المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بسم الله الرحمن الرحيم - الجمع بين الصحيحين للحميدي - جـ ١

[الحميدي، ابن أبي نصر]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الْقسم الأول

- ‌مسانيد الْعشْرَة

- ‌مُسْند أبي بكر الصّديق رضي الله عنه الْمخْرج فِي الصَّحِيحَيْنِ البُخَارِيّ وَمُسلم أَو فِي أَحدهمَا

- ‌مَا انْفَرد البُخَارِيّ بِإِخْرَاجِهِ من ذَلِك

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عمر بن الْخطاب رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌آخر مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي بكر وَعمر رضي الله عنهما وَعَن جَمِيع الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم سوى مَا تقدم مِنْهَا

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند طَلْحَة بن عبيد الله التَّيْمِيّ رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند الزبير بن الْعَوام رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن سعد بن أبي وَقاص رضي الله عنه

- ‌ أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الرَّابِع: عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد عَن عَمه عَامر بن سعد: أَن سَعْدا ركب إِلَى قصره بالعقيق، فَوجدَ عبدا يقطع شَجرا أَو يخبطه، فسلبه، فَلَمَّا رَجَعَ سعدٌ جَاءَ أهل العَبْد، وكلموه أَن يرد على غلامهم أَو عَلَيْهِم مَا أَخذ من غلامهم، فَقَالَ: معَاذ الله أَن أرد شَيْئا

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند سعيد بن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل الْقرشِي رضي الله عنه

- ‌ حَدِيث وَاحِد عَن أبي عُبَيْدَة بن الْجراح رضي الله عنه

- ‌الْقسم الثَّانِي مسانيد المقدمين بعد الْعشْرَة

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عبد الله بن مَسْعُود رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عمار بن يَاسر رضي الله عنه

- ‌وَمن أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ مُسْند حَارِثَة بن وهب الْخُزَاعِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي ذَر جُنْدُب بن جُنَادَة الْغِفَارِيّ رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند حُذَيْفَة بن الْيَمَان الْعَبْسِي رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند جرير بن عبد الله البَجلِيّ رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي جُحَيْفَة وهب بن عبد الله السوَائِي رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من حَدِيث عدي بن حَاتِم الطَّائِي رضي الله عنه

- ‌وَمن أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من جَابر بن سَمُرَة رضي الله عنه

- ‌وَمن أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن سُلَيْمَان بن صردٍ رضي الله عنه

- ‌ عُرْوَة بن الْجَعْد، وَقيل: ابْن أبي الْجَعْد الْبَارِقي رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن عمرَان بن حُصَيْن رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن عبد الله بن مُغفل الْمُزنِيّ رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أبي بكرَة نفيع بن الْحَارِث رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ مُسْند بُرَيْدَة بن الْحصيب رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ مُسْند عَائِذ بن عَمْرو [رضي الله عنه]

- ‌ مُسْند سَمُرَة بن جُنْدُب [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ مُسْند معقل بن يسارٍ رضي الله عنه

- ‌ مُسْند مَالك بن الْحُوَيْرِث رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن جُنْدُب بن عبد الله البَجلِيّ رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن معيقيب بن أبي فَاطِمَة رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن مجاشع ومجالد ابْني مَسْعُود السّلمِيّ رضي الله عنهما

- ‌ مُسْند يعلى بن أُميَّة رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن معَاذ بن جبلٍ رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أبي بن كَعْب الْأنْصَارِيّ رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أبي طَلْحَة زيد بن سهل الْأنْصَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن عبَادَة بن الصَّامِت بن قيس الْأنْصَارِيّ شهد بَدْرًا، وَبَايع لَيْلَة الْعقبَة، رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رضي الله عنه واسْمه خَالِد بن زيد

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أبي بردة، هَانِئ بن نيار البلوي رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن زيد بن ثَابت الْأنْصَارِيّ رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن عَمْرو بن عَوْف، حَلِيف بني عَامر بن لؤَي [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أبي لبَابَة، عَامر بن الْمُنْذر، وَقيل: بشير بن الْمُنْذر [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن عتْبَان بن مَالك [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن سهل بن حنيف [رضي الله عنه]

