المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ المتفق عليه عن كعب بن مالك [رضي الله عنه] - الجمع بين الصحيحين للحميدي - جـ ١

[الحميدي، ابن أبي نصر]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الْقسم الأول

- ‌مسانيد الْعشْرَة

- ‌مُسْند أبي بكر الصّديق رضي الله عنه الْمخْرج فِي الصَّحِيحَيْنِ البُخَارِيّ وَمُسلم أَو فِي أَحدهمَا

- ‌مَا انْفَرد البُخَارِيّ بِإِخْرَاجِهِ من ذَلِك

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عمر بن الْخطاب رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌آخر مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي بكر وَعمر رضي الله عنهما وَعَن جَمِيع الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم سوى مَا تقدم مِنْهَا

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند طَلْحَة بن عبيد الله التَّيْمِيّ رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند الزبير بن الْعَوام رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن سعد بن أبي وَقاص رضي الله عنه

- ‌ أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الرَّابِع: عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد عَن عَمه عَامر بن سعد: أَن سَعْدا ركب إِلَى قصره بالعقيق، فَوجدَ عبدا يقطع شَجرا أَو يخبطه، فسلبه، فَلَمَّا رَجَعَ سعدٌ جَاءَ أهل العَبْد، وكلموه أَن يرد على غلامهم أَو عَلَيْهِم مَا أَخذ من غلامهم، فَقَالَ: معَاذ الله أَن أرد شَيْئا

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند سعيد بن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل الْقرشِي رضي الله عنه

- ‌ حَدِيث وَاحِد عَن أبي عُبَيْدَة بن الْجراح رضي الله عنه

- ‌الْقسم الثَّانِي مسانيد المقدمين بعد الْعشْرَة

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عبد الله بن مَسْعُود رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عمار بن يَاسر رضي الله عنه

- ‌وَمن أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ مُسْند حَارِثَة بن وهب الْخُزَاعِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي ذَر جُنْدُب بن جُنَادَة الْغِفَارِيّ رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند حُذَيْفَة بن الْيَمَان الْعَبْسِي رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند جرير بن عبد الله البَجلِيّ رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي جُحَيْفَة وهب بن عبد الله السوَائِي رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من حَدِيث عدي بن حَاتِم الطَّائِي رضي الله عنه

- ‌وَمن أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من جَابر بن سَمُرَة رضي الله عنه

- ‌وَمن أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن سُلَيْمَان بن صردٍ رضي الله عنه

- ‌ عُرْوَة بن الْجَعْد، وَقيل: ابْن أبي الْجَعْد الْبَارِقي رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن عمرَان بن حُصَيْن رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن عبد الله بن مُغفل الْمُزنِيّ رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أبي بكرَة نفيع بن الْحَارِث رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ مُسْند بُرَيْدَة بن الْحصيب رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ مُسْند عَائِذ بن عَمْرو [رضي الله عنه]

- ‌ مُسْند سَمُرَة بن جُنْدُب [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ مُسْند معقل بن يسارٍ رضي الله عنه

- ‌ مُسْند مَالك بن الْحُوَيْرِث رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن جُنْدُب بن عبد الله البَجلِيّ رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن معيقيب بن أبي فَاطِمَة رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن مجاشع ومجالد ابْني مَسْعُود السّلمِيّ رضي الله عنهما

- ‌ مُسْند يعلى بن أُميَّة رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن معَاذ بن جبلٍ رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أبي بن كَعْب الْأنْصَارِيّ رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أبي طَلْحَة زيد بن سهل الْأنْصَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن عبَادَة بن الصَّامِت بن قيس الْأنْصَارِيّ شهد بَدْرًا، وَبَايع لَيْلَة الْعقبَة، رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رضي الله عنه واسْمه خَالِد بن زيد

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أبي بردة، هَانِئ بن نيار البلوي رضي الله عنه

