الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحاديث الواردة في (الوفاء) معنى
14-
* (عن سعيد بن المسيّب- رضي الله عنه قال: حدّث عثمان بن أبي العاص قال: آخر ما عهد إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أممت قوما فأخفّ بهم الصّلاة» ) * «1» .
15-
* (عن أمّ عطيّة- رضي الله عنها قالت: أخذ علينا النّبيّ صلى الله عليه وسلم عند البيعة أن لا ننوح، فما وفت منّا امرأة غير خمس نسوة: أمّ سليم، وأمّ العلاء، وابنة أبي سبرة امرأة معاذ، وامرأتين، أو ابنة أبي سبرة، وامرأة معاذ، وامرأة أخرى) * «2» .
16-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكر أحاديث منها: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اشترى رجل من رجل عقارا «3» له. فوجد الرّجل الّذي اشترى العقار في عقاره جرّة «4» فيها ذهب. فقال له الّذي اشترى العقار: خذ ذهبك منّي.
إنّما اشتريت منك الأرض. ولم أبتع منك الذّهب.
فقال الّذي شرى الأرض «5» : إنّما بعتك الأرض وما فيها. قال: فتحاكما إلى رجل. فقال الّذي تحاكما إليه:
ألكما ولد؟ فقال أحدهما: لي غلام. وقال الآخر: لي جارية. قال: أنكحوا الغلام الجارية. وأنفقوا على أنفسكما منه. وتصدّقا» ) * «6» .
17-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «اللهمّ، إنّي أتّخذ عندك عهدا لن تخلفنيه. فإنّما أنا بشر. فأيّ المؤمنين آذيته، شتمته، لعنته، جلدته. فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة، تقرّبه بها إليك يوم القيامة» ) * «7» .
18-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو في قبّة: «اللهمّ إنّي أنشدك عهدك ووعدك. اللهمّ إن شئت لم تعبد بعد اليوم» .
فأخذ أبو بكر بيده فقال: حسبك يا رسول الله، فقد ألححت على ربّك. وهو في الدّرع، فخرج وهو يقول:
سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ* بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ (القمر/ 45- 46)، وقال وهيب: حدّثنا خالد «يوم بدر» ) * «8» .
19-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه أنّه سمع النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: «إنّ ثلاثة في بني إسرائيل:
أبرص «9» وأقرع وأعمى. فأراد الله أن يبتليهم «10»
(1) مسلم (468) .
(2)
البخاري- الفتح 3 (1306) واللفظ له. ومسلم (936) .
(3)
عقارا: العقار هو الأرض وما يتصل بها. وحقيقة العقار الأصل. سمي بذلك من العقر، بضم العين وفتحها، وهو الأصل. ومنه: عقر الدار، بالضم والفتح.
(4)
جرة: إناء من خزف له بطن كبير وعروتان وفم واسع.
(5)
شرى الأرض: هكذا هو في أكثر النسخ. شرى. وفي بعضها: اشترى. قال العلماء: الأول أصح. وشرى بمعنى باع، كما في قوله تعالى: وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ. ولهذا قال: فقال الذي شرى الأرض إنما بعتك.
(6)
البخاري الفتح 6 (3472) . ومسلم (1721) واللفظ له.
(7)
البخاري- الفتح 11 (6361) . ومسلم (2601) واللفظ له.
(8)
البخاري- الفتح 6 (2915) .
(9)
أبرص: قال في القاموس: البرص بياض يظهر في ظاهر البدن، لفساد مزاج. برص، كفرح، فهو أبرص. وأبرصه الله.
(10)
يبتليهم: أي يختبرهم.
فبعث إليهم ملكا. فأتى الأبرص فقال: أيّ شيء أحبّ إليك؟ قال: لون حسن وجلد حسن ويذهب عنّي الّذي قد قذرني «1» النّاس. قال: فمسحه فذهب عنه قذره وأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا. قال: فأيّ المال أحبّ إليك؟ قال: الإبل (أو قال البقر. شكّ إسحاق) إلّا أنّ الأبرص والأقرع قال أحدهما: الإبل.
وقال الآخر: البقر قال: فأعطي ناقة عشراء «2» . فقال:
بارك الله لك فيها. قال: فأتى الأقرع فقال: أيّ شيء أحبّ إليك؟ قال: شعر حسن ويذهب عنّي هذا الّذي قذرني النّاس. قال: فمسحه، فذهب عنه، وأعطي شعرا حسنا. قال: فأيّ المال أحبّ إليك؟
قال: البقر. فأعطي بقرة حاملا. فقال: بارك الله لك فيها. قال: فأتى الأعمى فقال: أيّ شيء أحبّ إليك؟
قال: أن يردّ الله إليّ بصري فأبصر به النّاس.
