المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ المتفق عليه من مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه - الجمع بين الصحيحين للحميدي - جـ ١

[الحميدي، ابن أبي نصر]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الْقسم الأول

- ‌مسانيد الْعشْرَة

- ‌مُسْند أبي بكر الصّديق رضي الله عنه الْمخْرج فِي الصَّحِيحَيْنِ البُخَارِيّ وَمُسلم أَو فِي أَحدهمَا

- ‌مَا انْفَرد البُخَارِيّ بِإِخْرَاجِهِ من ذَلِك

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عمر بن الْخطاب رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌آخر مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي بكر وَعمر رضي الله عنهما وَعَن جَمِيع الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم سوى مَا تقدم مِنْهَا

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند طَلْحَة بن عبيد الله التَّيْمِيّ رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند الزبير بن الْعَوام رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن سعد بن أبي وَقاص رضي الله عنه

- ‌ أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الرَّابِع: عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد عَن عَمه عَامر بن سعد: أَن سَعْدا ركب إِلَى قصره بالعقيق، فَوجدَ عبدا يقطع شَجرا أَو يخبطه، فسلبه، فَلَمَّا رَجَعَ سعدٌ جَاءَ أهل العَبْد، وكلموه أَن يرد على غلامهم أَو عَلَيْهِم مَا أَخذ من غلامهم، فَقَالَ: معَاذ الله أَن أرد شَيْئا

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند سعيد بن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل الْقرشِي رضي الله عنه

- ‌ حَدِيث وَاحِد عَن أبي عُبَيْدَة بن الْجراح رضي الله عنه

- ‌الْقسم الثَّانِي مسانيد المقدمين بعد الْعشْرَة

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عبد الله بن مَسْعُود رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عمار بن يَاسر رضي الله عنه

- ‌وَمن أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ مُسْند حَارِثَة بن وهب الْخُزَاعِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي ذَر جُنْدُب بن جُنَادَة الْغِفَارِيّ رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند حُذَيْفَة بن الْيَمَان الْعَبْسِي رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند جرير بن عبد الله البَجلِيّ رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي جُحَيْفَة وهب بن عبد الله السوَائِي رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من حَدِيث عدي بن حَاتِم الطَّائِي رضي الله عنه

- ‌وَمن أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من جَابر بن سَمُرَة رضي الله عنه

- ‌وَمن أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن سُلَيْمَان بن صردٍ رضي الله عنه

- ‌ عُرْوَة بن الْجَعْد، وَقيل: ابْن أبي الْجَعْد الْبَارِقي رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن عمرَان بن حُصَيْن رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن عبد الله بن مُغفل الْمُزنِيّ رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أبي بكرَة نفيع بن الْحَارِث رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ مُسْند بُرَيْدَة بن الْحصيب رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ مُسْند عَائِذ بن عَمْرو [رضي الله عنه]

- ‌ مُسْند سَمُرَة بن جُنْدُب [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ مُسْند معقل بن يسارٍ رضي الله عنه

- ‌ مُسْند مَالك بن الْحُوَيْرِث رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن جُنْدُب بن عبد الله البَجلِيّ رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن معيقيب بن أبي فَاطِمَة رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن مجاشع ومجالد ابْني مَسْعُود السّلمِيّ رضي الله عنهما

- ‌ مُسْند يعلى بن أُميَّة رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن معَاذ بن جبلٍ رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أبي بن كَعْب الْأنْصَارِيّ رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أبي طَلْحَة زيد بن سهل الْأنْصَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن عبَادَة بن الصَّامِت بن قيس الْأنْصَارِيّ شهد بَدْرًا، وَبَايع لَيْلَة الْعقبَة، رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رضي الله عنه واسْمه خَالِد بن زيد

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أبي بردة، هَانِئ بن نيار البلوي رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن زيد بن ثَابت الْأنْصَارِيّ رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن عَمْرو بن عَوْف، حَلِيف بني عَامر بن لؤَي [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أبي لبَابَة، عَامر بن الْمُنْذر، وَقيل: بشير بن الْمُنْذر [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن عتْبَان بن مَالك [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن سهل بن حنيف [رضي الله عنه]

- ‌ وَعَن قيس بن سعد الْأنْصَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أسيد بن حضير [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن كَعْب بن مَالك [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أبي أسيد السَّاعِدِيّ، مَالك بن ربيعَة الْأنْصَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن مُسْند أبي قَتَادَة الْحَارِث بن ربعي الْأنْصَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من حَدِيث أبي جهيم عبد الله بن الْحَارِث بن الصمَّة الخزرجي [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي الدَّرْدَاء الْأنْصَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من حَدِيث أبي حميد عبد الرَّحْمَن بن سعد بن الْمُنْذر السَّاعِدِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن عبد الله بن سَلام بن الْحَارِث [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن سهل بن أبي حثْمَة [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن ظهير بن رَافع، عَم رَافع بن خديج [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من رَافع بن خديج [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عبد الله بن زيد بن عَاصِم الْأنْصَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ حديثان عَن عبد الله بن يزِيد الخطمي [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أبي مَسْعُود عقبَة بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ مُسْند شَدَّاد بن أَوْس [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند النُّعْمَان بن بشير [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند زيد بن أَرقم، ويكنى أَبَا عَمْرو [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ مُسْند ثَابت بن الضَّحَّاك الْأنْصَارِيّ يكنى أَبَا زيد [رضي الله عنه]

- ‌ مُسْند أبي بشير الْأنْصَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند الْبَراء بن عَازِب رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند زيد بن خَالِد بن جُهَيْنَة الْجُهَنِيّ [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند سهل بن سعد السَّاعِدِيّ [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند مَالك بن صعصعة [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن كَعْب بن عجْرَة [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي بَرزَة نَضْلَة بن عبيد [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند سَلمَة بن الْأَكْوَع [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

الفصل: ‌ المتفق عليه من مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه

(2)

‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عمر بن الْخطاب رضي الله عنه

19 -

الأول: عَن عبد الله بن عَمْرو، وَعَن أبي هُرَيْرَة بِمَعْنَاهُ أَن عمر بَيْنَمَا هُوَ يخْطب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة، إِذْ دخل رجلٌ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم من الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين. وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة من رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ: إِذْ دخل عُثْمَان بن عَفَّان، فناداه عمر: أَيَّة ساعةٍ هَذِه؟ قَالَ: إِنِّي شغلت الْيَوْم فَلم أنقلب إِلَى أَهلِي حَتَّى سَمِعت التأذين، فَلم أَزْد على أَن تَوَضَّأت. فَقَالَ عمر: وَالْوُضُوء أَيْضا؟ وَقد علمت أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمر بِالْغسْلِ.

وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَنهُ أَنه قَالَ: ألم تسمعوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول:

إِذا جَاءَ أحدكُم إِلَى الْجُمُعَة فليغتسل ".

20 -

الثَّانِي: عَن عبد الله بن عمر - لمُسلم: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعْطي عمر الْعَطاء. وَعَن عبد الله بن السَّعْدِيّ لَهما: أَن عمر قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني الْعَطاء فَأَقُول: أعْطه من هُوَ أفقر إِلَيْهِ مني: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " خُذْهُ، وَمَا جَاءَك من هَذَا المَال وَأَنت غير مشرفٍ وَلَا سائلٍ فَخذه، وَمَا لَا، فَلَا تتبعه نَفسك ".

ص: 98

وَفِي رِوَايَة شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ عَن السَّائِب: " خُذْهُ فتموله وَتصدق بِهِ ".

وَفِي رِوَايَة عَمْرو، عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم:" أَو تصدق بِهِ "، زَاد فِي رِوَايَة عَمْرو: من أجل ذَلِك كَانَ ابْن عمر لَا يسْأَل أحدا شَيْئا، وَلَا يرد شَيْئا أعْطِيه.