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن زيد بن ثَابت الْأنْصَارِيّ رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن عَمْرو بن عَوْف، حَلِيف بني عَامر بن لؤَي [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أبي لبَابَة، عَامر بن الْمُنْذر، وَقيل: بشير بن الْمُنْذر [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن عتْبَان بن مَالك [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن سهل بن حنيف [رضي الله عنه]

- ‌ وَعَن قيس بن سعد الْأنْصَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أسيد بن حضير [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن كَعْب بن مَالك [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أبي أسيد السَّاعِدِيّ، مَالك بن ربيعَة الْأنْصَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن مُسْند أبي قَتَادَة الْحَارِث بن ربعي الْأنْصَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من حَدِيث أبي جهيم عبد الله بن الْحَارِث بن الصمَّة الخزرجي [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي الدَّرْدَاء الْأنْصَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من حَدِيث أبي حميد عبد الرَّحْمَن بن سعد بن الْمُنْذر السَّاعِدِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن عبد الله بن سَلام بن الْحَارِث [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن سهل بن أبي حثْمَة [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن ظهير بن رَافع، عَم رَافع بن خديج [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من رَافع بن خديج [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عبد الله بن زيد بن عَاصِم الْأنْصَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ حديثان عَن عبد الله بن يزِيد الخطمي [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أبي مَسْعُود عقبَة بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ مُسْند شَدَّاد بن أَوْس [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند النُّعْمَان بن بشير [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند زيد بن أَرقم، ويكنى أَبَا عَمْرو [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ مُسْند ثَابت بن الضَّحَّاك الْأنْصَارِيّ يكنى أَبَا زيد [رضي الله عنه]

- ‌ مُسْند أبي بشير الْأنْصَارِيّ [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند الْبَراء بن عَازِب رضي الله عنه

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند زيد بن خَالِد بن جُهَيْنَة الْجُهَنِيّ [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند سهل بن سعد السَّاعِدِيّ [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند مَالك بن صعصعة [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن كَعْب بن عجْرَة [رضي الله عنه]

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي بَرزَة نَضْلَة بن عبيد [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد مُسلم

- ‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند سَلمَة بن الْأَكْوَع [رضي الله عنه]

- ‌أَفْرَاد البُخَارِيّ

- ‌أَفْرَاد مُسلم

الفصل: ‌ المتفق عليه عن كعب بن مالك [رضي الله عنه]

(49)

‌ الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن كَعْب بن مَالك [رضي الله عنه]

710 -

الأول: عَن عبد الله بن كَعْب بن مَالك عَن كَعْب: أَنه تقاضى ابْن حدردٍ دينا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ - فِي الْمَسْجِد، فارتفعت أصواتهما حَتَّى سمعهما رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي بَيته فَخرج إِلَيْهِمَا حَتَّى كشف سجف حجرته فَنَادَى:" يَا كَعْب " قَالَ: لبيْك يَا رَسُول الله. قَالَ: " ضع من دينك هَذَا " وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ - أَي الشّطْر. قَالَ: قد فعلت يَا رَسُول الله. قَالَ: " قُم فاقضه ".

711 -

الثَّانِي: عَن ابْن كَعْب سَمَّاهُ بعض الروَاة عبد الله، وَبَعْضهمْ عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه كَعْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " مثل الْمُؤمن كَمثل الخامة من الزَّرْع، تفيئها الرّيح، تصرعها مرّة وتعدلها أُخْرَى حَتَّى تهيج. وَفِي رِوَايَة: حَتَّى يَأْتِيهِ أَجله. وَمثل الْمُنَافِق كالأرزة المجذية على أَصْلهَا، لَا يفيئها شَيْء حَتَّى يكون انجعافها مرّة وَاحِدَة ".

712 -

الثَّالِث: فِي تَوْبَة كَعْب بن مَالك.

