الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
50 - أَهْلُ الكِتَابِ يُكَذِّبُونَ عُلَمَاءَ السُّلْطَةِ:
بل إن العلماء من أهل الكتاب يصرحون بأن الإسلام دين شامل لأمور الدنيا كلها وأنه أصلح الشرائع والقوانين.
ففي العدد الثاني من مجلة " الدعوة " الصادرة في القاهرة في شعبان 1396 هـ (أغسطس 1976 م) نقلت ما نشرته صحف القاهرة للكتاب المسيحي الأستاذ سامي داود، فقال رَدًّا على وزير العدل المستشار أحمد سميح طلعت:«إن تصريح وزير العدل بأن إقامة الحدود الشرعية ستكون قاصرة على المسلمين أما المسيحيون فسيطبق عليهم القانون الوضعي، يفصم الوحدة القانونية التي ظلت تحفظ وحدة المسلمين والمسيحيين على مر العصور، وبأي ضمير يحكم على المسيحي إذا سرق بالحبس بضعة أشهر»
…
وفي العدد التاسع من ذات المجلة الصادرة في غرة ربيع الأول سَنَةَ 1397 هـ (فبراير 1977 م) نشرت تحقيقًا تضمن رأي علماء المسيحيين في مصر عن تطبيق الشريعة الإسلامية فنقلت قول الكاردينال اصطفانوس بطريرك الأقباط الكاثوليك: «إن تطبيق حدود الشريعة الإسلامية ضروري على الشخص وعلى جميع المجتمع حتى تستقيم الأمور وينصلح حال الناس، وليس في تطبيقها أبدًا ما يمس حقوق المسيحيين أو يضايقهم والذي يحترم الشريعة الإسلامية يحترم جميع الأديان» . ونقلت المجلة عن الأنبا غريغوريوس ممثل الأقباط الأرثوذكس قوله: «إن تطبيق الشريعة الإسلامية في مصر أمر لا شك فيه ولا اعتراض عليه» . وقال: «على الرغم من أن الديانة المسيحية ليس في نصوصها
قطع يد السارق أو قتل القاتل إلا أن المسيحيين لا يعارضون تطبيق حدود الشريعة الإسلامية في مصر».
كما نقلت المجلة عن القس برسوم شحاته وكيل الطائفة الإنجيلية في مصر قوله: «لا بد من تطبيق حدود الشريعة الإسلامية لتحقيق العدالة والسلام والحب في المجتمع» .
أَهْلُ الذِمَّةِ وَعَهْدُ الأَمَانِ:
لقد استشهد الشيخ عمارة بعبارات وردت في عهود الخلفاء لأهل الذمة الذين ارتضوا حكم الإسلام وزعم أنها تعني أن يطبق هؤلاء شرائعهم في المعاملات الدنيوية.
والشيخ لا يجهل أن شرائعهم ليست فيها نصوص في هذا الشأن ولا يجهل أنه لم يحدث في التاريخ الإسلامي كله إن كانت لليهود والنصارى شرائع خاصة في المعاملات المالية على الرغم من أن الإسلام لا يجبرهم على حكمه في هذه المعاملات ولكن إن التجأوا إلى القاضي المسلم حكم بالإسلام إذ قد ارتضوا حكم الإسلام بهذا التحاكم.
أما الحدود وهي العقوبات فلا توجد دولة في العالم تسمح باستثناء واحد من هذه العقوبات وهذا يسمى في الفقه القانوني المعاصر بمبدأ إقليمية القوانين.
وقد شهد الممثلون للنصارى في مصر بما يخالف الشيخ عمارة ويفسر معنى هذه العهود أو حسبنا قول وكيل الطائفة الإنجيلية فيما نشرته مجلة " الدعوة " بذا العدد سالف الذكر «في كل عهد أو حكم إسلامي التزم المسلمون فيه بمبادئ الدين الإسلامي كانوا يشملون رعاياه من غير المسلمين والمسيحيين على وجه الخصوص بكل أسباب الحرية والأمن» .
أما ممثل الأقباط الأرثوذكس فيقول: «لقد لقيت الأقليات غير المسلمة - المسيحيون بالذات - في ظل الحكم الإسلامي كل حرية وسلام وأمن في دينها ومالها وعرضها حيث كانت تتجلى روح الإسلام السمحة» .
أما بطريرك الأقباط الكاثوليك فقد قال: «لقد وجدت الديانات الأخرى والمسيحية بالذات في كل عصر التي كان الحكم الإسلامي فيها قائمًا بصورته الصادقة، ما لم تلقه في ظل أي نظام آخر من حيث الأمان والاطمئنان في دينها ومالها وعرضها وحريتها» .
نأمل أن يعيد الدكتور محمد عمارة النظر في ذلك لأن كتابه " الدين والدولة " قد تضمن مقارنة علمية مشرقة للإسلام والحضارة الغربية والفتح الإسلامي والتوحيد وأوضح أنه التوحيد الإسلامي: ص 199 - 228.
كما نأمل أن يدرك ذلك المسلمون المسيحيون واليهود حكامًا وشعوبًا، ونأمل أن يدرك صبيان العلماء وأتباع دعاة الشهرة والزعامة على حساب الدين، إن شبهة التعارض بين النصوص من القرآن والسنة النبوية قد تناولها علماء الحديث حتى أصبح لذلك علم خاص هو (علم اختلاف الحديث ومشكله)، والجدير بالذكر أن أقدم كتاب فيه هو " اختلاف الحديث " للإمام محمد بن إدريس الشافعي المتوفى سَنَةَ 204 هـ، ثم كتاب " تأويل مختلف الحديث " للإمام عبد الله بن مسلم بن قتيبة (276 هـ) و" مشكل الآثار " للإمام أحمد بن محمد الطحاوي (321 هـ) وهو في أربع مجلدات، و" مشكل الحديث " للإمام محمد بن الحسن الأنصاري (406 هـ)، وقد قال الإمام السخاوي عن هذا العلم:«هو من أهم الأنواع مضطر إليه جميع الطوائف من العلماء وإنما يكمل للقيام به من كان إمامًا جامعًا لصناعتي الحديث والفقه غائصًا على المعاني الدقيقة» [" فتح المغيث " للسخاوي: ص 362، و" نشأة علوم الحديث " (*) للدكتور محمد عجاج الخطيب: ص 347].
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) ربما يقصد المؤلف كتاب " أصول الحديث، علومه ومصطلحه " للدكتور محمد عجاج الخطيب. وقد نشرته دار الفكر، الطبعة الثانية: 1391 هـ - 1971 م.