الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم يقول: «إن هذه الواقعة ليس هناك مجال للإنكار والتشكيك في صحتها والمناقشة في سندها لأن العلماء والحفاظ والمحدثين والمؤرخين القُدامى أثبتوا صحتها، وحقيقتها واعتمدوا عليها منذ مئات السنين وحتى هذا اليوم
…
لكونها واقعة إسلامية هامة في تاريخ الإسلام وفي تاريخ نبي الإسلام ولوقوعها في حجة الوداع وقبل وفاة النَّبِيِّ بسبعين يومًا» ص: 30.
حَقِيقَةُ حَدِيثِ الغَدِيرِ:
يذكر القزويني مصادر هذه الواقعة وَرُوَّاتِهَا في كتب أهل السُنَّةِ ويذكر الصفحات.
وبالرجوع إلى هذه المصادر التي ذكرها تبين أنها لا تتصل من قريب أو بعيد بوصاية الإمام عَلِيٍّ بعد النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وحصر الخلافة والأئمة في اثني عشر شخصًا من ولد السيدة فاطمة. بل تتعلق بفضله وآل البيت وليس بالخلافة.
أما المصادر الأخرى التي وجدناها كما ذكر مصادرها وصفحاتها فهي كالآتي:
1 -
رواية " صحيح مسلم ":
عَنْ زَيْدٍ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا، بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَوَعَظَ وَذَكَّرَ، ثُمَّ قَالَ:" أَمَّا بَعْدُ، أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ، فَخُذُوا بِكِتَابِ اللهِ، وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ " - فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَرَغَّبَ فِيهِ -، ثُمَّ قَالَ:«وَأَهْلُ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، [أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي]» فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: [لزيد بن أرقم] وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ؟ يَا زَيْدُ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟ قَالَ: نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ، قَالَ: وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ. قَالَ: كُلُّ هَؤُلَاءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ (*).
هذا الحديث يُسَمَّى حديث الثقلين وورد في " الموطأ " و " الترمذي " و " كنز العمال "«كِتَابَ اللهِ وَسُنَّتِي» وبالتالي فأهل البيت لا يطاعون إلا من خلال ما لديهم من سُنَّةِ النَّبِيِّ. فهي التي تُبَيِّنُ القُرْآنَ وَتُخَصِّصَ عُمُومَهُ.
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) مسلم، " الجامع الصحيح "، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي:(44) كتاب فضائل الصحابة (4) باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، حديث رقم 2408، 4/ 1873، الطبعة الثانية: 1972 م، نشر دار إحياء التراث العربي. بيروت - لبنان.
2 -
رواية " المسند ":
أ - عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَنَزَلْنَا بِغَدِيرِ خُمٍّ، فَنُودِيَ فِينَا: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ، [وَكُسِحَ] لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ شَجَرَتَيْنِ، فَصَلَّى الظُّهْرَ، وَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ رضي الله عنه، فَقَالَ:«أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي أَوْلَى [بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ؟» ] قَالُوا: بَلَى، قَالَ:«أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ؟» قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ، فَقَالَ:«مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ، فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ» قَالَ: فَلَقِيَهُ عُمَرُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ:«هَنِيئًا يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ، أَصْبَحْتَ وَأَمْسَيْتَ مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ، وَمُؤْمِنَةٍ» " مسند أحمد 4/ 281 (*).
ب - عَنْ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ قَالَ: نَزَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِوَادٍ يُقَالُ لَهُ: وَادِي خُمٍّ فَأَمَرَ بِالصَّلَاةِ فَصَلَاّهَا بِهَجِيرٍ، قَالَ: فَخَطَبَنَا، وَظُلِّلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِثَوْبٍ عَلَى شَجَرَةِ سَمُرَةٍ مِنَ الشَّمْسِ، فَقَالَ:«أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ، أَوْ [أَلَسْتُمْ] تَشْهَدُونَ، أَنِّي أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ؟» قَالُوا: بَلَى، قَالَ:«فَمَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ، فَإِنَّ عَلِيًّا مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ» (**).
