المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌طريقة حفظ السنة وكتبها: - السنة المفترى عليها

[سالم البهنساوي]

فهرس الكتاب

- ‌مع الكتاب المفترى عليه:

- ‌هذا الكتاب بين الشكل والمضمون:

- ‌بين يدي هذا الكتاب:

- ‌الفَصْلُ الأَوَّلُ: بَيْنَ الرَّسُولِ وَحَقِيقَةِ السُنَّةِ:

- ‌1 - حَقِيقَةُ السُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ وَمَكَانَتُهَا:

- ‌2 - نُزُولُ الوَحْيِ بِالسُنَّةِ:

- ‌3 - أَنْوَاعُ السُنَّةِ وَوَظِيفَةِ الرَّسُولِ:

- ‌4 - الجَمَاعَاتُ الإِسْلَامِيَّةُ وَالمَنْهَجِ النَّبَوِيِّ:

- ‌التَّطَرُّفُ وَتَلْبِيسُ إِبْلِيسَ:

- ‌5 - السُنَّةُ بَيْنَ النَّصَارَى وَالأَعْرَابِ:

- ‌6 - اسْتِقْلَالُ السُنَّةِ بِالحُكْمِ الشَّرْعِيِّ:

- ‌الفَصْلُ الثَّانِي: الفِتْنَةُ وَشُبُهَاتٌ حَوْلَ تَدْوِينِ السُنَّةِ:

- ‌7 - كِتَابَةُ السُنَّةِ بَيْنَ التَّأْيِيدِ وَالمُعَارَضَةِ:

- ‌8 - التَّدْوِينُ الرَّسْمِي وَحِفْظُ السُنَّةِ:

- ‌9 - كِتَابَةُ السُنَّةِ فِي العَصْرِ النَّبَوِيِّ:

- ‌10 - الحَقِيقَةُ بَيْنَ العِلَّةِ وَالمَعْلُولِ:

- ‌السُنَّةُ وَالمُنَافِقُونَ حَدِيثًا:

- ‌11 - مِنْ وَسَائِلِ حِفْظِ السُنَّةِ:

- ‌طَرِيقَةُ حِفْظِ السُنَّةِ وَكُتُبِهَا:

- ‌12 - عُلُومُ الحَدِيثِ وَأَهَمِيَّتُهَا:

- ‌بِدَايَةُ عِلْمِ المُصْطَلَحِ:

- ‌13 - رَدُّ السُنَّةِ بَيْنَ السَّنَدِ وَالمَتْنِ:

- ‌أَطْفَالُ المُشْرِكِينَ:

- ‌14 - مَتْنُ الحَدِيثِ وَمُشْكِلَةُ الوَضْعِ:

- ‌عَلَامَاتُ الوَضْعِ:

- ‌15 - مَدَى التَّوَقُّفُ فِي مَتْنِ الحَدِيثِ وَطُرُقِ التَّخْرِيجِ:

- ‌[زِيَادَةُ الثِّقَاتِ وَالإِدْرَاجِ]:

- ‌طُرُقُ التَّخْرِيجِ:

- ‌الفَصْلُ الثَّالِثِ: السُنَّةُ وَالفِتْنَةُ الكُبْرَى:

- ‌16 - السُنَّةُ وَالفِتْنَةُ الكُبْرَى:

- ‌بَيْنَ السُنَّةِ وَالشِّيعَةِ:

- ‌17 - أَدَبُ الخِلَافِ وَالعِصْمَةِ الجَدِيدَةِ:

- ‌18 - الحَدِيثُ النَّبَوِيُّ بَيْنَ أَهْلِ السُنَّةِ وَالشِّيعَةِ وَالخَوَارِجِ:

- ‌آيَةُ التَّطْهِيرِ:

- ‌حَدِيثُ الثَّقَلَيْنِ:

- ‌مَصْدَرُ الأَئِمَّةِ فِي تَبْلِيغِ الأَحْكَامِ:

- ‌19 - حَقَائِقَ عَنْ السُنَّةِ وَالعِصْمَةِ:

- ‌20 - الشِّيعَةُ وَبَرَاءَةُ الأَئِمَّةِ:

- ‌الاِخْتِلَافُ حَوْلَ الأَئِمَّةِ:

- ‌بَيْنَ العِصْمَةِ وَالسُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ:

- ‌أَقْوَالُ الأَئِمَّةِ وَالسُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ:

- ‌نَزَاهَةُ الأَئِمَّةِ مِنَ الرُّبُوبِيَّةِ:

- ‌حَوْلَ تَحْدِيدِ آلِ البَيْتِ:

- ‌بَرَاءَةُ الأَئِمَّةِ:

- ‌بَيْنَ الأَئِمَّةِ وَأُسْرَةِ أَبِي بَكْرٍ:

- ‌الصَّادِقُ وَالعِصْمَةُ:

- ‌الصَّادِقُ وَالتَّقِيَّةُ:

- ‌الصَّادِقُ وَالقُرْآنُ:

- ‌21 - حَدِيثُ الغَدِيرِ وَأَصْلُ الخِلَافِ:

- ‌حَقِيقَةُ حَدِيثِ الغَدِيرِ:

- ‌22 - دَعْوَى التَّكْفِيرِ بَيْنَ السُنَّةِ وَالشِّيعَةِ:

- ‌[إِبَاحَةِ دَمِ النَّوَاصِبِ]:

- ‌23 - الحَقِيقَةُ الغَائِبَةُ:

- ‌الحَقِيقَةُ الغَائِبَةُ وَمَصْدَرُ تَبْلِيغِ الأَحْكَامِ:

- ‌الفَصْلُ الرَّابِعُ: السُنَّةُ وَشُبْهَةِ الظَنِّيَّةِ:

- ‌24 - تَقْسِيمُ السُنَّةِ فِي المَاضِي وَالحَاضِرِ:

- ‌25 - أَحَادِيثُ الآحَادِ بَيْنَ مَدْرَسَتَيْ الرَّأْيِ وَالحَدِيثِ:

- ‌حُجِيَّةُ أَحَادِيثِ الآحَادِ بَيْنَ العُمُومِ وَالخُصُوصِ:

- ‌26 - مَدَى الشَكِّ فِي ثُبُوتِ السُنَّةِ وَسَبَبِ التَّفْرِقَةِ بَيِْنَهَا:

- ‌26 - أَخْطَاءٌ وَجِنَايَةٌ ضِدَّ السُنَّةِ:

- ‌27 - السُنَّةُ وَالمُصْطَلَحَاتُ الحَدِيثَةُ:

- ‌28 - أَحَادِيثُ الآحَادِ بَيْنَ الظَنِّ وَاليَقِينِ:

- ‌28 - حَقِيقَةُ الظَنِّ المَنْسُوبِ لِلْسُنَّةِ:

- ‌29 - أَحَادِيثُ الآحَادِ وَالعِلْمِ اليَقِينِي:

- ‌30 - اِسْتِحَالَةُ العَمَلِ بِغَيْرِ اعْتِقَادٍ:

- ‌30 - أُمُورُ العَقِيدَةِ وَالتَّوَقُّفُ فِي بَعْضِ السُنَّةِ:

- ‌الفَصْلُ الخَامِسُ: سُنَّةُ الآحَادْ وَالمَذَاهِبُ الجَمَاعِيَّةُ:

- ‌31 - دَعْوَى تَقْدِيمِ القِيَاسِ عَلَى سُنَّةِ الآحَادِ:

- ‌32 - الأَحْنَافُ وَاشْتِرَاطُ فِقْهِ الرَّاوِي:

- ‌33 - السُنَّةُ وَأَسْبَابُ تَوَقُّفِ الأَئِمَّةِ:

- ‌34 - شُبْهَةُ تَقْدِيمِ عَمَلِ أَهْلِ المَدِينَةِ:

- ‌35 - المَذَاهِبُ وَالخِلَافُ الفِقْهِيُّ:

- ‌36 - مُجْمَلُ أَسْبَابِ الخِلَافِ:

- ‌37 - الاِجْتِهَادُ بَيْنَ العُلَمَاءِ وَالعَوَامِّ:

- ‌الفَصْلُ السَّادِسُ: السُنَّةُ بَيْنَ المُعْجِزَاتِ وَالعَقَائِدِ:

- ‌38 - المُعْجِزَاتُ بَيْنَ الدِّينِ وَالعَقْلِ:

- ‌39 - الإِسْرَاءُ وَالمِعْرَاجُ بَيْنَ المُسْلِمِينَ وَأَعْدَائِهِمْ:

- ‌40 - المُعْجِزَاتُ وَأَخْطَاءُ الإِصْلَاحِيِّينَ وَالمُسْتَشْرِقِينَ:

- ‌41 - الغَزْوُ الفِكْرِيُّ وَبِدْعَةُ الإِسْرَاءِ بِالرُّوحِ:

- ‌41 - العِلْمُ وَالمُعْجِزَاتُ النَّبَوِيَّةِ:

- ‌الفَصْلُ السَّابِعُ: السُنَّةُ بَيْنَ العُمُومِ وَالخُصُوصِ:

- ‌42 - الدَّلِيلُ الظَنِّيُّ بَيْنَ العَامِّ وَالخَاصِّ:

- ‌التَّخْصِيصُ وَشُبْهَةُ التَّعَارُضِ:

- ‌43 - شُبْهَةُ التَّعَارُضِ بَيْنَ العَامِّ وَالخَاصِّ:

- ‌44 - بَيْنَ النَّسْخِ وَالتَّخْصِيصِ:

- ‌45 - شُبْهَةُ تَعَارُضِ النُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ:

- ‌46 - نُقْصَانُ العَقْلِ وَالدِّينِ:

- ‌47 - مُفْتَرَيَاتٌ عَلَى المَرْأَةِ وَالفِقْهِ:

- ‌السُنَّةُ بَيْنَ العَدْوَى وَالوِقَايَةِ:

- ‌48 - الوَحْدَةُ الوَطَنِيَّةُ بَيْنَ المَاضِي وَالحَاضِرِ:

- ‌49 - بِدْعَةُ التَّوْفِيقِ بَيْنَ الإِسْلَامِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ:

- ‌50 - أَهْلُ الكِتَابِ يُكَذِّبُونَ عُلَمَاءَ السُّلْطَةِ:

- ‌الفَصْلُ الثَّامِنُ: السُنَّةُ وَنَسْخُ الأَحْكَامِ:

- ‌51 - التَّعْرِيفُ بِالنَّسْخِ:

- ‌52 - نَسْخُ القُرْآنِ لِلْسُنَّةِ:

- ‌53 - الإِجْمَاعُ وَالنَّسْخُ:

- ‌الفَصْلُ التَّاسِعُ: العَقْلُ البَشَرِيُّ وَالتَّحْرِيفُ العِلْمِي:

- ‌54 - العَقْلُ البَشَرِيُّ وَالتَّحْرِيفُ العِلْمِيُّ:

- ‌55 - حَقِيقَةُ النَّقْدِ العِلْمِيِّ:

- ‌55 - وَسَائِلٌ جَدِيدَةٌ لِهَدْمِ السُنَّةِ:

- ‌56 - الطَّعْنُ فِي أَبِي هُرَيْرَةَ:

- ‌57 - الإِسْرَافُ فِي نَقْدِ الحَدِيثِ وَشِفَاءِ العُيُونِ:

- ‌58 - الصَّحَابَةُ وَالإِكْثَارُ مِنَ السُنَّةِ:

- ‌59 - تَحْرِيفُ النُّصَوصِ بَيْنَ المُسْتَشْرِقِينَ وَعُلَمَاءَ الشُّهْرَةِ:

- ‌60 - التَّحْرِيفُ وَمُوَالَاةُ أَهْلِ الكِتَابِ:

- ‌الفَصْلُ العَاشِرُ: مَنْزِلَةُ السُنَّةِ مِنَ القُرْآنِ الكَرِيمِ:

- ‌61 - السُنَّةُ وَتَفْسِيرُ القُرْآنِ:

- ‌62 - السُنَّةُ وَالمُذَكِّرَةُ الإِيضَاحِيَّةُ:

- ‌63 - شَهَادَةٌ مِنَ الغَرْبِ حَوْلَ القُرْآنِ وَالسُنَّةِ:

- ‌64 - مُؤَلِّفُ التَوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ:

- ‌65 - مُقَارَنَةُ القُرْآنِ بِالكُتُبِ المُقَدَّسَةِ:

- ‌66 - نَحْنُ وَالأَعْرَابُ وَالزُّعَمَاءُ:

- ‌الفَصْلُ الحَادِي عَشَرَ: السُنَّةُ وَالاِجْتِهَادَاتُ الخَاطِئَةُ:

- ‌67 - الدَّلَالَةُ الظَنِّيَّةِ بَيْنَ العِلْمَانِيِّينَ وَالقَوْمِيِّينَ:

- ‌68 - حَوْلَ " مَوَازِينِ القُرْآنِ وَالسُنَّةِ

- ‌69 - التَّمْحِيصُ الكَاذِبُ وَاسْتِبْعَادِ السُنَّةِ:

- ‌70 - " المُسْلِمُ الحَزِينُ فِي القَرْنِ العِشْرِينْ

- ‌71 - أَحَادِيثُ الآحَادِ وَالحُدُودِ الشَّرْعِيَّةِ:

- ‌72 - رَدُّ العَقْلِ لِلْسُنَّةِ:

الفصل: ‌طريقة حفظ السنة وكتبها:

‌11 - مِنْ وَسَائِلِ حِفْظِ السُنَّةِ:

إنَّ حفظ الله تعالى للسُنَّة تجلى في تخصص رجال في تتبع أحوال من رووا عن النبي صلى الله عليه وسلم من حيث العدالة والحفظ والضبط، فكان لذلك علم يسمى علم الجرح والتعديل أو علم الحديث رواية، كما تخصَّص هؤلاء أيضاً في بحث موضوع الحديث أي متنه وألفاظه ليتأكدوا من أنه لا يصطدم بالقرآن أو السُنَّة المجمع على صحتهما، بحيث إذا تطرَّق إلى ذلك الشك أعادوا البحث في أحوال الرواة ليتأكدوا من صحة نسبة المتن إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولما كان الرسول صلى الله عليه وسلم هو المُبَيِّنُ لمُجمل القرآن والمُفصل لأحكامه فقد قال الله:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَاّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: 4]، وقال:{وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67]، فقد وجدنا من الفقهاء كابن حزم الأندلسي من يؤكد أنَّ الذكر الذي حفظه الله يشمل القرآن والسُنَّة لأنَّ الله هو الذي تعهَّد بعصمة النبي.

‌طَرِيقَةُ حِفْظِ السُنَّةِ وَكُتُبِهَا:

ولهذا حفظ أكثر الصحابة الحديث ونقلوه إلى من بعدهم، وهو في هذا ينفِّذون قول النبي صلى الله عليه وسلم «نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي، فَحَفِظَهَا وَوَعَاهَا وَأَدَّاهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ

ص: 64

هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ» ثَلاثٌ لا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ: إِخْلاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ، والنَّصِيحَةُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ، فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ» (1).

وقد حفظ الله السُنَّة بوسائل مختلفة أهمها:

أولاً: كانت السُنَّةُ النبوية تتداول بالحفظ. ولهذا وجدنا الإسناد الذي اختص به علماء الحديث فصنَّفوا رُواة الأحاديث، ومدى اتصال روايتهم إلى الصحابة، ثم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليميزوا بين ما روى عن الصحابي ولم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وعرفوا ذلك بالحديث الموقوف أي موقوف على الصحابي. كما بيَّنُوا ما رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسمَّوْهُ بالحديث المرفوع. كما تعقَّبُوا الرُواة من حيث العدالة والثقة والحفظ فصنَّفوهم إلى (أوثق الناس) أو (ثقة ثقة) أو (ثقة حافظ) و (ثقة فقط) أو عدل وهكذا إلى مجهول الحال، وليِّنُ الحديث، وضعيف ومجهول ومتروك الحديث، أو متَّهم وكذَّب. ولقد كان من دقَّتهم في ذلك أنْ قال أحمد بن حنبل وأبو بكر الحُميدي (شيخ البخاري) وأبو بكر الصيرفي، وأخرين:«إنَّ من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم ولو بحُسن نيَّة لا عبرة بتوبته في مجال الرواية، فلو تاب وحسُنتْ توبته لا تقبل روايته» ، وقد رأى غيرهم أنَّ قواعد التوبة شرعاً تسمح بقبول رواية التائب، ولكن هؤلاء يحتاطون لأنَّ الأمر يتعلق برواية الحديث النبوي. ومِنْ دقَّتهم أنَّ العدالة لا تتوفر إلَاّ باجتماع أمور كثيرة، أما الجرح فيثبت بشيء واحد أي بقول شخص واحد، لأنَّ الجَرْحَ مُقدَّم على التعديل، فمن وثَّقه أشخاص

