الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
990 - محمدُ بن عبد الرّحمن اللَّخْميُّ، شَرِيشيٌّ، ابنُ السَّرّاج
.
رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح، وكان فقيهًا حافظًا، واستُقضيَ.
991 -
محمدُ (1) بن عبد الرّحمن، وادِياشيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الكاتب.
رَوى عن أبي زَيْد السُّهَيْليِّ وغييره. وكان أديبًا كاتبًا بارعًا، شاعرًا مُجِيدًا، متقدّمًا في الحساب والمِساحة، كتَبَ عن بعضِ أبناءِ الأُمراء بغَرْناطةَ وشَرْقِ الأندَلُس، وكان أثَيرًا لديهم حظِيًّا عندَهم، ثم نَزَعَ عن الكتابة واستُعمِلَ مُشرِفًا على غَرْناطة ثم على مَرّاكُشَ، ثم أُعيدَ إلى غَرناطةَ ناظرًا في المُستخلَصِ بها، فوَلِيَ ذلك كلَّه مكفوفَ اليد مشكورَ السّيرة، وبنَى مسجدَ دار القضاء بغَرْناطةَ من مالِه، وأصلَحَ مساجدَ غيره وسدَّدَها وفعَلَ خيرًا كثيرًا، وأوصَى في مرَضه أنه كان قد أخرَجَ في صحّتِه من صَميم مالِه أربعةَ آلافِ دينار لتتميم القَنْطَرة على وادي شنيلَ (2) خارجَ [148 أ] غَرْناطة، فأكَّد الإيصاءَ بذلك وإنفاذَ عهدِه فيه، واستمرَّ نظَرُه على المستخلَصِ بها إلى أن توفِّي بها سنةَ سبع وست مئة، ودُفن بدارِه في حَوْمةِ مسجدِ القاضي، ثم نُقِلَ إلى مسجدٍ أمام دارِه على ضفّة الوادي، وأُنفذِت وصيّتُه هذه في تتميم بناءِ القَنْطَرة بشنيلَ (2)، نفَعَهُ الله.
992 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن الكُحل، أبو بكر
.
رَوى عن شُرَيْح.
993 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن عُبَيد الله بن مهونةَ
(3).
رَوى عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال.
(1) ترجمه ابن الخطيب في الإحاطة 3/ 211، وورد ذكره في البيان المغرب (قسم الموحدين) 244،170.
(2)
في ب: "شنجيل"، وفي الهامش:"لعله: شنيل" قلنا: وشنجيل هو الاسم اللاتيني لها.
(3)
في ب: "مهوبة" وعليها علامة خطأ.
994 -
مُحَمَّد (1) بن عبد الرحيم بن عبد الرّحمن بن الطيِّب بن أحمدَ بن عليّ بن أحمدَ بن رَزْقونِ (2) ابن أفلَحَ بن سَحْنُونِ بن مَسْلَمةَ القَيْسيُّ، خَضْراويٌّ، نزَلَ سَبْتةَ، أبو القاسم، ابنُ الطَّيِّب.
تَلا بالسَّبع جَمْعًا إلى قولِ الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء:58] على أبي زَيْد بن عليّ المُنَسْتِيريّ، وبها مفرَداتٍ على أبي عبد الله بن أحمدَ بن أبي القاسم الشَّرِيشيّ وأبي الحَسَن بن محمد ابن الحَصّار، وبها وبالإدغام الكبير عن أبي عَمْرو، وبروايةِ يعقوبَ على أبي محمد بن موسى الرُّكَيْبيّ، وبحَرْف نافِع من طريقَيْه والإدغام الكبير عن أبي عَمْرو، وبروايةِ يعقوبَ على أبي الحُسَين عُبَيد الله بن أحمدَ بن أبي الرَّبيع، وبه على أبي عبد الله بن حَسَن بن عُمرَ بن المَحَلِّي وأبي العلاءِ القُرطُبيّ، وأكثرَ القرآن به على أبي عُمرَ محمد بن أبي القاسم أحمدَ بن أبي هارون، وبه جَمْعًا بين راوِيَيْه على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ إلى أوّل سُورة السَّجْدة.
