الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَفْرَاد البُخَارِيّ
45 -
الأول: عَن ابْن عمر من رِوَايَة سَالم عَنهُ، وَمن رِوَايَة عمر بن مُحَمَّد بن زيد عَن عَم أَبِيه سَالم عَنهُ قَالَ: مَا سَمِعت عمر يَقُول لشيءٍ قطّ: أَنِّي لأظنه كَذَا إِلَّا كَانَ كَمَا يظنّ.
بَيْنَمَا عمر جالسٌ، إِذْ مر بِهِ رجلٌ جميل، فَقَالَ: لقد أَخطَأ ظَنِّي أَو إِن هَذَا على دينه فِي الْجَاهِلِيَّة، أَو لقد كَانَ كاهنهم. عَليّ الرجل. فدعي لَهُ، فَقَالَ لَهُ عمر: لقد أَخطَأ ظَنِّي أَو إِنَّك على دينك فِي الْجَاهِلِيَّة، أَو لقد كنت كاهنهم. فَقَالَ مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ أستقبل بِهِ رجلٌ مسلمٌ. فَقَالَ: فَمَا إِنِّي أعزم عَلَيْك إِلَّا مَا أَخْبَرتنِي. قَالَ: كنت كاهنهم فِي الْجَاهِلِيَّة. قَالَ: أعجب مَا جاءتك بِهِ جنيتك؟ قَالَ: بَيْنَمَا أَنا يَوْمًا فِي السُّوق، جَاءَتْنِي أعرف مِنْهَا الْفَزع. قَالَت: ألم تَرَ الْجِنّ وإبلاسها، ويأسها بعد إيناسها، ولحوقها بالقلاص وأحلاسها.
قَالَ عمر: صدق، بَيْنَمَا أَنا قائمٌ عِنْد آلِهَتهم، إِذْ جَاءَ رجلٌ بعجلٍ فذبحه، فَصَرَخَ بِهِ صارخٌ لم أسمع صَارِخًا قطّ أَشد صَوتا مِنْهُ، يَقُول: يَا جليح، أَمر نجيح، رجلٌ فصيح، يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله، فَوَثَبَ الْقَوْم، فَقلت: لَا أَبْرَح حَتَّى أعلم مَا وَرَاء هَذَا. ثمَّ نَادَى: يَا جليح، أمرٌ نجيح، رجلٌ فصيح، يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله. فَقُمْت، فَمَا نشبت أَن قيل: هَذَا نَبِي.
46 -
الثَّانِي: عَن ابْن عمر من رِوَايَة نَافِع عَنهُ: أَنه لما فدع أهل خَيْبَر عبد الله ابْن عمر، قَامَ عمر خَطِيبًا فَقَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ عَامل يهود خَيْبَر على أَمْوَالهم، وَقَالَ: نقركم مَا أقركم الله، وَإِن عبد الله بن عمر خرج إِلَى مَاله فعدي عَلَيْهِ من اللَّيْل، ففدعت يَدَاهُ وَرجلَاهُ، وَلَيْسَ لنا هُنَاكَ عدوٌّ غَيرهم، هم
عدونا وتهمتنا، وَقد رَأَيْت إجلاءهم. فَلَمَّا أجمع عمر على ذَلِك أَتَاهُ أحد بني الْحقيق فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أتخرجنا وَقد أقرنا محمدٌ، وعاملنا على الْأَمْوَال، وَشرط ذَلِك لنا؟ فَقَالَ عمر: أظننت إِنِّي نسيت قَول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَك: " كَيفَ بك إِذا أخرجت من خَيْبَر تعدو بك قلوصك لَيْلَة بعد لَيْلَة؟ " فَقَالَ: كَانَت هَذِه هزيلة من أبي الْقَاسِم. قَالَ: كذبت يَا عَدو الله. قَالَ: فأجلاهم عمر، وَأَعْطَاهُمْ قيمَة مَا كَانَ لَهُم من الثَّمر مَالا وإبلاً وعروضاً من أقتاب وحبالٍ وَغير ذَلِك.
قَالَ البُخَارِيّ: رَوَاهُ حَمَّاد بن سَلمَة عَن عبيد الله - هُوَ ابْن عمر - أَحْسبهُ عَن نَافِع، شكّ أَبُو سَلمَة فِي نَافِع عَن ابْن عمر. قَالَ:
أَتَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أهل خَيْبَر، فَقَاتلهُمْ حَتَّى ألجأهم إِلَى قصرهم، وغلبهم على الأَرْض وَالزَّرْع وَالنَّخْل، فَصَالَحُوهُ على أَن يجلوا مِنْهَا، وَلَهُم مَا حملت رِكَابهمْ، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم الصَّفْرَاء والبيضاء وَالْحَلقَة: وَهِي السِّلَاح، وَيخرجُونَ مِنْهَا، وَاشْترط عَلَيْهِم أَلا يكتموا وَلَا يغيبوا شَيْئا، فَإِن فعلوا فَلَا ذمَّة لَهُم وَلَا عهد، فغيبوا مسكاً فِيهِ مَال وحلي لحيي بن أَخطب كَانَ احتمله مَعَه إِلَى خَيْبَر حِين أجليت النَّضِير، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لعم حييّ، واسْمه سَعْيه:" مَا فعل مسك حييّ الَّذِي جَاءَ بِهِ من النَّضِير؟ " قَالَ: أذهبته النَّفَقَات والحروب. فَقَالَ: " الْعَهْد قريبٌ، وَالْمَال أَكثر من ذَلِك " وَقد كَانَ حييّ قتل قبل ذَلِك، فَدفع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سَعْيه إِلَيّ الزبير، فمسه بعذابٍ، فَقَالَ: قد رَأَيْت حيياً يطوف فِي خربة هَا هُنَا، فَذَهَبُوا فطافوا فوجدوا
الْمسك فِي الخربة، فَقتل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ابْني أبي الْحقيق، وَأَحَدهمَا زوج صَفِيَّة ابْنة حييّ بن أَخطب، وسبى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُمْ وذراريهم، وَقسم أَمْوَالهم بالنكث الَّذِي نكثوا، وَأَرَادَ أَن يجليهم مِنْهَا، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد، دَعْنَا نَكُون فِي هَذِه الأَرْض نُصْلِحهَا ونقوم عَلَيْهَا، وَلم يكن لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلَا لأَصْحَابه غلْمَان يقومُونَ عَلَيْهَا، وَكَانُوا لَا يفرغون أَن يقومُوا عَلَيْهَا، فَأَعْطَاهُمْ خَيْبَر على أَن لَهُم الشّطْر من كل زرع وَشَيْء مَا بدا لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
وَكَانَ عبد الله بن رَوَاحَة يَأْتِيهم فِي كل عَام فيخرصها عَلَيْهِم، ثمَّ يضمنهم الشّطْر، فشكوا إِلَى رَسُول الله شدَّة خرصه، وَأَرَادُوا أَن يرشوه، فَقَالَ عبد الله: تطعموني السُّحت! وَالله لقد جِئتُكُمْ من عِنْد أحب النَّاس إِلَيّ، وَلَأَنْتُمْ أبْغض إِلَيّ من عدتكم من القردة والخنازير، لَا يحملني بغضي إيَّاكُمْ وحبي إِيَّاه على أَلا أعدل عَلَيْكُم. فَقَالُوا: بِهَذَا قَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض. وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُعْطي كل امْرَأَة من نِسَائِهِ ثَمَانِينَ وسْقا من تمر فِي كل عَام، وَعشْرين وسْقا من شعير.