ج - عَنْ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ، وَعَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ، قََالَا: نَشَدَ عَلِيٌّ النَّاسَ فِي الرَّحَبَةِ: مَنْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ إِلَاّ قَامَ، قَالَ: فَقَامَ مِنْ قِبَلِ سَعِيدٍ سِتَّةٌ، وَمِنْ قِبَلِ زَيْدٍ سِتَّةٌ، فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ سَمِعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِعَلِيٍّ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ:«أَلَيْسَ اللَّهُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ؟» قَالُوا: بَلَى قَالَ: «اللَّهُمَّ مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ، فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ» . " مسند أحمد / 4 وج 1 (
…
).
3 -
رواية الحاكم في " المستدرك ":
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَنَزَلَ غَدِيرَ خُمٍّ أَمَرَ بِدَوْحَاتٍ [فَقُمْنَ]، فَقَالَ:«كَأَنِّي قَدْ دُعِيتُ فَأَجَبْتُ، إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الآخَرِ، كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَعِتْرَتِي، فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا، فَإِنَّهُمَا لَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ» . ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عز وجل مَوْلَايَ، وَأَنَا مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ» ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ رضي الله عنه، فَقَالَ:«مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهَذَا وَلِيُّهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ» (****) وَذَكَرَ الْحَدِيثَ
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) أحمد بن حنبل، " المسند " تحقيق شعيب الأرناؤوط - عادل مرشد، وآخرون، 30/ 430، حديث رقم 18479، الطبعة الأولى: 1421 هـ - 2001 م، نشر مؤسسة الرسالة.
(**) المصدر السابق: 32/ 73، حديث رقم 19325.
(
…
) المصدر السابق: 2/ 262، حديث رقم 950.
(****) الحاكم، " المستدرك على الصحيحين "، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، 3/ 118، حديث رقم 4576، الطبعة الأولى: 1411 هـ - 1990 م، نشر دار الكتب العلمية. بيروت - لبنان.
بِطُولِهِ. هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ بِطُولِهِ (" المستدرك: 3/ 109). .
4 -
رواية ابن حجر العسقلاني:
روى علي بن أبي طالب وأبو هريرة وجابر والبراء بن عازب وزيد بن أرقم عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم غدير خُمٍّ: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ، فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» (" تهذيب التهذيب ": 7/ 337).
5 -
رواية السيوطي:
«مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ، فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» .
«اللهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ» (" تاريخ الخلفاء ": ص 114 و 169).
6 -
[رواية أبي نعيم]:
«مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ، فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» (" حلية الأولياء ": 4/ 23). رواية أبي نعيم وهي كغيرها لا تتعلق بالخلافة أو الإمامة أو الوصاية.
7 -
روايات كتب التفسير:
يذكر القزويني أن كتب التفسير أجمعت على حديث الغدير كما ذكره، والثابت في هذه المراجع هو:
أ - وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: «لَمَّا نَصَّبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ فَنَادَى لَهُ بِالولَايَةِ هَبَط جِبْرِيلٌ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الآيَة {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3]» (" الدر المنثور ": 2/ 259).
فهذه الروايات ضعيفة وليس فيها تعيين الإمام عَلِيٍّ وَصِيًّا وخليفة بعد النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وتعيين الأئمة الاثني عشر ولكن القزويني يوهم الناس بغير ذلك.
ب - ورد في " تفسير الفخر الرازي عن آية المائدة: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67]. ذكر المفسرون في سبب نزول الآية، أَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ» فَلَقِيَهُ عُمَرُ رضي الله عنه فَقَالَ: هَنِيئًا لَكَ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ أَصْبَحْتَ مَوْلَايَ وَمَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ (" تفسير الرازي ": 3/ 431).
ج - " تفسير ابن كثير ": يذكر القزويني أن حديث الغدير ورد بيانًا لقول الله تعالى للنبي: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}
…
وأن ابن كثير أورد الرواية محل الخلاف (ج 2 ص 14).
وبالرجوع إلى هذا التفسير وجدناه كغيره قد خلا من الأصل الذي يساق من أجله حديث الغدير وهو تعيين عَلِيٍّ وَصِيًّا بعد النبي وإسناد الخلافة إلى الأئمة الاثني عشر من نسل فاطمة.
كما أورد ابن كثير رواية ابن أبي حاتم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ لَمْ يُبْدِهِ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلنَّاسِ. فَقَالَ: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} وَاللَّهِ مَا وَرَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سوداءَ فِي بَيْضَاءَ. قال: وهذا إسناد جيد.
