الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
هَذِه فَرِيضَة الصَّدَقَة الَّتِي فَرضهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على الْمُسلمين، وَالَّتِي أَمر الله بهَا رَسُوله صلى الله عليه وسلم فَمن سئلها من الْمُسلمين على وَجههَا فليعطها، وَمن سُئِلَ فَوْقهَا فَلَا يُعْط.
فِي أَربع وَعشْرين من الْإِبِل فَمَا دونهَا، من الْغنم فِي كل خمس شَاة، فَإِذا بلغت خمْسا وَعشْرين إِلَى خمس وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا بنت مَخَاض أُنْثَى، فَإِن لم تكن ابْنة مَخَاض فَابْن لبونٍ ذكر. فَإِذا بلغت سِتا وَثَلَاثِينَ إِلَى خمس وَأَرْبَعين فَفِيهَا بنت لبون أُنْثَى، فَإِذا بلغت سِتا وَأَرْبَعين إِلَى سِتِّينَ فَفِيهَا حقةٌ طروقة الْجمل. فَإِذا بلغت وَاحِدَة وَسِتِّينَ إِلَى خمسٍ وَسبعين فَفِيهَا جَذَعَة، فَإِذا بلغت سِتا وَسبعين إِلَى تسعين فَفِيهَا بِنْتا لبونٍ. فَإِذا بلغت إِحْدَى وَتِسْعين إِلَى عشْرين وَمِائَة فَفِيهَا حقتان طروقتا الْجمل. فَإِذا زَادَت على عشْرين وَمِائَة فَفِي كل أَرْبَعِينَ ابْنة لبون، وَفِي كل خمسين حقة. وَمن لم يكن مَعَه إِلَّا أَربع من الْإِبِل فَلَيْسَتْ فِيهَا صدقةٌ إِلَّا أَن يَشَاء رَبهَا، فَإِذا بلغت خمْسا من الْإِبِل فَفِيهَا شَاة.
وَصدقَة الْغنم فِي سائمتها إِذا كَانَت أَرْبَعِينَ إِلَى عشْرين وَمِائَة شاةٍ شاةٌ، فَإِذا زَادَت على عشْرين وَمِائَة إِلَى مِائَتَيْنِ فَفِيهَا شَاتَان. فَإِذا زَادَت على مِائَتَيْنِ إِلَى ثَلَاثمِائَة فَفِيهَا ثَلَاث شِيَاه. فَإِذا زَادَت على ثَلَاثمِائَة فَفِي كل مائةٍ شاةٌ. فَإِذا كَانَت سَائِمَة الرجل نَاقِصَة من أَرْبَعِينَ شاةٍ شَاة وَاحِدَة فَلَيْسَ فِيهَا صدقةٌ إِلَّا أَن يَشَاء رَبهَا.
وَلَا يجمع بَين متفرقٍ، وَلَا يفرق بَين مُجْتَمع خشيَة الصَّدَقَة. وَمَا كَانَ من خليطين فَإِنَّهُمَا يتراجعان بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ. وَلَا يخرج فِي الصَّدَقَة هرمةٌ وَلَا ذَات عوار وَلَا تَيْس إِلَّا أَن يَشَاء الْمُصدق. وَفِي الرقة ربع الْعشْر. فَإِن لم يكن إِلَّا تسعين وَمِائَة فَلَيْسَ فِيهَا صدقةٌ إِلَّا أَن يَشَاء رَبهَا.
وَمن بلغت عِنْده من الْإِبِل صَدَقَة الْجَذعَة وَلَيْسَت عِنْده جذعةٌ وَعِنْده حقةٌ فَإِنَّهَا تقبل مِنْهُ الحقة وَيجْعَل مَعهَا شَاتين إِن استيسرتا لَهُ أَو عشْرين درهما. وَمن بلغت عِنْده صَدَقَة الحقة وَلَيْسَت عِنْده الحقة وَعِنْده الْجَذعَة فَإِنَّهَا تقبل مِنْهُ الْجَذعَة وَيُعْطِيه الْمُصدق عشْرين درهما أَو شَاتين. وَمن بلغت عِنْده صَدَقَة الحقة وَلَيْسَت عِنْده إِلَّا بنت لبون فَإِنَّهَا تقبل مِنْهُ بنت لبون وَيُعْطِي شَاتين أَو عشْرين درهما. وَمن بلغت صدقته بنت لبون وَعِنْده حقة فَإِنَّهَا تقبل مِنْهُ الحقة وَيُعْطِيه الْمُصدق عشْرين درهما أَو شَاتين. وَمن بلغت صدقته بنت لبون وَلَيْسَت عِنْده بنت لبونٍ وَعِنْده بنت مخاضٍ فَإِنَّهَا تقبل مِنْهُ بنت مخاضٍ وَيُعْطِي مَعهَا عشْرين درهما أَو شَاتين. وَمن بلغت صدقته بنت مخاضٍ وَلَيْسَت عِنْده وَعِنْده بنت لبون فَإِنَّهَا تقبل مِنْهُ، وَيُعْطِيه الْمُصدق عشْرين درهما أَو شَاتين. فَمن لم يكن عِنْده بنت مَخَاض على وَجههَا وَعِنْده ابْن لبون فَإِنَّهُ يقبل مِنْهُ وَلَيْسَ مَعَه شَيْء.