فَلَمَّا كَانَ زمَان عمر غشوا الْمُسلمين وألقوا ابْن عمر من فَوق بيتٍ ففدعوا يَدَيْهِ، فَقَالَ عمر بن الْخطاب: من كَانَ لَهُم سهمٌ بِخَيْبَر فليحضر حَتَّى نقسمها بَينهم، فَقَسمهَا عمر بَينهم، فَقَالَ رئيسهم: لَا تخرجنا، دَعْنَا نَكُون فِيهَا كَمَا أقرنا رَسُول الله وَأَبُو بكر، فَقَالَ عمر لرئيسهم: أتراه سقط عَليّ قَول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " كَيفَ بك إِذا رقصت بك راحلتك نَحْو الشَّام يَوْمًا ثمَّ يَوْمًا " وَقسمهَا عمر بَين من كَانَ شهد خَيْبَر من أهل الْحُدَيْبِيَة.
47 -
الثَّالِث: عَن ابْن عمر من رِوَايَة نَافِع عَنهُ: أَن غُلَاما قتل غيلَة، فَقَالَ عمر: لَو اشْترك فِيهَا أهل صنعاء لقتلتهم. مَوْقُوف.
وَقَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ مُغيرَة بن حَكِيم عَن أَبِيه: إِن أَرْبَعَة قتلوا صَبيا، فَقَالَ عمر
…
مثله.
48 -
الرَّابِع: من رِوَايَة نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: لما فتح هَذَانِ المصران أَتَوا عمر بن الْخطاب فَقَالُوا: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حد لأهل نجدٍ قرنا، وَإنَّهُ جور عَن طريقنا، وَإِنَّا إِن أردنَا أَن نأتي قرنا شقّ علينا، قَالَ: فانظروا حذوها من طريقكم. قَالَ: فحد لَهُم ذَات عرق.
49 -
الْخَامِس: من حَدِيث ربيعَة بن عبد الله بن الهدير: أَنه حضر عمر قَرَأَ يَوْم الْجُمُعَة على الْمِنْبَر بِسُورَة " النَّحْل " حَتَّى جَاءَ السَّجْدَة، فَنزل فَسجدَ وَسجد النَّاس، حَتَّى إِذا كَانَت الْجُمُعَة الْقَابِلَة قَرَأَ بهَا، حَتَّى إِذا جَاءَ السَّجْدَة قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، إِنَّمَا نمر بِالسُّجُود، فَمن سجد فقد أصَاب، وَمن لم يسْجد فَلَا إِثْم عَلَيْهِ.
وَلم يسْجد عمر.
قَالَ البُخَارِيّ: زَاد نافعٌ عَن ابْن عمر: قَالَ - يَعْنِي عمر: إِن الله لم يفْرض علينا السُّجُود إِلَّا أَن نشَاء.
50 -
السَّادِس: عَن ابْن عمر من رِوَايَة زيد ابْنه عَنهُ، فِي إِسْلَام عمر قَالَ: بَيْنَمَا هُوَ - يَعْنِي أَبَاهُ عمر - فِي الدَّار خَائفًا، إِذْ جَاءَهُ الْعَاصِ بن وَائِل السَّهْمِي أَبُو عَمْرو، وَعَلِيهِ حلَّة حبرَة، وقميصٌ مكفوفٌ بحرير، وَهُوَ من بني سهم، وهم حلفاؤنا فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَالَ: مَا بالك؟ قَالَ: زعم قَوْمك أَنهم سيقتلوني أَن أسلمت.
قَالَ: لَا سَبِيل إِلَيْك، أمنت. فَخرج الْعَاصِ، فلقي النَّاس قد سَالَ بهم الْوَادي،
فَقَالَ: أَيْن تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: نُرِيد هَذَا ابْن الْخطاب الَّذِي صَبأ. قَالَ: لَا سَبِيل إِلَيْهِ، فكر النَّاس.
51 -
السَّابِع: من رِوَايَة أبي بردة عَامر بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ لي عبد الله بن عمر: هَل تَدْرِي مَا قَالَ أبي لأَبِيك؟ قَالَ: قلت: لَا. قَالَ: فَإِن أبي قَالَ لأَبِيك: يَا أَبَا مُوسَى هَل يَسُرك إِن إسْلَامنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وهجرتنا مَعَه، وجهادنا مَعَه، وعملنا كُله مَعَه برد لنا، وَأَن كل عملٍ عَملنَا بعده نجونا مِنْهُ كفافاً رَأْسا بِرَأْس؟ فَقَالَ أَبوك لأبي: لَا وَالله، قد جاهدنا بعد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وصلينا، وصمنا، وعملنا خيرا كثيرا، وَأسلم على أَيْدِينَا بشرٌ كثيرٌ، وَإِنَّا لنَرْجُو ذَاك. قَالَ أبي: لكني أَنا - وَالَّذِي نفس عمر بِيَدِهِ - لَوَدِدْت أَن ذَلِك برد لنا، وَأَن كل شَيْء عَمِلْنَاهُ بعده نجونا مِنْهُ كفافاً رَأْسا بِرَأْس. فَقلت: إِن أَبَاك - وَالله - كَانَ خيرا من أبي.
52 -
الثَّامِن: عَن عبد الله بن عَبَّاس، من رِوَايَة عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة عَنهُ، عَن عمر أَنه قَالَ: لما مَاتَ عبد الله بن أبي بن سلول دعِي لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ليُصَلِّي عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَثَبت إِلَيْهِ فَقلت: يَا رَسُول الله، أَتُصَلِّي على ابْن أبي وَقد قَالَ يَوْم كَذَا وَكَذَا: كَذَا وَكَذَا، أعدد عَلَيْهِ قَوْله. فَتَبَسَّمَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقَالَ:" أخر عني يَا عمر "، فَلَمَّا أكثرت عَلَيْهِ، قَالَ:" إِنِّي خيرت فاخترت، لَو أَنِّي أعلم أَنِّي إِن زِدْت على السّبْعين يغْفر لَهُ لزدت عَلَيْهَا ". قَالَ: فصلى عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، ثمَّ انْصَرف فَلم يمْكث إِلَّا يَسِيرا حَتَّى نزلت الْآيَتَانِ من " بَرَاءَة ":{وَلَا تصل على أحد مِنْهُم مَاتَ أبدا وَلَا تقم على قَبره} إِلَى قَوْله: (وهم
فَاسِقُونَ} [سُورَة التَّوْبَة] قَالَ: فعجبت بعد من جرأتي على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ وَالله وَرَسُوله أعلم.
