الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِسْمَاعِيل، فَإِن أَبَاكُم كَانَ رامياً " أَو " ارموا وَأَنا مَعَ بني فلَان " فَأمْسك أحد الْفَرِيقَيْنِ بِأَيْدِيهِم، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم " مَا لكم لَا ترمون؟ " فَقَالُوا: كَيفَ نرمي وَأَنت مَعَهم؟ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " ارموا وَأَنا مَعكُمْ كلكُمْ ".
967 -
الْخَامِس: عَن يزِيد بن أبي عبيد قَالَ: رَأَيْت أثر ضربةٍ فِي سَاق سَلمَة، فَقلت: يَا أَبَا مُسلم، مَا هَذِه الضَّرْبَة؟ فَقَالَ: هَذِه ضَرْبَة أصابتني يَوْم خَيْبَر. فَقَالَ: النَّاس: أُصِيب سَلمَة، وَأتي بِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فنفث فِيهِ ثَلَاث نفثات، فَمَا اشتكيتها حَتَّى السَّاعَة.
أَفْرَاد مُسلم
968 -
الحَدِيث الأول: عَن إِيَاس بن أبي سَلمَة عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " من سل علينا السَّيْف فَلَيْسَ منا ".
969 -
الثَّانِي: عَن إِيَاس عَن أَبِيه قَالَ: خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَة فأصابنا جهدٌ حَتَّى هممنا أَن نَنْحَر بعض ظهرنا، فَأمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم فجمعنا تزوادنا، وبسطنا لَهُ نطعاً، فَاجْتمع زَاد الْقَوْم على النطع، قَالَ: فتطاولت لأحزر كم هُوَ، قَالَ: حزرته فَإِذا هُوَ كربضة العنز، وَنحن أَربع عشرَة مائَة، قَالَ: فأكلنا حَتَّى شبعنا جَمِيعًا، ثمَّ حشونا جربنَا. فَقَالَ نَبِي الله صلى الله عليه وسلم:" فَهَل من وضوء؟ " قَالَ: فجَاء رجل بإداوة فِيهَا نُطْفَة، فأفرغها فِي قدح، فتوضأنا كلنا ندغفقه دغفقة، أَربع عشر مائَة. قَالَ: ثمَّ جَاءَ بعد ثَمَانِيَة فَقَالُوا: هَل من طهُور؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " فرغ الْوضُوء "
ذكر أَبُو مَسْعُود فِي أَفْرَاد مُسلم، وَفِيه زِيَادَة توجب لَهُ ذَلِك، وَإِن كَانَ مَا فِيهِ من ذكر الْأَفْرَاد بِمَعْنى الحَدِيث الثَّالِث من أَفْرَاد البُخَارِيّ.
970 -
الثَّالِث: عَن إِيَاس بن سَلمَة قَالَ: غزونا فَزَارَة وعلينا أَبُو بكر، أمره رَسُول الله صلى الله عليه وسلم علينا، فَلَمَّا كَانَ بَيْننَا وَبَين المَاء سَاعَة، أمرنَا أَبُو بكر فعرسنا، ثمَّ شن الْغَارة، فورد المَاء فَقتل من قتل عَلَيْهِ، وسبى، وَأنْظر إِلَى عنقٍ من النَّاس فيهم الذَّرَارِي، فَخَشِيت أَن يسبقوني إِلَى الْجَبَل، فرميت بِسَهْم بَينهم وَبَين الْجَبَل، فَلَمَّا رَأَوْا السهْم وقفُوا، فَجئْت بهم أسوقهم وَفِيهِمْ امْرَأَة من بني فَزَارَة عَلَيْهَا قشعٌ من أَدَم - قَالَ: القشع: النطع - مَعهَا ابْنة لَهَا من أحسن الْعَرَب، فسقتهم حَتَّى أتيت بهم أَبَا بكر، فنفلني أَبُو بكر ابْنَتهَا، فقدمنا الْمَدِينَة وَمَا كشفت لَهَا ثوبا، فلقيني رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي السُّوق فَقَالَ:" يَا سَلمَة، هَب لي الْمَرْأَة " فَقلت: يَا رَسُول الله، لقد أعجبتني، وَمَا كشفت لَهَا ثوبا. ثمَّ لَقِيَنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من الْغَد فِي السُّوق فَقَالَ:" يَا سَلمَة، هَب لي الْمَرْأَة، لله أَبوك ". فَقلت: هِيَ لَك يَا رَسُول الله، فوَاللَّه مَا كشفت لَهَا ثوبا. فَبعث بهَا نَبِي الله صلى الله عليه وسلم إِلَى أهل مَكَّة، ففدى بهَا أُنَاسًا من الْمُسلمين كَانُوا أَسرُّوا بِمَكَّة.