وَفِي حَدِيث بكير عَن بسر بن سعيد أَن ابْن السَّاعِدِيّ الْمَالِكِي قَالَ:

استعملني عمر على الصَّدَقَة، فَلَمَّا فرغت مِنْهَا وأديتها إِلَيْهِ، أَمر لي بعمالة، فَقلت: إِنَّمَا عملت لله وَأجْرِي على الله. فَقَالَ: خُذ مَا أَعْطَيْت، فَإِنِّي عملت على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فعملني، فَقلت مثل قَوْلك، فَقَالَ لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" إِذا أَعْطَيْت شَيْئا من غير أَن تسْأَل فَكل وَتصدق ".

21 -

الثَّالِث: عَن عبد الله بن عمر، من رِوَايَة سَالم عَنهُ، قَالَ: سَمِعت عمر يَقُول: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " إِن الله يَنْهَاكُم أَن تحلفُوا بِآبَائِكُمْ ".

وَهُوَ فِي أَفْرَاد مُسلم عَن ابْن عمر من رِوَايَة نَافِع عَنهُ.

وَفِي رِوَايَة سَالم عَنهُ زِيَادَة، قَالَ: قَالَ عمر: فوَاللَّه مَا حَلَفت بهَا مُنْذُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ينْهَى عَنْهَا، ذَاكِرًا وَلَا آثراً.

22 -

الرَّابِع: عَن ابْن عمر، من رِوَايَة سَالم عَنهُ: دخلت على حَفْصَة ونوساتها تنطف فَقَالَت: أعلمت أَن أَبَاك غير مستخلفٍ؟ قلت: مَا كَانَ ليفعل. قَالَت: إِنَّه فَاعل. قَالَ: فَحَلَفت أَن ُأكَلِّمهُ فِي ذَلِك، فَسكت حَتَّى غَدَوْت، وَلم

ص: 99

ُأكَلِّمهُ، فَكنت كَأَنَّمَا احْمِلْ بيميني جبلا، حَتَّى رجعت، فَدخلت عَلَيْهِ، فَسَأَلَنِي عَن حَال النَّاس وَأَنا أخبرهُ، قَالَ: ثمَّ قلت: إِنِّي سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ مقَالَة، فآليت أَن أقولها لَك: زَعَمُوا أَنَّك غير مستخلف، وَإنَّهُ لَو كَانَ لَك راعي إبلٍ أَو راعي غنمٍ ثمَّ جَاءَك وَتركهَا لرأيت أَن قد ضيع، فرعاية النَّاس أَشد. قَالَ: فوافقه قولي، فَوضع رَأسه سَاعَة ثمَّ رَفعه إِلَيّ فَقَالَ: إِن الله عز وجل يحفظ دينه، وَإِنِّي لَا أستخلف فَإِن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] لم يسْتَخْلف، فَإِن أستخلف فَإِن أَبَا بكر قد اسْتخْلف. قَالَ: فوَاللَّه مَا هُوَ إِلَّا ذكر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَبا بكر، فَعلمت أَنه لم يكن ليعدل برَسُول الله صلى الله عليه وسلم أحدا، وَأَنه غير مستخلف.

وَأَخْرَجَاهُ أَيْضا من رِوَايَة عُرْوَة بن الزبير عَن ابْن عمر بِمَعْنَاهُ فِي " الِاسْتِخْلَاف ". وَأَنه لما طعن عمر قيل لَهُ: لَو اسْتخْلفت. قَالَ: أتحمل أَمركُم حَيا وَمَيتًا، إِن أستخلف فقد اسْتخْلف من هُوَ خيرٌ مني: أَبُو بكر، وَإِن أترك فقد ترك من هُوَ خيرٌ مني: رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وددت أَن حظي مِنْهَا الكفاف، لَا عَليّ وَلَا لي. قَالَ عبد الله: فَعلمت أَنه غير مستخلفٍ. فَقَالُوا: جَزَاك الله خيرا. فَقَالَ: راغبٌ، وراهب.

23 -

الْخَامِس: عَن ابْن عمر من رِوَايَة نَافِع عَنهُ، عَن عمر قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي كنت نذرت فِي الْجَاهِلِيَّة أَن أعتكف لَيْلَة. وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: يَوْمًا فِي الْمَسْجِد الْحَرَام. قَالَ: " فأوف بِنَذْرِك " وَلم يذكر بعض الروَاة يَوْمًا وَلَا لَيْلَة وَجعله فِي مُسْند ابْن عمر. قَالُوا فِيهِ إِن عمر قَالَ: يَا رَسُول الله

.

24 -

السَّادِس: عَن ابْن عمر من رِوَايَة سعيد بن الْمسيب عَنهُ عَن عمر قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " يعذب الْمَيِّت بِمَا نيح عَلَيْهِ "، وَفِي رِوَايَة:" مَا نيح عَلَيْهِ " قَالَ آدم عَن شُعْبَة فِيهِ: " يعذب الْمَيِّت ببكاء الْحَيّ عَلَيْهِ ".

ص: 100

وَرَوَاهُ عَن عمر أَيْضا ابْن عَبَّاس وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَأنس بِأَلْفَاظ مُتَقَارِبَة الْمَعْنى. وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس أَن عَائِشَة قَالَت: لَا وَالله، مَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:

إِن الْمَيِّت يعذب ببكاء أحدٍ، وَلكنه قَالَ: " إِن الْكَافِر يزِيدهُ الله ببكاء أَهله عذَابا، وَإِن الله (هُوَ أضْحك وأبكى){وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} . وَلَكِن السّمع يُخطئ.

وَفِي أَفْرَاد مُسلم عَن اابن عمر من رِوَايَة نَافِع عَنهُ: أَن حَفْصَة بَكت على عمر فَقَالَ - تَعْنِي مَا تقدم.

وَفِي رِوَايَة ثَابت عَن أنس - من أَفْرَاد مُسلم أَيْضا - أَن عمر قَالَ نَحْو ذَلِك لما عولت حَفْصَة وصهيب عَلَيْهِ.

فِي رِوَايَة ثَابت أبي صَالح ذكْوَان عَن ابْن عمر - من أَفْرَاد مُسلم -: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:

إِن الْمَيِّت ليعذب ببكاء الْحَيّ ".

25 -

السَّابِع: عَن ابْن عمر من رِوَايَة الشّعبِيّ أَن عمر قَالَ على مِنْبَر النَّبِي صلى الله عليه وسلم أما بعد، أَيهَا النَّاس، إِنَّه نزل تَحْرِيم الْخمر، وَهِي من خَمْسَة: من الْعِنَب، وَالتَّمْر، وَالْعَسَل، وَالْحِنْطَة، وَالشعِير. وَالْخمر مَا خامر الْعقل. ثلاثٌ وددت أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ عهد إِلَيْنَا عهدا انْتهى إِلَيْهِ: الْجد والكلالة وأبواب من أَبْوَاب الرِّبَا.

26 -

الثَّامِن: حَدِيث السَّقِيفَة: عَن ابْن عَبَّاس من رِوَايَة عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود قَالَ: كنت أَقْْرِئ رجَالًا من الْمُهَاجِرين، مِنْهُم عبد الرَّحْمَن بن

ص: 101

عَوْف، فَبينا أَنا فِي منزلي بمنى، وَهُوَ عِنْد عمر بن الْخطاب فِي آخر حجَّة حَجهَا، إِذْ رَجَعَ إِلَيّ عبد الرَّحْمَن فَقَالَ:

لَو رَأَيْت رجلا أَتَى أَمِير الْمُؤمنِينَ الْيَوْم فَقَالَ: هَل لَك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي فلَان، يَقُول: لَو قد مَاتَ عمر لقد بَايَعت فلَانا، فوَاللَّه مَا كَانَت بيعَة أبي بكر إِلَّا فلتة، فَغَضب عمر ثمَّ قَالَ: إِنِّي إِن شَاءَ الله لقائم العشية فِي النَّاس فمحذرهم هَؤُلَاءِ الَّذين يُرِيدُونَ أَن يغصبوهم أَمرهم، قَالَ عبد الرَّحْمَن: فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، لَا تفعل؛ فَإِن الْمَوْسِم يجمع رعاع النَّاس وغوغائهم، وَإِنَّهُم هم الَّذين يغلبُونَ على قربك حِين تقوم فِي النَّاس، وَأَنا أخْشَى أَن تقوم فَتَقول مقَالَة يطيرها أُولَئِكَ عِنْد كل مطير، وَألا يعوها، وَألا يضعوها موَاضعهَا، فأمهل حَتَّى تقدم الْمَدِينَة، فَإِنَّهَا دَار الْهِجْرَة وَالسّنة، فتخلص بِأَهْل الْفِقْه وأشراف النَّاس فَتَقول مَا قلت مُتَمَكنًا، فيعي أهل الْعلم مَقَالَتك، ويضعوها على موَاضعهَا. قَالَ: فَقَالَ عمر: أما وَالله إِن شَاءَ الله لأقومن بذلك أول مقَام أقومه بِالْمَدِينَةِ.