عَن ابْن كَعْب - وَقد اخْتلف فِي اسْمه - عَن كَعْب بن مَالك - وَفِي حَدِيث عقيل عَن ابْن شهَاب أَن اسْمه عبد الله، وَكَذَلِكَ فِي حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ، قَالَ: ثمَّ

ص: 441

غزا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم غَزْوَة تَبُوك وَهُوَ يُرِيد الرّوم ونصارى الْعَرَب بِالشَّام. قَالَ ابْن شهَاب: فَأَخْبرنِي عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن كَعْب بن مَالك أَن عبد الله بن كَعْب كَانَ قَائِد كعبٍ - من بنيه - حِين عمي. قَالَ فِي حَدِيث معقل بن عبيد الله: وَكَانَ أعلم قومه وأوعاهم لأحاديث أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ:

سَمِعت كَعْب بن مَالك يحدث حَدِيثه حِين تخلف عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَة تَبُوك، قَالَ كَعْب: لم أَتَخَلَّف عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَة غَزَاهَا قطّ إِلَّا فِي غَزْوَة تَبُوك، غير أَنِّي قد تخلفت فِي غَزْوَة بدرٍ، وَلم يُعَاتب أحدا تخلف عَنهُ، إِنَّمَا خرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون يُرِيدُونَ عير قريشٍ، حَتَّى جمع الله بَينهم وَبَين عدوهم على غير ميعاد.

وَلَقَد شهِدت مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيْلَة الْعقبَة حِين تواثقنا على الْإِسْلَام، وَمَا أحب أَن لي بهَا مشْهد بدرٍ، وَإِن كَانَت بدرٌ أذكر فِي النَّاس مِنْهَا.

فَكَانَ من خبري حِين تخلفت عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَة تبوكٍ أَنِّي لم أكن قطّ أقوى وَلَا أيسر مني حِين تخلفت عَنهُ فِي تِلْكَ الْغَزْوَة. وَالله مَا جمعت قبلهَا راحلتين قطّ حَتَّى جمعتهما فِي تِلْكَ الْغَزْوَة. زَاد فِي حَدِيث عقيل وَابْن أخي الزُّهْرِيّ، وَعند البُخَارِيّ فِي حَدِيث يُونُس: وَلم يكن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُرِيد غَزْوَة إِلَّا ورى بغَيْرهَا، حَتَّى كَانَت تِلْكَ الْغَزْوَة، فَغَزَاهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي حر شديدٍ، واستقبل سفرا بَعيدا وَمَفَازًا، واستقبل عدوا كثيرا، فجلا للْمُسلمين أَمرهم لِيَتَأَهَّبُوا أهبة غزوهم، فَأخْبرهُم بوجههم الَّذِي يُرِيد، والمسلمون مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كثير، وَلَا يجمعهُمْ كتابٌ حَافظ، يُرِيد بذلك الدِّيوَان. قَالَ كعبٌ: فَقل رجل يُرِيد أَن يتغيب إِلَّا ظن أَن ذَلِك سيخفى مَا لم ينزل فِيهِ وَحي من الله عز وجل.

وغزا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تِلْكَ الْغَزْوَة حِين طابت الثِّمَار والظلال، فَأَنا إِلَيْهَا أصعر فتجهز رَسُول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون مَعَه، وطفقت أغدو لكَي أتجهز مَعَهم، فأرجع وَلم أقض شَيْئا، وَأَقُول فِي نَفسِي: أَنا قادرٌ على ذَلِك إِذا أردْت، فَلم يزل ذَلِك

ص: 442

يتمادى بِي حَتَّى اسْتمرّ بِالنَّاسِ الْجد، فَأصْبح رَسُول الله صلى الله عليه وسلم غادياً والمسلمون مَعَه، وَلم أقض من جهازي شَيْئا. ثمَّ غَدَوْت وَرجعت وَلم أقض شَيْئا. فَلم يزل ذَلِك يتمادى بى حَتَّى أَسْرعُوا، وتفارط الْغَزْو، فهممت أَن أرتحل فأدركهم - فيا لَيْتَني فعلت - ثمَّ لم يقدر ذَلِك لي. فطفقت إِذا خرجت فِي النَّاس بعد خُرُوج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يحزنني ذَلِك، إِنِّي لَا أرى لي أُسْوَة إِلَّا رجلا مغموصاً عَلَيْهِ فِي النِّفَاق، أَو رجلا مِمَّن عذر الله من الضُّعَفَاء.