(1) رواه الشافعي في " الرسالة " واستدل به على حجية حديث الآحاد، كما رواه أحمد بن حنبل: جـ 1 ص 183 و 225 و 437 ورواه أبو داود: باب العلم، ص 10 والترمذي: ص 7 وابن ماجه في المقدمة والمناسك: ص 18 و 76.

ص: 65

ولكن طعن فيه شخص واحد قدم الجرح (أي الطعن) على التعديل (أي على شهادة الأشخاص الذين وثقوا هذا الراوي) وعليه تستبعد روايته.

ثانياً: كما تداولت السنة بالكتابة من بعض الصحابة أوضحناه من قبل ثم من التابعين، ولكنها لم تدوَّن آنذاك رسميا بأمر من النبى اكتفاء بالحفظ، وذلك حتى لا تختلط بالقرآن، لأنَّ القرآن والسُنَّة كانا يكتبان في الحجارة وسعف النخيل والجلد ومن ثم كان الاختلاط آنذاك هو الغالب لو دُوِّنت السُنَّة.

ثالثاً: ثم جاء الخليفة عمر بن عبد العزيز وهو من طبقة التابعين، أي الطبقة التالية للصحابة والتي حفظت منهم مباشرة، فأمر بتدوين السُنَّة النبوية فقد أخرج أبو نعيم قي " تاريغ أصبهان "(1) أنَّ هذا الخليفة كتب إلى أهل الآفاق أي جميع الولايات والأمصار «انظروا إلى حديث رسول الله فاجمعوه» .

رابعاً: لهذا قام عمرو بن حرم والي المدينة فجمع ما عند السيدة عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية (98 هـ)(2) وما عند القاسم بن محمد بن أبي بكر (106 هـ).

خامسًا: ثم أكمل هذا الجمع عَلَمٌ من أعلام الحديث النبوي وهو الإمام محمد بن شهاب الزُهري (124 هـ)، وهو الذي نسب إليه تدوين السنة النبوية.

(1)" السنة ومكانتها [في] التشريع الإسلامي ": ص 104.

(2)

هو تاريخ الوفاة لتتضح أنَّ الرواية أخذت من أشخاص عاصروا الصحابة ونقلوا عنهم مباشرة.

ص: 66

سادساً: ثم جاء بعده من أتقنوا أداء هذه الأمانة ومنهم:

1 -

بمكة ابن جريج (150 هـ) وابن إسحاق (151 هـ).

2 -

بالمدينة سعيد بن أبي عروبة (156 هـ) - والربيع بن صُبيح (160 هـ) والإمام مالك (179 هـ).

3 -

وبالشام أبو عمر الأوزاعي (157 هـ) وهُشيم (173 هـ).

4 -

وبالبصرة حماد بن سلمة (167 هـ) ومن بعده صَنَّفَ [مسدد] بن مسرهد البصري مسنداً.

5 -

وبالكوفة سفيان الثوري (161 هـ) ومن بعده صَنَّفَ عبيد الله بن موسى العبسي مسنداً وذلك على رأس مائتين.

6 -

وبخراسان - عبد الله بن المبارك.

7 -

وباليمن معمر (154 هـ).

8 -

وبمصر الليث بن سعد (175 هـ) كما صَنَّفَ نُعيم بن حماد الخُزاعي مسنداً.

9 -

ثم كانت المسانيد كـ " مسند أحمد " وأبي بكر الحميدي وأبي داود سليمان الطيالسي وأسد الأموي ومسدد الأسدي البصري الموصلي.

10 -

ثم كان دور الدقة والتخصص في التصحيح فجمع الإمام محمد بن إسماعيل البخاري (256 هـ) الصحيح فحسب طبقاً لقاعدة وضعها وهي اشتراط المعاصرة والسماع ليقبل رواية الشخص عن غيره، وهكذا حتى اتصال ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم، أي يشترط أنْ يكون الراوي معاصراً في الزمن والمكان لمن روى عنه وسمع منه.