قَالَ ابْن عَبَّاس: فقدمنا الْمَدِينَة فِي عقب ذِي الْحجَّة، فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة عجلت بالرواح حَتَّى زاغت الشَّمْس، حَتَّى أجد سعيد بن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل جَالِسا إِلَى ركن الْمِنْبَر، فَجَلَست حذوه تمس ركبتي رُكْبَتَيْهِ، فَلم أنشب أَن خرج عمر بن الْخطاب، فَلَمَّا رَأَيْته مُقبلا قلت لسَعِيد بن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل: ليَقُولن العشية على هَذَا الْمِنْبَر مقَالَة لم يقلها مُنْذُ اسْتخْلف. فَأنْكر عَليّ وَقَالَ: مَا عَسى أَن يَقُول مَا لم يقل قبله {

فَجَلَسَ عمر على الْمِنْبَر، فَلَمَّا سكت الْمُؤَذّن قَامَ، فَأثْنى على الله بِمَا هُوَ أَهله، ثمَّ قَالَ: أما بعد، إِنِّي قَائِل لكم مقَالَة قد قدر أَن أقولها، لَا أَدْرِي لَعَلَّهَا بَين يَدي أَجلي، فَمن عقلهَا ووعاها فليحدث بهَا حَيْثُ انْتَهَت بِهِ رَاحِلَته، وَمن خشِي أَلا يَعْقِلهَا فَلَا أحل لأحدٍ أَن يكذب عَليّ}

ص: 102

إِن الله عز وجل بعث مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ، وَأنزل عَلَيْهِ الْكتاب، فَكَانَ مِمَّا أنزل الله آيَة الرَّجْم، فقرأناها وعقلناها ووعيناها، ورجم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، ورجمنا بعده، فأخشى إِن طَال بِالنَّاسِ زمانٌ أَن يَقُول قائلٌ: وَالله مَا نجد آيَة الرَّجْم فِي كتاب الله فيضلوا بترك فَرِيضَة أنزلهَا الله، فَالرَّجْم فِي كتاب الله حق على من زنى إِذا أحصن من الرِّجَال وَالنِّسَاء، إِذا قَامَت الْبَيِّنَة أَو كَانَ الْحَبل أَو الِاعْتِرَاف.

ثمَّ إِنَّا كُنَّا نَقْرَأ فِيمَا نَقْرَأ فِي كتاب الله أَن لَا ترغبوا عَن آبائكم، فَإِنَّهُ كفر بكم أَن ترغبوا عَن آبائكم، أَلا وَإِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:

" لَا تطروني كَمَا أطري عِيسَى ابْن مَرْيَم، وَقُولُوا: عبد الله وَرَسُوله ".

ثمَّ إِنَّه بَلغنِي أَن قَائِلا مِنْكُم يَقُول: وَالله لَو مَاتَ عمر بَايَعت فلَانا، فَلَا يغتر امْرُؤ أَن يَقُول: إِنَّمَا كَانَت بيعَة أبي بكر فلتةً وتمت، أَلا وَإِنَّهَا قد كَانَت كَذَلِك وَلَكِن الله وقى شَرها، وَلَيْسَ فِيكُم من تقطع فِيهِ الْأَعْنَاق مثل أبي بكر، وَإنَّهُ كَانَ من خيرنا حِين توفّي نَبِي الله صلى الله عليه وسلم. إِن الْأَنْصَار خالفونا واجتمعوا بأسرهم فِي سَقِيفَة بني سَاعِدَة، وَخَالف عَنَّا عليٌّ وَالزُّبَيْر وَمن مَعَهُمَا، وَاجْتمعَ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى أبي بكر، فَقلت لأبي بكر: يَا أَبَا بكر، انْطلق بِنَا إِلَى إِخْوَاننَا هَؤُلَاءِ من الْأَنْصَار، فَانْطَلَقْنَا نريدهم، فَلَمَّا دنونا مِنْهُم لَقينَا مِنْهُم رجلَانِ صالحان، فذكرا مَا تمالأ عَلَيْهِ الْقَوْم، فَقَالَا: أَيْن تُرِيدُونَ يَا معشر الْمُهَاجِرين؟ فَقُلْنَا: نُرِيد إِخْوَاننَا هَؤُلَاءِ من الْأَنْصَار، فَقَالَا: لَا عَلَيْكُم، لَا تقربوهم اقضوا أَمركُم. فَقلت: وَالله لنأتينهم، وانطلقنا حَتَّى أتيناهم فِي سَقِيفَة بني سَاعِدَة، فَإِذا رجلٌ مزملٌ بَين ظهرانيهم،

ص: 103

فَقلت: من هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا سعد بن عبَادَة. فَقلت: مَا لَهُ؟ قَالُوا: يوعك. فَلَمَّا جلسنا قَلِيلا، تشهد خطيبهم، فَأثْنى على الله بِمَا هُوَ أَهله، ثمَّ قَالَ: أما بعد، فَنحْن أنصار الله، وكتيبة الْإِسْلَام، وَأَنْتُم معشر الْمُهَاجِرين، رهطٌ منا، وَقد دفت دافة من قومكم، فَإِذا هم أَرَادوا أَن يختزلونا من أهلنا، وَأَن يحضنونا من الْأَمر.

فَلَمَّا سكت، أردْت أَن أَتكَلّم، وَكنت زورت مقَالَة أعجبتني أُرِيد أَن أقدمها بَين يَدي أبي بكر، وَكنت أواري مِنْهُ بعض الْجد، فَلَمَّا أردْت أَن أَتكَلّم قَالَ أَبُو بكر: على رسلك، فَكرِهت أَن أغضبهُ، فَتكلم أَبُو بكر، وَكَانَ أحلم مني وأوقر، وَالله مَا ترك من كلمةٍ أعجبتني فِي تزويري إِلَّا قَالَ فِي بديهته مثلهَا أَو أفضل مِنْهَا، حَتَّى سكت، فَقَالَ: مَا ذكرْتُمْ فِيكُم من خير فَأنْتم لَهُ أهل، وَلنْ تعرف الْعَرَب هَذَا الْأَمر إِلَّا لهَذَا الْحَيّ من قُرَيْش، هم أَوسط الْعَرَب نسبا وداراً، وَقد رضيت لكم أحد هذَيْن الرجلَيْن، فَبَايعُوا أَيهمَا شِئْتُم - فَأخذ بيَدي وبيد أبي عُبَيْدَة بن الْجراح - وَهُوَ جَالس بَيْننَا، فَلم أكره مِمَّا قَالَ غَيرهَا. كَانَ - وَالله - أَن أقدم فَتضْرب عنقِي، لَا يقربنِي ذَلِك من إِثْم أحب إِلَيّ من أَن أتأمر على قوم فيهم أَبُو بكر، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن تسول لي نَفسِي عِنْد الْمَوْت شَيْئا لَا أَجِدهُ الْآن. فَقَالَ قَائِل من الْأَنْصَار: أَنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب، منا أميرٌ ومنكم أَمِير يَا معشر قُرَيْش. فَكثر اللَّغط، وَارْتَفَعت الْأَصْوَات، حَتَّى فرقت من الِاخْتِلَاف، فَقلت: أبسط يدك يَا أَبَا بكر، فَبَايَعته، وَبَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ، ثمَّ بايعته الْأَنْصَار.

ص: 104

ونزونا على سعد بن عبَادَة، فَقَالَ قائلٌ مِنْهُم: قتلتم سعد بن عبَادَة. فَقلت: قتل الله سعد بن عبَادَة. قَالَ عمر: وَإِنَّا وَالله مَا وجدنَا فِيمَا حَضَرنَا من أمرنَا أقوى من مبايعة أبي بكر، خشينا إِن فارقنا الْقَوْم وَلم تكن بيعةٌ أَن يبايعوا رجلا مِنْهُم بَعدنَا، فإمَّا تابعناهم على مَا لَا نرضى، وَإِمَّا أَن نخالفهم فَيكون فسادٌ، فَمن بَايع رجلا على غير مشورةٍ من الْمُسلمين فَلَا يُتَابع هُوَ وَلَا الَّذِي بَايعه تغرة أَن يقتلا.

