الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا انْفَرد البُخَارِيّ بِإِخْرَاجِهِ من ذَلِك
7 -
الأول: عَن عمر، من رِوَايَة عبد الله بن عمر: أَن عمر حِين تأيمت حَفْصَة بنت عمر من خُنَيْس بن حذافة السَّهْمِي - وَكَانَ من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قد شهد بَدْرًا وَتُوفِّي بِالْمَدِينَةِ - قَالَ عمر: فَلَقِيت عُثْمَان بن عَفَّان فعرضت عَلَيْهِ حَفْصَة فَقلت: إِن شِئْت أنكحتك حَفْصَة ابْنة عمر، فَقَالَ: سَأَنْظُرُ فِي أَمْرِي. فَلَبثت ليَالِي، ثمَّ لَقِيَنِي فَقَالَ: قد بدا لي أَلا أَتزوّج يومي هَذَا. قَالَ عمر: فَلَقِيت أَبَا بكر الصّديق فَقلت: إِن شِئْت أنكحتك حَفْصَة ابْنة عمر، فَصمت أَبُو بكر فَلم يرجع إِلَيّ شَيْئا، فَكنت مِنْهُ أوجد مني على عُثْمَان، فَلَبثت ليَالِي، ثمَّ خطبهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إِيَّاه، فلقيني أَبُو بكر فَقَالَ: لَعَلَّك وجدت عَليّ حِين عرضت عَليّ حَفْصَة فَلم أرجع إِلَيْك شَيْئا؟ فَقلت: نعم.
قَالَ: فَإِنَّهُ لم يَمْنعنِي أَن أرجع إِلَيْك فِيمَا عرضت عَليّ إِلَّا أَنِّي قد كنت علمت أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قد ذكرهَا، فَلم أكن لأفشي سر النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَلَو تَركهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم لقبلتها.
يُقَال: انْفَرد معمر بقوله فِيهِ: إِلَّا أَنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يذكرهَا، وَسَائِر الروَاة يَقُولُونَ: علمت.
قَالَ فِيهِ الرَّاوِي عَن معمر: حُبَيْش بِالْحَاء الْمُهْملَة والشين الْمُعْجَمَة وَالْبَاء، وَهُوَ تَصْحِيف، لِأَنَّهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالنُّون وَالسِّين الْمُهْملَة.
اختصر البُخَارِيّ حَدِيث معمر احْتِرَازًا مِمَّا وَقع للراوي فِيهِ، فَقَالَ: إِن عمر حِين تأيمت حَفْصَة من ابْن حذافة السَّهْمِي، وَلم يسمه، وقطعه عِنْد قَوْله: قَالَ عمر: فَلَقِيت أَبَا بكر فَقلت: إِن شِئْت أنكحتك حَفْصَة، لم يزدْ.
وَهَذَا الحَدِيث أَيْضا يذكر فِي مُسْند عمر لقَوْله فِيهِ: ثمَّ خطبهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فأنكحتها إِيَّاه.
8 -
الثَّانِي: عَن عبد الله بن عمر. عَن أبي بكر مَوْقُوفا أَنه قَالَ: ارقبوا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، فِي أهل بَيته.
9 -
الثَّالِث: فِي جمع الْقُرْآن:
عَن زيد بن ثَابت قَالَ: أرسل إِلَيّ أَبُو بكر مقتل أهل الْيَمَامَة، فَإِذا عمر جالسٌ عِنْده، فَقَالَ أَبُو بكر: إِن عمر جَاءَنِي فَقَالَ: إِن الْقَتْل قد استحر يَوْم الْيَمَامَة بقراء الْقُرْآن، وَإِنِّي أخْشَى أَن يستحر الْقَتْل بالقراء فِي كل المواطن، فَيذْهب من الْقُرْآن كثير، وَإِنِّي أرى أَن تَأمر بِجمع الْقُرْآن. قَالَ: قلت لعمر: وَكَيف أفعل شَيْئا لم يَفْعَله رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ عمر: هُوَ وَالله خيرٌ. فَلم يزل يراجعني فِي ذَلِك حَتَّى شرح الله صَدْرِي للَّذي شرح لَهُ صدر عمر، وَرَأَيْت فِي ذَلِك الَّذِي رأى عمر.
قَالَ زيد - وَفِي رِوَايَة فَقَالَ لي أَبُو بكر:
إِنَّك رجلٌ شابٌّ عاقلٌ لَا نتهمك، قد كنت تكْتب الْوَحْي لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع الْقُرْآن فاجمعه. قَالَ زيدٌ: فوَاللَّه لَو كلفني نقل جبلٍ من الْجبَال مَا كَانَ أثقل عَليّ مِمَّا أَمرنِي بِهِ من جمع الْقُرْآن. قَالَ:
كَيفَ تفعلان شَيْئا لم يَفْعَله رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ أَبُو بكر: هُوَ - وَالله - خيرٌ، قَالَ: فَلم يزل أَبُو بكر يراجعني. وَفِي أُخْرَى: فَلم يزل عمر يراجعني حَتَّى شرح الله صَدْرِي للَّذي شرح لَهُ صدر أبي بكر وَعمر.
