الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1235 - محمدُ بن عليِّ بن عيسى الفِهْرِيُّ، بَلَنْسِيٌّ
.
كان من أهلِ العلم، حيًّا سنةَ أربعَ عشْرةَ وست مئة.
1236 - محمدُ بن عليِّ بن أحمدَ بن محمد بن غالبٍ الحَضْرَميُّ، مالَقيٌّ، أبو عبد الله أخو أحمدَ
.
رَوى عن أبي القاسم المَلّاحيّ.
1237 - محمدُ بن عليّ بن فَرَج العَبْدَريُّ، أبو عبد الله
.
رَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوْجيّ.
1238 - محمدُ بن عليِّ بن فُضَيْل، أبو الحَسَن
.
رَوى عن شُرَيْح، وسيأتي.
1239 - محمدُ بن عليِّ بن محمد بن فُضَيْل، ولعلّه هذا
.
1240 - محمدُ بن عليِّ بن محمد بن أحمدَ بن محمد بن خَلَف بن سُليمانَ بن خالدِ بن بُهْلُولِ بن عبد الرَّؤوف بن مُخارِق بن أحمدَ العَبْدَريُّ، أُنْدِيُّ سَكَنَ بَلَنْسِيَةَ طويلًا، ثم سَبْتةَ بأخَرةٍ، أبو عبد الله، ابنُ خالد
.
رَوى عن أبي الخَطّاب بن واجِب، وأبي الرَّبيع بن سالم، وأبوي عبد الله: ابن أيُّوب بن نُوح وابن سَعِيد المُراديِّ، وأبي عَمْرٍو محمدِ بن محمد بن عَيْشُون، وأبَوي محمد: ابن حَوْطِ الله وغَلْبُون.
وكان أديبًا ذاكِرًا للتّواريخ وأيامِ الناس مُمتِعَ المُجالسة، وأسَنَّ؛ فكان من آخرِ السَّمّاعينَ على أكابرِ هؤلاء الشيوخ، وكان ثقةً فيما يَرويهِ حُجّةً فيما يُسنِدُه ويحدِّثُ به، حسَنَ الخَطّ، ذا مشاركةٍ صالحة في الطِّبّ.
مَوْلدُه بأُنْدةَ معَ أوائل ثمانٍ وثمانينَ وخمس مئة، قبْلَها بيسير أو بعدَها بيسير، لم يتحقَّق الشهرَ، وانتَقلَ إلى بَلَنْسِيَةَ عامَ ثمانيةٍ وعشرينَ وست مئة، وتوفِّي بسَبْتةَ ليلةَ الثلاثاءِ الثامنةَ والعشرينَ من شوّالِ أربع وسبعينَ وست مئة.
1241 -
محمدُ (1) بن عليِّ بن محمد بن إبراهيمَ بن محمدٍ الهَمْدانيُّ، وادِيَاشيٌّ أبو القاسم، ابنُ البَرّاق.
رَوى عن أبي بحرٍ يوسُفَ بن أحمدَ بن أبي عَيْشون، وآباءِ بكر: ابن رِزْق، والعُقَيْليِّ وتلا بالسَّبع عليه، وابن أبي ليلى، وآباءِ الحَسَن: ابن غُرِّ الناس وابن فَيْد وابن إبراهيمَ ابن المَلّ وابن النِّعمة، ونَجَبةَ ولقِيَه بمَرّاكُشَ، ووليدِ بن موفَّق، وأبوَيْ عبد الله: ابن يوسُفَ بن سَعادةَ ولازَمَه أزيَدَ من ستِّ سنينَ وأكثَرَ عنهُ، وابن الفَرَس، وآباءِ العبّاس: ابن إدريسَ، والخَرُّوبيِّ وتَلا عليه بالسَّبع وأكثَرَ عنهُ وعَرَضَ عليه مِن حِفْظِه كثيرًا، ومن ذلك:"الموطَّأُ" و"الملخَّصُ" وغيرُ ذلك، وابنِ مَضَاء، وأبي عليِّ بن عَرِيب، وأبوَي القاسم: ابن حُبَيْش وابن عبد الجَبّار، وآباءِ محمد: ابن سَهْل الضَّرير وعاشِرٍ وقاسم بن دَحْمانَ، وأبي يوسف بن طلحةَ.
وأجاز له: آباءُ بكر: ابنُ خَيْر وابنُ العَرَبيّ وابنُ فَنْدِلةَ وابنُ نُمَارةَ، وآباءُ الحَسَن: شُرَيْحٌ وابنُ هُذَيل ويونُسُ بن مُغيث، وأبو الخليل مُفَرِّجُ بن سَلَمةَ، وأبو عبد الله حَفيدُ مكِّي، وأبو عبد الرّحمن بن مُساعِد، وذَكَرَ ابنُ الأبار أنه سَمِعَ منه، ولم يَذْكُرْ ذلك ابنُ البَرّاق في "برنامَجِه" الذي وقَفْتُ عليه، بل سمّاه في جُملةِ الذين أجازوا له ولم يلقَهم، وأبو عامرٍ محمدُ بن أحمدَ السالِميُّ، وأبو القاسم ابنُ بَشْكُوالَ، وأبو محمد بنُ عُبَيد الله، ولقِيَه في قولِ ابن الرُّوميّة وهو باطلٌ؛ وأبَوا مَرْوانَ: الباجِيُّ وابنُ قُزْمان، وأبو الوليد بنُ حَجّاج؛ وله بَرنامَجٌ ذكَرَهم فيه وبيَّن كيفيَّةَ أخْذِه عنهم، وقَفْتُ على نُسخةٍ منه عليها خَطُّه في عَقِبِ شعبانِ أحدٍ وتسعينَ وخمس مئة، ووقَفْتُ على خطِّ أبي العبّاس بن علي بن هارونَ أنَّ أبا القاسم ابنَ البَرّاق أجاز له، وأحالَه في ذكْرِ شيوخِه على هذا البرنامَج الذي ذكَرْتُ وتوفِّي عليه.
(1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1527)، والرعيني في برنامجه 152، والذهبي في المستملح (193) وتاريخ الإسلام 12/ 1086، وابن الخطيب في الإحاطة 2/ 488.
وذكَرَهم أبو جعفر ابنُ الزُّبَير إلّا نَجَبةَ وابنَ مَضَاءٍ وابنَ حُبَيْش وعاشِرًا وأبوَيْ محمد: ابنَ سَهْل وقاسمَ بنَ دَحْمان، وزاد فيهم [
…
] (1) أبا محمدٍ ابنَ الوَحِيديِّ، وقال: إنه القاسمُ، بخطِّه، وأنه قال إثْرَهم: وجماعةٌ غيرُهم، وأحالَ على فِهرِستِه، قال ابنُ الزُّبَير، عن المَلّاحيِّ عن أبي الكَرَم بن جُوديٍّ: إنّ من شيوخِه أبا الفَضْل بنَ شرَف وأبا القاسم ابنَ الفَرَس وأبوَيْ محمد: ابنَ أبي جعفر وابنَ السِّيْد وأبا الوليد ابنَ الدَّبّاغ، قال ابنُ الزُّبَير: وأُراه وَهمًا من جُوديٍّ تَبِعَه المَلّاحيُّ عليه، فإنّ أقدمَ من سَمَّى ابنُ البَرّاق بخطِّه من شيوخِه وفاةً ابنُ فَنْدِلةَ وشرَيْح، وأقصَى ما رَوى عنهما بمجرَّد إجازة، وهكذا حالُه فيمَن ذَكَرَ من هذه الطبقة كيونُسَ ونُظَرائه، وأمّا شيوخُه باللِّقاءِ والقراءةِ فمن طبقةٍ بعدَ هذه، فيَبعُدُ حَمْلُه عن ابن السِّيْد وابن أبي جعفرٍ بُعدًا كُلِّيًّا، واللهُ أعلم؛ ثم قد ذَكَرَه النَّبَاتيُّ في شيوخِه واستوفَى جُملةً من رجالِه، فلم يَذكُرْ منهم مَنْ ذكَرَهُ المَلّاحيُّ، وأبعَدُ شيءٍ أن يُغفِلَ مثلَ ابنِ الدَّبّاغ في إمامتهِ وعِلمِه ويَذكُرَ مَن ليس من نمَطِه ممّن رَوى عنه بمجرَّدِ إجازةٍ، واللهُ أعلم.
قال المصنِّف عَفَا اللهُ عنه: فيما جرى من ذكْرِ هؤلاء الشّيوخ ما ينبغي التنبيهُ عليه، من ذلك: إغفالُ أبي الطاهِر السِّلَفيّ، وهُو وإن لم يُعيِّنْ ذكْرَهُ بترجمة، يُبيِّنُ ذلك أنّ أبا القاسم جَرى في "بَرنامَجِه" على أسلوب، وهو أنه متَى أسنَدَ كتابًا عن بعضِ شيوخِه عن شيخ أجاز لأبي القاسم قال فيه بأنه عن شيخِنا أو عن شَيْخي، ويقولُ في بعضِ الأسانيد: حدّثنا به عن شيخِه، فيمَن ليس بشيخ لأبي القاسم، فمِن ذلك: قولُه في رَسْم أبي بكر بن رِزق: وجُزءٌ من سُؤالاتِ القاضي أبي بكرٍ يوسُفَ بن القاسم بن فارِس المَيَانِجيِّ وغرائبِ حديثه، أخبرنا به عن شيخِنا الشّيخ الفقيه الأجَلِّ جمالِ الحفاظ سيفِ السُّنّة نزيل الإسكندَرّية أبي طاهرٍ أحمدَ بن محمد بن أحمدَ السِّلَفيِّ الأصبَهانيِّ رضي الله عنه؛ وفي رَسْم أبي بكر عبد الرّحمن بن أبي ليلى: وكذلك سَمِعتُ عليه "مُسنَدَ ابنِ خِيَرة"
(1) بياض في النسختين.