وَزَاد فِي رِوَايَة البرقاني بِالْإِسْنَادِ الَّذِي أخرجه بِهِ البُخَارِيّ: قَالَ ابْن شهَاب: فَأَخْبرنِي عُرْوَة بن الزبير أَن الرجلَيْن اللَّذين لقوهما عويم بن سَاعِدَة، ومعن بن عدي، فَأَما عويم بن سَاعِدَة. فَهُوَ الَّذِي بلغنَا أَنه قيل لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من الَّذين قَالَ الله فيهم: {فِيهِ رجال يحبونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَالله يحب المطهرين} [سُورَة التَّوْبَة] فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم " نعم الْمَرْء عويم بن سَاعِدَة "، وَلم يبلغنَا أَنه ذكر غير عويم بن سَاعِدَة. واما معن بن عدي فَبَلغنَا أَن النَّاس بكوا على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين توفاه الله، وَقَالُوا: لَوَدِدْنَا أَنا متْنا قبله، نخشى أَن نفتن بعده، فَقَالَ معن بن عدي: لكني وَالله مَا أحب أَنِّي مت قبله حَتَّى أصدقه مَيتا كَمَا صدقته حياًّ، فَقتل معن بن عدي بِالْيَمَامَةِ يَوْم مُسَيْلمَة الْكذَّاب.

هُوَ عِنْد مُسلم مُخْتَصر حَدِيث الرَّجْم.

ص: 105

وأفرد البُخَارِيّ مِنْهُ فِي مَوضِع آخر من كِتَابه قَوْله عليه السلام: "

وَلَا تطروني كَمَا أطرت النَّصَارَى عِيسَى ابْن مَرْيَم ".

27 -

التَّاسِع: فِي اعتزال النَّبِي صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ، عَن ابْن عَبَّاس من رِوَايَة عبيد الله بن عبيد الله بن أبي ثَوْر، وَعبيد بن حنين عَنهُ، وَهُوَ فِي مُسلم من رِوَايَة سماك الْحَنَفِيّ عَن ابْن عَبَّاس، وَفِي ألفاظهم اخْتِلَاف مُتَقَارب الْمَعْنى، وَزِيَادَة.

فَفِي رِوَايَة عبيد الله عَنهُ أَنه قَالَ: لم أزل حَرِيصًا على أَن أسأَل عمر بن الْخطاب عَن الْمَرْأَتَيْنِ من أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم اللَّتَيْنِ قَالَ الله عز وجل: {إِن تَتُوبَا إِلَى الله فقد صغت قُلُوبكُمَا} [سُورَة التَّحْرِيم] حَتَّى حج عمر وَحَجَجْت مَعَه، فَلَمَّا كَانَ بِبَعْض الطَّرِيق عدل عمر وَعدلت مَعَه بِالْإِدَاوَةِ فَتبرز، ثمَّ أَتَانِي فَسَكَبت على يَدَيْهِ فَتَوَضَّأ فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، من الْمَرْأَتَانِ من أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم اللَّتَان قَالَ الله عز وجل:{إِن تَتُوبَا إِلَى الله فقد صغت قُلُوبكُمَا} فَقَالَ عمر: وَاعجَبا لَك يَا ابْن عَبَّاس، قَالَ الزُّهْرِيّ: كره - وَالله - مَا سَأَلَهُ عَنهُ، وَلم يَكْتُمهُ. قَالَ: هما عَائِشَة وَحَفْصَة، ثمَّ أَخذ يَسُوق الحَدِيث، قَالَ:

كُنَّا - معشر قُرَيْش - قوما نغلب النِّسَاء، فَلَمَّا قدمنَا الْمَدِينَة وجدنَا قوما تغلبهم نِسَاؤُهُم، فَطَفِقَ نساؤنا يتعلمن من نِسَائِهِم، قَالَ: وَكَانَ منزلي فِي بني أُميَّة من زيدٍ بالعوالي، فَغضِبت يَوْمًا على امْرَأَتي، فَإِذا هِيَ تراجعني، فأنكرت أَن تراجعني، فَقَالَت: مَا تنكر أَن أراجعك؟ فوَاللَّه إِن أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه، وتهجره إِحْدَاهُنَّ الْيَوْم إِلَى اللَّيْل. فَانْطَلَقت فَدخلت على حَفْصَة، فَقلت: أتراجعن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ قَالَت: نعم. فَقلت: أتهجره إحداكن الْيَوْم إِلَى اللَّيْل؟ قَالَت: نعم. قلت: قد خَابَ من فعل ذَلِك مِنْكُن وخسرت، أفتأمن إحداكن أَن يغْضب الله عَلَيْهَا لغضب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَإِذا هِيَ قد هَلَكت، لَا تراجعي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَلَا تسأليه شَيْئا، وسليني مَا بدا لَك، وَلَا يغرنك أَن كَانَت جارتك هِيَ أوسم وَأحب إِلَى رَسُول الله مِنْك - يُرِيد عَائِشَة -.

ص: 106

وَكَانَ لي جَار من الْأَنْصَار، فَكُنَّا نتناوب النُّزُول إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَينزل يَوْمًا، وَأنزل يَوْمًا، ويأتيني بِخَبَر الْوَحْي وَغَيره، وآتيه بِمثل ذَلِك. وَكُنَّا نتحدث أَن غَسَّان تنعل الْخَيل لتغزونا، فَنزل صَاحِبي ثمَّ أَتَانِي عشَاء، فَضرب بَابي ثمَّ ناداني، فَخرجت إِلَيْهِ، فَقَالَ: حدث أمرٌ عَظِيم، فَقلت: مَاذَا، أجاءت غَسَّان؟ قَالَ: لَا، بل أعظم من ذَلِك وأهول، طلق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ. قلت: قد خابت حَفْصَة وخسرت، قد كنت أَظن هَذَا يُوشك أَن يكون.

حَتَّى إِذا صليت الصُّبْح، شددت عَليّ ثِيَابِي، ثمَّ نزلت، فَدخلت على حَفْصَة وَهِي تبْكي، فَقلت: أطلقكن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ قَالَت: لَا أَدْرِي، هُوَ هَذَا معتزلٌ فِي هَذِه الْمشْربَة فَأتيت غُلَاما لَهُ أسود فَقلت: أتستأذن لعمر؟ فَدخل. ثمَّ خرج إِلَيّ، قَالَ: قد ذكرتك لَهُ فَصمت. فَانْطَلَقت حَتَّى إِذا أتيت الْمِنْبَر، فَإِذا عِنْده رهطٌ جلوسٌ يبكي بَعضهم، فَجَلَست قَلِيلا، ثمَّ غلبني مَا أجد، فَأتيت الْغُلَام فَقلت: اسْتَأْذن لعمر، فَدخل ثمَّ خرج إِلَيّ فَقَالَ: قد ذكرتك لَهُ فَصمت، فَخرجت فَجَلَست إِلَى الْمِنْبَر ثمَّ غلبني مَا أجد، فَأتيت الْغُلَام فَقلت: اسْتَأْذن لعمر، فَدخل ثمَّ خرج فَقَالَ: قد ذكرتك لَهُ فَصمت، فوليت مُدبرا، فَإِذا الْغُلَام قَالَ: ادخل، قد أذن لَك. فَدخلت، فَسلمت على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَإِذا هُوَ متكئٌ على رمال حَصِير قد أثر فِي جنبه، فَقلت: أطلقت نِسَاءَك؟ فَرفع رَأسه إِلَيّ فَقَالَ: " لَا ". فَقلت: الله أكبر، لَو رَأَيْتنَا يَا رَسُول الله، وَكُنَّا - معشر قُرَيْش - نغلب النِّسَاء، فَلَمَّا قدمنَا الْمَدِينَة وجدنَا قوما تغلبهم نِسَاؤُهُم، فَطَفِقَ نساؤنا يتعلمن من نِسَائِهِم، فَغضِبت على امْرَأَتي يَوْمًا، فَإِذا هِيَ تراجعني، فأنكرت أَن تراجعني، فَقَالَت: مَا تنكر أَن أراجعك؟ فوَاللَّه إِن أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه، وتهجره إِحْدَاهُنَّ الْيَوْم إِلَى اللَّيْل، فَقلت: قد خَابَ من فعل ذَلِك مِنْهُنَّ وخسر، أفتأمن إِحْدَاهُنَّ أَن يغْضب الله عَلَيْهَا لغضب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَإِذا هِيَ قد هَلَكت، فَتَبَسَّمَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقلت: يَا رَسُول الله، قد دخلت على حَفْصَة فَقلت: لَا يغرنك أَن كَانَت جارتك هِيَ

