الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مالك يا أمّ سليم!» فقالت:
يا نبيّ الله، أدعوت على يتيمتي؟. قال:«وما ذاك يا أمّ سليم؟» قالت: زعمت أنّك دعوت أن لا يكبر سنّها ولا يكبر قرنها. قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمّ قال:
المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (كفالة اليتيم)
18-
* (عن عمران بن حصين قال: كنت مع نبيّ الله صلى الله عليه وسلم في مسير له فأدلجنا ليلتنا. حتّى إذا كان في وجه الصّبح عرّسنا، فغلبتنا أعيننا حتّى بزغت الشّمس. قال: فكان أوّل من استيقظ منّا أبو بكر، وكنّا لا نوقظ نبّيّ الله صلى الله عليه وسلم من منامه إذا نام حتّى يستيقظ، ثمّ استيقظ عمر، فقام عند نبيّ الله صلى الله عليه وسلم فجعل يكبّر ويرفع صوته بالتّكبير حتّى استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمّا رفع رأسه ورأى الشّمس قد بزغت قال:«ارتحلوا» فسار بنا، حتّى إذا ابيضّت الشّمس، نزل فصلّى بنا الغداة، فاعتزل رجل من القوم لم يصلّ معنا، فلمّا انصرف قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يا فلان، ما منعك أن تصلّي معنا؟» قال: يا نبيّ الله، أصابتني جنابة، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم فتيمّم بالصّعيد، فصلّى، ثمّ عجّلني في ركب بين يديه، نطلب الماء، وقد عطشنا عطشا شديدا. فبينما نحن نسير إذا نحن بامرأة سادلة «2» .
رجليها بين مزادتين «3» . فقلنا لها: أين الماء؟ قالت:
أيهاه. أيهاه «4» . لا ماء لكم. قلنا: فكم بين أهلك وبين الماء؟ قالت: مسيرة يوم وليلة. قلنا: انطلقي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: ومن رسول الله؟ فلم نملّكها من أمرها شيئا «5» . حتّى انطلقنا بها، فاستقبلنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها فأخبرته مثل الّذي أخبرتنا، وأخبرته أنّها موتمة «6» ، لها صبيان أيتام. فأمر براويتها «7» ،
(1) مسلم (2603) .
(2)
سادلة: أي مرسلة مدلية.
(3)
مزادتين: المزادة: أكبر من القربة، والمزادتان: حمل بعير، وسميت مزادة لأنه يزاد فيها من جلد آخر من غيرها.
(4)
أيهاه. أيهاه: بمعنى هيهات. هيهات، ومعناها البعد عن المطلوب واليأس منه.
(5)
لم نملكها من أمرها شيئا: أي لم نخلها وشأنها حتى تملك أمرها.
(6)
موتمة: أي ذات أيتام.
(7)
براويتها: الراوية هي الجمل الذي يحمل الماء وقد يسمّى مزادة.
فأنيخت، فمجّ في العزلاوين العلياوين «1» ، ثمّ بعث براويتها، فشربنا، ونحن أربعون رجلا عطاش حتّى روينا. وملأنا كلّ قربة معنا وإداوة، وغسلنا صاحبنا «2» ، غير أنّا لم نسق بعيرا، وهي تكاد تنضرج «3» . من الماء (يعني المزادتين) ثمّ قال:«هاتوا ما كان عندكم» فجمعنا لها من كسر «4» وتمر، وصرّ لها صرّة «5» ، فقال لها:«اذهبي فأطعمي هذا عيالك، واعلمي أنّا لم نرزأ «6» من مائك» . فلمّا أتت أهلها قالت: لقد لقيت أسحر البشر. أو إنّه لنبيّ كما زعم.
كان من أمره ذيت وذيت «7» . فهدى الله ذاك الصّرم «8» بتلك المرأة، فأسلمت وأسلموا» ) * «9» .
19-
* (عن عبد الله بن جعفر قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا استعمل عليهم زيد بن حارثة، وقال: «فإن قتل زيد أو استشهد فأميركم عبد الله بن رواحة
…
» وفيه: أنّه صلى الله عليه وسلم قال: «اللهمّ اخلف جعفرا في أهله، وبارك لعبد الله في صفقة يمينه» قالها ثلاث مرار.
قال (أي عبد الله بن جعفر) فجاءت أمّنا فذكرت له يتمنا، وجعلت تفرح له، فقال: العيلة تخافين عليهم وأنا وليّهم في الدّنيا والآخرة؟» ) * «10» .
(1) فمج في العزلاوين العلياوين: المج: زرق الماء بالفم. والعزلاء: هو المثعب الأسفل للمزادة الذي يفرغ منه الماء، ويطلق أيضا على فمها الأعلى.
(2)
وغسلنا صاحبنا: يعني الجنب، أعطيناه ما يغتسل به.
(3)
تنضرج من الماء: أي تنشق.
(4)
كسر: جمع كسرة وهي القطعة من الشيء المكسور.
(5)
وصرّ لها صرة: أي شد ما جمعه لها في لفافة.
(6)
لم نرزأ: لم ننقص من مائك شيئا.
(7)
ذيت وذيت: بمعنى كيت وكيت وكذا وكذا.
(8)
الصرم: أبيات مجتمعة.
(9)
البخاري- الفتح 6 (3571) ، ومسلم (682) واللفظ له.
(10)
أحمد (1/ 204، 205)، وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح؛ وهو في مجمع الزوائد (6/ 156- 157)، وقال: روى أبو داود وغيره بعضه.