53 -
التَّاسِع: من رِوَايَة ابْن عتبَة أَيْضا عَنهُ، قَالَ: لما قدم عُيَيْنَة بن حصن ابْن حُذَيْفَة بن بدر نزل على ابْن أَخِيه الحربن قيس بن حصن، وَكَانَ من النَّفر الَّذين يدنيهم عمر، وَكَانَ الْقُرَّاء أَصْحَاب مجْلِس عمر ومشاورته كهولاً كَانُوا أَو شباناً. فَقَالَ عُيَيْنَة: يَا ابْن أخي، هَل لَك وجهٌ عِنْد الْأَمِير، فَاسْتَأْذن لي عَلَيْهِ، قَالَ: سأستأذن لَك عَلَيْهِ. قَالَ ابْن عَبَّاس: فَاسْتَأْذن الْحر لعيينة، فَأذن لَهُ عمر، فَلَمَّا دخل قَالَ: هِيَ يَا ابْن الْخطاب، فوَاللَّه مَا تُعْطِينَا الجزل، وَلَا تحكم بَيْننَا بِالْعَدْلِ، فَغَضب عمر حَتَّى هم أَن يُوقع بِهِ، فَقَالَ الْحر: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، إِن الله عز وجل قَالَ لنَبيه صلى الله عليه وسلم. {خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ وَأعْرض عَن الْجَاهِلين} [سُورَة الْأَعْرَاف] ، وَإِن هَذَا من الْجَاهِلين، فوَاللَّه مَا جاوزها عمر حِين تَلَاهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ وقافاً عِنْد كتاب الله.
54 -
الْعَاشِر: عَن ابْن عَبَّاس من رِوَايَة عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة عَنهُ، من حَدِيث أَخِيه أبي بكر بن أبي مليكَة عَن عبيد بن عُمَيْر، عَن عمر: قَالَ عمر يَوْمًا لأَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم: فيمَ ترَوْنَ هَذِه الْآيَة نزلت: {أيود أحدكُم أَن تكون لَهُ جنةٌ من نخيلٌ} [سُورَة الْبَقَرَة]، قَالُوا: الله أعلم، فَغَضب عمر وَقَالَ: قُولُوا نعلم أَو لَا نعلم. قَالَ ابْن عَبَّاس: فِي نَفسِي مِنْهَا شَيْء يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ. فَقَالَ عمر: يَا ابْن أخي، قل وَلَا تحقر نَفسك. قَالَ ابْن عَبَّاس: ضربت
مثلا لعملٍ. قَالَ عمر: أَي عمل؟ قَالَ ابْن عَبَّاس: لعمل رجلٍ غنيٍّ يعْمل بِطَاعَة الله، ثمَّ بعث الله عز جلّ لَهُ الشَّيْطَان فَعمل بِالْمَعَاصِي حَتَّى أغرق أَعماله. وَقد ذكر فِي مُسْند ابْن عَبَّاس.
55 -
الْحَادِي عشر: عَن ابْن عَبَّاس من رِوَايَة عِكْرِمَة مَوْلَاهُ عَنهُ: أَن عمر قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بوادي العقيق يَقُول: " أَتَانِي اللَّيْلَة آتٍ من رَبِّي فَقَالَ: صل فِي هَذَا الْوَادي الْمُبَارك، وَقل: عمرةٌ فِي حجَّة ".
وَفِي رِوَايَة سعيد بن ربيع: " وَقل: عمرةٌ وَحجَّة ".
وَفِي رِوَايَة شُعَيْب بن إِسْحَاق: " وَقَالَ عمْرَة فِي حجَّة ".
56 -
الثَّانِي عشر: فِي مقتل عمر والشورى، من رِوَايَة الْمسور بن مخرمَة، مُخْتَصر فِي " الشورى " وَمن رِوَايَة عَمْرو بن مَيْمُون بِطُولِهِ، وَهَذَا حَدِيث عَمْرو، لِأَن حَدِيث الْمسور طرف مِنْهُ: قَالَ عَمْرو: رَأَيْت عمر بن الْخطاب قبل أَن يصاب بأيام بِالْمَدِينَةِ، وقف على حُذَيْفَة بن الْيَمَان، وَعُثْمَان بن حنيف، فَقَالَ: كَيفَ فعلتما؟ أتخافان أَن تَكُونَا حملتما الأَرْض مَا لَا تطِيق؟ قَالَا: حملناها أمرا هِيَ لَهُ مطيقة، وَمَا فِيهَا كَبِير فضل، فَقَالَ: انظرا أَن تَكُونَا حملتما الأَرْض مَا لَا تطِيق، فَقَالَا: لَا. فَقَالَ عمر: لَئِن سلمني الله عز وجل لأدعن أرامل أهل الْعرَاق لَا يحتجن إِلَى أحدٍ بعدِي أبدا، فَمَا أَتَت عَلَيْهِ إِلَّا رابعةٌ حَتَّى أُصِيب رَحمَه الله
قَالَ عَمْرو بن مَيْمُون: وَإِنِّي لقائم، مَا بيني وبنيه إِلَّا عبد الله بن عَبَّاس غَدَاة أُصِيب، وَكَانَ إِذا مر بَين الصفين قَامَ بَينهمَا، فَإِذا رأى خللاً قَالَ: اسْتَووا، حَتَّى إِذا لم ير فيهم خللاً تقدم فَكبر، قَالَ: وَرُبمَا قَرَأَ سُورَة " يُوسُف " أَو " النَّحْل " أَو نَحْو ذَلِك فِي الرَّكْعَة الأولى حَتَّى يجْتَمع النَّاس، فَمَا هُوَ إِلَّا أَن كبر فَسَمعته يَقُول: قتلني - أَو أكلني - الْكَلْب، حِين طعنه، فطار العلج بسكين ذَات طرفين، لَا يمر على أحدٍ يَمِينا وَلَا شمالاً إِلَّا طعنه، حَتَّى طعن ثَلَاثَة عشر رجلا، فَمَاتَ مِنْهُم تِسْعَة، وَفِي رِوَايَة سَبْعَة، فَلَمَّا رأى ذَلِك رجلٌ من الْمُسلمين طرح عَلَيْهِ برنساً، فَلَمَّا ظن العلج أَنه مأخوذٌ نحر نَفسه.