ص: 107

أوسم وَأحب إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مِنْك، فَتَبَسَّمَ أُخْرَى. فَقلت: أستأنس يَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: " نعم ". فَجَلَست، فَرفعت رَأْسِي فِي الْبَيْت، فوَاللَّه مَا رَأَيْت فِيهِ شَيْئا يرد الْبَصَر إِلَّا أهباً ثَلَاثَة، فَقلت: ادْع الله أَن يُوسع على أمتك، فقد وسع على فَارس وَالروم وهم لَا يعْبدُونَ الله، فَاسْتَوَى جَالِسا ثمَّ قَالَ:" أَفِي شكّ أَنْت يَا ابْن الْخطاب؟ أُولَئِكَ قومٌ عجلت لَهُم طَيِّبَاتهمْ هم فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا "، فَقلت: اسْتغْفر لي يَا رَسُول الله.

قَالَ: وَكَانَ أقسم أَلا يدْخل عَلَيْهِنَّ شهرا من أجل ذَلِك الحَدِيث حِين أفشته حَفْصَة إِلَى عَائِشَة، من شدَّة موجدته عَلَيْهِنَّ، حَتَّى عاتبه الله تَعَالَى.

قَالَ الزُّهْرِيّ:

فَأَخْبرنِي عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: لما مَضَت تسع وَعِشْرُونَ لَيْلَة دخل عَليّ رَسُول الله بداري فَقلت: يَا رَسُول الله، إِنَّك أَقْسَمت أَلا تدخل علينا شهرا، وَإنَّك دخلت من تسعٍ وَعشْرين أعدهن. فَقَالَ:" إِن الشَّهْر تسعٌ وَعِشْرُونَ ". زَاد فِي رِوَايَة: وَكَانَ ذَلِك الشَّهْر تسعا وَعشْرين لَيْلَة، ثمَّ قَالَ: " يَا عَائِشَة، إِنِّي ذاكرٌ لَك أمراٌ، فَلَا عَلَيْك أَلا تعجلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك، ثمَّ قَرَأَ:{يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك إِن كنتن تردن الحيا ة الدُّنْيَا وَزينتهَا} حَتَّى بلغ إِلَى قَوْله: {عَظِيما} [سُورَة الْأَحْزَاب] قَالَت عَائِشَة: قد علمت وَالله أَن أَبَوي لم يَكُونَا ليأمراني بِفِرَاقِهِ، فَقلت: أَو فِي هَذَا أَستَأْمر أَبَوي؟ فَإِنِّي أُرِيد الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة.

وَفِيه. عَن معمر أَن أَيُّوب قَالَ لَهُ:

إِن عَائِشَة قَالَت: لَا تخبر نِسَاءَك أنني اخْتَرْتُك، فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم:" إِن الله أَرْسلنِي مبلغا وَلم يُرْسِلنِي مُتَعَنتًا ".

قَالَ قَتَادَة: صغت قُلُوبكُمَا: مَالَتْ قُلُوبكُمَا.

ص: 108

وَفِي رِوَايَة سماك. وَذَلِكَ قبل أَن يؤمرن بالحجاب. وَفِيه دُخُول عمر على عَائِشَة وَحَفْصَة ولومه لَهما، وَقَوله لحفصة: وَالله لقد علمت أَن رَسُول الله لَا يحبك وَلَوْلَا أَنا لطلقك، وَفِيه قَول عمر عِنْد الاسْتِئْذَان فِي إِحْدَى المرات: يَا رَبَاح، اسْتَأْذن لي، فَإِنِّي أَظن أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ظن أَنِّي جِئْت من أجل حَفْصَة، وَالله لَئِن أَمرنِي أَن أضْرب عُنُقهَا لَأَضرِبَن عُنُقهَا. قَالَ: وَرفعت صوتي، وَأَنه أذن لَهُ عِنْد ذَلِك، وَأَنه اسْتَأْذن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي أَن يخبر النَّاس أَنه لم يُطلق نِسَاءَهُ، فَأذن لَهُ، وَأَنه قَامَ على بَاب الْمَسْجِد فَنَادَى بِأَعْلَى صَوته: لم يُطلق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ، وَإنَّهُ قَالَ وَهُوَ يرى الْغَضَب فِي وَجهه: يَا رَسُول الله، مَا يشق عَلَيْك فِي شَأْن النِّسَاء، فَإِن كنت طلقتهن فَإِن الله مَعَك وَمَلَائِكَته وَجِبْرِيل وَمِيكَائِيل، وَأَنا، وَأَبُو بكر، والمؤمنون مَعَك. قَالَ: وقلما تَكَلَّمت - وَأحمد الله - إِلَّا رَجَوْت أَن يكون الله يصدق قولي الَّذِي أَقُول، وَنزلت هَذِه الْآيَة: آيَة التَّخْيِير: {عَسى ربه إِن طَلَّقَكُن أَن يُبدلهُ أَزْوَاجًا خيرا} [سُورَة التَّحْرِيم]، وَفِيه أَنه قَالَ: فَلم أزل أحدث حَتَّى تحسر الْغَضَب عَن وَجهه وَحَتَّى كشر فَضَحِك، وَكَانَ من أحسن النَّاس ثغراً وَقَالَ: وَنزلت أتشبث بالجذع، وَهُوَ جذع يرقى عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَنزل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَأَنَّمَا يمشي على الأَرْض مَا يمسهُ بِيَدِهِ فَقلت: يَا رَسُول الله، إِنَّمَا كنت فِي الغرفة تسعا وَعشْرين، فَقَالَ:" إِن الشَّهْر يكون تسعا وَعشْرين ". قَالَ: وَنزلت هَذِه الْآيَة: {وَإِذا جَاءَهُم أَمر من الْأَمْن أَو الْخَوْف أذاعوا بِهِ وَلَو ردُّوهُ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أولي الْأَمر مِنْهُم لعلمه الَّذين يستنبطونه مِنْهُم} [سُورَة النِّسَاء الْآيَة] قَالَ: فَكنت أَنا الَّذِي استنبطت ذَلِك الْأَمر، فَأنْزل الله آيَة التَّخْيِير.

ص: 109

وَفِي حَدِيث ابْن حنين أَن عمر دخل على أم سَلمَة لِقَرَابَتِهِ مِنْهَا، فكلمها، وَأَنَّهَا قَالَت لَهُ: عجبا لَك يَا ابْن الْخطاب، قد دخلت فِي كل شَيْء حَتَّى تبتغي أَن تدخل بَين رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه، وَأَن ذَلِك كَسره عَن بعض مَا كَانَ يجد، وَأَنه لما قصّ على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَدِيث أم سَلمَة تَبَسم.

28 -

الْعَاشِر: عَن ابْن عَبَّاس من رِوَايَة أبي الْعَالِيَة الريَاحي عَنهُ: شهد عِنْدِي رجالٌ مرضيون أرضاهم عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نهى عَن الصَّلَاة بعد الصُّبْح حَتَّى تشرق الشَّمْس، وَبعد الْعَصْر حَتَّى تغرب.

29 -

الْحَادِي عشر: عَن ابْن عَبَّاس من رِوَايَة طَاوس عَنهُ: بلغ عمر أَن فلَانا بَاعَ خمرًا، فَقَالَ: قَاتل الله فلَانا، ألم يعلم أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لعن الله الْيَهُود، حرمت عَلَيْهِم الشحوم فجملوها فَبَاعُوهَا ".

