الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حديث؟ فأخبرتها. قالت: فسمعه أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: نعم. فخرّت مغشيّا عليها، فما أفاقت إلّا وعليها حمّى «1» بنافض فجاء النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال:«ما لهذه؟» قلت: حمّى أخذتها من أجل حديث تحدّث به فقعدت فقالت: والله لئن حلفت لا تصدّقونني، ولئن اعتذرت لا تعذرونني، فمثلي ومثلكم كمثل يعقوب وبنيه، والله المستعان على ما تصفون. فانصرف النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله ما أنزل، فأخبرها فقالت: بحمد الله لا بحمد أحد» ) * «2» .
الأحاديث الواردة في (الاعتذار) معنى
6-
* (عن أبي الدّرداء- رضي الله عنه قال: كانت بين أبي بكر وعمر محاورة، فأغضب أبو بكر عمر، فانصرف عنه مغضبا، فاتّبعه أبو بكر يسأله أن يستغفر له، فلم يفعل حتّى أغلق بابه في وجهه، فأقبل أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال أبو الدّرداء:
ونحن عنده- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمّا صاحبكم فقد غامر» ، وندم عمر على ما كان منه، فأقبل حتّى سلّم وجلس إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وقصّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر. قال أبو الدّرداء: وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل أبو بكر يقول: والله يا رسول الله لأنا كنت أظلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل أنتم تاركو لي صاحبي؟ هل أنتم تاركو لي صاحبي؟ إنّي قلت: يا أيّها النّاس إنّي رسول الله إليكم جميعا. فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدقت» ) * «3» .
7-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما قال: كان رجل من الأنصار أسلم، ثمّ ارتدّ ولحق بالشّرك، ثمّ تندّم فأرسل إلى قومه: سلوا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم. هل لي من توبة؟ فجاء قومه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنّ فلانا قد ندم، وإنّه أمرنا أن نسألك هل له من توبة؟ فنزلت: كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ إلى قوله: غَفُورٌ رَحِيمٌ فأرسل إليه، فأسلم) * «4» .
8-
* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا. فسأل عن أعلم أهل الأرض فدلّ على راهب فأتاه، فقال: إنّه قتل تسعة وتسعين نفسا، فهل له من توبة؟ فقال:
لا. فقتله فكمّل به مائة، ثمّ سأل عن أعلم أهل الأرض فدلّ على رجل عالم، فقال: إنّه قتل مائة نفس، فهل له من توبة؟ فقال: نعم. ومن يحول
(1) حمّى بنافض: أي حمى برعدة.
(2)
البخاري- الفتح 6 (3388) وخرجه البخاري ومسلم من حديث عائشة بسياق طويل جدا. انظره بطوله في (الاستغفار) .
(3)
البخاري- الفتح 8 (4640) .
(4)
صحيح النسائي (3792) وقال مخرجه: صحيح الإسناد وهو في السنن (7/ 107) واللفظ له. وذكره ابن كثير في تفسيره (1/ 380) وقال: رواه ابن جرير ومثله النسائي. والحاكم وابن حبان، وقال أحمد شاكر في المسند: إسناده صحيح (4/ 47- 48) حديث رقم (2218) .
بينه وبين التّوبة. انطلق إلى أرض كذا وكذا؛ فإنّ بها أناسا يعبدون الله، فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنّها أرض سوء، فانطلق حتّى إذا نصف الطّريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرّحمة وملائكة العذاب. فقالت ملائكة الرّحمة: جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله، وقالت ملائكة العذاب: إنّه لم يعمل خيرا قطّ. فأتاهم ملك في صورة آدميّ فجعلوه بينهم فقال: قيسوا ما بين الأرضين، فإلى أيّتهما كان أدنى فهو له. فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض الّتي أراد. فقبضته ملائكة الرّحمة» ) * «1» .
9-
* (عن أبي البختريّ- رحمه الله عن رجل من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لن يهلك النّاس حتّى يعذروا «2» من أنفسهم» ) * «3» .
10-
* (عن عبد الله بن معقل بن مقرّن قال: دخلت مع أبي على عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «النّدم توبة» فقال له أبي: أنت سمعت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: النّدم توبة؟» قال: نعم) * «4» .
11-
* (قال عائذ بن عمرو: إنّ أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر. فقالوا: والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدوّ الله مأخذها. قال: فقال أبو بكر: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيّدهم؟ فأتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فقال:«يا أبا بكر لعلّك أغضبتهم. لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربّك» . فأتاهم أبو بكر فقال: يا إخوتاه؟
أغضبتكم؟ قالوا: لا. يغفر الله لك يا أخيّ» ) * «5» .
12-
* (عن كعب بن مالك- رضي الله عنه وهو أحد الثّلاثة الّذين تيب عليهم «أنّه لم يتخلّف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة غزاها قطّ غير غزوتين
…
الحديث وفيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أمّ سلمة تيب على كعب» قالت: أفلا أرسل إليه فأبشّره؟ قال: «إذا يحطمكم «6» النّاس، فيمنعونكم النّوم سائر اللّيلة» . حتّى إذا صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر، آذن بتوبة الله علينا، وكان إذا استبشر استنار وجهه حتّى كأنّه قطعة من القمر وكنّا أيّها الثّلاثة الّذين خلّفوا عن الأمر الّذي قبل من هؤلاء الّذين اعتذروا حين أنزل الله لنا التّوبة) *» .