- ‌ وَعَن قيس بن سعد الْأنْصَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أسيد بن حضير [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن كَعْب بن مَالك [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أبي أسيد السَّاعِدِيّ، مَالك بن ربيعَة الْأنْصَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن مُسْند أبي قَتَادَة الْحَارِث بن ربعي الْأنْصَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من حَدِيث أبي جهيم عبد الله بن الْحَارِث بن الصمَّة الخزرجي [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي الدَّرْدَاء الْأنْصَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من حَدِيث أبي حميد عبد الرَّحْمَن بن سعد بن الْمُنْذر السَّاعِدِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن عبد الله بن سَلام بن الْحَارِث [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن سهل بن أبي حثْمَة [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن ظهير بن رَافع، عَم رَافع بن خديج [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من رَافع بن خديج [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عبد الله بن زيد بن عَاصِم الْأنْصَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ حديثان عَن عبد الله بن يزِيد الخطمي [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أبي مَسْعُود عقبَة بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ مُسْند شَدَّاد بن أَوْس [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند النُّعْمَان بن بشير [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند زيد بن أَرقم، ويكنى أَبَا عَمْرو [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ مُسْند ثَابت بن الضَّحَّاك الْأنْصَارِيّ يكنى أَبَا زيد [رضي الله عنه]

- ‌ مُسْند أبي بشير الْأنْصَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند الْبَراء بن عَازِب رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند زيد بن خَالِد بن جُهَيْنَة الْجُهَنِيّ [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند سهل بن سعد السَّاعِدِيّ [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند مَالك بن صعصعة [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن كَعْب بن عجْرَة [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي بَرزَة نَضْلَة بن عبيد [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند سَلمَة بن الْأَكْوَع [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

الفصل: ‌بسم الله الرحمن الرحيم

‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

الْحَمد لله الَّذِي لَا تحصى نعمه، وَلَا يتناهى كرمه، وَصلى الله على مُحَمَّد نبيه، الَّذِي أنارت آيَاته، ووضحت بيناته، وعَلى آله الَّذين اهتدوا بمناره، وَاقْتَدوا بآثاره، وَسلم عَلَيْهِ وَعَلَيْهِم أَجْمَعِينَ، وعَلى التَّابِعين لَهُم بِإِحْسَان إِلَى يَوْم الدّين، تَسْلِيمًا دَائِما أَبَد الآبدين.

أما بعد:

فَإِن الله تَعَالَى يَقُول فِي كِتَابه الْمنزل على نبيه الْمُرْسل صلى الله عليه وسلم: {كَانَ النَّاس أمة وَاحِدَة فَبعث الله النَّبِيين مبشرين ومنذرين وَأنزل مَعَهم الْكتاب بِالْحَقِّ ليحكم بَين النَّاس فِيمَا اخْتلفُوا فِيهِ وَمَا اخْتلف فِيهِ إِلَّا الَّذين أوتوه من بعد مَا جَاءَتْهُم الْبَينَات بغياً بَينهم فهدى الله الَّذين آمنُوا لما اخْتلفُوا فِيهِ من الْحق بِإِذْنِهِ وَالله يهدي من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم (213) } [سُورَة الْبَقَرَة] فَكَانَ كل من الْأَنْبِيَاء قبل نَبينَا صلى الله عليه وسلم يبْعَث إِلَى قومه، أَو إِلَى طَائِفَة من النَّاس خَاصَّة، والنصوص شاهدةٌ بذلك، وَخص الله عز وجل نَبينَا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِعُمُوم الرسَالَة إِلَى النَّاس كَافَّة، قَالَ تَعَالَى:{وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا كَافَّة للنَّاس بشيرا وَنَذِيرا} [سُورَة سبأ: 28] ، وَأوجب عَلَيْهِ التَّبْلِيغ إِلَيْهِم، وَإِقَامَة الْحجَّة عَلَيْهِم، وأكرمه بالعصمة مِنْهُم. فَقَالَ تَعَالَى:{يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك وَإِن لم تفعل فَمَا بلغت رسَالَته وَالله يَعْصِمك من النَّاس (67) } [سُورَة الْمَائِدَة] ، وَأوجب عَلَيْهِم طَاعَته فِي غير مَوضِع من كِتَابه، وَقَالَ تَعَالَى:{من يطع الرَّسُول فقد أطَاع الله (80) } [سُورَة النِّسَاء] وَقَالَ تَعَالَى: {فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شجر بَينهم ثمَّ لَا يَجدوا فِي أنفسهم حرجاً مِمَّا قضيت ويسلموا تَسْلِيمًا (65) } [سُورَة النِّسَاء] ثمَّ قَالَ تَعَالَى - وَقَوله الْحق، ووعده الصدْق:{إِنَّا نَحن نزلنَا الذّكر وَإِنَّا لَهُ لحافظون} [سُورَة