30 -

الثَّانِي عشر: عَن عبد الله بن الزبير من رِوَايَة أبي ذبيان خَليفَة بن كَعْب عَنهُ: أَنه سَمعه يخْطب وَيَقُول: لَا تلبسوا نساءكم الْحَرِير، فَإِنِّي سَمِعت عمر بن الْخطاب يَقُول:" لَا تلبسوا الْحَرِير، فَإِنَّهُ من لبسه فِي الدُّنْيَا لم يلْبسهُ فِي الْآخِرَة " وَهُوَ عِنْد البُخَارِيّ وَحده من رِوَايَة معَاذَة العدوية، عَن أم عَمْرو بنت عبد الله بن الزبير عَن أَبِيهَا، قَالَ فِيهِ: وَقَالَ أَبُو معمر

ص: 110

وَهُوَ فِي أَفْرَاد البُخَارِيّ بِمَعْنَاهُ من رِوَايَة عمرَان بن حطَّان عَن ابْن عمر عَن عمر مُسْندًا:

إِنَّمَا يلبس الْحَرِير فِي الدُّنْيَا من لَا خلاق لَهُ فِي الْآخِرَة ".

وَهُوَ من أَفْرَاد مُسلم من رِوَايَة عبد الله مولى أَسمَاء، عَن ابْن عمر، قَالَ: سَمِعت عمر يَقُول: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول:

إِنَّمَا يلبس الْحَرِير من لَا خلاق لَهُ ".

31 -

الثَّالِث عشر: عَن الْمسور بن مخرمَة، وَعَن الرَّحْمَن بن عبد الْقَارِي أَن عمر قَالَ: سَمِعت هِشَام بن حَكِيم بن حزَام يقْرَأ سُورَة " الْفرْقَان " فِي حَيَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَمَعْت لقرَاءَته، فَإِذا هُوَ يقْرَأ على حُرُوف كَثِيرَة لم يقرئنيها رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فكدت أساوره فِي الصَّلَاة، فتربصت حَتَّى سلم، فلببته بردائه فَقلت: من أَقْرَأَك هَذِه السُّورَة الَّتِي سَمِعتك تقرأها؟ قَالَ: أَقْرَأَنيهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. فَقلت: كذبت؛ فَإِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد أَقْرَأَنيهَا على غير مَا قَرَأت. فَانْطَلَقت بِهِ أقوده إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقلت: يَا رَسُول الله،. إِنِّي سَمِعت هَذَا يقْرَأ سُورَة " الْفرْقَان " على حروفٍ كَثِيرَة لم تقرئنيها. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أرْسلهُ، اقْرَأ يَا هِشَام ".

فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَة الَّتِي سمعته يَقْرَأها، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" هَكَذَا أنزلت " ثمَّ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " اقْرَأ يَا عمر " فَقَرَأت الْقِرَاءَة الَّتِي أَقْرَأَنِي، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" هَكَذَا أنزلت؛ إِن هَذَا الْقُرْآن أنزل على سَبْعَة أحرف، فاقرءوا مَا تيَسّر مِنْهُ ".

32 -

الرَّابِع عشر: فِي الْمُتَّفق عَلَيْهِ من ترجمتين: أخرجه البُخَارِيّ من رِوَايَة حميد بن أنس عَن عمر، وَمُسلم من رِوَايَة نَافِع عَن ابْن عمر عَن عمر، أَنه قَالَ:

ص: 111

وَافَقت رَبِّي فِي ثَلَاث: قلت: يَا رَسُول الله لَو اتخذنا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى، فَنزلت:{وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى} [سُورَة الْبَقَرَة] .

وَقلت: يَا رَسُول الله، يدْخل على نِسَائِك الْبر والفاجر، فَلَو أمرتهن يحتجبن، فَنزل.

وَاجْتمعَ نسَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الْغيرَة، فَقلت:{عَسى ربه إِن طَلَّقَكُن أَن يُبدلهُ أَزْوَاجًا خيرا مِنْكُن} فَنزلت كَذَلِك.

فِي رِوَايَة نَافِع: فِي مقَام إِبْرَاهِيم، وَفِي الْحجاب، وَفِي أُسَارَى بدر.

33 -

الْخَامِس عشر: من رِوَايَة عَاصِم بن عمر عَن عمر، قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " إِذا أقبل اللَّيْل، وَأدبر النَّهَار، وَغَابَتْ الشَّمْس، فقد أفطر الصَّائِم ".

34 -

السَّادِس عشر: من رِوَايَة عَلْقَمَة بن وَقاص اللَّيْثِيّ عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: " إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّةِ " - وَفِي رِوَايَة: بِالنِّيَّاتِ -، وَإِنَّمَا لكل امْرِئ مَا نوى، فَمن كَانَت هجرته إِلَى الله وَرَسُوله فَهجرَته إِلَى الله وَرَسُوله، وَمن كَانَت هجرته إِلَى دنيا يُصِيبهَا أَو امرأةٍ يَتَزَوَّجهَا فَهجرَته إِلَى مَا هَاجر إِلَيْهِ ".

35 -

السَّابِع عشر: من رِوَايَة مَالك بن أَوْس بن الْحدثَان النصري، عَن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " الذَّهَب بالورق رَبًّا إِلَّا هَاء وهاء. وَالْبر بِالْبرِّ رَبًّا إِلَّا هَاء وهاء، وَالشعِير بِالشَّعِيرِ رَبًّا إِلَّا هَاء وهاء، وَالتَّمْر بِالتَّمْرِ رَبًّا إِلَّا هَاء وهاء ".

ص: 112

فِي حَدِيث إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه من رِوَايَة أبي بكر البرقاني أَن عمر قَالَ:

قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم " الْوَرق بالورق رَبًّا إِلَّا هَاء وهاء، وَالذَّهَب بِالذَّهَب رَبًّا إِلَّا هَاء وهاء ".

36 -

الثَّامِن عشر: من رِوَايَة مَالك بن أَوْس قَالَ: أرسل إِلَيّ عمر بن الْخطاب، فَجِئْته حِين تَعَالَى النَّهَار، قَالَ: فَوَجَدته فِي بَيته جَالِسا على سَرِير مفضياً إِلَى رماله، مُتكئا على وسَادَة من أَدَم، فَقَالَ لي: يَا مَال، إِنَّه قد دف أهل أَبْيَات من قَوْمك، وَقد أمرت فيهم برضخٍ، فَخذه فاقسمه بَينهم، قَالَ: قلت: لَو أمرت بِهَذَا غَيْرِي. قَالَ: خُذْهُ يَا مَال. قَالَ: فجَاء يرفا، فَقَالَ: هَل لَك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي عُثْمَان وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَالزُّبَيْر وَسعد؟ فَقَالَ عمر: نعم، فَأذن لَهُم، فَدَخَلُوا، ثمَّ جَاءَ فَقَالَ: هَل لَك فِي عَبَّاس وَعلي؟ قَالَ: نعم، فَأذن لَهما.

فَقَالَ الْعَبَّاس: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اقْضِ بيني وَبَين هَذَا. فَقَالَ الْقَوْم: أجل يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَاقْض بَينهم وأرحهم. قَالَ مَالك بن أَوْس: يخيل إِلَيّ أَنهم قد كَانُوا قدموهم لذَلِك. فَقَالَ عمر: اتئدا، أنْشدكُمْ بِاللَّه الَّذِي بِإِذْنِهِ تقوم السَّمَاء وَالْأَرْض، أتعلمون أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَا نورث، مَا تركنَا صَدَقَة "؟ قَالُوا: نعم، ثمَّ أقبل على الْعَبَّاس وَعلي فَقَالَ: أنشدكما بِاللَّه الَّذِي بِإِذْنِهِ تقوم السَّمَاء وَالْأَرْض، أتعلمان أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَا نورث، مَا تركنَا صدقةٌ "؟ قَالَا: نعم.