وَتَنَاول عمر عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فقدمه، فَأَما من كَانَ يَلِي عمر فقد رأى الَّذِي رَأَيْت، وَأما نواحي الْمَسْجِد فَإِنَّهُم لَا يَدْرُونَ مَا الْأَمر، غير أَنهم فقدوا صَوت عمر، وهم يَقُولُونَ: سُبْحَانَ الله، سُبْحَانَ الله، فصلى بهم عبد الرَّحْمَن ابْن عَوْف صَلَاة خَفِيفَة، فَلَمَّا انصرفوا قَالَ: يَا ابْن عَبَّاس: انْظُر من قتلني، قَالَ:
فجال سَاعَة ثمَّ جَاءَ فَقَالَ: غُلَام الْمُغيرَة بن شُعْبَة. فَقَالَ: الصنع؟ قَالَ: نعم. قَالَ: قَاتله الله، لقد كنت أمرت بِهِ مَعْرُوفا، ثمَّ قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي لم يَجْعَل ميتتي بيد رجل مُسلم، قد كنت أَنْت وَأَبُوك تحبان أَن تكْثر العلوج بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ الْعَبَّاس أَكْثَرهم رَقِيقا. فَقَالَ ابْن عَبَّاس: إِن شِئْت فعلت. أَي: إِن شِئْت قتلنَا.
قَالَ: بعد مَا تكلمُوا بلسانكم، وصلوا قبلتكم، وحجوا حَجكُمْ.
فَاحْتمل إِلَى بَيته، فَانْطَلَقْنَا مَعَه، قَالَ: وَكَأن النَّاس لم تصبهم مُصِيبَة قبل يومئذٍ، قَالَ: فَقَائِل يَقُول: أَخَاف عَلَيْهِ، وَقَائِل يَقُول: لَا بَأْس، فَأتي بنبيذٍ،
فَشرب مِنْهُ، فَخرج من جَوْفه، ثمَّ أُتِي بِلَبن شربه فَخرج من جرحه فعرفوا أَنه ميت، قَالَ: فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، وَجَاء النَّاس يثنون عَلَيْهِ، وَجَاء رجل شابٌّ فَقَالَ: أبشر يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ببشرى الله عز وجل، قد كَانَ لَك من صُحْبَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقدم فِي الْإِسْلَام مَا قد علمت، ثمَّ وليت فعدلت، ثمَّ شَهَادَة. فَقَالَ: وددت أَن ذَلِك كَانَ كفافاً لَا عَليّ وَلَا لي، فَلَمَّا أدبر الرجل إِذا إزَاره يمس الأَرْض، فَقَالَ: ردوا عَليّ الْغُلَام، فَقَالَ: يَا ابْن أخي، ارْفَعْ ثَوْبك، فَإِنَّهُ أنقى لثوبك، وَاتَّقَى لِرَبِّك.
يَا عبد الله، انْظُر مَا عَليّ من الدّين، فحسبوه، فوجدوه سِتَّة وَثَمَانِينَ ألفا أَو نَحوه، فَقَالَ: إِن وفى بِهِ مَال آل عمر فأده من أَمْوَالهم، وَإِلَّا فسل فِي بني عدي ابْن كَعْب، فَإِذا لم تف أَمْوَالهم فسل فِي قريشٍ، وَلَا تعدهم إِلَى غَيرهم، وأد عني هَذَا المَال. انْطلق إِلَى أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة فَقل: يقْرَأ عَلَيْك عمر السَّلَام، وَلَا تقل: أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَإِنِّي لست الْيَوْم للْمُؤْمِنين أَمِيرا، وَقل: يسْتَأْذن عمر بن الْخطاب أَن يدْفن مَعَ صَاحِبيهِ، قَالَ: فَسلم، وَاسْتَأْذَنَ، ثمَّ دخل عَلَيْهَا فَوَجَدَهَا قَاعِدَة تبْكي، فَقَالَ: يقْرَأ عَلَيْك عمر بن الْخطاب السَّلَام ويستأذن أَن يدْفن مَعَ صَاحِبيهِ، فَقَالَت: كنت أريده لنَفْسي، ولأوثرنه الْيَوْم على نَفسِي، فَلَمَّا أقبل قيل: هَذَا عبد الله بن عمر قد جَاءَ، فَقَالَ: ارفعوني، فأسنده رجل إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا لديك؟ قَالَ: الَّذِي تحب يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أَذِنت، قَالَ: الْحَمد لله، مَا كَانَ شَيْء أهم إِلَيّ من ذَلِك، فَإِذا أَنا قبضت فاحملوني، ثمَّ سلم وَقل: يسْتَأْذن عمر، فَإِن أَذِنت لي فأدخلوني، وَإِن ردتني ردوني إِلَى مَقَابِر الْمُسلمين.
فَجَاءَت أم الْمُؤمنِينَ حَفْصَة وَالنِّسَاء يسترنها، فَلَمَّا رأيناها قمنا، فولجت عَلَيْهِ، فَبَكَتْ عِنْده سَاعَة، وَاسْتَأْذَنَ الرِّجَال فولجت دَاخِلا، فسمعنا بكاءها من الدَّاخِل، فَقَالُوا: أوص يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، اسْتخْلف، قَالَ: مَا أرى أحدا أَحَق بِهَذَا الْأَمر من هَؤُلَاءِ النَّفر - أَو الرَّهْط - الَّذين توفّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْهُم راضٍ، فَسمى
عليا وَعُثْمَان وَالزُّبَيْر وَطَلْحَة وسعداً وَعبد الرَّحْمَن، وَقَالَ: يشهدكم عبد الله بن عمر، وَلَيْسَ لَهُ من الْأَمر شَيْء - كَهَيئَةِ التَّعْزِيَة لَهُ، فَإِن أَصَابَت الْإِمَارَة سَعْدا فَذَاك، وَإِلَّا فليستعن بِهِ أَيّكُم مَا أَمر، فَإِنِّي لم أعزله عَن عجزٍ وَلَا خِيَانَة.
