الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عنهما- قال: ما منعني أن أشهد بدرا إلّا أنّي خرجت أنا وأبي، حسيل»
. قال: فأخذنا كفّار قريش. قالوا:
إنّكم تريدون محمّدا فقلنا: ما نريده. ما نريد إلّا المدينة فأخذوا منّا عهد الله وميثاقه لننصرفنّ إلى المدينة ولا نقاتل معه. فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه الخبر.
فقال: «انصرفا. نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم» ) * «2» .
17-
* (عن مسروق- رضي الله عنه قال:
بينما رجل- يحدّث في كندة فقال: يجيء دخان يوم القيامة فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم يأخذ المؤمن كهيئة الزّكام، ففزعنا فأتينا ابن مسعود فكان متّكئا فغضب فجلس فقال: من علم فليقل، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم، فإنّ من العلم أن يقول لما لا يعلم لا أعلم؛ فإنّ الله قال لنبيّه: قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (ص/ 86) . وإنّ قريشا أبطئوا عن الإسلام فدعا عليهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال:«اللهمّ أعنّي عليهم بسبع كسبع يوسف» فأخذتهم سنة «3» حتّى هلكوا فيها وأكلوا الميتة والعظام، ويرى الرّجل ما بين السّماء والأرض كهيئة الدّخان، فجاءه أبو سفيان، فقال: يا محمّد! جئت تأمرنا بصلة الرّحم، وإنّ قومك قد هلكوا، فادع الله.
فقرأ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ. إلى قوله عائِدُونَ (الدخان/ 10- 15)
…
الحديث) * «4» .
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الاستعانة)
1-
* (كان موسى عليه وعلى نبيّنا الصّلاة والسّلام، يقول: «اللهمّ لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان، وبك المستغاث، وعليك التّكلان، ولا حول ولا قوّة إلّا بك» ) * «5» .
2-
* (عن عبد الله بن الزّبير- رضي الله تعالى عنهما- قال: لمّا وقف الزّبير يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه، فقال: يا بنيّ! لا يقتل اليوم إلّا ظالم أو مظلوم، وإنّي لا أراني إلّا سأقتل اليوم مظلوما، وإنّ من أكبر همّي لديني، أفترى يبقي ديننا من مالنا شيئا؟ فقال: يا بنيّ بع مالنا، فاقض ديني.
وأوصى بالثّلث، وثلثه لبنيه- يعني بني عبد الله بن الزّبير، يقول: ثلث الثّلث- فإن فضل من مالنا فضل بعد قضاء الدّين فثلثه لولدك. قال هشام: وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزّبير- خبيب وعبّاد- وله يومئذ تسعة بنين وتسع بنات. قال عبد الله: فجعل يوصيني بدينه ويقول: يا بنيّ!
(1) حسيل: اسم والد حذيفة، ويقال له حذيفة بن حسل ويقال حسيل.
(2)
مسلم (1787) .
(3)
السنة: هى العام من الجدب.
(4)
البخاري- الفتح 8 (4774) .
(5)
مجموع الفتاوى (1/ 112)
إن عجزت عن شيء منه فاستعن عليه مولاي قال:
فوالله ما دريت ما أراد حتّى قلت: يا أبت من مولاك؟
قال: الله. قال: فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلّا قلت: يا مولى الزّبير، اقض عنه دينه، فيقضيه. فقتل الزّبير- رضي الله عنه ولم يدع دينارا ولا درهما، إلّا أرضين منها الغابة، وإحدى عشرة دارا بالمدينة، ودارين بالبصرة، ودارا بالكوفة، ودارا بمصر. قال:
وإنّما كان دينه الّذي عليه أنّ الرّجل كان يأتيه بالمال فيستودعه إيّاه، فيقول الزّبير: لا، ولكنّه سلف، فإنّي أخشى عليه الضّيعة. وما ولي إمارة قطّ ولا جباية خراج ولا شيئا إلّا أن يكون في غزوة مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم أو مع أبي بكر وعمر وعثمان- رضي الله عنهم قال عبد الله بن الزّبير: فحسبت ما عليه من الدّين فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف، قال: فلقي حكيم بن حزام عبد الله ابن الزّبير. فقال: يا ابن أخي! كم على أخي من الدّين؟ فكتمه. فقال: مائة ألف، فقال حكيم: والله ما أرى أموالكم تسع لهذه. فقال له عبد الله:
أرأيتك إن كانت ألفي ألف ومائتي ألف؟ قال: ما أراكم تطيقون هذا، فإن عجزتم عن شيء منه فاستعينوا بي. قال: وكان الزّبير اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف. فباعها عبد الله بألف ألف وستّمائة ألف. ثمّ قام فقال: من كان له على الزّبير حقّ فليوافنا بالغابة. فأتاه عبد الله بن جعفر- وكان له على الزّبير أربعمائة ألف- فقال لعبد الله: إن شئتم تركتها لكم. قال عبد الله: لا. قال: فإن شئتم جعلتموها فيما تؤخّرون إن أخّرتم، فقال عبد الله: لا. قال: قال: فاقطعوا لي قطعة. قال عبد الله: لك من هاهنا إلى هاهنا. قال: فباع منها فقضى دينه فأوفاه، وبقي منها أربعة أسهم ونصف، فقدم على معاوية- وعنده عمرو بن عثمان والمنذر بن الزّبير، وابن زمعة، فقال له معاوية: كم قوّمت الغابة؟ قال: كلّ سهم مائة ألف، قال: كم بقي؟ قال: أربعة أسهم ونصف.