قَالَ عمر: إِن الله تَعَالَى كَانَ خص نبيه صلى الله عليه وسلم بِخَاصَّة لم يخصص بهَا أحدا غَيره،

ص: 113

فَقَالَ: {مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى فَللَّه وَلِلرَّسُولِ} [سُورَة الْحَشْر] ، وَفِي رِوَايَة، وَقَالَ:{وَمَا أَفَاء الله على رَسُوله مِنْهُم فَمَا أَوجَفْتُمْ عَلَيْهِ من خيل وَلَا ركاب} [سُورَة الْحَشْر] قَالَ: فقسم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَيْنكُم أَمْوَال فَيْء النَّضِير، فوَاللَّه مَا اسْتَأْثر عَلَيْكُم، وَلَا أَخذهَا دونكم، حَتَّى بَقِي هَذَا المَال، فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَأْخُذ مِنْهُ نَفَقَة سنةٍ ثمَّ يَجْعَل مَا بَقِي أُسْوَة المَال. وَفِي رِوَايَة: ثمَّ يَجْعَل مَا بَقِي مجعل مَال الله.

ثمَّ قَالَ: أنْشدكُمْ بِاللَّه الَّذِي بِإِذْنِهِ تقوم السَّمَاء وَالْأَرْض، أتعلمون ذَلِك؟ قَالُوا: نعم، ثمَّ نَشد عباساً وعلياً بِمثل مَا نَشد بِهِ الْقَوْم: أتعلمان ذَلِك؟ قَالَا: نعم. قَالَ: فَلَمَّا توفّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ أَبُو بكر: أَنا ولي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. زَاد فِي رِوَايَة جوَيْرِية بن أَسمَاء عَن مَالك: فجئتما تطلب ميراثك من ابْن أَخِيك، وَيطْلب هَذَا مِيرَاث امْرَأَته من أَبِيهَا. فَقَالَ أَبُو بكر: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " لانورث، مَا تركنَا صَدَقَة " إِلَى هُنَا زَاد جوَيْرِية.

ثمَّ توفّي أَبُو بكر رضي الله عنه، وَأَنا ولي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَولي أبي بكر، فَوليتهَا، ثمَّ جئتني أَنْت وَهَذَا وأنتما جميعٌ، وأمركما وَاحِد، فقلتم: ادفعها إِلَيْنَا: فَقلت: إِن شِئْتُم دفعتها إِلَيْكُم على أَن عَلَيْكُمَا عهد الله، وان تعملا فِيهَا بِالَّذِي كَانَ يعْمل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذتماها بذلك، أَكَذَلِك؟ قَالَا: نعم. قَالَ: ثمَّ جئتما لأقضي بَيْنكُمَا، لَا وَالله لَا أَقْْضِي بَيْنكُمَا بِغَيْر ذَلِك حَتَّى تقوم السَّاعَة، فَإِن عجزتما عَنْهَا فرداها إِلَيّ.

وَقد تركنَا من قَول عمر فِي معاتبتهما، وَمن قَوْلهمَا ألفاظاً لَيست فِي الْمسند.

ص: 114

زَاد البرقاني فِي رِوَايَته من طَرِيق معمر قَالَ: فغلب عليٌّ عَلَيْهَا، فَكَانَت بيد عَليّ، ثمَّ كَانَت بيد حسن بن عَليّ، ثمَّ كَانَت بيد حُسَيْن، ثمَّ كَانَت بيد عَليّ بن الْحُسَيْن، ثمَّ كَانَت بيد الْحسن بن الْحسن، ثمَّ وَليهَا بَنو الْعَبَّاس.

فِي حَدِيث سُفْيَان عَن عَمْرو: أَن عمر قَالَ: كَانَت أَمْوَال بني النَّضِير مِمَّا أَفَاء الله على رَسُوله مِمَّا لم يوجف عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ بخيل وَلَا ركاب، فَكَانَت للنَّبِي صلى الله عليه وسلم خَاصَّة، فَكَانَ ينْفق على أَهله نَفَقَة سنة. وَفِي رِوَايَة: وَيحبس لأَهله قوت سنتهمْ، وَمَا بَقِي جعله فِي الكراع أَو السِّلَاح عدَّة فِي سَبِيل الله.

وَيخرج مِنْهُ أَيْضا فِي مُسْند أبي بكر من رِوَايَة عمر عَنهُ قَوْله: فَقَالَ أَبُو بكر: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

: " لَا نورث، مَا تركنَا صدقةٌ " وَهُوَ من زِيَادَة جوَيْرِية عَن مَالك بِالْإِسْنَادِ.

37 -

التَّاسِع عشر: من رِوَايَة أبي عُثْمَان عبد الرَّحْمَن بن مل النَّهْدِيّ، قَالَ: كتب إِلَيْنَا عمر بن الْخطاب وَنحن بِأَذربِيجَان مَعَ عتبَة بن فرقد: يَا عتبَة، إِنَّه لَيْسَ من كدك وَلَا كد أَبِيك وَلَا كد أمك، فأشبع الْمُسلمين فِي رحالهم مِمَّا تشبع مِنْهُ فِي رحلك، وَإِيَّاكُم والتنعم، وزي أهل الشّرك، ولبوس الْحَرِير، فَإِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نهى عَن لبوس الْحَرِير، قَالَ:" إِلَّا هَكَذَا " وَرفع لنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إصبعيه الْوُسْطَى والسبابة، وضمهما.

وَفِي حَدِيث سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن أبي عُثْمَان: كُنَّا مَعَ عتبَة، فجاءنا كتاب عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ

: " لَا يلبس الْحَرِير إِلَّا من لَيْسَ لَهُ شَيْء فِي الْآخِرَة، إِلَّا هَكَذَا "، قَالَ أَبُو عُثْمَان بإصبعيه اللَّتَيْنِ تليان الْإِبْهَام.

ص: 115

وَفِي أَفْرَاد مُسلم من رِوَايَة سُوَيْد بن غَفلَة عَن عمر: أَن عمر خطب بالجابية فَقَالَ:

نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن لبس الْحَرِير إِلَّا مَوضِع إِصْبَعَيْنِ أَو ثَلَاث أَو أَربع.

38 -

الْعشْرُونَ: من رِوَايَة أسلم مولى عمر، عَن عمر قَالَ: حملت على فرس فِي سَبِيل الله، فأضاعه الَّذِي كَانَ عِنْده، فَأَرَدْت أَن أشتريه وظننت أَنه يَبِيعهُ برخصٍ، فَسَأَلت النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" لَا تشتره، وَلَا تعد فِي صدقتك وَإِن أعطاكه بدرهمٍ، فَإِن الْعَائِد فِي صدقته كالعائد فِي قيئه ".

وَفِي حَدِيث مَالك: " فَإِن الَّذِي يعود فِي صدقته كَالْكَلْبِ يعود فِي قيئه ".

وَهُوَ فِي أَفْرَاد مُسلم عَن ابْن عمر، عَن عمر من رِوَايَة نَافِع عَنهُ بِنَحْوِهِ.

39 -

الْحَادِي وَالْعشْرُونَ: من رِوَايَة أسلم أَيْضا عَن عمر قَالَ: قدم على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بسبي، فَإِذا امْرَأَة من السَّبي تسْعَى، إِذا وجدت صَبيا فِي السَّبي أَخَذته فألزقته بِبَطْنِهَا فأرضعته، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" أَتَرَوْنَ هَذِه الْمَرْأَة طارحةٌ وَلَدهَا فِي النَّار "؟ قُلْنَا: لَا وَالله، قَالَ:" لله أرْحم بعباده من هَذِه الْمَرْأَة بِوَلَدِهَا ".

40 -

الثَّانِي وَالْعشْرُونَ: من رِوَايَة طَارق بن شهَاب قَالَ: جَاءَ رجلٌ من الْيَهُود إِلَى عمر بن الْخطاب فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، آيةٌ فِي كتابكُمْ تقرءونها، لَو علينا نزلت - معشر الْيَهُود - لاتخذنا ذَلِك الْيَوْم عيداً. قَالَ: فَأَي آيَة؟ قَالَ: {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي ورضيت لكم الْإِسْلَام دينا} [سُورَة الْمَائِدَة]

ص: 116

فَقَالَ عمر: إِنِّي لأعْلم الْيَوْم الَّذِي نزلت فِيهِ، وَالْمَكَان الَّذِي نزلت فِيهِ: نزلت على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي يَوْم جُمُعَة.