ص: 71

الْحجر: 9] وَقَالَ تَعَالَى فِي وصف نبيه صلى الله عليه وسلم: {وَمَا ينْطق عَن الْهوى إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى} [سُورَة النَّجْم: 3 - 4] فأمننا بذلك من وُقُوع التبديل فِي التَّبْلِيغ، وَزَاد ذَلِك توكيداً بقوله:{وَإنَّك لتهدي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم صِرَاط الله} [سُورَة الشورى: 52، 53]، وَقَالَ تَعَالَى:{فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْض إِنَّه لحق مثل مَا أَنكُمْ تنطقون} [سُورَة الذاريات 23] وَسَائِر النُّصُوص فِي هَذَا الْمَعْنى، وَقَالَ تَعَالَى:{اتبعُوا مَا أنزل إِلَيْكُم من ربكُم} [سُورَة الْأَعْرَاف: 3]، وَقَالَ تَعَالَى:{وأنزلنا إِلَيْك الذّكر لتبين للنَّاس مَا نزل إِلَيْهِم} [سُورَة النَّحْل: 44]، وَقَالَ تَعَالَى فِي مثله:{وَمَا أنزلنَا عَلَيْك الْكتاب إِلَّا لتبين لَهُم الَّذِي اخْتلفُوا فِيهِ} [سُورَة النَّحْل: 64] .

فامتثل عليه السلام مَا أَمر بِهِ، وَبلغ إِلَيْهِم مَا أوحى إِلَيْهِ، وَبَين لكل مِنْهُم مَا أشكل عَلَيْهِ، ثمَّ امتن تَعَالَى على الْمُؤمنِينَ بِهِ حِين عرف أَدَاء رَسُوله إِلَيْهِم مَا أوجبه عَلَيْهِم، فَقَالَ عز وجل:{الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي ورضيت لكم الْإِسْلَام دينا} [سُورَة الْمَائِدَة: 3] .

ثمَّ قرر صلى الله عليه وسلم الْحَاضِرين لَدَيْهِ على تبليغه إِلَيْهِم مَا أُوحِي إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُم فِي مشَاهد الْعُمُوم:" أَلا هَل بلغت " فَقَالُوا: اللَّهُمَّ نعم. فَلَمَّا أقرُّوا بذلك أَمرهم بالتبليغ عَنهُ، فَقَالَ:" ليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب " تَنْبِيها على أَنه لَا تقوم الْحجَّة إِلَّا بالبلاغ، وَلذَلِك أَمر أَن يَقُول:{لأنذركم بِهِ وَمن بلغ (19) } [سُورَة الْأَنْعَام] ، فَتعين عَلَيْهِم النَّقْل والتبيلغ، والتزموه، وَتعين على من بعدهمْ السّمع وَالطَّاعَة للصحيح الَّذِي نقلوه.

وَلم يزل الصَّحَابَة والتابعون وأئمة الْأَعْصَار المقدمون دائبين فِي نشر مَا علمُوا من شرائع الْإِسْلَام، وَتَعْلِيم مَا علمُوا من وَاجِبَات الْعِبَادَات وَالْأَحْكَام، حرصاً على إِيصَال ذَلِك إِلَى الْغَائِب وَالشَّاهِد، وتسوية فِيمَا بَين الْقَرِيب والمتباعد، وَهَكَذَا جيلاً بعد جيل.