وسَمِع أَبا إسحاقَ بن بَطّال الأَرْكَشيَّ، وابنَي المحمَّدَيْن: أحمدَ ابن الكَمّاد وابن إبراهيمَ البلَّفِيقيَّ، والشَّرقيَّ، وأبا بكر بنَ محمد بن مَشَلْيُون، وأبا جعفر بن محمد بن مَكْنون، وآباءَ عبد الله: ابنَيْ عبدَي الله: ابن أحمدَ الأَزْديَّ وابن محمد بن خَمِيس، وابنَ عبد الرّحمن بن جَوْبَر، وأبا العبّاس بن يوسُفَ ابن فَرْتُون، وأبا عَمْرٍو عثمانَ بن محمد ابن الحاجّ، وأبا يعقوبَ بن موسى المحسانيَّ وأكثرَ عن مُعظمِهم، وتفَقَّه بأكثرِهم وبأبي اميّةَ إبراهيمَ بن محمد بن حَمْدون وأبوَي الحَسَن: ابن عبد الله المَتِّيويِّ وابن محمد البَصْريِّ، وأبي عبد [148 ب] الله بن الحَسَن ابن المَحَلِّي،
(1) ترجمه الوادي آشي في برنامجه (122)، والصفدي في نكت الهميان (254)، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 171، وابن حجر في الدرر الكامنة 4/ 128، وابن القاضي في درة الحجال 2/ 248، والسيوطي في طبقات المفسرين 2/ 185.
(2)
بهامش ب: "هو بتقديم الراء على الزاي".
وأبي محمد بن عليّ بن ستاري، وعَرَضَ على ظهرِ قلبٍ جميعَ "السِّيرة" على الرئيس أبي القاسم محمدِ بن أبي العبّاس العَزَفيّ، وكلُّهم أجازوا لهُ إلا أَبا إسحاقَ الشَّرقيَّ (1).
وأجاز له من أهلِ المشرقِ: تاجا الدين: أحمدُ بن ياسين بن عبد الله وأبو بكرٍ محمدُ بن يوسُف بن مُسْدي، وجمالُ الدِّين أبو أحمدَ يعقوبُ بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيمَ الطَّبَريُّ، وسِراجَا الدِّين: إبراهيمُ بن عُمرَ بن مُضَرَ الواسِطيُّ وعثمانُ بن عبد الرّحمن بن عَتِيق بن حُسَين بن رَشيِق الرَّبَعيُّ، وسَعْدُ الدِّين أبو اليُمْن بن أبي الحَسَن بن الحَسَن ابن عساكرَ، وشمسُ الدِّين عثمانُ بن موسى بن عبد الله إمامُ الحنابلةِ بالحَرَم الشّريف، وضياءُ الدِّين إسماعيلُ بنُ عبد الواحدِ بن إسماعيلَ العَسْقَلانيُّ، وأعلامُ الدِّين: الجُنَيْدُ بن عيسى بن إبراهيمَ بن أبي بكرٍ عبد الصَّمد بن محمد بن عساكرَ، وعبدُ اللّطيف بن عبد المُنعِم الحَرّانيُّ، ومحمدُ ابن عُمرَ بن خَليل العَسْقَلانيُّ ثم المكِّي، وفَخْرُ الدِّين أحمدُ بن عبد الله المشهورُ بالأزرق، وكمالُ الدِّين محمدُ بن سُلطان بن عبد الرَّحمن، ومَجْدُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ بن وَهْب بن مُطِيع القُشَيْريُّ ابنُ دقيقِ العيد، ومُنيرُ الدِّين عثمان بن محمد بن الزُّبَيْر، وأنوارُ الدِّين: إسحاقُ بن أبي بكر بن محمد الطَّبَريُّ المكِّيُّ وعبدُ الهادي بن عبد القَديم بن عليّ بن عيسى بن تَمِيم القَيْسيُّ ومحمدُ بن عُمرَ القَسْطَلّانيُّ، وهلالُ الدِّين إسماعيلُ بن هِبة الله بن عبد الله بن أحمدَ القُوصيُّ ابنُ الواعظة.
