الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4-
ألّا يطمع فيما لا يستحقّ.
5-
ألّا يعين قويّا على ضعيف.
6-
ألّا يؤثر دنيّ الأفعال علي شريفها.
7-
ألّا يسرّ ما يعقبه الوزر والإثم.
8-
ألّا يفعل ما يقبّح الاسم والذّكر.
وقال الماورديّ: إذا كانت مراعاة النّفس على أفضل أحوالها هي المروءة، فليس ينقاد لها مع ثقل كلفها إلّا من تسهّلت عليه المشاقّ، رغبة في الحمد، وهانت عليه الملاذّ، حذرا من الذّمّ، ولذا قيل: سيّد القوم أشقاهم، وقد لحظ المتنبّيّ ذلك فقال:
لولا المشقّة، ساد النّاس كلّهم
…
الجود يفقر والإقدام قتّال
وله أيضا:
وإذا كانت النّفوس كبارا
…
تعبت في مرادها الأجسام
إنّ حقوق المروءة أكثر من أن تحصى
…
فلذلك أعوز استيفاء شروطها، والأظهر من ذلك ينقسم إلى قسمين: شروط المروءة في النّفس، وشروطها في الغير.
شروط المروءة في نفس المرء:
أي شروطها في نفسه، بعد التزام ما أوجبه الشّرع من أحكامه فيكون بثلاثة أمور:
الأوّل: العفّة وهي نوعان: العفّة عن المحارم، والآخر: العفّة عن المآثم (انظر في تفصيل ذلك صفة العفّة) .
الثّاني: النّزاهة وهي أيضا نوعان: النّزاهة عن المطامع الدّنيويّة، والثّاني النّزاهة عن مواقف الرّيبة (انظر في تفصيل ذلك صفة النّزاهة) .
الثّالث: الصّيانة وهي أيضا على نوعين:
أ- صيانة النّفس بالتزام كفايتها، ذلك أنّ المحتاج إلى النّاس كلّ مهتضم، وذليل مستثقل، وهو لما فطر عليه محتاج إلى ما يستمدّه ليقيم أود نفسه، ويدفع ضرورتها ولذلك قالت العرب: كلب جوّال خير من أسد رابض.
ب- صيانتها عن تحمّل المنن، ذلك لأنّ المنّة استرقاق للأحرار تحدث ذلّة في الممنون عليه، وسطوة في المانّ، والاسترسال في الاستعانة تثقيل، ومن ثقل على النّاس هان، ولا قدر عندهم لمهان.
شروط المروءة في الغير:
شروط المروءة في الغير ثلاثة:
الأوّل: المؤازرة وهي على نوعين:-
الإسعاف بالجاه، ويكون من الأعلى قدرا والأنفذ أمرا، وهو أرخص المكارم يمنا، وألطف الصّنائع موقعا، وربّما كان أعظم من المال نفعا، وهو الظّلّ الّذى يلجأ إليه المضطرّون، والحمى الّذى يأوي إليه الخائفون، ولا عذر لمن منح جاها أن يبخل به، فيكون أسوأ حالا من البخيل بماله.
الإسعاف فى النّوائب، وهو إمّا واجب فيما يتعلّق بالأهل والإخوان والجيران، وإمّا تبرّع في من عدا هؤلاء الثّلاثة، أمّا الأهل فلمماسّة الرّحم وتعاطف النّسب.
وقد قيل: لم يسد من احتاج أهله إلى غيره، وأمّا الإخوان فلمستحكم الودّ، ومتأكّد العهد وقد سئل
الأحنف بن قيس عن المروءة، فقال: صدق اللّسان ومواساة الإخوان. وأمّا الجار فلدنوّ داره واتّصال مزاره.
وللجار حقّ فاحترز من أذاته
…
وما خير جار لم يزل لك مؤذيا
فيجب في حقوق المروءة وشروط الكرم في هؤلاء الثّلاثة تحمّل أثقالهم وإسعافهم في نوائبهم، ولا فسحة لذي مروءة عند ظهور المكنة، أن يكلهم إلى غيره، أو يلجئهم إلى سؤاله، وليكن السّائل عنهم كرم نفسه، فإنّهم عيال كرمه، وأضياف مروءته. أمّا التّبرّع لغير هؤلاء، فإنّه تبرّع بفضل الكرم وفائض المروءة، فمن تكفّل بنوائب هؤلاء فقد زاد على شرط المروءة وتجاوزها إلى شروط الرّياسة.
الثانى: المياسرة وهى أيضا على نوعين:
العفو عن الهفوات.
المسامحة في الحقوق.
فأمّا العفو عن الهفوات، فلأنّه لا مبرّأ من سهو وزلل، ولا سليم من نقص أو خلل، وإذا كان الإغضاء حتما والصّفح كرما، ترتّب ذلك بحسب الهفوة، والهفوات نوعان: صغائر وكبائر، أمّا الصّغائر فمغفورة، والنّفوس بها معذورة، وأمّا الكبائر فنوعان أحدهما: أن يهفو بها خاطيا، ويزلّ بها ساهيا، فالحرج فيها مرفوع، والعتب عليها موضوع، لأنّ هفوة الخاطئ هدر، ولومه هذر.
والثّاني: أن يعتمد ما اجترم من كبائره، ويقصد ما اجترح من سيّئاته، وهو في ذلك إمّا موتور، فالّلائمة على من وتره. وإمّا عدوّ قد استحكمت شحناؤه، وحينئذ فالبعد منه حذرا أسلم، وإمّا أن يكون لئيم الطّبع خبيث النّفس ولا سلامة من مثله إلّا بالصّفح والإعراض، وإمّا أن يكون صديقا قد استحدث نبوة وتغيّرا، أو أخا قد استجدّ جفوة وتنكّرا، فأبدى صفحة عقوقه، واطّرح لازم حقوقه فهذا- ومثله- قد يعرض في المودّات المستقيمة، كما تعرض الأمراض في الأجسام السّليمة، فإن عولجت أقلعت، وإن أهملت أسقمت ثمّ أتلفت.
أمّا المسامحة فنوعان:
المسامحة في العقود، بأن يكون فيها سهل المناجزة، قليل المحاجزة مأمون الغيبة بعيدا من المكر والخديعة، والمسامحة في الحقوق، قال- رحمه الله:
وأمّا الحقوق فتتنوّع المسامحة فيها نوعين:
أحدهما: في الأحوال، والثّاني في الأموال. فأمّا المسامحة في الأحوال فهي اطّراح المنازعة في الرّتب، وترك المنافسة في التّقدّم، فإنّ مشاحّة النّفوس فيها أعظم، والعناد عليها أكثر، فإن سامح فيها ولم ينافس.
كان مع أخذه بأفضل الأخلاق واستعماله لأحسن الآداب، أوقع في النّفوس من إفضاله برغائب الأموال ثمّ هو أزيد فى رتبته، وأبلغ في تقدّمه.
وأمّا المسامحة في الأموال، فتتنوّع ثلاثة أنواع:
أ- مسامحة إسقاط لعدم.
ب- مسامحة تخفيف لعجز.
ج- مسامحة إنظار لعسرة.
والمسامحة مع اختلاف أسبابها تفضّل مأثور، وتألّف مشكور، وإذا كان الكريم قد يجود بما تحويه