حدَّثنا به عن شيخِنا الحافظ أبي الطاهِر أحمدَ بن محمدٍ السِّلَفيِّ الأصبَهانيّ؛ وفي رَسْم أبي الحَسَن بن فَيْد: وكتَبَ لي خَطَّ يدِه على "أجناسِ التجنيس" حدَّثني به عن شيخِنا أبي الطاهِر السِّلَفيِّ، فتبيَّنَ بهذا أنه من شيوخ أبي القاسم واللهُ أعلم، ولم يَذكُرْه فيهم النَّباتيُّ ولا المَلّاحيُّ ولا ابنُ الأبارِ ولا ابنُ الزُّبَير، فاعلَمْهُ.
ومن ذلك: أنّ ما استَبعَدَه ابنُ الزُّبَير -من حَمْل أبي القاسم عن ابن السِّيْد وابن أبي جعفر- صحيحٌ، بل هو مُحالٌ على تقديرِ صحّةِ ما قيلَ من أنّ مولدَ أبي القاسم سنةَ تسع وعشرينَ، وذلك بعدَ موتِ ابن أبي جعفرٍ بنحو ثلاثِ سنين، وبعدَ موتِ ابن السِّيْد بنحوِ ثماني سنين. وإلى ذلك -بعدُ- قال في رَسْم أبي عبد الله بن سَعادةَ: وقرَأْتُ عليه خبَرَ أبي محمدٍ ابن السِّيْد البَطَلْيَوْسيِّ معَ الإمام أبي الوليد الوَقَّشيِّ في البيتَيْنِ المشهورَيْنِ له، وقطعةً من شعرِ أبي محمدٍ المذكور، حدَّثني بذلك كلِّه عنه، وفي رَسْم أبي الحَسَن ابن النِّعمة: وقرَأْتُ عليه من تأليفِ شيخِه أبي محمدٍ ابن السِّيْد؛ وفي رَسْم أبي عليّ بن عَرِيب: حدَّثنا عن أبي محمدٍ ابن السِّيْد؛ وقال في رَسْم أبي العبّاس بن إدريسَ: حدَّثنا عن أبي عليّ الصَّدَفيِّ وأبي محمدٍ ابن أبي جعفرٍ وغيرِهما؛ وفي رَسْم أبي محمدٍ عاشِر: حدَّثنا عن غيرِ واحِد من شيوخِه، كأبي عليّ الصَّدَفيّ وابن أبي جعفرٍ وغيرِهما، فهذا كلُّه يُبيِّنُ أنّ أبا القاسم إنّما يَروي عن ابن السِّيْد وابن أبي جعفرٍ وابن شَرَفٍ وابن الفَرَس وابن الوَحِيديِّ بواسطة. وفي رَسْم أبي بحر بن أبي عَيْشُون: وحدَّثني عن أبي الفَضْل بن شَرَف؛ وفي رَسْم أبي الحَسَن بن إبراهيمَ ابن الملّ: حدّثنا عن أشياخِه المالَقيِّينَ كابن فائزٍ والقاضي أبي محمدٍ الوَحيديِّ وغيرِهما؛ وفي رَسْم أبي محمدٍ قاسم بن دَحْمان: وحدَّثنا عن فلانٍ وفلان، وعن القاضي أبي محمدٍ ابن الوَحِيديِّ؛ وفي رَسْم أبي محمد بن سَهْل: حدَّثنا عن فلانٍ وفلان، وأبي القاسم عبدِ الرّحيم بن محمد. وأمّا أبو الوليد ابنُ الدَّبّاغ فلم يَجْرِ له في البرنامَج المذكورِ ذكْرٌ ألبتّةَ، ولا بروايةٍ عنهُ مباشِرةٍ ولا بواسطة، ولكنّي أرى أنه يَروي عنه بواسطةِ بعضِ شيوخِه، واللهُ أعلم.
وقولُ ابن الزُّبَير: إنه القاسمُ بخطِّه، وأنه قال إثْرَهم: وجماعةٌ غيرُهم، فأقولُ: إنّ الجماعةَ التي لم يُسمِّها هي التي استَثْنَيْنا من نَجبَةَ إلى ابن دَحْمان، وما وقَعَ فيهم من ذكْرِ ابن الوَحِيديِّ فوَهمٌ؛ لِما بيَّنّا، وأُراهُ من ابنِ الزُّبير، وأنه -عندَ ذِكْرِ أبي القاسم أبا الحَسَن بنَ عبد الرّحمن أو أبا محمدٍ قاسمَ بنَ دَحْمان- أتْبَعَه: عن أبي محمدٍ ابن الوَحِيديِّ، يريدُ بذلك أنهُ يَروي عن أبي محمدٍ ابن الوَحِيديّ، فأقْحَمَ ابنُ الزُّبَير واوًا قبلَ "عن أبي محمد ابن الوَحِيديّ" وَهمًا فتصوَّرَ منه: قاسمُ بنُ دَحْمان وعن أبي محمدٍ الوَحِيديِّ، أو: أبو الحَسَن بن عبد الرّحمن وعن أبي محمدٍ ابن الوَحِيديِّ، وذلك كثيرًا ما يَجري عندَ النَّقْل بأدنَى غَفْلةٍ وذهولٍ عن التأمُّل، فقد جَرى مثلُ هذا على أبي العبّاس النَّباتيّ في ذكْرِ شيوخ ابن البَرّاقِ هذا، حسْبَما وقَفْتُ عليه في خطِّ أبي العبّاس نفْسِه، فإنهُ لمّا ذكَرَ فيهم وليدَ بنَ موفَّقٍ قال: يَروي عن الطَّرطُوشيِّ وعن أبي الحَسَن عليِّ بن المُشرَّف بن مُسَلَّم الأنْماطيِّ وعن القُضَاعيِّ، فأوْهَمَ ذلك أنّ وليدًا يَروي عن القُضَاعيّ، وذلك باطلٌ، وإنّما الراوي عن القُضَاعيِّ: الأنْماطيُّ لا وليدٌ، وكذلك أسنَدَه ابنُ البَرّاق في رَسْم الوليد نفْسِه، فقال: كتاب "الشِّهاب" للقُضَاعيِّ، حدَّثنا به عن الشّيخ أبي الحَسَن عليِّ بن المُشرَّف بن المُسلم الأنْماطيِّ بثَغْر الإسكندَريّة، حدَّثه به عن مؤلِّفِه القاضي أبي عبد الله القُضَاعيِّ، وكذلك أسنَدَه غيرُ واحدٍ من طريقِ ابن المُشرَّف عن القُضَاعيّ؛ وكذلك أسنَدَ ابنُ البَرّاق "المؤتلِفَ والمختلِف" لعبدِ الغنيّ فقال: حدَّثنا به، يعني وليدَ بنَ موفَّق، عن الشّيخ أبي الحَسَن بن المُشرَّفِ الأنماطيِّ سَماعًا منهُ عليه بثَغْر الإسكندَريّة، حماهُ اللهُ، على القاضي أبي عبد الله القُضَاعيِّ عن مؤلِّفِه عبدِ الغنيّ، وقال ابنُ البَرّاق: وحدَّثني، يعني الوليدَ، عن الشّيخ أبي الحَسَن عليّ بن المُشرَّف بجميع ما يحمِلُ عن القُضَاعيّ، وأيضًا، فإنّ الوليدَ إنّما رَحَلَ حاجًّا في العَشْر وخمسِ مئةٍ أو نحوِها، وروايتُه عن الطَّرطُوشيِّ وابن المُشرَّف وغيرِهما من شيوخ الإسكندَريّة عامَ أحدَ عشَرَ وخمسِ مئة، فتبيَّن بهذا أنّ أبا العبّاس النَّبَاتيَّ
وَهِمَ في إقحامِه الواوَ بينَ "الأنماطيِّ" و "عن القُضَاعيِّ"، وأنّ الصَّوابَ إنّما هو "الأنماطيِّ عن القُضَاعيّ".
وذَكَرَ ابنُ البَرّاق في غيرِ موضِع من "برنامَجِه" المذكور، كلّما رَوى عن شيخ له عن شيخ قد رَوى عنهُ أبو القاسم بإجازةٍ قال: حدَّثنا به عن شيخِنا فلان.
فمن ذلك: قولُه في رَسْم أبي بكر بن رِزق: كتاب "التّلقين" أخبرنا به عن شيخِنا أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ، وفيه جزءٌ فيه حديثُ أبي عبد الله البخاريِّ حدَّثنا به عن شيخِنا أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ، وجزءٌ فيه "الناسخُ والمنسوخُ" لأبي داودَ حدَّثنا به عن شيخِنا أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ؛ "الاستدراكات" للدّارَقُطنيّ حدَّثنا به عن شيخِنا أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ؛ "الإلزامات" له، أخبرنا بها عن شيخِنا أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ؛ "الطّبقات" لمُسلم حدَّثنا بها عن شيخِنا أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ؛ "الإصلاح" ليعقوبَ أخبرنا به قراءةً منه على شيخِنا أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ.