قال: فمسحه فردّ الله إليه بصره. قال: فأيّ المال أحبّ إليك؟ قال: الغنم. فأعطي شاة والدا «3» . فأنتج هذان وولّد هذا «4» . قال: فكان لهذا واد من الإبل. ولهذا واد من البقر. ولهذا واد من الغنم. قال: ثمّ إنّه أتى الأبرص في صورته وهيئته «5» . فقال: رجل مسكين. قد انقطعت بي الحبال «6» في سفري. فلا بلاغ لي اليوم إلّا بالله ثمّ بك. أسألك، بالّذي أعطاك اللّون الحسن والجلد الحسن والمال، بعيرا أتبلّغ عليه في سفري.
فقال: الحقوق كثيرة. فقال له: كأنّي أعرفك. ألم تكن أبرص يقذرك النّاس؟ فقيرا فأعطاك الله؟ فقال: إنّما ورثت هذا المال كابرا عن كابر «7» . فقال: إن كنت كاذبا، فصيّرك الله إلى ما كنت. قال: وأتى الأقرع في صورته فقال له مثل ما قال لهذا. وردّ عليه مثل ما ردّ على هذا. فقال: إن كنت كاذبا فصيّرك الله إلى ما كنت.
قال: وأتى الأعمى في صورته وهيئته. فقال: رجل مسكين وابن سبيل. انقطعت بي الحبال في سفري.
فلا بلاغ لي اليوم إلّا بالله ثمّ بك. أسألك، بالّذي ردّ عليك بصرك، شاة أتبلّغ بها في سفري. فقال: قد كنت أعمى فردّ الله إليّ بصري. فخذ ما شئت. ودع ما شئت. فو الله لا أجهدك اليوم «8» شيئا أخذته لله.
فقال: أمسك مالك. فإنّما ابتليتم. فقد رضي عنك وسخط على صاحبيك» ) * «9» .
(1) قذرني الناس: أي اشمأزوا من رؤيتي.
(2)
ناقة عشراء: هي الحامل القريبة الولادة.
(3)
شاة والدا: أي وضعت ولدها، وهو معها.
(4)
فأنتج هذان وولد هذا: هكذا الرواية: فأنتج، رباعي وهي لغة قليلة الاستعمال. والمشهور نتج، ثلاثي. وممن حكى اللغتين الأخفش. ومعناه تولى الولادة، وهي النتج والإنتاج. ومعنى ولد هذا، بتشديد اللام، معنى أنتج. والنتاج للإبل، والمولد للغنم وغيرها، هو كالقابلة للنساء.
(5)
أي جاءه في صورة رجل أبرص- كما كان كذلك قبل أن يمسحه الملك.
(6)
انقطعت بي الحبال: هي الأسباب. وقيل: الطرق.
(7)
إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر: أي ورثته من آبائي الذين ورثوه من آبائهم، كبيرا عن كبير، في العز والشرف والثروة.
(8)
أجهدك: معناه لا أشق عليك برد شيء تأخذه.
(9)
البخاري- الفتح 6 (3464) . ومسلم (2964) واللفظ له.
20-
* (عن جابر- رضي الله عنه أنّ رجلا قدم من جيشان (وجيشان من اليمن) فسأل النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن شراب يشربونه بأرضهم من الذّرة يقال له المزر؟ فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «أو مسكر هو؟» قال: نعم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلّ مسكر حرام. إنّ على الله عز وجل عهدا، لمن يشرب المسكر، أن يسقيه من طينة الخبال» قالوا: يا رسول الله؛ وما طينة الخبال؟
قال: «عرق أهل النّار، أو عصارة أهل النّار» ) * «1» .
21-
* (عن ابن محيريز؛ أنّ رجلا من بني كنانة يدعى المخدجيّ سمع رجلا بالشّام يدعى أبا محمّد يقول: إنّ الوتر واجب، قال المخدجيّ: فرحت إلى عبادة بن الصّامت فأخبرته، فقال عبادة: كذب أبو محمّد، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «خمس صلوات كتبهنّ الله على العباد، فمن جاء بهنّ لم يضيّع منهنّ شيئا استخفافا بحقّهنّ كان له عند الله عهد أن يدخله الجنّة، ومن لم يأت بهنّ فليس له عند الله عهد: إن شاء عذّبه، وإن شاء أدخله الجنّة» ) * «2» .