971 -
الرَّابِع: عَن إِيَاس بن سَلمَة قَالَ: حَدثنِي أبي قَالَ: غزونا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حنيناً، فَلَمَّا وَاجَهنَا الْعَدو تقدّمت فأعلو ثنية، فاستقبلني رجل من الْعَدو، فأرميه بِسَهْم، فتوارى عني، فَمَا دَريت مَا صنع، وَنظرت إِلَى الْقَوْم فَإِذا هم قد طلعوا من ثنية أُخْرَى فَالْتَقوا هم وَأَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فولى أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم فأرجع مُنْهَزِمًا، وَعلي بردتان متزرٌ بِإِحْدَاهُمَا مرتدٍ بِالْأُخْرَى، فاستطلق إزَارِي، فجمعتهما جَمِيعًا، ومررت على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مُنْهَزِمًا وَهُوَ على بغلته الشَّهْبَاء،
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: "
لقد رأى ابْن الْأَكْوَع فَزعًا ". فَلَمَّا غشوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نزل عَن البغلة، ثمَّ قبض قَبْضَة من تُرَاب الأَرْض، ثمَّ اسْتقْبل بِهِ وُجُوههم، فَقَالَ " شَاهَت الْوُجُوه " فَمَا خلق الله مِنْهُم إنْسَانا إِلَّا مَلأ عَيْنَيْهِ تُرَابا بِتِلْكَ القبضة، فَوَلوا مُدبرين، فَهَزَمَهُمْ الله، وَقسم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم غنائمهم بَين الْمُسلمين.
972 -
الْخَامِس: عَن إِيَاس بن سَلمَة قَالَ: حَدثنِي أبي قَالَ: قدمنَا الْحُدَيْبِيَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَنحن أَربع عشرَة مائَة، عَلَيْهَا خَمْسُونَ شَاة لَا ترْوِيهَا. قَالَ: فَقعدَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على جبا الرَّكية فإمَّا دَعَا وَإِمَّا بَصق فِيهَا، قَالَ: فَجَاشَتْ، فسقينا وَاسْتَقَيْنَا. قَالَ: ثمَّ إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم دَعَانَا لِلْبيعَةِ فِي أصل الشَّجَرَة. قَالَ: فَبَايَعته أول النَّاس، ثمَّ بَايع وَبَايع، حَتَّى إِذا كَانَ فِي وسطٍ من النَّاس قَالَ:" بَايع يَا سَلمَة " قَالَ: قلت: قد بَايَعْتُك يَا رَسُول الله فِي أول النَّاس. قَالَ: " وَأَيْضًا ". قَالَ: ورآني رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أعزل يَعْنِي لَيْسَ مَعَه سلاحٌ، قَالَ: فَأَعْطَانِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حجفة أَو درقة ثمَّ بَايع حَتَّى إِذا كَانَ فِي آخر النَّاس قَالَ: " أَلا تبايعني يَا سَلمَة؟ " قَالَ: قلت: قد بَايَعْتُك يَا رَسُول الله فِي أول النَّاس وَفِي أَوسط النَّاس. قَالَ: " وَأَيْضًا " فَبَايَعته الثَّالِثَة ثمَّ قَالَ لي: " يَا سَلمَة، أَيْن حجفتك أَو درقتك الَّتِي أَعطيتك إِيَّاهَا؟ " قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، لَقِيَنِي عمي عَامر أعزل فأعطيته إِيَّاهَا. فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقَالَ:" إِنَّك كَالَّذي قَالَ الأول: اللَّهُمَّ أبغني حبيباً هُوَ أحب إِلَيّ من نَفسِي " ثمَّ إِن الْمُشْركين واسونا الصُّلْح، حَتَّى مَشى بَعْضنَا فِي بعض واصطلحنا. قَالَ: وَكنت تبيعاً لطلْحَة بن عبيد الله، أَسْقِي فرسه وأحسه، وأخدمه، وآكل من طَعَامه. وَتركت أَهلِي وَمَالِي مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَلَمَّا اصطلحنا نَحن وَأهل مَكَّة، وَاخْتَلَطَ بَعْضنَا بِبَعْض أتيت شَجَرَة فكسحت شَوْكهَا، فاضطجعت فِي أَصْلهَا. قَالَ: فَأَتَانِي أَرْبَعَة من الْمُشْركين من أهل مَكَّة، فَجعلُوا يقعون فِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فأبغضتهم فتحولت إِلَى شَجَرَة أُخْرَى، وعلقوا سِلَاحهمْ واضطجعوا، فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ نَادَى منادٍ من أَسْفَل الْوَادي: يَا للمهاجرين، قتل ابْن زنيم. قَالَ: فاخترطت سَيفي، ثمَّ شددت على أُولَئِكَ الْأَرْبَعَة وهم رقود، فَأخذت سِلَاحهمْ، فَجَعَلته ضغثاً فِي يَدي، قَالَ: ثمَّ قلت: وَالَّذِي كرم وَجه محمدٍ، لَا يرفع أحدٌ مِنْكُم رَأسه إِلَّا ضربت الَّذِي فِيهِ عَيناهُ. قَالَ ثمَّ جِئْت بهم أسوقهم إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: وَجَاء عمي عَامر بِرَجُل من العبلات يُقَال لَهُ مكرز يَقُودهُ إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على فرس مجفف فِي سبعين من الْمُشْركين، فَنظر إِلَيْهِم رَسُول الله فَقَالَ:" دعوهم يكن لَهُم بَدْء الْفُجُور وثناه " فَعَفَا عَنْهُم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَأنزل عز وجل:{وَهُوَ الَّذِي كف أَيْديهم عَنْكُم وَأَيْدِيكُمْ عَنْهُم بِبَطن مَكَّة من بعد أَن أَظْفَرَكُم عَلَيْهِم} [الْفَتْح]
قَالَ: ثمَّ خرجنَا رَاجِعين إِلَى الْمَدِينَة، فنزلنا منزلا، بَيْننَا وَبَين بني لحيان جبلٌ، وهم الْمُشْركُونَ، فَاسْتَغْفر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لمن رقي هَذَا الْجَبَل اللَّيْلَة كَأَنَّهُ طليعةٌ للنَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه. قَالَ سَلمَة: فرقيت تِلْكَ اللَّيْلَة مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا، ثمَّ قدمنَا الْمَدِينَة، فَبعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بظهره مَعَ رباحٍ غُلَام رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنا مَعَه، وَخرجت مَعَه بفرس طَلْحَة أنديه مَعَ الظّهْر، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذا عبد الرَّحْمَن الْفَزارِيّ قد أغار على ظهر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فاستاقه أجمع، وَقتل راعيه، فَقلت: يَا
رَبَاح، خُذ هَذَا الْفرس فأبلغه طَلْحَة بن عبيد الله، وَأخْبر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن الْمُشْركين قد أَغَارُوا على سرحه. ثمَّ قُمْت على أكمة، فاستقبلت الْمَدِينَة فناديت ثَلَاثًا: يَا صَبَاحَاه، ثمَّ خرجت فِي آثَار الْقَوْم أرميهم بِالنَّبلِ وأرتجز، أَقُول:
(أَنا ابْن الْأَكْوَع
…
وَالْيَوْم يَوْم الرضع)