رَوى عنه غيرُ واحدٍ من طلَبةِ سَبْتةَ، ولقِيتُه بها وجالَسْتُه مرّات، وحضَرتُ إقراءه، وكان مجوِّدًا للقرآنِ العظيم، من أحسنِ الناس صَوْتًا به وأطيبِهم نغَمةً في إيرادِه، ذا حَظٍّ صالح من روايةِ الحديث وعِلم الفقهِ والعربيّة، شديدَ القُوّة الحافظة، فاستَظْهَرَ في صِغَرِه أوانَ طلَبِه جُملةً وافرةً من دواوينِ العلم، فمما أكمَلَه حِفظًا:"تيسيرُ" أبي عَمْرو، وروايةُ وَرْش له، و"كافي" ابن شُرَيْح، و"المُفرَداتُ" له ولأبيه شُرَيْح، و"غُنْيةُ مَن مَهَر وبُغْيةُ من ظَفِر" لأبي الحَسَن محمد بن عبد الرّحمن
(1) بهامش ب: "وإلا أَبا الحسن البَصْرِيّ فإنه كان لا يقول بالإجازة".
ابن عَظِيمةَ، و"شِهابُ" القُضَاعيّ، و"سِيَرُ" ابن إسحاقَ تهذيبَ ابن هِشام، و"رسالة ابن أبي زَيْد"، و"مختصَرُ الطُّليْطُليّ"، و"جُمَل" الزَّجّاجيِّ، و"الفَصِيح"، و"مثَلَّثُ قُطْرُب"، و"منظومُه" لأبي محمدِ عبد [149 أ] الوهّاب، وشعرُ امرئ القَيْس والنابغة، وحَفِظَ أكثرَ "التقَصِّي"، و"ملخَّصِ القابِسيّ"، و"تلقينِ المُبتدي"، وكثيرَا من"تفريع" ابن الجَلّاب، و"الجَمْع بينَ الصَّحيحَيْن" لإبن زَرْقُون، ومن مجالسِ الوَعْظ، ومن شِعر الطيِّب جَدِّ أَبيه، ومن "سِيبوَيْه" إلى أبوابِ النِّداء، وذلك نحوُ ثُلُثِه، وجملةَ من"الموطَّإ"، و"صحيح البخاريِّ"، ومُسلم، و"جامع التِّرمذيِّ"، و"سُنَن أبي داودَ"، والنَّسَويِّ، والدّارَقُطْنيِّ، و"إصلاح المنطِق"، وطائفةَ من "أدبِ الكُتّاب"، وبعضَ "الجامع في القراءات" لأبي القاسم عبد الرّحمن الطَّرْسُوسيِّ، وبعضَ "الأحكام الصُّغرى"، ويسيرًا من "مختصَرِ ابنِ أبي زَيْد"، ومن"مقاماتِ الحَريريّ"، إلى غيرِ ذلك (1).
995 -
محمدُ (2) بن عبد الرحيم بن محمد بن فَرَج بن خَلَف بن سَعِيد بن هِشام، من وَلَدِ سَعِيد بن سَعْد بن عُبَادةَ، الأنصاريُّ الخَزْرَجيُّ -كذا قال أبو عبد الله ابنُ الأبّار، وتقَدَّم في رَسْم قريبِه عبدِ الرّحمن بن إبراهيمَ أنه من ذُرِّيّة عُبادةَ بن الصّامت- غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الفَرَس.
وقد تقَدَّم التعريفُ بأوّليّتِهم في رَسْم أَبيه.
