الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعضهم ببعض، وتصادقوا فيها بينهم، قال السّيّد للعاقب: قد والله علمتم أنّ الرّجل نبيّ مرسل، ولئن لا عنتموه إنّه ليستأصلكم، وما لا عن قوم قطّ نبيّا فبقي كبيرهم، ولا نبت صغيرهم فإن أنتم لم تتّبعوه وأبيتم إلّا إلف دينكم فوادعوه وارجعوا إلى بلادكم، وقد كان رسول الله خرج ومعه عليّ، والحسن، والحسين، وفاطمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أنا دعوت فأمّنوا أنتم.
فأبوا أن يلاعنوه، وصالحوه على الجزية) * «1» .
المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (الابتهال)
7-
* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه أنّ رجلا دخل المسجد يوم جمعة من باب كان نحو دار القضاء «2» ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما، ثمّ قال: يا رسول الله هلكت الأموال «3» وانقطعت السّبل «4» فادع الله يغثنا «5» .
قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، ثمّ قال:«اللهمّ أغثنا، اللهم أغثنا، اللهمّ أغثنا» . قال أنس: ولا والله ما نرى في السّماء من سحاب ولا قزعة «6» .
وما بيننا وبين سلع «7» من بيت ولا دار. قال:
فطلعت من ورائه سحابة مثل التّرس «8» ، فلمّا توسّطت السّماء انتشرت، ثمّ أمطرت. قال: فلا والله ما رأينا الشّمس سبتا «9» . قال: ثمّ دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب. فاستقبله قائما، فقال: يا رسول الله! هلكت الأموال وانقطعت السّبل «10» ، فادع الله يمسكها عنّا. قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، ثمّ قال
(1) سيرة ابن هشام (2/ 215- 216) ، والدر المنثور (2/ 231، 233) ، وأصله عند البخاري 8 (4380) ، وأسباب النزول للواحدي (ص 90) .
(2)
من باب كان نحو دار القضاء: أي في جهتها، وهي دار كانت لسيدنا عمر، وقال القاضي عياض: سميت دار القضاء لأنها بيعت في قضاء دين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي كتبه على نفسه، وأوصى ابنه عبد الله أن يباع فيه ماله؛ فإن عجز ماله استعان ببني عدي ثم بقريش، فباع ابنه داره هذه لمعاوية، وقضى دينه.
(3)
هلكت الأموال: المراد بالأموال هنا، المواشي، خصوصا الإبل، وهلاكها من قلة الأقوات بسبب عدم المطر والنبات.
(4)
وانقطعت السبل: أي الطرق فلم تسلكها الإبل، إما لخوف الهلاك، أو الضعف بسبب قلة الكلأ أو عدمه.
(5)
فادع الله يغثنا، وقوله صلى الله عليه وسلم «اللهم أغثنا» هكذا هو في جميع النسخ أغثنا بالألف، ويغثنا، بضم الياء، من أغاث يغيث، رباعي، والمشهور في كتب اللغة أنه إنما يقال في المطر: غاث الله الناس والأرض، يغيثهم بفتح الياء. أي أنزل المطر، قال القاضي عياض: قال بعضهم: هذا المذكور في الحديث من الإغاثة، بمعنى المعونة، وليس من طلب الغيث. إنما يقال في طلب الغيث: اللهم غثنا، قال القاضي: ويحتمل أن يكون من طلب الغيث، أي هب لنا غيثا، وارزقنا غيثا، كما يقال: سقاه الله وأسقاه، أي جعل له سقيا، على لغة من فرق بينهما.
(6)
ولا قزعة: هي القطعة من السحاب، وجمعها قزع، كقصبة وقصب، قال أبو عبيد: وأكثر ما يكون ذلك في الخريف.
(7)
سلع: هو جبل بقرب المدينة، أي ليس بيننا وبينه من حائل يمنعنا من رؤية سبب المطر، فنحن مشاهدون له وللسماء، وقال الإمام النووي: ومراده بهذا الإخبار عن معجزة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعظيم كرامته على ربه سبحانه وتعالى، بإنزال المطر سبعة أيام متوالية متصلا بسؤاله، من غير تقديم سحاب ولا قزع ولا سبب آخر، لا ظاهر ولا باطن.