وَلما امْتَدَّ الزَّمَان، وَخيف اخْتِلَاط الصَّحِيح بالسقيم، واشتباه المرتاب بالسليم

ص: 72

انتدب جماعةٌ من الْأَئِمَّة السالفين رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ إِلَى تَقْيِيد ذَلِك بالتأليف، وَحفظه بِالْجمعِ والتصنيف، كمالك بن أنس، وَابْن جريج، وسُفْيَان، وَمن بعدهمْ، فَبلغ كل من ذَلِك إِلَى حَيْثُ انْتهى وَسعه، وَأمكنهُ اسْتِيفَاؤهُ وَجمعه، واتصل ذَلِك إِلَى زمَان الْإِمَامَيْنِ أبي عبد الله مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ، وَأبي الْحُسَيْن مُسلم بن الْحجَّاج النَّيْسَابُورِي رضي الله عنهما وعنهم، فخصا من الِاجْتِهَاد فِي ذَلِك، وإنفاد الوسع فِيهِ، واعتباره فِي الْأَمْصَار والرحلة عَنهُ إِلَى متباعدات الأقطار، من وَرَاء النَّهر إِلَى فسطاط مصر، وانتقاده حرفا حرفا، واختياره سنداً سنداً، بِمَا وَقع اتِّفَاق النقاد من جهابذة الْإِسْنَاد عَلَيْهِ، وَالتَّسْلِيم مِنْهُم لَهُ، وَذَلِكَ نتيجة مَا رزقا من نِهَايَة الدِّرَايَة، وإحكام الْمعرفَة بالصناعة، وجودة التَّمْيِيز لانتقاد الرِّوَايَة، وَالْبُلُوغ إِلَى أَعلَى الْمَرَاتِب فِي الِاجْتِهَاد وَالْأَمَانَة فِي وقتهما، والتجرد لحفظ دين الله الَّذِي ضمن حفظه، وقيض لَهُ الحافظين لَهُ بالإخلاص لله فِيهِ. وَشَاهد ذَلِك مَا وضع الله لَهما وَلَهُم من الْقبُول فِي الأَرْض، على مَا ورد بِهِ النَّص فِيمَن أحبه الله تَعَالَى، وَأمر أهل السَّمَوَات العلى بحبه.

وَلما انتهيا من ذَلِك إِلَى مَا قصداه، وقررا مِنْهُ مَا انتقداه، على تنائيهما فِي الِاسْتِقْرَار حِين الْجمع وَالِاعْتِبَار، أخرجَا ذَلِك فِي هذَيْن الْكِتَابَيْنِ المنسوبين إِلَيْهِمَا، ووسم كل واحدٍ مِنْهُمَا كِتَابه بِالصَّحِيحِ، وَلم يتقدمهما إِلَى ذَلِك أحدٌ قبلهمَا، وَلَا

ص: 73

أفْصح بِهَذِهِ التَّسْمِيَة فِي جَمِيع مَا جمعه أحدٌ سواهُمَا فِيمَا علمناه، إِذْ لم يسْتَمر لغَيْرِهِمَا فِي كل مَا أوردهُ، فتبادرت النيات الموفقة على تباعدها من الطوائف المحققة على اختلافها إِلَى الاستفادة مِنْهُمَا، وَالتَّسْلِيم لَهما فِي علمهما، وتمييزهما، وَقبُول مَا شَهدا بِتَصْحِيحِهِ فيهمَا، يَقِينا بصدقهما فِي النِّيَّة، وبراءتهما من الإقبال على جِهَة بحمية، أَو الِالْتِفَات إِلَى فِئَة بعصبية، سوى مَا صَحَّ عَمَّن أمرنَا بِالرُّجُوعِ إِلَيْهِ، والتعويل فِي كل مَا أخبرنَا بِهِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم.

وَحين اسْتَقر ذَلِك وانتشر، وَسَار مسير الشَّمْس وَالْقَمَر، أردْت تَعْجِيل الْفَائِدَة لنَفْسي، وتسهيل سرعَة الْمَطْلُوب ذخيرة لمطالعتي وحفظي، وَالْأَخْذ بحظ من التَّقْرِيب فِي التَّبْلِيغ، ينْتَفع بِهِ من سواي، وأحظى بِهِ عِنْد مولَايَ، فاستخرته تَعَالَى وَجل، وَسَأَلته العون والتأييد على تَجْرِيد مَا فِي هذَيْن الْكِتَابَيْنِ من متون الْأَخْبَار ونصوص الْآثَار، إِذْ قد صَحَّ الانقياد للإسناد من جُمْهُور الْأَئِمَّة النقاد، وتلخيص ذَلِك فِي كتاب وَاحِد، مَعَ جمع مفترقها، وَحفظ تراجمها.