22-
* (عن عبد الرّحمن بن كعب بن مالك، عن رجل من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم؛ أنّ كفّار قريش، كتبوا إلى ابن أبيّ ومن كان يعبد معه الأوثان، من الأوس، والخزرج، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بالمدينة، قبل وقعة بدر: إنّكم آويتم صاحبنا، وإنّا نقسم بالله لتقاتلنّه أو لتخرجنّ أو لنسيرنّ إليكم بأجمعنا حتّى نقتل مقاتلتكم، ونستبيح نساءكم فلمّا بلغ ذلك عبد الله بن أبيّ ومن كان معه من عبدة الأوثان، اجتمعوا لقتال النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فلمّا بلغ ذلك النّبيّ صلى الله عليه وسلم لقيهم فقال:«لقد بلغ وعيد قريش منكم المبالغ، ما كانت تكيدكم بأكثر ممّا تريدون أن تكيدوا به أنفسكم، تريدون أن تقاتلوا أبناءكم وإخوانكم؟» .
فلمّا سمعوا ذلك من النّبيّ صلى الله عليه وسلم، تفرّقوا، فبلغ ذلك كفّار قريش، فكتبت كفّار قريش بعد وقعة بدر إلى اليهود: إنّكم أهل الحلقة «3» والحصون، وإنّكم لتقاتلنّ صاحبنا، أو لنفعلنّ كذا وكذا، ولا يحول بيننا وبين خدم نسائكم شيء- وهي الخلاخيل- فلمّا بلغ كتابهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم، أجمعت بنو النّضير بالغدر، فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: اخرج إلينا في ثلاثين رجلا من أصحابك، وليخرج منّا ثلاثون حبرا، حتّى نلتقي بمكان المنصف فيسمعوا منك، فإن صدّقوك وآمنوا بك، آمنّا بك، [فقصّ خبرهم] فلمّا كان الغد، غدا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكتائب فحصرهم فقال لهم:
«إنّكم والله لا تأمنون عندي إلّا بعهد تعاهدوني عليه» فأبوا أن يعطوه عهدا، فقاتلهم يومهم ذلك. ثمّ غدا على بني قريظة بالكتائب، وترك بني النّضير، ودعاهم إلى أن يعاهدوه، فعاهدوه. فانصرف عنهم، وغدا على بني النّضير بالكتائب فقاتلهم، حتّى نزلوا على الجلاء، فجلت بنو النّضير، واحتملوا ما أقلّت الإبل من
(1) مسلم (2002) .
(2)
أبو داود (1420) واللفظ له وقال الألباني (1258) : صحيح. والنسائي (1/ 230) . الموطأ: صلاة الليل (حديث رقم 14) . والدارمي (1/ 208 حديث رقم 1577) .
(3)
الحلقة: الدروع، وقد يراد بها السلاح مطلقا.
أمتعتهم، وأبواب بيوتهم وخشبها، فكان نخل بني النّضير لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصّة، أعطاه الله إيّاها، وخصّه بها، فقال: وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ الحشر/ 6) يقول:
بغير قتال، فأعطى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، أكثرها للمهاجرين، وقسّمها بينهم، وقسم منها لرجلين من الأنصار، وكانا ذوي حاجة، لم يقسم لأحد من الأنصار غيرهما، وبقي منها صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الّتي في أيدي بني فاطمة رضي الله عنها) * «1» .
23-
* (عن كعب- رضي الله عنه أنّه تقاضى ابن أبي حدرد دينا كان له عليه في المسجد، فارتفعت أصواتهما حتّى سمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيته، فخرج إليهما حتّى كشف سجف «2» حجرته فنادى: يا كعب، قال: لبّيك يا رسول الله، قال: ضع من دينك هذا، وأومأ إليه أي الشّطر، قال: لقد فعلت يا رسول الله، قال: قم فاقضه» ) * «3» .