13-
* (عن أنس- رضي الله عنه قال:
غاب عمّي أنس بن النّضر عن قتال بدر، فقال: يا رسول الله، غبت عن أوّل قتال قاتلت المشركين، لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرينّ الله ما أصنع. فلمّا
(1) البخاري- الفتح 6 (3470) . ومسلم (2766) واللفظ له.
(2)
يعذروا: يعني أنهم لا يهلكون حتى تكثر ذنوبهم وعيوبهم فيعذروا من أنفسهم ويستوجبوا العقوبة.
(3)
أبو داود (4347) . وأحمد (4/ 260) واللفظ له. وذكره في جامع الأصول (10/ 55) وقال مخرجه: إسناده حسن.
(4)
ابن ماجة (4252) واللفظ له. وأحمد (1/ 376) وقال شاكر (5/ 195) : إسناده صحيح- حديث (3568) . والحاكم (4/ 272) وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.
(5)
مسلم (2504) وأخي بضم الهمز على التصغير، وهو تصغير تحبيب وترقيق وملاطفة. وفي بعض النسخ بفتحها.
(6)
يحطمكم: أي يزدحمون عليكم.
(7)
البخاري- الفتح 8 (4677) واللفظ له. ومسلم (2769) . وقد ذكر الحديث بتمامه في مواضع أخرى.
كان يوم أحد، وانكشف المسلمون، قال: اللهمّ إنّي أعتذر إليك ممّا صنع هؤلاء، يعني أصحابه، وأبرأ إليك ممّا صنع هؤلاء، يعني المشركين. ثمّ تقدّم فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: يا سعد بن معاذ، الجنّة وربّ النّضر، إنّي أجد ريحها من دون أحد.
قال سعد: فما استطعت يا رسول الله ما صنع. قال أنس: فوجدنا به بضعا وثمانين ضربة بالسّيف، أو طعنة برمح أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل وقد مثّل به المشركون فما عرفه أحد إلّا أخته ببنانه. قال أنس: كنّا نرى- أو نظنّ- أنّ هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ (الأحزاب/ 23) إلى آخر الآية» ) * «1» .
14-
* (عن عائشة- رضي الله عنها زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا، أقرع بين نسائه. فأيّتهنّ خرج سهمها، خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه. قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها. فخرج فيها سهمي. فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذلك بعد ما أنزل الحجاب. فأنا أحمل في هودجي، وأنزل فيه، مسيرنا. حتّى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوه، وقفل، ودنونا من المدينة، آذن ليلة بالرّحيل. فقمت حين آذنوا بالرّحيل.
فمشيت حتّى جاوزت الجيش. فلمّا قضيت من شأني أقبلت إلى الرّحل. فلمست صدري فإذا عقدي من جزع ظفار «2» قد انقطع. فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه. وأقبل الرّهط الّذين كانوا يرحلون لي فحملوا هودجي. فرحلوه على بعيري الّذي كنت أركب. وهم يحسبون أنّي فيه. قالت: وكانت النّساء إذ ذاك خفافا. لم يهبّلن «3» ولم يغشهنّ اللّحم. إنّما يأكلن العلقة من الطّعام. فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رحلوه ورفعوه، وكنت جارية حديثة السّنّ. فبعثوا الجمل وساروا. ووجدت عقدي بعد ما استمرّ الجيش. فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب. فتيمّمت منزلي الّذي كنت فيه. وظننت أنّ القوم سيفقدوني فيرجعون إليّ. فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت. وكان صفوان بن المعطّل السّلميّ، ثمّ الذّكوانيّ، قد عرّس «4» من وراء الجيش فأدلج. فأصبح عند منزلي. فرأى سواد إنسان نائم.
فأتاني فعرفني حين رآني. وقد كان يراني قبل أن يضرب الحجاب عليّ. فاستيقظت باسترجاعه «5» حين عرفني، فخمّرت «6» وجهي بجلبابي
…
قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر: «يا معشر المسلمين؛ من يعذرني من رجل قد بلغ أذاه في أهل بيتي. فوالله
(1) البخاري- الفتح 6 (2805) .
(2)
عقدي من جزع ظفار: العقد نحو القلادة. والجزع خرز يمانيّ. وظفار، مبنية على الكسر. تقول: هذه ظفار ودخلت ظفار وإلى ظفار، بكسر الراء بلا تنوين في الأحوال كلها. وهي قرية باليمن.
(3)
لم يهبّلن: ضبطوه على أوجه: أشهرها ضم الياء وفتح الهاء والباء المشدّدة، أي يثقلن باللحم والشحم. قال أهل اللغة: يقال هبله اللحم وأهبله إذا أثقله وكثر لحمه وشحمه.
(4)
قد عرّس: التعريس النزول آخر الليل في السفر لنوم أو استراحة. وقال أبو زيد: هو النزول أي وقت كان والمشهور الأول.
(5)
استرجاعه: بقوله: إنا لله وإنا إليه راجعون.
(6)
فخمّرت: فغطيت.