وَقَالَ: أوصِي الْخَلِيفَة من بعدِي بالمهاجرين الْأَوَّلين أَن يعرف لَهُم حَقهم، ويحفظ لَهُم حرمتهم، وأوصيه بالأنصار خيرا، الَّذين تبوءوا الدَّار وَالْإِيمَان من قبلهم أَن يقبل من محسنهم، وَأَن يُعْفَى عَن مسيئهم، وأوصيه بِأَهْل الْأَمْصَار خيرا، فَإِنَّهُم ردء الْإِسْلَام، وجباة المَال، وغيظ الْعَدو، وَألا يُؤْخَذ مِنْهُم إِلَّا فَضلهمْ عَن رضَا مِنْهُم. وأوصيه بالأعراب خيرا، فَإِنَّهُم أصل الْعَرَب ومادة الْإِسْلَام، أَن يُؤْخَذ من حَوَاشِي أَمْوَالهم، وَيرد على فقرائهم، وأوصيه بِذِمَّة الله وَذمَّة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، أَن يُوفى لَهُم بعهدهم، وَأَن يُقَاتل من ورائهم، وَلَا يكلفوا إِلَّا طاقتهم.
قَالَ: فَلَمَّا قبض خرجنَا بِهِ، فَانْطَلَقْنَا نمشي، فَسلم عبد الله بن عمر وَقَالَ: يسْتَأْذن عمر بن الْخطاب، قَالَت: أدخلوه، فَأدْخل فَوضع هُنَالك مَعَ صَاحِبيهِ.
قَالَ: فَلَمَّا فرغ من دَفنه اجْتمع هَؤُلَاءِ الرَّهْط، فَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف: اجعلوا أَمركُم إِلَى ثلاثةٍ مِنْكُم. فَقَالَ الزبير: قد جعلت أَمْرِي إِلَى عَليّ، وَقَالَ طَلْحَة: قد جعلت أَمْرِي إِلَى عُثْمَان، وَقَالَ سعد: قد جعلت أَمْرِي إِلَى عبد الرَّحْمَن. فَقَالَ عبد الرَّحْمَن أيكما يبرأ من هَذَا الْأَمر فنجعله إِلَيْهِ. وَالله عَلَيْهِ وَالْإِسْلَام، لينظرن أفضلهم فِي نَفسه، فأسكت الشَّيْخَانِ، فَقَالَ عبد الرَّحْمَن أفتجعلونه إِلَيّ؟ وَالله عَليّ أَلا آلو عَن أفضلكم. قَالَا: نعم، فَأخذ بيد أَحدهمَا، فَقَالَ: لَك من قرَابَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، والقدم فِي الْإِسْلَام، مَا قد علمت، فَالله عَلَيْك، إِن أَمرتك لتعدلن، وَلَئِن أمرت عُثْمَان لتسمعن، ثمَّ خلا بِالْآخرِ فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك. فَلَمَّا أَخذ الْمِيثَاق قَالَ: ارْفَعْ يدك يَا عُثْمَان، فَبَايعهُ، وَبَايع لَهُ
عَليّ، وولج أهل الدَّار فَبَايعُوهُ.
وَفِي حَدِيث الْمسور: أَن الرَّهْط الَّذين ولاّهم عمر اجْتَمعُوا، فتشاوروا، فَقَالَ لَهُم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف: لست بِالَّذِي أنافسكم فِي هَذَا الْأَمر، وَلَكِنَّكُمْ إِن شِئْتُم اخْتَرْت لكم مِنْكُم، فَجعلُوا ذَلِك إِلَى عبد الرَّحْمَن. فَلَمَّا ولوه انثال النَّاس على عبد الرَّحْمَن ومالوا إِلَيْهِ، حَتَّى مَا أرى أحدا من النَّاس يتبع أحدا من أُولَئِكَ الرَّهْط وَلَا يطَأ عَقِبَيْهِ، وَمَال النَّاس على عبد الرَّحْمَن يشاورونه ويناجونه تِلْكَ اللَّيَالِي، حَتَّى إِذا كَانَت اللَّيْلَة الَّتِي أَصْبَحْنَا فِيهَا، فَبَايعْنَا عُثْمَان.
قَالَ الْمسور: طرقني عبد الرَّحْمَن بعد هجعٍ من اللَّيْل، فَضرب الْبَاب حَتَّى استيقظت فَقَالَ: أَلا أَرَاك نَائِما. فوَاللَّه مَا اكتحلت هَذِه الثَّلَاث بِكَثِير نوم، فَادع لي الزبير وسعدا، فدعوتهما لَهُ، فشاورهما، ثمَّ دَعَاني، فَقَالَ: ادْع لي عليا، فدعوته، فناجاه حَتَّى ابهار اللَّيْل، ثمَّ قَامَ عليٌّ من عِنْده وَهُوَ على طمع، وَكَانَ عبد الرَّحْمَن يخْشَى من عَليّ شَيْئا. ثمَّ قَالَ: ادْع لي عُثْمَان، فناجاه، حَتَّى فرق بَينهمَا الْمُؤَذّن للصبح، فَلَمَّا صلى النَّاس الصُّبْح اجْتمع أُولَئِكَ الرَّهْط عِنْد الْمِنْبَر، فَأرْسل عبد الرَّحْمَن إِلَى من كَانَ خَارِجا من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار، وَأرْسل إِلَى أُمَرَاء الأجناد، وَكَانُوا قد وافوا تِلْكَ الْحجَّة مَعَ عمر، فَلَمَّا اجْتَمعُوا تشهد عبد الرَّحْمَن وَقَالَ: أما بعد يَا عَليّ، فَإِنِّي نظرت فِي أَمر النَّاس، فَلم أرهم يعدلُونَ بعثمان، فَلَا تجعلن على نَفسك سَبِيلا، وَأخذ بيد عُثْمَان فَقَالَ: أُبَايِعك على سنة الله وَرَسُوله والخليفتين من بعده، فَبَايعهُ عبد الرَّحْمَن، وَبَايَعَهُ النَّاس والمهاجرون وَالْأَنْصَار وأفراد الأجناد والمسلمون.
57 -
الثَّالِث عشر: من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن عبد الْقَارِي، قَالَ: خرجت مَعَ عمر لَيْلَة فِي رَمَضَان إِلَى الْمَسْجِد، فَإِذا النَّاس أوزاعٌ متفرقون، يُصَلِّي الرجل لنَفسِهِ، وَيُصلي الرجل فَيصَلي بِصَلَاتِهِ الرَّهْط، فَقَالَ عمر: إِنِّي أرى لَو جمعت هَؤُلَاءِ على قَارِئ وَاحِد لَكَانَ أمثل، ثمَّ عزم، فَجَمعهُمْ على أبي بن كَعْب. قَالَ: ثمَّ خرجت مَعَه لَيْلَة أُخْرَى وَالنَّاس يصلونَ بِصَلَاة قارئهم، فَقَالَ عمر بن الْخطاب: نعمت الْبِدْعَة هَذِه، وَالَّتِي تنامون عَنْهَا أفضل من الَّتِي تقومون. يُرِيد آخر اللَّيْل، وَكَانَ النَّاس يقومُونَ أَوله.