كما ذكر ابن كثير رواية " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " أَنَّ عَلِيَّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه سُئِلَ: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِنَ الْوَحْيِ مِمَّا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ؟ فَقَالَ: لَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، إِلَاّ فَهْمًا يُعْطِيهِ اللَّهُ رَجُلاً فِي الْقُرْآنِ، وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. قُلْتُ (أي الراوي وهب): وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ: «العَقْلُ، وَفَكَاكُ الأَسِيرِ، وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» . والعقل يعني الديات.
4 -
" تفسير المنار ":
ذكر القزويني أن " تفسير المنار "(ج 6 ص 464) أورد رواية حديث الغدير كما نقلها القزويني وبالرجوع إلى تفسير القرآن الحكيم المُسَمَّى بـ " تفسير المنار " بنفس الجزء وبذات
الصفحة تبين أن ما فيها هو:
ثم قال الشيخ رشيد رضا تعليقًا على ذلك:
ثم قال الشيخ رشيد رضا تعليقًا على ذلك:
ثم قال الشيخ رشيد رضا:
«وَلِلْفَرِيقَيْنِ أَقْوَالٌ فِي ذَلِكَ، لَا نُحِبُّ اسْتِقْصَاءَهَا، وَالتَّرْجِيحَ بَيْنَهَا لأَنَّهَا مِنَ الْجَدَلِ الَّذِي فَرَّقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَوْقَعَ بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ، وَمَا دَامَتْ عَصَبِيَّةُ الْمَذَاهِبِ غَالِبَةً عَلَى
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*){بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} : [سورة المائدة، الآية: 51]، [سورة الأنفال، الآيتان: 72، 73]، [سورة التوبة، الآية: 71]، [سورة الجاثية، الآية: 19].
الْجَمَاهِيرِ فَلَا رَجَاءَ فِي تَحَرِّيهِمُ الْحَقَّ فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ، وَلَا فِي تَجَنُّبِهِمْ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الخِلَافِ مِنَ التَّفَرُّقِ وَالْعَدَاءِ، وَلَوْ زَالَتْ تِلْكَ الْعَصَبِيَّةُ، وَنَبَذَهَا الْجُمْهُورُ لَمَا ضَرَّ الْمُسْلِمِينَ حِينَئِذٍ ثُبُوتُ هَذَا الْقَوْلِ أَوْ ذَاكَ؛ لأَنَّهُمْ لَا يَنْظُرُونَ فِيهِ حِينَئِذٍ إِلَاّ بِمِرْآةِ الإِنْصَافِ وَالاعْتِبَارِ، فَيَحْمَدُونَ الْمُحِقِّينَ، وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلْمُخْطِئِينَ {اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 10].
ثُمَّ إِنَّنَا نَجْزِمُ بِأَنَّ مَسْأَلَةَ الإِمَامَةِ لَوْ كَانَ فِيهَا نَصٌ مِنَ الْقُرْآنِ أَوِ الْحَدِيثِ لَتَوَاتَرَ وَاسْتَفَاضَ، وَلَمْ يَقَعْ فِيهَا مَا وَقَعَ مِنَ الْخِلَافِ، وَلَتَصَدَّى عَلِيٌّ لِلْقِيَامِ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَخَطَبَهُمْ وَذَكَّرَهُمْ بِالنَّصِّ، وَبَيَّنَ لَهُمْ مَا يَحْسُنُ بَيَانُهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَكَانَ هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ الإِمَامُ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِأَمْرٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ، وَلَا احْتَجَّ بِالآيَةِ هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ آلِ بَيْتِهِ وَأَنْصَارِهِ الَّذِينَ يُفَضِّلُونَهُ عَلَى غَيْرِهِ، لَا يَوْمَ السَّقِيفَةِ (بعد وفاة النبي)، وَلَا يَوْمَ الشُّورَى بَعْدَ عُمَرَ، وَلَا قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا بَعْدَهُ فِي زَمَنِهِ، وَهُوَ [هُوَ] الَّذِي كَانَ لَا تَأْخُذُهُ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَلَمْ يَعْرِفِ التَّقِيَّةَ فِي قَوْلٍ وَلَا عَمَلٍ؛ وَإِنَّمَا وُجِدَتْ هَذِهِ الْمَسَائِلُ، وَوُضِعَتْ لَهَا الرِّوَايَاتُ، وَاسْتُنْبِطَتِ الدَّلَائِلُ بَعْدَ تَكَوُّنِ الْفِرَقِ، وَعَصَبِيَّةِ الْمَذَاهِبِ. وَالْوَصِيَّةُ بِالْخِلَافَةِ لَا مُنَاسَبَةَ لَهَا فِي سِيَاقِ مُحَاجَّةِ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَهِيَ مِمَّا لَا تَرْضَاهُ بَلَاغَةُ الْقُرْآنِ».