وَلم أذكر من الْإِسْنَاد فِي الْأَكْثَر إِلَّا التَّابِع عَن الصاحب، أَو من روى عَنهُ مِمَّا يتَعَلَّق بالتراجم للمعرفة بِهِ، وَلَا من الْمعَاد إِلَّا مَا تَدْعُو الضَّرُورَة إِلَيْهِ لزِيَادَة بَيَان، أَو لِمَعْنى يتَّصل بِمَا لَا يَقع الْفَهم إِلَّا بإيراده، وَرُبمَا أضفنا إِلَى ذَلِك نبذاً مِمَّا تنبهنا عَلَيْهِ من كتب أبي الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ، وَأبي بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ، وَأبي بكر الْخَوَارِزْمِيّ وَأبي مَسْعُود الدِّمَشْقِي، وَغَيرهم من الْحفاظ الَّذين عنوا بِالصَّحِيحِ مِمَّا يتَعَلَّق بالكتابين، من تَنْبِيه على غرضٍ، أَو تتميم لمَحْذُوف، أَو زيادةٍ فِي شرحٍ، أَو بَيَان لاسمٍ أَو نسبٍ، أَو كلامٍ على إِسْنَاد، أَو تتبعٍ لوهم بعض

ص: 74

أَصْحَاب التَّعَالِيق فِي الْحِكَايَة عَنْهُمَا، وَنَحْو ذَلِك من الغوامض الَّتِي يقف عَلَيْهَا من يَنْفَعهُ الله بمعرفتها إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

وجمعنا حَدِيث كل صَاحب على حِدة، ورتبناهم على خمس مَرَاتِب:

فبدأنا بِمُسْنَد الْعشْرَة، ثمَّ بالمقدمين بعد الْعشْرَة، ثمَّ بالمكثرين، ثمَّ بالمقلين، ثمَّ بِالنسَاء.

وميزنا الْمُتَّفق من كل مُسْند على حِدة، وَمَا انْفَرد بِهِ كل وَاحِد مِنْهُمَا على حدةٍ، وَلم نراع الِانْفِرَاد بالرواة، وَإِنَّمَا قصدنا إِلَى الِانْفِرَاد بالمتون، وَإِن كَانَ الحَدِيث من رواةٍ مُخْتَلفين عَن ذَلِك الصاحب، أَو عَن الروَاة عَنهُ، لِأَن الْغَرَض معرفَة اتِّفَاق هذَيْن الْإِمَامَيْنِ على إِخْرَاج الْمَتْن الْمَقْصُود إِلَيْهِ فِي الصَّحِيح، أَو معرفَة من أخرجه مِنْهُمَا وَشهد بِتَصْحِيحِهِ، لتقوم الْحجَّة بِهِ.

وتتبعنا مَعَ ذَلِك زِيَادَة كل راوٍ فِي كل متنٍ، وَلم نخل بِكَلِمَة فَمَا فَوْقهَا، تَقْتَضِي حكما أَو تفِيد فَائِدَة، ونسبناها إِلَى من رَوَاهَا، إِلَّا أَن يكون فِيمَا أوردنا مَعْنَاهَا أَو دلَالَة عَلَيْهَا، وجمعنا كل معني مَقْصُود من ذَلِك وَمن التراجم فِيهِ فِي مَكَان وَاحِد فِي كل مُسْند، وَرُبمَا أوردنا الْمَتْن من ذَلِك بِلَفْظ أَحدهمَا، فَإِن اخْتلفَا فِي اللَّفْظ واتفقا فِي المعني أوردناه بِاللَّفْظِ الأتم، وَإِن كَانَت عِنْد أَحدهمَا فِيهِ زِيَادَة

وَإِن قلت - نبهنا عَلَيْهَا، وتوخينا الِاجْتِهَاد فِي ذَلِك، والمعصوم من عصم الله عز وجل.

وَهَذَا الَّذِي أحكمناه فِي الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ لَهما، والترجمة عَنْهُمَا يستبين للنَّاظِر المتيقظ، والعارف الْمنصف الَّذِي نور الله بالمعرفة قلبه، وهدي إِلَى الْإِقْرَار بهَا لِسَانه، تقدمهما فِي الِاحْتِيَاط وَالِاجْتِهَاد، واحتفالهما فِي الْجمع والإيراد، واقتصارهما على المهم الْمُسْتَفَاد. وَإِن جَمِيع مَا جمعاه من ذَلِك وانتقداه دَلِيل على أَن أَكْثَره عَن جمَاعَة لَا عَن وَاحِد.