وفي رَسْم أبي عبد الله بن سَعادةَ: "أربعةُ أجزاءٍ من عَوالي أبي بكرٍ ابن رَيْدان" قرأتُها عليه أخبرنا بها عن الشَّيخَيْنِ الأجَلَّيْنِ الإمامَيْنِ: شيخِنا أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ وأبي الحَجّاج يوسُفَ بن عبد العزيز اللَّخْميِّ؛ جُزءٌ من حديثِ أبي الحُسَين المبارَك بن عبد الجَبّار قرأْتُه عليه أخبرنا به عن شيخِنا أبي بكر ابن العَرَبي؛ "تاريخُ الخُلفاء" لابنِ اللَّبّان، قرأْتُه عليه أخبرنا به عن أبي بكرٍ ابن العَرَبيِّ شيخِنا؛ "أدبُ الدِّينِ والدُّنيا" قرأْتُه عليه، أخبرنا به عن شيخِنا أبي بكرِ ابن العَرَبيّ؛ "خُطبةُ الفصيح وشَرْحُها للمَعَرِّيّ" قرأْتُها عليه، أخبرنا بها عن شيخِنا أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ؛ قصيدةُ الحَرِيريِّ، قرأْتُها عليه، أخبرنا بها عن شيخِنا أبي بكر ابن العَرَبيّ؛ "معرفةُ مَن يدورُ عليه الإسناد" لعليٍّ ابن المَدِينيّ، قرأْتُه عليه، أخبرنا به عن شيخِنا أبي بكر ابن العَرَبيّ؛ "فوائدُ عن أبي الحُسَين الطُّيُوريِّ" قرأْتُها عليه أخبرنا بها عن شيخِنا ابن العَرَبيِّ. وفي رَسْم أبي بكر بن عبد الرّحمن بن أبي ليلى: وأجاز لي جميعَ ما رواه عن شيخِنا أبي بكرٍ
ابن العَرَبيّ. وفي رَسْم أبي محمد بن سَهْل: وحدّثنا عن فلانٍ وفلان، وعن شيخي أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ.
ومن ذلك في رَسْم أبي بكر بن رِزقٍ أيضًا: "غَريبُ الحديث" لأبي عُبَيد، أخبرنا به عن شيخِنا أبي الحَسَن يونُسَ بن محمدِ بن مُغيث؛ جزءٌ من حديث أبي عبد الله بن مُفرِّج، حدَّثنا به عن شيخِنا أبي الحَسَن بن مُغيث؛ "الجامعُ. الصحيحُ" للبخاريِّ، قال: وقرَأَ بعضَه وسَمِعَ سائرَه على شيخِنا أبي الحَسَن بن مُغيث، و "طبقاتُ النُّحاة" للزُّبَيْدي، حدَّثنا بها عن شيخِنا أبي الحَسَن بن مُغيث؛ حديثُ اللَّيث بن سَعْد أخبرنا به مُناوَلةً من شيخِنا أبي الحَسَن بن مُغيث؛ وفيه:"مختصَرُ المَناسِك" جَمْعَ أبي ذَرّ، حدَّثنا به عن شيخِنا أبي الحَسَن بن شُرَيْح؛ وفيه: وسَمِعتُ، يعني "الجامعَ الصَّحيح" للبخاريِّ، على شيخِنا أبي الحَسَن شُرَيْح؛ وفيه:"أدبُ الكُتّاب" لإبن قُتَيْبةَ، أخبرنا به قراءةً على شيخِنا أبي الوليد بن حَجّاج، "الأشعارُ السِّتة" شَرْحَ الأعلمَ أخبرنا به مُناوَلةً من شيخِنا أبي الوليد بن حَجّاج إيّاه لها؛ وفيه:"النّوادرُ" لأبي عليّ، حدَّثنا به عن شيخِنا أبي عبد الله ابن مكِّيّ؛ "الفَصيحُ" لثعلب، أخبرنا به سَماعًا منهُ على شيخِنا أبي عبد الله بن مكِّي؛ "الكامل" أخبرنا به سَماعًا منهُ على شيخِنا أبي عبد الله بن مكِّي؛ وفيه:"المقصورةُ" لابنِ دُرَيْد، أخبرنا بها قراءةً منه على شيخِنا أبي الحَسَن بن هُذَيْل.
وقولُه في رَسْم أبي بكر بن رِزقْ: وقال له شيخُه أبو الحَسَن عليُّ بن عبد الله ابن محمد، وفيه: وقرَأَهُ على شيخِه أبي الحَسَن بن محمد بن واجِب.
وفي رَسْم أبي عبد الله بن سَعادةَ: "الأحاديثُ الأحَدَ عشَرَ النّسْطُوريّةُ الخُماسيّةُ" التي رَواها شيخُه الإمام أبو الحَجّاج؛ وفيه: وكتَبَ لي خطَّ يدِه على فِهرِستِ شيخِه أبي محمد بن عَتّاب.
وفي رَسْم أبي عبد الله ابن الفَرَس: وكتَبَ لي خطَّ يدِه على فِهرِسةِ شيخِه أبي محمد بن عَتّاب، وعلى فِهرِسةِ شيخِه أبي الحَسَن عليِّ بن أحمد.
وفي رَسْم أبي بكرٍ عبد الرّحمن بن أبي ليلى: "شمائلُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم" أخبرنا به عن الإمام أبي عليٍّ شيخِه؛ كتابُ "الاستدراكاتِ والإلزامات"، سَمِعتُ جميعَها عليه أخبرنا بها سَماعًا منهُ على شيخِه أبي عليّ، وكتَبَ لي خطَّ يدِه على فِهرِسةِ شيخِه أبي عليّ.
وفي رَسْم ابنِ النِّعمة: وقرَأْتُ عليه من تأليفِ شيخِه أبي محمدٍ ابن السِّيْد، وقد تقَدَّم، وكتَبَ لي على فِهرِسةِ شيخِه أبي محمد بن عَتّاب، وعلى فِهرِسةِ أبي عليّ الصَّدَفيّ.
وفي رَسْم أبي الحَسَن بن هُذَيْل: كتَبَ لي خطَّ يدِه ووَجَّهَ به إليَّ من بَلَنْسِيَةَ على فِهرِسةِ شيخَيْهِ: أبي داودَ وأبي بكرٍ خازِم.
وفي رَسْم الوليدِ بن حَجّاج: وكتَبَ لي على فِهرِسةِ شيخِه الأعلم.
فقد تبيَّن بهذا، وببعض ما تقَدَّم، عمَلُه في تمييزِه شيوخَه الذين شارَكَ شيوخَه فيهم من شيوخِهم الذين انفَردوا بهم دونَه؛ وما نَسَبَ ابنُ الزُّبير إلى جُوديٍّ من الوَهم الذي تَبِعَه عليه المَلّاحيُّ فتحامُلٌ ظاهرٌ على جُوديّ، وأقولُ على الإنصاف: إنّ الوَهمَ في ذلك من المَلّاحيّ، ولا أدري ما الذي جرَّه عليه، فأمّا جُوديٌّ فبعيدٌ إن لم يكنْ مُحالًا وقوعُ ذلك منه؛ لِما تحقَّقَ من نُبلِه وضَبْطِه وشدّةِ اختصاصِه بأبي القاسم ابن البَرّاق وطُول مُلازمتِه إيّاهُ أعوامًا عدّة، وأخْذِه عنه جميعَ مصنَّفاتِه ومُنَشآتِه وأكثرَ مَرْويّاتِه، فنِسبتُه إلى الوَهم في ذلك ممّا لا ينبغي القولُ به، واللهُ أعلم.
ثُم بنَى ذلك على النّظرِ في تقدُّم وفاةِ بعضِ الشّيوخ المُجِيزينَ له على بعض، وإن كان مُعتبَرًا فغيرُه أوْلَى منه، وهو تعرُّفُ تواريخِ إجازاتِهم، وقد نَصَّ على ذلك ابنُ البَرّاق في "برنامَجِه".
وفي إيرادِ ابن الزُّبَير لشُيوخ ابن البَرّاق وما انجَرَّ ذكْرُ تسميتِهم تخليطٌ فاحش، يَبِينُ ذلك باجتلابِهم من كتابِه بنصِّه، قال: رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبي،
وأبي الحَسَن شُرَيْح بن محمد، وأبي مَرْوانَ الباجِيِّ، وأبي الوليد إسماعيلَ بن عيسى بن نَجاح، وأبي بكر بن فَنْدِلة، وأبي الحَسَن يونُسَ بن مُغيث، وأبي عبد الله جعفرِ بن مكِّيّ، وأبي عبد الله مُساعِدِ بن أحمدَ بن مُساعدٍ الأصبَحيِّ، وأبي الخليل مُفرِّج بن سَلَمةَ، وأبي مَرْوانَ عبد الحقِّ بن قُزْمانَ، وأبي محمدٍ ابن الوَحِيديِّ، وأبي الحَسَن بن هُذَيْل، وقَفْتُ على هؤلاءِ بخطِّه من عِلْيةِ مَن لقِيَه. فهذا نَص منه على أنه لقِيَ هؤلاءِ، وقال ابنُ البَرّاقِ: والشّيوخُ الذين أجازوني ولم ألقَهم؛ فذَكَرَ ابنَ العَرَبيِّ والباجِيَّ وابنَ حَجّاج وابنَ فَنْدِلةَ وشُرَيْحًا وابن مُغيث وابنَ مكِّيّ ومُساعدًا، وكَنَاهُ أبا عبد الرّحمن وكَنَاه ابنُ الزُّبير أبا عبد الله وَهمًا؛ ومُفرِّجَ بن سَلَمةَ وابنَ خَيْر وابنَ قُزْمان، فزاد فيهم -كما ترى- ابنَ خَيْر، ولم يَذكُرْ فيهم ابنَ الوَحِيديّ، وذَكَرَ ابنَ هُذَيْلٍ تحتَ ترجمةِ أخرى كما سأُوردُه إن شاء الله.