أما وجود الحديث في مراجع الشيعة فروايته غير متصلة فالراوي بينه وبين النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قرون ويروي عنه مباشرة، وَحُجَّتُهُمْ في ذلك أن أئمتهم لهم خاصية المعرفة دون حاجة إلى تلقين الرواة حسبما ذكره محمد رضا المظفري في كتاب " عقائد الإمامية ": ص 96 والكُليني في " الكافي ": ج 1 ص 271.
وفقيه الشيعة العالم المحدث الشيخ يوسف البحراني في كتابه " الكشكول " تحت عنوان (حديث الغدير) نقل عن ابن الجوزي صحة الرواية وهي «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ، فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» (" الكشكول ": ج 2 ص 316 طبعة طهران، مكتبة نينوى الحديثة).
[الصَّحَابَةُ وَحَدِيثُ غَدِيرِ خُمْ]:
إن من يقول بصحة حديث غدير خم الذي قيل أنه اشتمل على وصية النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم للأئمة الاثني عشر، ومن يعتقد ذلك يطعن في الخلفاء الراشدين وكبار الصحابة بل ويرميهم بالخيانة والكفر وهو لا يجهل أن هؤلاء قد اتخذهم النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رُسُلاً له وزراء وقوادًا، وكان القرآن يتنزل على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وكان يكشف المنافقين، أو بأعمال لله فيها حكم آخر، فمثلاً عن الأشخاص: حذر القرآن النبي ممن أقاموا مسجدًا من المنافقين فقال تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ
…
} [التوبة: 107]، وعن الأعمال التي ألغاها القرآن قال الله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ
…
} [الأنفال: 67]. فلو كان كبار الصحابة من المنافقين أو خانوا النبي صلى الله عليه وسلم ما نسي الخالق العليم أن ينبه إلى ذلك، ليعزلهم ويحذر منهم، ولنزل القرآن بذلك أيضًا، وبالتالي فلا حجة لمروجي هذه الأكاذيب (1).
بل إن الوصية التي قيل إنها نص في إمامة الاثنا عشر وعلى رأسهم الإمام عَلِيٍّ رضي الله عنه، هذه الوصية قد جاء في بعض مصادر الشيعة ما ينقضها، فقد روى اليعقوبي:«الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ خِيَارُهُمْ عَلَى خِيَارِهِمْ وَشِرَارُهُمْ عَلَى شِرَارِهِمْ» (2). ويثبت الدكتور النشار أن كلمة الشيعة لم يرد ذكرها على الإطلاق في عصر الخلفاء الراشدين وحتى مرحلة خلافة الإمام عَلِيٍّ فلم يذكرها اليعقوبي أو المسعودي وهما مؤرخان شيعيان (3)، بل إن الإمام عَلِيًّا قد نقل عنه ما ينفي هذه الوصية إذ يقول:«إما أن يكون عندي عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا والله ولكن لما قتل الناس عثمان نظرت في أمري، فإذا الخليفتان اللذان أخذاها من رسول الله صلى الله عليه وسلم قد هلكا ولا عهد لهما وإذا الخليفة الذي أخذها بمشورة المسلمين قد قتل» (4).
(1)" الغزو الفكري للتاريخ والسيرة ".
(2)
" تاريخ اليعقوبي ": ج 2 ص 187.
(3)
" نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام " للدكتور علي سامي النشار: ج 2 ص 15 ط. 1385 - 1965 م.
(4)
" الإمامة والسياسة " لابن قتيبة: ص 45، 46. و" نظام الخلافة " للدكتور مصطفى حلمي: ص 117.