قَالَ: فتتبعت الْقُرْآن أجمعه من الرّقاع والعسب واللخاف وصدور الرِّجَال، حَتَّى وجدت آخر سُورَة التَّوْبَة مَعَ خُزَيْمَة، أَو مَعَ أبي خُزَيْمَة الْأنْصَارِيّ، لم أَجدهَا مَعَ أحد غَيره. {لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم (128) } [سُورَة التَّوْبَة] خَاتِمَة " بَرَاءَة ".
قَالَ: فَكَانَت الصُّحُف عِنْد أبي بكر حَتَّى توفاه الله، ثمَّ عِنْد عمر حَتَّى توفاه الله، ثمَّ عِنْد حَفْصَة بنت عمر.
قَالَ بعض الروَاة فِيهِ: اللخاف يَعْنِي الخزف.
زَاد ابْن شهَاب عَن أنس: أَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قدم على عُثْمَان وَكَانَ يغازي أهل الشَّام فِي فتح أرمينية وأذربيجان مَعَ أهل الْعرَاق، فأفزع حُذَيْفَة اخْتلَافهمْ فِي الْقِرَاءَة، فَقَالَ حُذَيْفَة لعُثْمَان: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أدْرك هَذِه الْأمة قبل أَن يَخْتَلِفُوا فِي الْكتاب اخْتِلَاف الْيَهُود وَالنَّصَارَى، فَأرْسل عُثْمَان إِلَى حَفْصَة: أَن أرسلي إِلَيْنَا بالصحف ننسخها فِي الْمَصَاحِف ثمَّ نردها إِلَيْك، فَأرْسلت بهَا إِلَيْهِ، فَأمر زيد بن ثَابت وَعبد الله بن الزبير وَسَعِيد بن الْعَاصِ وَعبد الله بن الْحَارِث بن هِشَام، فنسخوها فِي الْمَصَاحِف، وَقَالَ عُثْمَان للرهط القرشيين: إِذا اختلفتم أَنْتُم وَزيد بن ثَابت فِي شَيْء من الْقُرْآن فاكتبوه بِلِسَان قُرَيْش، فَإِنَّمَا نزل بلسانهم، فَفَعَلُوا، حَتَّى إِذا نسخوا الصُّحُف فِي الْمَصَاحِف رد عُثْمَان الصُّحُف إِلَى حَفْصَة، فَأرْسل إِلَى كل أفق بمصحف مِمَّا نسخوا، وامر بِمَا سوى ذَلِك من الْقُرْآن فِي كل صحيفَة أَو مصحفٍ أَن يحرق.
قَالَ ابْن شهَاب: وَأَخْبرنِي خَارِجَة بن زيد بن ثَابت أَنه سمع زيد بن ثَابت يَقُول: فقدت آيَة من سُورَة الْأَحْزَاب - حَتَّى نسخت الصُّحُف - قد كنت أسمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقْرَأها، فالتمسناها، فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَة بن ثَابت الْأنْصَارِيّ:{من الْمُؤمنِينَ رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله (23) } [سُورَة الْأَحْزَاب] فألحقناها فِي سورتها من الْمُصحف.
قَالَ: وَفِي رِوَايَة أبي الْيَمَان: مَعَ خُزَيْمَة بن ثَابت الَّذِي جعل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم شَهَادَته شَهَادَة رجلَيْنِ.
زَاد فِي رِوَايَة أُخْرَى: قَالَ ابْن شهَاب: اخْتلفُوا يومئذٍ فِي " التابوت " فَقَالَ زيدٌ: " التابوه "، وَقَالَ ابْن الزبير وَسَعِيد بن الْعَاصِ " التابوت "، فَرفع اخْتلَافهمْ إِلَى عُثْمَان فَقَالَ: أكتبوه " التابوت " فَإِنَّهُ بِلِسَان قُرَيْش.
الْمسند من هَذَا الحَدِيث قَول أبي بكر لزيد بن ثَابت: قد كنت تكْتب الْوَحْي لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم. وَقَول عُثْمَان: فَإِنَّمَا نزل بِلِسَان قُرَيْش. وَقَول زيد: قد كنت أسمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقْرَأ بهَا. وَقَوله عَن خُزَيْمَة: الَّذِي جعل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم شَهَادَته شَهَادَة رجلَيْنِ.
10 -
الرَّابِع: حَدِيث الصَّدقَات: ذكره البُخَارِيّ فِي عشرَة مَوَاضِع من كِتَابه بِإِسْنَاد وَاحِد مقطعاً من رِوَايَة ثُمَامَة بن عبد الله بن أنس، عَن أنس بن مَالك: أَن أَبَا بكر الصّديق لما اسْتخْلف كتب لَهُ حِين وَجهه إِلَى الْبَحْرين هَذَا الْكتاب، وَكَانَ نقش الْخَاتم ثَلَاثَة أسطر: مُحَمَّد سطر، وَرَسُول سطر، وَالله سطر.