الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(23)
الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن عمرَان بن حُصَيْن رضي الله عنه
547 -
الأول: عَن أبي رَجَاء العطاردي عَن عمرَان قَالَ: كُنَّا فِي سفرٍ مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّا أسرينا حَتَّى إِذا كُنَّا فِي آخر اللَّيْل وقعنا وقْعَة، وَلَا وقْعَة عِنْد الْمُسَافِر أحلى مِنْهَا، فَمَا أيقظنا إِلَّا حر الشَّمْس، فَكَانَ أول من اسْتَيْقَظَ فلانٌ ثمَّ فلانٌ، يسميهم أَبُو رَجَاء. فنسي عوفٌ، ثمَّ عمر بن الْخطاب الرَّابِع. وَكَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا نَام لم نوقظه حَتَّى يكون هُوَ يَسْتَيْقِظ، لأَنا لَا نَدْرِي مَا يحدث لَهُ فِي نَومه.
فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ عمر وَرَأى مَا أصَاب النَّاس - وَكَانَ رجلا جليداً - كبر وَرفع صَوته بِالتَّكْبِيرِ، فَمَا زَالَ يكبر وَيرْفَع صَوته بِالتَّكْبِيرِ حَتَّى اسْتَيْقَظَ لصوته النَّبِي صلى الله عليه وسلم. فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ شكوا إِلَيْهِ الَّذِي أَصَابَهُم، فَقَالَ:" لَا ضير، أَو لَا يضير، ارتحلوا ".
فارتحل فَسَار غير بعيدٍ، ثمَّ نزل فَدَعَا بِالْوضُوءِ فَتَوَضَّأ، وَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ فصلى بِالنَّاسِ، فَلَمَّا انْفَتَلَ من صلَاته إِذا هُوَ برجلٍ منعزلٍ لم يصل مَعَ الْقَوْم. فَقَالَ:" مَا مَنعك يَا فلَان أَن تصلي مَعَ الْقَوْم؟ " قَالَ: أصابتني جنابةٌ وَلَا مَاء. قَالَ: " عَلَيْك بالصعيد، فَإِنَّهُ يَكْفِيك ".
ثمَّ سَار النَّبِي صلى الله عليه وسلم فاشتكى إِلَيْهِ النَّاس من الْعَطش، فَنزل، فَدَعَا فلَانا - كَانَ يُسَمِّيه أَبُو رَجَاء ونسيه عَوْف -، ودعا عليا فَقَالَ: اذْهَبَا فابغيا المَاء. فَانْطَلقَا، فلقيا
امْرَأَة بَين مزادتين أَو سطيحتين من مَاء على بعيرٍ لَهَا. فَقَالَا لَهَا: أَيْن المَاء؟ فَقَالَت: عهدي بِالْمَاءِ أمس هَذِه السَّاعَة ونفرنا خلوف. قَالَا لَهَا: انطلقي إِذن.
قَالَت: إِلَى أَيْن؟ قَالَا: إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. قَالَت: الَّذِي يُقَال لَهُ: الصَّابِئ؟ قَالَا: هُوَ الَّذِي تعنين، فانطلقي.
فجاءا بهَا إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وحدثاه الحَدِيث. قَالَ:" فاستنزلوها عَن بَعِيرهَا " ودعا النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِإِنَاء فأفرغ فِيهِ من أَفْوَاه المزادتين أَو السطيحتين، وأوكأ أفواههما وَأطلق العزالى. وَنُودِيَ فِي النَّاس: اسقوا واستقوا. فسقى من شَاءَ، واستقى من شَاءَ. وَكَانَ آخر ذَلِك أَن أعْطى الَّذِي أَصَابَته الْجَنَابَة إِنَاء من مَاء فَقَالَ:" اذْهَبْ فأفرغه عَلَيْك؟ " وَهِي قَائِمَة تنظر إِلَى مَا يفعل بِمَائِهَا. وأيم الله، لقد أقلع مِنْهَا وَإنَّهُ ليُخَيل إِلَيْنَا أَنَّهَا أَشد ملأةً مِنْهَا حِين ابتدئ مِنْهَا. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:" اجْمَعُوا لَهَا " فَجمعُوا لَهَا من بَين عَجْوَة ودقيقةٍ وسويقة، حَتَّى جمعُوا لَهَا طَعَاما، فجعلوه فِي ثوبٍ، وَحملُوهَا على بَعِيرهَا، وَوضع الثَّوْب بَين يَديهَا. وَقَالَ لَهَا:" تعلمين مَا رزئنا من مائك شَيْئا، وَلَكِن الله هُوَ الَّذِي أسقانا ".