58 -
الرَّابِع عشر: عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ عمر: كَانَ أَبُو بكر سيدنَا، وَأعْتق سيدنَا - يَعْنِي بِلَالًا. قَالَ لأبي بكر: إِن كنت إِنَّمَا اشتريتني لنَفسك فأمسكني، وَإِن كنت إِنَّمَا اشتريتني لله عز وجل فَدَعْنِي وَعمل الله.
59 -
الْخَامِس عشر: عَن أنس بن مَالك الْأنْصَارِيّ، من رِوَايَة ثُمَامَة بن عبد الله عَنهُ، أَن عمر بن الْخطاب كَانَ إِذا قحطوا استسقى بِالْعَبَّاسِ بن عبد الْمطلب، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نتوسل إِلَيْك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا، وَإِنَّا نتوسل إِلَيْك بعم نبيك، فاسقنا، قَالَ: فيسقون.
60 -
السَّادِس عشر: عَن أنس، رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَنهُ: أَنه سمع خطْبَة عمر بن الْخطاب الْآخِرَة حِين جلس على مِنْبَر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَذَلِكَ الْغَد من يَوْم توفّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَتشهد وَأَبُو بكر صامتٌ لَا يتَكَلَّم، ثمَّ قَالَ عمر: أما بعد، فَإِنِّي قلت لكم أمس مقَالَة، وَإِنَّهَا لم تكن كَمَا قلت، وَإِنِّي وَالله مَا وجدت الْمقَالة الَّتِي
قلت لكم فِي كتاب أنزلهُ الله، وَلَا فِي عهد عهد إِلَيّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَلَكِن كنت أَرْجُو أَن يعِيش رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى يدبرنا - يُرِيد: أَن يكون آخِرهم، فَإِن يكن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد مَاتَ، فَإِن الله قد جعل بَين أظْهركُم نورا تهتدون بِهِ، بِهِ هدى الله مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، فَاعْتَصمُوا بِهِ تهتدوا بِمَا هدى الله بِهِ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم وَإِن أَبَا بكرٍ صَاحب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَثَانِي اثْنَيْنِ، وَإنَّهُ أولى النَّاس بأموركم، فَقومُوا إِلَيْهِ فَبَايعُوهُ. وَكَانَت طَائِفَة مِنْهُم قد بَايعُوهُ قبل ذَلِك فِي سَقِيفَة بني سَاعِدَة، وَكَانَت بيعَة الْعَامَّة عِنْد الْمِنْبَر.
فِي رِوَايَة أُخْرَى للْبُخَارِيّ أَيْضا، قَالَ الزُّهْرِيّ: قَالَ لي أنس بن مَالك: إِنَّه
رأى عمر يزعج أَبَا بكر إِلَيّ الْمِنْبَر إزعاجاً. قَالَ الزُّهْرِيّ: وَأَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب: أَن عمر بن الْخطاب قَالَ: وَالله مَا هُوَ إِلَّا أَن تَلَاهَا أَبُو بكر - يَعْنِي قَوْله: {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول قد خلت من قبله الرُّسُل} [سُورَة آل عمرَان] عقرت وَأَنا قَائِم حَتَّى خَرَرْت إِلَى الأَرْض، وأيقنت أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد مَاتَ.
61 -
السَّابِع عشر: عَن أنس من رِوَايَة ثَابت عَنهُ قَالَ: كُنَّا عِنْد عمر فَقَالَ: نهينَا عَن التَّكَلُّف، وَفِي رِوَايَة عَن ثابتٍ عَنهُ: أَن عمر قَرَأَ: {وَفَاكِهَة وَأَبا} [سُورَة عبس] قَالَ: فَمَا الْأَب؟ ثمَّ قَالَ: مَا كلفنا، أَو قَالَ: مَا أمرنَا بِهَذَا.
62 -
الثَّامِن عشر: عَن السَّائِب بن يزِيد قَالَ: كنت نَائِما فِي الْمَسْجِد، فحصبني رجلٌ، فَنَظَرت فَإِذا عمر بن الْخطاب، فَقَالَ: اذْهَبْ فأتني بِهَذَيْنِ، فَجِئْته بهما، فَقَالَ: من من أَنْتُمَا؟ أَو: من أَيْن أَنْتُمَا؟ قَالَا: من أهل الطَّائِف. قَالَ: لَو كنتما من أهل الْبَلَد لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
63 -
التَّاسِع عشر: عَن حَفْصَة بنت عمر، وَعَن أسلم مولى عمر قَالَا: قَالَ عمر: اللَّهُمَّ ارزقني شَهَادَة فِي سَبِيلك، وَاجعَل موتِي فِي بلد رَسُولك.
وَفِي رِوَايَة عَن حَفْصَة: فَقلت: أَنى يكون هَذَا؟ فَقَالَ: يأتيني بِهِ الله إِن شَاءَ.
64 -
الْعشْرُونَ: عَن عبد الله بن عَامر بن ربيعَة، وَكَانَ من أكبر بني عدي، وَكَانَ أَبوهُ شهد بَدْرًا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، قَالَ: اسْتعْمل عمر قدامَة بن مَظْعُون على الْبَحْرين، وَكَانَ شهد بَدْرًا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ خَال ابْن عمر وَحَفْصَة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم. لم يزدْ. وَهُوَ طرف من حَدِيث طَوِيل فِي قصَّة لقدامة بن مَظْعُون.