فَألْحق رجلا مِنْهُم، فأصك سَهْما فِي رَحْله حَتَّى خلص نصل السهْم إِلَى كتفه. قَالَ: قلت: خُذْهَا وَأَنا ابْن الْأَكْوَع، وَالْيَوْم يَوْم الرضع. قَالَ: فوَاللَّه مَا زلت أرميهم وأعقر بهم فَإِذا رَجَعَ إِلَيّ فارسٌ أتيت شَجَرَة، فَجَلَست فِي أَصْلهَا ثمَّ رميته فعقرته، حَتَّى إِذا تضايق الْجَبَل، فَدَخَلُوا فِي تضايقه، عَلَوْت الْجَبَل، فَجعلت أرميهم بِالْحِجَارَةِ. قَالَ: فَمَا زلت كَذَلِك اتبعهم حَتَّى مَا خلق الله من بعير من ظهر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَّا خلفته وَرَاء ظَهْري، وخلوا بيني وَبَينه، ثمَّ اتبعتهم أرميهم حَتَّى ألقوا أَكثر من ثَلَاثِينَ بردة وَثَلَاثِينَ رمحاً، يستخفون، وَلَا يطرحون شَيْئا إِلَّا جعلت عَلَيْهِ آراماً من الْحِجَارَة يعرفهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه، حَتَّى أَتَوا متضايقاً من ثنية، فَإِذا هم قد أَتَاهُم فلَان بن بدر الْفَزارِيّ فَأخذُوا يتضحون، يَعْنِي يتغدون، وَجَلَست على رَأس قرن، قَالَ الْفَزارِيّ: مَا هَذَا الَّذِي أرى؟ قَالُوا: لَقينَا من هَذَا البرح، وَالله مَا فارقنا مُنْذُ غلس يرمينا، حَتَّى انتزع كل شَيْء فِي أَيْدِينَا. قَالَ: فَليقمْ إِلَيْهِ نفرٌ مِنْكُم أَرْبَعَة، قَالَ: فَصَعدَ إِلَيّ مِنْهُم أَرْبَعَة فِي الْجَبَل، فَلَمَّا أمكنوني من الْكَلَام قلت: هَل تعرفوني؟ قَالُوا: لَا، وَمن أَنْت؟ قَالَ: قلت: أَنا سَلمَة بن الْأَكْوَع، وَالَّذِي كرم وَجه مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم لَا أطلب رجلا مِنْكُم إِلَّا أَدْرَكته، وَلَا يطلبني رجلٌ مِنْكُم فيدركني. قَالَ أحدهم: أَنا أَظن: قَالَ: فَرَجَعُوا
قَالَ: فَمَا بَرحت مَكَاني حَتَّى رَأَيْت فوارس رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يتخللون الشّجر. قَالَ: فَإِذا أَوَّلهمْ الأخرم الْأَسدي، على إثره أَبُو قَتَادَة الْأنْصَارِيّ، وعَلى إثره الْمِقْدَاد بن الْأسود الْكِنْدِيّ. قَالَ: وَأخذت بعنان الأخرم، قَالَ: فَوَلوا مُدبرين: قلت يَا أخرم، احذرهم لَا يقتطعوك حَتَّى يلْحق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه. قَالَ: يَا سَلمَة إِن كنت تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر، وَتعلم أَن الْجنَّة حقٌّ وَالنَّار حقٍّ، فَلَا تحل بيني وَبَين الشَّهَادَة، قَالَ: فخليته، فَالتقى هُوَ وَعبد الرَّحْمَن، قَالَ: فعقر بِعَبْد الرَّحْمَن فرسه، وطعنه عبد الرَّحْمَن فَقتله، وتحول على فرسه، وَلحق أَبُو قَتَادَة فَارس رَسُوله صلى الله عليه وسلم بِعَبْد الرَّحْمَن فطعنه فَقتله، فوالذي كرم وَجه مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم لتبعتهم أعدو على رجْلي حَتَّى مَا أرى ورائي من أَصْحَاب محمدٍ وَلَا غبارهم شَيْئا، حَتَّى يعدلُوا قبل غرُوب الشَّمْس إِلَى شعب فِيهِ مَاء، يُقَال لَهُ ذَا قردٍ ليشربوا مِنْهُ وهم عطاش، قَالَ: فنظروا إِلَيّ أعدو وَرَاءَهُمْ، فخليتهم عَنهُ - يَعْنِي أجليتهم مِنْهُ، فَمَا ذاقوا مِنْهُ قَطْرَة. قَالَ: وَيخرجُونَ فيشتدون فِي ثنية. قَالَ: فأعدو فَألْحق رجلا مِنْهُم فأصكه بِسَهْم فِي بعض كتفه. قَالَ: قلت: خُذْهَا وَأَنا ابْن الْأَكْوَع وَالْيَوْم يَوْم الرضع.
قَالَ: يَا ثكلته أمه، أكوعه بكرَة؟ قَالَ: قلت: نعم يَا عَدو نَفسه، أكوعك بكرَة.