قال ابنُ الزُّبَير: وذَكَرَ مَعهم عِلْيةً من طبقةٍ تَلِيهم، منهم: القاضي أبو عبد الله ابنُ عبد الرّحيم، وأبو الحَسَن بن النِّعمة، وأبو عبد الله بن سَعادَة ولازَمَهُ كثيرًا وقيَّد عنه، وأبو بكرٍ عبدُ الرّحمن بن أحمدَ بن أبي ليلى، والمُقرئ أبو بكر بن نُمارةَ، وأبو عامرٍ محمدُ بن أحمدَ السالِميُّ، وأبو العبّاس الخَرُّوبيُّ، وأبو القاسم ابنُ بَشْكُوالَ، وأبو الحَسَن وليدُ بن مُؤْمن. كذا قال، وإنّما هو ابنُ موفَّق، ولعلّه تغييرٌ من الناسخ. رَجْعٌ: وأبو الحَسَن بنُ غُرِّ الناس، وأبو عليٍّ حُسَينُ ابن عَرِيب، وأبو الحَسَن عليُّ بن فَيْد، وأبو بكرٍ يحيى بنُ رِزق، وأبو محمد بنُ عُبَيد الله، وأبو بكر بنُ خَيْر، وأبو بكرٍ يحيى بنُ عبد الله بن عبد الواحِد العُقَيْليُّ وتَلا عليه بقراءاتِ السّبعة؛ وأبو بحرٍ يوسُفُ بن أبي عَيْشُون، وأبو القاسم عبدُ الجَبّار البَجّانيُّ، وأبو الحَسَن عليُّ بن إبراهيمَ المالَقيُّ، وأبو يوسُفَ يعقوبُ ابن طلحةَ الجَزِيريُّ، وأبو العبّاس بن إدريسَ، ألفَيْتُ هؤلاءِ بخطِّه، وقال إثْرَ ذكْرِهم: وجماعةٌ غيرُهم، وأحال على فِهرِستِه. انتهى ما قصَدتُ نقْلَه هنا ممّا ذكَرَه ابنُ الزبير، وفيه: أبو القاسم عبدُ الجَبّار، وإنّما هو عبدُ الرّحمن بنُ عبد الجَبّار، وقد تقَدَّم ما ذَكَرَ عن المَلّاحيّ عن جُوديّ.
وقد ذَكَرَ ابنُ البَرّاقِ شيوخَه في فِهرِستِه على أربعةِ أصناف:
الأوّل: الذين أجازوا له ولم يَلْقَهم.
الثاني: قال فيه: ومِن شيوخي الذين أخَذْتُ عنهم بشَرْق الأندَلُس وضاعَ لي بالفتنةِ خَطُّه: أبو عامرٍ السالِميُّ، كتَبَ لي بخطِّه ووَجَّهه إليّ من مُرْسِيَةَ، ابنُ بَشْكُوال: كتَبَ لي خطَّ يدِه ووَجَّهه به إليَّ من قُرطُبةَ في ذي قَعْدةِ خمس وستينَ وخمسِ مئة، أبو الحَسَن بنُ هُذَيْل: كتَبَ لي خطَّ يدِه ووَجَّهه إليَّ من بَلَنْسِيَة على فِهرِسةِ أبي داودَ في صَفَرِ ثمانيةٍ وخمسينَ وخمس مئة وعلى فِهرِسةِ خازِم في جُمادى الأولى سنةَ اثنتين وستينَ وخمس مئة، أبو بكر بن نُمارةَ: كتَبَ إليّ على فِهرِستِه في جُمادى الأولى ثِنتينِ وستينَ وخمسِ مئة، وعلى تسميةِ أشياخِه في شعبانِ ثمانٍ وخمسينَ وخمس مئة، ووَجَّه به إليّ من بَلَنْسِيَة، أبو محمد بنُ عُبَيد الله: كتَبَ لي ولأبي القاسم إجازةً عامّةً ووَجَّهَ بها إليَّ من سَبْتةَ في ربيع الآخِر من سنةِ إحدى وثمانينَ وخمس مئة. فهكذا أورَدَ ذِكْرَ هؤلاءِ الصِّنف ولم يَذكُرْ لقاءه واحدًا منهم، وفي قولِه في كلِّ واحدٍ منهم: أنه وَجَّهَ إليه خطَّه، ما يُشعرُ إشعارًا قويًّا أنه لم يَلْقَه، واللهُ أعلم.
الثالثُ: قال فيه: الأشياخُ الذين أخَذْتُ عنهم بالمُدارَسة والمُذاكَرة: أبو بكرٍ العُقَيليُّ، أبو العبّاس الخَرُّوبيُّ وأجاز له لفظًا، أبو الحَسَن وليدُ بن موفَّق وأجاز له ما أخَذَ عنهُ، أبو بكر بنُ رِزق وأجاز له جميعَ ما يَحمِلُ وتَناوَلَ منه كثيرًا، أبو عبد الله بنُ سَعادةَ أكثَرَ عنهُ ولازَمَهُ وأجازَ له ما قرَأَ عليه، أبو عبد الله بنُ عبد الرّحيم قَرَأَ عليه جُملةً صالحةً وأجاز له، أبو القاسم بنُ حُبَيْش وأكثَرَ عنه وأجاز له ما قرَأَهُ عليه وجميعَ موضوعاتِه، أبو بكر عبدُ الرّحمن بن أبي ليلى أخَذَ عنه وأجازَ له جميعَ ما قرَأَهُ عليه وجميعَ ما رَواهُ عن بعضِ أشياخِه، أبو الحَسَن ابنُ النِّعمة قَرَأَ عليه وتَناوَلَ منه وأجاز له، أبو عُمرَ يوسُفُ بن أبي عَيْشُون عَلَّق عنه جملةً من نَظْمِه ونثرِه وقَرَأَ عليه وأجاز له.
الرابع: الشُّيوخُ الذين أجازوه بالمُشافَهة: أبو القاسم بنُ عبد الجَبّار، أبو الحَسَن بنُ إبراهيم، أبو يوسُفَ يعقوبُ بن طلحةَ لقِيَه بإشبيلِيَةَ وقد كان كتَبَ إليه من جزيرةِ شُقْر، أبو العبّاس بنُ إدريسَ لقِيَه بمُرْسِيَةَ، أبو الحَسَن بن غُرِّ الناس لقِيَه بمُرْسِيَةَ غيرَ مرّة، أبو الحَسَن بنُ فَيْد كتَبَ إليه من إلْش ثم لقِيَه بمَرْسِيَةَ، أبو عليّ بن عَرِيب كتَبَ له بمُرْسِيَةَ ولقِيَه بها وحضَرَ مجالسَ إقرائه غيرَ مرّة، أبو محمد بن سَهْل لقِيَه بمُرْسِيَةَ مرّاتٍ وكُتِب له عنهُ لعُذرِه، أبو محمدٍ قاسمُ بن دَحْمان لقِيَه بمالَقةَ وكتَبَ إليه منها، أبو العباس بنُ مَضَاء كتَبَ له ولابنِه القاسم، أبو الحَسَن [....](1) لقِيَه بمَرّاكُشَ وكتَبَ له ولابنِه، أبو محمد عاشرٌ، أجاز له لفظًا لضَرَرِه.
وذَكَرَهم أبو العبّاس النَّبَاتيُّ، فقال: قَرَأَ على أبي بكرٍ العُقَيْليِّ، والخَرُّوبيِّ، ووليدِ بن رِزق، وابن سَعادةَ، وابن عبد الرّحيم، وابن حُبَيْش، وابن أبي ليلى، وابن النِّعمة، وابن أبي عَيْشُون. وسواء بالإجازة معَ اللّقاء: عن أبي القاسم بن عبد الجَبّار، وأبي الحَسَن بن إبراهيمَ، وابن طلحة، وابن إدريسَ، وابن غُرِّ الناس، وابن فَيْد، وابن عَرِيب، وابن سَهْل، وابن دَحْمانَ، وابن مَضَاءٍ، ونَجَبَةَ، وعاشرٍ، والحَجْريِّ. وبالإجازةِ دونَ اللِّقاء: عن ابن العَرَبيّ، وابن بَشْكُوال، والباجِيِّ، وابن حَجّاج، وابن فَنْدِلةَ، وشرَيْح، وابن مُغيث، وابن مكِّيّ، وأبي عبد الرّحمن مُساعدٍ، ومُفرِّج، وابن قُزْمانَ، وأبي عامرٍ السالِميِّ، وابن هُذَيْل، وابن نُمَارةَ. لخَّصتُ ذكْرَهم من خطِّ النَّبَاتيِّ نفْسِه، وبينَه وبينَ ما اقتَضَبتُه من ذِكْرهم في برنامَج ابن البَرّاق خلافٌ كثيرٌ لا يَخْفَى، وقد أحوَجَنا فعلُ ابنُ الزبير في ذكْرِه أشياخَ ابنِ البَرّاق وقلّةِ تثبُّتِه في نَقْلِه إيّاهم واعتمادِه ذِكْرَ المَلّاحيّ إيّاهم وما انجَرّ بسببِ ذلك كلّه إلى إطالةٍ ليست من شأنِنا، أرَدْنا بذلك التنبيهَ على عَمل ابن الزُّبَير في كثيرٍ ممن اشتَملَ عليه كتابُه، ولنُبيِّنَ أنَّ الإتقانَ له رجالٌ خصَّهم اللهُ بفضيلتِه، نفَعَ اللهُ بهم، وأوجَدَنا بركةَ الاقتداءِ بهم.
(1) بياض.