24-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أنّه ذكر رجلا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار فقال: ائتني بالشّهداء أشهدهم، فقال: كفى بالله شهيدا. قال:
فأئتني بالكفيل، قال: كفى بالله كفيلا. قال: صدقت، فدفعها إليه على أجل مسمّى. فخرج في البحر فقضى حاجته، ثمّ التمس مركبا يركبها يقدم عليه للأجل الّذي أجّله فلم يجد مركبا، فأخذ خشبة فنقرها، فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة منه إلى صاحبه، ثمّ زجّج موضعها «4» ، ثمّ أتى بها إلى البحر فقال: اللهمّ إنّك تعلم أنّي كنت تسلّفت فلانا ألف دينار فسألني كفيلا فقلت: كفى بالله كفيلا، فرضي بك. وسألني شهيدا فقلت: كفى بالله شهيدا، فرضي بذلك. وإنّي جهدت أن أجد مركبا أبعث إليه الّذي له فلم أقدر، وإنّي أستودعكها. فرمى بها في البحر حتّى ولجت فيه، ثمّ انصرف وهو في ذلك يلتمس مركبا يخرج إلى بلده، فخرج الرّجل الّذي كان أسلفه ينظر لعلّ مركبا قد جاء بماله، فإذا بالخشبة الّتي فيها المال، فأخذها لأهله حطبا، فلمّا نشرها وجد المال والصّحيفة، ثمّ قدم الّذي كان أسلفه فأتى بالألف دينار فقال: والله ما زلت جاهدا في طلب مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركبا قبل الّذي أتيت فيه. قال: هل كنت بعثت إليّ بشيء؟ قال: أخبرك أنّي لم أجد مركبا قبل الّذي جئت فيه. قال: فإنّ الله قد أدّى عنك الّذي بعثت في الخشبة، فانصرف بالألف الدّينار راشدا» ) * «5» .
25-
* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بينما ثلاثة نفر ممّن كان قبلكم إذ أصابهم مطر، فأووا إلى غار فانطبق عليهم، فقال بعضهم لبعض: إنّه والله يا هؤلاء؛ لا ينجيكم إلّا
(1) أبو داود (3004) وقال: الألباني (2595) : صحيح الإسناد
(2)
سجف (بفتح السين وكسرها) : السّتر مشقوق الوسط كالمصراعين.
(3)
البخاري- الفتح 5 (2418) .
(4)
زجج موضعها: أي سوّى موضع النقر وأصلحه.
(5)
البخاري- الفتح 4 (2291) .
الصّدق، فليدع كلّ رجل منكم بما يعلم أنّه قد صدق فيه. فقال واحد منهم: اللهمّ، إن كنت تعلم أنّه كان لي أجير عمل لي على فرق من أرزّ، فذهب وتركه، وأنّي عمدت إلى ذلك الفرق فزرعته، فصار من أمره أنّي اشتريت منه بقرا، وأنّه أتاني يطلب أجره، فقلت له: اعمد إلى تلك البقر فسقها، فقال لي: إنّما لي عندك فرق من أرزّ. فقلت له: اعمد إلى تلك البقر، فإنّها من ذلك الفرق. فساقها. فإن كنت تعلم أنّي فعلت ذلك من خشيتك ففرّج عنّا. فانساخت عنهم الصّخرة.
فقال الآخر: اللهمّ إن كنت تعلم أنّه كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت آتيهما كلّ ليلة بلبن غنم لي، فأبطأت عنهما ليلة، فجئت وقد رقدا؛ وأهلي وعيالي يتضاغون من الجوع، وكنت لا أسقيهم حتّى يشرب أبواي، فكرهت أن أوقظهما، وكرهت أن أدعهما فيستكنّا لشربتهما، فلم أزل أنتظر حتّى طلع الفجر.
فإن كنت تعلم أنّي فعلت ذلك من خشيتك ففرّج عنّا. فانساخت عنهم الصّخرة حتّى نظروا إلى السّماء.
فقال الآخر: اللهمّ إن كنت تعلم أنّه كان لي ابنة عمّ من أحبّ النّاس إليّ، وأنّي راودتها عن نفسها فأبت إلّا أن آتيها بمائة دينار، فطلبتها حتّى قدرت، فأتيتها بها فدفعتها إليها، فأمكنتني من نفسها، فلمّا قعدت بين رجليها فقالت: اتّق الله ولا تفضّ الخاتم إلّا بحقّه، فقمت وتركت المائة الدّينار. فإن كنت تعلم أنّي فعلت ذلك من خشيتك ففرّج عنّا، ففرّج الله عنهم فخرجوا» ) * «1» .
26-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: كنت مع عليّ بن أبي طالب حيث بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكّة ببراءة قال: ما كنتم تنادون؟ قال: كنّا ننادي: أنّه لا يدخل الجنّة إلّا مؤمن، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فإنّ أجله- أو أمده- إلى أربعة أشهر فإذا مضت الأربعة الأشهر فإنّ الله بريء من المشركين ورسوله، ولا يحجّ هذا البيت بعد العام مشرك، فكنت أنادي حتّى صحل صوتي «2» » ) * «3» .