اقْتصر البُخَارِيّ على هَذَا الْقدر لِحَاجَتِهِ إِلَيْهِ فِيمَن شهد بَدْرًا، وَقد وَقع لنا بِتَمَامِهِ بِهَذَا الْإِسْنَاد مُتَّصِلا بقوله:
وَكَانَ خَال ابْن عمر وَحَفْصَة، قَالَ: فَقدم الْجَارُود من الْبَحْرين فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، إِن قدامَة بن مَظْعُون قد شرب مُسكرا، وَإِنِّي إِذا رَأَيْت حدا من حُدُود الله حق عَليّ أَن أرفعه إِلَيْك. فَقَالَ لَهُ عمر: من يشْهد على مَا تَقول؟ فَقَالَ: أَبُو هُرَيْرَة. فَدَعَا عمر أَبَا هُرَيْرَة، فَقَالَ: علام تشهد يَا أَبَا هُرَيْرَة؟ فَقَالَ: لم أره حِين شرب، وَقد رَأَيْته سَكرَان يقيء. فَقَالَ عمر: لقد تنطعت - أَبَا هُرَيْرَة - فِي
الشَّهَادَة. ثمَّ كتب عمر إِلَى قدامَة وَهُوَ بِالْبَحْرَيْنِ يَأْمُرهُ بالقدوم عَلَيْهِ، فَلَمَّا قدم قدامَة والجارود بِالْمَدِينَةِ، كلم الْجَارُود عمر فَقَالَ: أقِم على هَذَا كتاب الله. فَقَالَ عمر للجارود: أشهيدٌ أَنْت أم خصم؟ فَقَالَ الْجَارُود: أَنا شَهِيد. فَقَالَ: قد كنت أدّيت شهادتك. فَسكت الْجَارُود ثمَّ قَالَ: لتعلمن أَنِّي أنْشدك الله. فَقَالَ عمر: أما وَالله لتملكن لسَانك أَو لأسوءنك. فَقَالَ الْجَارُود: أما وَالله، مَا ذَاك بِالْحَقِّ، أَن يشرب ابْن عمك وتسوءني، فأوعده عمر. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة وَهُوَ جالسٌ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن كنت تشك فِي شهادتنا فسل بنت الْوَلِيد امْرَأَة ابْن مَظْعُون. فَأرْسل عمر إِلَى هِنْد ينشدها بِاللَّه، فأقامت هِنْد على زَوجهَا قدامَة الشَّهَادَة، فَقَالَ عمر: إِنِّي يَا قدامَة جالدك، فَقَالَ قدامَة: وَالله لَو شربت كَمَا يَقُولُونَ مَا كَانَ لَك أَن تجلدني يَا عمر، قَالَ: وَلم يَا قدامَة؟ قَالَ: إِن الله عز وجل قَالَ: {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا إِذا مَا اتَّقوا وآمنوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات ثمَّ اتَّقوا وآمنوا ثمَّ اتَّقوا وأحسنوا وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ} [سُورَة الْمَائِدَة] فَقَالَ عمر: إِنَّك أَخْطَأت التَّأْوِيل يَا قدامَة، إِذا اتَّقَيْت اجْتنبت مَا حرم الله. ثمَّ أقبل عمر على الْقَوْم فَقَالَ: مَاذَا ترَوْنَ فِي جلد قدامَة؟ فَقَالَ الْقَوْم: لَا نرى أَن تجلده مَا دَامَ وجعاً. فَقَالَ عمر: إِنَّه وَالله لِأَن يلقِي الله تَحت السِّيَاط أحب إِلَيّ من أَن ألْقى الله وَهِي فِي عنقِي، إِي وَالله لأجلدنه، ايتوني بِالسَّوْطِ، فَجَاءَهُ مَوْلَاهُ أسلم بِسَوْط دقيقٍ صَغِير، فَأَخذه عمر، فمسحه بِيَدِهِ، ثمَّ قَالَ لأسلم: أخذتك دقرارة أهلك، ايتوني بِسَوْط غير هَذَا. قَالَ: فَجَاءَهُ أسلم بِسَوْط تَامّ، فَأمر عمر بِقُدَامَةَ فجلد. فغاضب قدامَة عمر وهجره، فحجا وَقُدَامَة مهَاجر لعمر، حَتَّى قَفَلُوا من حجهم، وَنزل عمر بالسقيا ونام بهَا، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ قَالَ: عجلوا عَليّ بِقُدَامَةَ، انْطَلقُوا فائتوني بِهِ، فوَاللَّه إِنِّي لأرى فِي النّوم أَنه جَاءَنِي آتٍ فَقَالَ لي: سَالم قدامَة، فَإِنَّهُ أَخُوك، فَلَمَّا جَاءُوا قدامَة أَبى أَن يَأْتِيهِ، فَأمر عمر بِقُدَامَةَ فجر إِلَيْهِ جراً، حَتَّى كَلمه عمر، فَاسْتَغْفر لَهُ، فَكَانَ أول صلحهما.
65 -
الْحَادِي وَالْعشْرُونَ: عَن ثَعْلَبَة بن أبي مَالك الْقرظِيّ: أَن عمر قسم مروطاً. بَين نسَاء أهل الْمَدِينَة، فَبَقيَ مِنْهَا مرطٌ جيد، فَقَالَ لَهُ بعض من عِنْده: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أعْط هَذَا ابْنة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الَّتِي عنْدك - يُرِيدُونَ أم كُلْثُوم بنت عَليّ -. فَقَالَ: أم سليط أَحَق بِهِ، فَإِنَّهَا مِمَّن بَايع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، كَانَت تزفر لنا الْقرب يَوْم أحد.
66 -
الثَّانِي وَالْعشْرُونَ: عَن أسلم مولى عمر - من التَّابِعين، قَالَ: قَالَ عمر: أما وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَوْلَا أَن أترك آخر النَّاس بَيَانا لَيْسَ لَهُم من شَيْء، مَا فتحت عَليّ قريةٌ إِلَّا قسمتهَا كَمَا قسم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خَيْبَر، وَلَكِن أتركها خزانَة لَهُم يقتسمونها.
67 -
الثَّالِث وَالْعشْرُونَ: عَن أسلم أَيْضا: أَن عمر كَانَ يسير مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي بعض أَسْفَاره لَيْلًا، فَسَأَلَهُ عمر عَن شيءٍ فَلم يجبهُ، ثمَّ سَأَلَهُ فَلم يجبهُ، ثمَّ سَأَلَهُ فَلم يجبهُ. فَقَالَ عمر: ثكلتك أمك عمر، نزرت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثَلَاث مَرَّات، كل ذَلِك لَا يجيبك. قَالَ عمر: فحركت بَعِيري حَتَّى تقدّمت أَمَام النَّاس، وخشيت أَن ينزل فِي قرآنٌ، فَمَا نشبت أَن سَمِعت صَارِخًا يصْرخ، فَقلت: لقد خشيت أَن يكون نزل فِي قرآنٌ، فَجئْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَسلمت عَلَيْهِ فَقَالَ:" لقد أنزلت عَليّ اللَّيْلَة سورةٌ، لهي أحب إِلَيّ مِمَّا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس "، ثمَّ قَرَأَ {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} . [سُورَة الْفَتْح] .
68 -
الرَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن أسلم مَوْلَاهُ قَالَ: خرجت مَعَ عمر بن الْخطاب إِلَى السُّوق فلحقت بِهِ امرأةٌ شَابة فَقَالَت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، هلك زَوجي وَترك صبية صغَارًا، وَالله مَا ينضجون كُرَاعًا، وَلَا لَهُم زرعٌ وَلَا ضرع، وخشيت أَن تأكلهم الضبع. وَأَنا ابْنة خفاف بن إِيمَاء الْغِفَارِيّ، وَقد شهد أبي الْحُدَيْبِيَة مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَوقف مَعهَا عمر وَلم يمض، وَقَالَ مرْحَبًا بنسبٍ قريب، ثمَّ انْصَرف إِلَى بعير ظهيرٍ كَانَ مربوطاً فِي الدَّار، فَحمل عَلَيْهِ غرارتين ملأهما طَعَاما، وَجعل بَينهمَا نفقةٌ وثياباً، ثمَّ ناولها خطامه، فَقَالَ: اقتاديه، فَلَنْ يفنى هَذَا حَتَّى يأتيكم الله بِخَير. فَقَالَ رجل: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أكثرت لَهَا، فَقَالَ عمر: ثكلتك أمك، وَالله إِنِّي لأرى أَبَا هَذِه وأخاها قد حاصرا حصنا زَمَانا فافتتحاه، وأصبحنا نستفيء سهماننا فِيهِ.