رَوى عنه ابنُه القاسمُ، وأبو الحَسَن بنُ محمد بن بَقِيّ الغَسّانيُّ، وأبو عبد الله ابن يحيى السُّكَّريُّ، وأبو العبّاس النَّبَاتيُّ، وأبو عُمرَ بن عَيّاد، وهو أسَنُّ منه، وأبو الكَرَم جُوديٌّ.
وكان محدِّثًا حافظًا راوِيةً مُكثِرًا ضابِطًا ثقةً، شُهِرَ بحفظِ كُتُبٍ كثيرة من الحديثِ وغيره، ذا نظرٍ صالح في الطّب، أديبًا بارِعًا كاتبًا بليغًا مُكثِرًا مُجِيدًا سريعَ البديهة في النَّظْم والنثر، والأدبُ أغلبُ عليه؛ قال أبو القاسم ابنُ المَواعِينيِّ: ما رأيتُ في عبادِ الله أسرعَ ارتجالًا منهُ.
وصنَّفَ في الآدابِ مصنَّفات، منها:"بهجةُ الأفكار وفُرجةُ التَّذكار في مختارِ الأشعار"، و "مباشرةُ ليلةِ السَّفْح، من خبَرِ أبي الأصبَغ عبد العزيز بن أبي الفَتْح، معَ الأعلام الجِلّة: أبي إسحاقَ الخَفَاجيِّ وأبي الفَضْل بن شَرَف وأبي الحَسَن ابن الزّقاق"، ومنها مقالةٌ في الإخوان، خَرَّجها من شواهدِ الحِكم، ومصنَّفٌ في أخبارِ مُعاوية، ومنها:"الدُّرُّ المُنظَّم في الاختيارِ المعظَّم"، وهو مقسَّمٌ على تأليفينِ أحَدُهما:"مُلَحُ الخَواطر ولُمح الدفاتر" والثاني: "مجموعٌ في ألغاز"، ومنها "رَوْضةُ الحدائق في تأليفِ الكلام الرائق" وهو مجموعُ نظْمِه ونثْرِه وفيه فصولٌ منها: مُلتقَى السَّبيل في فَضْل رمضان، وقصيدةٌ في ذكْرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأصحابِه رضي الله عنهم، وسَمّاها "القَرارةَ اليَثْربيّة المخصوصةَ بشَرَفِ الأحناءِ القُدُسيّة"، وستأتي بتسميطِ أبي الكَرَم جُوديٍّ إن شاء الله، و "خَطَراتُ الواجِد في رثاءِ الماجد"، و "رجوعُ الإنذار بهجوم العذار"، و "تصريحُ الاعتذار عن تقبيح العذار"، وقطعٌ من شعرِه: زُهْديّةٌ ووَعْظيّة، إلى غيرِ ذلك من الفصُول. ومن مصنَّفاتِه: مجموعُ موشَّحاتِه، وهي نحوُ أربع مئة، وصَدَّره بمقالةٍ سَمّاها: الإفصاحَ والتصريح عن حقيقةِ الشِّعر والتوشيح؛ قال: وغيرُ ذلك من المصنَّفاتِ المشروع فيها ولم تتمَّ، وهي متّصلةٌ بمدى العُمر.
أنشَدتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ رحمه الله، ونقَلتُه من خطِّه، قال: سمِعتُ من لفظِه، يعني أبا الحَسَن بنَ محمد بن بَقِيّ، قصيدةً طويلةً في النبيِّ صلى الله عليه وسلم -
وأصحابِه رضوانُ الله عليهم، لشيخِه المحدِّث الأديب أبي القاسم محمدِ بن عليٍّ الهَمْدانيِّ ابنِ البَرّاق الوادِيَاشيِّ، وسَمّاها بـ"القَرارةَ اليَثْربيّة المخصوصةَ بشَرَف الأحناءِ القُدُسيّة"؛ قال المصنّفُ عَفَا اللهُ عنه: هي التي ذكَرْتُ أنّ تلميذَه الأخصَّ به أبا الكَرَم جُوديًّا سَمَّطَها، فرأيتُ إثباتَها هنا بتسميطِها؛ تبرُّكًا بها، ولم أُنشِدْها على شيخِنا أبي الحَسَن رحمه الله إلّا مجرَّدة عن التسميطِ، وهي هذه [الكامل]:
يا مُسْبلًا من عينهِ عَبَراتِها
…
أشجَتْكَ هاتفةٌ على أثَلاتِها
أم شِمتَ بارقةً بِعُرْضِ فَلاتِها
…
بالهَضْبِ هَضْبِ زَرُودَ أو تَلَعاتِها
شاقَتْكَ هاتفةً (1) على نَغَماتِها
محبورةٌ (2) ما بينَ ظلِّ فروعِها
…
مشهورةٌ بغَرامِها وولوعِها
معذورةٌ لو شَحَّ فيضُ دموعِها
…
مصدورةٌ تفتَنُّ في ترجيعِها
فيبيِنُ نَفْثُ السِّحرِ في نَفثَاتِها
حَكَتِ الخَريرَ وطوَّلَتْ أسجاعَها (3)
…
في روضةٍ عَشِقَ الحيا إيناعَها
فمَنِ الكفيلُ بأنْ تردَّ طِباعَها
…
إنْ راقَها رَأْدُ الضُّحى أو راعَها؟
جُنحُ الدُّجى سِيّانِ في ذِكَرَاتِها
يا ساقَ حُرٍّ للحِمامِ يَسوقُها
…
كَلَفٌ بذكرِكَ ضَلَّ فيه طريقُها
والفجرُ من خلَلِ السّحابِ يَروقُها
…
هذا يُمتِّعُها وذاك يَشوقُها
فالموتُ في يَقَظاتِها وسِناتِها
(1) في البرنامج: "عاكفة".
(2)
في ب م: "مخبورة".
(3)
في ب م: "أشجاعها".
ناحتْ وساعَدَ نوحَها أترابُها
…
وبَدَا أساها حينَ جَلَّ (1) مُصابُها
فجفونُها ما تلتقي أهدابُها
…
ولوِ التعلُّلُ بالكرى ينتابُها
نضَحتْ بِزَوْرِ الطّيفِ بَرْحَ شَكاتِها
لو جاذَبَتْ سِنةَ الكَرى بزمامِها
…
لَجَنَتْ لذيذَ الوَصْلِ من أحلامِها
ورَمَتْ بمُحْرِضِ شَجْوِها وغرامِها
…
لكنَّ بينَ جفونِها ومنامِها
حَرْبًا تُثيرُ النَّهبَ في كرَّاتِها
بضلوعِها أمَدَ الحياةِ تَمَلْمُلُ
…
فبكاؤها بالواديَيْنِ تعَلُّلُ
وسُلوُّها ما إنْ عليهِ مُعوَّلُ
…
ولئنْ نطَقْتَ لها به فتقوَّلُ
مَنْ للرِّياحِ بملتقَى هَبّاتِها
عذَّبتِ يا ورقاءُ قلبًا مُتعَبًا
…
أنشَبْتِ فيه منَ الصَّبابةِ مِخْلَبا
وأحقُّ مَنْ هاج الهوى لذوي الصَّبا
…
مطلولةُ الفَرْعيْنِ تُلْحِفُها الرُّبَى
كنَفًا وتُلْثِمُها لمى زَهَراتِها
كرَعَتْ على ظمأٍ بدِجلةَ كَرْعةً
…
عَجْلى (2) تخافُ من الجَوارح صَرْعةً
بشريعةٍ جعَلتْ هواها شِرعةً
…
ويُسيغُها ماءُ النُّخيلةِ جَرْعةً
تعتاضُها من مُجْتَنى نَخَلاتِها
باحَتْ بشَجْوٍ لم تَسَعْهُ ضلوعُها
…
فنِزاعُها بادٍ به ونُزوعُها
ولِخوفِ أقْنَى ما يزالُ يَروعُها
…
أقْوَتْ من الحِرصِ المشيرِ (3) رُبوعُها
فنسيمُ عَرْفِ الروضِ من أقواتِها
(1) في ب م: "حل".
(2)
في ب م: "عجًا".
(3)
ضبب فوقها في ب. ولعلها محرّفة عن: المُثِيْر.