فقال المنذر بن الزّبير: قد أخذت سهما بمائة ألف.
وقال عمرو بن عثمان: قد أخذت سهما بمائة ألف.
وقال ابن زمعة: قد أخذت سهما بمائة ألف. فقال معاوية: كم بقي؟ فقال: سهم ونصف. قال: أخذته بخمسين ومائة ألف. قال: وباع عبد الله ابن جعفر نصيبه من معاوية بستّمائة ألف. فلمّا فرغ ابن الزّبير من قضاء دينه. قال بنو الزّبير: اقسم بيننا ميراثنا. قال: لا والله، لا أقسم بينكم حتّى أنادي بالموسم أربع سنين: ألا من كان له على الزّبير دين فليأتنا فلنقضه. قال: فجعل كلّ سنة ينادي بالموسم فلمّا مضى أربع سنين قسم بينهم. قال: وكان للزّبير أربع نسوة، ورفع الثّلث فأصاب كلّ امرأة ألف ألف ومائتا ألف» ) * «1»
3-
* (قالت عائشة- رضي الله عنها «لمّا قيل لها: مالك وللدّين؟ قالت: ألتمس عون الله للعبد يستدين على نيّة الأداء» ) * «2» .
(1) البخاري- الفتح 6 (3129) .
(2)
أحمد (6/ 72) بتصرف.
4-
* (قال الحسن البصريّ- رحمه الله تعالى:
وقد كتب إلى عمر بن عبد العزيز: «لا تستعن بغير الله فيكلك الله إليه» ) * «1» .
5-
* (قال ابن القيّم والفيروزاباديّ- رحمهما الله تعالى-: «التّوكّل نصف الدّين، والنّصف الثّاني الإنابة؛ فإنّ الدّين استعانة وعبادة، فالتّوكّل هو الاستعانة والإنابة هي العبادة» ) * «2» .
6-
* (قال ابن كثير- رحمه الله تعالى-: «إنّ عبادة الله هي المقصودة والاستعانة به وسيلة إليها وجميع الخلق وإن كانوا ألف ألف يحتاجون إليه ويفتقرون إليه» ) * «3» .
7-
* (قال بعض الحكماء من السّلف:
«يا ربّ، عجبت لمن يعرفك كيف يرجو غيرك، وعجبت لمن يعرفك كيف يستعين بغيرك» ) * «4» .
8-
* (قال لنا قائل: قد علمنا معنى الأمر بالاستعانة بالصّبر على الوفاء بالعهد والمحافظة على الطّاعة، فما معنى الأمر بالاستعانة بالصّلاة على طاعة الله وترك معاصيه، والتّعرّي عن الرّياسة وترك الدّنيا.
قيل: إنّ الصّلاة فيها تلاوة كتاب الله الدّاعية آياته إلى رفض الدّنيا، وهجر نعيمها المسلّية النّفوس عن زينتها وغرورها، المذكّرة الآخرة وما أعدّ الله فيها لأهلها، ففي الاعتبار بها المعونة لأهل طاعة الله على الجدّ فيها.
كما روي عن نبيّنا صلى الله عليه وسلم أنّه كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصّلاة» ) * «5» .
9-
* (قال الطّبريّ عند قوله تعالى وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ أمر الله جلّ ثناؤه الّذين وصف أمرهم من أحبار بني إسرائيل، أن يجعلوا مفزعهم- في الوفاء بعهد الله الّذي عاهدوه- إلى الاستعانة بالصّبر والصّلاة. كما أمر نبيّه محمّدا صلى الله عليه وسلم بذلك فقال له: فَاصْبِرْ (يا محمّد (عَلى ما يَقُولُونَ، وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى (طه/ 130) فأمره جلّ ثناؤه في نوائبه بالفزع إلى الصّبر والصّلاة» ) * «6» .
10-
* (عن عيينة بن عبد الرّحمن عن أبيه: أنّ ابن عبّاس نعي إليه أخوه قثم وهو في سفر، فاسترجع ثمّ تنحّى عن الطّريق، فأناخ فصلّى ركعتين أطال فيهما الجلوس، ثمّ قام يمشي إلى راحلته وهو يقول:
وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) * «7» .
11-
* (قال أبو العالية: في وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ، قال يقول: استعينوا بالصّبر
(1) جامع العلوم والحكم (182)
(2)
مدارج السالكين (2/ 118) ، بصائر ذوي التمييز (2/ 315) .
(3)
تفسير ابن كثير (1/ 26) بتصرف.
(4)
جامع العلوم والحكم (182) .
(5)
الطبري (1/ 298) . وانظر المقدمة اللغوية (215) .
(6)
المرجع السابق (1/ 298- 299) .
(7)
المرجع السابق (1/ 299) .