الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإنسان بصيرة «1» ، أمّا جعل آية النّهار مبصرة في قوله سبحانه: وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً (الإسراء/ 12) فالمعنى: صار أهله بصراء «2» ، وقيل:
منيرة أو مضيئة، يبصر فيها «3» ، والمستبصر في حديث أمّ سلمة «أليس الطّريق يجمع التّاجر وابن السّبيل والمستبصر والمجبور» يقصد به: المستبين للشّيء، أي أنّهم كانوا على بصيرة من ضلالتهم، أرادت أنّ تلك الرّفقة قد جمعت الأخيار والأشرار «4» .
مادّة البصر في القرآن الكريم:
قال ابن الجوزيّ: ذكر بعض أهل التّفسير أنّ البصر «5» في القرآن الكريم على أربعة أوجه:
الأوّل: البصر بالقلب ومنه قوله تعالى: وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (الأعراف/ 198)«6» .
الثّاني: البصر بالعين، ومنه قوله تعالى:
فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (ق/ 22) .
الثّالث: البصر بالحجّة، ومنه قوله تعالى: لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً (طه/ 125) .
الرّابع: البصر: الاعتبار، ومنه قوله تعالى:
وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ (الذاريات/ 21) أي تعتبرون وقد جعل بعضهم هذا الوجه من النّوع الأوّل وهو البصر بالقلب «7» .
النّظر والتّبصّر اصطلاحا:
النّظر اصطلاحا:
قال الفيروزاباديّ: النّظر: تقليب البصيرة لإدراك الشّيء ورؤيته وقد يراد به التّأمّل والفحص، وقد يراد به المعرفة الحاصلة بعد الفحص «8» .
أمّا التّبصّر:
فلم يرد ضمن ما أوردته كتب المصطلحات الّتي وقفنا عليها- ومن ثمّ فإنّه يكون باقيا على أصل استعماله في اللّغة، وإذا تأمّلنا ما ذكره صاحب اللّسان من أنّ التّبصّر هو النّظر إلى الشّيء بقصد معرفته «9» ، وأنّ تبصّر واستبصر بمعنى، يقال تبصّر في رأيه واستبصر: تبيّن ما يأتيه من خير وشرّ، وتأمّلنا أيضا ما ذكره القرطبيّ من أنّ الاستبصار هو معرفة الشّيء على الحقيقة (من خلال البراهين)«10» ، وأنّ الألف والسّين والتّاء تدلّ على الطّلب (وهذا هو المعنى الصّرفيّ للصّيغة) ؛ إذا كان الأمر كذلك فإنّه يمكن تعريف التّبصّر من خلال ما ذكره اللّغويّون والمفسّرون بالقول:
التّبصّر:
طلب معرفة الأمور على حقيقتها من خلال البراهين الحسّيّة الّتي يمكن للعين رؤيتها وللبصيرة
(1) تفسير القرطبي 19/ 100
(2)
بصائر ذوي التمييز 2/ 223
(3)
تفسير ابن كثير 3/ 29، والبحر المحيط 6/ 3
(4)
النهاية لابن الأثير 1/ 132
(5)
في الأصل «البصير» ، وما ذكرناه أولى لأن الوجه الرابع يتعلق بالبصر مطلقا لا بلفظ «بصر» فقط.
(6)
مبنى هذا التفسير على أن المراد هنا هم المشركون وليس الأصنام (انظر المقدمة اللغوية) .
(7)
نزهة الأعين النواظر ص 200- 201
(8)
بصائر ذوي التمييز 5/ 82
(9)
عبارة ابن منظور في اللسان: تبصر الشيء: نظر إليه، هل يعرفه؟ (اللسان 4/ 65) .
(10)
انظر تفسير القرطبي 13/ 343