ص: 67

11 -

وكان مثله الإمام مسلم بن الحجاج القشيري (261 هـ)، ولكنه اكتفى بشرط المعاصرة لأنه يتضمَّنُ السماع، إذ معاصرة الراوي لِمَنْ روى عنه دليل على سماعه منه خصوصاً أنه يروي عنه ويُصَرِّحُ باسم صاحب الرواية.

ثم تتابعت كتب السُنَّة التي جمعت الصحيح وغيره، وقد بيَّن أصحابها درجة الحديث من الصحة والضعف حسب مصطلحات وضعوها وبيَّنُوها فكان ما يأتي:

12 -

" سُنن أبي داود " المتوفى سنة (275 هـ).

13 -

و " سُنن ابن ماجه " المتوفى سنة (273 هـ).

14 -

و " جامع الترمذي "[المتوفى سنة](273 هـ).

15 -

و " سنن النسائي " المتوفى سنة (303 هـ).

16 -

ثم جاء بعد هؤلاء من أخذ عنهم ثم استدرك عليهم بالبحث والتمحيص مثل الإمام سليمان الطبراني (360 هـ) فوضع " المعاجم الثلاث " مرتَّية حسب الروايات.

17 -

كما جمع الدارقطني (385 هـ) كتاب " السنن ".

18 -

ومثله ابن حبان (354 هـ).

19 -

وابن خزيمة (311 هـ).

20 -

والطحاوي (321 هـ)(*).

21 -

ثم كانت بعض الكتب للاستدراك على كتب الصحاح، كما فعل أبو عبد الله الحاكم (405 هـ)، فوضع كتابه " المستدرك " فاستدرك على

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:

(*) ورد في الكتاب المطبوع أن تاريخ وفاته [32 هـ] وهو خطأ في الطباعة، إذ وفاة الإمام الطحاوي 321 هـ = 933 م [انظر " الأعلام " للزركلي: 1/ 206].

ص: 68

البخاري ومسلم في أحاديث صحيحة على شرطهما، ولكنها لم يخرجاها في " صحيحيهما "

فاعبترها الحاكم صحيحة على شرط البخاري أو مسلم حسب تحقيقه لتوفر شروط القبول عند كل منهما، كما وَهِمَ الحاكم في بضعة أحاديث عند البخاري ومسلم فظنَّ أنها ليست صحيحة.

22 -

وتعقَّب الحافظ ابن حجر الأحاديث التي استدركها الحاكم على البخاري ومسلم وأثبت صحَّتها لأنَّ الحاكم قد وَهِمَ في استدراكه على " الصحيحين ".

23 -

كما وضع كتاباً أسماه " القول المُسدَّد في الذب عن المسند " (راجع فيه الحافظ أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي، في الأحاديث الموضوعة حيث أورد أربعة وعشرين في " مسند الإمام أحمد " وعدَّها من الموضوعات، وهي ليست كذلك حسبما أثبته ابن حجر في كتابه هذا.

24 -

ومن ذلك التمحيص أنْ وضع السيوطي ذيلاً لهذين الكتابين سمَّاهُ " القول الحسن في الذبِّ عن السُنن " لأنَّ ابن الجوزي حكم على بضعة وعشرين حديثاً من تلك الواردة في " كتب السُنَّة الأربعة " ، وضعَّفها قكشف السيوطي أنها صحيحة وأنَّ ابن الجوزي تسرَّعَ في البحث والتصحيح.

25 -

وأخيراً فحسب الباحث عن الحقيقة أنْ يجد مُدوَّناتٍ تحتوي على رسائل النبي وكُتُبه إلى الملوك والرؤساء وإلى الأمراء والمبعوثين، ومن هذه المُدوَّنات كتاب " مجموعة الوثائق السياسية " للأستاذ محمد حميد الله (*)، وكتاب " مكاتيب الرسول " للشيخ علي الأحمدي، وقد ضمَّ هذا ثلاثمائة وستة عشر رسالة كل رسالة مصدرها من كتب السُنَّة أو السيرة النبوية.

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:

(*) خطأ في الطباعة: هو محمد حميد الله وليس محمد حميد الدين.

ص: 69