلّكم عار إلّا من كسوته. فاستكسوني أكسكم. يا عبادي إنّكم تخطئون باللّيل والنّهار، وأنا أغفر الذّنوب جميعا. فاستغفروني أغفر لكم. يا عبادي! إنّكم لن تبلغوا ضرّي فتضرّوني. ولن تبلغوا

(1) أبو داود (1518) واللفظ له، أحمد في المسند (2234) تحقيق أحمد شاكر وصحح إسناده، وابن ماجة (3819) .

(2)

معرسا: عرّس بزوجه: أي بنى بها ثم استعمل في كل جماع.

(3)

فأعهد: أي أوصي.

(4)

أن يقول: أي لئلا يقول.

(5)

البخاري- الفتح 10 (5666) .

(6)

مسلم (2749) .

(7)

اجتووا المدينة: أي كرهوا المقام فيها أو أصابهم الجوى وهو المرض وداء الجوف إذا تطاول.

(8)

مشاقص: سهام طوال.

(9)

براجمه: مفاصل أصابعه.

(10)

شخبت: أي سال دمها.

(11)

مسلم (116) .

ص: 297

نفعي فتنفعوني. يا عبادي! لو أنّ أوّلكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم. مازاد ذلك في ملكي شيئا. يا عبادي! لو أنّ أوّلكم وآخركم. وإنسكم وجنّكم. كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا.

يا عبادي! لو أنّ أوّلكم وآخركم، وإنسكم وجنّكم، قاموا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيت كلّ إنسان مسألته. ما نقص ذلك ممّا عندي إلّا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر. يا عبادي إنّما هي أعمالكم أحصيها لكم ثمّ أوفّيكم إيّاها. فمن وجد خيرا فليحمد الله.

ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلّا نفسه» ) * «1» .

43-

* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «يا معشر النّساء تصدّقن وأكثرن الاستغفار. فإنّي رأيتكنّ أكثر أهل النّار» . قالت امرأة منهنّ، جزلة «2» ، وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النّار. قال «تكثرن اللّعن، وتكفرن العشير. وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لبّ «3» منكنّ» قالت: يا رسول الله! وما نقصان العقل والدّين؟ قال: «أمّا نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل. فهذا نقصان العقل.

وتمكث اللّيالي ما تصلّي، وتفطر في رمضان، فهذا نقصان الدّين» ) * «4» .

44-

* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ينزل ربّنا كلّ ليلة إلى السّماء الدّنيا حين يبقى ثلث اللّيل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ ومن يسألني فأعطيه؟ ومن يستغفرني فأغفر له» ) * «5» .

(1) حديث قدسي رواه مسلم (2577) .

(2)

جزلة: ذات عقل ورأي.

(3)

اللب: العقل، والمراد هنا كمال العقل.

(4)

مسلم (79) واللفظ له، ووردت ألفاظ متقاربة عند البخاري.

(5)

البخاري- الفتح 13 (7494) ، مسلم (758) واللفظ له.

ص: 298