(8)
مثل الترس: الترس هو ما يتقى به السيف، ووجه الشبه الاستدارة والكثافة لا القدر.
(9)
سبتا: أي قطعة من الزمان، وأصل السبت القطع.
(10)
هلكت الأموال وانقطعت السبل: هلاك الأموال وانقطاع السبل هذه المرة، من كثرة الأمطار، لتعذر الرعي والسلوك.
«اللهمّ حولنا «1» ، ولا علينا، اللهمّ على الآكام «2» ، والظّراب «3» ، وبطون الأودية، ومنابت الشّجر» فانقلعت «4» ، وخرجنا نمشي في الشّمس، قال شريك: فسألت أنس بن مالك: أهو الرّجل الأوّل؟ قال: لا أدري) * «5» .
8-
* (عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم: رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي (إبراهيم/ 36)، وقال عيسى عليه السلام: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (المائدة/ 118)، فرفع يديه وقال:«اللهمّ! أمّتي أمّتي» وبكى، فقال الله عز وجل:«يا جبريل! اذهب إلى محمّد- وربّك أعلم- فسله ما يبكيك؟» فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام فسأله. فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال. وهو أعلم، فقال الله:«يا جبريل، اذهب إلى محمّد فقل: «إنّا سنرضيك في أمّتك ولا نسوءك» ) * «6» .
9-
* (عن عائشة زوج النّبي صلى الله عليه وسلم قالت:
خسفت الشّمس في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى المسجد. فقام وكبّر وصفّ النّاس «7» وراءه، فاقترأ رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة طويلة، ثمّ كبّر فركع ركوعا طويلا، ثمّ رفع رأسه فقال:«سمع الله لمن حمده، ربّنا! ولك الحمد» ثمّ قام فاقترأ قراءة طويلة، هي أدنى من القراءة الأولى، ثمّ كبّر فركع ركوعا طويلا، هو أدنى من الرّكوع الأوّل، ثمّ قال:«سمع الله لمن حمده، ربّنا! ولك الحمد» ، ثمّ سجد (ولم يذكر أبو الطّاهر: ثمّ سجد) ثمّ فعل في الّركعة الأخرى مثل ذلك. حتّى استكمل أربع ركعات، وأربع سجدات، وانجلت الشّمس، قبل أن ينصرف، ثمّ قام فخطب النّاس، فأثنى على الله بما هو أهله، ثمّ قال!:«إنّ الشّمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموها فافزعوا إلى الصّلاة»
…
الحديث) * «8» .
10-
* (عن أبي موسى- رضي الله عنه قال: «لمّا فرغ النّبيّ صلى الله عليه وسلم من حنين بعث أبا عامر على
(1) حولنا: وفي بعض النسخ حوالينا، وهما صحيحان.
(2)
الآكام: قال في المصباح: الأكمة تل، والجمع أكم وأكمات، مثل قصبة وقصب وقصبات، وجمع الأكم إكام، مثل جبل وجبال، وجمع الإكام أكم، مثل كتاب وكتب، وجمع الأكم آكام، مثل عنق وأعناق. وقال النووي: قال أهل اللغة: الإكام، بكسر الهمزة، جمع أكمة، ويقال في جمعها: آكام، ويقال: أكم وأكم، وهي دون الجبل، وأعلى من الرابية، وقيل: دون الرابية.
(3)
والظراب: واحدها ظرب، وهي الروابي الصغار.
(4)
فانقلعت: ولفظ البخاري: فأقلعت، وهو لغة القرآن، أي أمسكت السحابة الماطرة عن المدينة الطاهرة، وفي نسخة النووي: فانقطعت. قال: هكذا هو في بعض النسخ المعتمدة، وفي أكثرها: فانقلعت، وهما بمعنى.
(5)
البخاري- الفتح 2 (1013) ، مسلم (897) واللفظ له.
(6)
مسلم (202) .
(7)
وصفّ الناس: بالبناء للمجهول ورفع الناس أي صاروا صفّا ويجوز فيها البناء للمعلوم، والناس بالنصب مفعول به والفاعل محذوف والمراد به النبي صلى الله عليه وسلم قاله ابن حجر في الفتح.