قَالَ البُخَارِيّ: وزادتا أَحْمد - يَعْنِي ابْن حَنْبَل - عَن الْأنْصَارِيّ، وَذكر الْإِسْنَاد عَن أنس، قَالَ: كَانَ خَاتم النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي يَده وَفِي يَد أبي بكر، وَفِي يَد عمر بعد أبي بكر، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ عُثْمَان، جلس على بِئْر أريس، وَأخرج الْخَاتم فَجعل
يعبث بِهِ، فَسقط. قَالَ: فاختلفنا ثَلَاثَة أَيَّام مَعَ عُثْمَان ننزح الْبِئْر، فَلم نجده.
وَهَذِه الزِّيَادَة الَّتِي زَادهَا أَحْمد يَنْبَغِي أَن تكون فِي مُسْند أنس.
11 -
الْخَامِس: عَن عقبَة بن الْحَارِث بن عَامر بن نَوْفَل بن عبد منَاف، يكنى أَبَا سروعة، لَهُ صُحْبَة، قَالَ: صلى أَبُو بكر الْعَصْر ثمَّ خرج يمشي - يَعْنِي وَمَعَهُ عليٌّ - فَرَأى الْحسن يلْعَب مَعَ الصّبيان، فَحَمله على عَاتِقه وَقَالَ: بِأبي، شَبيه بِالنَّبِيِّ، لَيْسَ شَبِيها بعلي، وَعلي يضْحك.
12 -
السَّادِس: عَن عَائِشَة قَالَت: لما اسْتخْلف أَبُو بكر قَالَ: لقد علم قومِي أَن حرفتي لم تكن تعجز عَن مُؤنَة أَهلِي، وشغلت بِأَمْر الْمُسلمين، فسيأكل آل أبي بكر من هَذَا المَال، ويحترف للْمُسلمين فِيهِ.
13 -
السَّابِع: عَن عَائِشَة - مَوْقُوف - قَالَت: كَانَ لأبي بكر الصّديق غلامٌ يخرج لَهُ الْخراج، وَكَانَ أَبُو بكر يَأْكُل من خراجه، فجَاء يَوْمًا بِشَيْء فَأكل مِنْهُ أَبُو بكر، فَقَالَ لَهُ الْغُلَام: أَتَدْرِي مَا هَذَا؟ فَقَالَ أَبُو بكر: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: كنت تكهنت لإِنْسَان فِي الْجَاهِلِيَّة، وَمَا أحسن الكهانة، إِلَّا أَنِّي خدعته، فلقيني فَأَعْطَانِي بذلك، فَهَذَا الَّذِي أكلت مِنْهُ. فَأدْخل أَبُو بكرٍ يَده، فقاء كل شَيْء فِي بَطْنه.
14 -
الثَّامِن: فِي ذكر وَفَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم: عَن عَائِشَة، وَعَن ابْن عَبَّاس من رِوَايَة أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَنْهُمَا، قَالَت عَائِشَة فِي حَدِيثهَا: أقبل أَبُو بكر على فرسٍ من مَسْكَنه بالسنح حَتَّى نزل، فَدخل الْمَسْجِد، فَلم يكلم النَّاس حَتَّى دخل
على عَائِشَة، فَبَصر برَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مسجى بِبُرْدَةٍ، فكشف عَن وَجهه وأكب عَلَيْهِ، فَقبله ثمَّ بَكَى فَقَالَ: بِأبي أَنْت وَأمي يَا نَبِي الله، لَا يجمع الله عَلَيْك موتتين، أما الموتة الَّتِي كتبت عَلَيْك فقد متها. قَالَ أَبُو سَلمَة: فَأَخْبرنِي ابْن عَبَّاس أَن أَبَا بكر خرج وَعمر يكلم النَّاس، فَقَالَ: اجْلِسْ، فَأبى، فَقَالَ: اجْلِسْ، فَأبى. فَتشهد أَبُو بكر، فَمَال إِلَيْهِ النَّاس وَتركُوا عمر، فَقَالَ: أما بعد، فَمن كَانَ مِنْكُم يعبد مُحَمَّدًا فَإِن مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم قد مَاتَ، وَمن كَانَ يعبد الله فَإِن الله حَيّ لَا يَمُوت، قَالَ الله:{وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول قد خلت من قبله الرُّسُل} إِلَى
…
{الشَّاكِرِينَ (154) } [سُورَة آل عمرَان] قَالَ: وَالله لكأن النَّاس لم يَكُونُوا يعلمُونَ أَن الله أنزل هَذِه الْآيَة حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بكر، فتلقاها مِنْهُ النَّاس، فَمَا يسمع بشرٌ إِلَّا يتلوها.