تَخِذَتْ بأكنافِ العُذَيْبِ محلَّها
…
حَذَرَ الجوارح عَلَّها ولعلَّها
وشَذَتْ فأهدَتْهَا الغمائمُ ظلَّها
…
وتهدَّلت أشواقُها حَصَبًا لها
فتقَلَّصتْ عن مُستطابِ جُناتِها
غاضَتْ مَدامعُها ولم تتسيَّلِ
…
وبكَتْ على سَنَنٍ لها مُتَقَيّلِ
في يانعٍ بِيَدِ النَّسيم مُميَّلِ
…
وتضاءَلَتْ أسفًا على متخيَّلِ
كانتْ بهِ الأيامُ شرَّ جُناتِها
عُقِلت مقدِّمةُ الغَمام بسَرْوِها
…
عن سَيْرِها وتلدَّدَتْ في كفوِها
ببِشامِها وثُمامِها وبِضَرْوِها
…
لا درَّ درُّ القَطْرِ إنْ لم يُرْوِها
مِن دَرَّهِ ويلفَّ من شَجَراتِها
ريحَ الصَّبا في ماءِ سَرْحتِها قِفي
…
وتصارَعي مَعَ كلِّ لَدْنِ المِعطفِ
فشذاكِ يُنْهِلُها بكأسِ القَرْقَفِ
…
ويَهيجُ من ذِكَراتِها ويزيدُ في
حرَكاتِها باللَّذْع من سَكَناتِها
لو كنتَ شاهدَها لَقصَّرَخَطْوُها
…
في الوَجْدِ دمعٌ ما توقَّفَ مُذْ وهَى
وسأُعْمِلُ النُّجُبَ القلائصَ نحوَها
…
حتى تُطارِ حَني بأبهرَ شجوَها
وأَفُوقَها في بَثِّها حسَرَاتِها
سَجَعاتُها عندَ الأصيلِ مُبيحةٌ
…
سَبَلَ المَدامعِ فالجُفونُ قريحةٌ
يا ذا الهوى دَعْها فتلك فصيحةٌ
…
فلقد رَمَتْ جنَبيَّ وهْيَ جريحةٌ
فوَلَجْتُ شِعْبَ الحُزْنِ في مَرْضاتِها
تاقَتْ فشاقَتْ بالأُجَيْرغْ كلَّ ذي
…
قلب أسيرٍ في الهوى لم يُنْقَذِ
والسَّهمُ في أحشائهِ لم يَنفُذِ
…
وهمَمْتُ وَجْدًا أنْ يُعارضَها الّذي
ناءَتْ به الأحناءُ من زَفَراتِها
مالوا لتوديعي بذاكَ الموقفِ
…
والدّمعُ بين مُحدَّرٍ ومُكَفْكَفِ
وتصَّعدتْ زَفَراتُ فَرْطِ تأسُّفِ
…
فخَشِيتُ أحرِقُ سَرْحَها بتلهُّفِ
وتُذيبُها الأنفاسُ عن لَفَحاتِها
أتْبَعْتُهم نَظَري بمنعَرَجِ اللِّوى
…
أَبْغي الدّواءَ وما لقلبي مِنْ دوا
أنَّى وقد عَبَثتْ به أيدي النَّوى
…
وطَفِقْتُ أغسِلُ ما تَحيَّفَهُ الجَوى
منها فيا للعَيْنِ مِن عَبَراتِها
لا تَلْحُني إنْ ذابَ أسودُ مقلتي
…
لحنينِها ولأزمُنٍ قد وَلَّتِ
إن كنتَ تفهَمُها وتفهَمُ عِلّتي
…
فهناك ساجِلْني وباحِثْ دِخلتي
عن وَعْظِها للنَّفْسِ في غفَلاتِها
شَرَفُ المدامع أن تَجودَ بعَبْرةٍ
…
عن نظرةٍ عَبَرت بزاخِرِ عَبْرةِ
وحمامةٌ تصِلُ الهديرَ بغَفْرةٍ
…
سَجَعتْ عليكَ أخا الذُّنوبِ بسَحْرةِ
فغُرِيت بالفَتّانِ مِن سَجَعاتِها
واهًا لها ولشَجْوِها المُستحوِذِ
…
بالشَّوقِ والتَّحنانِ دَأْبًا تغتذي
وتقولُ للزَّفَراتِ: أحنائي خُذي
…
هذا ومَذهبُها هديلٌ والذي
تَهواهُ يُغمِضُ خَطْرةً عن ذاتِها
صَدَحَتْ فكم صَدَعَتْ فُؤادًا مُبتلَى
…
قرَأَتْ له حِزبَ الشُّجونِ مُرَتَّلا
يا مَن أصاخَ لها فجاوَبَ مُعْوِلا
…
أمُرِنّةٌ تهديك للشَّكوى فلا
تمتازُ إلّا بادّعاءِ صِفاتِها؟!
أتَبِيتُ يا ذا البَثِّ موفورَ القُوى
…
وَلَهًا على حُكْمِ الصَّبابةِ والجَوى
قلبٌ هَفَا، رسمٌ عَفَا، جسمٌ ذَوَى
…
هلّا اقتَدتْ بكَ يا مُتيَّمُ في الهوى
إذْ ما وُسِمْتَ به يَبُذُّ سِماتِها
ساجِلْ فدَيْتُكَ شجوَ كلِّ مغرِّدِ
…
وصِلِ العَويلَ بأنّةِ المُتنهِّدِ
حتى تكونَ بكَ الحمائمُ تَقتدي
…
أوَ ليسَ حُبُّكَ للنبيِّ محمدِ
أضعافَ ما بَثَّتْهُ مِن لوعاتِها
يا مَن تطلَّعَ فاجتَلَى أنوارَهُ
…
وأصارهُ يضَعُ الهُدى آصارَهُ
إنْ كنتَ تَبغي في الجِنانِ جِوارَهُ
…
قمْ نادِبًا أو ناشِجًا آثارَهُ
في دِمَنتَيْهِ ونادِ في عَرَصَاتِها:
حَسْبي رسُولَ الله حوضُك مَوْرِدا
…
أَشْفي به مِن غُلّتي بَرْحَ الصَّدى
وأرى جبينَك واضحًا متوقِّدا
…
يا كعبةَ الإسلامِ يا كهفَ الهُدى
يا صارفَ الأيّام عن عاداتِها
يا مَنْ أبادَ بكلِّ أبيضَ قاطعِ
…
فِرَقَ العِدا من عاندٍ ومُخادعِ
حتى اكتَسَى الإسلامُ حُلّةَ وادعِ
…
يا مَن تبلَّجَ نورُهُ عن صادعِ
بالواضحاتِ الغُرِّ من آياتِها
يا مَن تنوَّرتِ القلوبُ بحُبِّهِ
…
وَصَبَتْ لهُ ولآلِهِ ولصحبِهِ
مَن لي بقبرِكَ أو بنَفْحةِ تُرْبِهِ
…
يا شارعًا في أُمّةٍ جُعِلَتْ بهِ
وَسَطًا فنالتْ مُستدامَ حياتِها
في سَرْحةٍ للشّرعِ أورَقَ عُودُها
…
وَجَرَتْ بأمواهِ النَّعيم مُدودُها
أنهضْتَها فأحَلَّها توحيدُها
…
في دارِ خُلْدٍ لا يَشِيبُ وليدُها
حيث الشّبابُ يَرِفُّ في جَنّاتِها
وسُلافُها يا مَنْ لنا بسُلافِها
…
كضياءِ نُور الشّمس في إشرافِها
وكؤوسُها كالدُّرِّ في أصدافِها
…
وتسَنَّمَ الرِّضوانُ في أكنافِها
وتنسَّمَ الرَّيْحانُ من جَنَباتِها
يا جاعلَ الإيمانِ أوفرَ ذُخْرِها
…
يا تاجَ مُلكٍ زان مَفرِقَ فَخْرِها
يا مَن شَفَا آذانَها من وَقْرِها
…
يا مُصطفاها يا مُرفِّع قَدْرِها
يا كهفَها يا منتهَى غاياتِها
يا مَن هَداها رحمةً لمَكارمِ
…
وأزاحَها عن ذلّةٍ وجرائمِ
وحَمَى حِماها نَجْدةً بصَوارمِ
…
يا مُنتقاها من أَرُومةِ هاشمِ
يا هاشمَ الصُّلبانِ في نَزَواتِها
يا مَن حَشَا قلبَ الضّلالِ برُعبِهِ
…
من قَبْلِ رُؤيةِ سُمْرِهِ أو قُضْبِهِ
وطِعانِهِ الطَّعنَ الدِّراكَ وضَرْبِهِ
…
يا خاضدًا للشِّركِ شوكةَ حِزْبِهِ
يا نابغًا للعُربِ في جَمَراتِها
يامَنْ له نَسَبٌ كعارفة المِنَنْ
…
مُتبرّئ من كلّ ألكنَ لم يُبِنْ
مُتخايِل بمعظَّم نَدْبٍ لَسِنْ
…
في الصّيدِمن أذوائها والقلبِ مِنْ
صُرَحَائها والشُّمّ من أبياتِها
يا مَن أنارَ فَواضلًا ومَحامدا
…
يا مَنْ أغارَ على العدوِّ مُجاهدا
يا من أثارَ مَنابرًا ومساجدا
…
يا ناصِبًا عَلَمَ الدّيانةِ جاهدا
[193 ب] يا ذُخْرَها لحياتِها ومماتِها
يا مُنقِذَ الأغلالِ من أغلالِها
…
بهدايةٍ صَقَلتْ نُهَى جُهّالِها
حتى غَدَتْ تُزْري بضَوْءِ ذُبالِها
…
يا آخرَ النُّبَّاءِ في أرسالِها
يا أوّلَ الأرسالِ في قُرُباتِها
يا مَن سَقَى ماءَ اليقينِ صدورَها
…
كَرَمًا وصارَ من الجحيم مُجيرَها
وظهيرَها وبَشيرَها ونذيرَها
…
يا من إذا جَلَتِ الغَزالةُ نُورَها