27-
* (عن عبد الله بن عامر- رضي الله عنه أنّه قال: دعتني أمّي يوما ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا، فقالت: ها تعال أعطيك، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وما أردت أن تعطيه» ؟ قالت: أعطيه تمرا، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما إنّك لو لم تعطيه «4» شيئا كتبت عليك كذبة» ) * «5» .
28-
* (عن أمّ هانىء ابنة أبي طالب- رضي الله عنها قالت: «ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام
(1) البخاري- الفتح 6 (3465) واللفظ له. ومسلم (2743)
(2)
صحل صوتي: أي بحّ أي غلظ وخشونة في الصوت.
(3)
أحمد (2/ 299) واللفظ له. والترمذي (3091- 3092) وآخر عنده من حديث علي رضي الله عنه (871) . وقد سأله زيد بن أتبع، وقال الترمذي: حسن، وفي الباب عن أبي هريرة رضي الله عنه. وابن مردويه والبزار. وأصله عند البخاري (4655) .
(4)
لم تعطيه: هكذا وردت بإثبات الياء، والقواعد تقتضي حذفها بعد لم.
(5)
أبو داود (4991) واللفظ له وقال الألباني (4176) : حسن، الصحيحة (748) . وأحمد 3 (447) .
الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره، فسلّمت عليه فقال: من هذه؟ فقلت: أنا أمّ هانىء بنت أبي طالب. فقال: «مرحبا بأمّ هانىء» ، فلمّا فرغ من غسله قام فصلّى ثمان ركعات ملتحفا في ثوب واحد. فقلت:
يا رسول الله، زعم ابن أمّي عليّ، أنّه قاتل رجلا قد أجرته؛ فلان ابن هبيرة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«قد أجرنا من أجرت يا أمّ هانىء» ، قالت أمّ هانىء:
وذلك ضحى) * «1» .
29-
* (عن أبي جريّ جابر بن سليم، قال:
رأيت رجلا يصدر النّاس عن رأيه، لا يقول شيئا إلّا صدروا عنه، قلت: من هذا؟ قال: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: «أنا رسول الله الّذي إذا أصابك ضرّ فدعوته كشفه عنك، وإن أصابك عام سنة «2» فدعوته أنبتها لك وإذا كنت بأرض قفراء أو فلاة فضلّت راحلتك فدعوته ردّها عليك» قلت: اعهد إليّ، قال:«لا تسبّنّ أحدا» قال:
فما سببت بعده حرّا ولا عبدا ولا بعيرا ولا شاة، قال:
«ولا تحقرنّ شيئا من المعروف، وأن تكلّم أخاك وأنت منبسط إليه وجهك، إنّ ذلك من المعروف، وارفع إزارك إلى نصف السّاق، فإن أبيت فإلى الكعبين، وإيّاك وإسبال الإزار، فإنّها من المخيلة «3» ، وإنّ الله لا يحبّ المخيلة، وإن امرؤ شتمك وعيّرك بما يعلم فيك فلا تعيّره بما تعلم فيه، فإنّما وبال ذلك عليه» ) * «4» .
30-
* (عن بريدة- رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العهد الّذي بيننا وبينهم الصّلاة، فمن تركها فقد كفر» ) * «5» .
31-
* (عن عبد الرّحمن بن عبد ربّ الكعبة قال: دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظلّ الكعبة. والنّاس مجتمعون عليه.
فأتيتهم. فجلست إليه. فقال: كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر. فنزلنا منزلا. فمنّا من يصلح خباءه. ومنّا من ينتضل «6» ومنّا من هو في جشره «7» إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصّلاة جامعة «8» . فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إنّه لم يكن نبيّ قبلي إلّا كان حقّا عليه أن يدلّ أمّته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شرّ ما يعلمه لهم. وإنّ أمّتكم هذه جعل عافيتها في أوّلها. وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها. وتجيء فتنة فيرقّق بعضها بعضا «9» ، وتجيء الفتنة، فيقول
(1) البخاري الفتح 6 (3171) واللفظ له. ومسلم (336) .
(2)
عام سنة: أي عام جدب.
(3)
المخيلة- بفتح الميم وكسر الخاء- والخال والخيل والخيلاء والخيلة كله الكبر.
(4)
أبو داود (4084) وقال الألباني: صحيح، والترمذي (2877) . وصححه ابن حبان رقم (1221) في الموارد، ومحقق جامع الأصول (11/ 746) .
