الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهو لم يحصر هذه العصمة في الأربعة المذكورين في الحديث النبوي ولا في الأئمة الإثني عشر، بل قال باستمرار وجود إمام معصوم في كل عصر إلى يوم القيامة، بينما غيره يُقَدِّرُ أن العصمة تنحصر في الأئمة الإثني عشر ولهذا ينتظرون الإمام المهدي الثاني عشر لينقل لهم ما خفي عليهم (1).
ولم يقف عند ظاهر الآية القرآنية حيث تضمنت تطهير أهل البيت من الرجس، بل قال بامتداد العصمة لتشمل العصمة في تبليغ أحكام الله كما هو شأن رسل الله تعالى. وكل ذلك يخالف النصوص التي يستند إليها علماء الشيعة، بل من شأنه أن يصبح الإمام المعصوم كالأحبار والرهبان يُشَرِّعُ من دون الله تعالى.
بَرَاءَةُ الأَئِمَّةِ:
ليس صحيحًا أن أحدًا من الأئمة قد قال بهذه العصمة في الرواية لنفسه أو غيره، ولهذا نجد الشيخ جعفر كاشف الغطاء ينفي الصحة عن المراجع الأصولية عند الشيعة وهي " من لا يحضره الفقيه "، و" الكافي " و" التهذيب ".
فيقول عن أصحابها: (وهم الكُليني، ومحمد الصدوق، ومحمد الطوسي)، يقول:«كَيْفَ يُعَوَّلُ فِي تَحْصِيلِ العِلْمِ عَلَيْهِمْ وَبَعْضُهُمْ يُكَذِّبُ رِوَايَةَ بَعْضٍ، بِتَكْذِيبِ بَعْضِ الرُوَّاةِ» (2).
ولهذا أيضًا جاء في كتاب " أعيان الشيعة ": «إِنَّ أَكْثَرَ الأَخْبَارِ المَرْوِيَّةِ غَيْرَ قَطْعِيَّة السَّنَدِ، وَإِنَّ أَحَادِيثَهَا مُخْتَلِفَةِ المَرَاتِبِ فَفِيهَا الصَّحِيحُ وَالحَسَنُ وَالمُوَثَّقُ وَالضَّعِيفُ وَالمُرْسَلُ وَالضَّعِيفُ وَغَيْرَ ذَلِكَ» (3).
والسند غير المتصل قد اختلف في قبوله عند الشعية، فمنهم من قبله طالما أن الراوي ثقة، وفي " معالم الدين " قال (4):«إِنَّ أَسَاسَ الرِّوَايَةِ الثِّقَةَ بِكُلِّ رِجَالِ السَّنَدِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونُوا مَعْرُوفَينَ حَتَّى يُمْكِنَ مَعْرِفَةَ مِقْدَارِ الثِّقَةِ فِيهِمْ» . ص 214، ولكن الشيعة الإمامية مع طعنهم على البخاري لأنه لم يثبت روايات عن الإمام جعفر الصادق،
(1)" الشيعة وأهل السنة " تقديم الشيخ محمد تقي الدين القُمِّي: ص 22 و" أصل الشيعة وأصولها " للشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء: ص 61.
(2)
و (3) و (4) نقلا عن كتاب " الإمام الصادق " للشيخ محمد أبو زهرة: ص 286، 287 وص 412.
فهم يرون أنه لو كان بين الرواة شخص غير إمامي، فلا تقبل هذه الرواية حتى لو كان جميع الرواة من الثقات فقد ذكر الشيخ الطوسي في كتابه " عدة الأصول ":«أَنَّ خَبَرَ الوَاحِدِ إِنَّمَا يَكُونُ حُجَّةً فِي العَمَلِ إِذَا كَانَ رَاوِيهِ مِنَ الطَّائِفَةِ المُحِقَّةِ أَيْ الاثْنَا عَشَرِيَّةِ» ص 31.
ثم يضع الطوسي شرطًا أخر يؤكد ضرورة اتصال السند من الإمامية الثقات فيقول عند التحقيق تبين أنه لا يعمل بالخبر الذي يرويه الإمامية مطلقًا، بل بهذه الأخبار التي رويت عن الأئمة عليهم السلام ودونهما الأصحاب، فليس كل خبر يرويه الإمامي يكون صحيحًا يجب العمل به، بل الخبر الصحيح الذي يجب العمل به هو ما يرويه الإمام عن الأئمة.
ومن الشيعة من قال بقبول رواية غيرهم إذا كان مُوَثَّقًا أو ممدوحًا منهم ففي رسالة " جواز الاكتفاء بتصحيح الغير " لأبي المعالي ص 9: «لو كان بعض رجال السند غير إمامي مصرحا بالتوثيق أو مصرحا بالمدح لا بد من كون الباقي إماميا موثقا» (1). ولهذا فالإمام جعفر الصادق بَرِئَ مما ينسب إليه من عدم قبوله رواية غير الإمامية.
فقد كان يَرْوِي عنه حال حياته، مالك وأبو حنيفة وسفيان وَشُعْبَةُ، وهو لا يقبل بروايتهم عنه إذا كانوا غير عدول أو كانت روايتهم غير مقبولة، فكيف يرضى بروايتهم إذا كانوا غير أمناء في النقل عنه (2).
ولقد روى جابر الجُعَفِي وهو من الإمامية أن الإمام محمد الباقر قال وهو يُوَدِّعُهُ عائدًا من العراق: «أبلغ أهل الكوفة أني بريء ممن تبرأ من أبي بكر وعمر رضي الله عنهم وَأَرْضَاهُمْ -» (3). ولقد سئل الإمام الباقر رضي الله عنه عن قول الله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة: 55]، فقال:«أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم» . فقال السائل يقولون هو (عَلِيٌّ)، قال الإمام محمد الباقر:«عَلِيٌٌّ مِنْهُمْ» (4).
أما عن عصمة هؤلاء الأئمة بمعنى أن الله تعالى أودع عندهم أسرار الدين وعصمهم في النقل عنه أو عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن النبي صلى الله عليه وسلم بغير طريق الرواية المتصلة السند، فنجد
(1) المرجع السابق: ص 380
(2)
و (3)" حلية الأولياء ": ج 3 ص 39 و 137.
(4)
الأخبار الأربعة في " حلية الأولياء ": ج 3 ص 185 نقلاً عن الشيخ محمد أبو زهرة: ص 208.