69 -
الْخَامِس وَالْعشْرُونَ: عَن أسلم: أَن عمر اسْتعْمل مولى لَهُ على الصَّدَقَة يدعى هنياً فَقَالَ: يَا هني، ضم جناحك عَن النَّاس، وَاتَّقِ دَعْوَة الْمَظْلُوم فَإِنَّهَا مجابةٌ، وَأدْخل رب الصريمة وَرب الْغَنِيمَة. وإياي وَنعم ابْن عَفَّان وَابْن عَوْف، فَإِنَّهُمَا إِن تهْلك مواشيهما يرجعان إِلَى زرع ونخلٍ، وَإِن رب الصريمة وَالْغنيمَة إِن تهْلك ماشيتهما يأتني ببنيه فَيَقُول: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أفتاركه أَنا - لَا أَبَا لَك - فالماء والكلأ أيسر من الذَّهَب وَالْفِضَّة. وَايْم الله، إِنَّهُم لَيرَوْنَ أَنا ظلمناهم؛ إِنَّهَا لبلادهم ومياههم، قَاتلُوا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّة، وَأَسْلمُوا عَلَيْهَا فِي
الْإِسْلَام، وَالله لَوْلَا المَال الَّذِي أحمل عَلَيْهِ فِي سَبِيل الله مَا حميت على النَّاس من بِلَادهمْ شبْرًا.
70 -
السَّادِس وَالْعشْرُونَ: عَنهُ عَن عمر: أَن رجلا على عهد النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ اسْمه عبد الله وَكَانَ يلقب حمارا، وَكَانَ يضْحك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد جلده فِي الشَّرَاب، فَأتي بِهِ يَوْمًا، فجلد، فَقَالَ رجلٌ من الْقَوْم: اللَّهُمَّ العنه، مَا أَكثر مَا يُؤْتى بِهِ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" لَا تلعنه، فوَاللَّه مَا علمت، إِنَّه يحب الله وَرَسُوله ".
71 -
السَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن طَارق بن شهَاب قَالَ: سَمِعت عمر يَقُول: قَامَ فِينَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مقَاما فَأخْبرنَا عَن بَدْء الْخلق، حَتَّى دخل أهل الْجنَّة مَنَازِلهمْ، وَأهل النَّار مَنَازِلهمْ، حفظ ذَلِك من حفظه، ونسيه من نَسيَه.
72 -
الثَّامِن وَالْعشْرُونَ: عَن عَمْرو بن مَيْمُون الأودي قَالَ: قَالَ عمر: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة لَا يفيضون من جمع حَتَّى تطلع الشَّمْس، وَيَقُولُونَ: أشرق ثبير، قَالَ: فخالفهم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَأَفَاضَ قبل طُلُوع الشَّمْس.
73 -
التَّاسِع وَالْعشْرُونَ: عَن أبي الْأسود، ظَالِم بن عَمْرو الدؤَلِي قَالَ: أتيت الْمَدِينَة وَقد وَقع بهَا مرضٌ، وَالنَّاس يموتون موتا ذريعاً، فَجَلَست إِلَى عمر بن الْخطاب، فَمروا بِجنَازَة فَأَثْنوا عَلَيْهَا خيرا، فَقَالَ عمر رضي الله عنه: وَجَبت.
قَالَ: ومروا بِأُخْرَى فَأَثْنوا عَلَيْهَا خيرا فَقَالَ وَجَبت، ثمَّ مر بثالثةٍ فأثني على صَاحبهَا شرٌّ، فَقَالَ: وَجَبت. فَقَالَ أَبُو الْأسود فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، مَا وَجَبت؟ قَالَ: قلت كَمَا قَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] " أَيّمَا مُسلم شهد لَهُ أَرْبَعَة نفر بِخَير
أدخلهُ الله الْجنَّة ". قَالَ: فَقُلْنَا: وَاثْنَانِ. قَالَ: " وَاثْنَانِ " قَالَ: ثمَّ لم نَسْأَلهُ عَن الْوَاحِد.
74 -
الثَّلَاثُونَ: عَن قيس بن أبي حَازِم قَالَ: كَانَ عَطاء الْبَدْرِيِّينَ خَمْسَة آلَاف خَمْسَة آلَاف، وَقَالَ عمر: لأفضلنهم على من بعدهمْ.
75 -
الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود الْهُذلِيّ قَالَ: سَمِعت عمر بن الْخطاب يَقُول: إِن نَاسا كَانُوا يؤخذون بِالْوَحْي فِي عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: وَإِن الْوَحْي قد انْقَطع، وَإِنَّمَا نأخذكم الْآن بِمَا ظهر لنا من أَعمالكُم، فَمن أظهر لنا خيرا أمناه وقربناه، وَلَيْسَ لنا من سَرِيرَته شَيْء، الله يحاسبه فِي سَرِيرَته، وَمن أظهر لنا سوءا لم نَأْمَنهُ وَلم نصدقه، وَإِن قَالَ: إِن سَرِيرَته حَسَنَة.
76 -
الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن نَافِع مولى ابْن عمر: أَن عمر كَانَ فرض للمهاجرين الْأَوَّلين أَرْبَعَة آلَاف، وَفرض لِابْنِ عمر ثَلَاثَة آلَاف وَخَمْسمِائة، فَقيل لَهُ: هُوَ من الْمُهَاجِرين، فَلم نقصته من أَرْبَعَة آلَاف؟ قَالَ: إِنَّمَا هَاجر بِهِ أَبوهُ يَقُول: لَيْسَ هُوَ كمن هَاجر بِنَفسِهِ.
77 -
الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ: فِي كتاب البُخَارِيّ قَالَ: قَالَ لي أَحْمد بن مُحَمَّد: حَدثنَا إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه عَن جده: أَن عمر أذن لِأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي آخر حجَّة حَجهَا - يَعْنِي فِي الْحَج -، وَبعث مَعَهُنَّ عبد الرَّحْمَن - يَعْنِي ابْن عَوْف - وَعُثْمَان