(1) بهامش ب: "قرأت وسمعت على أبي القاسم بن الطيب الكثير، وأجازني جميع ما يرويه مرات، وتوفي رحمه الله عند مغيب الشفق الأول من ليلة الثلاثاء لليلتين خلتا من شهر رمضان المعظم أحد وسبع مئة، وصلي عليه من الغد إثر صلاة العصر على شفير قبره خارج الميناء، وتولى حمله الطلبة على رقابهم، وكانت جنازته مشهودة، ومولده في يوم السبت لثمان ليال خلت من جمادى الأولى تسعة وعشرين وست مئة، وبموافقة الرابع عشر من مارس العَجَمي".
(2)
ترجمه الضبي في بغية الملتمس (196)، وابن الأبار في التكملة (1420) وفي معجم أصحاب الصدفي (159)، والذهبي في المستملح (135) وتاريخ الإسلام 12/ 380، وذكر وفاته في سير أعلام النبلاء 20/ 529، والصفدي في الوافي 3/ 245، وابن فرحون في الديباج 2/ 261، وابن العماد في الشذرات 4/ 223، وغيرهم.
رَوى عن آباءِ القاسم: أَبيه وفَضْل الله ابن اللَّجّام وابن محمد بن بَقِيّ وابن وَرْد، وأبوَيْ بكر: ابن الخَلُوف وابن العَرَبي، وأبي جعفر بن عُمرَ بن خَلَف، وآباءِ الحَسَن: أحمدَ بن القَصِير وعبد الجَليل بن عبد العزيز وابن الباذِش وابن دُرِّيّ وابن عَفيف، وآباءِ عبد الله: البُوْنِتيِّ وابن الحاجّ وابن مَعْمَر وابن أبي الخِصَال وابن أُختِ غانم وحَفيدِ مكِّيّ، وأبي العبّاس ابن الزَّنْقِيّ، وأبي عليّ منصوُرٍ الأحدَب وأبي الفَضْل عِيَاض، وآباءِ محمد: ابن أحمدَ بن سِمَاك وابن أيوبَ الفِهْرِيِّ وعبد الرّحمن بن عَتّاب وعبد الحقِّ بن عَطِيّةَ، وأبي المُطرِّف ابن الوَرّاق، وآباءِ الوليد: ابن بَقْوةَ وابن رُشْد وابن طَرِيف، قرَأَ على هؤلاءِ وسَمِع وأجازوا له.
وسَمِع أَيضًا وقرَأَ على أبي بحرٍ الأَسَديِّ، وأبي بكرٍ غالبِ بن عَطِيّةَ، وأبي الحَسَن يونُسَ بن مُغيث، وأبي عبد الله بن إبراهيمَ الجُذَاميِّ، وأبي محمدٍ الإلْشيِّ ابن الفقيه، ولم يَذكُرْ أنّهم أجازوا له. ولقِيَ أَبا الحَسَن بنَ كُرْز، وأبا عِمرانَ بن أبي تَلِيد، وأجازا له.
وكتب إليه مُجِيزًا من أهل الأندَلُس: آباءُ بكر: ابنُ بَرُنْجالَ وابنُ طاهر المحدِّث وعَيّاشُ بن فَرَج ويحيى بنُ الفَتْح الحِجَاريُّ، وأبو جعفرٍ ابنُ المُرْخِي، وأبو الحَجّاج القَفّالُ، وآباءُ الحَسَن: إسماعيلُ بن يحيى الحِجَاريُّ وشُرَيْحٌ وعَبّادُ بنُ سِرْحان وابنُ ثابتٍ وابن خَلَف وابن طلحةَ وابنُ مَوْهَب وابن نافع، وأبو الحَكَم وأبو المُطرِّف يحيى بنُ أبي المُطرِّف، [149 ب] وآباءُ عبد الله: الأحمرُ القُرَشيُّ والبَلَغِيِّيُّ والرُّعَيْنيُّ الحاكم وابنُ زُغَيبةَ وابنُ صافٍ الجَيّانيُّ وابنُ غَفْرال وابنُ نَجاح وابن وَضّاح، وأبو العبّاس ابنُ النَّخّاس، وأبو عليّ الصَّدَفيُّ، وأبو الفَضْل بن شَرَف، وآباءُ محمد: الرُّشاطيُّ وسِبطُ ابن عبد البَرّ وابنُ السِّيْد وابن عليّ الغافِقيُّ وابن عليّ الهِلاليُّ وابن أبي جعفرٍ وابن الوَحِيديِّ وعبدُ الحقِّ ابن عبد الحقّ وعبدُ الصَّمد بن أحمدَ الأُمَيِّيُّ وعبدُ العزيز بن الحَسَن المَيُورْقيُّ وعبدُ القادر ابنُ الحَنّاط، وأبوا مَرْوانَ: الباجِيُّ وابن بُونُه.