قَالَ: وأردوا فرسين على ثنية، فَجئْت بهما أسوقهما إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. قَالَ: ولحقني عَامر بسطيحة فِيهَا مذقة من لبن، وسطيحة فِيهَا مَاء، فَتَوَضَّأت وشربت، ثمَّ أتيت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ على المَاء الَّذِي خليتهم عَنهُ، فَإِذا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد أَخذ تِلْكَ الْإِبِل وكل شَيْء استنقذته من الْمُشْركين، وكل رمح وبردة، وَإِذا بلالٌ نحر نَاقَة من الْإِبِل الَّتِي استنقذت من الْقَوْم، وَإِذا هُوَ يشوي لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
قَالَ: قلت يَا رَسُول الله، خَلِّنِي فأنتخب من الْقَوْم مائَة رجل، فأتبع الْقَوْم فَلَا يبْقى مِنْهُم مخبر إِلَّا قتلته. قَالَ: فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه فِي ظلّ النَّار، فَقَالَ:" يَا سَلمَة، أتراك كنت فَاعِلا؟ " قلت: نعم، وَالَّذِي أكرمك.
فَقَالَ: " إِنَّهُم الْآن ليفرون فِي أَرض غطفان ".
قَالَ: فجَاء رجل من غطفان فَقَالَ: نحر لَهُم فلانٌ جزوراً، فَلَمَّا كشفوا جلدهَا رَأَوْا غباراً، فَقَالُوا: أَتَاكُم الْقَوْم، فَخَرجُوا هاربين، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:
كَانَ خير فرساننا الْيَوْم أَبُو قَتَادَة، وَخير رجالتنا سَلمَة ". قَالَ: ثمَّ أَعْطَانِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سَهْمَيْنِ: سهم الْفَارِس وَسَهْم الراجل، فجمعهما إِلَيّ جَمِيعًا، ثمَّ أردفني رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على العضباء رَاجِعين إِلَى الْمَدِينَة. قَالَ: فَبَيْنَمَا نَحن نسير، قَالَ: وَكَانَ رجلٌ الْأَنْصَار لَا يسْبق شداًّ، قَالَ: فَجعل يَقُول: أَلا مسابقٌ إِلَى الْمَدِينَة، هَل من مسابق؟ فَجعل يُعِيد ذَلِك قَالَ:، فَلَمَّا سَمِعت كَلَامه قلت: أما تكرم كَرِيمًا، وَلَا تهاب شريفاً، إِلَّا أَن يكون رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، بِأبي وَأمي، ذَرْنِي فلأسبق الرجل. قَالَ:" إِن شِئْت ". . قَالَ: قلت: اذْهَبْ إِلَيْك. قَالَ: وثنيت رجْلي، فطفرت فعدوت وربطت عَلَيْهِ شرفاً أَو شرفين أستبقي نَفسِي، ثمَّ عدوت فِي أَثَره، فَربطت عَلَيْهِ شرفاً أَو شرفين، ثمَّ إِنِّي رفعت حَتَّى ألحقهُ، قَالَ: فأصكه بَين كَتفيهِ. قَالَ: قلت قد سبقت وَالله.
قَالَ: أَنا أَظن. قَالَ: فسبقته إِلَى الْمَدِينَة.
قَالَ: فوَاللَّه مَا لبثنا إِلَّا ثَلَاث ليالٍ حَتَّى خرجنَا إِلَى خَيْبَر مَعَ رَسُول الله، فَجعل عمي عامرٌ يرتجز بالقوم:
(تالله لَوْلَا الله مَا اهتدينا
…
وَلَا تصدقنا وَلَا صلينَا)
(وَنحن عَن فضلك مَا استغنينا
…
فَثَبت الْأَقْدَام إِن لاقينا)
(وأنزلن سكينَة علينا
…
)
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " من هَذَا؟ " قَالَ: أَنا عَامر. قَالَ: " غفر لَك رَبك " قَالَ: وَمَا اسْتغْفر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لإِنْسَان يَخُصُّهُ إِلَّا اسْتشْهد. قَالَ: فَنَادَى عمر بن
الْخطاب وَهُوَ على جمل لَهُ: يَا نَبِي الله، لَوْلَا متعنَا بعامر. قَالَ: فَلَمَّا قدمنَا خَيْبَر قَالَ: خرج ملكهم مرحبٌ يخْطر بِسَيْفِهِ، يَقُول:
(قد علمت خَيْبَر أَنِّي مرحب
…
شاكي السِّلَاح بطلٌ مجرب)
(إِذا الحروب أَقبلت تلهب
…
)
قَالَ: وبرز لَهُ عمي عَامر فَقَالَ:
(قد علمت خَيْبَر أَنى عَامر
…
شاكي السِّلَاح بطلٌ مغامر)
قَالَ: فاختلفا ضربتين، فَوَقع سيف مرحبٍ فِي ترس عامرٍ، وَذهب عَامر يسفل لَهُ، فَرجع سَيْفه على نَفسه، فَقطع أكحله وَكَانَت فِيهَا نَفسه.