فَأَتَت أَهلهَا، وَقد احْتبست عَنْهُم. قَالُوا: مَا حَبسك يَا فُلَانَة؟ قَالَت: الْعجب، لَقِيَنِي رجلَانِ، فذهبا بِي إِلَى هَذَا الصابىء، فَفعل كَذَا وَكَذَا، فوَاللَّه إِنَّه لأسحر النَّاس من بَين هَذِه وَهَذِه، وَقَالَت بإصبعها الْوُسْطَى والسبابة، فرفعتهما إِلَى السَّمَاء، تَعْنِي السَّمَاء وَالْأَرْض، أَو إِنَّه لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَقًا. فَكَانَ الْمُسلمُونَ بعد يغيرون على من حولهَا من الْمُشْركين وَلَا يصيبون الصرم الَّذِي هِيَ مِنْهُ. فَقَالَت يَوْمًا لقومها: مَا أرى إِلَّا أَن هَؤُلَاءِ الْقَوْم يدعونكم عمدا. فَهَل لكم فِي الْإِسْلَام، فأطاعوها، فَدَخَلُوا فِي الْإِسْلَام.
فِي حَدِيث سلم بن زريرٍ: أَن أول من اسْتَيْقَظَ أَبُو بكر، ثمَّ اسْتَيْقَظَ عمر، وَإنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ:" ارتحلوا " فَسَار حَتَّى إِذا ابْيَضَّتْ الشَّمْس نزل، فصلى الْغَدَاة. قَالَ عمرَان: ثمَّ عجلني فِي ركب بَين يَدَيْهِ، فَطلب المَاء. وَذكره إِلَى أَن قَالَ: فشربنا وَنحن أَرْبَعُونَ رجلا عطاشاً حَتَّى روينَا، وملأنا كل قربةٍ مَعنا وإداوةٍ، وغسلنا صاحبنا، غير أَنا لم نسق بَعِيرًا، وَهِي تكَاد تتضرج بِالْمَاءِ، يَعْنِي المزادتين.
548 -
الثَّانِي: عَن أبي رَجَاء العطاردي عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: أنزلت آيَة الْمُتْعَة فِي كتاب الله، ففعلناها مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَلم ينزل قرآنٌ يحرمه، وَلم ينْه عَنْهَا حَتَّى مَاتَ. قَالَ رجلٌ بِرَأْيهِ مَا شَاءَ. قَالَ البُخَارِيّ: يُقَال: إِنَّه عمر.
وَفِي رِوَايَة عَنهُ لمُسلم: نزلت آيَة الْمُتْعَة فِي كتاب الله - يَعْنِي مُتْعَة الْحَج - وَلم ينْه عَنْهَا حَتَّى مَاتَ.
وَفِي رِوَايَة مطرف بن عبد الله بن الشخير عَن عمرَان بِمَعْنَاهُ لَهما، وَفِيه: تَمَتعنَا على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلمُسلم: مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَمِنْهُم من قَالَ فِي رِوَايَة مُسلم: جمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَين حج وَعمرَة، وتمتع نَبِي الله صلى الله عليه وسلم وتمتعنا مَعَه، وَإِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد أعمر طَائِفَة من أَهله فِي الْعشْر، فَلم تنزل آيةٌ تنسخ ذَلِك، وَلم ينْه عَنْهَا حَتَّى مضى لوجهه. وفيهَا: وَقد كَانَ يسلم عَليّ حَتَّى اكتويت، فَتركت، ثمَّ تركت الكي فَعَاد.
549 -
الثَّالِث: عَن مطرف بن عبد الله قَالَ: صليت خلف عَليّ بن أبي طَالب أَنا وَعمْرَان بن حُصَيْن، فَكَانَ إِذا سجد كبر، وَإِذا رفع رَأسه كبر، وَإِذا نَهَضَ من الرَّكْعَتَيْنِ كبر، فَلَمَّا قضى الصَّلَاة أَخذ بيَدي عمرَان بن حُصَيْن فَقَالَ: قد ذَكرنِي هَذَا صَلَاة مُحَمَّد. أَو قَالَ: لقد صلى بِنَا صَلَاة محمدٍ صلى الله عليه وسلم.
550 -
الرَّابِع: عَن مطرف عَن عمرَان أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ أَو قَالَ لرجلٍ وَهُوَ يسمع: " أصمت من سرة هَذَا الشَّهْر؟ قَالَ: لَا. قَالَ: " فَإِذا أفطرت فَصم يَوْمَيْنِ ".
وَفِي رِوَايَة أبي النُّعْمَان عِنْد البخاي: " أما صمت سرر هَذَا الشَّهْر "؟ قَالَ: أَظُنهُ يَعْنِي رَمَضَان قَالَ: وَفِي رِوَايَة ثَابت: من سرر شعْبَان. قَالَ البُخَارِيّ: وَشَعْبَان أصح.
وَفِي رِوَايَة عبد الله بن هَانِئ ابْن أخي مطرف عَنهُ - عِنْد مُسلم -: " هَل صمت من سرر هَذَا الشَّهْر شَيْئا؟ " يَعْنِي شعْبَان. قَالَ: لَا. قَالَ: " فَإِذا أفطرت رَمَضَان فَصم يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ " -. شكّ شُعْبَة - قَالَ: أَظُنهُ قَالَ يَوْمَيْنِ.
وَفِي رِوَايَة أبي الْعَلَاء عَن مطرف: " فَإِذا أفطرت من رَمَضَان فَصم يَوْمَيْنِ مَكَانَهُ " وَلم يشك.