ومن أهل المشرِق: أبوا بكرٍ المحمَّدانِ: ابنُ عبد الباقي بن أحمدَ وابنُ عِشرينَ بن معروفٍ ابن الشِّرْوَانيِّ، وأبو سعيدٍ حَيْدرُ بن يحيى بن حَيْدر الجِيليُّ، وأبو الطاهِر السِّلَفيُّ، وأبو عبد الله المازَريُّ، وأبو عليّ الحَسَنُ بن عبد الله بن عُمرَ المُقرئُ (1)، وأبو الفَضْل جعفرُ بن زَيْد بن جامِع بن الحَسَن، وأبو محمدٍ عبدَ الرّحمنِ وأبو المُظفَّر محمدٌ ابنا عليِّ بن الحُسَين الشَّيْبانيِّ الطَّبَريِّ، وعددُ شيوخِه خمسةٌ وثمانونَ شيخًا.
رَوى عنه آباءُ محمد: ابنُه عبد المُنعِم وغَلْبُون، وأبو إسحاقَ بنُ مُجاهِد وأبو الحَجّاج بنُ عليّ بن يُوسُفَ الجُمَيْميُّ، وأبو الخَطّاب بن واجِب، وآباءُ عبد الله: ابنُ أحمدَ الشَّوّاشُ وابن أيّوبَ بن نُوح وابنُ سَعِيد المُرادِيُّ وابن عبد الرّحمن التُّجِيبيُّ، وأبو العلاءِ إبراهيمُ بن عليّ بن مُنعم، وأبو عُمرَ بن عاتٍ، وأبو عَمْرٍو نَصْرُ بن بَشِير، وهُو آخِرُهم، وأبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم وعبدُ الرّحمن بن محمد بن عَمِيرةَ، وابنُ أخيه عَتِيقُ بن يوسُف بن محمد بن عَمِيرةَ، وعليُّ بنُ يحيى بن محمد بن أبي العافية، والمحمَّدونَ: ابنُ أبي القاسم بن مُفرِّج وابن عبد الصَّمد وابنُ محمد بن موسى بن عبد الوَلِيّ، ويوسُفُ بن عليّ بن محمد بن عَدِيّ.
وكان مُقرِئًا مُتقِنًا في التجويد، محدِّثًا متّسعَ الرِّواية، عَدْلًا ضابطًا، ذاكِرًا لتواريخ الرِّجال وأخبارِهم، فقيهًا حافظًا للنّوازل، مُشاوَرًا دَرِبًا بالفتوى في النّوازل، مُطَّلعًا على مواضع الخِلاف، مُعتَنيًا بحَشْدِ الآراءِ والمذاهب، أحدَ حُفّاظِ الأندَلُس للمسائل في وقتِه، مشاركًا في الأصُول، وَقُورَ المجلس سَرِيَّ الهمّة كثيرَ التسنُّنِ والاقتداء، عارفًا بعلوم اللِّسان، معَ جَوْدةِ الخَطّ وإتقانِ التقييدِ والضَّبط، وكانت [150 أ] أصُولُه أعلاقًا نَفيسةً لا نظيرَ لها، جَمَعَ منها كثيرًا وكتَبَ مُعظمَها وأحْكَمَ تقييدَها وضَبْطَها، وكان من السُّنّة والدِّين المَتِين على أوضحِ مَنْهَج وأهدى سبيل.