وَلم يذكرنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى بلغ تَبُوك، فَقَالَ وَهُوَ جالسٌ فِي الْقَوْم بتبوك " مَا فعل كَعْب بن مَالك؟ " فَقَالَ رجلٌ من بني سَلمَة: يَا رَسُول الله، حَبسه برْدَاهُ وَالنَّظَر فِي عطفيه. فَقَالَ لَهُ معَاذ بن جبل: بئس مَا قلت، وَالله - يَا رَسُول الله - مَا علمنَا عَلَيْهِ إِلَّا خيرا. فَسكت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. فَبينا هُوَ على ذَلِك رأى رجلا مبيضاً يَزُول بِهِ السراب، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" كن أَبَا خَيْثَمَة " فَإِذا هُوَ أَبُو خَيْثَمَة الْأنْصَارِيّ، الَّذِي تصدق بصاعٍ التَّمْر حِين لمزه المُنَافِقُونَ.

قَالَ كَعْب: فَلَمَّا بَلغنِي

أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قَافِلًا من تَبُوك، حضرني بثي فطفقت أَتَذكر الْكَذِب وَأَقُول: بِمَ أخرج من سخطه غَدا؟ وأستعين على ذَلِك بِكُل ذِي رَأْي من أَهلِي: فَلَمَّا قيل: إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادماً، زاح عني الْبَاطِل، حَتَّى عرفت أَنِّي لن أنجو مِنْهُ بشيءٍ أبدا، فأجمعت صدقه.

وصبح رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قادماً، وَكَانَ إِذا قدم من سفرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ثمَّ جلس للنَّاس، فَلَمَّا فعل ذَلِك جَاءَهُ الْمُخَلفُونَ، فطفقوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ، ويحلفون لَهُ، وَكَانُوا بضعَة وَثَمَانِينَ رجلا، فَقبل مِنْهُم علانيتهم، وبايعهم واستغفر لَهُم،

ص: 443

ووكل سرائرهم إِلَى الله حَتَّى جِئْت، فَلَمَّا سلمت تَبَسم تَبَسم الْمُغْضب. ثمَّ قَالَ:" تعال " فَجئْت أَمْشِي حَتَّى جَلَست بَين يَدَيْهِ، فَقَالَ: مَا خَلفك؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك؟ " قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي وَالله لَو جَلَست عِنْد غَيْرك من أهل الدُّنْيَا لرأيت أَنِّي سأخرج من سخطه بِعُذْر، لقد أَعْطَيْت جدلاً، وَلَكِنِّي - وَالله - لقد علمت، لَئِن حدثتك الْيَوْم حَدِيث كذبٍ ترْضى بِهِ عني ليوشكن الله أَن يسخطك عَليّ، وَلَئِن حدثتك حَدِيث صدق تَجِد عَليّ فِيهِ - إِنِّي لأرجو فِيهِ عُقبى الله عز وجل وَفِي رِوَايَة عقيل - عَفْو الله. وَالله مَا كَانَ لي من عذرٍ، وَالله مَا كنت قطٌّ أقوى وَلَا أيسر مني حِين تخلفت عَنْك، قَالَ: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " أما هَذَا فقد صدق، فَقُمْ حَتَّى يقْضِي الله فِيك فَقُمْت.