ص: 75

وَهَذَانِ الكتابان يشتملان على فصولٍ من أصُول الدّين، لاغنى لمن أَرَادَ الِاخْتِصَاص بِعلم الشَّرِيعَة عَن مَعْرفَتهَا، وَهِي مَا فيهمَا من الِاعْتِبَار بأخبار الِابْتِدَاء، والأنبياء، وَمَا كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل من الأنباء، وَأَيَّام الْجَاهِلِيَّة الجهلاء، وَأَيَّام النُّبُوَّة وَمَا تَلَاهَا من السّير والمعجزات، وجمل الاعتقادات، ولوازم الطَّاعَات، وَالنَّهْي عَن الْمُنْكَرَات، وَذكر الْغَزَوَات، ونزول الْآيَات وثوابها، وأبواب الْفِقْه وَالتَّفْسِير وَالتَّعْبِير وبيانها، وفضائل الصَّحَابَة وخصائصها، ورغائب الزّهْد فِي الدُّنْيَا وَالْعَمَل لِلْأُخْرَى ومراتبها، وَمَا فِي ملكوت السَّمَوَات وَالْأَرْض من قدرَة الله تَعَالَى وشواهدها، وَمَا يتَّصل بذلك من المواعظ ورقائقها، وَمَا يكون من الْفِتَن والأشراط إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وأنواعها، ثمَّ مَا يكون من الْبَعْث والنشور، وَبعد الْحساب من الثَّوَاب وَالْعِقَاب، والاستقرار فِي الْجنَّة أَو النَّار وصفاتهما، وحظوظ أهليهما مِنْهُمَا، وَمَا يتَعَلَّق بذلك.

وتتمة ذَلِك تعديلهما لرواة هَذِه الْأُصُول المخرجة فِي الْكِتَابَيْنِ، وحكمهما بذلك فِيمَا أفصحا بِهِ فِي الترجمتين، لِأَن الصِّحَّة لَا يَسْتَحِقهَا الْمَتْن إِلَّا بعدالة الرَّاوِي، وَشَهَادَة هذَيْن الْإِمَامَيْنِ أَو أَحدهمَا بذلك، وتصحيحهما إِيَّاه حكمٌ يلْزم قبُوله، وتبليغٌ يتَعَيَّن الانقياد لَهُ، ونذارةٌ يخَاف عَاقِبَة عصيانها، قَالَ تَعَالَى:{فلولا نفر من كل فرقة مِنْهُم طَائِفَة ليتفقهوا فِي الدّين ولينذروا قَومهمْ إِذا رجعُوا إِلَيْهِم لَعَلَّهُم يحذرون} [سُورَة التَّوْبَة: 122] .

وَهَذِه مناهج الباحث المتدين قد قربناها لَهُ، وسهلناها عَلَيْهِ، ونقلنا نصوصها مُقَيّدَة إِلَيْهِ، ووضعنا مَجْمُوع أشتاتها وتراجمها منتظمة بَين يَدَيْهِ، وزدنا عَلَيْهَا مَعَ جمع المتفرق وَحذف مَا يصعب حفظه من الطّرق تَمْيِيز مَا اتفقَا عَلَيْهِ، أَو انْفَرد بِهِ أَحدهمَا، والاقتصار من التّكْرَار على مَا لابد من الِاقْتِصَار عَلَيْهِ، وَعدد مَا لكل صَاحب من الْأَحَادِيث المخرجة فيهمَا، وقمنا لَهُ مقَام التَّرْجَمَة عَنْهُمَا فِي ذَلِك كُله.