فلوجهِه يُعْزَى جميلُ إياتِها
يا ليتَني أجهَدْتُ نحوك عِرْمِسا
…
حتى أكونَ لدى الضّريح مُعَرِّسا
وأُقبِّلَ الجُدُراتِ ثَغْرًا ألعسا
…
مَن لي بحُسنِكَ كلّما اعتَكرَ الأسى
في النَّفْس فاشتَملَتْ على كُرُباتِها
شَنَّفْتَ بالذِّكْرِ الحكيم مَسامعا
…
وأَرَيْتَ أنفُسَنا الظِّماءَ مَشارِعا
ومَنابِعًا ومرابعًا ومَراتِعا
…
يا غافرًا لذنوبِنا يا شافعا
في المُهلِكاتِ الشُّوسِ من تَبِعاتِها
بكَ يا مُشفَّعُ كان فوزُ قِداحِها
…
وبكَ استبانَتْ أَوْجُهًا لنَجاحِها
يا رحمةً آوَتْ لظلِّ جناحِها
…
يا ضارعًا في هَدْيِها وصَلاحِها
يا مُتعبَ الخَطَراتِ في أرَجاتِها
رَفَّتْ نفوسٌ أنت مالكُ رِقِّها
…
صَدَقتْ فأُورِثَتِ الجِنانَ بصِدقِها
وقَفَتْ سبيلَك فاهتبَلْتَ بحقِّها
…
يا باذلًا آناءَه في عِتْقِها
يا راحضَ الأدناسِ عن خَطَراتِها
أوَرَثْتَها لتحُطَّ من أوزارِها
…
وتُشيدَ صَرْحَ عَلائها وفَخارِها
مهما تَغَلْغلَ في ذُرى استغفارِها
…
يا ماحيَ التكليفِ عن أفكارِها
يا دافعَ التشبيهِ عن لَحظاتِها
وعقَلْتَ حين أقَلْتَ من عثراتِها
…
خُطُواتِها عن مدِّها لِهَناتِها
ودرَأْتَ حَدَّكَ عن ذوي هيئاتِها
…
يا آخِذًا ما ليس في شُبُهاتِها
يا تاركًا للبحثِ عن نَزَعاتِها
عَرَّفْتَ جاهلَها الذي لم يَنْبُهِ
…
بإلهِهِ وبرُسْلِهِ وبكُتْبِهِ
وجلَوْتَ بالأنوارِ ظُلمةَ قلبِهِ
…
يا مُورِثَ التنزيهِ ما انفرَدتْ بهِ
يا مُرضِيًا كرَمًا مُلحَّ عُفاتِها
ووردْتَ حينَ سدَدْتَ منبعَ نَفْرِها
…
بمواردٍ مِنْ حَمْدِها أو شكرِها
ولك الشفاعةُ في مواقِفِ حَشْرِها
…
يا مَنْ به عَرَفَتْ مُدبِّرَ أمرِها
وحقوقَهُ ورأتْ كمالَ ذَواتِها
ولك الغَناءُ والاعتناءُ بأُمّةِ
…
علَّمتَها التنزيلَ أفضلَ نعمةِ
وشَفَعتَهُ كي لا تضِلَّ بحِكمةِ
…
أنت الذي أنقَذْتَها من غُمّةِ
فَرَّجْتَ فيها الصّعبَ من أزَماتِها
وحدَوْتَها حَدْوَ الصِّعابِ الجِلّةِ
…
لقرار الفِردَوْسِ حيث احتَلّتِ
لم تَسترِبْ لمّا دعَوْتَ فوَلَّتِ
…
وحَبْوتَها بجوامعِ الكَلِمِ التي
بلَغَتْ بلاغتُها مدى مِيقاتِها
ولكم دعَوْتَ مصمِّمًا أوأبْلَهًا
…
حَيْرانَ يَعْسفُ للغوايةِ مَهْمَها
كنتَ الدّليلَ له ففازَ بما اشتَهَى
…
لولاكَ ما عَرَفَ السّبيلَ إلى النُّهَى
ولضَلّتِ الألبابُ عن مَنْجاتِها
وبهَدْيِك انبعَثَتْ لهَجْرِ رُبوعِها
…
تَنوي البَنِيَّةَ بعدَ زَوْرِ شفيعِها
زُمَرٌ (1) يُسامرُها أطيطُ نُسوعِها
…
فعليك فَضْلُ خشوعِها وخضوعِها
وإليكَ أجرُ صِيامِها وصَلاتِها
كم نائلٍ ظفِرتْ به في سَفْحةِ
…
نَسَمتْ بها للعفوِ أعطرُ نفحةِ
في رَوْضةٍ للكشفِ أو في سَرْحةِ
…
ولدَيْكَ ما خُصَّتْ به من مِنْحةِ
ما بينَ حُرِّ هِباتِها وصِلاتِها
(1) في ب م: "زمن".
وبيانُكَ المأثورُ يومَ عَظاتِها
…
وسِنانُك المطرورُ بينَ كُماتِها
وجِنانُك المعمورُ من آياتِها
…
وضَمانُك المُوفي لها بعِداتِها
وأمانُك المُردْي لضُرِّ عُداتِها
هذي الفضائلُ خَلَّفَتْها بينَنا
…
شِيَمٌ جمَعْتَ بها السَّناءَ إلى السَّنا
حتى قضَيْنا بالغيوبِ تيَقُّنا
…
وإذا تخَلَّصتِ الضمائرُ مُوهِنا
لإجابةٍ طرَّقْتَ نهجَ دُعاتِها
وإذا النفوسُ تزوَّدَتْ لمَعادِها
…
ورأتْ بأنَّ الذِّكرَ أطيبُ زادِها
ونأَتْ عن الدُّنيا لوَشْكِ نَفادِها
…
فلكَ انتماءُ الرِّفقِ في إرشادِها
وبك اقتداءُ النُّجْحِ في دَعَواتِها
وحَطَطْتَ عنها عِبءَ كلِّ دناءةِ
…
وختَمْتَ سَطْوتَها بحُكمِ بَراءةِ
أحسَنْتَ للأيام بعدَ مَساءةِ
…
ومتى اللّيالي حَدَّقَتْ لإساءةِ
ذكَرَتْكَ فانتقَلَتْ إلى حسَناتِها
ومَحوْتَ رَسْمَ حُقودِها وضَبابِها
…
في سالفِ الأزمانِ بينَ رِبَابِها
وعُقَيْلِها وَهُذَيْلِها وكِلابِها
…
فجميعُ ما اجتَرَمَتْهُ في أحقابِها
غَفَرَتْه يومَ بُعِثْتَ في ساعاتِها
إن كان دُوِّخَتِ القرونُ وأُخمِلَتْ
…
وتباشرتْ ببلوغ ما هيَ أمَّلتْ
وسَقَت بَنيِها بالذُّعافِ وثمَّلَتْ
…
فحُلاكَ فُزْتَ بوضعِها هي جَمَّلَتْ
ما قَبَّحتْه وقَهْقَرتْ نَكَباتِها
لمّا علا الطاغوتُ أفضلَ رَيْعةِ
…
وجَرى بخيلٍ للضّلالِ سريعةِ
ورأيتَ دينَ الله خيرَ ذريعةِ
…
قَسّمْتَ أورادَ العُلا بشريعةِ
بَرَزَتْ وجوهُ الفضلِ من قَسَماتِها
أضحى العُلا بفِناء رَبْعِك لائذا
…
يا عِزَّه لمّا غدا بكَ عائذا
وغدَوْتَ طالبَ ثأرِه بل آخِذا
…
وحسَمْتَ من طُرُقِ الضّلالِ مآخِذا
غرِقَتْ نفوسُ الخَلْقِ في زَلّاتِها
صَدَّتْ فلم تحفِلْ بطُولِ صُدودِها
…
وَدَّتْ لوِ انقبَضَتْ حِبالُ ودودِها
نَدَّتْ فرَدّتَها أَناةُ صُيودِها
…
ما زلتَ تجهَدُ في انتقاصِ شرودِها
وتُعوِّضُ الأنوارَ من ظُلُماتِها
يا ثابتًا للهَوْلِ تحتَ عَجاجِهِ
…
والجيشُ مثلُ البحرِ في أمواجِهِ
وحُسامُهُ يسعى به كسِراجِهِ
…
حتى أضاءَ الحقُّ في مِنهاجِهِ
وترَقَّتِ البُشْرَى على دَرَجاتِها
حطَّتْ رِحالُكَ بينَ أكرمِ عِترةِ
…
رَمَقَتْ بها الجَمَراتُ أعظمَ جَمْرةِ
كم كشّفَتْ بنضالِها من غَمْرةِ
…
يا مَن توَضَّحَ جَمْرُه في زُمرةِ
رَقِيَتْ بسُنّتِهِ يَفاعَ نَجاتِها
وعلائها لقدِ ارتَقَتْ لعلائها
…
وغَنائها ومَضائها وسَنائها
فوقَ المجرَّةِ في ذُرا جَوْزائها
…
أقمارُ مِلّتِنا وشَهبُ سَمائها
وذوو الخِلالِ الغُرِّ من سَرَواتِها
سُحبُ الهُدى رَوَّى البلادَ حَبِيُّها
…
فَولِيُّها يقتادُهُ وَسْمِيُّها
أحبِبْ جماعتَها يطِبْ لك رَيُّها
…
فسَرِيُّها صِدّيقُها وسَنِيُّها
فاروقُها الوَضّاحُ عن عَزَماتِها
حاز المَمالكَ واستقَلَّ بسَبْيِها
…
وَدَها الأعاجمَ واستهانَ بهَدْيِها
وأبادَ سِيرتَها وسالِفَ بَغْيِها
…
وأثيرُها عثمانُ تالي وَحْيِها
ومُزَحْزحُ الأزَماتِ عن ساداتِها
ثُبَةٌ نَماها للعلاءِ نبيُّها
…
بهَرَتْ فضائلُها وفاحَ نَدِيُّها