وثار رجالٌ من بن سلمى فَاتبعُوني، فَقَالُوا لي: وَالله مَا علمناك أذنبت ذَنبا قبل هَذَا، لقد عجزت فِي أَلا تكون اعتذرت إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِمَا أعْتَذر إِلَيْهِ الْمُخَلفُونَ، فقد كَانَ كافيك ذَنْبك اسْتِغْفَار رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَك. قَالَ: فوَاللَّه مَا زَالُوا يؤنبونني حَتَّى أردْت أَن أرجع إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فأكذب نَفسِي. قَالَ: ثمَّ قلت لَهُم: هَل لَقِي هَذَا معي من أحد؟ قالو: نعم، لقِيه رجلَانِ قَالَا مثل مَا قلت، وَقيل لَهما مثل مَا قيل لَك. قَالَ: قلت: من هما؟ قَالُوا: مرَارَة بن ربيعَة العامري وهلال بن أُميَّة الوَاقِفِي. قَالَ: فَذكرُوا لي رجلَيْنِ صالحين قد شَهدا بَدْرًا، فيهمَا أُسْوَة، قَالَ: فمضيت حِين ذكروهما لي. قَالَ: وَنهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْمُسلمين عَن كلامنا - أَيهَا الثَّلَاثَة - من بَين من تخلف عَنهُ.

قَالَ: فَاجْتَنَبَنَا النَّاس - أَو قَالَ: تغيرُوا لنا حَتَّى تنكرت لي فِي نَفسِي الأَرْض، فَمَا هِيَ بِالْأَرْضِ الَّتِي أعرف، فلبثنا على ذَلِك خمسين لَيْلَة. فَأَما صَاحِبَايَ فاستكانا وقعدا فِي بيوتهما يَبْكِيَانِ، واما أَنا فَكنت أشب الْقَوْم وأجلدهم. فَكنت أخرج،

ص: 444

وَأشْهد الصَّلَاة، وأطوف فِي الْأَسْوَاق، فَلَا يكلمني أحدٌ، وَآتِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأسلم عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مَجْلِسه بعد الصَّلَاة، فَأَقُول فِي نَفسِي: هَل حرك شَفَتَيْه برد السَّلَام أم لَا؟ ثمَّ أُصَلِّي قَرِيبا مِنْهُ، وأسارقه النّظر، فَإِذا أَقبلت على صَلَاتي نظر إِلَيّ، وَإِذا الْتفت نَحوه أعرض عني، حَتَّى إِذا طَال عَليّ ذَلِك من جفوة الْمُسلمين، مشيت حَتَّى تسورت جِدَار حَائِط أبي قَتَادَة، وَهُوَ ابْن عمي واحب النَّاس إِلَيّ، فَسلمت عَلَيْهِ، فوَاللَّه مَا رد عَليّ السَّلَام، فَقلت لَهُ: يَا أَبَا قَتَادَة، أنْشدك بِاللَّه، هَل تعلمني أَنِّي أحب الله وَرَسُوله؟ قَالَ: فَسكت. فعدت فناشدته، فَقَالَ: الله وَرَسُوله أعلم. فَفَاضَتْ عيناني، وتوليت حَتَّى تسورت الْجِدَار.

فَبينا أَنا أَمْشِي فِي سوق الْمَدِينَة، إِذا نبطي من نبط أهل الشَّام مِمَّن قدم بِالطَّعَامِ يَبِيعهُ بِالْمَدِينَةِ يَقُول: من يدل على كَعْب بن مَالك؟ قَالَ: فَطَفِقَ النَّاس يشيرون لَهُ إِلَيّ، حَتَّى جَاءَ فَدفع إِلَيّ كتابا من ملك غَسَّان، وَكنت كَاتبا، فَقَرَأته فَإِذا فِيهِ: أما بعد، فَإِنَّهُ قد بلغنَا أَن صَاحبك قد جفاك، وَلم يجعلك الله بدار هوانٍ وَلَا مضيعة، فَالْحق بِنَا نواسيك. قَالَ: فَقلت حِين قرأتها: وَهَذَا أَيْضا من الْبلَاء.