(5)
الترمذي (2621) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب. والنسائي (1/ 231) وغيرهم وقال محقق الجامع (5/ 204) : وهو حديث صحيح.
(6)
ومنا من ينتضل: هو من المناضلة، وهي المراماة بالنشاب.
(7)
في جشره: قوم يخرجون بدوابهم إلى المرعى ويبيتون مكانهم ولا يأوون إلى البيوت.
(8)
الصلاة جامعة: هي بنصب الصلاة، على الإغراء. ونصب جامعة على الحال.
(9)
فيرقق بعضها بعضا: هذه اللفظة، رويت على أوجه: أحدها، وهو الذي نقله القاضي عن جمهور الرواة، يرقق أي يصير بعضها رقيقا أي خفيفا لعظم ما بعده، والثاني يجعل الأول رقيقا. وقيل معناه يشبه بعضه بعضا. وقيل: يدور بعضها في بعض ويذهب ويجيء. وقيل: معناه يسوق بعضها إلى بعض بتحسينها وتسويلها. والثاني: فيرفق. والثالث: فيدفق، أي يدفع ويصب. والدفق هو الصب.
المؤمن: هذه مهلكتي. ثمّ تنكشف. وتجيء الفتنة، فيقول المؤمن: هذه هذه. فمن أحبّ أن يزحزح عن النّار ويدخل الجنّة، فلتأته منيّته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر. وليأت إلى النّاس الّذي يحبّ أن يؤتى إليه «1» .
ومن بايع إماما، فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه، فليطعه إن استطاع. فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر» فدنوت منه فقلت له: أنشدك الله آنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه. وقال:
سمعته أذناي ووعاه قلبي. فقلت له: هذا ابن عمّك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل. ونقتل أنفسنا. والله يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (4/ النساء/ 29) . قال: فسكت ساعة ثمّ قال: «أطعه في طاعة الله، واعصه في معصية الله) * «2» .
32-
* (عن سليم بن عامر- رجل من حمير- قال: كان بين معاوية، وبين الرّوم عهد، وكان يسير نحو بلادهم، حتّى إذا انقضى العهد غزاهم، فجاء رجل على فرس أو برذون وهو يقول: الله أكبر، الله أكبر، وفاء لا غدر، فنظروا فإذا عمرو بن عبسة، فأرسل إليه معاوية فسأله، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من كان بينه وبين قوم عهد فلا يشدّ عقدة، ولا يحلّها حتّى ينقضي أمدها أو ينبذ إليهم على سواء» فرجع معاوية) * «3» .
33-
* (عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المسلمون تتكافأ دماؤهم: يسعى بذمّتهم أدناهم، ويجير عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم، يردّ مشدّهم على مضعفهم، ومتسرّعهم على قاعدهم، لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده» ) * «4» .
34-
* (عن أبي بكر الصّدّيق- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلّى الصّبح، فهو في ذمّة الله. فلا تخفروا الله في عهده. فمن قتله، طلبه الله حتّى يكبّه في النّار على وجهه» ) * «5» .
35-
* (عن عائشة- رضي الله عنها قالت:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه: «وددت أنّ عندي بعض أصحابي» قلنا: يا رسول الله، ألا ندعو لك أبا بكر؟
فسكت. قلنا: ألا ندعو لك عمر؟ فسكت. قلنا: ألا ندعو لك عثمان؟ قال: «نعم» فجاء، فخلا به، فجعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم يكلّمه. ووجه عثمان يتغيّر. قال قيس:
(1) وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه: هذا من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، وبديع حكمه. وهذه قاعدة مهمة، فينبغي الاعتناء بها. وإن الإنسان يلزم أن لا يفعل مع الناس إلا ما يحب أن يفعلوا معه.
(2)
مسلم (1844) .
(3)
الترمذي (1580) وقال: حديث حسن. وأبو داود (2759) واللفظ له وقال الألباني (2397) : صحيح. وعند أحمد (4/ 113) . وقال محقق «جامع الأصول» (2/ 648) : إسناده صحيح.
(4)
أبو داود (2751) وقال الألباني (2390) : حسن صحيح. وقال محقق جامع الأصول (10/ 255) : إسناده حسن.
(5)
الترمذي (2164) و (222) . وابن ماجه (3945) . وقال في الزوائد: رجال إسناده ثقات. إلا أنه منقطع. وسعد بن إبراهيم لم يدرك حابس بن سعد، قاله في التهذيب. وهو عند مسلم (657) بلفظ آخر نحوه.