15 -
التَّاسِع: أوردهُ أَبُو بكر البرقاني هَا هُنَا، وَأخرجه غَيره فِي مُسْند عَائِشَة من رِوَايَة هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَنْهَا: أَن أَبَا بكر لم يكن يَحْنَث قطّ فِي يَمِين حَتَّى أنزل الله عز وجل كَفَّارَة الْيَمين، فَقَالَ: لَا أَحْلف على يَمِين فَرَأَيْت غَيرهَا خيرا مِنْهَا إِلَّا أتيت الَّذِي هُوَ خيرٌ وكفرت عَن يَمِيني.
16 -
الْعَاشِر: عَن قيس بن أبي حَازِم قَالَ: دخل أَبُو بكر الصّديق على امْرَأَة من أحمس يُقَال لَهَا زَيْنَب، فرآها لَا تَتَكَلَّم، فَقَالَ: مَا لَهَا لَا تكلم، قَالُوا: حجت مصمتةً فَقَالَ لَهَا: تكلمي، فَإِن هَذَا لَا يحل، هَذَا من عمل الْجَاهِلِيَّة، فتكلمت، فَقَالَت: من أَنْت؟ قَالَ: امْرُؤ من الْمُهَاجِرين. قَالَت: أَي الْمُهَاجِرين؟ قَالَ: من قُرَيْش. قَالَت: من أَي قُرَيْش؟ قَالَ: إِنَّك لسؤول، أَنا أَبُو بكر. قَالَت: مَا بقاؤنا على هَذَا الْأَمر الصَّالح الَّذِي جَاءَ الله بِهِ بعد الْجَاهِلِيَّة؟ قَالَ: بقاؤكم عَلَيْهِ
مَا استقامت بِهِ أئمتكم. قَالَت: وَمَا الْأَئِمَّة؟ قَالَ: أما كَانَ لقَوْمك رؤوسٌ وأشرافٌ يأمرونهم فيطيعونهم؟ قَالَت: بلَى، قَالَ: فهم أُولَئِكَ على النَّاس.
17 -
الْحَادِي عشر: عَن طَارق بن شهَاب قَالَ: جَاءَ وَفد بزاخة من أسدٍ وغَطَفَان إِلَى أبي بكر يسألونه الصُّلْح، فَخَيرهمْ بَين الْحَرْب المجلية وَالسّلم المخزية، فَقَالُوا هَذِه المجلية قد عرفناها، فَمَا المخزية؟ قَالَ: ننزع مِنْكُم الْحلقَة والكراع، ونغنم مَا أصبْنَا مِنْكُم، وتردون علينا مَا أصبْتُم منا، وتدون لنا قَتْلَانَا، وَتَكون قَتْلَاكُمْ فِي النَّار، وتتركون أَقْوَامًا يتبعُون أَذْنَاب الْإِبِل حَتَّى يري الله خَليفَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرين أمرا يعذرونكم بِهِ. فَعرض أَبُو بكرٍ مَا قَالَ على الْقَوْم. فَقَامَ عمر بن الْخطاب فَقَالَ: قد رَأَيْت رَأيا وسنشير عَلَيْك. فَأَما مَا ذكرت من الْحَرْب المجلية وَالسّلم المخزية فَنعم مَا ذكرت، وَمَا ذكرت أَن نغنم مَا أصبْنَا مِنْكُم وتردون مَا أصبْتُم منا فَنعم مَا ذكرت. وَأما مَا ذكرت: تدون قَتْلَانَا وَتَكون قَتْلَاكُمْ فِي النَّار، فَإِن قَتْلَانَا قَاتَلت فقتلت على أَمر الله، أجورها على الله، لَيْسَ لَهَا دياتٌ، فتتابع الْقَوْم على مَا قَالَ عمر.
اخْتَصَرَهُ البُخَارِيّ، وَأخرج طرفا مِنْهُ، وَهُوَ قَوْله لَهُم: تتبعون أَذْنَاب الْإِبِل حَتَّى يري الله خَليفَة نبيه صلى الله عليه وسلم والمهاجرين أمرا يعذرونكم بِهِ. وَأخرجه بِطُولِهِ أَبُو بكر البرقاني فِي كِتَابه الْمخْرج على الصَّحِيحَيْنِ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي أخرج البُخَارِيّ ذَلِك الْقدر الَّذِي اخْتَصَرَهُ مِنْهُ كَمَا أوردناه، وَالله أعلم.
18 -
وَلمُسلم وَحده حَدِيث وَاحِد: عَن أنس قَالَ: قَالَ أَبُو بكر لعمر رضي الله عنهما بعد وَفَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: انْطلق بِنَا إِلَى أم أَيمن نزورها كَمَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يزورها. فَلَمَّا انتهينا إِلَيْهَا بَكت، فَقَالَا: مَا يبكيك؟ أما تعلمين أَن مَا عِنْد الله خير لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم. قَالَت: إِنِّي لَا أبْكِي، إِنِّي لأعْلم أَن مَا عِنْد الله خير لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَلَكِن أبْكِي لِأَن الْوَحْي قد انْقَطع من السَّمَاء. فهيجتهما على الْبكاء، فَجعلَا يَبْكِيَانِ مَعهَا.