ورواية اليعقوبي «الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» هي بذاتها ما روتها كتب السنة المعتمدة عن أهل السنة والجماعة وهي لا تحدد أشخاصًا بأسمائهم كما جاء في رواية حديث غدير خم.
إن الاعتقاد بالإمامة والوصاية من أهم عقائد الشيعة الإمامية حيث يرون أن النبي صلى الله عليه وسلم أثناء عودته من حجة الوداع وقف في غدير خُمْ في نحو عشرين ألفًا من الصحابة وأعلن أن عَلِيًّا هو الوصي والإمام من بعده وحصر الأئمة في اثنا عشر إمامًا كلهم معصومون ولا يجوز عليهم الخطأ وكل منهم ينص ويعلن عن الإمام الذي يليه (1)، وهذه من الأمور المتواترة عندهم ومن المعلوم من الدين بالضرورة ولكن الإمام الحسن ابن الإمام عَلِيٍّ وهو الإمام الثاني الاثنا عشر عندما قامت الحرب بينه وبين معاوية وتبادلا الرسائل ليقنع كل منهما الآخر في أحقيته بالخلافة، الإمام الحسن في هذه الرسائل التي أوردها الأصفهاني (2)(الشيعي) لم يشر من قريب أو بعيد إلى حديث غدير خُمْ، بل انتهى مختارًا إلى نتيجة تنقض هذا الحديث، فعلى الرغم من كثرة أنصاره وأتباعه وعجز معاوية عن محاربته فقد تنازل عن الخلافة لمعاوية. والأمر الآخر أنه في كتاب الصلح الذي وجهه إلى معاوية ورد فيه:«وَلَيْسَ لِمُعَاوِيَةَ أَنْ يَعْهَدَ إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ، بَلْ يَكُونُ الأَمْرُ مِنْ بَعْدِهِ شُورَى بَيْنَ المُسْلِمِينَ» . وهذا معتقد أهل السنة وهو أن الإمامة والخلافة شورى بين المسلمين وغير محصورة في الأئمة الاثنا عشر، والإمام الحسن في هذه الرسائل لم يعلل طلب الإمامة لنفسه بوصية النبي صلى الله عليه وسلم ولا بحديث غدير خُمْ، بل طلب البيعة والطاعة له حتى يحقن دماء المسلمين، وفي رسالة معاوية كان الرد أنه الأكبر سِنًّا والأقدم تجربة والأكثر سياسة والأطول ولاية؟.
كما يذكر النُّوبَخْتِي من علماء الشيعة أن أتباع الحسن افترقوا بعد مقتل الحسين ومنهم من قال بإمامة محمد بن الحنفية وأنه الإمام المهدي بل منهم من قال أنه لم يمت وغاب ليعود ويملأ الأرض عدلاً (3).
(1)" أصل الشيعة وأصولها " للشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء: ص 272.
(2)
" مقاتل الطالبيين " للإمام أبو الفرج الأصفهاني: ص 55.
(3)
" فرق الشيعة " للنوبختي: ص 24، 62. و" الصواعق المحرقة " لابن حجر:134.
لما كان ذلك فإن من يدعي تواتر حديث الغدير ويتهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتمانه وخيانة الأمانة بذلك إنما يُكَذِّبُ القرآنَ الكريم الذي وَثَّقَ هؤلاء وزكاهم، كما أنه يتهم آل البيت بخيانة هذه الأمانة لعدم إظهارهم هذا الحديث (جَدَلاً)، وذلك لانتفاء عذر إخفائه حيث أن عصمتهم توجب أن يبلغوه ولا يخشون أحدًا، ما أن تجمع القوة بيدهم خلال خلافة الإمام عَلِيٍّ ثم مبايعة المسلمين للحسن والحسين يسقط كل أسباب كتمان مثل هذا الحديث إن وجد، فلو كانت وصية النبي صلى الله عليه وسلم الواردة في هذا الحديث قد نزل بها جبريل وفيها قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [المائدة: 67]. لو كان ذلك صحيحًا ما تخلف أئمة آل البيت رضي الله عنهم، عن الجهر بها، بل ما تخلف أحد من الصحابة عن التسمك بها، فدل ذلك على عدم ثبوتها وأن هذه الآية قد نزلت في شأن اليهود والنصارى ويؤكذ ذلك ما قبلها وما بعدها من الآيات القرآنية.