41 -

الثَّالِث وَالْعشْرُونَ: من رِوَايَة أبي عبيد سعد بن عبيد، مولى ابْن أَزْهَر عَن عمر وَعلي مُسْندًا، وَعَن عُثْمَان مَوْقُوفا: أَنه شهد الْعِيد مَعَ عمر بن الْخطاب، فصلى قبل الْخطْبَة، ثمَّ خطب النَّاس فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نهاكم عَن صِيَام هذَيْن الْعِيدَيْنِ، وَقَالَ بَعضهم: الْيَوْمَيْنِ: الْفطر والأضحى، أما أَحدهمَا فَيوم فطركم من صِيَامكُمْ، وَأما الآخر فَيوم تَأْكُلُونَ فِيهِ من نسككم.

قَالَ أَبُو عبيد: ثمَّ شهدته مَعَ عُثْمَان بن عَفَّان فصلى قبل أَن يخْطب، وَكَانَ ذَلِك يَوْم جُمُعَة، فَقَالَ لأهل العوالي: من أحب أَن ينْتَظر الْجُمُعَة فَلْيفْعَل، وَمن أحب أَن يرجع إِلَى أَهله فقد أذنا لَهُ.

ثمَّ شهدته مَعَ عَليّ فصلى قبل الْخطْبَة، ثمَّ خطب فَقَالَ:

إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد نهاكم أَن تَأْكُلُوا من لُحُوم نسككم فَوق ثَلَاث. لَيْسَ فِي رِوَايَة مَالك أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نهى عَن أكل لُحُوم النّسك فَوق ثَلَاث.

42 -

الرَّابِع وَالْعشْرُونَ: من رِوَايَة عَابس بن ربيعَة قَالَ: رَأَيْت عمر يقبل الْحجر وَيَقُول: إِنِّي أعلم أَنَّك حجرٌ مَا تَنْفَع وَلَا تضر، لَوْلَا أَنِّي رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك مَا قبلتك.

وَقد أخرجه البُخَارِيّ من رِوَايَة أسلم مولى عمر عَن عمر، وَأخرجه مسلمٌ فِي أَفْرَاده من رِوَايَة سَالم عَن أَبِيه عَن عمر، وَمن رِوَايَة نَافِع عَن ابْن عمر، وَمن رِوَايَة عبد الله بن سرجس عَن عَمْرو من رِوَايَة سُوَيْد بن غَفلَة عَن عمر، وَلم يذكر بعض الروَاة فِيهِ النَّفْع والضر.

ص: 117

زَاد سُوَيْد: وَلَكِن رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بك حفياً، وَلم يقل: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك.

43 -

الْخَامِس وَالْعشْرُونَ: عَن عدي بن حاتمٍ - للْبُخَارِيّ من رِوَايَة عَمْرو بن حُرَيْث عَن عدي، وَهُوَ عِنْد مُسلم مُخْتَصر من رِوَايَة الشّعبِيّ عَن عدي - قَالَ: أتيت عمر بن الْخطاب فِي أناسٍ من قومِي، فَجعل يفْرض للرجل من طَيئ فِي أَلفَيْنِ، ويعرض عني، قَالَ: فاستقبلته فَأَعْرض عني، ثمَّ أَتَيْته من حِيَال وَجهه، فَأَعْرض عني. قَالَ: فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أتعرفني؟ قَالَ: فَضَحِك ثمَّ قَالَ: نعم وَالله، إِنِّي لأعرفك، آمَنت إِذْ كفرُوا، وَأَقْبَلت إِذْ أدبروا، ووفيت إِذْ غدروا، وَإِن أول صَدَقَة بيضت وَجه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه أَصْحَابه صَدَقَة طَيئ، جِئْت بهَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. ثمَّ أَخذ يعْتَذر، ثمَّ قَالَ: إِنَّمَا فرضت لقومٍ أجحفت بهم الْفَاقَة وهم سادة عَشَائِرهمْ لما ينوبهم من الْحُقُوق. فَقَالَ عدي: فَلَا أُبَالِي إِذا.

44 -

السَّادِس وَالْعشْرُونَ: للْبُخَارِيّ عَن جوَيْرِية بن قدامَة عَن عمر مُخْتَصر، وَلمُسلم عَن معدان بن أبي طَلْحَة عَن عمر بِطُولِهِ: أَن عمر بن الْخطاب خطب يَوْم جُمُعَة، فَذكر نَبِي الله صلى الله عليه وسلم، وَذكر أَبَا بكر، ثمَّ قَالَ: إِنِّي رَأَيْت كَأَن ديكاً نقرني ثَلَاث نقرات، وَإِنِّي لَا أرَاهُ إِلَّا لحضور أَجلي. وَإِن أَقْوَامًا يأمرونني أَن أستخلف، وَإِن الله لم يكن لِيُضيع دينه وَلَا خِلَافَته، وَلَا الَّذِي بعث بِهِ رَسُوله صلى الله عليه وسلم، فَإِن عجل بِي أمرٌ فالخلافة شُورَى بَين هَؤُلَاءِ السِّتَّة الَّذين توفّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْهُم راضٍ. وَإِنِّي قد علمت أَن أَقْوَامًا يطعنون فِي هَذَا الْأَمر، أَنا ضربتهم بيَدي هَذِه على الْإِسْلَام، فَإِن فعلوا ذَلِك فَأُولَئِك أَعدَاء الله، الْكَفَرَة الضلال.

ثمَّ إِنِّي لَا أدع بعدِي شَيْئا أهم عِنْدِي من الْكَلَالَة، مَا راجعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

ص: 118

فِي شَيْء مَا راجعته فِي الْكَلَالَة، وَمَا أغْلظ لي فِي شَيْء مَا أغْلظ فِيهِ، حَتَّى طعن بإصبعه فِي صَدْرِي وَقَالَ:" يَا عمر، أَلا تكفيك آيَة الصَّيف الَّتِي فِي آخر سُورَة النِّسَاء " وَإِنِّي إِن أعش أقض فِيهَا بقضية يقْضِي بهَا من يقْرَأ الْقُرْآن وَمن لَا يقْرَأ الْقُرْآن.

ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أشهدك على أُمَرَاء الْأَمْصَار، وَإِنِّي إِنَّمَا بعثتهم عَلَيْهِم ليعدلوا، وليعلموا النَّاس دينهم وَسنة نَبِيّهم صلى الله عليه وسلم، ويقسموا فيهم فيئهم، ويرفعوا إِلَيّ مَا أشكل عَلَيْهِم من أَمرهم.

ثمَّ إِنَّكُم أَيهَا النَّاس تَأْكُلُونَ شجرتين، لَا أراهما إِلَّا خبيثتين: هَذَا البصل والثوم.

وَلَقَد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا وجد ريحهما من الرجل فِي الْمَسْجِد أَمر بِهِ فَأخْرج إِلَى البقيع، فَمن أكلهما فليمتهما طبخاً.

فِي حَدِيث جوَيْرِية: فَمَا كَانَت إِلَّا الْجُمُعَة الْأُخْرَى حَتَّى طعن عمر، قَالَ: فَأذن للمهاجرين من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَأذن للْأَنْصَار، ثمَّ أذن لأهل الْمَدِينَة، ثمَّ أذن لأهل الشَّام، ثمَّ أذن لأهل الْعرَاق، فَكُنَّا آخر من دخل عَلَيْهِ. قَالَ: فَإِذا هُوَ قد عصب جرحه بِبرد أسود، وَالدَّم يسيل عَلَيْهِ، قَالَ: فَقُلْنَا: أوصنا، وَلم يسْأَله الْوَصِيَّة أحدٌ غَيرنَا. فَقَالَ: أوصيكم بِكِتَاب الله؛ فَإِنَّكُم لن تضلوا مَا اتبعتموه.

قَالَ: وأوصيكم بالمهاجرين؛ فَإِن النَّاس يكثرون ويقلون. وأوصيكم بالأنصار؛ فَإِنَّهُم شعب الْإِسْلَام الَّذِي لَجأ إِلَيْهِ. وأوصيكم بالأعراب؛ فَإِنَّهُم أصلكم ومادتكم. وَفِي رِوَايَة: فَإِنَّهُم إخْوَانكُمْ وعدو عَدوكُمْ. وأوصيكم بِأَهْل الذِّمَّة؛ فَإِنَّهُم ذمَّة نَبِيكُم، ورزق عيالكم. قومُوا عني.

وَنَصّ هَذَا الْمَعْنى فِي الْوَصِيَّة، فِي حَدِيث مقتل عمر والشورى من رِوَايَة عَمْرو ابْن مَيْمُون.

ص: 119