فَتَيَمَّمت بهَا التَّنور فسجرتها.

حَتَّى إِذا مَضَت أَرْبَعُونَ من الْخمسين، واستلبث الْوَحْي، إِذا رَسُول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني فَقَالَ:

إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَأْمُرك أَن تَعْتَزِل امْرَأَتك. قَالَ: قلت: أطلقها أم مَاذَا أفعل؟ قَالَ: لَا بل اعتزلها فَلَا تقربنها. قَالَ: وَأرْسل إِلَى صَاحِبي بِمثل ذَلِك. قَالَ: فَقلت لامرأتي: الحقي بأهلك فكوني عِنْدهم حَتَّى يقْضِي الله فِي هَذَا الْأَمر. قَالَ: فَجَاءَت امرأةٍ هِلَال بن أُميَّة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَت لَهُ: يَا رَسُول الله، إِن هِلَال بن أُميَّة شيخٌ ضائعٌ لَيْسَ لَهُ خادمٌ، فَهَل تكره أَن أخدمه؟ قَالَ:" لَا، وَلَكِن لَا يقربنك ". فَقَالَت: إِنَّه - وَالله - مَا بِهِ حَرَكَة إِلَى شَيْء، وَوَاللَّه مَا زَالَ يبكي مُنْذُ كَانَ من أمره مَا كَانَ إِلَى يَوْمه هَذَا. قَالَ: فَقَالَ لي بعض أَهلِي:

ص: 445

لَو اسْتَأْذَنت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي امْرَأَتك، فقد أذن لامْرَأَة هِلَال بن أُميَّة أَن تخدمه.

قَالَ: فَقلت: اسْتَأْذن فِيهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَمَا يدريني مَاذَا يَقُول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا استأذنته فِيهَا، وَأَنا رجلٌ شابٌّ.

قَالَ: فَلَبثت بذلك عشر ليالٍ، فكمل لنا خَمْسُونَ لَيْلَة من حِين نهي عَن كلامنا.

قَالَ: ثمَّ صليت صَلَاة الْفجْر صباح خمسين لَيْلَة على ظهر بيتٍ من بُيُوتنَا. فَبينا أَنا جالسٌ على الْحَال الَّتِي ذكر الله منا، قد ضَاقَتْ عَليّ نَفسِي، وَضَاقَتْ عَليّ الأَرْض بِمَا رَحبَتْ، سَمِعت صَوت صارخ أَو فى على سلعٍ يَقُول بِأَعْلَى صَوته: يَا كَعْب ابْن مَالك، أبشر. قَالَ: فَخَرَرْت سَاجِدا، وَعلمت أَن قد جَاءَ فرج. قَالَ: وآذن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم النَّاس بتوبة الله عز وجل علينا حِين صلى صَلَاة الْفجْر، فَذهب النَّاس يبشروننا، فَذهب قبل صَاحِبي مبشرون، وركض رجلٌ إِلَيّ فرسا، وسعى ساعٍ من أسلم قبلي، وأوفى على الْجَبَل فَكَانَ الصَّوْت أسْرع من الْفرس، فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعت صَوته يبشرني نزعت لَهُ ثوبي فكسوتهما إِيَّاه ببشارته، وَوَاللَّه مَا أملك غَيرهمَا يومئذٍ، واستعرت ثَوْبَيْنِ فلبستهما، وَانْطَلَقت أتأمم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فتلقاني النَّاس فوجاً فوجاً يهنئوني بِالتَّوْبَةِ وَيَقُولُونَ: لتهنك تَوْبَة الله عَلَيْك، حَتَّى دخلت الْمَسْجِد، فَإِذا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حوله النَّاس، فَقَامَ طَلْحَة بن عبيد الله يُهَرْوِل حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنأَنِي، وَالله مَا قَامَ رجلٌ من الْمُهَاجِرين غَيره. قَالَ: فَكَانَ كعبٌ لَا ينساها لطلْحَة.

