الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
43 - شُبْهَةُ التَّعَارُضِ بَيْنَ العَامِّ وَالخَاصِّ:
إذا ورد نص عام بثبوت حكم شرعي ثم ورد نص خاص بنفي هذا الحكم ورفعه، فهل يعد ذلك من قبيل التعارض؟ وكيف يعالج ذلك؟.
إن جمهور الفقهاء لا يقول بالتعارض بين العام والخاص في هذه الأحوال، بل يعملون بالخاص أولاً فيما دل عليه من استثناء ويبقى حكم العام كما هو فيما عدا ذلك.
أ - فالعموم الوارد في قول الله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ العُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ» تضمن وجوب الزكاة عن جميع ما تخرجه الأرض، ولكن الحديث الذي رواه " البخاري " و" مسلم " بلفظ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ [مِنَ التَّمْرِ] صَدَقَةٌ
…
» استثنى ما قل عن هذا المقدار وظل الوجوب قائمًا فيما بلغ هذا القدر فصاعدًا.
ب - والعموم الوارد في قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران: 97]، يستثنى منه: الخصوص الوارد في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، أَنْ تُسَافِرَ سَفَرًا يَكُونُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا، إِلَاّ وَمَعَهَا أَبُوهَا، أَوِ ابْنُهَا، أَوْ زَوْجُهَا، أَوْ أَخُوهَا، [أَوْ] ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا» ، وقوله: «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَاّ وَمَعَهَا ذُو
مَحْرَمٍ، وَلَا تُسَافِرِ المَرْأَةُ إِلَاّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ»، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً، وَإِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ:«انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ» ، رواها " مسلم " في كتاب الحج.
ولكن ابن حزم يرى أن الآية القرآنية هي التي خصصت الحديث النبوي فيكون السفر إلى الحج قد خرج عن النهي وقد رجح رأيه بالحديث الشريف «لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ» (1) لأن الذهاب إلى الحج ذهاب إلى أعظم المساجد كما ورد النهي عن الكلام أثناء خطبة الجمعة في الحديث الذي رواه الجماعة إلا ابن ماجه بلفظ: «إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: [أَنْصِتْ]، يَوْمَ الجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ» . كما ورد قول الله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (2). ثم ورد قول الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} (3). وأمام هذا فإن النص الخاص يستثنى من العام، أي المعنى الأقل هو المستثنى من الحكم العام.
والعام في هذه الحالة هو الإنصات لخطبة الجمعة، والاستماع لقراءة القرآن، والخاص هو رد التحية، فيستثنى من الإنصات في الحالتين.
النَّسْخُ وَشُبْهَةُ التَّعَارُضِ:
وقد يرد النص مغايرًا في حكمه للنص الآخر مغايرة تامة، كأن ينهى أحدهماعن شيء ويبيحه الآخر وهذا يدل على أن أحدهما ناسخ والآخر منسوخ.
(1) رواه أحمد وأبو داود.
(2)
[الأعراف: 204].
(3)
[النساء: 86].