الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قد فرضت، حيث وضعها النبي صلى الله عليه وسلم على نصارى نجران ويهود اليمن بعد غزوة تبوك» (1).
تاسعاً: اشتمال الحديث على سخافات:
مثل حديث «من اتَّخذ ديكاً أبيض لم يقربه شيطان ولا سِحْرٌ» (2) وحديث «ثَلاثَةٌ تُزِيدُ فِي البَصَرِ: النَّظَرُ إِلَى الخُضْرَةِ، وَالمَاءِ الجَارِي، وَالوَجْهِ الْحَسَنِ» (3) وحديث «النَّظَرُ إِلَى الوَجْهِ الجَمِيلِ عِبَادَةٌ» (4) وأيضاً حديث «عوج بن عنق ففيه (5) أنَّ طوله كان ثلاثة ألاف ذراع وثلاثمائة وثلاثة وثلاثين وثلث، وفيه أنَّ نبي الله نوح - خاف من الغرق وقال لعون بن عنق احملني في قصعتك وأنَّ الطوفان لم يصل إلى كعبه» .
15 - مَدَى التَّوَقُّفُ فِي مَتْنِ الحَدِيثِ وَطُرُقِ التَّخْرِيجِ:
إنَّ الأصل والقاعدة عند أهل العلم بالسُنَّة أنه إذا كان رُواة الحديث من الثقات وسلموا من الطعن والشك في روايتهم فقد اعتبر الحديث صحيحاً، أي صادراً عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى لو خالف متنُهُ أي موضوعه أحاديث أخرى صحيحة.
ولكن بعض العلماء يشترط لقبول الحديث أنْ يكون مَتْنُهُ مُوافقاً لسائر الأحاديث في هذا الموضوع ويُعَبِّرُون عن ذلك بشرط خلو الحديث من الشذوذ والعلَّة.
(1)" المنار ": ص 37، 38 وقد أورد ابن القيم عشر قرائن تُكَذِّبُ الرواية.
(2)
و (3) و (4) و (5)" المنار ": ص 21 و 24 و 29.
وإذا كان هذا مقبولاً في فترة جمع السُنَّة وتصفيتها بحيث يكون مثل هذا الشذوذ في المعنى سبباً لإعادة البحث في أحوال الرُواة، والتأكد من صِحَّة الحديث.
فلا يجوز في عصرنا أنْ نجلس على الأرائك ونتغنَّى برَدِّ الحديث لأنَّ متنه يُعَدُّ شاذاً في نظرنا عن غيره، لأنَّ الذين جمعوا السُنَّة وتخصَّصُوا فيها قد بيَّنُوا لنا كل ذلك، وكان لديهم من العلم والملكات ما يؤهِّلُهُم لهذه المُهِمَّة، وكانوا يأخذون بذلك فترة الجمع والتمحيص. قال ابن دقيق العيد:«وكثيراً ما يحكمون بذلك - أي بالوضع - باعتبار يرجع إلى المَرْوِيِّ وألفاظ الحديث وحاصله أنها حصلت لهم - بكثرة محاولة ألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم هيئة نفسية وملكة يعرفون بها ما يجوز أنْ يكون من ألفاظه وما لا يجوز» (1).
لهذا يرى السَّلَفِيُون وغيرهم أنَّ مخالفة الحديث لغيره من الأحاديث ليس شذوذاً ولا عِلَّةً تقدح في صِحَّتِهِ لأنَّ زيادة الثقات هي حكم جديد يجب العمل به، فإنْ تعارضت الزيادة مع حديث آخر صحيح فوجب الترجيح بين الروايتين كأنْ تكون ناسخة لغيرها إنْ تساوت معها في الزمن أو تأخَّرت عنها، ولا يجوز أنْ يقال إنَّ هذا حديث صحيح قد رواه الثقات، ولكن نَرُدَّهُ لأنَّ موضوعه يخالف العقل أو يخالف حديثاً آخر.
غير أنَّ اتصال السند وعدالة الرُواة لم يمنعا علماء الحديث من البحث في السند والمتن إنْ كانت به عِلَّةٌ قادحة ٌ، مثال ذلك حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:«إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ، فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثاً، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» (2). ففي رواية لهذا الحديث نجد زيادة نَصُّهَا: «ثُمَّ لِيَغْتَرِفْ بِيَمِينِهِ مِنْ إِنَائِهِ، ثُمَّ لِيَصُبَّ عَلَى شِمَالِهِ فَلْيَغْسِلْ مَقْعَدَتَهُ» .
(1)" توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار " للقاضي محمد بن إسماعيل الأمير: جـ 2 ص 94.
(2)
رواه الجماعة ولم يذكر البخاري العدد، " نيل الأوطار " للشوكاني: جـ 1 ص 169. لأنه لم يصح في عصر الصحابة.