(8)
البخاري- الفتح 2 (1046) ، مسلم (901) واللفظ له.
جيش إلى أوطاس «1» ، فلقي دريد بن الصّمّة، فقتل دريد، وهزم الله أصحابه، قال أبو موسى: وبعثني مع أبي عامر، فرمي أبو عامر في ركبته، رماه جشميّ «2» بسهم فأثبته في ركبته فانتهيت إليه. فقلت: يا عمّ! من رماك؟ فأشار إلى أبي موسى، فقال: ذاك قاتلي الّذي رماني، فقصدت له، فلحقته، فلمّا رآني ولّى، فاتّبعته وجعلت أقول له: ألا تستحي؟ ألا تثبت؟ فكفّ، فاختلفنا ضربتين بالسّيف فقتلته، ثمّ قلت لأبي عامر:
قتل الله صاحبك، قال: فانزع هذا السّهم، فنزعته فنزل منه الماء، قال: يا ابن أخي، أقريء النّبيّ صلى الله عليه وسلم السّلام، وقل له: استغفر لي. واستخلفني أبو عامر على النّاس، فمكث يسيرا ثمّ مات، فرجعت، فدخلت على النّبيّ صلى الله عليه وسلم في بيته على سرير مرمّل «3» ، وعليه فراش قد أثّر رمال السّرير بظهره وجنبيه، فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر. وقال: قل له: استغفر لي، فدعا بماء فتوضّأ، ثمّ رفع يديه فقال:«اللهمّ اغفر لعبيد أبي عامر» ، ورأيت بياض إبطيه. ثمّ قال:
«اللهمّ اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من النّاس» ، فقلت: ولي فاستغفر. فقال: «اللهمّ اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه، وأدخله يوم القيامة مدخلا كريما» . قال أبو بردة: إحداهما لأبي عامر والأخرى لأبي موسى) * «4» .
11-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما قال: حدّثني عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه قال:
لمّا كان يوم بدر «5» ، نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا، فاستقبل نبيّ الله صلى الله عليه وسلم القبلة، ثمّ مدّ يديه فجعل يهتف بربّه «6» :«اللهمّ! أنجز لي ما وعدتني، اللهمّ! آت ما وعدتني. اللهمّ! إن تهلك»
هذه العصابة «8» من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض» فما زال يهتف بربّه، مادّا يديه، مستقبل القبلة، حتّى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر، فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثمّ التزمه من ورائه، وقال: يا نبيّ الله! كذاك منا شدتك ربّك «9» ، فإنّه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عز وجل: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ «10» بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ «11» (الأنفال/ 9) . فأمدّه الله بالملائكة) * «12» .
(1) أوطاس: واد في دار هوازن، وهو موضع حرب حنين.
(2)
جشمي: أي رجل من بني جشم.
(3)
سرير مرمل: أي معمول بالرمال وهي حبال الحصر التي تضفر بها الأسرّة.
(4)
البخاري- الفتح 7 (4323) واللفظ له، مسلم (2498) .
(5)
لما كان يوم بدر: بدر موضع الغزوة العظمى المشهورة، وهو ماء معروف وقرية عامرة على نحو أربع مراحل من المدينة، بينها وبين مكة، قال ابن قتيبة: بدر بئر كانت لرجل يسمى بدرا، فسميت باسمه، وكانت غزوة بدر يوم الجمعة لسبع عشرة خلت من شهر رمضان في السنة الثانية من الهجرة.
(6)
فجعل يهتف بربه: معناه يصيح ويسغيث بالله بالدعاء.
(7)
إن تهلك: ضبطوا تهلك بفتح التاء وضمها، فعلى الأول ترفع العصابة لأنها فاعل، وعلى الثاني تنصب وتكون مفعوله.
(8)
العصابة: الجماعة.
(9)
كذالك منا شدتك ربك: المناشدة السؤال، مأخوذة من النشيد وهو رفع الصوت، هكذا وقع لجماهير رواة مسلم، ولبعضهم: كفاك، وكلّ بمعنى واحد.
(10)
ممدّكم: أي معينكم، من الإمداد.
(11)
مردفين: متتابعين.
(12)
البخاري- الفتح 7 (3953) مختصرا، مسلم (1763) واللفظ له.