الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوقار
الآيات/ الأحاديث/ الآثار
2/ 4/ 12
الوقار لغة:
مصدر قولهم: وقر يقر وقارا وهو مأخوذ من مادّة (وق ر) الّتي تدلّ على ثقل في الشّيء، ومن ذلك الوقار: الحلم والرّزانة، ورجل ذو قرة أي وقور، ورجل موقّر: مجرّب، وقال الرّاغب: الوقار: السّكون والحلم، يقال: هو وقور ووقار، ومتوقّر، وفلان ذو قرة أي وقار، وقول الله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ (الأحزاب/ 33)، قيل: هو من الوقار، وقال بعضهم: هو من قولهم: وقرت أقر وقرا: أي جلست.
وقال الجوهريّ: الوقار: الحلم والرّزانة، وقد وقر الرّجل يقر وقارا وقرة إذا ثبت، فهو وقور، قال الرّاجز:
بكلّ أخلاق الرّجال قد مهر
…
ثبت إذا ما صيح بالقوم وقر
والتّوقير: التّعظيم والتّرزين، وقول الله تعالى:
ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً، أي لا تخافون لله عظمة، وفي الحديث:«لم يسبقكم أبو بكر بكثرة صوم ولا صلاة، ولكنّه بشيء وقر في القلب» ، وفي رواية، «لسرّ وقر في صدره أي سكن فيه وثبت، من الوقار والحلم والرّزانة، ويقال: الوقار، الحلم والسّكينة.
والوقار: الحلم والسّكينة والرّزانة والوداعة، وهو من باب وعد، تقول: وقر الرّجل يقر وقارا وقرة (بكسر أوّله) فهو وقور، ووقار، ووقر إذا ثبت. والمرأة أيضا وقور. والأمر منه قر (بكسر أوّله) .
وأمّا قولك: وقّر الرّجل: أي بجّله وعظّمه، ومنه قوله تعالى: وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ «1» .
واصطلاحا:
هو التّأنّي في التّوجّه نحو المطالب «2» .
وقال الجاحظ: الوقار هو الإمساك عن فضول الكلام والعبث، وكثرة الإشارة والحركة، فيما يستغنى عن التّحرّك فيه، وقلّة الغضب، والإصغاء عند الاستفهام، والتّوقّف عن الجواب والتّحفّظ من التّسرّع، والمباكرة فى جميع الأمور «3» .
ماهية وقار الله عز وجل وثمرته:
قال ابن القيّم- رحمه الله تعالى-: «من أعظم الظّلم والجهل أن تطلب التّعظيم والتّوقير لك من النّاس وقلبك خال من تعظيم الله وتوقيره، فإنّك توقّر المخلوق وتجلّه أن يراك في حال لا توقّر الله أن يراك
(1) الصحاح (2/ 848) ، لسان العرب (8/ 4889- 4891) ، مفردات القرآن (880) ، المصباح المنير (668) .
(2)
التعريفات (205) وانظر التوقيف لابن المناوى (338) .
(3)
تهذيب الأخلاق للجاحظ (22) .
عليها، قال تعالى: ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً «1» ، أي لا تعاملونه معاملة من توقّرونه، والتّوقير:
التّعظيم. ومنه قوله تعالى وَتُوَقِّرُوهُ يعني أنّهم لو عظّموا الله وعرفوا حقّ عظمته وحّدوه وأطاعوه وشكروه، فطاعته- سبحانه- واجتناب معاصيه، والحياء منه بحسب وقاره في القلب. ولهذا قال بعض السّلف: ليعظم وقار الله في قلب أحدكم أن يذكره عند ما يستحى من ذكره، فيقرن اسمه به كما تقول:
قبّح الله الكلب والخنزير والنّتن ونحو ذلك، فهذا من وقار الله. ومن وقاره أن لا تعدل به شيئا من خلقه، لا في اللّفظ، بحيث تقول: والله وحياتك، مالي إلّا الله وأنت، وما شاء الله وشئت، ولا في الحبّ والتّعظيم والإجلال، ولا في الطّاعة، فتطيع المخلوق في أمره ونهيه كما تطيع الله، بل أعظم، كما عليه أكثر الظّلمة والفجرة، ولا في الخوف والرّجاء. ويجعله أهون النّاظرين إليه، ولا يستهين بحقّه ويقول: هو مبنيّ على المسامحة، ولا يجعله على الفضلة، ويقدّم حقّ المخلوق عليه، ولا يكون الله ورسوله في حدّ وناحية، والنّاس في ناحية وحدّ، فيكون في الحدّ والشّقّ الّذي فيه النّاس دون الحدّ والشّقّ الّذي فيه الله ورسوله، ولا يعطي المخلوق في مخاطبته قلبه ولبّه ويعطي الله في خدمته بدنه ولسانه دون قلبه وروحه، ولا يجعل مراد نفسه مقدّما على مراد ربّه.
فهذا كلّه من عدم وقار الله في القلب، ومن كان كذلك فإنّ الله لا يلقي له في قلوب النّاس وقارا ولا هيبة، بل يسقط وقاره وهيبته من قلوبهم، وإن وقّروه مخافة شرّه فذاك وقار بغض لا وقار حبّ وتعظيم. ومن وقار الله أن يستحيي من اطّلاعه على سرّه وضميره فيرى فيه ما يكره. ومن وقاره أن يستحيي منه في الخلوة أعظم ممّا يستحيي من أكابر النّاس.
والمقصود أنّ من لا يوقّر الله وكلامه وما آتاه من العلم والحكمة كيف يطلب من النّاس توقيره وتعظيمه؟! القرآن والعلم وكلام الرّسول صلى الله عليه وسلم صلات من الحقّ وتنبيهات وروادع وزواجر واردة إليك، والشّيب زاجر ورادع وموقظ قائم بك، فلا ما ورد إليك وعظك! ولا ما قام بك نصحك! ومع هذا تطلب التّوقير والتّعظيم من غيرك! فأنت كمصاب لم تؤثّر فيه مصيبته وعظا وانزجارا، وهو يطلب من غيره أن يتّعظ وينزجر بالنّظر إلى مصابه. فالضّرب لم يؤثّر فيه زجرا، وهو يريد الانزجار ممّن نظر إلى ضربه «2» .
[للاستزادة: انظر صفات: السكينة- التدبر الحلم- الصمت وحفظ اللسان- الطمأنينة- تعظيم الحرمات- الرضا- الرهبة- الرغبة والترغيب حسن السمت.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: الحمق- شرب الخمر- الطيش- الإعراض- القلق- البذاءة- البذاذة- الغضب] .
(1) سورة نوح: الآية 13
(2)
الفوائد (329) بتصرف يسير.