قَالَ سَلمَة: فَخرجت فَإِذا نفرٌ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُولُونَ: بَطل عمل عَامر، قتل نَفسه قَالَ:
فَأتيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَنا أبْكِي، فَقلت: يَا رَسُول الله، بَطل عمل عَامر. قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من قَالَ ذَلِك؟ " " قَالَ: قلت: ناسٌ من أَصْحَابك. قَالَ: " كذب من قَالَ ذَلِك، بل لَهُ أجره مرَّتَيْنِ " ثمَّ أَرْسلنِي إِلَى عليٍّ وَهُوَ أرمد، فَقَالَ:" لَأُعْطيَن الرَّايَة رجلا يحب الله وَرَسُوله، وَيُحِبهُ الله وَرَسُوله ".
قَالَ: فَأتيت علياًّ، فَجئْت بِهِ أقوده وَهُوَ أرمد، حَتَّى أتيت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فبصق فِي عَيْنَيْهِ فبرأ، وَخرج مرحب فَقَالَ:
(قد علمت خَيْبَر أَنى مرحب
…
شاكي السِّلَاح بطلٌ مجرب)
(إِذا الحروب أَقبلت تلهب
…
)
فَقَالَ عليٌّ رضي الله عنه:
(أَنا الَّذِي سمتني أُمِّي حيدره
…
كليث غابات كريه المنظره)
(أَو فيهم بالقاع كيل السندره
…
)
قَالَ: فَضرب رَأس مرحب فَقتله، ثمَّ كَانَ الْفَتْح على يَده.
فِي هَذَا الحَدِيث من ذكر الإغارة على السَّرْح، وقصة عَامر وارتجازه، وَقَوله صلى الله عليه وسلم: " لَأُعْطيَن الرَّايَة
…
" مَا قد اتّفق البُخَارِيّ مَعَه على مَعْنَاهُ وَلَكِن فِيهِ الزِّيَادَة وَالشَّرْح مَا يُوجب كَونه من أَفْرَاد مُسلم، كَمَا ذكره أَبُو مَسْعُود.
973 -
السَّادِس: عَن إِيَاس بن سَلمَة عَن أَبِيه: أَن رجلا أكل عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِشمَالِهِ، فَقَالَ:" كل بيمينك " قَالَ: لَا أَسْتَطِيع: فَقَالَ: " لَا اسْتَطَعْت " مَا مَنعه إِلَّا الْكبر، فَمَا رَفعهَا إِلَى فِيهِ.
974 -
السَّابِع: عَن إِيَاس بن سَلمَة عَن أَبِيه قَالَ: لقد قدت بِنَبِي الله صلى الله عليه وسلم وَالْحسن وَالْحُسَيْن بغلته الشَّهْبَاء حَتَّى أدخلتهم حجرَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم، هَذَا قدامه، وَهَذَا خَلفه.
975 -
الثَّامِن: عَن إِيَاس بن سَلمَة بن الْأَكْوَع عَن أَبِيه قَالَ: عدنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رجلا موعوكاً قَالَ: فَوضعت يَدي عَلَيْهِ، فَقلت: وَالله مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ رجلا أَشد حرا. فَقَالَ نَبِي الله صلى الله عليه وسلم: " أَلا أخْبركُم بأشد حراًّ مِنْهُ يَوْم الْقِيَامَة؟ هاذينك الرجلَيْن المقفيين " لِرجلَيْنِ حِينَئِذٍ من أَصْحَابه؟
976 -
التَّاسِع: عَن إِيَاس بن سَلمَة عَن أَبِيه: أَنه سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم وعطس عِنْده رجل فَقَالَ: " يَرْحَمك الله " ثمَّ عطس أُخْرَى فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: الرجل مزكوم ".
آخر مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ من مُسْند سَلمَة بن الْأَكْوَع وَهُوَ آخر مسانيد المقدمين بعد الْعشْرَة رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ، وَعَن التَّابِعين لَهُم بِإِحْسَان إِلَى يَوْم الدّين.