الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضربا غير مبرّح «1» ، ولهنّ عليكم رزقهنّ وكسوتهنّ بالمعروف، وقد تركت فيكم ما لن تضلّوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله «2» ، وأنتم تسألون عنّي، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنّك قد بلّغت وأدّيت ونصحت، فقال بإصبعه السّبّابة يرفعها إلى السّماء وينكتها إلى النّاس «3» :«اللهمّ اشهد، اللهمّ اشهد. ثلاث مرّات ثمّ أذّن، ثمّ أقام فصلّى الظّهر، ثمّ أقام فصلّى العصر، ولم يصلّ بينهما شيئا، ثمّ ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصّخرات «4» وجعل حبل المشاة بين يديه «5» واستقبل القبلة فلم يزل واقفا حتّى غربت الشّمس، وذهبت الصّفرة قليلا حتّى غاب القرص «6» ، وأردف أسامة خلفه، ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء «7» الزّمام.. الحديث) * «8» .
3-
* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما أنّه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كلّكم راع وكلّكم مسئول عن رعيّته، الإمام راع ومسئول عن رعيّته، والرّجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيّته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيّتها، والخادم راع في مال سيّده ومسئول عن رعيّته» . قال:
وحسبت أنّه قد قال: «والرّجل راع في مال أبيه ومسئول عن رعيّته، وكلّكم راع ومسئول عن رعيّته» ) * «9» .
الأحاديث الواردة في تحمل (المسئولية) معنى
4-
* (عن أبي حميد السّاعديّ- رضي الله عنه قال: استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من الأسد «10» يقال له ابن اللّتبيّة- قال عمرو وابن أبي عمر: على الصّدقة- فلمّا قدم قال: هذا لكم. وهذا لي، أهدي لي.
(1) فاضربوهن ضربا غير مبرح: الضرب المبرح هو الضرب الشديد الشاق. ومعناه اضربوهن ضربا ليس بشديد ولا شاق. والبرح المشقة.
(2)
كتاب الله: بالنصب، بدل مما قبله. وبالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف.
(3)
وينكتها إلى الناس: ينكتها. كذا الرواية فيه، بالتاء المثناة فوق. وهو بعيد المعنى. وقيل صوابه ينكبها. قيل: وروي في سنن أبي داود بالتاء المثناة من طريق ابن العربي. وبالموحدة من طريق أبي بكر التمار. ومعناه يقلبها ويرددها إلى الناس مشيرا إليهم. ومنه: نكب كنانته إذا قلبها
(4)
الصخرات: هي صخرات مفترشات في أسفل جبل الرحمة، وهو الجبل الذي بوسط أرض عرفات، فهذا هو الموقف المستحب.
(5)
وجعل حبل المشاة بين يديه: روى حبل وروي جبل، قال القاضي عياض رحمه الله: الأول أشبه بالحديث، وحبل المشاة أي مجتمعهم، وأما بالجيم فمعناه طريقهم.
(6)
حتى غاب القرص: قيل صوابه حين غاب القرص.. ويحتمل أن الكلام على ظاهره. ويكون قوله: حتى غاب القرص بيانا لقوله غربت الشمس وذهبت الصفرة. فإن هذه تطلق مجازا على مغيب معظم القرص فأزال ذلك الاحتمال بقوله: حتى غاب القرص والله أعلم.
(7)
وقد شنق للقصواء: شنق: ضمّ وضيّق.
(8)
مسلم (1218) .
(9)
البخاري- الفتح 2 (893) واللفظ له. ومسلم (1829) .
(10)
الأسد: ويقال له: الأزدي، من أزد شنوءة. ويقال لهم: الأسد والأزد.
قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر. فحمد الله وأثنى عليه. وقال: «ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي! أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمّه حتّى ينظر أيهدى إليه أم لا. والّذي نفس محمّد بيده! لا ينال أحد منكم منها شيئا إلّا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه، بعير له رغاء. أو بقرة لها خوار. أو شاة تيعر «1» » .
ثمّ رفع يديه حتّى رأينا عفرتي إبطيه «2» » . ثمّ قال: اللهمّ! هل بلّغت؟» . مرّتين) * «3» .
5-
* (عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
6-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تضمّن الله «5» لمن خرج في سبيله، لا يخرجه إلّا جهادا في سبيلي، وإيمانا بي، وتصديقا برسلي «6» . فهو عليّ ضامن أن أدخله الجنّة. أو أرجعه إلى مسكنه الّذي خرج منه. نائلا ما نال من أجر أو غنيمة «7» . والّذي نفس محمّد بيده! ما من كلم يكلم في سبيل الله «8» ، إلّا جاء يوم القيامة كهيئته حين كلم، لونه لون دم، وريحه مسك. والّذي نفس محمّد بيده! لولا أن يشقّ على المسلمين ما قعدت خلاف سريّة «9» تغزو في سبيل الله أبدا. ولكن لا أجد سعة فأحملهم «10» . ولا يجدون سعة «11» . ويشقّ عليهم أن
(1) تيعر: معناه تصيح. واليعار صوت الشاة.
(2)
عفرتي إبطيه: بضم العين وفتحها. والأشهر الضم. قال الأصمعي وآخرون: عفرة الإبط هي البياض ليس بالناصع، بل فيه شيء كلون الأرض. قالوا: وهو مأخوذ من عفر الأرض، وهو وجهها.
(3)
البخاري- الفتح 13 (7197) . ومسلم (1832) واللفظ له
(4)
مسلم (1827) .