551 -
الْخَامِس: عَن مطرف عَن عمرَان قَالَ: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله، أيعرف أهل الْجنَّة من أهل النَّار؟ قَالَ:" نعم ". قَالَ: فَلم يعْمل الْعَامِلُونَ؟ قَالَ: " كل
يعْمل لما خلق لَهُ - أَو لما يسر لَهُ " وَفِي حَدِيث مُسلم قَالَ: " كلٌّ ميسرٌّ لما خلق لَهُ ".
وَفِي رِوَايَة أبي الْأسود الدؤَلِي لمُسلم قَالَ: قَالَ لي عمرَان بن الْحصين:
أَرَأَيْت مَا يعْمل النَّاس الْيَوْم ويكدحون فِيهِ، أَشَيْء قضي عَلَيْهِم وَمضى عَلَيْهِم من قدر قد سبق، أَو فِيمَا يستقبلون بِهِ مِمَّا أَتَاهُم بِهِ نَبِيّهم، وَثبتت الْحجَّة عَلَيْهِم؟ فَقلت: بل شَيْء قضي عَلَيْهِم وَمضى عَلَيْهِم. قَالَ: فَقَالَ: فَلَا يكون ظلما؟ قَالَ: فَفَزِعت من ذَلِك فَزعًا شَدِيدا، وَقلت: كل شيءٍ خلق الله وَملك يَده، فَلَا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون. قَالَ لي: يَرْحَمك الله، إِنِّي لم أرد بِمَا سَأَلتك إِلَّا لأحرز عقلك، وَإِن رجلَيْنِ من مزينة أَتَيَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَا: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت مَا يفعل النَّاس الْيَوْم ويكدحون فِيهِ، أشيءٌ قضي عَلَيْهِم وَمضى فيهم من قدر قد سبق أَو فِيمَا يستقبلون بِهِ مِمَّا أَتَاهُم بِهِ نَبِيّهم وَثبتت الْحجَّة عَلَيْهِم؟ فَقَالَ: " لَا، بل شيءٌ قضي عَلَيْهِم وَمضى فيهم، وتصديق ذَلِك فِي كتاب الله:{وَنَفس وَمَا سواهَا فألهمها فجورها وتقواها} [سُورَة الشَّمْس] .
552 -
السَّادِس: عَن زَهْدَم بن مضرب عَن عمرَان بن حُصَيْن: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " خير أمتِي قَرْني، ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ، ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ ". قَالَ عمرَان: فَلَا أَدْرِي أذكر بعد قرنه قرنين أَو ثَلَاثَة " ثمَّ إِن بعدهمْ قوما يشْهدُونَ وَلَا يستشهدون، ويخونون وَلَا يؤتمنون، وينذرون وَلَا يفون، وَيظْهر فيهم السّمن ".
وَعند مُسلم عَن زُرَارَة بن أوفى عَن عمرَان بن حُصَيْن نَحوه، زَاد فِي حَدِيث هِشَام عَن قَتَادَة:" ويحلفون وَلَا يستحلفون ".
553 -
السَّابِع: عَن زُرَارَة بن أوفى عَن عمرَان بن حُصَيْن أَن رجلا عض يَد رجلٍ، فَنزع يَده من فِيهِ، فَوَقَعت ثنيتاه، فاختصموا إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" يعَض أحدكُم يَد أَخِيه كَمَا يعَض الْفَحْل، لَا دِيَة لَك ".
وَفِي رِوَايَة هِشَام عَن قَتَادَة: فأبطله، وَقَالَ:" أردْت أَن تَأْكُل لَحْمه ".
وَهُوَ عِنْد مُسلم أَيْضا من حَدِيث ابْن سِيرِين عَن عمرَان نَحوه، وَأَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:
مَا تَأْمُرنِي؟ تَأْمُرنِي أَن آمره أَن يدع يَده فِي فِيك تقضمها كَمَا يقضم الْفَحْل؟ ارْفَعْ يدك حَتَّى يعضها ثمَّ انتزعها ".
وَفِي مُسْند يعلى بن أُميَّة نَحوه.
554 -
الثَّامِن: عَن أبي السوار حسان بن حُرَيْث الْعَدوي عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " الْحيَاء لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَير ". فَقَالَ بشير بن كَعْب: إِنَّه مَكْتُوب فِي الْحِكْمَة: إِن مِنْهُ وقاراً، وَمِنْه سكينَة. وَفِي رِوَايَة: وَمِنْه ضعف.
فَقَالَ عمرَان: أحَدثك عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وتحدثني عَن صحفك.
وَهُوَ عِنْد مُسلم أَيْضا من رِوَايَة أبي قَتَادَة تَمِيم بن نَذِير الْعَدوي عَن عمرَان.
وَمن رِوَايَة حُجَيْر بن الرّبيع عَن عمرَان بِنَحْوِهِ، وَفِيه:
إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: " الْحيَاء خيرٌ كُله " أَو قَالَ: " الْحيَاء كُله خير " شكّ الرَّاوِي.