قَالَ كَعْب: فَلَمَّا سلمت على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ وَهُوَ يَبْرق وَجهه من السرُور:

أبشر بِخَير يومٍ مر عَلَيْك مُنْذُ وَلدتك أمك " قَالَ: فَقلت: أَمن عنْدك يَا رَسُول الله أم من عِنْد الله؟ فَقَالَ: " لَا، بل من عِنْد الله " وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا سر استنار وَجهه، كَأَن وَجهه قِطْعَة قمر. قَالَ: وَكُنَّا نَعْرِف ذَلِك، قَالَ: فَلَمَّا جَلَست بَين يَدَيْهِ قلت: يَا رَسُول الله، إِن من تَوْبَتِي أَن أَنْخَلِع من مَالِي صَدَقَة إِلَى الله وَإِلَى رَسُوله. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " أمسك بعض مَالك، فَهُوَ خيرٌ لَك "

ص: 446

قَالَ: فَقلت: فَإِنِّي أمسك سهمي الَّذِي بِخَيْبَر. قَالَ: وَقلت: يَا رَسُول الله، إِن الله إِنَّمَا أنجاني بِالصّدقِ، وَإِن من تَوْبَتِي أَن لَا أحدث إِلَّا صدقا مَا حييت. قَالَ: فوَاللَّه مَا علمت أحدا من الْمُسلمين أبلاه الله فِي صدق الحَدِيث مُنْذُ ذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم أحسن مِمَّا أبلاني الله. وَالله مَا تَعَمّدت كذبةً مُنْذُ قلت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى يومي هَذَا، وَإِنِّي لأرجو أَن يحفظني الله فِيمَا بَقِي.

يُقَال: فَأنْزل الله عز وجل: {لقد تَابَ الله على النَّبِي والمهاجرين وَالْأَنْصَار الَّذين اتَّبعُوهُ فِي سَاعَة الْعسرَة} حَتَّى بلغ: {إِنَّه بهم رءوفٌ رَحِيم وعَلى الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا حَتَّى إِذا ضَاقَتْ عَلَيْهِم ارْض بِمَا رَحبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِم أنفسهم وظنوا أَن لَا ملْجأ من الله إِلَّا إِلَيْهِ ثمَّ تَابَ عَلَيْهِم ليتوبوا إِن الله هُوَ التواب الرَّحِيم} حَتَّى بلغ: {اتَّقوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقين} [سُورَة التَّوْبَة]، قَالَ كَعْب: وَالله مَا أنعم الله عَليّ من نعْمَة قطّ بعد إِذْ هَدَانِي الله لِلْإِسْلَامِ أعظم فِي نَفسِي من صدقي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن لَا أكون كَذبته فَأهْلك كَمَا هلك الَّذين كذبُوا. إِن الله قَالَ للَّذين كذبُوا حِين أنزل الْوَحْي شَرّ مَا قَالَ لأحد، فَقَالَ الله:{سيحلفون بِاللَّه لكم إِذا انقلبتم إِلَيْهِم لتعرضوا عَنْهُم فأعرضوا عَنْهُم إِنَّهُم رجسٌ ومأواهم جَهَنَّم جَزَاء بِمَا كَانَ يَكْسِبُونَ يحلفُونَ لكم لترضوا عَنْهُم فَإِن ترضوا عَنْهُم فَإِن الله لَا يرضى عَن الْقَوْم الْفَاسِقين} [سُورَة التَّوْبَة] .

قَالَ كَعْب: كُنَّا خلفنا - أَيهَا الثَّلَاثَة - عَن أَمر أُولَئِكَ الَّذين قبل مِنْهُم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين حلفوا لَهُ، فبايعهم واستغفر لَهُم، وأرجأ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أمرنَا حَتَّى قضى الله فِيهِ. فبذلك قَالَ الله عز وجل:{وعَلى الثلثة الَّذين خلفوا} وَلَيْسَ الَّذِي ذكر مِمَّا خلفنا تخلفنا عَن الْغَزْو، وَإِنَّمَا هُوَ تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنَا عَمَّن حلف لَهُ وَاعْتذر إِلَيْهِ، فَقبل مِنْهُ.