ص: 76

واقتفينا فِي تَرْتِيب هذَيْن الْكِتَابَيْنِ على أَسمَاء الصَّحَابَة رضي الله عنهم آثَار من تقدم قبلنَا من الْأَئِمَّة المخرجين على الصَّحِيح، وَأَصْحَاب التَّعَالِيق، كَأبي بكر البرقاني وَأبي مَسْعُود الدِّمَشْقِي، وَخلف الوَاسِطِيّ، وَغَيرهم من الْأَئِمَّة، وَإِنَّمَا فعلوا ذَلِك ليتعجل النَّاظر فِي الْأَحَادِيث معرفَة من رَوَاهَا من الصَّحَابَة، وَمن رَوَاهَا عَنْهُم، وَمَعْرِفَة مَا يلْحق بهَا مِمَّا هُوَ على شَرط إسنادها، أَو مَا يَقع إِلَى الباحث عَنْهَا مِمَّا يُرِيد اعْتِبَاره من الصَّحِيح، فيقصد بِمَا يَقع لَهُ إِلَى الْمَجْمُوع من حَدِيث ذَلِك الصاحب، فَيقرب عَلَيْهِ الْمطلب الَّذِي قَصده، وَالْمذهب الَّذِي ذهب إِلَيْهِ، وَيكون أخف عَلَيْهِ من طلبه لذَلِك فِي أبوابٍ، رُبمَا أخرجه أَحدهمَا فِي غَيره.

وَبِمَا صدرنا بِهِ أَولا من النُّصُوص وبأمثالها، أيقنا أَن الْعلم الْمُقْتَدِي بِهِ فِي الدّين، والظهير المحتج بِهِ بَين المختصمين، هُوَ مَا صَحَّ عَمَّن صحت قَوَاعِد أَعْلَامه، وأنارت شَوَاهِد صدقه فِي إِعْلَامه، مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.

وَلم نجد من الْأَئِمَّة الماضين رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ - من أفْصح لنا فِي جَمِيع مَا جمعه بِالصِّحَّةِ إِلَّا هذَيْن الْإِمَامَيْنِ، وَإِن كَانَ من سواهُمَا من الْأَئِمَّة قد أفْصح بالتصحيح فِي بعض، فقد علل فِي بعض، فَوَجَبَ البدار إِلَى الِاشْتِغَال بالمجموع الْمَشْهُور على صِحَة جَمِيعه. فَإِن اتَّسع لباحث محسنٍ زمانٌ، تتبع مَا لم يخرجَاهُ من الْمُتُون اللاحقة بِشَرْط الصَّحِيح فِي سَائِر المجموعات والمنثورات، وميز ذَلِك إِن وجده فِيهَا، وَكَانَت لَهُ منةٌ فِي انتقاد ذَلِك مِنْهَا.

وَنَرْجُو أَن يكون مَا أتعبنا الخاطر فِيهِ، وأنفقنا الْعُمر عَلَيْهِ، وجمعنا أشتاته، وقربنا متباعده من ذَلِك، أخصر فِي المطالعة، وَأعجل للْحِفْظ وأسرع للتبيلغ،

ص: 77

وَأمكن للفهم والاستنباط، وأزيد فِي الاستبصار، وأنفع فِي الْعلم وَالْعَمَل، وأدعي إِلَى دعوةٍ نستفيدها من مستفيدٍ حصل على غنيمةٍ قصرت عَلَيْهِ الْمسَافَة فيهمَا، وَلم يتعب فِي تَحْصِيلهَا وتأتيها.

وَبِاللَّهِ تَعَالَى نعتصم، وإياه نسْأَل نفعنا وَالِانْتِفَاع بِنَا، والزلفي لَدَيْهِ بِكُل مَا نتقرب بِهِ إِلَيْهِ، جعلنَا الله وَإِيَّاكُم من المعتصمين بكتابه، وَسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، الداعين إِلَيْهِمَا، الموفقين لفهمهما واستعمالهما، ورزقنا وَإِيَّاكُم الْإِخْلَاص وَالْيَقِين، وَصَلَاح الدُّنْيَا وَالدّين، وَالْقَبُول المعلي إِلَى عليين، بمنه، آمين. وَغفر لنا وللأئمة السالفين، ولآبائنا أَجْمَعِينَ، وَلِجَمِيعِ الْمُسلمين، وَالْحَمْد لله أَولا وآخراً، وعوداً وبدءاً، حمداً يَدُوم وَلَا يبيد، وَصلى الله على الْمُصْطَفى محمدٍ، وعَلى آله المقتدين بِهِ، وَسلم تَسْلِيمًا دَائِما أبدا، يتَكَرَّر وَيزِيد، وحسبنا الله وَحده وَنعم الْوَكِيل.

وَهَذَا حِين نبدأ فِيمَا قصدنا لَهُ من الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ، على الرتب الْمَذْكُورَة فَأول ذَلِك مَا فيهمَا من مُسْند أبي بكر الصّديق رضوَان الله عَلَيْهِ.

ص: 78