المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التخصيص وشبهة التعارض: - السنة المفترى عليها

[سالم البهنساوي]

فهرس الكتاب

- ‌مع الكتاب المفترى عليه:

- ‌هذا الكتاب بين الشكل والمضمون:

- ‌بين يدي هذا الكتاب:

- ‌الفَصْلُ الأَوَّلُ: بَيْنَ الرَّسُولِ وَحَقِيقَةِ السُنَّةِ:

- ‌1 - حَقِيقَةُ السُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ وَمَكَانَتُهَا:

- ‌2 - نُزُولُ الوَحْيِ بِالسُنَّةِ:

- ‌3 - أَنْوَاعُ السُنَّةِ وَوَظِيفَةِ الرَّسُولِ:

- ‌4 - الجَمَاعَاتُ الإِسْلَامِيَّةُ وَالمَنْهَجِ النَّبَوِيِّ:

- ‌التَّطَرُّفُ وَتَلْبِيسُ إِبْلِيسَ:

- ‌5 - السُنَّةُ بَيْنَ النَّصَارَى وَالأَعْرَابِ:

- ‌6 - اسْتِقْلَالُ السُنَّةِ بِالحُكْمِ الشَّرْعِيِّ:

- ‌الفَصْلُ الثَّانِي: الفِتْنَةُ وَشُبُهَاتٌ حَوْلَ تَدْوِينِ السُنَّةِ:

- ‌7 - كِتَابَةُ السُنَّةِ بَيْنَ التَّأْيِيدِ وَالمُعَارَضَةِ:

- ‌8 - التَّدْوِينُ الرَّسْمِي وَحِفْظُ السُنَّةِ:

- ‌9 - كِتَابَةُ السُنَّةِ فِي العَصْرِ النَّبَوِيِّ:

- ‌10 - الحَقِيقَةُ بَيْنَ العِلَّةِ وَالمَعْلُولِ:

- ‌السُنَّةُ وَالمُنَافِقُونَ حَدِيثًا:

- ‌11 - مِنْ وَسَائِلِ حِفْظِ السُنَّةِ:

- ‌طَرِيقَةُ حِفْظِ السُنَّةِ وَكُتُبِهَا:

- ‌12 - عُلُومُ الحَدِيثِ وَأَهَمِيَّتُهَا:

- ‌بِدَايَةُ عِلْمِ المُصْطَلَحِ:

- ‌13 - رَدُّ السُنَّةِ بَيْنَ السَّنَدِ وَالمَتْنِ:

- ‌أَطْفَالُ المُشْرِكِينَ:

- ‌14 - مَتْنُ الحَدِيثِ وَمُشْكِلَةُ الوَضْعِ:

- ‌عَلَامَاتُ الوَضْعِ:

- ‌15 - مَدَى التَّوَقُّفُ فِي مَتْنِ الحَدِيثِ وَطُرُقِ التَّخْرِيجِ:

- ‌[زِيَادَةُ الثِّقَاتِ وَالإِدْرَاجِ]:

- ‌طُرُقُ التَّخْرِيجِ:

- ‌الفَصْلُ الثَّالِثِ: السُنَّةُ وَالفِتْنَةُ الكُبْرَى:

- ‌16 - السُنَّةُ وَالفِتْنَةُ الكُبْرَى:

- ‌بَيْنَ السُنَّةِ وَالشِّيعَةِ:

- ‌17 - أَدَبُ الخِلَافِ وَالعِصْمَةِ الجَدِيدَةِ:

- ‌18 - الحَدِيثُ النَّبَوِيُّ بَيْنَ أَهْلِ السُنَّةِ وَالشِّيعَةِ وَالخَوَارِجِ:

- ‌آيَةُ التَّطْهِيرِ:

- ‌حَدِيثُ الثَّقَلَيْنِ:

- ‌مَصْدَرُ الأَئِمَّةِ فِي تَبْلِيغِ الأَحْكَامِ:

- ‌19 - حَقَائِقَ عَنْ السُنَّةِ وَالعِصْمَةِ:

- ‌20 - الشِّيعَةُ وَبَرَاءَةُ الأَئِمَّةِ:

- ‌الاِخْتِلَافُ حَوْلَ الأَئِمَّةِ:

- ‌بَيْنَ العِصْمَةِ وَالسُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ:

- ‌أَقْوَالُ الأَئِمَّةِ وَالسُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ:

- ‌نَزَاهَةُ الأَئِمَّةِ مِنَ الرُّبُوبِيَّةِ:

- ‌حَوْلَ تَحْدِيدِ آلِ البَيْتِ:

- ‌بَرَاءَةُ الأَئِمَّةِ:

- ‌بَيْنَ الأَئِمَّةِ وَأُسْرَةِ أَبِي بَكْرٍ:

- ‌الصَّادِقُ وَالعِصْمَةُ:

- ‌الصَّادِقُ وَالتَّقِيَّةُ:

- ‌الصَّادِقُ وَالقُرْآنُ:

- ‌21 - حَدِيثُ الغَدِيرِ وَأَصْلُ الخِلَافِ:

- ‌حَقِيقَةُ حَدِيثِ الغَدِيرِ:

- ‌22 - دَعْوَى التَّكْفِيرِ بَيْنَ السُنَّةِ وَالشِّيعَةِ:

- ‌[إِبَاحَةِ دَمِ النَّوَاصِبِ]:

- ‌23 - الحَقِيقَةُ الغَائِبَةُ:

- ‌الحَقِيقَةُ الغَائِبَةُ وَمَصْدَرُ تَبْلِيغِ الأَحْكَامِ:

- ‌الفَصْلُ الرَّابِعُ: السُنَّةُ وَشُبْهَةِ الظَنِّيَّةِ:

- ‌24 - تَقْسِيمُ السُنَّةِ فِي المَاضِي وَالحَاضِرِ:

- ‌25 - أَحَادِيثُ الآحَادِ بَيْنَ مَدْرَسَتَيْ الرَّأْيِ وَالحَدِيثِ:

- ‌حُجِيَّةُ أَحَادِيثِ الآحَادِ بَيْنَ العُمُومِ وَالخُصُوصِ:

- ‌26 - مَدَى الشَكِّ فِي ثُبُوتِ السُنَّةِ وَسَبَبِ التَّفْرِقَةِ بَيِْنَهَا:

- ‌26 - أَخْطَاءٌ وَجِنَايَةٌ ضِدَّ السُنَّةِ:

- ‌27 - السُنَّةُ وَالمُصْطَلَحَاتُ الحَدِيثَةُ:

- ‌28 - أَحَادِيثُ الآحَادِ بَيْنَ الظَنِّ وَاليَقِينِ:

- ‌28 - حَقِيقَةُ الظَنِّ المَنْسُوبِ لِلْسُنَّةِ:

- ‌29 - أَحَادِيثُ الآحَادِ وَالعِلْمِ اليَقِينِي:

- ‌30 - اِسْتِحَالَةُ العَمَلِ بِغَيْرِ اعْتِقَادٍ:

- ‌30 - أُمُورُ العَقِيدَةِ وَالتَّوَقُّفُ فِي بَعْضِ السُنَّةِ:

- ‌الفَصْلُ الخَامِسُ: سُنَّةُ الآحَادْ وَالمَذَاهِبُ الجَمَاعِيَّةُ:

- ‌31 - دَعْوَى تَقْدِيمِ القِيَاسِ عَلَى سُنَّةِ الآحَادِ:

- ‌32 - الأَحْنَافُ وَاشْتِرَاطُ فِقْهِ الرَّاوِي:

- ‌33 - السُنَّةُ وَأَسْبَابُ تَوَقُّفِ الأَئِمَّةِ:

- ‌34 - شُبْهَةُ تَقْدِيمِ عَمَلِ أَهْلِ المَدِينَةِ:

- ‌35 - المَذَاهِبُ وَالخِلَافُ الفِقْهِيُّ:

- ‌36 - مُجْمَلُ أَسْبَابِ الخِلَافِ:

- ‌37 - الاِجْتِهَادُ بَيْنَ العُلَمَاءِ وَالعَوَامِّ:

- ‌الفَصْلُ السَّادِسُ: السُنَّةُ بَيْنَ المُعْجِزَاتِ وَالعَقَائِدِ:

- ‌38 - المُعْجِزَاتُ بَيْنَ الدِّينِ وَالعَقْلِ:

- ‌39 - الإِسْرَاءُ وَالمِعْرَاجُ بَيْنَ المُسْلِمِينَ وَأَعْدَائِهِمْ:

- ‌40 - المُعْجِزَاتُ وَأَخْطَاءُ الإِصْلَاحِيِّينَ وَالمُسْتَشْرِقِينَ:

- ‌41 - الغَزْوُ الفِكْرِيُّ وَبِدْعَةُ الإِسْرَاءِ بِالرُّوحِ:

- ‌41 - العِلْمُ وَالمُعْجِزَاتُ النَّبَوِيَّةِ:

- ‌الفَصْلُ السَّابِعُ: السُنَّةُ بَيْنَ العُمُومِ وَالخُصُوصِ:

- ‌42 - الدَّلِيلُ الظَنِّيُّ بَيْنَ العَامِّ وَالخَاصِّ:

- ‌التَّخْصِيصُ وَشُبْهَةُ التَّعَارُضِ:

- ‌43 - شُبْهَةُ التَّعَارُضِ بَيْنَ العَامِّ وَالخَاصِّ:

- ‌44 - بَيْنَ النَّسْخِ وَالتَّخْصِيصِ:

- ‌45 - شُبْهَةُ تَعَارُضِ النُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ:

- ‌46 - نُقْصَانُ العَقْلِ وَالدِّينِ:

- ‌47 - مُفْتَرَيَاتٌ عَلَى المَرْأَةِ وَالفِقْهِ:

- ‌السُنَّةُ بَيْنَ العَدْوَى وَالوِقَايَةِ:

- ‌48 - الوَحْدَةُ الوَطَنِيَّةُ بَيْنَ المَاضِي وَالحَاضِرِ:

- ‌49 - بِدْعَةُ التَّوْفِيقِ بَيْنَ الإِسْلَامِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ:

- ‌50 - أَهْلُ الكِتَابِ يُكَذِّبُونَ عُلَمَاءَ السُّلْطَةِ:

- ‌الفَصْلُ الثَّامِنُ: السُنَّةُ وَنَسْخُ الأَحْكَامِ:

- ‌51 - التَّعْرِيفُ بِالنَّسْخِ:

- ‌52 - نَسْخُ القُرْآنِ لِلْسُنَّةِ:

- ‌53 - الإِجْمَاعُ وَالنَّسْخُ:

- ‌الفَصْلُ التَّاسِعُ: العَقْلُ البَشَرِيُّ وَالتَّحْرِيفُ العِلْمِي:

- ‌54 - العَقْلُ البَشَرِيُّ وَالتَّحْرِيفُ العِلْمِيُّ:

- ‌55 - حَقِيقَةُ النَّقْدِ العِلْمِيِّ:

- ‌55 - وَسَائِلٌ جَدِيدَةٌ لِهَدْمِ السُنَّةِ:

- ‌56 - الطَّعْنُ فِي أَبِي هُرَيْرَةَ:

- ‌57 - الإِسْرَافُ فِي نَقْدِ الحَدِيثِ وَشِفَاءِ العُيُونِ:

- ‌58 - الصَّحَابَةُ وَالإِكْثَارُ مِنَ السُنَّةِ:

- ‌59 - تَحْرِيفُ النُّصَوصِ بَيْنَ المُسْتَشْرِقِينَ وَعُلَمَاءَ الشُّهْرَةِ:

- ‌60 - التَّحْرِيفُ وَمُوَالَاةُ أَهْلِ الكِتَابِ:

- ‌الفَصْلُ العَاشِرُ: مَنْزِلَةُ السُنَّةِ مِنَ القُرْآنِ الكَرِيمِ:

- ‌61 - السُنَّةُ وَتَفْسِيرُ القُرْآنِ:

- ‌62 - السُنَّةُ وَالمُذَكِّرَةُ الإِيضَاحِيَّةُ:

- ‌63 - شَهَادَةٌ مِنَ الغَرْبِ حَوْلَ القُرْآنِ وَالسُنَّةِ:

- ‌64 - مُؤَلِّفُ التَوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ:

- ‌65 - مُقَارَنَةُ القُرْآنِ بِالكُتُبِ المُقَدَّسَةِ:

- ‌66 - نَحْنُ وَالأَعْرَابُ وَالزُّعَمَاءُ:

- ‌الفَصْلُ الحَادِي عَشَرَ: السُنَّةُ وَالاِجْتِهَادَاتُ الخَاطِئَةُ:

- ‌67 - الدَّلَالَةُ الظَنِّيَّةِ بَيْنَ العِلْمَانِيِّينَ وَالقَوْمِيِّينَ:

- ‌68 - حَوْلَ " مَوَازِينِ القُرْآنِ وَالسُنَّةِ

- ‌69 - التَّمْحِيصُ الكَاذِبُ وَاسْتِبْعَادِ السُنَّةِ:

- ‌70 - " المُسْلِمُ الحَزِينُ فِي القَرْنِ العِشْرِينْ

- ‌71 - أَحَادِيثُ الآحَادِ وَالحُدُودِ الشَّرْعِيَّةِ:

- ‌72 - رَدُّ العَقْلِ لِلْسُنَّةِ:

الفصل: ‌التخصيص وشبهة التعارض:

والمراد بأن النص ظني الدلالة أن به كلمات غير قطعية المعنى كقول الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]، فالقرء معناه اللغوي الحيض أو الطهر. فهذا التعدد يجعله في حاجة إلى قرينة للترجيح.

‌التَّخْصِيصُ وَشُبْهَةُ التَّعَارُضِ:

إذا ورد نص عام كقول الله: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20]. ثم نص خاص كقول النبي «لَا صَلَاةَ إِلَاّ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ» فيرى الجمهور أن هذا الحديث وإن كان آحادًا فإنه خاص قطعي الدلالة ويخصص عموم هذه الآية لأنها ظنية الدلالة لعمومها، وخالف الأحناف لأن الحديث لا يخصص عموم القرآن لأن العام لا يخصصه إلا ما كان قطعي الثبوت كالقرآن والسنة المتواترة أو المشهورة، ولكن العام إذا خصص كان الباقي من أفراده ظني الدلالة وتخصصه سنة الآحاد أو القياس ولهذا فعموم قول الله {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] يخصصه الأحناف بالحديث المشهور: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَالفَضْلُ رِبًا» فهذا الحديث الذي رواه أحمد والبخاري قد حدد الذهب والفضة والقمح والشعير والتمر والملح ونهى عن بيعها أو التبادل فيها إلا يَدًا بِيَدٍ ومثلاً بمثل منعًا من الربا.

فقال الأحناف: باقي البيوع التي يشملها النص القرآني يخصصها حديث الآحاد أو القياس لأن النص العام بعد هذا التخصيص أصبح ظني الدلالة. ولهذا حرموا التفاضل في الأصناف التي توزن أو تكال أو تتحدد في النوع أو الجنس مع الأصناف الربوية الستة وذلك عن طريق التخصيص بالقياس.

ومنهج الأحناف في عدم تخصيص العام بسنة الآحاد محل نظر فلم يكن معمولاً به قبلهم فنقل البزدوي (2) ما يفيد توسع الأحناف في تخصيص العام بأخبار الآحاد كانتقاض الوضوء بالضحك في الصلاة وبالنوم مضطجعًا وعدم إفساد الصوم بالأكل والشرب نسيانًا.

(1)" المستصفى من علم الأصول " للإمام أبي حامد الغزالي: جـ 1 ص 148 أو " مناهج الاجتهاد ": ص 607.

(2)

" كشف الأسرار " للبزدوي: جـ 1 ص 383، و" مناهج الاجتهاد ": ص 602.

ص: 228

لقد ترتب على القول بظنية ثبوت أحاديث الآحاد أن اتجه فقهاء الرأي إلى عدم الأخذ بها إذا كان حكمها زائدًا عما جاء في القرآن الكريم لأن الزيادة نسخ ولا يؤخذ بالدليل الظني. كما رفضوا تخصص عام القرآن والسنة المتواترة والمشهورة بأحاديث الآحاد لأن الظني لا يعارض القطعي، والتخصيص يكون عند التعارض (1).