ص: 447

وَفِي حَدِيث إِسْحَاق بن رَاشد:

وَنهى النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن كَلَامي وَكَلَام صَاحِبي، وَلم ينْه عَن كَلَام أحدٍ من المتخلفين غَيرنَا. فاجتنب النَّاس كلامنا، فَلَبثت كَذَلِك حَتَّى طَال عَليّ الْأَمر، وَمَا من شَيْء أهم إِلَيّ من أَن أَمُوت فَلَا يُصَلِّي عَليّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، أَو يَمُوت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَأَكُون من النَّاس بِتِلْكَ الْمنزلَة، فَلَا يكلمني أحدٌ مِنْهُم، وَلَا يسلم عَليّ، وَلَا يُصَلِّي عَليّ. قَالَ: وَأنزل الله تَعَالَى على نبيه صلى الله عليه وسلم حِين بَقِي الثُّلُث الآخر من اللَّيْل، وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم عِنْد أم سَلمَة، وَكَانَت أم سَلمَة محسنةً فِي شأني، معنيةً بأَمْري. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" يَا أم سَلمَة، تيب على كَعْب " قَالَت: أَفلا أرسل إِلَيْهِ فأبشره؟ قَالَ:

إِذا يحطمكم النَّاس فيمنعونكم النّوم سَائِر اللَّيْل " حَتَّى إِذا صلى صلى الله عليه وسلم صَلَاة الْفجْر، آذن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا.

وَفِي حَدِيث هِشَام بن يُوسُف عَن معمر:

أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم خرج يَوْم الْخَمِيس فِي غَزْوَة تَبُوك وَكَانَ يحب أَن يخرج يَوْم الْخَمِيس.

وَأَخْرَجَا موضعا مِنْهُ فِي مَوضِع آخر من حَدِيث عبد الله وَعبيد الله ابْني كَعْب عَن كَعْب بن مَالك وَفِيه زِيَادَة معنى:

أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يقدم من سفرٍ إِلَّا نَهَارا فِي الضُّحَى، فَإِذا قدم بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ، فصلى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ جلس فِيهِ.

وللبخاري حَدِيث وَاحِد:

713 -

عَن نَافِع أَنه سمع ابْن كَعْب بن مَالك يحدث عَن أَبِيه: أَنه كَانَت لَهُ غنمٌ ترعى بسلع فَأَبْصَرت جاريةٌ لنا بشاةٍ من غنمنا موتا، فَكسرت حجرا فذبحتها بِهِ، فَقَالَ لَهُم: لَا تَأْكُلُوا حَتَّى أسأَل النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَو أرسل من يسْأَله. وَأَنه سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

ص: 448

عَن ذَلِك، أَو أرسل إِلَيْهِ، فَأمره بأكلها. قَالَ عبيد الله: فَيُعْجِبنِي أَنَّهَا أمةٌ، وَأَنَّهَا ذبحت.

وَفِي الْإِسْنَاد اخْتِلَاف على نَافِع قيل:

عَن رجل من الْأَنْصَار، وَقيل: عَن معَاذ بن سعد، أَو سعد بن معَاذ: أَن جَارِيَة لكعب

وَلمُسلم حديثان:

714 -

أَحدهمَا: عَن ابْن كَعْب عَن كَعْب: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْكُل بِثَلَاث أَصَابِع، وَإِذا فرغ لعقها.

715 -

الثَّانِي: عَن ابْن كَعْب عَن أَبِيه كَعْب بن مَالك أَنه حَدثهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَعثه وَأَوْس بن الْحدثَان أَيَّام التَّشْرِيق، فناديا: أَنه لَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا مُؤمن، وَأَيَّام منى أَيَّام أكل وَشرب.

ص: 449