(1) هو المعروف بابن العرجاء المالكي المتوفى سنة 540 هـ (تاريخ الإسلام 11/ 853).
وأزعجَتْهُ الفتنةُ الواقعةُ بالأندَلُس سنةَ تسع وثلاثينَ وخمسِ مئة عن بلدِه، فصار إلى مُرْسِيَةَ، ووَلّاه القاضي بها وبأعمالِها أبو العبّاس ابنُ الحَلّال خُطّةَ الشُّورى، ثم قضاءَ بَلَنْسِيَة، في رجبِ ستٍّ وأربعينَ، فلم تَطُلْ مُدّةُ استقضائه، فخَرَجَ منها مُستَعْفِيًا منها أوّلَ شوّال من السّنة؛ لانتزاءِ عبد الملِك بن سَلْمانَ أو ابن حامدِ قبلَه فيها على الأمر ابن سَعْد، وأدَّى ذلك إلى حصارِها الشّديد سنةَ سبع بعدَها، وعاد إلى مُرْسِيَةَ، إلى أن نُكِبَ ابنُ الحَلّال فصَرَفَه السُّلطانُ عمّا كان بيدِه من الخُطَط، ثم راجَعَ فيه جميلَ رأيه لِما كان عليه من الانقباض وعَدَم التلبُّس بالدُّنيا وكثرةِ الدُّؤوب على الإقراءِ والتدريس، وطال مقامُه بمُرْسِتةَ حتى صار بها أشهرَ منهُ ببلدِه، والآخَذونَ فيها عنهُ أكثرَ من الآخِذينَ عنه ببلده.
قال أبو عبد الله التُّجِيبيّ: ذُكِرَ لي من عِلمِه وفَضْلِه ما أزعَجَني إليه، فلقِيتُ عالمًا كبيرًا، ووجَدتُ عندَه جماعةَ وافرةَ من شَرْقِ الأندَلُس وغَرْبِها يتَدارَسُونَ الفقهَ، ويتذاكَرونَ بينَ يدَيْه، ويسمَعونَ الحديثَ عليه، وَيتْلُونَ كتابَ الله بالقراءاتِ السَّبع، وكان يؤُمُّ في الفريضة بجامع مُرْسِيَةَ ثالثًا لأبي القاسم بن حُبَيْش وأبي عبد الله بن حَمِيد، يؤُمُّ كلُّ واحدِ منهم أسبوعًا، وكان حَسَنَ الصّوتِ بالقرآن؛ وأطال الثناءَ عليه وأطاب.
وقال أبو القاسم المَلّاحيُّ: وَليَ قضاءَ بَلَنْسِيّةَ عند خروجِه من غَرناطة، فحُمِدت سِيرتُه ومشَى على سَنَن مَن تقَدَّم من قُضاةِ العدل. مَوْلدُه قُبَيْلَ الفجر من ليلةِ السّبت الثانية والعشرينَ من صَفَرِ إحدى وخمسِ مئة، وتوفِّي بإشبيلِيَةَ نصفَ ليلةِ الثلاثاءِ التاسعةَ عشَرةَ من شوّالِ سبع وستينَ وخمسِ مئة، وكان قد قَدِمَها وافدًا من مُرْسِيّةَ معَ وجوه أهلِها على أبي يعقوبَ بن عبد المُؤْمن، ودُفنَ بمقبُرةِ النَّخيل من إشبيلِيَةَ بعدَ صلاةِ العصر من يوم الثلاثاءِ المذكور، وصَلّى عليه أبو الحَكَم بن حَجّاج، ثُم نُقلَ إلى غَرْناطةَ يومَ السبت لسبع بَقِينَ من شوّالِ المؤرَّخ [150 ب] فدُفن بها، وذلك بوصيّةٍ منه؛ إذ كانت مَنْشأهُ ومَدْفِنَ أسلافِه، رحمهم الله.