فغُدوُّها زاهٍ به وعَشِيُّها
…
وعَلِيُّها في المَكرُماتِ عليُّها
رَبُّ اختراطِ النَّصرِ في غَزَواتِها
هدَّ الضلالَ وراعَ آمِنَ سِرْبِهِ
…
ببسالةِ فَلَّت مَضاربَ عَضْبِهِ
كم دامسٍ جَلَّى غَياهبَ كَرْبِهِ
…
بابُ العلوم وخيرُ من جالتْ بهِ
هِمّاتُهُ في مُرتَقى صَهَواتِها
صارِمْ وجاهِدْ مَن يَفُوهُ بلَمْزِهِ
…
أَلحفْهُ عَضْبًا راقَ عندَ مَهَزّهِ
ومِنَ الذي زَعَمَ الغَوِيُّ؛ فنزِّهِ
…
مَن حَفَّ بالسّبْطَيْنِ ذُروةَ عزِّهِ
فتقهقَرَ التغييرُ عن هَضَباتِها
أخَذَتْ بنا للهَدْي أشرَفَ مأْخَذِ
…
كشَفَتْ لنا وَضَحَ الطريقِ المُنقذِ
فلكلِّها عَطْفُ الرَّؤوفِ الجَهْبَذِ
…
وأمَسَّها قُربى الحَواريِّ الذي
لحظَتْهُ بالإيثارِ بينَ وُلاتِها
نادَوْهُ في اليرموكِ وهْو مُشمِّرُ
…
بالسَّيفِ يَضرِبُ كي يُذِلَّ مُتبِّرُ
فمضَى بهمْ ليثٌ يَصُولُ غَضَنْفَرُ
…
فلذاك تخصيصُ الزُّبيرِ معبِّرُ
عن سَبْقِهِ في غُرِّها وكُماتِها
بعصابةِ المختارِ أصبح مُغرَمًا
…
وبِنُورِها رَمَقَ الطريقَ مُصمِّما
متحيِّرٌ طلَعَتْ عليهِ أنجُما
…
وأبِيُّها في الحَرْبِ طلحةُ مُنتمَى
وثَباتِها في صَبْرِه وثباتِها
أمّا القوِيُّ فرِدؤُها ومُعينُها
…
وصَريخُها ونَصيحُها ومَكِينُها
وظَهيرُها حتى تمكَّنَ دِينُها
…
وأمينُها في بَعْثِها ويمينُها
فيما تُشيرُ إليه من سَطَواتِها
ولهُ بأكنافِ الشَّآم وقائعُ
…
حَمِدَتْه فيها أَنْسُرٌ وخَوامعُ
فلذا أقولُ لكي تلَذَّ مسامعُ:
…
لأبي عُبيدةَ في الجلالِ مَنازعُ
يفتَرُّ زَهْرُ الرَّوْضِ عن نَفَحاتِها
أردَتْ معاندَها فباتَ مُضَرَّجا
…
وبَدَتْ سَنا والكفرُ ليلٌ قد سَجَا
فهيَ المصابيحُ انْجَلى عنها الدُّجَى
…
وحَرِيُّها العَفُّ ابنُ عوفٍ بالحِجَا
ورفيعُها في حِلْمِه وأناتِها
قد حاز في دُنياهُ عيشًا أرفَغا
…
ورأى المواهبَ فوقَ ما كان ابتغَى
ومضَى ولا صَعَرٌ يَشِينُ ولا صَغَا
…
وأخو حِراستِها بمُحْتَضَرِ الوغَى
سَعْدٌ مُبِيدُ الذُّعرِ دونَ حُماتِها
مَن شَبَّ نارَ القادِسيّةِ وارتَقى
…
إيوانَ كِسرى وهْو صعبُ المُرتقَى
بالجَحْفلِ اللَّجِبِ الصَّميم المنتَقى
…
والمُرتضَى شِيَمًا سعيدٌ ذو التُّقَى
والسابقُ الحُنَفاءَ في حَلَباتِها
قصمَتْ عِداها أشْأَمتْ أو أعْرَقَتْ
…
حتَمَتْ نَداها أيسَرَتْ أو أملَقَتْ
ورَمَتْ مَداها بالذّميل وأعنَقَتْ
…
فئةٌ تواصَمتْ بالسَّناءِ فأشرَقَتْ
شمسُ النُّبوّةِ في سَنا جَبهاتِها
نُجُبٌ لفِهْرٍ أو سُلالتِه لُؤَيّ
…
جَلَّتْ عن الدُّنيا غيايةَ كلِّ غَيّ
ببِدارِها نحوَ المؤيَّدِ من قُصَيّ
…
فالبِشرُ حَشْوُ ضُلوعِها والفضلُ طيّ
بُرودِها والمجدُ حَلْيُ طِلاتِها
عَزَّتْ فعَزَّت مَنْ بَغى وأذلَّتِ
…
آوَتْ فداوَتْ أنفُسًا فأبلَّتِ
سَعِدتْ فكم صَعِدتْ فما هيَ زَلَّتِ
…
شَهِدت لها بالجنّةِ الذاتُ التي
وطِئتْ بأخمَصِها ذُرا غُرُفاتِها
يا مَن لها أو باتَ يجهَلُ فضلَها
…
شِمْ بَرْقَهاكيما تُصادفُ وَبْلَها
مَنْ مِثلُها إن كنتَ تَطلُبُ مِثلَها
…
هِيَ صَفْوةُ المختارِ فاقْتَفِ سُبْلَها
وتوَخَّ أن تَستَنَّ في مَرْقاتِها
ونداءَ خيرِ العالمينَ فلَبِّهِ
…
واسَرحْ سَوامَكَ في حدائقِ أبِّهِ
واقصِدْ مناهجَ هَدْيِه وتنَبَّهِ
…
وتَحَرَّ أن تلقَى الإلهَ بحُبِّهِ
وبحبِّها فتثابَ عن مَسْعاتِها
لا تصرِفَنْ لُبًّا لشِعبِ شتاتِها
…
متتبِّعًا ما كان من فَعَلاتِها
وأصِخْ لمَن مشَّى دعاءَ هُداتِها
…
فعساكَ أن تمتارَ من بَرَكاتِها
رِفدًا به تعتَدُّ من طبقاتِها
يا مَن تخَلَّص من أَرُومةِ شَيْبةِ
…
كاللَّيثِ يَقتلعُ القلوبَ لهيَبْةِ
كالغَيثِ وافَى بعدَ أطولِ غَيْبةِ
…
يا طيِّبًا ضمَّتْه مِسكةُ طَيبةِ
فتضوَّعتْ دارِينُ عن جُدُراتِها
صِلُّ اشتياقي في فؤادي نَضْنَضا
…
وجَوانحي حُنِيتْ على جمرِ الغَضَا
يا خيرَ خَلْقِ الله كُنْ لي مُنهِضا
…
شَوْقي لتُربتِك المقدَّسةِ اقتضَى
دَنَفي وصَدَّ النَّفْس عن خَطَراتِها
لي أدمُعٌ تحكي تناثُرَ جوهرِ
…
شوقًا لرؤيةِ روضةٍ أو مِنبَرِ
تقبيلُهُ في الحَشْرِ أعظمُ مَفْخَرِ
…
فارحَمْ بكاءِ مُغرَّقٍ في أبحُرِ
من دمعِه يختالُ في غَمَراتِها
واصرِفْ إليهِ عطفةً لذَنوبِها
…
فَيْضٌ يُنَقّي نفْسَه من حُوبِها
فلقد تقَوَّس تحتَ عِبء ذُنوبِها
…
واشفَعْ له في توبةٍ يَصْفو بها
نَفْسًا فتُقلعَ عن قبيح سِناتِها
لا تتركَنَّ فجورَهُ متفجِّرا
…
وفؤادَه ممّا يسَرُّكَ مُقْفِرا
أنْشِقْهُ ريحَ التُّربِ مِسكًا أَذْفَرا
…
كيما يكونُ إلى المَعادِ مشمِّرا
ويَكُفُّ للأهوالِ من عَثَراتِها
فيَرى بعَيْنِ بصيرةٍ وتأمُّلِ
…
أنّ الأمانَ بغيرِ هذا المنزلِ
فيَمِيزَ بينَ مُسدَّدٍ ومضَلِّلِ
…
وَيحُوزَ في الأخرى محلَّ المُعتلي
ويَفُوزَ بالتنبيهِ بينَ رُفاتِها
ويَرُودَ حين يَشِيمُ أنْجَحَ بُرقةِ
…
سَحَّتْ عَزَالِيها بأكرمِ وَدْقةِ
روضَ الهُدى ليفوزَ منه بنَشْقةِ
…
فيَعُود حُزْنًا عندَ ذاك لفُرقةِ
غَسَل الصّفاءُ الشَّيْنَ عن صَفَحاتِها
وتبادرَتْ تَسْقي العِطَاشَ الذُّبَّلا
…
ماءَ الكُلى والسيفَ توردُه الطّلا
من كلِّ ذي سَفَهٍ أحال وبَدَّلا
…
فتكرَّمت ثِنْيَ الفراديسِ العُلا
وتحرَّمت بالرَّعي من حُرُماتِها
هذي الوسيِلةُ يا نبيًّا مُرتضَى
…
قد حِكتُها فأتَتْ رداءً فُضفِضا
ألحَمْتُها لأْلاءَ عِرضِكَ أبيضا
…
ثم السلامُ عليك يا شخصَ الرِّضا
ما دمتَ أَصْلَ رَشادِها لغُواتِها
وجَنبْتَها حتى اهتَدَتْ لنَجاتِها
…
وخَطَبْتُها متفنّنًا بلُغاتِها
وأجَبْتَها بالوَحْي في شُبُهاتِها
…
ووَهبتَها المأمولَ من طَلَباتِها
ووقَيْتَها المحذورَ من آفاتِها
ووضَعْتَ أرحُلَها بأرفعِ نَجْوةِ
…
وجعلتَها تِبْعًا لأفضلِ قُدوةِ
وعقَدْتَ ذمّتَها بأوثقِ عُروةِ
…
وخصَصْتَها عندَ الإلهِ بحُظْوةِ
أقطعْتَها فيها جَزيلَ هِباتِها