ولكن في الأحكام العملية أخذ الأحناف بخلاف هذه القاعدة كانتقاض الوضوء بالضحك في الصلاة وبالنوم مضطجعًا والمساواة في قيمة الدية الشرعية من أصابع اليد الواحدة وغير ذلك من أحكام الفروع ولكن فقهاء مدرسة الحديث يرون أن خبر الآحاد يستقل بتشريع الأحكام فالزيادة فيه على القرآن والسنة المتواترة مقبولة لقضاء النبي بشاهد ويمين المدعي وجلد الزاني المحصن وتغريبه عام لأن التغريب ورد في السنة النبوية.

كما اختلفوا في دلالة النصوص العامة في القرآن والسنة فترى مدرسة الحديث أنها ظنية وبهذا يخصص عام القرآن والسنة المتواترة بأحاديث الآحاد، بينما ترى مدرسة الرأي أن العام مثل الخاص قطعي الدلالة وبالتالي أحاديث الآحاد لا تخصص عام القرآن والسنة المتواترة وهذا لا يظهر إلا عند تعارض النصوص في الظاهر فإن عرف المتأخر منهما كان ناسخًا وعمل به، فإذا لم يعرف المتأخر يعمل بقطعي الثبوت منهما وهو القرآن والسنة المتواترة ومثلها المشهورة وهذا ثبت الرجم عند الأحناف بالسنة النبوية لأنه إذا لم يعرف تاريخ العام والخاص كان العام هو الأخير احتياطًا ونسخ المتقدم (3).

«وتخصيص العام عند الجمهور يعني قصر العام على بعض أفراده بدليل مستقل أو غير مستقل مقارن أو غير مقارن» . [" أثر الاختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء " الدكتور مصطفى سعيد الخن: ص 206].

قال الآمدي: «إِنَّ النَّسْخَ لَا يَكُونُ فِي نَفْسِ الأَمْرِ إِلَاّ بِخِطَابٍ مِنَ الشَّارِعِ، بِخِلَافِ التَّخْصِيصِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِالقِيَاسِ وَبِغَيْرِهِ مِنَ الأَدِلَّةِ العَقْلِيَّةِ وَالسَّمْعِيَّةِ. [" الإحكام ": 3/ 161.].

(2)" الإسلام عقيدة وشريعة ": ص 75 وكتابه " الفتاوى ": ص 62.

ص: 229

ومن هذا يتضح عدم سلامة منهج الأحناف بشأن أحاديث الآحاد، فهم نظريًا يقولون بعدم قدرتها على تخصيص عام القرآن والسنة المتواترة وعمليًا يأخذون بها.

إن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يقبلون الحديث النبوي ويعملون به، دون أن يفرقوا بين الآحاد والمتوتر ولكن بعضهم كأبي بكر يستشهد مع الراوي آخر ليتأكد من نسبة الحديث النبوي إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وكانوا يعملون بالسنة النبوية كلها لأنها البيان الإلهي للقرآن الكريم لقول الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44].

فقد أمر الله بقطع يد السارق في قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ} [المائدة: 38]. ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم بوحي من ربه أنه لا قطع في ربع دينار فصاعدًا، فأخذ الصحابة والتابعون بعدهم بالحديث ولم يبحثوا عن القطعي والظني من السنة بل لم يكن عندهم هذا الاصطلاح.

إن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأون الفاتحة في كل ركعة من الصلاة امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه " مسلم ": «مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ» أي ناقصة، وقوله:«لَا صَلَاةَ إِلَاّ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ» . ولم يقل أحد منهم أن هذا الحديث النبوي من سُنَّةِ الآحاد فلا يخصص قول الله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20]، ومن ثم وجب أن نتبع منهاج النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته فقد حذرنا من الابتداع فقال فيما رواه " مسلم ":«مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» .

وعلى ذلك فسنعرض بإيجاز لشبهة التعارض بين النصوص ونسخ الأحكام وذلك من خلال هذه الحقيقة وليس من خلال المصطلحات المؤدية إلى عدم الوفاق.

ص: 230