(5)
تضمن الله: وفي الرواية الأخرى: تكفل الله. ومعناهما أوجب الله تعالى له الجنة بفضله وكرمه، سبحانه وتعالى. وهذا الضمان والكفالة موافق لقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ الآية.
(6)
إلا جهادا في سبيلي: هكذا: جهادا، بالنصب. وكذا قال بعده: وإيمانا بي، وتصديقا. وهو منصوب على أنه مفعول له. وتقديره: لا يخرجه المخرج ويحركه المحرك إلا للجهاد والإيمان والتصديق. ومعناه: لا يخرجه إلا محض الإيمان والإخلاص لله تعالى.
(7)
نائلا ما نال من أجر: قالوا: معناه ما حصل له من الأجر بلا غنيمة، إن لم يغنموا. أو من الأجر والغنيمة مما غنموا. وقيل: إن أو هنا بمعنى الواو، أي من أجر وغنيمة. ومعنى الحديث أن الله تعالى ضمن أن الخارج للجهاد ينال خيرا بكل حال فإما أن يستشهد فيدخل الجنة، وإما أن يرجع بأجر، وإما أن يرجع بأجر وغنيمة.
(8)
ما من كلم يكلم في سبيل الله: أما الكلم فهو الجرح. ويكلم أي يجرح. والحكمة في مجيئه يوم القيامة على هيئته، أن يكون معه شاهد فضيلته وبذله نفسه في طاعة الله تعالى.
(9)
خلاف سرية: أي خلفها وبعدها.
(10)
لا أجد سعة فأحملهم: أي ليس لي من سعة الرزق ما أجد به لهم دواب فأحملهم عليها.
(11)
ولا يجدون سعة: فيه حذف يدل عليه ما ذكر قبله. أي ولا يجدون سعة يجدون بها من الدواب ما يحملهم ليتبعوني ويكونوا معي.
يتخلّفوا عنّي «1» . والّذي نفس محمّد بيده! لوددت أنّي أغزو في سبيل الله فأقتل. ثمّ أغزو فأقتل. ثمّ أغزو فأقتل» ) * «2» .
7-
* (عن أبي مريم الأزديّ- رحمه الله قال: دخلت على معاوية، فقال: ما أنعمنا بك أبا فلان؟ - وهي كلمة تقولها العرب- فقلت: حديثا سمعته أخبرك به، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من ولّاه الله- عز وجل شيئا من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلّتهم وفقرهم احتجب الله عنه دون حاجته وخلّته وفقره» ، قال: فجعل رجلا على حوائج النّاس) * «3» .
وفي رواية التّرمذيّ: عن عمرو بن مرّة الجهنيّ:
أنّه قال لمعاوية: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من إمام يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلّة والمسكنة، إلّا أغلق الله أبواب السّماء دون خلّته وحاجته ومسكنته» .
فجعل معاوية رجلا على حوائج النّاس) * «4» .
8-
* (عن الحسن، قال: عاد عبيد الله بن زياد، معقل بن يسار المزنيّ. في مرضه الّذي مات فيه. فقال معقل: إنّي محدّثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. لو علمت أنّ لي حياة ما حدّثتك. إنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من عبد يسترعيه الله رعيّة، يموت يوم يموت وهو غاشّ لرعيّته، إلّا حرّم الله عليه الجنّة» » ) * «5» .
9-
* (عن عديّ بن عميرة الكنديّ- رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من عبد استعملناه منكم على عمل، فكتمنا مخيطا فما فوقه، كان غلولا يأتي به يوم القيامة. قال: فقام إليه رجل أسود، من الأنصار. كأنّي أنظر إليه. فقال: يا رسول الله، اقبل عنّي عملك. قال: «ومالك؟» قال:
سمعتك تقول كذا وكذا. قال: وأنا أقوله الآن. من استعملناه منكم على عمل فليجأ بقليله وكثيره. فما أوتي منه أخذ. وما نهي عنه انتهى» ) * «6» .
10-
* (عن أبي ذرّ- رضي الله عنه قال:
قلت: يا رسول الله، ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبيّ. ثمّ قال: «يا أبا ذرّ، إنّك ضعيف. وإنّها أمانة «7» . وإنّها يوم القيامة خزي وندامة. إلّا من أخذها بحقّها، وأدّى الّذي عليه فيها» ) * «8» .
(1) ويشق عليهم أن يتخلفوا عني: أي ويوقعهم تأخرهم عني في المشقة، يعني يصعب عليهم ذلك.
(2)
البخاري- الفتح 1 (36) . ومسلم (1876) .
(3)
أبو داود (2948) وقال الألباني (2/ 569) : صحيح واللفظ من تحقيق الألباني. وقال محقق جامع الأصول (4/ 52) : إسناده حسن.
(4)
الترمذي (1332 و1333) .
(5)
البخاري- الفتح 13 (7150) . ومسلم (142) واللفظ له.
(6)
مسلم (1833) .
(7)
إنك ضعيف وإنها أمانة: هذا الحديث أصل عظيم في اجتناب الولايات، لا سيما لمن كان فيه ضعف عن القيام بوظائف تلك الولاية. وأما الخزي والندامة فهو في حق من لم يكن أهلا لها، أو كان أهلا ولم يعدل فيها، فيخزيه الله تعالى يوم القيامة ويفضحه ويندم على ما فرط. وأما من كان أهلا للولاية، وعدل فيها، فله فضل عظيم تظاهرت به الأحاديث الصحيحة.
(8)
مسلم (1825) .